ولعله يحسن بي في ختام الجواب على هذا السؤال ان اضرب مثلا اخر حساسا له علاقة بحياتنا الاجتماعية في هذا الزمان حيث اننا نخالف قوله صلى الله عليه واله وسلم محتجين بفعله مع انه يرد عليه ما ذكرته من الاعتمادات الثلاثة الا وهو شرب كثير من الناس قياما وهم يعلمون ان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد نهى عن الشرب قائما فما جاء في صحيح مسلم من حديث انس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن الشرب قائما وفي رواية زجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن الشر قائما فقيل له ارأيت الاكل قال شر اي الاكل من قيام شر من الشرب منقيا كثير من الناس نراهم يتساهلون فيشربون قياما واذا ما اوردت عليهم هذا الحديث مذكرا لهم بنهيه بل بزجره صلى الله عليه واله وسلم لنا معشر المسلمين عن الشرب قائما بادروك بقوله الم يشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما جوابنا نعم قد ثبت عن النبي صلى الله عليه واله وسلم بغير ما حديث وفي غيرنا حالة واحدة انه شرب قائما ولكن من عملوا وامامنا حديث من قوله صلى الله عليه واله وسلم وهو زجره عن الشرب قائما وعندنا ايضا فعله صلى الله عليه واله وسلم وهو شربه قائما اذا عرفتم القاعدة السابقة وحاولتم التوفيق بين نهيه وفعله لابد انكم ستجدون انفسكم اذا سلمتم بها للعلم ان تقولوا وربما ان النبي صلى الله عليه واله وسلم شرب قائما لانه لم يتمكن من الشرب قاعدا وهذا يلاحظه الباحثون المتفقهون باحاديث النبي صلى الله عليه واله وسلم في بعض الاحاديث التي جاء فيها انه صلى الله عليه واله وسلم شرب قائما حيث في هذا الحديث وهو في سنن الترمذي وغيره ان النبي صلى الله عليه واله وسلم جاء الى قربة معلقة فحل وكاءها وشرب منها قائما اي ان القربة كانت معلقة وليس من السهل بانزال القربة والشرب منها وهو عليه الصلاة والسلام جالس تصور هذه القصة يغنينا عن محاولة التكرر في بيان السبب الذي شرب عليه الصلاة والسلام قائما فالاحاديث التي ليس فيها بيان السبب تحمل اما على هذا المحمل وهو العذر واما على محمل ثان وهو ان يكون الشرب قبل النهي واما على المحمل الاخير ان يكون ذلك حكما خاصا به عليه الصلاة والسلام بعض العلماء ممن عالجوا هذه المسألة حاولوا الجمع بين الفعل والقول والمحاولة في الاصل امر مطلوب. ولكن بشرط ان تكون المحاولة ليس فيها تكلف وليس فيها تعطيل لقوله عليه الصلاة والسلام بوجه من وجوه التأويل كما سترون فيما يأتي قالوا توفيقا بين فعله صلى الله عليه وسلم بين شربه قائما وبين نهي عن الشرب قائما نحمل النهي على التنزيه اي يكون الحكم ان الشرب قياما هو مكروه وليس بحرام والاولى ان يشرب الشارب جالسا هذا ما قاله بعض اهل العلم ومنهم الامام النووي لكن هذا جمع وقف عند لفظ نهى لكنه لو تعدى نظر الجامع المذكور الى الرواية الاخرى التي تقول زجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن الشرب قائما لوجد نفسه غير موفق في ذلك التوفيق لان الزجر اقوى من النهي الزجل كما لو كان النص حرم رسول الله الشرب قائما حينئذ لا سبيل الى تأويل التحريم الى الكراهة التنزيهية ولذلك والتأويل السابق كان يمكن ان يكون فائغا ومقبولا لولا الرواية الاخرى زجر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عن الشرب قائما اما وهي ايضا صحيحة وفي صحيح مسلم وبذلك يثبت ان ذلك التأويل تأويل هزيل لا ينبغي الاعتماد عليه يزداد التأويل المذكور ضعفا على ضعف فيما اذا تذكرنا حديثا اخر اخرجه الامام مسلم افضل اخرج معناه الامام مسلم في صحيحه اما اللفظ فاخرجه الامام احمد بمسنده ان النبي صلى الله عليه واله وسلم رأى رجلا يشرب قائما فقال له يا فلان اترضى ان يشرب معك الهر قال لا يا رسول الله قال فقد شرب معك من هو شر من الهر الشيطان شرب معك الشيطان لانك شربت قائما ثم قال له عليه الصلاة والسلام او لغيري ممن شرب قائما في في امره بان يستفرغ الماء الذي شربه قائما اهذا حكم المكروه كراهة تنزيهية ان يكلف ان يكلف من ارتكب مكروها ان يشق على نفسه وان يستفرغ ما في بطنه من الماء ليس هذا سبيل المكروهات وانما هو سبيل المحرمات ثم اذا كان الشيطان قد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بانه قد شارك هذا الشارب للماء قائما فيكون هذا ايضا مكروها كراهة تنزيهية الجواب كلا ثم كلا ثم كلا وختام القول ان هذا مثال صالح كيف ينبغي او لماذا قال اهل العلم بانه اذا تعارض القول مع الفعل قدم القول على الفعل هذا امر لا يشك فيه من تتبع الاحكام الشريعة في احاديث النبي صلى الله عليه واله وسلم فانه سيجد نفسه مضطرا الى القول بما قاله هؤلاء العلماء انه اذا تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله قدم القول على الفعل هذا حينما لا يمكن التوفيق بين فعله وقوله كما ضربنا لكم انفا مثل الشرب قياما ومثل التزوج لاكثر من اربع وفي هذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين. قامت بتسجيل هذه المادة تسجيلات الاثار الاسلامية جدة حي السلامة مركز الزومان التجاري امام مسجد خزائن الرحمن تأخذ بيدك الى الجنة