ابن زيد فكان اذا عرف مكانهما دل عليه فيجددان الاختفاء والبحث عن موقع اخر ثم يستدل عليه هذا الحسن ابن زيد فيخبر الامير او يرسل الى ابي جعفر وابو جعفر في العراق الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته في هذه الليلة ايها الاحبة واصل الحديث بذكر مثال ثالث ما ابتدأنا الحديث عنه من اعمال ومبادرات ومزاولات جرت ويلات على اصحابها وعلى الامة جمعاء وكل ذلك انما يذكر من اجل الاعتبار فالتاريخ كما ذكرنا في اول هذه المجالس علم يدرس وتستخرج منه العبر والعظام وقد قص الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم من اخبار الامم من اجل الاعتبار لقد كان في قصصهم عبرة ذكرنا من قبل ايها الاحبة بان سنة احدى وستين كان مقتل الحسين ابن علي رضي الله تعالى عنه وارضاه وفي سنة اثنتين وستين كانت وقعت الحرة التي ذكرنا طرفا من خبرها وفي سنة ثلاث وسبعين كان مقتل ابن الزبير وجرى ما جرى في مكة ثم من سنة تسع وسبعين الى سنة ثلاث وثمانين كانت فتنة ابن الاشعث وكان ذلك حديثنا في المجلس السابق بهذه الليلة. ساذكر مثالا ثالثا وذلك كان مبدأه في سنة اربع واربعين ومئة فهو قريب مما كان قبله بمعنى ان بعض من ادرك ذلك الحدث الذي قبله ربما ادرك هذا فهي حوادث تتكرر في اوقات متقاربة مرة بعد مرة بهذه السنة حج ابو جعفر المنصور وقد تلقاه في الطريق قلق يجددون له البيعة ويلقونه مسلمين عليه وكان من جملة وهذا الرجل من اشراف اهل المدينة وهو من ذرية عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه والسبب في اخذه ان ابنته كانت زوجة لابراهيم ابن عبد الله وهو مختف عن ابي جعفر اهؤلاء عبدالله ابن حسن ابن حسن ابن علي ابن ابي طالب رضي الله عنه وعن اصحاب رسول الله اجمعين سر به ابو جعفر المنصور واجلسه معه على مائدته بجواره وجعل يحادثه واقبل عليه اقبالا الهاه عن الطعام يعني لشدة اشتغال ابي جعفر المنصور بهذا الرجل كانت تلك المحادثة والمباسطة والاقبال عليه مما اشغله عن اشغله عن طعامه. يعني اشغل ابا جعفر عن الطعام الذي بين يديه لكنه سأله عن ابنيه ابراهيم ومحمد لم لم ياتيا مع الناس فحلف عبدالله انه لا يدري اين صار من ارض الله يعني انهما قد اختفيا كان ابو جعفر المنصور يتخوف منهما والسبب ان محمد ابن عبد الله ابن حسن كان قد بايعه جماعة من اهل الحجاز في اواخر الدولة الاموية في عهد مروان الملقب بالحمار وهو اخر خلفاء بني امية وكان ممن بايعه ان الذين بايعوا محمد ابن عبد الله ابن حسن ابو جعفر المنصور نفسه كان مبايعا لمحمد ابن عبد الله ثم دارت الامور وتحولت الدولة الى بني العباس وصارت الخلافة الى ابي جعفر المنصور وصار يتفقد هؤلاء ويبحث عنهم خوفا وحذرا من خروجهم عليه لانه قد بايعهم اناس كثير وهو من جملة المبايعين لي محمد وقد وقع ما خشيه انطلق هذان في بلاد الله الشاسعة من بلد الى بلد في حال من الاختفاء التنكر والتنقل حتى صار الى اليمن ثم الى الهند ثم الى المدينة دون ان يشعر ابو جعفر ومن يوليه من الامراء بهما حتى ان محمدا كان يحج في اكثر السنين ولا يشعر به احد لكن كان من اتباع هؤلاء الحسن فينتقلان الى مكان اخر في المدينة وكان هذا الرجل يؤلب عليهما عند ابي جعفر المنصور مع انه من جملة اتباعهما اجتهد المنصور بكل وسيلة استطاعها في طلبهما لكنه لم يستطع ثم اعاد السؤال والالحاح على ابيهما حتى حلف له انه لا يدري اين صار اليه من البلاد لكنه لم يكتفي بهذا بل صار يلح عليه. في طلب ولديه فغضب عبدالله وقال والله لو كان تحت قدمي ما دللتك عليهما فغضب منصور وامر بسجنه وامر ببيع رقيقه واملاكه وبقي في السجن ثلاث سنين في المدينة ثم جاء بعض من يحتف بالمنصور واشاروا عليه بحبس بني حسن عن اخرهم. كل ذرية الحسن. ابن علي رضي الله تعالى عنه فحبسهم وهم ابناء عمومته وجد في طلب ابراهيم ومحمد بكل طريق امكنه مع انهما في غالب الوقت بالمدينة وصار المنصور يعزل نائبا بعد نائب في المدينة لعجزهما عن الوقوف على هذين الرجلين وبذل الاموال وبث العيون ولكنه لم يتمكن من الوصول اليهما كان هناك امير من امراء ابي جعفر المنصور تواطأ معهما وتوافقا معهما في بعض السنوات في الحج على الفتك بابي جعفر المنصور في المسعى بين الصفا والمروة ولكن اباهما منعهما من ذلك لي حرمة البقعة في الحرم وفي المسعى فتركوا ما كانوا قد توافقوا عليه لكن ابا جعفر قد علم اخرا بمكان. فجاء بهذا الامير وعذبه حتى اقر بذلك فقال ما الذي صرفكم عن ذلك؟ فقال عبد الله بن حسن نهانا عن ذلك الحاصل ان هذا الامير امر به ابو جعفر المنصور فغيب ولم يوقف له على خبر بعدها ثم استشار المنصور بعض امرائه ووزرائه واهل الرأي بامر هذين وبعث القساد والعيون يتطلب خبرهما. الم يحصل له شيء من مطلوبه ومراده محمد ابن عبد الله ابن حسن جاء الى امه وقال قد شققت على ابي وعمومتي لانهم في الحبس في المدينة ولقد هممت ان اضع يدي في ايدي هؤلاء لاريح اهلي يعني ارجع لابي جعفر المنصور واجدد له بيعته وارجعا مشاقته فذهبت امه اليهم في الحبس فعرظت عليهم ما قال. فقالوا لا بل نصبر على امره فلعل الله ان يفتح على يديه خيرا ونحن نصبر وفرجنا بيد الله. واتفقوا جميعا على ذلك ثم نقلوا من المدينة الى حبس في العراق وفي ارجلهم القيود وفي اعناقهم الاغلال لما اخرجوا من المدينة كان تقييدهم بالربدة وهي ناحية معروفة التي كان فيها ابو ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه هي في الطريق الى العراق بادية ذلك بامر ابي جعفر المنصور وكان قد اخذ معهم رجلا اخر وهو محمد ابن عبد الله العثماني هذا كان اخا لعبدالله ابن حسن لامه فحملت عما قريب يعني في بداية الحمل فاستحضره ابو جعفر فقال له قد حلفت بالعتاق والطلاق انك لم تغشني يعني ما غششتني وهذه ابنتك حامل فان كان من زوجها فقد حنفت وان كان من غيره فانت ديوث حملت من ماذا فاجابه العثماني بجواب اغضبه به فامر به فجردت ثيابه نظروا الى جسمه كانه الفضة النقية ثم ضرب بين يدي الخليفة هذا في الطريق الى العراق ضرب مائة وخمسين صوتا ثلاثون منها على رأسه وواحد من هذه السياط اصاب عينه فسالت. فقأت عينه كان من اجمل الناس ثم رده بعد ذلك وكان بعد هذا بعد البياض والجمال كانه عبد اسود من الضرب وتراكم الدماء فوق جلده فاجلس الى جانب اخيه لامه عبدالله ابن حسن فاستسقى فما جسر احد ان يسقيه حتى سقاه خرسان من جملة هؤلاء الجلادين ثم ركب الخليفة في هودجه واركب هؤلاء في محامل ضيقة وعليهم القيود الاغلال بهذه المحامل على الجمال فمر بهم المنصور بهودجه فناداه عبدالله بن حسن والله يا ابا جعفر ما هكذا صنعنا باسراكم يوم بدر يشير الى اسرى العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه في غزوة بدر وهؤلاء من احفاد العباس ومن احفاد عبد الله ابن عباس رضي الله عن الجميع فغضب المنصور وبصق عليه واخشعه انصرف فلما انتهوا الى العراق حبسوا في مكان وكان فيهم محمد ابن ابراهيم ابن حسن. محمد هذا كان من اجمل الناس وكان الناس في العراق يذهبون لينظروا الى حسنه وكان يقال له الديباج الاصفر من جماله فاحضره المنصور بين يديه وقال له اما والله لاقتلنك قتلة ما قتلها احد ثم القاه بين اسطوانتين وسد عليه بنى عليه حتى مات بهذه الطريقة يعني وهو حي وضع عليه بناء بين اسطوانة حتى هلك ومات اكثر هؤلاء في السجن مات عبدالله ابن حسن وقيل بانها ضربت عنقه قتل صبرا وكذلك اخوه ابراهيم ابن حسن قل من خرج منهم من الحبس قد كانوا في مكان بحبس لا يسمعون الاذان ولا يعرفون وقت الصلاة لكن كانوا يعرفون ذلك بالتلاوة بقدر كم يقرأون من الايات حتى يدخل وقت الصلاة فيقدرونه تقديرا اهل خراسان بعثوا يشفعون في محمد ابن عبد الله العثماني هذا فامر به ابو جعفر فضربت عنقه وارسل برأسه الى اهل روساء محمد ابن عبد الله ابن عمرو ابن عثمان ابن عفان الاموي. وهذا ايضا يلقب بالديباج لحسن وجهه. امه فاطمة بنت الحسين رضي الله عنه. في هذا الاثناء كان محمد ابن عبد الله ابن حسن مختف بالمدينة حتى انه في بعض الاوقات اختفى في بئر لم يخرج الا رأسه وباقيه مغمور في الماء ثم توعد هو واخوه في وقت معين يظهران فيه هذا في المدينة والاخر بالبصرة ما زال الناس بمحمد في المدينة يؤنبونه على الاختفاء ويحثونه على الخروج قد اضر به شدة الاختفاء كان نائب المدينة يقال له رياح يطلبه كثيرا ويبحث عنه في كل مكان ليلا ونهارا. فلما ضاقت به الحال واعد اخاه واصحابه على الظهور في ليلة معينة. فلما كانت تلك الليلة جاء بعظ الوشاة الى امير المدينة واخبره الخبر ان الليلة سيخرج هؤلاء فضاق ذرعا بذلك وانزعج وركب في جحافل فطاف المدينة وحولها يبحث عن محمد ابن عبدالله ابن حسن فلم يجد له اثرا مع انه مر في دار مروان وكانوا قد اجتمعوا فيها ولم يشعر بهم فلما رجع الى منزله بعث الى بني الحسين بن علي رضي الله عنه فجمعه ومعهم رؤوس من سادات قريش ووعظهم وقال يا معشر اهل المدينة امير المؤمنين يطلب هذا الرجل في المشارق والمغارب وهو بين اظهركم ثم ما كفاكم كتمانه حتى بايعتموه على السمع والطاعة والله لا يبلغني عن احد منكم انه خرج معه الا ضربت عنقه فانكر هؤلاء ذلك وانهم لا يعلمون عنه شيئا وقالوا نحن نأتيك برجال متسلحين يقاتلون دونك ان وقع شيء من هذا لا علم لنا بهذا الاتفاق الذي تذكر وذهبوا وجاؤوا بجماعة متسلحين فاستأذنوا فلم يأذن لهم وقال اخشى ان تكون خديعة ثم بقوا خارج القصر ومكث الناس جلوسا حول امير المدينة هو واجم لا يكاد يتكلم حتى ذهب وقت من الليل ثم فوجئ الناس باصحاب محمد يظهرون التكبير ويرفعون اصواتهم بذلك واخفهم عذابا في النار يعني ابا طالب فانا اولى بالامر منك واوفى بالعهد الى اخره ويقول انت لا عهد لك لانك قد امنت عمك ثم حبسته وكذلك امنت ابا مسلم الخرساني ثم قتل فانزعج الناس في وسط الليل واشار بعض الحاضرين على الامير بضرب اعناق بني الحسين الذين جمعهم ووعظهم. فقال احدهم علامة ونحن مقرون بالسمع والطاعة الشاهد ان هذا الامير انشغل عنهم بهذا الامر الذي حل به فاغتنموا الغفلة ونهضوا سراعا فتسوروا جدار القصر فالقوا انفسهم على كناسة هناك مزبلة جاء محمد ابن عبد الله ابن حسن في مئتين وخمسين فارسا مروا بالسجن واخرجوا من فيه وجاؤوا الى قصر الامارة وحاصروها وفتحها وامسك بهذا الامير رياح ابن عثمان وسجنه في دار مروان وسجن معه الذي قال اقتل بني الحسين وهو ابن مسلم ابن عقبة مسلم ابن عقبة الذي قاد الجيش بوقعة الحرة جيش اهل الشام هذا ابنه. الاحداث قريبة. الشاهد ان الرجل اخذ وحبس وصار محمد ابن عبد الله قد ظهر في المدينة ودان له اهلها فصلى بالناس الفجر وقرأ سورة الفتح وخطب اهل المدينة في هذا اليوم ونال من بني العباس وذكر عنهم اشياء ذمهم بها واخبر انه لم ينزل بلدا من البلدان الا وقد بايعه الناس على السمع والطاعة هو الى الهند كما ذكرنا وكان يأخذ البيعة سرا فلما سمع اهل المدينة ذلك بايعه اكثرهم بقي قلة قليلة لم يبايعوها قد قال له اسماعيل ابن عبد الله ابن جعفر حين دعاه الى بيعته يا ابن اخي انك مقتول كانت هذه الكلمة سببا لانقباض بعض الناس عنه لكن بقي اكثرهم معه وضع عليهم نائبا على المدينة ولقب نفسه بالمهد طمعا في ان يكون المهدي الذي جاءت به النصوص لكن لم يتم له ذلك اهل المدينة ارتحل بعضهم في تلك الليلة التي ثار بها محمد واسرعوا الى العراق من اجل اخبار ابي جعفر المنصور بما جرى. وصل اليه احد هؤلاء فوجده نائما فقال للحاجب استأذن لي على امير المؤمنين. فقال انه لا يوقظ في هذه الساعة. فقال لابد من ذلك فاخبر ابو جعفر فخرج وقال ويحك ما ورائك فقال انه خرج ابن حسن في المدينة. ابو جعفر لم يظهر في البداية اي انزعاج قال انت رأيته؟ قال نعم. فقال هلك والله واهلك من اتبعه ثم امر بهذا الرجل فحبس حتى جاءت الاخبار بعد سبعة ايام وتواترت وعرف صدق ما قاله فاخرجه واعطاه عن كل ليلة حبسه فيها الف درهم. يعني اعطاه سبعة الاف درهم تعويضا عن حبسه فلما علم انه فعلا خرج ضاق ذرعا ثم جمع الامراء الكبار عنده وطلب منهم ان يذهبوا الى عمه المحبوس كان اكثر الناس فتكا حتى اقاموا دولة بني العباس عم ابي جعفر المنصور وهو عبد الله ابن علي اضافة الى القائد المعروف ابي مسلم الخرساني الشاهد ان عمه هذا كان ابو جعفر قد حبسه فذهبوا اليه وذكروا له خروج محمد فقال لهم ما ترون ابن سلامة فاعلا يعني ابا جعفر قالوا لا ندري فقال والله لقد قتل صاحبكم البخل يعني ان ابا جعفر بخيل ينبغي له ان ينفق الاموال هذا الرأي ويستخدم الرجال فان ظهر فاسترجاع ما انفق من الاموال عليه سهل والا لم يكن لصاحبكم يعني اذا ظهر محمد ابن عبد الله ابن حسن لم يجد في الخزائن شيئا فاخبر ابو جعفر بهذا واشار الناس عليه في مناجزة محمد ابن عبد الله ابن حسن فاستدعى ابو جعفر رجلا يقال له عيسى ابن موسى وهو من قادته وندبه الى ذلك وقال ساكتب اليه كتابا انذره قبل القتال فكتب اليه من عبد الله امير المؤمنين الى محمد ابن عبد الله انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ذكر له الاية ثم قال فلك عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله ان اقلعت ورجعت الى الطاعة لاؤمننك ومن اتبعك ولاعطينك الف الف درهم ولادعنك تقيم في احب البلاد اليك ولاقظين جميع حوائجك في كلام طويل وكتب اليه محمد من عبد الله محمد ابن عبد الله ابن حسن وذكر له الاية ان فرعون علا في الارض وجعل اهلها شيعا يستضعف طائفة منهم الاية ثم قال واني اعرض عليك من الامان مثل ما عرضت علي. فانا احق بهذا الامر منكم. وانتم انما وصلتم اليه بنا وذكر فضائل لعلي رضي الله تعالى عنه وكيف اجترأتم على الولاية واخذها من ولده وهم احياء. ونحن اشرف اهل الارض نسبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس وهو جدنا وجدتنا خديجة وهي افضل زوجاته وفاطمة امنا وهي اكرم بناته. وان هاشما ولد عليا مرتين وان حسنا ولده عبدالمطلب مرتين. وهو اخوه سيدا شباب اهل الجنة وان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدني مرتين فاني اوسط بني هاشم نسبا واصلحهم نسبا فانا ابن ارفع الناس درجة في الجنة كتب اليه ابو جعفر جوابا طويلا وقال قد بلغني كلامك قرأت كتابك فاذا جل فخرك بقرابة النساء لتضل به الجفاة الغوغاء ولم يجعل الله النساء كالعمومة والاباء ولا العصبة ولا الاولياء وقد انزل الله وانذر عشيرتك الاقربين وكان له حين اذ اربعة اعمام فاستجاب له اثنان احدهما ابي وكفر اثنان احدهما ابوك فقطع الله ولايتهما منه ولم يجعل بينهما الا ولا ذمة وقد انزل الله عز وجل في عدم اسلام ابي طالب انك لا تهدي من احببت وقد فخرت به لانه اخف اهل النار عذابا وليس في الشر خيارا ولا ينبغي لمؤمن الفخر باهل النار ظهرت بان عليا ولده هاشم مرتين وان حسنا ولده عبد المطلب مرتين فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الاولين والاخرين انما ولده عبد المطلب وهاشم مرة واحدة الى اخر ما قال ورد عليه في كل كلامه برد قوي وكيف تنازل الحسن رظي الله تعالى عنه عن الخلافة لمعاوية والى اخر ما قال والشاهد ان محمد ابن عبد الله ابن حسن في هذا الاثناء ارسل الى اهل الشام يدعوهم الى بيعته وخلافته فابوا قبول ذلك وقالوا قد ظجرنا من الحروب وسئمنا القتال ولم يكترثوا الوفد الذين ارسلهم رجعوا الى المدينة فجعل يستميل اهل المدينة والكبراء منهم من اجاب ومنهم من امتنع عليه وقال له بعضهم كيف ابايعك وقد ظهرت في بلد ليس فيها مال يعني المدينة نستعين به على استخدام الرجال ولزم هؤلاء منازلهم فلم يخرجوا الى ان قتل محمد ابن عبد الله ابن حسن وارسل محمد رجلا يقال له الحسن ابن معاوية في سبعين رجلا ومعهم عشرة فوارس وابعثهم الى مكة وقال ان دخلتها فانت النائب عليها فساروا فلما بلغ ذلك اهل مكة خرجوا اليهم في الوف من المقاتلين فقال لهم الحسن ابن معاوية على ما تقاتلون وقد مات ابو جعفر المنصور فقال كبير اهل مكة في ذلك الوقت وهو السري ابن عبد الله ان البرد قد جاءت من ابي جعفر قبل اربع ليال وقد ارسلت اليه فانا انتظر جوابه الى اربع فان كان ما تقولون حقا سلمتكم البلد وعلي مؤنة رجالكم وخيلكم. فامتنع الحسن بن معاوية من الانتظار اربع ليالي. وابى الى المناجزة وحلف الا يبيت الا بمكة الا ان يموت وارسل الى السري ان ابرز يعني الى الحل حتى لا تراق الدماء في الحرم. فلم يخرج فتقدموا هم اليهم وصافوهم في الحرم وحملوا عليهم حملة رجل واحد فهزموا اهل مكة وقتلوا منهم سبعة رجال ودخلوا مكة فلما اصبحوا خطب الحسن بن معاوية الناس وعزاهم في ابي جعفر ودعا لمحمد ابن عبد الله ابن حسن الملقب بالمهدي لان صارت له مكة والمدينة اخوه ظهر بالبصرة وكان قد اختفى فيها مدة ثم تنقل من بيت الى بيت الى ان ظهر وكان خروجه بعد ان اخذ البيعة من كثيرين من اهل البصرة وارسل اخيه بعدما ظهر واستتم له الامر فيها ارسل لاخيه في المدينة يخبره بذلك فسر محمد بهذا واستبشر وفرح وكان يقول للناس بعد صلاتي الصبح والمغرب ادعوا الله لاخوانكم هم اهل البصرة وللحسن ابن معاوية بمكة واستنصروه على اعدائكم يعني يقنتون في الفجر المغرب. ابو جعفر جهز الجيوش الى محمد بقيادة رجل يقال له عيسى ابن موسى جهز اربعة الاف فارس من الشجعان المنتخبين ومعهم بعض كبار القادة وكان احد هؤلاء يقال له جعفر ابن حنظلة البهراني وقد استشاره المنصور فقال يا امير المؤمنين ادعو من شئت ممن تثق به من مواليك يعني المسألة لا تحتاج الى قتال ولا جيش فينزل وادي القرى فيمنعه اميرة الشام فيموت هو ومن معه جوعا باعتبار ان المدينة ليس فيها حواصل اموال وسلاح. لكن ابو جعفر المنصور رأى ان يرسل اليه هذا الجيش وقدم بين يديه كثير ابن الحصين العبدي وقال ابو جعفر المنصور لعيسى ابن موسى لما ودعه يا عيسى اني ابعثك الى ما بين جنبي هذين. فان ظفرت بالرجل فشم سيفك ونادي في الناس بالامان. يعني ان قتلته نادي بالامان. وان تغيب فضمنهم اياه. حتى يأتوك به فانهم اعلم بمذاهبه. وكتب معه كتاب الى بعض الكبراء في المدينة من قريش والانصار على اساس ان يعطى لهم هذه الرسائل والكتب سرا يدعوهم الى الرجوع الى طاعة ابي جعفر فلما اقترب عيسى بن موسى من المدينة ارسل بهذه الرسائل مع رجل فاخذه بعض الحرس الذين يتبعون محمد ابن عبد الله ابن حسن ووجدوا هذه الرسائل فدفعوها الى محمد فجاء بجماعة من هؤلاء الذين قصدوا بهذه الرسائل وعاقبهم وضرب وهم ضربا شديدا وقيدهم بالقيود الثقال واودعهم السجن ثم استشار اصحابه هل يبقى في المدينة او يخرج اليهم يخرج الى هذا الجيش فاختلفوا عليه بعضهم يقول نخرج وبعضهم يقولون نبقى ثم بعد ذلك استقر الامر على البقاء لان النبي صلى الله عليه وسلم كان قد كره الخروج يوم احد وخندق حول المدينة يوم الخندق فبقوا في المدينة وارتأوا حفر خندق فبدأوا يحفرون ومعهم محمد ابن عبد الله ابن حسن وقد ظهرت لهم لبنة من الخندق الذي كان حفره رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني وجدوا اثرا لما حفروا من الخندق الذي حفر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فاستبشروا وفرحوا وكبروا وبشروه بالنصر وكان معهم في الحفر عليه قباء ابيظ وفي وسطه منطقة حزام وكان ضخما اسمر عظيم الهامه لما نزل عيسى ابن موسى اقترب من المدينة صعد محمد ابن عبد الله بن حسن المنبر وخطب الناس وحثهم على القتال وحرضهم عليه وكانوا قريب من مئة الف يعني اهل المدينة فقال لهم في جملة ما قال اني جعلتكم في حل من بيعتي فمن احب ان يقيم عليها فليفعل ومن احب ان يتركها فليفعل فلما سمع الناس ذلك صاروا يتسللون من المدينة فخرج اكثرهم ولم يبقى الا قلة قليلة من الناس خرجوا باهلهم ونزلوا في نواحي مختلفة وبعضهم على رؤوس الجبال ونزل بعضهم الاعراض وقد بعث محمد رجلا ليردهم على الخروج فلم يستطع واستمروا ذاهبين وقال لرجل اخر خذ سيفا ورمحا ورد هؤلاء الذين خرجوا من المدينة فقال ان اعطيتني رمحا اطعنهم فيه وهم بالاعراض وسيف ان اضربهم وهم في رؤوس الجبال فعلت فسكت محمد ثم قال ويحك ان اهل الشام والعراق وخراسان قد بيضوا يعني لبسوا البياض العباسيون كانوا يلبسون السواد فذلك ايذانا بالتخلي عن العباسيين. فقال له هذا الرجل وما ينفعني ان لو بقيت الدنيا زبدة بيظاء وانا في مثل صوفتي الدواة يعني سوداء ماذا استفيد وهذا عيسى ابن موسى نازل بالاعواص ناحية هذه القريبة ثم جاء عيسى بن موسى فنزل جيشه قريبا من المدينة على ميل واحد منها فقال له الدليل اني اخشى اذا كشفتموهم اذا انهزموا ان يرجعوا الى معسكرهم سريعا قبل ان تدركهم الخيل. لكن ارتحل فانزل الجرف وهي ناحية معروفة الان حي من احياء المدينة على اربعة اميال من المدينة يقول من اجل ان الذي يسرع على قدميه اذا فر لا يقدر على الهرولة اكثر من ميلين او ثلاثة والمدينة على اربعة اميال فتدركهم الخيل فارسل عيسى ابن موسى خمس مئة فارس ونزلوا عند الشجرة في طريق مكة لانهم كانوا يتوقعون انه يفر الى مكة من اجل انه هناك قد بويع له فيها فقال ان رأيتموه فاقتلوه لا يذهب الى مكة ثم ارسل هذا القائد عيسى الى محمد يدعوه الى السمع والطاعة والرجوع الى المبايعة وانه قد اعطاه الامان ولاهل بيته ان اجابوا الى ذلك. فقال محمد للرسول المندوب لولا ان الرسل لا تقتل لقتلتك ثم بعث الى عيسى ابي موسى يقول له اني ادعوك الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فاحذر ان تمتنع فاقتلك فتكون شرقتي او تقتلني فتكون قد قتلت من دعاك الى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم جعلت الرسل تتردد بينهما ثلاثة ايام يدعوه فيها عيسى ابن موسى الى السمع والطاعة والرجوع الى الجماعة وجعل عيسى يقف في كل يوم من هذه الايام على الثنية عند جبل سلع جبل سلع قريب من المسجد النبوي معروف الذي كان دونه او تحته الخندق بعده الخندق فينادي يا اهل المدينة ان دمائنا عليكم حرام فمن جاء فوقف تحت رايتنا فهو امن ومن دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو امن ومن دخل داره فهو امن ومن خرج من المدينة فهو امن ومن القى سلاحه فهو امن فليس لنا في قتالكم ارب وانما نريد محمدا وحده لنذهب به الى الخليفة فجعلوا يسبونه وينالون من امه ويتكلمون معه بكلام شنيع ويخاطبونه مخاطبة فظيعة. سب وشتم وما الى ذلك وقالوا هذا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا ونحن معه نقاتل دونه حطبا لفتنة وان يثبتنا بالقول الثابت الى ان نلقاه. والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه لا اله الا ولما كان اليوم الثالث اتاهم في خيل ورجال وسلاح ورماح لم يرى مثلها فناداه يا محمد ان امير المؤمنين امرني الا اقاتلك حتى ادعوك الى السمع والطاعة. فان فعلت امنك وقضى دينك واعطاك اموال واراضي وان ابيت قاتلتك فقال ليس لكم عندي الا القتال نشبت الحرب بينهم جيش عيسى ابو موسى نحو اربعة الاف والناس تفرقوا عن محمد ابن عبد الله ابن حسن حتى ما بقي معه الا ما يقرب من عدد اهل بدر ثلاث مئة واربعطعش رجلا وكان على مقدمة عيسى ابن موسى حميد ابن قحطبة وعلى ميمنة محمد ابن السفاح الى غير هذا من اسماء القادة المشاهير ومعهم عدد اعني اهل العراق لم يرى مثلها فرق عيسى اصحابه في كل ناحية من اجل ان لا يفر محمد ويتوجه الى ناحية اخرى وترجل محمد بعد ان اقتتل الفريقان قتالا شديدا نزل من دابته وصار يقاتل وهو على قدميه حتى قيل انه قتل منهم سبعين رجلا بنفسه بقي معه شرذمة قليلة عدد قليل من الناس فاحاط بهم اهل العراق وقتلوا جماعة منهم واقتحموا عليهم الخندق الذي وضعوا ابوابا صنعوها وجعلوا يعبرون من فوقها واخذوا الهوادج التي على الابل والقوها في الخندق وصاروا يعبرون عليها اجتازوا ودخلوا عليهم المدينة واستمر القتال من اول النهار الى صلاة العصر فلما صلى محمد العصر نزل الى مسيل الوادي بسلع وكسر جفن سيفه وعقر فرسه وفعل اصحابه الذين بقوا معه مثل ما فعل وصبروا انفسهم للقتال وحميت الحرب فاستظهر اهل العراق ورفعوا راية سوداء فوق سلع ثم دنوا الى المدينة فدخلوها ونصبوا راية سوداء فوق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى ذلك اصحاب محمد تنادوا دخلت المدينة وهربوا فلم يبق الا محمد عدد يسير معه وفي يده سيف يضرب به كل من لقيه فلا يقوم له شيء يقال انه كان معه السيف المعروف بذي الفقار الذي كان لعلي رضي الله تعالى عنه لكن تكاثر عليه اهل العراق فتقدم اليه رجل فضربه بسيفه تحت شحمة اذنه اليمنى فسقط على ركبتيه جثا وجعل يحمي نفسه ويقول ويحكم ابن نبيكم مجروح مظلوم. محمد ابن قحطبة هذا القائد كان يقول ويحكم دعوه لا تقتلوه ليس دفاعا عنه ولا حبا في بقائه لكن كان قد حلف انه ان لقيه ان يقتله فتقدم اليه احيي مصاب فاهتز رأسه وذهب به الى القائد عيسى ابن موسى ووضعه بين يديه و كان ذلك يعني قتل محمد عند احجار الزيت في يوم الاثنين بعد العصر وذلك في شهر رمضان الاربع عشرة ليلة خلت من رمظان بسنة خمس واربعين ومئة قال عيسى بن موسى لاصحابه لما وضع الرأس بين يديه ما تقولون فيه؟ فنال منه اقوام وتكلموا فيه فقال رجل منهم كذبتم والله لقد كان صواما قواما ولكن خالف أمير المؤمنين وشق عصا المسلمين فقتلناه على ذلك فسكتوا السيف اخذه بنو العباس وصاروا يتوارثونه بهذا انتهى محمد ابن عبد الله بعثت البشارة الى المنصور وبالرأس ايضا دفنت جثته في البقيع والرأس ذهب الى العراق والذين قتلوا معه صلبوا صفين في خارج المدينة ثلاثة ايام. ثم طرحوا يعني القوا في مقبرة من غير دفن. يقال عند سلع مقبرة لليهود ثم نقلوا الى خندق هناك اخذت اموال بني الحسن ونودي في اهل المدينة بالامان. فاصبح الناس في اسواقهم وانتقل عيسى ابن موسى الى الجرف يتردد على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم واقام بالمدينة الى اليوم التاسع عشر من رمضان ثم خرج الى مكة ليستردها من اتباع محمد ابن عبدالله ابن الحسن. ذلك ان الرجل الذي تولى عليها كما ذكرنا الحسن ابن معاوية وكان محمد ابن عبد الله ابن الحسن قد كتب اليه يطلب منه القدوم عليه. فلما قتل محمد كان هذا في الطريق فعلم بذلك فر الى البصرة الى اخي محمد ابن عبدالله ابن حسن وكان قد خرج بالبصرة ووقعت وقائع انذاك وامور عظام حتى كاد ابو جعفر المنصور ان يستأصل بمن معه. توقف عند هذا انتهى الوقت وفي الاسبوع القادم ان شاء الله تعالى اذكر خبر ابراهيم بالبصرة وما جرى هناك اسأل الله عز وجل ان يجنبنا واياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن وان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وان يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه والا يجعله ملتبسا علينا فنضل والا يجعلنا