كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون هم الفاسقون. يمدح تعالى هذه الامة ويخبر انها خير الامم التي اخرجها الله للناس. وذلك بتكميلهم لانفسهم بالايمان المستلزم للقيام بكل ما امر الله به. وبتكميلهم لغيرهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر. المتضمن دعوة الخلق الى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم. فبهذا كانوا خير امة اخرجت للناس. لما كانت الاية السابقة وهي قوله ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. امرا منه تعالى لهذه الامة والامر قد يمتثله المأمون ويقوم به وقد لا يقوم به. اخبر في هذه الاية ان الامة قد قامت بما امره الله بالقيام به. وامتثلت امر ربها واستحقت الفضل عليه كسائر الامم ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم. وفي هذا من دعوته بلطف الخطاب ما يدعوهم الى الايمان. ولكن لم يؤمن منهم الا قليل واكثرهم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله. المعادون لاولياء الله بانواع العداوة. ولكن من لطف الله بعباده المؤمنين. انه رد كيدهم في نحورهم فليس على المؤمنين منهم ضرر في اديانهم ولا ابدانهم. وانما غاية ما يصلون اليه من الاذى. اذية الكلام التي لا سبيل الى السلامة منها من كل معادي. فلو قاتلوا المؤمنين لو الادبار فرارا ثم تستمر هزيمتهم ويدوم ذلهم. ولا هم ينصرون في وقت من الاوقات ولهذا اخبر تعالى انه عاقبهم بالذلة في بواطنهم المسكنة على ظواهرهم الا بحبل من الله بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة. ذلك بانهم هم كانوا يكفرون بايات الله ويقتلون الانبياء بغير حق. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. فلا يستقرون ولا يطمئنون الا بحبل اي عهد من الله وحبل من الناس. فلا يقول اليهود الا تحت احكام المسلمين وعهدهم تؤخذ منهم الجزية او يستذلون او تحت احكام النصارى. وقد باؤوا مع ذلك بغضب من الله وهذا اعظم العقوبات والسبب الذي اوصلهم الى هذه الحال ذكره الله بقوله التي انزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الموجبة لليقين والايمان فكفروا بها بغيا ينادى ويقتلون الانبياء بغير حق. اي يقابلون انبياء الله الذين يحسنون اليهم اعظم احسان. باشر مقابلة وهو القتل هل بعد هذه الجراءة والجناية شيء اعظم منها؟ وذلك كله بسبب عصيانهم واعتدائهم. فهو الذي جرأهم على الكفر بالله وقتل انبياء الله ثم قال تعالى ليسوا سواء من اهل الكتاب امة لما بينت على الفرقة الفاسقة من اهل الكتاب. وبين افعالهم وعقوباتهم بين ها هنا الامة المستقيمة. وبين افعالها وثوابها. فاخبر انهم لا عنده بل بينه من الفرق ما لا يمكن وصفه. فاما تلك الطائفة الفاسقة فقد مضى وصفهم. واما هؤلاء المؤمنون. فقال تعالى من هم امة قائمة اي مستقيمة على دين الله. قائمة بما الزمها الله به من المأمورات. ومن ذلك قيامها بالصلاة. يتلون ايات الله اناء الليل وهم يسجدون. وهذا بيان لصلاتهم في اوقات الليل. وطول تهجدهم وتلاوتهم لكتاب ربهم. وايثارهم الخضوع والركوع والسجود يؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات يؤمنون بالله واليوم الاخر اي عن المؤمنين ايمانا يوجب لهم الايمان بكل نبي ارسله. وكل كتاب انزله الله وخص الايمان باليوم الاخر. لان الايمان الحقيقي باليوم اخر يحث المؤمن به على ما يقربه الى الله. وترك كل ما يعاقب عليه في ذلك اليوم. ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حصل منهم تكميل انفسهم بالايمان ولوازمه. وتكميل غيرهم بامرهم بكل خير. ونهيهم عن كل شر. ومن ذلك حثهم اهل دينهم وغيرهم على الايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم وصفهم بالهمم العالية وانهم يسارعون في الخيرات. اي يبادرون اليها فينتهزون الفرصة فيها ويفعلونها في اول وقت امكانها. وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده. وحسن عوائده. فهؤلاء الذين وصفهم الله بهذا هذه الصفات الجميلة والافعال الجليلة من الصالحين الذين يدخلهم الله في رحمته ويتغمدهم بغفرانه وينيلهم من فضله واحسانه وما يفعل من خير فلن يكفر والله عليم بالمتقين وانهم مهما فعلوا من خير قليلا كان او كثيرا فلن يكفروه. اي لن يحرموه ويفوتوا اجره. بل يثيبهم الله على ذلك اكثر الثواب ولكن الاعمال ثوابها تبع لما يقوم بقلب صاحبها من الايمان والتقوى. فلهذا قال والله عليم بالمتقين. كما قال الله تعالى انما يتقبل الله من المتقين