السلام عليكم ورحمة الله. اخوتي الكرام في الحلقات الماضية قلنا ان الاسلاميين البرلمانيين تنازلوا تنازلات ذريعة في مقابل مكتسبات موهومة. ما هي هذه التنازلات. التنازل الاول والاكثر خطورة في الواقع هو الانخراط في اللعبة الديموقراطية التي تجعل التشريع لغير الله تعالى. لذا فعندما نقول ان البرلمانيين تنازلوا فان اول تنازل هو دخولهم البرلمان اصلا. وقبولهم بالشروط التي ادخلتهم البرلمان. تركوا على الباب قبل دخول البرلمان. فكرة البرلمان تقوم على ان الشعب ينتخب من يمثله ليقوم بتشريع القوانين له. وطبعا القوانين التي نتكلم عنها ليست محصورة في امور ادارية وفنية تركها الشرع لتقدير البشر. بل هي استفتاء للبشر في امور حكم فيها رب البشر سبحانه وتعالى. وهذا مستند الى مبدأ ان الشعب هو الذي له الحق ان يشرع لنفسه من القوانين ما يريد. لذا فالدين الديموقراطية هي نقد للاسلام فالاسلام هو الاستسلام والخضوع التام لحكم الله عز وجل. والاعتراف بان حق التشريع هو له وحده سبحانه وهذا من توحيد الربوبية. فكما انه هو الخالق فهو صاحب الامر المطاع. الا له الخلق والامر. الا له الخلق وطاعته في تشريعه سبحانه هي من توحيد الالوهية. فتوحيد الالوهية يقتضي افراده تعالى بالعبادة التي هي الطاعة والمحبة والديموقراطية نقد لهذا كله. فهي تجعل التشريع لغير الله وتوجب الطاعة لغير الله تعالى. في دين الله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. ومن يعص الله ورسوله له فقد ضل ضلالا مبينا. وفي دين الديموقراطية اذا قضى الله ورسوله امرا في عرض هذا الامر على البرلمان ليختار وللبرلمان الحق الكامل في ان يقبل حكم الله او ان يرده. فاذا عصى البرلمان الله ورسوله فرأيه محترم. لانه يمثل الاغلبية في دين الله تعالى انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا اه وفي دين الديموقراطية انما كان قول الديمقراطيين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سنعرض حكم الله على البرلمان. فان اذن البرلمان الله ان ينفذ نفذ في دين الله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. وفي دين الديموقراطية فلا وربك لا يؤمنون بالديمقراطية ايمانا صادقا حتى يحكموا البرلمان فيما شجر بينهم. ثم لا يجدوا في انفسهم نية لاستغلال اللعبة الديموقراطية او التخلي عنها مستقبلا لفرض الشريعة بل عليهم ان يسلموا بقواعد اللعبة الديموقراطية تسليما. في دين الله عز وجل ان الحكم الا لله اه وفي دين الديموقراطية ان الحكم الا للبرلمان يحكم حتى على حكم الله. فالديمقراطية مناقضة للاسلام حيث ان تعريف الاسلام هو الاستسلام والانقياد التام والاذعان لحكم الله عز وجل وتطبيق امر الله تعالى لان انه امر الله والديمقراطية هي جعل البرلمان حكما على كل شيء حتى على شريعة الله. فان طبق حكم من الاحكام فلا يطبق لانه واجب التطبيق من حيث هو حكم الله بل لان البرلمان اذن لهذا الحكم ان يطبق. وهذا لا يمكن بحال تسميته انقيادا واستسلاما لله. وهنا اخواني ينبغي ان ننتبه الى ان الغرب ما صدر الديموقراطية الى العالم الاسلامي الا ليطمس بها الدعوة الى تطبيق الشريعة مرحليا. حتى اذا نال هذه الغاية ان على الديموقراطية ودعم انظمة مستبدة تنفذ اجنداته غير ملتفتة الى ارادة الشعب ولا حريته ولا كرامته البلد من بلاد المسلمين يرزح تحت نظام مجرم يستبيح الارواح والاموال والاعراض عقودا طويلة. بدعم من امريكا والدول الاوروبية حتى اذا سقط هذا النظام وتعالت الاصوات باقامة دولة اسلامية وتطبيق الشريعة اسرعت الدول الغربية لتتدخل في المشهد السياسي وحركت اذنابها في الداخل لينادوا بالديمقراطية وانضم اليهم بقصد او غير قصد بعض المنتسبين الى العمل الاسلامي ثم ترى متابعة امريكية حثيثة لاجراء الانتخابات وتغطية العرس الديمقراطي. وثناء امريكي على نزاهة الانتخابات واحترام ارادة الشعب. هذه الارادة التي كانت امريكا ذاتها والعالم الغربي تقدم الرشاوى للانظمة الفاسدة بمقدار ما تقمع الشعب ارادته كما بين المؤلف نعوم تشامسكي في كتابه ما الذي يريده العم سام في الواقع كل هذا لطمس الدعوة الى تحكيم الشريعة تحكيما صحيحا يقوم على اساس انها شريعة الله حتى اذا ما تم للغرب واذنابه ذلك وسحب الاعترافات من الاسلاميين المغرر بهم ومن جماهير الناس بالديمقراطية ومبدأها الشرك واستدرجهم لمواقف معادية لتطبيق الشريعة انقلب الغرب ذاته على الديموقراطية ودعم رئيسا او جيشا يتفنن في قمع الشعب واحتقار ارادته ويسخر البلاد والعباد لخدمة المصالح الاجنبية. فلم يكن للشعب الا مرارة الديموقراطية التي فوتت عليه الشريعة ولم يجني من حلو حريتها شيئا. لم يجن من حلو حريتها شيئا. وان لم يتدخل الغرب بشكل سافر كما فعل في الجزائر فانه يسعى على الاقل ان توصل الديموقراطية الى الحكم نماذج ممسوخة. تستعلن بعدم نية تطبيق الشريعة او تضحي بالشريعة من اجل الحكم في طريقها الديمقراطي الذي سلكته. لذا فعلينا ان ننتبه نحن الذين نعارض الديموقراطية خذها الى ان خطابنا للشعوب يشوه من الالة الاعلامية. ومن اذناب الغرب الذين يقولون للشعوب هؤلاء يريدون فرض الشريعة عليهم هؤلاء لا يريدون الحرية لكم. لا يحترمون ارادتكم. هؤلاء يروجون لشكل اخر من اشكال الاستبداد. الذي ثرتي عليه ايتها الشعوب. يعني باختصار يظهروننا اعداء للشعب ولحريته. ينبغي ان نركز في خطابنا على انه لا حرية حقيقية لك ايتها الشعوب الا بالعبودية المطلقة لله تعالى بتطبيق شرعه. وهذا من العبودية للغرب واذنابه. نحن دعاة الشريعة دعاة حرية وكرامة وسيادة للشعوب الاسلامية سيادة على اهل الارض بالشريعة التي يحملونها. قال الله تعالى لقد انزلنا اليكم كتابا فيه ذكركم افلا تعقلون. يعني فيه شرفكم بين الامم بينما الديموقراطية هي عبودية دنسة لغير الله. فهي في الظاهر عبودية العبيد للعبيد وفي الحقيقة عبودية للغرب الذي يستخدم الديموقراطية لتمرير مخططاته الاستعبادية للعالم الاسلامي. في الحديث الذي حسنه الالباني ان ابن حاتم جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وكان عدي قد دان بالنصرانية قبل الاسلام. فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قوله وتعالى اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم قال يا رسول الله انهم لم يعبدوهم. فقال رسول الله بلى انهم حرموا عليهم الحلال واحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم اياهم. فما استقر في ذهن الكثيرين من المسلمين ان الديموقراطية تساوي الحرية هذا وهم بل الصحيح انها عبودية. عبودية بدلا من ان تكون عبودية لديكتاتور واحد فانها تصبح عبودية لمجموعة من المشرعين وللغرب الذي يحرصوا على الا يستعز المسلمون بعبوديتهم لله تعالى الاسلاميون هداهم الله عندما انخرطوا في العملية الديموقراطية قبلوا بقواعد هذه اللعبة الاستعبادية. الاستعبادية للبشر في وللغرب في حقيقتها. ولنأخذ مثالا لذلك الحالة المصرية. قبل سقوط رمز النظام السابق كان كثير من الاسلاميين يقر حرمة المشاركة في برلمان قائم على جعل حق التشريع للشعب. ومحتكم في تشريعاته الى دستور وضعي. ثم بعد الثورة افترضوا حدوث حالة من الفراغ التشريعي الدستوري. وبالتالي فقد اعتبروا انهم لم يعودوا مطالبين بالتنازلات التي منعت من مشاركتهم في عمل البرلماني من قبل فسادت في اذهان البعض صورة مبسطة جدا وهمية للمشاركة البرلمانية على النحو التالي. البلد في حالة من الفوضى متعارض المطالب فمنه المسلم والنصراني والعلماني وكل واحد يريد ان يحكم بغير ما يريده الاخر. اذا فليس هناك طريقة للخروج من الخلاف الا بان يقوم الناس بترجيح النواب. هؤلاء النواب سيجتمعون تحت قبة البرلمان ليوصل كل واحد منهم صوت من الشعب والمأمول ان يغلب الصوت الاسلامي لان الاكثرية تدعمه فيتخذ القرار بكتابة دستور اسلامي صرف يجعل الشريعة المصدر الوحيد للتشريع فتقوم دولة اسلامية ويخضع الجيش ويسلم للاسلاميين مقاليد الحكم ويقتصر دور الناس والبرلمان بعدها على الخضوع والانقياد للشريعة من حيث هي حكم الله عز وجل. وتتحقق هذه المصلحة العظيمة دون مفاجدة تذكر دون دون مفاسد تذكر. فدخول البرلمان في هذه الحالة لا يعني الاقرار بالمبادئ الشركية للديمقراطية. بل ان ما تفرغ الديموقراطية من مضمونها وتتخذ كوسائل واليات والنائب الاسلامي دوره انما هو ايصال صوت الشعب اننا نريد تحكيم الشريعة. والنائب لن يلتزم بدستور وضعي بل الاسلاميون هم الذين سيكتبون الدستور. طبعا هذا التبرير الذي سنظهر بطلانه احتفى به من كان يرى اصلا حرمة سلوك طريق البرلمان وانه مذلة عقدية. والا فهناك احزاب اسلامية كانت منخرطة في العمل البرلماني ومقدمة للتنازلات قبل الثورات ولا ترى فيما سبق جميعا اية مذلة عقدية. وعلى كل فالصورة الساذجة المذكورة قد توهمها البعض عند الحديث عن الفراغ الدستوري. فهل هذا هو الذي حصل بالفعل يا ترى؟ بل الذي حصل ان الاسلاميين الجدد على العمل البرلماني ومن اللحظة الاولى التزموا قواعد اللعبة الديموقراطية. مهما رقعوا لذلك بمواقف ثانوية وتصريحات عاطفية لا تغير حقيقة الامر. فاولا التزموا المادة الرابعة من الاعلان الدستوري والتي جاء فيها ولا يجوز مباشرة اي نشاط سياسي او قيام احزاب سياسية على اساس ديني. ولا يجوز مباشرة اي نشاط سياسي او قيام احزاب سياسية على اساس ديني حتى قال قائلهم ارى انه ما داموا قد اتفقوا قال احد الاسلاميين للاسف الشديد ارى انهم ما داموا قد اتفقوا على انه لا تكون هناك احزاب دينية لان هذا قد يؤدي الى احتقان طائفي يبقى ما فيش احزاب دينية. لا ارى ان تكون الاحزاب دينية. لا ارى ان تكون الاحزاب دينية. وهذا بداية الزلل تفاديا لارضاب حفنة من النصارى المتغطرسين وعملا باعلان دستوري قائم على الديموقراطية وافقوا على الا يكون الحزب دينيا وبالتالي تبيعه الانصياع للقانون الوضعي الذي يحرم استخدام شعارات دينية في الحملات الانتخابية اذن ما توهمه البعض من ان دور البرلمانيين الاسلاميين مقتصر على ايصال رغبة الشعب في تحكيم الشريعة هذا لا علاقة له بالواقع لو كان هذا دورهم فان الحزب لن يكون الا دينيا شعاره المعلن تطبيق الشريعة. اذ انه ما انشئ بزعمهم الا من اجل ذلك الا من اجل ذلك. لكن الاسلاميين خلعوا الشريعة على اعتاب البرلمان. فانه في الحالة الوهمية الافتراضية التي تصورها البعض كانت الشريعة سبب وجود البرلمانيين كممثلين للشعب وكانت الشريعة هويتهم وقضيتهم وسبب شرعيتهم يستمدون شرعيتهم من الشريعة التي يحملونها ويريدون تطبيقها. مرة اخرى كان المفترض انهم يستمدون شرعيتهم من الشريعة لكن البرلمانيين بخضوعهم لهذه المواد فانهم استمدوا شرعيتهم البرلمانية من الشعب الذي انتخبهم وليس من الشريعة يستمدون شرعيتهم من الشعب الذي انتخبهم وليس من الشريعة وهذا تسليم منهم بمبدأ الديموقراطية. يعني تصور النائب الاسلامي واقفا على باب البرلمان يريد الدخول. فيقال له باية صفة تريد ان تدخل؟ فيقول باسم الشريعة التي نريد انا ومن انتخبني تطبيق طه فيقال له لا هذا لا يعطيك شرعية لدخول البرلمان عليك ان تقر بانك انما تدخل البرلمان باسم الشعب الذي انتخبك باسم الشعب الذي انتخبك. وتستمد شرعيتك من انتخاب الشعب لك كمشرع. لا من الشريعة تستمد شرعيتك من انتخاب الشعب لك كمشرع لا من الشريعة. لن يقبل تصويتك على تشريع ولن يسمح لك باقتراح قانون الا بصفتك ممثلا عن الشعب المشرع فيخلع النائب الاسلامي الشريعة على الباب ويدخل البرلمان بهذا الشرط وبهذه الصفة. ويصول من ثم ويجول باسم الشعب الذي يستمد وجوده وفي البرلمان منه تماما كما ترك صاحبنا الملابس على باب الدار دار الايتام في حلقة نجحت العملية ومات المريض هذا الفرق الذي يظنه البعض ثانويا هو مربط الفرس واصل المسألة وبداية الانحراف. وصرف حق التشريع من الله عز وجل الى بل ان بعض الدول العربية عدلت بعد الثورات العربية في قانون الاحزاب بحيث تمنع الاحزاب الدينية. وهذا استكمال لاركان الديموقراطية. ومع ذلك فالذين حبكوا النظام البرلماني سدا منيعا امام تطبيق الشريعة لم يكتفوا بذلك. بل وضعوا امام النائب ابوابا اخرى ليضمنوا ان يخلع عندها اية بقية من دعوى تطبيق الشريعة قبل ان يجلس تحت قبة البرلمان. ما هي هذه الابواب هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة باذن الله. خلاصة الحلقة الديموقراطية تجعل النائب يستمد شرعيته من البشر لا من رب البشر وتمعن في استعباد الغرب للعالم الاسلامي. والسلام عليكم ورحمة الله