نذكر الان لدعم هذا ما جاء في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم بالسند الصحيح يقينا عن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه ان رهطا جاءوا الى النبي صلى الله عليه واله وسلم فسألوا نساءه حيث لم يجدوه هو نفسه وعليه السلام سألوهن عن عبادته عن قيامه في الليل وعن صيامه في النهار وعن اتيانه للنساء فذكرنا لهم ما يعلمن من ذلك من هديه عليه السلام والهدي هذا خير هدى على وجه الارض كما تسمعون منا ومن غيرنا في افتتاح خطبنا وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه واله وسلم ذكرن لهم انه عليه الصلاة والسلام كان يصوم ويفطر وكان يقوم الليل وينام وكان يتزوج النساء قال انس لما سمعوا ذلك من نساء النبي صلى الله عليه واله وسلم تقالوها اي وجدوا عبادته صلى الله عليه واله وسلم قليلا فقالوها بناء على ما كان قد قام في اذهانهم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لابد ان يقوم الليل كله وان يصوم الدهر كله والا وان يكون راهبا لا اقربوا نساءه ففوجئوا بما لم يكن في خاطرهم وعللوا ذلك بعد ان تقالوا عبادته عليه السلام عادوا الى انفسهم معنالوا تلك القلة التي زعموها خطأ منهم ولا شك وقالوا هذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكأنهم يقولون عفا الله عن قولهم وخطأهم ان النبي صلى الله عليه واله وسلم انما اقتصر على هذه العبادة التي تقالوها لان الله قد غفر له ولم يبقى لديه وازع يحمله على ان يكثر من العبادة ربه عز وجل هذا خطأ منهم ولا شك لانهم لم يعلموا ان تلك العبادة التي تقالوها كانت عبادة لا يستطيعها اعبد البشر حتى ولو كان داوود عليه الصلاة والسلام الذي صح في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال كان داود اعبد البشر لم يعلم هؤلاء الرهط ان النبي صلى الله عليه واله وسلم في تلك العبادة كان اعبد الناس وكانت عبادته لا يستطيعها اعبد الناس كما ذكرت انفا وذلك مما استدعى انه سئل وقيل له عليه الصلاة والسلام لما وجدوه وجده العارفون بعبادته وليس اولئك الرهب الجاهلون بعبادته العارفون بعبادته عليه الصلاة والسلام اشفقوا عليه لانهم رأوه قد قام حتى تفطرت قدماه وقالوا له يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. اي يعنون اشفق يا رسول الله بنفسك وارفق بها وقد تعبت وتشققت قدماك فكان جوابه عليه السلام افلا اكون عبدا شكورا هذا رد للتعليل الفاسد الذي صدر من اولئك الرهط حيث عللوا قلة عبادته صلى الله عليه واله وسلم بان الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لم يعلموا ان النبي قد قام حتى تشققت قدماه فلما قيل لهما قال افلا اكون عبدا شكورا بناء على ما توهموا من قلة عبادة النبي صلى الله عليه واله وسلم وما علموا من ان الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام في نفوس كل واحد من اولئك الرأي انه يجب على كل واحد منهم ان يبالغ في العبادة وان يزيد على ما سمع من عبادة النبي صلى الله عليه واله وسلم من صيامه وقيامه وقربانه لنسائه فتعاهدوا بينهم على ما يأتي اما احدهم وقال اني اقوم الليل ولا انام وقال الثاني اما انا فاصوم الدهر ولا افطر اما الثالث فقال اني لا اتزوج النساء لماذا؟ لانهم ظنوا ان التزوج بالنساء مشغلة وصارف عن تمام العبادة لله عز وجل خزائن الرحمن تأخذ بيدك الى الجنة