ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته واصلوا الحديث ايها الاحبة في هذه الليلة في جملة ما نذكره من العبر من التاريخ وكان اخر ذلك الحديث عن التتر ومقدمهم الى بلاد المسلمين وذلك عند الحديث على لون من العبر وهي تلك التصرفات والمزاولات والمبادرات التي اورثت ويلات وسنرى بعد تلك المقدمة التي عرفنا فيها منشأ التتر وان المغول هم طائفة من التتر وقبيلة وكيف جاء ملكهم جنكيز خان ومعنى هذه التسمية انه ملك العالم وعظم تلك المصيبة وما ذكره ابن الاثير الذي كان معاصرا لها حيث جعلها تفوق فتنة المسيح الدجال وانه كما يقول لم يجري على العالم منذ خلق الله ادم كما جرى من التتر. هكذا يقول وبصرف النظر على كل حال عن حقيقة ذلك لكن هذا نظر عالم مؤرخ عاصر هذه المصيبة ولست بصدد الحديث عن فتنة المسيح الدجال فقد اشرت من قبل الى انه ما من نبي الا حذر امته فتنة الدجال وذكرت وجه قول ابن الاثير بان فتنة هؤلاء اعظم من فتنة الدجال وذلك بحسب نظره هو لكن نتحدث في هذا اليوم ايها الاحبة في هذه الليلة عن موطن العبرة وهو سبب خروج التتر ما الذي حدث؟ ولماذا جاؤوا؟ المؤرخون يذكرون اسبابا متعددة لذلك كقول بعضهم مثلا بانهم قد صاهروا النصارى وكان التتر من الوثنيين وان النصارى غزوا بلاد المسلمين في نواحي الشام ومصر على السواحل في الحروب الصليبية التي كانت مزامنة لغزو التتر من المشرق فارادوا ان يجعلوا المسلمين بين فكي كماشة فحرضوا التتر على المسلمين عن طريق النساء النصرانيات وبعضهم يقول ان ذلك بسبب تطلع جنكيز خان الذي لقب بملك العالم الى الاستيلاء على البلاد والسطو وما كان يميل اليه من البطش والقتل والتعطش للدماء والنهب والسلب وما الى ذلك ولكن السبب الذي اقتصر عليه جماعة من المؤرخين والمحققين هو ما اذكره في هذه الليلة وهو موطن العبرة انتصر عليه الحافظ ابن كثير واقتصر عليه معاصرهم وهو ابن الاثير رحمه الله في كتابه الكامل في التاريخ تذكر ان ذلك حينما سار ملكهم جنكيز خان الى بلاد كانت تتاخم بلاد التتر من نواحي تركستان. وانه في هذا الاثناء سير جماعة من التجار الى بلاد ما وراء النهر سمرقند وبخارى ليشتروا له ثيابا للكسوة. وانهم وصلوا الى مدينة من تلك البلاد التي يسمونها بلاد الترك وعرفنا ان التتر تعني الترك. وان اصول المغول هي اصول تركية وان الترك يقال لتلك النواحي الشاسعة الواسعة الممتدة من تركستان الشرقية على حدود الصين الى تركيا. كل هذا بما فيه الجمهوريات الاسلامية الان وبلاد القوقاز وتلك النواحي جميعا بما فيها جورجيا الى تركيا يقال لها بلاد بلاد الترك فالحاصل انهم وصلوا الى مدينة من بلاد الترك يقال لها اوتورار وهي اخر ولاية من ولايات الملك المشهور بخوارزم شاة. هذا ملك من ملوك المسلمين كان قد ملك بلادا شاسعة تمتد من ما بعد العراق يعني ايران حاليا الى بلاد افغانستان وما يسمى بنواحي من الجمهوريات الاسلامية الى بلاد ما وراء النهر يعني بما في ذلك بخارى وسمرقند يعني ما يعرف الان باوزباكستان ونحو ذلك وكانت له مملكة واسعة شاسعة ممتدة قد قهر الملوك واستحوذ على تلك البلاد فلما جاء هؤلاء الوفد من التتر ليشتروا ويتبضعوا لملكهم جنكيز خان قام الامير بتلك الناحية وارسل الى خوارزم يخبره بوصولهم وما معهم من الاموال العظيمة فحينما جاءه الرسول بعث اليه خوارزم يأمره بقتلهم واخذ ما معهم من الاموال وانفاذه اليه ان يرسل اليه هذه الاموال فقتلهم وسير ما معهم كان شيئا كثيرا من الاموال فخوارزم شاه فرقه على التجار في سمرقند وبخارى واخذ قيمته منهم من المال هذا حدث والتصرف بطبيعة الحال لم يكن بين المسلمين وبين هؤلاء التتر لا عهد وكانوا من المحاربين هناك حروب تقع ومناوشات على حدود بلاد خوارزم وكان خوارزم قد منع عنهم التبضع لا يباع لهم شيء من بلاده لما حصل منهم من العدوان على تلك النواحي المتاخمة لبلادهم فهو لم ينقض عهدا ولكن هذا التصرف جر هذه المصائب الكبار التي ستسمعون بعضها بلغ الخبر جنكيز خان خوارزم شاة ارسل عيونا الى جنكيز خان لينظر ما معه من الجيوش والقوة والاستعدادات وماذا يريد ان يعمل ما هي ردود الافعال فذهبوا في نواحي شاسعة قطعوها مفاوز وجبال حتى وصلوا اليه فرجعوا بعد مدة طويلة واخبروه بكثرة عدد هؤلاء التتر وانهم لا يحصون وانهم اصبر خلق الله على القتال لا يعرفون الهزيمة وانهم يعملون ما يحتاجون اليه من السلاح بايديهم فندم خوارزم شاه على هذا التصرف وحصل عنده شيء من الهم غلب عليه التفكير والتأمل ماذا يفعل؟ فاحضر فقيها يقال له الشهاب الخيوف وكان مقدما عنده لا يرد له امرا ولا طلبا وهو عظيم المنزلة عنده لا يخالفه فيما يشير عليه فيه فهو يفعل الاسباب فهو يستشير هذا الفقيه العالم فحضر عنده فقال له خوارزم قد حدث امر عظيم لابد من الفكر فيه واخذ رأيك في الذي نفعله وذلك انه قد تحرك خصم من ناحية الترك في كثرة لا تحصى. الامر جد ونحن امام معضلة ومصيبة وداهية عظمى لابد فيها من اتخاذ القرار فماذا قال له هذا الفقيه؟ قال له في عساكرك كثرة؟ ونكاتب الاطراف ونجمع العساكر ويكون النفير عاما فانه يجب على المسلمين كافة مساعدتك بالمال والنفس ثم نذهب بجميع العساكر الى جانب سيحون. النهر الذي حدثتكم عنه نهر سيحون ونهر جيحون نهر سيحون هو الذي يكون متاخما لبلاد التتر وهو نهر كبير يفصل بين بلاد الترك تلك وبلاد المسلمين فالحاصل انه اشار عليه بهذا وقال له نكون هناك في هذا الموضع فاذا جاء العدو وقد سار مسافة بعيدة لقيناه ونحن مستريحون وهو وعساكره قد مسهم النصب والتعب فنقضي عليهم فجمع خوارزم القادة العسكريين والامراء ومن عنده من ارباب المشهورة بعد استشارة هذا الفقيه فاستشارهم فلم يوافقوا هذا الفقيه على رأيه بل قالوا الرأي ان نتركهم يعبرون صيحون الينا ويسلكون هذه الجبال والمضايق مناطق وعرة جدا صعبة في مسالكها وفيها مجاهل كثير قالوا فانهم جاهلون بطرقهم ونحن عارفون بها. يقولون الميسرون في طرق مجهولة واماكن صعبة ونحن نعرفها معرفة تامة فنقوى حينئذ عليهم ونهلكهم فلا ينجوا منهم احد يعني نضع لهم كمائن في هذه المحال والدروب الوعرة بين الجبال فلا يسلم منهم احد بينما هم كذلك جاء الرسول من جنكيز خان ومعه جماعة يتهددون خوارزم شاة يقول تقتلون اصحابي وتجاري وتأخذون مالي منهم استعدوا للحرب فاني واصل اليكم بجمع لا قبل لكم بهم. قد ذكرت لكم من قبل كيف امروه وانه كان معه عشرة الاف فارس على الطراز الذي هو عليه ممن يقدم على الموت ولا يبالي في غاية الشجاعة المفرطة التي هي اشبه بالتهور ومعه عشرة الاف فارس على هذا الوصف فلا يقف في وجههم شيء هذا في البداية كانوا عشرة الاف ثم بعد ذلك صار معه من الجموع ما لا يحصيه الا الله تبارك وتعالى فجاء يهدد بهذا الوفد تقتلون اصحابي وتجاري وتأخذون ما لي منهم استعدوا للحرب فان يواصل اليكم بجمع لا قبل لكم بهم فلما سمعها خوارزم شاة ماذا فعل؟ امر بقتل رسوله. الرسل لا تقتل امر بقتل هذا الرسول فقتل بقية المجموعة الذين معه من المرافقين امر بحلق لحاهم واعادهم الى صاحبهم جنكيز خان يخبرونه بما فعل بالرسول ويقولون له ان خوارزم شاة يقول لك انا سائر اليك ولو انك في اخر الدنيا سانتقم وافعل بك كما فعلت باصحابك يعني التجار يعني القتل واخذ ما بيده لم يصانعه ولم يدفع اليه اموالا وفدية عن هؤلاء الذين قتلوا ويعيد اليه الاموال التي اخذت وتحل المعضلة لقتل رسوله وحلق لحى. من معه وارسله وقال انا قادم اليك وسافعل بك كما فعلت اصحابك وتجهز خوارزم وارسل هؤلاء الذين حلق لحاهم الى جنكيز خان ولكنه سار سيرا سريعا بجيوشه اعني خوارزم ليسبق هؤلاء الوفد ليباغت جنكيز خان في بلاده وعقر داره فسار سيرا حثيفا الليل والنهار ليسبقهم ويكبس جنكيز خان ومن معه فادمن السير وقطع مسيرة اربعة اشهر حتى وصل الى بيوتهم فلم يرى فيها الا النساء والصبيان لا يوجد رجال وجيوش فماذا فعل؟ اوقع بهم وسبى النساء والذرية واخذ الاموال هؤلاء من التتر كانوا قد غابوا عن بيوتهم يحاربون ملكا من ملوك الترك وقاتلوه وهزموه وغنموا امواله وعادوا. وهم في الطريق بلغهم الخبر ان خوارزم شاة قد فعل ببلادهم ونسائهم واولادهم واموالهم ما فعل فعادوا واسرعوا الى بلادهم فادركوه قبل ان يخرج عن بيوتهم. وتصافوا للحرب لاحظوا الان الذين لاقوه ليس كل التتر جنكيز خان بعد في ناحية اخرى هذا الولد ولد جنكيز خان معه بعض الجيش اما جنكيز خان فلم يعلم بذلك في تلك الساعة. ومعه بقية الجيوش الذين لا يحصيهم الا الله تبارك وتعالى. التقى هؤلاء وهم مع ولد جنكيز خان وتصافوا للحرب فاقتتلوا قتالا لم يسمع بمثله فبقوا في الحرب ثلاثة ايام ليلا ونهارا بلا توقف العادة الحروب في ذلك الزمن تكون في النهار فاذا غابت الشمس انحازت كل طائفة عن الاخرى واستراحوا ليلهم ثم بعد ذلك يعاودون القتال في اليوم التالي لا هنا ثلاثة ايام ليلا ونهارا فقتل من الطائفتين ما يفوت عن الحصر اعداد هائلة ولم ينهزم منهم احد يقولون اما المسلمون فانهم صبروا حمية للدين وعلموا انهم ان انهزموا لم يبق للمسلمين باقية. الان معهم خوارزم وهذه الجيوش لن يرد هؤلاء التتر لو انتصروا لن يردهم عن العراق موطن الخليفة العباسي شيء كل البلاد ستكون مشرعة امامهم فصبروا للقتال وثبتوا ثبات الجبال واولئك الكفار صبروا لاستنقاذ اموالهم وذراريهم ونسائهم بانهم كانوا موتورين اخذت نساؤهم واولادهم حتى كان الرجل ينزل يعني من هؤلاء التتر ينزل عن فرسه ويترجل ويتضاربون بالسكاكين. يعني وصلت الحال الى انه كما يقال ما دون الحلق سوى اليدين فصارت صار هؤلاء في حالة من الحنق والتوتر الشديد والغضب والحمية لنسائهم وذراريهم. الذين اخذوا وجرت الدماء على الارض حتى كانت الخيل تنزلق بها من كثرتها واستمر الحال على ذلك ثلاثة ايام وهم في غاية الصبر حتى قيل انه قتل في هذه الثلاثة ايام من المسلمين ما يقرب من عشرين الفا واما من التتر فما لا يحصيه الا الله هذا الان مع قطعة من جيش التتر مع ابن جنكيز خان فلما كانت الليلة الرابعة تعبوا من القتال وسئموا فانحازت كل طائفة في الليل عن ونزلوا في مقابل بعضهم. فلما اظلم الليل او قد التتر النيران وتركوها بحالهم ليوهموا المسلمين انهم في كره لكنهم ساروا وانسلوا من ارض المعركة واما المسلمون فاستغلوا الفرصة ايضا وانسلوا وانسحبوا رجعوا الى بخارى ومعهم قوارزم شاه وحصنوا بخارى وسمرقند واستعد اهل بخارى وسمر قند للحصار وجمعت الذخائر جعل خوارزم شاة في بخارى عشرين الف فارس من العسكر يحمونها وفي سمرقند خمسين الفن وقال لهم احفظوا البلد وسارجع الى خوارزم اللي هي العاصمة. وخراسان واجمع العساكر واستنجد بالمسلمين وارجع اليكم ثم فعل ورحل عائدا الى خراسان خراسان مناطق هناك في تلك النواحي ما يعرف الان بافغانستان وبعض ما جاورها فعبر جيحون ونزل بالقرب من بلخ وعسكرة هناك يعني لم يكن في بخارى ولا سمرقند اما هؤلاء التتر فجاؤوا ووصلوا الى بخارى بعد خمسة اشهر وبعد خمسة اشهر من وصول خوارزم شاة وحاصروها وقاتلوا ثلاثة ايام قتالا شديدا متتابعا العسكر الذين كانوا عسكر خوارزم كانوا اضعف من مقاومتهم فانسحبوا من البلد الى خراسان فلما اصبح اهل البلد وليس عندهم من العسكر احد ضعفت نفوسهم واسقط في ايديهم. الجيش خرج المقاتلون انسحبوا فبقي الناس اهل البلد ماذا يصنعون؟ فارسلوا عالما وهو قاظي البلد بدر الدين خان فليطلب الامان للناس فاعطوهم الامان. وكان قد بقي من العسكر فئة قليلة لم يمكنهم الهرب حوالي اربع مئة وجلسوا في قلعة واعتصموا بها وجنكيز خان اعطى اهل البلد الامان ففتحت له ابوابها وذلك في يوم الثلاثاء الرابع من ذي الحجة من سنة ست عشرة وست مئة فدخل التتر بخارى ولم يتعرضوا لاحد لكن قالوا كل ما هو للسلطان عندكم من ذخيرة وغيره اخرجوه لنا. وساعدونا على قتال من بالقلعة الذين في القلعة بقية من الجيش قلنا ومئة مقاتل تحصنوا بهذه القلعة وكان حول القلعة خندق يصعب الوصول الى القلعة من وراء هذا الخندق واظهروا شيئا من العدل وحسن السيرة وذلك ودخل جنكيز خان وطاف بهذه القلعة دار عليها احاط بها ونادى في البلد الا يتخلف احد ومن تخلف قتل فحظروا جميعا هؤلاء المساكين فبدأ يستعملهم في ما يريد فامرهم بطم الخندق. خندق كبير وعميق فطموه بالاخشاب والتراب وغير ذلك. حتى كان التتر يأخذون المنابر ورضعات المصحف الصناديق التي يوضع فيها المصحف ويلقونها في الخندق ابن الاثير يقول وقد سمى الله نفسه صبورا حليما والا كان خسف بهم الارض عند فعلهم ذلك الشاهد انهم تابعوا الزحف الى القلعة وفيها هؤلاء الاربع مئة. هؤلاء بذلوا جهدهم في الدفاع ومنعوا القلعة اثني عشر يوما اربع مئة ولكن هم يقاتلون يقاتلون من؟ يقاتلون الكفار وجنكيز خان الزم اهل البلد ان يقاتلوا معهم. ومن تخلف قتل. فصاروا يقاتلون اهل القلعة يقاتلون العسكر فصار هؤلاء يقاتلون الجميع يقاتلون المسلمين ويقاتلون هؤلاء الكفار فقتل بعض من في القلعة واستمر البقية يقاتلون حتى ضم جزء من هذا الخندق واستطاع بعض جيش جنكيز خان ان يصل الى اسوار القلعة وجاء بالنقابين اللي ينقبون الاسوار ونقبوا الحصن واستطاع بعضهم ان يدخل فيه واشتد القتال ومن بها من العسكر كانوا يرمون ما يجدون من الحجارة والنار والسهام ووقع في اصحابه ايضا مقتلة وجراح فغضب وانحاز عنهم في ذلك اليوم في المساء ثم باكرهم من الغد فجدوا في القتال وقد تعب من في القلعة واصابهم اللأواء وجاءهم ما لا قبل لهم به يقاتلون اهل البلد جميعا والتتر فقهرهم هؤلاء التتر ودخلوا القلعة وقاتلهم من فيها ولم يستسلموا. حتى قتلوا عن اخرهم لم يسلم منهم احد ولما فرغ من القلعة الان مساكين اهل البلد قاموا بردم الخندق وقاتلوا اهل هذه القلعة فماذا كان جزاؤهم هذا جنكيز خان ان يكتب له وجوه الناس ورؤساؤهم. اعطونا الاشراف اسماء الاشراف. فكتبوا له كل وجيه ثم نادى وجمع اهم فلما عرضوا عليه قال اريد منكم الاموال التي اعطاكم خوارزم شاة فاحضروها كل من عنده شيء احضره وجاء به اليه ثم امرهم بالخروج من البلد هؤلاء الوجهاء فخرجوا مجردين من اموالهم هؤلاء تجار واثرياء ووجهاء وكبراء خرجوا ليس مع الرجل غير ثيابه التي يلبسها ثم ماذا فعل هؤلاء التتر؟ نهبوا البلد وقتلوا من وجدوا فيه وجمع المسلمين واحاط بهم وامر اصحابه ان يقتسموهم فاقتسموهم يقولون كان يوما عظيما مشهودا من كثرة البكاء من الرجال والنساء والولدان وتفرقوا ايدي سبأ وتمزقوا كل ممزق واقتسموا النساء واصبحت بخارى خاوية على عروشها وكانت من اجمل الممالك ومن اكثرها من ناحية العمران وصارت خرابا كان لم تغن بالامس. وارتكبوا مع النساء العظائم. والناس ينظرون ويبكون لا يستطيعون ان يدفعوا عن انفسهم شيئا فمنهم من لم يرضى بذلك واختار الموت فقاتل حتى قتل وممن فعل ذلك واختار القتل ولا يرى ما نزل بالمسلمين الفقيه هناك ركن الدين امام زادة مع ولده ايضا فقاتلوا لما رأوا ما يفعل بالنساء حتى قتلوا كذلك القاضي صدر الدين خان الذي ذكرته انفا الذي كان مندوبا واعطوه الامان ايضا قاتل حتى قتل ومن استسلم اخذ اسيرا والقوا النار في البلد وكانت عامرة بالمساجد والمدارس فاحرقوا ذلك جميعا وعذبوا الناس باشد العذاب في طلب المال ثم رحلوا نحو سمرقد الان سمرقند كما قلنا فيها خمسون الفا من المقاتلين وخوارزم شاة كان في ناحية بين الترمذ وبلغ الشاهد انهم استصحبوا معهم من سلم من اهل بخارى وسارى الذين سلموا انفسهم فساروا بهم مشاة على اقبح صورة وكل من تعب او كان به مرض او نحو ذلك لا يستطيع المشي في هذه المسافة الشاسعة قتل ولما قاربوا سمرقند ماذا فعلوا؟ قدموا الخيالة وتركوا الرجالة والاسارى بمعنى الاقدام والاثقال وراءهم حتى تقدموا شيئا فشيئا ليكون ارعب لقلوب المسلمين. يعني اللي يصور لهم ان معهم جيشا يحجب الفضاء او الشمس كما يقال. فلما رأى اهل البلد اهل سمرقند هذه الجموع العظيمة وهم يظنون ان كل هؤلاء من المقاتلين والواقع ان بعضهم من اسرع المسلمين وبعض هؤلاء من الاثقال يعني النساء ونحو ذلك فاصابهم خوف شديد الحاصل انه وصل الاسارى والرجالة والاثقال وكان قد اعطى مع كل عشرة من الاسارى علم فظن اهل البلد ان الجميع ساكر يقاتلون ومعهم رايات فاحاطوا بالبلد واهل البلد كانوا كثير فخرج اليهم شجعان اهل البلد واهل الجلد والنخوة والشجاعة على الاقدام هذا غير الجيش. الجيش لم يخرج كان في حالة من الهلع والخوف فخرج اهل النخوة من المتطوعين للقتال ولم يخرج معهم العسكر قاتلهم هؤلاء الذين خرجوا على اقدامهم بظاهر البلد خارج البلد فصار التتر يتراجعون واهل البلد يتبعونهم ويطمعون فيهم لكنهم كانوا قد وضعوا لهم كمائن لم يشعروا بها. فلما جاوزوا الكمين خرج عليهم من وراءه وصاروا بين التتر من امامهم ومن خلفهم فصاروا يعملون فيهم السيف ويقتلونهم وحالوا بينهم وبين البلد فلا يستطيعون الرجوع اليها وهم على الاقدام ايضا ليس معهم خيل وليس معهم شيء وصاروا يقتلون هؤلاء قتلا ذريعا حتى قتلوا عن اخرهم. وكانوا يبلغون سبعين الفا لم يرجع منهم واحد احاطوا بهم واعملوا بهم السيف فابادوهم هؤلاء اهل النخوة ثم لما رأى الباقون من الجند الذين في البلد ذلك ازدادوا خوفا وخورا وايقنوا بالهلاك وكانت اصول هؤلاء العساكر من الاتراك كما قلنا ان الاتراك كل تلك النواحي يقال لها بلاد الترك وان التتر تعني اصول الترك. ولكن هؤلاء الترك كما ذكرنا سابقا ان بعضهم كانوا على الاسلام وان بعضهم كانوا من الوثنيين. فهؤلاء من المسلمين من الترك فارادوا ان يأمنوا على انفسهم وقالوا لجنكيز خان ارسلوا اليه من يقول له نحن اتراك نرجع الى قومية واحدة معكم ونريد منكم الامان فاجابوهم الى ذلك ففتحوا لهم ابواب البلد الان هذا الجيش الرسمي فتح ابواب البلد ليأمن على نفسه هؤلاء الجنود الاتراك فتحوا ابواب البلد العامة ما استطاعوا ان يمنعوهم من ذلك وهم جيش ومسلح على كل حال خرج هؤلاء الجيش باموالهم ونسائهم الى التتر من اجل ان يأمنوا على انفسهم ما خرجوا للقتال فقال لهم التتر سلموا السلاح والاموال والدواب ونحن نسيركم الى مأمنكم هم الان يريدون النجاة بارواحهم فقط والبلد يحترق بعد ذلك الشاهد انهم سلموا الاموال والدواب والسلاح ولما سلموا كل شيء وضعوا فيهم السيف فقتلوهم عن اخرهم. قتلوا خمسين الفا الذين كانوا يمثلون الجيش في سمرقند لم يبقوا منهم احدا. يعني قتلوا سبعين الفا من الشجعان واهل النخوة ثم خمسين الفا قبل دخول البلد. يعني مئة وعشرين الفا ابدوهم لم يبق امامهم في البلد احد فلما كان اليوم الرابع نادوا في البلد ان يخرج اهله جميعا. ومن تأخر قتل. فخرج جميع الرجال والنساء والصبيان ففعلوا مع اهل سمرقند مثل ما فعلوا مع اهل بخارى نهب والقتل والسبي والفساد وافتظاظ الابكار ودخلوا البلد ونهبوا ما فيها واحرقوا الجامع وتركوا باقي البلد على حاله وعذبوا الناس بانواع العذاب في طلب المال ايضا وقتلوا من لا يصلح للسبي وكان هذا في المحرم سنة سبع عشرة وست مئة خوارزم شاه كان في تلك الناحية كل ما جمع عشرة الاف او نحو ذلك ارسلهم. يرسل الى سمرقند هؤلاء الفرسان عشرة الاف فيرجعون قبل ان يصلوها لما اصابهم من الهلع والذعر يعني قبل ان يقاتلوا التتر يرجعون منهزمين ثم سير بعد ذلك عشرين الفا فرجعوا اليه منهزمين قبل ان يلقوا التتر الان بدأت التتر يطاردون خوارزم شاة بعد ما ابادوا من في سمرقند وبخارى وهي من اعظم الحواضر الاسلامية فجنكيز خان سير عشرين الفا طوارس يعني على الخيل وقال لهم اطلبوا خوارزم شاة اين كان ولو تعلق بالسماء حتى تدركوه وتأخذوه ساروا في طريقه وتقفوا اثاره قصدوا موضعا هناك ترجمته خمسة مياه قال له بنج اب فوصلوا اليه فلم يجدوا هناك سفينة فماذا فعلوا؟ الامر عندهم سهل عملوا احواضا من الخشب فيطاردون خوارزم لان خوارزم وراء تلك الناحية فعملوا احواضا من الخشب الكبار والبسوها جلود البقر من اجل ان لا يدخل الماء ووضعوا فيها السلاح والامتعة ثم القوا الخيل في الماء والخيل تسبح اذا القيت في الماء وامسكوا اذناب الخيل انظر هؤلاء الشياطين ليس معهم سفن امسكوا اذناب الخيل وربطوا الحياظ التي فيها الاسلحة بانفسهم وصارت الخيل تسحبهم في الماء وهم يسحبون تلك الاحواض وكان الفرس يجذب الرجل والرجل يجذب الحوض المملوء بالسلاح فعبروا جميعا فلم يشعر خوارزم شاة الا قد صاروا معه على ارض يابسة واحدة كان يفصل بينهم الماء وفوجئ لا سفن ولكنهم عبروا بهذه الطريقة. والناس قد ملئوا منهم رعبا. فاختلف من هنالك في تلك الناحية في البداية كانوا يطمئنون ان نهر جيحون يحول بينهم فلما رأوا هؤلاء قد عبروا لم يكن لهؤلاء من المسلمين تبات ولا استطاعوا ان يسيروا مجتمعين فتفرقوا ايدي سبأ. قبل المواجهة. وكل طائفة طلبت النجاة من جهة. رحل خوارزم شاة لا يلوي على شيء في نفر من خاصته وقصدوا نيسابور فلما دخلها اجتمع عليه بعض العسكر فلم يستقر حتى وصل اولئك التتر اليها. يطاردونه ولا يتعرضون في شيء لطريقهم يعني من البلاد التي يمرون بها. الهدف الان هو نفس خوارزم شاة. لا ينهبون ولا يقتلون لانه سيأتي الدور على تلك النواحي بعد ذلك لكنهم يجدون في السير خلفه فلما سمع بقربهم منه رحل الى ناحية يقال لها مازن دران يعني هناك في نواحي التي يقال لها طبرستان مازن دران وهي نواحي شاسعة جنوب بحر غزوين وهي مناطق وعرة ومناطق جبلية نعم فصاروا يسيرون باثره ويجدون في طلبه. الان قلنا نحن من قبل بان هؤلاء التتر كانوا على قسمين الجيش قسم مغربة هم الذين صاروا يطلبون خوارزم شاة يعني يتجهون ناحية الغرب وقسم مشرقة او لا سيأتي الحديث عنهم بعد ذلك الحاصل انهم صاروا يطلبونه ويسيرون خلفه ومروا على نيسابور وانتقل فرارا منهم ولم يفعلوا لاهلها شيئا فكان كلما رحل عن منزلة نزلوها فوصل الى مرسى من بحري طبرستان يعرف بباب سكون. هذه اسماء قديمة لكن كما قلت لكم جنوب بحر غزوين وهناك قلعة في البحر الان هذا ما هو بنهر هذا بحر فلما رأوا خوارزم شاه وقد دخل البحر وقفوا على ساحل البحر وايسوا من الوصول اليه فرجعوا بعد ذلك يعيثون فسادا حوارزم شاه بقي في تلك القلعة في البحر واكثر المؤرخين يقولون بانه مات هناك ومات ميتة في غاية الصعوبة كما سنعلم بعد ذلك هذا خوارزم شاه يقول المؤرخون هو علاء الدين محمد ابن علاء الدين هذا ملك احدى وعشرين سنة واشهر ملكه كما ذكرت لكم كان بهذا الامتداد وهو جاء بعد السلاجقة وكان يمثلهم في بعض النواحي ثم بعد ذلك استقل وصار يستولي على البلاد شيئا فشيئا حتى استولى على ملك السلاجقة ووصل الى حدود العراق صارت بلاده تشمل افغانستان وايران وهناك ما وراء النهر جمهوريات ونواحي شاسعة امتد ملكه فيها حتى بعض بلاد الهند كانت تتبعه وبلاد طبرستان بطبيعة الحال والمناطق التي يقال لها بلاد الجبال بلاد الجبال يعني نواحي من سهول العراق وما وراء ذلك مناطق وعرة ففي غاية الصعوبة الشاهد اما الرجل كان بهذه المثابة ويقولون بانه كان فاضلا عالما بالفقه والاصول وغيرهما وكان مكرما للعلماء محبا لهم محسنا اليهم يكثر من مجالستهم وتجري المناظرات بين العلماء بين يديه وكان صبورا على التعب وادمان السير غير متنعم ولا مقبل على اللذات انما همه الملك وتدبير الملك وحفظ الملك وحفظ الرعايا. وكان يعظم اهل الدين ويقبل عليهم. هذه كانت سيرته لكن الله يقضي ما يشاء وكان هذا التصرف سببا لهذه الامور التي لم تنقظي ولم تنتهي بعد. الشاهد ان هؤلاء لما ركب البحر ويئسوا منه عادوا فعادوا قصدوا بلاد مازن دوران التي هي بلاد طبرستان وهي من امنع البلاد ومن اكثرها وعرى ملكوها باسرع وقت. المسلمون ما استطاعوا ان يملكوها في مئة سنة يعني من عهد الصحابة رضي الله عنهم استولى المسلمون على النواحي المتاخمة لها لكن هذه ما استطاعوا ان يدخلوها الا بعد مئة سنة لكن صالحوا اهلها على الا يدخلوها لكن يجبى اليهم الخراج او ما صالحوا عليه. هذا ما حصل للمسلمين في الدولة الدولة الاموية عموما وهذا جاء وقت يسير اجتاحها واستولى عليها وملكها مع حصانتها وصعوبة الدخول اليها وامتناع القلاع فيها فهي تعرف منذ زمن بعيد منذ قرون طويلة انها من امنع البلاد يعني المسلمون ملكوا العراق وبلاد الاكاسرة وما الى ذلك وما استطاعوا ان يملكوا تلك الناحية لكن كانوا يأخذون الخراج وملكت في ايام سليمان ابن عبد الملك سنة تسعين وهؤلاء ملكوها بكل سهولة وسبوا وقتلوا ونهبوا واحرقوا البلد. ولما فرغوا منها صاروا نحو الري في الطريق رأوا والدة خوارزم شاة ونساءه واموالهم وذخائرهم خرجوا من خوارزم ويريدون ان يصلوا الى اماكن امنة معهم الاعلاق النفيسة والاموال التي لا توصف وذلك ان والدة خوارزم شاه لما سمعت ما جرى على ولدها خافت وخرجت من خوارزم وقصدت الري لتصل الى اصفهان وهمدان وبلاد الجبل وتمتنع هناك. فصادفوها في الطريق فاخذوها سبيا سهلا بغير ممانعة ولا حماية وما معها من الاموال التي لم ترى العيون مثلها وارسلوها الى جنكيز خان هناك في سمرقند زوجات ووالدة خوارزم شاة وهو في قلعة في داخل البحر لا يدرى خبره وكثرت الاشاعات منهم من يقول مات هناك ومنهم من يقول غير ذلك. الشاهد انه كان ذلك اخر العهد به اذى بعض ما حدث ثم بعد ذلك تقدموا يجتاحون تلك النواحي ويفعلون بها ما فعلوا بسمرقند بخارى وهذا ما سأذكره ان شاء الله تعالى بالمجلس القادم اسأل الله عز وجل ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يحفظ بلاد المسلمين وان يحقن دماءهم وان يكفينا واياهم شر الاشرار وكيد الفجار وان ينصره على عدوهم وعدوه وان يلطف بهم انه سميع مجيب اللهم ارحم موتانا واشفي مرضانا وعافي مبتلانا واجعل اخرتنا خيرا من دنيانا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه