هذا وامثاله كما يقول الحافظ اطلاق لفظ كتب او كاتب او صالح الى امره بذلك لا انه كتب بنفسه صلى الله عليه وسلم. كحديث ابن عباس رضي الله عنهما انه كتب الان. وفي الصحيحين من حديث جابر انه صلى الله عليه وسلم اوتي بقدر فيه خضروات من البقول. فوجد لها ريح فسأل فاخبر بما فيها من البقول فقال قربوها الى بعض اصحابه فلما رآه كره اكل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. له الحمد بالاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وشفيعنا وحبيبنا وقدوتنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وحبيب رب العالمين. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام في كل مكان. فمن رحاب بيت الله الحرام هذه البقعة المباركة. وفي ليلة الجمعة هذه الليلة المباركة نجلس هذا المجلس المبارك نستكثر من عمل مبارك هو كثرة الصلاة والسلام. على رسولنا صلى الله عليه كلما ونحن نتدارس هذا الكتاب الجليل في خصائصه عليه الصلاة والسلام غاية السوء في خصائص الرسول صلى الله عليه سلم للامام سراج الدين ابي حفص بن الملقن الانصاري رحمة الله عليه. وقد وقف بنا الحديث امة الاسلام ليلة الجمعة الماضية في النوع الثاني من الخصائص وهو المحرمات بعد ان تم لنا النوع الاول بقسميه وهو نوع الواجبات. وتقدم ان التي شرعنا حديثنا فيها ليلة الجمعة الماضية. هي ايضا تنقسم الى قسمين محرمات في غير النكاح ومحرمات في النكاح وابتدأنا بالنوع الاول منهما واول مسائله التي انقضت ليلة الجمعة الماضية تحريم الزكاة عليه صلى الله عليه وسلم اي اخذها وعلى اله. وهذا نحن نشرع ونستأنف الليلة تعداد مسائل النوع الثاني وهو المحرمات من غير النكاح على نبينا صلى الله عليه واله وسلم. نأتي عليها تباعا بعون الله تعالى. واجعلوا نصب اعينكم ايها الكرام الا يحرم احدكم في هذا المجلس قريبا او بعيدا متابعا او حاضرا لا يحرم من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم فهذا احد مقاصد الانتفاع من مثل هذا المجلس بلغنا الله واياكم بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم منازل الابرار ومساكين الفردوس وشفاعته وصحبته في الاخرة عليه صلاة ربي وسلامه وها نحن نسأل الله التوفيق والسداد. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى الثانية كان صلى الله عليه وسلم لا يأكل البصل والثوم والكراث وما له رائحة كريهة من البقول. الثانية اي من المسائل التي تندرج تحت نوع المحرمات عليه صلى الله عليه وسلم تحريما مخصصا به في غير احكام النكاح ومسائله واكل الثوم والبصل والكراث باسمائها المعروفة الى اليوم تلك البقول والخضروات ذات الرائحة التي يستعملها الناس في طبخهم وطهيهم وطعامهم لما فيها من النكهة والفائدة التي يبحث عنها الناس في الاطعمة المباحة. كان المصطفى عليه الصلاة والسلام كما يعلم كثير منكم يمتنع عن اكل هذه البقول البصل والثوم والكراث. كما في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اكل ثوما او بصلا فليعتزلن او ليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته وفي رواية فان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو ادم. واوتي ايضا كما في الصحيحين اوتي عليه الصلاة والسلام بقدر فيه خضرات من البقول فوجد لها ريحا فسأل عنها فاخبر بما فيها من البقول فقال قربوها الى بعض اصحابه فلما رآه كره اكلها قال كل فاني اناجي من لا تناجي يقصد الملك. قال اوتي بقدر وسيأتي اجتماعنا ايضا ها هنا في الحديث في المسألة. فكل هذا مقدمة لان نقول هل امتناع المصطفى صلى الله عليه وسلم عن اكل الثوم والبصر والكراث ونحوها. هل كان امتناعا تنزها منه وترفعا عن اكلها للعلة التي اشار وهي مناجاة الملك الذي الذي يأتيه بالوحي ام كان تحريما منع منه عليه الصلاة والسلام للعلة ذاتها وجهان سيشير اليهما المصنف رحمه الله تعالى فلما رآه كره اكلها فقال كل فاني اناجي من لا تناجي. الحديث كما تقدم مخرج في الصحيحين عند الامامين البخاري ومسلم رحمة الله عليهما وفي هذه الرواية جاء اللفظ انه اوتي بقدر بكسر القاف المثناة الفوقية وهو معروف لكن الرواية الاخرى للبخاري وهي عند ابي داود ايضا اتي ببدر اتي ببدر ببائين الثانية منهما مفتوحة والصواب كما رجحه الامام النووي في شرح مسلم عن العلماء. قال وفسر الرواة واهل اللغة والغريب البدر بالطبق فاتي ببدر اي اتي بطبق. قالوا سمي بذلك الاستدارته كالبدر. اي استدارة الطبق على البدر المكتمل وها هنا يشير المصنف الى ان الامتناع منه عليه الصلاة والسلام عن اكل الثوم والبصل كما في هذه الرواية هل كان امتناع تحريم او كراهة؟ نعم وهل كان ذلك حراما عليه؟ فيه وجهان. احدهما وبه جزم الماوردي نعم كي لا يتأذى به الملك واشبههما لا وانما كان صلى الله عليه وسلم يمتنع منه ترفعا اذا هذه الاشارة الى الوجهين اللذين قال بهما العلماء في امتناع المصطفى صلى الله عليه وسلم من اكل الثوم والبصل والكراث هل كان محرما عليه ام كان ليس محرما بل كان يمتنع عنه ترفعا وتنزها؟ بالاول قال الامام الماوردي فقد قال في الخصائص في قسم المحرمات من كتاب الحاوي قال ومنها منعه من اكل ما يؤذي رائحته من البقول لهبوط الوحي عليه فهذا منه ميل وترجيح الى كونه من المحرمات كما تقدم. والثانية وهي الراجحة عند غيره ان ذلك فليس محرما بل امتناعا لتأذي الملك به كما تقدم في حديث جابر. وسيشير المصنف الان الى ترجيح عدم التحريم الرواية الثابتة في صحيح مسلم. وفي صحيح مسلم من حديث ابي ايوب احرام هو؟ قال لا ولكني اكرهه من اجل ريحه قال فاني اكره ما كرهت قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى يعني يأتيه جبريل بالوحي وهذا صريح في نفي التحريم واثبات الكراهة. اما حديث ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه الذي اشار اليه المصنف لما سئل هو ففيه قصة وهو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوتي بطعام اكل منه وبعث بفضله الي هكذا يقول ابو ايوب رضي الله تعالى عنه. قال اذا اوتي بطعام اكل منه وبعث بفضله الي. قال وانه بعث الي يوما بفضلة لم يأكل منها لان فيها ثوما فسألته احرام هو؟ قال لا ولكني اكرهه من اجل ريحه. قال فاني اكره ما هكذا قال ابو ايوب واللفظ صريح كما ترى عبد الله بعدم تحريمه احرام هو قال لا ولكني اكرهه من اجل ريحه. وفي لفظ اخر قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالوحي يعني يأتيه به جبريل عليه السلام واخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما الحديث بلفظ اني استحي من ملائكة الله وليس بمحرم فهذا في غاية التصريح والوضوح بعدم تحريم اكل هذه الخضروات وانما كان يمتنع عنها صلى الله عليه وسلم للعلة التي اشار وهو اتيان الوحي عليه من جبريل عليه السلام وفي مسند احمد وسنن ابي داود بسند صالح من حديث عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن اكل البصل فقالت اخر طعام اكله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بصل ولما ذكر ابن ولما ذكر ابن الصلاح حديث ابي ايوب قال انه يبطل وجه التحريم اعترض عليه صاحب المطلب وقال فيه نظر من جهة ان حديث ابي ايوب كان في ابتداء الهجرة والنهي عن اكل الثوم كان عام خيبر كما رواه البخاري في صحيحه قلت لكن في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري في قصة خيبر ايضا لكنه لما نهى عن اكل الشجرة الخبيثة قال الناس حرمت حرمت فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ايها الناس انه ليس بي تحريم ما احل الله لي ولكم ولكنها شجرة اكره ريحها ختم المصنف رحمه الله هذه المسألة في اكل البصل والثوم والكراث بما اخرج الائمة احمد وابو داوود وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها حديثا فيه اثبات اكله صلى الله عليه وسلم للبصل وهذا يحتاج الى جواب كيف نورد هذا في الخصائص تحريما او كراهة؟ يعني سواء عددنا ذلك من قبيل المحرمات او عددناه من قبيل المكروهات والامتناع كيف نثبت الامتناع والدينا حديث يثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام قد اكل البصل. والحديث هو حديث امنا عائشة رضي الله عنها بسند جيد عند الائمة احمد وابي داود والنسائي ايضا سئلت رضي الله عنها عن اكل البصل فقالت اخر طعام اكله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بصل زاد البيهقي في روايته انه كان مشويا في قدر. يعني مطبوخا ولابي داوود والترمذي من حديث علي رضي الله عنه نهى عن اكل الثوم الا مطبوخا فبهذا الاستثناء يحمل ما ثبت ها هنا في الرواية من حديث عائشة رضي الله عنها انه لا تعارض بين امتناعه وتنزهه عليه الصلاة والسلام عن اكل البصل والثوم والكراث ونحوها من البقول ذات الروائح والخضروات التي تفوح رائحتها لا يتعارض هذا التنزه والامتناع مع حديث عائشة في اثباته اكل البصل وان ذلك بالجمع يقتضي ان الاكل مطبوخا ان لا ينافي النهي والنفي الوارد في الحديث. واذا علمت ان العلة هو الرائحة وما يحصل به التأذي وان الرائحة اقتلوا بالطبخ لتلك الخضروات تحقق وجه الجمع وان اكله مطبوخا ليس فيه مناقضة الحكمة التي لاجلها كان الامتناع اذ زالت الرائحة الكريهة باكل البصل او الثوم مطبوخا. قال المصنف رحمه الله ولما ذكر ابن الصلاحي بحديث ابي ايوب قال انه يبطل وجه التحريم. يعني اراد ان نبني الصلاح رحمه الله تعالى. اورد حديث عائشة جوابا على القول بان الاكل محرم. اذ لو كان محرما لما ثبت اكله. وكان الجواب عند ابن الصلاح رحمه الله بل عند ابن الرفعة وقد اعترض على ابن الصلاح قال فيه نظر من جهة ان حديث ابي ايوب كان في ابتداء الهجرة والنهي عن اكل للثوم كان عام خيبر كما روى البخاري في صحيحه. ويقصد برواية البخاري هنا حديث قصة خيبراء وهو آآ كما اخرج في الصحيح الامام البخاري في باب غزوة خيبر عن نافع عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن اكل الثوم وهذا صحيح لكن الاستدلال به على عدم ابطال وجه التحريم لمجرد كونه متأخرا فيناقش ايضا بان النهي المذكور لا يدل على التحريم بل وقع سبب يا اقصد بالنهي فيما حدث يوم خيبر. بين عليه الصلاة والسلام السبب والمسبب مما ليس فيه تحريم. روى مسلم من حديث ابي سعيد في قصة خيبر قال لم نعد ان فتحت خيبر فوقعنا اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك البقلة الثوم. قال والناس جياع فاكلنا منها اكلا شديدا ثم رحنا الى المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الريح. فقال من اكل من هذه الشجرة الخبيثة في ان فلا يقربن في المسجد. فقال الناس حرمت حرمت. فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا ايها الناس انه ليس بي تحريم ما احل الله لي. وانها شجرة اكره ريحها. وانه يأتيني مناجاة من الملائكة فاكره ان يشموا ريحها. فهذا بيان صريح لما فهمه الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر وغيره ان النهي عن اكلها كان من اجل الاجتماع بين النبي عليه الصلاة والسلام والملائكة الكرام في الوحي وان ذلك لا يتحقق لغيره فلا يتجه المنع فيه. وان المساجد اذ تحظرها الملائكة يتحقق فيها المعنى فلاجل ذلك حقق النهي عن اكلها عند اتيان المساجد. والمقصود من ذلك كله كما قال هنا في صحيح مسلم عن ابي سعيد الخدري وبين وجه التحريم ان فالنهي يوم خيبر لا يعد لا يعد مغايرا لاباحته صلى الله عليه وسلم الاكل يعني اكل البصل. وان وجه التحريم كما تقدم ليس بالوجيه والقوي وان رجحه الامام الماوردي رحمه الله بل الاقرب كما قال المصنف والاشبه انه لم يكن محرما وانما كان يمتنع منه عليه الصلاة والسلام ترفعا. ومن اجل ذلك ينص الفقهاء في باب مكروهات الصلاة على مسألة اكل الثوم والبصل لمن يأتي المساجد ويقربها وذلك لصحة النهي الوارد فلا يقربن مسجدنا. اذ حملوا النهي في الحديث على الكراهة من اجل التعليل المصحوب به. وانه لا يقوى على تحريم شيء مباح احله الله عز وجل. وقد الحق بعض الفقهاء بالبصل والثوم والكراث بعض الخضروات والبقول ذات الرائحة التي يتحقق فيها الحكمة ذاتها والعلم وعند الله تعالى الثالثة انه عليه الصلاة والسلام كان لا يأكل متكئا ففي صحيح البخاري من حديث ابي جحيفة رضي الله عنه قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده انا لا اكل وانا متكئ وفي شعب الايمان للبيهقي عن يحيى بن ابي كثير انه عليه الصلاة والسلام قال اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد فانما انا عبد. صلوات ربي وسلامه عليه. هذه ثالثة مسائل ايها الموفقون لكل خير من المحرمات الخصائص لرسولنا صلى الله عليه وسلم في غير النكاح وهو عدم اكله متكئا اما ثبوت عدم اكله متكئا فقد وردت فيه روايات اصحها ما في البخاري من حديث ابي جحيفة رضي الله عنه قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل عنده انا لا اكل وانا متكئ فهذا صريح في نفيه عليه الصلاة والسلام عن نفسه الاتكاء حال الاكل لكن هل هذا دلالة على التحريم او هو امتناع لاجل معنى معين هذا ما سيذكره المصنف الان. واشار الى رواية الامام البيهقي في شعب الايمان من حديث يحيى بن ابي لكثير انه عليه الصلاة والسلام قال اكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد فانما انا عبد صلوات الله وسلامه عليه ففي ثبوت هذا المعنى وهو امتناعه عن الاكل متكئا صلى الله عليه وسلم دلالة على ما نريد الاشارة اليه في هذا القسم. واما توضيح ذلك من حيث الحكم. اعلى التحريم هو ام على غيره سيأتي بيانه في كلام المصنف ان نعم واسنده في دلائله وسننه من حديث ابن عباس رضي الله عنه. الظمير يعود الى الامام البيهقي فانه المذكور بقوله في شعب الايمان للبيهقي. يعني واخرج ايضا في كتابه دلائل النبوة. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة مجيء ملك الذي قرن به وخيره بين ان يكون نبيا ملكا. وبين ان يكون نبيا عبدا. فنظر عليه الصلاة والسلام الى جبريل عليه السلام كالمستشير له. فقال له ان تواضع فاختار عليه الصلاة والسلام ان يكون نبيا عبدا بعد تلك الكلمة فما اكل متكئا. هذه رواية البيهقي في الدلائل وفي السنن ايضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما نعم ولفظه ولفظه بل اكون عبدا نبيا قال فما اكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي الله وله طرق اوضحتها في تخريجي لاحاديث الرافعي فراجعها منه. اشار المصنف اختصارا الى ما اورده في كتابه البدري المنير في تخريج احاديث الرافعي الكبير ان الحديث قد رواه الامام عبدالرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري بنحوه وكذا قال عن محمد بن عبدالله نسبة الى جده وانما هو محمد بن علي بن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما والاسناد حسن واشار ايضا الى ما روى ابن سعد في الطبقات من حديث عائشة رضي الله عنها وان النبي عليه الصلاة والسلام قال يا عائشة لو شئت لسارت معي جبال الذهب اتاني ملك ان حجزته لتساوي الكعبة قال ان ربك يقرئك السلام ويقول لك ان شئت ان تكون نبيا ملكا وان شئت عبدا فاشار الي جبريل عليه السلام ضع نفسك يعني اختر التواضع فقلت نبيا عبدا. فكان بعد ذلك لا يأكل متكئا ويقول اكل كما يأكل العبد واجلسوا كما يجلس العبد فاللهم صل وسلم وبارك عليه. وروى ابو داوود من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال ما رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط وقد اخرج ابن ابي شيبة عن مجاهد قال والحديث مرسل لانه من رواية مجاهد كما ترى. قال كان النبي او قال ما اكل النبي الله عليه وسلم متكئا الا مرة ثم نزع يعني ترك ذلك فقال اللهم اني عبدك ورسولك ولكنه مرسل وقد جمع بعض اهل العلم بان تلك المرة في اثري شاهد ما اطلع عليها عبدالله بن عمرو فعمم النفي رضي الله عنه وارضاه. وهل كان ذلك حراما عليه او مكروها كما في حق الامة فيه وجهان اشبههما كما قال الرافعي الثاني وجزم بالاول صاحب التلخيص اي لما فيه من الكبر والعجب وعلل الاول بانه لم يثبت فيه ما يقتضي التحريم واجتناب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيء واختياره غيره لا يدل على كونه محرما عنده. نعم. دخل الان في صلب مسألة هل هذا الامتناع منه عليه الصلاة والسلام عن الاتكاء حال الاكل؟ هل هو من باب التحريم عليه؟ او هو مكروه في حق كما في الامة فان قلت مكروها اخرجنا المسألة من كتاب الخصائص لاننا نتكلم عما اختص به عليه الصلاة والسلام فان قلت هو محرم عليه يأتي هنا وجه الخصوصية التي فارق فيها الامة في الحكم. لان الاكل حال الاتكاء مكروه في بحق الامة اشار الى الخلاف فقال فيه وجهان اشبهها كما قال الرافعي الثاني اي ليس محرما وهذا الذي رجحه الرافعي ورجحه المصنف ايضا. وبالتالي فتخرج المسألة عن كونها من الخصائص النبوية. قال وجزم اول صاحب التلخيص يريد به الامام ابا العباس ابن القاص رحمة الله عليه. فانه قرر التحريم. وعلل ذلك وبما فيه وعلل ذلك بما فيه من الكبر والعجب. ان الاكل بالاتكاء يحمل معنى العجب والكبر. واذا كان الكبر والعجب محرما فالنهي عن الاكل حال الاتكاء يكون محرما كذلك. واما الكراهة فعللت بانه لم يثبت ما يقتضي التحريم. واما امتناعه هو عليه الصلاة والسلام فلا يدل على التحريم اصالة لانه قد يحمل معنى التنزه والترفع وهذا محتمل لا يستطاع معه الجزم بالقول بان امتناعه كان لاجل التحريم في حقه عليه الصلاة والسلام. فرغنا من المسألة والمقصود الان بيان شرحها. ما المقصود بالنهي عن الاكل متكئا؟ ما الاتكاء هو الاتكاء على الجنب الميل على احد الشقين ان تأتي بوسادة فتتكئ عليها ذات اليمين وذات الشمال مثلا او هو وضع اليد خلف الاكل فيتكأ عليها يمنة او يسرى ام هو التربع والجلوس بتمكن بشيء يكون تحت الاكل؟ ها هنا اقوال. والاشارة الى الخلاف فيها مهمة لفهم معنى النهي الوارد في الحديث. نعم. اذا تقرر ذلك فالمراد بالمتكئ فيه خلاف. قال الخطابي المراد به هنا الجالس المعتمد على وطاء تحته. واقره عليه البيهقي في سننه. هذا اول الاقوال وهو غير المتبادر الى الاذهان ايها الكرام. لاننا اصبحنا لا نطلق على الاتكاء. لا نطلق الاتكاء الا على الميل على احد قد الجانبين او الشقين ممتدا لكن العلماء في تفسير الحديث هذا وبيان معنى الاتكاء لهم فيه اقوال واقرب وصف يجمع الاقوال هو ان ان الاتكاء هو التمكن من الجلوس في الاكل على اي صفة كان التمكن وقيل ان يميل على احد شقيه وقيل ان يعتمد على يده اليسرى من الارض. قال الخطابي رحمه الله تحسب العامة ان هو الاكل على احد شقيه وليس كذلك. قال بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته. قال ومعنى الحديث اني لا اقعد متكئا على الوقاء عند الاكل فعل من يستكثر من الطعام. فاني لا اكل الا البلغة من الزاد يعني لقمة واللقمتان والقدر اليسير الذي يسد الجوع. قال فلذلك اقعد مستوفزا. هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى وذكر قوله اني لا افعل ذلك ولكني اكل العلقة واجتزء باليسير من الطعام فاقعد مستوفزا واقوم عنه مستعجلة. وفي حديث انس رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم اكل تمرا وهو مقع. وفي رواية وهو محتفز فالإقعاء والتحفز في الجلوس صفة تنافي التربع تنافي التمكن من الجلوس على وطاء. قال العلماء لان التمكن والاستراحة في الجلسة الاكل تدل على اطالة الجلوس على الطعام وعلى استكثار اكله وعلى صرف الوقت وعلى الاكل فوق الحاجة وكل ذلك كان منتفيا في حقه عليه الصلاة والسلام فجاء معنى الاتكاء الذي في الحديث محمولا على هذه المعاني. هذا القول قال به الخطابي واقره عليه البيهقي في السنن. وقول اخر لابن الجوزي طائفة من العلماء ان المراد به المائل على جنبه او على احد شقيه وخالفوا القول الاول ولهذا قال المصنف وانكره عليه ابن الجوزي وانكره عليه ابن الجوزي وقال المراد به المائل على جنب واما صاحب الشفاء ففسره بما قاله الخطابي ثم قال وليس هو الميل على شق عند المحققين وكذا قال ابن دحية في كتابه المستوفى في اسماء المصطفى. ان الاتكاء في اللغة هو التمكن في الاكل. نعم ختم تصنف رحمه الله المسألة هنا ببيان معنى الاتكاء المنهي عنه في الاكل كما ترى هذا كله قد تقرر عند اهل العلم وذكر الزركشي رحمه الله بعد ان حكى الخلافة المذكورة هنا بين الخطاب وابن الجوزي وما تعقبه به ذكر هذا الخلاف عن اهل العلم وقال ايضا كلاما اورده ابن الاثير في كتاب النهاية في غريب الحديث واستوى وقال رحمه الله من حمل الاتكاء على الميل على احد الشقين تأوله على مذهب الطب يعني الاطباء يميلون الى هذا المعنى ان النهي عن الاكل متكئا فيه معنى يتعلق بالطب وصحة البدن. قال تأوله على مذهب الطب فانه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا ولا يصيغه هنيئا وربما تأذى به. فيحتمل ان يكون المراد نحو هذا. ويحتمل ايضا على بعد عادة الظمير كما تقدم في كلام القاظي عياظ وما نقل عن الامام الخطابي رحمه الله تعالى. ومن باب الطب هنا ايظا اوردوا مسألة نوم عليه الصلاة والسلام على جانبه الايمن استظهارا على قلة النوم واستعانة به. لانه على الجانب الايسر يكون اهنأ بهدوء وما يتعلق به من الاعضاء الباطنة والنوم على الجانب الايمن يعلق القلب فيسرع الاقامة والله سبحانه وتعالى اعلم الرابعة الخط والشعر. المسألة الرابعة من المحرمات الخصائص به عليه الصلاة والسلام الخط. فانه كان لا يحسنه على الصحيح. والمقصود بالخط ايها الكرام الكتابة وخط الحروف جملا واسماء وكلاما مفهوما لم يكن يحسنه عليه الصلاة والسلام ولم يكن يتعلمه وهذا معنى وصفه بالامي صلوات الله وسلامه عليه. كما ثبت في قوله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك وقال الذين يتبعون الرسول النبي الامي. وهذا من دلائل معجزاته العظيمة عليه الصلاة والسلام انه كان اميا لا يحسن الخط والكتابة ومع ذلك اتى باعظم كلام واعجزه عند العرب والبلغاء وهو الوحي الذي يأتي من السماء. فلم يكن يقرأ كتابا ليقال قرأ ولم يكن يخطه ليقال نقله من كتب غيره صلوات ربي وسلامه عليه هذا المعنى شبه اتفاق بين العلماء على القول به وتقريره وقول اخر ليس ببعيد عنه انه عليه الصلاة والسلام كان يحسن الخطاء لكنه كان محرما عليه ان يستعمله لمنعه من الله سبحانه وتعالى. فيكون هذا من قبيل المحرمات. فهل نقول الخط والكتابة كانت صورة له لكنها محرمة عليه. فان قلت كذلك اوردناها ها هنا في تعداد المحرمات الخصائص. وان قلت لا بل كان لا الخط فلا يحسن عداد المسألة في المحرمات لانه فرق بين ان تكون المسألة غير مقدورة له عليه الصلاة والسلام وبين ان تكون مقدورة وهو ممنوع منها تحريما صلى الله عليه وسلم. نعم الرابعة الخط والشعر. قرن المصنف بين كتابة وبين الشعر انشاده وصياغته ونظمه منه عليه الصلاة والسلام. نعم. الخط والشعر قال تعالى ولا تخطه يمينك الاية. وقال تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له. الاية. وهما حرامان عليه قال الرافعي وانما يتوجه القول بتحريمهما ممن يقول انه كان يحسنهما. وقد اختلف فيه فقيل كان يحسنهما ويمتنع منهما. والاصح انه كان لا يحسنهما. نعم. قال هنا وهما حرامان عليه وبين معنى التحريم هنا بما نقله عن الرافعي رحمه الله انما يتجه القول بتحريمهما ممن يقول انه كان يعني يستطيع وكان مقدورا له الكتابة ونظم الشعر. لكن ان قلت هو كان غير مقدور له لا يتأتى القول كما سبق بعدها في المحرمات. واما الشعر فصريح قوله تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له اذا كان هذا في معنى الاية الكريمة انه اخبر سبحانه عن نبيه عليه الصلاة والسلام انه لم يؤته معرفة الشعر وانه لا ينبغي له اي لا يصلح له وذلك في تأكيد معنى امتناع هذا الامر عليه صلوات الله وسلامه عليه. وسيأتيك بعد قليل فماذا نقول فيما جرى على لسانه صلى الله عليه وسلم من بعض الجمل التي هي رجز من الشعر او شطر من البيت كما سيأتي في هو ذكر الجواب عنه؟ نعم. قال النووي في الروضة ولا يمتنع تحريمهما وان لم يحسنهما ويكون المراد تحريم التوصل اليهما. نعم. هنا قول اخر الامام النووي لاننا قلنا لا يصلح ان تعد المسألة في المحرمات الا اذا قلنا انه عليه الصلاة والسلام كان يحسن الكتابة والشعر لكن الله حرم عليه ان يكتب وان ينظم الشعر. فان قلت لا بل كان لا يحسنهما لا لا يتأتى عد المسألة في المحرمات فكيف لمن لا يحسن الشيء ان يقول له هو حرام عليك؟ قال النووي لا لا يبعد ان يقال بالتحريم وان كان لا يحسنهما ومعنى التحريم عند تحريم التوصل اليهما. لا يحسن القراءة والكتابة والشعر. لكن حرام عليه ان يتعلمه. وان يطلب وصول اليه قال النووي ولا يمتنع تحريمهما وان لم يحسنهما ويكون المراد تحريم التوصل اليهما. نعم تمسك القائل بانه كان يحسن الكتابة بما رواه البخاري انه عليه الصلاة والسلام كتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله ويجاب بانه امر بها ووقع في اطراف ابي مسعود ووقع في اطراف ابي مسعود الدمشقي انه عليه الصلاة والسلام اخذ الكتاب وليس يحسن ان يكتب فكتب مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدا وكتب هذا ما قاضى عليه محمد. وقال ابن دحية في في كتاب التنوير بعد ان عزاها اليه وهي زيادة من كرة ليست في الصحيحين قال وذكر عمر بن شبة في كتاب الكتاب له انه عليه الصلاة والسلام كتب كتب يوم الحديبية بيده ومحى في قوله الى انه الى انه قصد الكتاب عالما به في ذلك الوقت ولم يعلمه قبله وان ذلك من معجزاته ان يعلم الكتابة في وقته بان ذلك خرق للعادة. نعم اشار هنا الى تمسك القائلين بان نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحسن الكتاب ان يقوى عليها ويقدر عليها ولكنه كان يمتنع عنها او كان ممنوعا منها اشاروا الى ما روى البخاري انه عليه الصلاة والسلام كتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله الى قيصر وحديث كتب الى النجاشي وحديثه كتب الى كسرى وحديث عبد الله بن عكيم كتب الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الاحاديث كلها محمولة على انه امر الكاتب ان يكتب هذه الكتب والخطابات والرسائل الى تلك الجهات الى تلك الامم الى تلك البعوث حتى يكون خطابا لها كما قال في هذا النهي عنه صلى الله عليه واله وسلم في هذا المعنى المنسوب اليه صلوات ربي وسلامه عليه. فقال هذا ما اخرجه البخاري وتمسك القائلون بان هذا مما يستدل به على انه عليه الصلاة والسلام كان يحسن الكتابة واشار الى هنا اي اشار هنا الى ما اخرج ابو مسعود الدمشقي ايضا في كتابه الاطراف انه اخذ الكتاب وليس ان يكتب فكتب مكان رسول الله محمد لفي قصة صلح الحديبية هذا ما قاضى او ما صالح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فابوا فمسحها او محاها فكتب مكانها وقال المصنف رحمه الله بعد قليل هي زيادة من كرة ليست في الصحيحين يعني اللفظ الذي اشار الى كتابته هو عليه الصلاة والسلام بعد مراعاكم الله ان هذه المسألة آآ محل جدل ونقاش بين اهل العلم. والصواب فيها الذي ينبغي فهمها على وجه يزيل اختلاف والالتباس ان نبينا عليه الصلاة والسلام موصوف بالامية. وهذا صريح في قوله الذين يتبعون الرسول النبي الام وانه عليه الصلاة والسلام عصمه الله وحفظه عن القراءة والكتابة قبل النبوة ليكون ذلك ادعى الى تصديقه واظهر اعجازا لنبوته عليه الصلاة والسلام. وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينه. ما كنت من قبله عائد الى القرآن اي وما كنت يا محمد تقرأ قبله ولا تختلف الى اهل الكتاب. بل انزلناه اليك دلالة على غاية الاعجاز والتضمين للغيب الذي جاء به والقصص التي اخبر بها في الوحي. فلو كان ممن يقرأ كتبا ويخطها بحروفها اه لارتاب المبطلون اي من اهل الكتاب. قال مجاهد كان اهل الكتاب يجدون في كتبهم ان محمدا صلى الله عليه وسلم لا خط ولا يقرأ فنزلت الاية. قال النحاس دليلا على نبوته لانه لا يكتب ولا يخالط اهل الكتاب. ولم يكن بمكة اهل فجاءهم باخبار الانبياء والامم فزالت الريبة والشك. اخرج البيهقي من طريق الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن ابن عباس قال وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا يخط ولا تخطه بيمينك قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ولا يكتب واما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال انا امة امية لا نكتب الا نحسب فهذا الحديث صريح في انه كان لا يحسن عليه الصلاة والسلام الكتابة والحساب. واصلح من ذلك ما جاء في قصة الحديبية لما مر عليا ان يكتب كتاب الصلح بينه وبين قريش وكتب فيه هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترض سهيل بن عمرو فقال لو علمنا انك رسول الله ما صددناك. اكتب اسمك واسم ابيك. فقال عليه الصلاة والسلام لعلي امحوا رسول الله فقال والله لا امحوها ابدا. فاخذ رسول الله عليه الصلاة والسلام الكتاب وليس يحسن ويكتب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبدالله هذه الرواية التي اه اشار اليها المصنف رحمه الله. اورد البخاري هذا الحديث في الصلح عن عبيد الله ابن موسى باسناده وليس فيه هذه اللفظة وهي قوله وليس يحسن ويكتب بل لما قال لعلي امحوا رسول الله امتنع علي فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا انكر ابن دحية رحمه الله على ابي مسعود الدمشقي نسبة هذه الزيادة الى تخريج البخاري فقال هي زيادة منكرة ليست في الصحيحين والصوب انها ليست منكرة بل هي ثابتة في البخاري. واما في صحيح مسلم فليست فيه. وقد تمسك بظاهر هذه الرواية. هذا تصويب ابن دحية هي زيادة منكرة ليست في الصحيحين. فالصواب انها عند البخاري من بعض طرق الحديث في صلح الحديبية في كتاب الذي اورد فيه حديث الصلح بين سهيل بن عمرو وما كتب فيه علي بامر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فالصواب اذا فما الصحة الرواية عند الامام البخاري؟ وانه كتب في ذلك اليوم وها هنا سيشير المصنف رحمه الله الى ان ذلك معدود في المعجزات. انه وان لم يكن يحسن ويكتب فانه كتبها كما قال عن غير تعلم وكتابته في وقته خرق للعادة فكان معجزة بحد ذاتها. نعم وقال بهذا القول بعض المحدثين منهم ابو ذر الهروي وابو الفتح النيسابوري والقاضي ابو الوليد الباجي وصنف في ذلك كتابا وقيل انه كتب في ذلك اليوم غير عالم بالكتابة ولا مميز لحروفها. لكنه اخذ القلم بيده فخط به ما لم يميزه هو فاذا هو كتاب ظاهر بين على حسب المراد قال وذهب الى ذلك القاضي ابو جعفر السماني الاصولي قال القاضي ابو الوليد كان من اوكد معجزاته اي ان يكتب من غير تعلم. قال ابن دحية وهذا كله ليس بشيء. وابن دحية مستطردا في اصله بتضعيف الرواية التي فيها اثبات كتابته عليه الصلاة والسلام عند البخاري واعتبارها منكرا. فلذلك خطأ توجيه العلماء ممن قال به ممن سمى المصنف منهم ابا ذر الهروي وابا الفتح النيسابوري والقاضي ابا الوليد الباجي. وانه صنف في ذلك كتابا فرد ذلك كله ابن دحية. وقال عنه انه ليس بشيء وانه طالما لم يثبت فلا حاجة الى تأول وتكلف في بيان معناه. اما وقد ثبتت صحة اللفظة في تخريج البخاري رحمه الله فانما ذكروه وجيه سديد بل هو المتعين غيره ولا شيء سواه. ما الذي يمكن ان تفهم به الرواية الصحيحة الثابتة عند البخاري في صحيحه من انه عليه الصلاة والسلام كتب يوم صلح الحديبية هذا المعنى ومحى رسول الله وكتب ما اسمه عليه الصلاة والسلام هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله. ليس لذلك تفسير الا انه في غاية الاعجاز. الذي اراده الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام من اوكد معجزاته ان يكتب من غير تعلم. والمسألة قد اثارت آآ في زمن قاضي ابي الوليد الباجي لغطا كبيرا. رد على القاضي ابي الوليد وخطأه في جزء كبير. عالم اخر من ائمة المالكية واسمه ابن مفوز الامام الجليل طاهر الشاطبي المعافر كان من كبار تلامذة الامام الحافظ بن عبدالبر وحكى اه حكاية عظيمة في ذلك بل وصل بعضهم الى شدة الانكار على الامام ابي الوليد الباجي وانكر عليه الفقيه ابو بكر بن الصائغ الفقيه الشافعي المسألة وجعل في تضمين هذا القول حكما بالكفر على قائله لانه تكذيب لصريح القرآن. يعني يقول اذا كان الله يقول وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك وانت تثبت انه كان يكتب بيمينه او كتب شيئا فهذا مخالفة معارضة لصريح القرآن وان مخالفة القرآن كفر لانه لا يقوى مسلم على القول بها. فتشنعت المسألة لان الله وصف النبي بالامي وان ذلك تكذيب بالقرآن. وتكلم في ذلك من لم يفهم الكلام واطلقوا الفتنة وقبحوا عند العامة. وتكلم به خطباء او في الجمع حتى قال شاعرهم برئت ممن شرى دنيا باخرة فقال رسول الله قد كتبا. فجاء الامام ابو الوليد الباجي رحمه الله فرسالته بين فيها ان ذلك ليس كفرا وانه ليس معارضة للقرآن وليس قادحا في المعجزة. بل هو مزيد اثبات للاعجاز من وجه اخر قرأ فرجع بذلك جماعة وهدأت المسألة والمراد الاشارة الى مسألة لا زال الجدل فيها كبيرا وهل وصف نبينا عليه الصلاة والسلام بالامي هو وصف تقليل وقدح؟ الجواب لا. بل هو وصف عظام ومزيد في بيان المعجزة الدالة على صدق قوته عليه الصلاة والسلام وان ذلك كان بالنسبة الى جيله وزمنه ومجتمعه كان هو السائد المنتشر الشائع بين اقرانه واهل زمانه قلة التعلم وندرة من يحسن القراءة والكتابة والحساب. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ان امة امية لا اكتب ولا نحسب عليه الصلاة والسلام وقد رد على القاضي ابو الوليد وخطأه في جزء في جزء كبير ابن مفوز العالم ثم حكى حكاية عظيمة في ذلك رؤيا قلت وحديث مجالد حدثني عون ابن عبد الله اشار المصنف ايضا هنا الى ما فعله الامام عمر بن شبة الحافظ الثقة ابو زيد النمري البصري اه اذ الف كتابا سماه الكتاب ويعني اسماء من عرف بالكتابة جمع كاتب واورد من الكتاب نبينا عليه الصلاة والسلام فان قيل كان اميا فكيف تريده في الكتاب؟ قال كتب يوم الحديبية واستند رحمه الله الى الرواية التي في صحيح البخاري انه كتب يوم الحديبة بيده ومحى في قوله الى اخر الحديث وان ذلك آآ كاف في عداده عليه الصلاة والسلام في كتاب العرب. نعم. قلت وحديث مجالد حدثني عون ابن عبد الله عن ابيه قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ وهاه البيهقي انه حديث منقطع وفي رواته جماعة من الضعفاء والمجهولين قلت وقد وقع مثله في قوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا. الاية. وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجز كقوله هل انت الا؟ نعم قبل ان ننتقل الى الرجز وينهي المصنف الحديث عن الكتابة قال حديث مجالد بسنده قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ. قال مجالد فذكرت للشعب قال قد صدق. سمعت من اصحابنا من يذكرون ذلك. قال البيهقي معقبا فهذا حديث منقطع في رواته جماعة من الضعفاء والمجهولين والله تعالى اعلم. فعقب الامام البيهقي الحديث بعد ايراده اياه في السنن الكبرى بتضعيفه بالانقطاع اضافة الى وجود بعض الضعفاء والمجهولين من رواة الحديث. فعادت المسألة الى عدم ثبوت رواية صحيحة بعد بيان هذه المسألة وذكر الادلة فيها كما علمتم وفقكم الله. يحسن قبل ان نختمها في مجلس الليلة ان نشير الى ان اثبات اميته عليه الصلاة والسلام صريح ما ثبتت به ادلة الكتاب والسنة وان كتابته يوم صلح الحديبية كما هو ظاهر لفظ رواية البخاري الصحيحة التي لا يمكن انكارها ولا يصح الحكم عليها بالشذوذ حمل نهى بعض اهل العلم كما سمعت على انه كتب عليه الصلاة والسلام في ذلك الموقف تحديدا فكان اية معجزة. هل يخرجه عن كونه اميا او لا مذهبان لاهل العلم انه لا يزال اميا وان كتب الجملة في ذلك الموقف. ومنهم من يقول بل خرج بذلك عن وصف الامية لكنه لا اقوى ذلك مع صريح الادلة كما تقدم. اما المنكرون لانه كتب عليه الصلاة والسلام قبل صلح الحديبية ولا بعدها وان ما ذكر في رواية البخاري متأولة على وجه يجمع بين اثبات الرواية وحملها على مجموع ما دلت عليه الادلة الاخرى وان معنى قوله كتب ليس بنفسه بل بامره عليا. ودلالة ذلك ما جاء في الرواية فاخذ الكتاب وليس يحسن يكتب دلالة على انه لم يكن يحسنها. قال ارني اياها يعني موضع الكلمة انه محتاج ان يريه موضع الكلمة لو كان يحسن عليه الصلاة والسلام وان قوله كتب فيه حذف تقديره فمحاها فاعادها لعلي فكتب. وبهذا جزم عدد من اهل العلم فكتب بمعنى امر بالكتابة ولهذا قال في حديث البراء عند البخاري صالح النبي عليه الصلاة والسلام اهل الحديبية كتب علي رضي الله عنهم بين كتابا فكتب محمد رسول الله فتحمل الرواية الاولى على ان معنى قوله كتب اي امر الكاتب. ولذلك ورد في الاحاديث الصحيحة كتب بمعنى امر كما تقدم كتب الى كسرى والى قيصر وحديث عبد الله ابن عكيم وغيره. وجواب اخر انه وان كتب اسمه الشريف وهو لا يحسن الكتابة غير ذلك اليوم لا يلزم منه ان يصير عالما بالكتابة او يخرج عن كونه اميا. وكون الكتابة جرت بيده حينئذ وهو لا يحسنها. فخرج المكتوب على وفق المراد تكون معجزة اخرى في اثبات نبوته. صلوات الله وسلامه عليه. واما ما اشار اليه من حديث مجالد بن عون لو صح لك كان نصا في موضع النزاع انه ما مات حتى كتب وقرأ. لو صح لكان نصا لكنه قد تقدم تضعيف الامام البيهقي للمسألة والله الله اعلم