يقول الله تبارك وتعالى انا انزلناه في ليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر انا انزلناه الضمير هنا يعود الى الله عز وجل والهاء في قوله انزلناه يعود الى القرآن وذكر الله تعالى نفسه بالعظمة انا انزلناه دون ان يقول اني انزلته لانه سبحانه وتعالى العظيم الذي لا اعظم لا شيء اعظم منه والله تعالى يذكر نفسه احيانا بصيغة العظمة مثل هذه الاية الكريمة انا انزلناه في ليلة القدر ومثل قوله تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ومثل قوله تعالى انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارهم وكل شيء احصيناه فيما من مبين واحيانا يذكر نفسه بصيغة الواحد مثل اني انا الله لا اله الا انا فاعبدني واقم الصلاة ليك وذلك لانه واحد عظيم فباعتبار الصفة يأتي ضمير العظمة وباعتبار الوحدانية يأتي ضمير الواحد والضمير في قوله انزلناه اعني ضمير المفعول به وهي الهاء يعود الى القرآن وان لم يسبق له ذكر لان هذا امر معلوم ولا يمتلي احد بان المراد بذلك انزال القرآن الكريم انزله الله تعالى في ليلة القدر. فما معنى انزاله في ليلة القدر الصحيح ان معناها ابتدأنا انزاله في ليلة القدر وليلة القدر في رمضان لا شك في هذا ودليل ذلك قوله تعالى شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فاذا جمعت هذه الاية اعني شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن نعم اعني شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن الى هذه الاية التي نحن بصدد الكلام عليها تبين لك ان ليلة القدر في رمضان وبهذا نعرف ان ما اشتهر عند العامة من ان ليلة القدر هي ليلة النصف من شهر شعبان لا اصل له ولا حقيقة له فان ليلة القدر في رمضان وليلة النصف من شعبان كليلة النصف من رجب وجمادى وربيع وسفر ومحرم وغيرهن من الشهور لا تختص بشيء حتى ما ورد في فضل القيام فيها فهو احاديث ظعيفة لا تقوم بها حجة وكذلك ما ورد من تخصيص يومها وهو يوم النصف من شعبان بصيام فانها احاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة لكن بعض العلماء رحمهم الله يتساهلون في ذكر الاحاديث الضعيفة فيما يتعلق بالفظائل فضائل الاعمال او الشهور او الاماكن وهذا امر لا ينبغي وذلك لانك اذا تقتل احاديث الضعيفة في فضل شيء ما فان السامع سوف يعتقد ان ذلك صحيح وينسبه الى الرسول عليه الصلاة والسلام وهذا شيء كبير فالمهم ان يوم النصف من شعبان وليلة النصف من شعبان لا يختصان بشيء دون سائر الشهور فلا في النصر لا تختص بفظل القيام ولكن النصف ليست ليلة القدر ويوم النصف لا يختص بصيام بصيام نعم شهر شعبان ثبتت السنة بان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يكثر الصيام فيه حتى لا يفطر منه الا قليلا وما سوى ذلك مما يتعلق بصيامه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا ما لسائر الشهور كفضل صوم ثلاثة ايام من كل شهر وان تكون في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر وهي ايام البيض وقوله تعالى في ليلة القدر ما معنى القدر؟ هل هو الشرف كما يقال فلان ذو قدر عظيم او ذو قدر كبير اي ذو شرف كبير او المراد بالقدر التقدير لانه يقدر فيها ما يكون في السنة لقول الله تعالى انا انزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل امر حكيم اي يفصل ويبين من العلماء من قال هذا ومن العلماء من قال بهذا والصحيح انه شامل للمعنيين فليلة القدر لا شك انها انها ذات قدر عظيم وشرف كبير وانه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من الاحياء والاماتة والارزاق وغير ذلك ثم قال جل وعلا وما ادراك ما ليلة القدر وهذه الجملة بهذه الصيغة يستفاد منها التعظيم والتفخيم وهي مطردة في القرآن الكريم قال الله تعالى وما ادراك ما يوم الدين ثم ما ادراك ما يوم الدين وقال تعالى الحاقة ما الحاقة القارعة ما القارعة وما ادراك ما القارعة فهذا هذه الصيغة تعني التفخيم والتعظيم فهنا قال وما ادراك ما ليلة القدر؟ اي ما على ما كان ليلة القدر وشأنها وشرفها وعظمها ثم بين هذا بقوله ليلة القدر خير من الف شهر وهذه جملة كالجواب للاستفهام الذي سبقها وهو قوله وما ادراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من الف شهر اي من الف شهر ليس فيه ليلة القدر والمراد بالخيرية هنا ثواب العمل فيها وما ينزل الله تعالى فيها من الخير والبركة على هذه الامة ثم ذكر ما يحدث في تلك الليلة فقال تنزل الملائكة والروح فيها تنزل اي تنزل شيئا فشيئا لان الملائكة سكان السماوات والسماوات فتنزل الملائكة الى الارض شيئا فشيئا حتى تملأ الاخرة ونزول الملائكة في الارض عنوان على الرحمة والخير والبركة ولهذا اذا امتنعت الملائكة من دخول شيء كان ذلك دليلا على ان هذا المكان الذي امتنعت الملائكة من دخوله قد يخلو من الخير والبركة المكان الذي الذي فيه الصور فان الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة يعني سورة محرمة لان الصورة اذا كانت ممتهنة بفراش او مخدة فاكثر العلماء على انها جائزة وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من من دخول المكان لانها لانها لانه لو لو امتنعت لكان ذلك ممنوعا فالملائكة تتنزل في ليلة القدر بكثرة ونزولهم خير وبركة وقوله باذن ربهم اي بامره والمراد به الاذن الكوني لان اذن الله اي امره ننقسم الى قسمين اذن كوني واذن شرعي فقوله تعالى شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله اي ما لم يأذن به شرعا لانه قد اذن به قدرا فقد شرع من دون الله لكنه لكنه ليس باذن الله الشرعي واذن قدري كما في هذه الاية باذن ربهم اي بامره القدري وقوله من كل امر قيل ان من بمعنى الباء اي بكل امر اي بكل امر مما يأمره الله مما يأمرهم الله به وهو مبهم لا نعلم ما هو لكننا نقول ان تنزل الملائكة في الارض عنوان على الخير والرحمة والبركة كلام هي الجملة هنا مكونة من مبتدأ وخبر والخبر فيها مقدم والتقدير هي سلام اي هذه الليلة سلام ووصفها الله تعالى بالسلام لكثرة من يسلم فيها من الاثام وعقوباتها قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومغفرة الذنوب لا شك انها سلامة من وبائها وعقوباتها هي حتى مطلع الفجر او تتنزل الملائكة في هذه الليلة حتى مطلع الفجر اي الى مطلع الفجر واذا طلع الفجر انتهت ليلة القدر اه سبق ان قلنا ان ليلة القدر في رمضان لا شك لكن في اي جزء من رمضان افي اوله او وسطه او اخره نقول للجواب عنه على هذا ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعتكف العشر الاول ثم العشر الاوسط تحريا لليلة القدر ثم قيل له انها في العشر الاواخر اعتكف العشر الاواخر اذا فهي اعني ليلة القدر في العشر الاواخر من رمضان وفي اي ليلة منها الله اعلم قد تكون في ليلة احدى وعشرين او في ليلة ثلاثين او فيما بينهما لم يأتي تحديد لها في ليلة معينة كل عام ولهذا اري النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلة القدر ليلة احدى وعشرين وراء في المنام انه يسجد في صبيحتها في الماء والطين فامطرت السماء تلك الليلة اي ليلة ليلة احدى وعشرين فصلى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في مسجده وكان مسجده من عريش لا يمنع تسرب الماء الى السقي فسجد النبي صلى الله عليه وسلم صباحها ايت في صلاة الفجر بالماء والطين ورأى الصحابة رضي الله عنهم على جبهته اثر الماء والطيب ففي تلك الليلة كانت في ليلة احدى وعشرين ومع ذلك قال التمسوها في العشر الاواخر وفي رواية في الوتر من العشر الاواخر ورآها الصحابة ذات سنة من من السنين في السبع الاواخر فقال صلى الله عليه وسلم ارى رؤياكم قد تواطأت في السبع الاواخر فمن كان متحديها فليتحراها في السبع الاواخر يعني في تلك السنة اما في بقية الاعوام فهي في كل العشر فليست معينة لكن ارجاها ليلة سبع وعشرين ارجى ما تكون ليلة ليلتها سبع وعشرين وقد تكون مثلا في هذا العام ليلة سبع وعشرين وفي العام الثاني ليلة احدى وعشرين وفي العام الثالث ليلة خمس وعشرين وهكذا وانما ابهمه الله عز وجل لفائدتين عظيمتين الفائدة الاولى بيان الصادق في طلبها من المتكاسل لان الصادق في طلبها لا يهمه ان يتعب عشر ليال من اجل ان يدركها والمتكاسل قد يكسل يقول ما دام لا ادري اي ليلة هي يكسل ان يقوم عشر ليال من اجل ليلة واحدة الفائدة الثانية كثرة ثواب المسلمين بكثافة الاعمال لانه كلما كثر العمل كثر الثواب وبهذه المناسبة اود ان انبه الى غلط كثير من الناس في الوقت الحاضر حيث يتحرون ليلة سبع وعشرين في اداء اداء العمرة فانك في ليلة سبع وعشرين تجد المسجد الحرام قد خص بالناس وكثروا وتخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة من البدع لان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يخصصها بعمرة في فعله ولم يخصصها اي ليلة حسب عشرين بعمرة في قوله فلم يعتمل ليلة سبع وعشرين من رمضان مع انه كان في عام الفتح ليلة سبع وعشرين من رمضان كان في مكة ولم يعتني ولم يقل للامة تحروا ليلة سبع وعشرين بالعمرة او بالعمرة لم يقل للامة تحروا ليلة سبع وعشرين بالعمرة وانما امر ان نتحرى ليلة سبع وعشرين بالقيام فيها لا بالعمرة وبه يتبين خطأ خطأ كثير من الناس وبه ايضا يتبين ان الناس ربما يأخذون دينهم كابرا عن كابر على غير اساس من الشرع احذر ان تعبد الله الا على بصيرة بدليل من كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم او عمل الخلفاء الراشدين الذين امرنا باتباع سنتهم