السلام عليكم ورحمة الله. احبتي الكرام لا زلنا في سلسلة فن احسان الظن بالله. سنختم الحديث عن تأمل اسماء الله تعالى وصفاته بالحديث عن ستر الله على عباده. صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله حيي ستير. ان الله حيي ستير. قد تبتلى فيتعاطف الناس معك ويدافعون عنك ويذكرون افضل صفاتك. ويثنون عليك ثناء عطرا. حينئذ اياك ان تغتر بنفسك بل تذكر ان هذا كله انما هو من فضل الله الذي اظهر الجميل وستر القبيح. فلو اظهر اقبح ما عندك فلعله انفضوا عنك وقالوا عنك انما ابتلي بسوء اعماله. انما ابتلي بسوء اعماله. وتصور كم سيكون مؤلما ان تسمع هذه كلمة وكم ستزيد همك؟ ليس هذا الكلام للعصاة فقط فليس منا احد في قلبه حياة الا ويعلم من نفسه اشياء يحبها وان يسترها الله تعالى. فكل بني ادم خطاء. فتش في نفسك. ان لم تكن تسر معصية الان فقد عصيت الله في ماضيك ولابد كان من الممكن ان يطلع عباد الله على ذلك فتهتز صورتك في عيونهم بعد ان احبوك ولكن الله سترك. بل قد تكون تساهلت وفي تناقل ما ينسب الى اخيك المسلم من نقيصة مفترات عليه. من نقيصة مفتراة عليه وتقول العهدة على الراوي. فتسببت في ان يشيع عنه ما ليس فيه مع ان الله سترك على ما فيك. لن تخلو مما تحب ستره. ان لم تكن معصية فتقصير في ان لم تكن معصية فموقف يمكن ان يساء تفسيره فيسوء ظن الناس بك. لكن الله تعالى سترك. او نقطة ضعف في يمكن ان يفرح بها خصومك. ان لم تكن معصية بالجوارح فافكار تجول في الخاطر او خلجات في النفس ان اطلع عليها الناس فانها صورتك لكن الله سترك. اعود فاقول يعرف هذا من نفسه كل من في قلبه حياة. اما من مات قلبه فانه يستمرئ المنكر نفسه ولا يعظم حق ربه فيستصغر معصيته ويستكثر طاعته. فان كنت لا ترى ستر الله عليك فهذا دلالة خطيرة ان قلبك قد قسى وما عاد يرى فضل الله بالستر عليك. دلالة ان المعصية هانت عليك لهوان حق الله عندك. ومما هونها ان الله لم يفضحك بها. فلو اطلع الناس عليها ورأيت نصرتهم عنك وسقوطك من عينهم حينئذ لندمت عليها وعظمت في عينك لكن لم يطلع عليها الا الله وهان عندك حق الله فهانت عليك معصيتك. نبهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ان كل واحد منا يمكن ان يكشف ستره من حيث لم يحتسب فقال يا معشر من اسلم بلسانه ولم يفضي الايمان الى قلبه ولم يفضي الايمان الى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من تتبع عورة اخيه المسلم تتبع الله عورته. ومن تتبع الله عورته ضحوا ولو في جوف رحله. فكر وتذكر وتدبر كم مرة سترك الله تعالى. لتحب ربك الستير سبحانه. عندما تكون في في جنازة فتسمع ثناء الناس على الميت. تصور كم مرة يعصي الانسان ربه في مدة حياته؟ ستين او سبعين سنة ثم عند الموت يذكره الناس بخير ويستره الله. بل انظر الى تواصل ستر الله على عباده المؤمنين يوم القيامة. في الحديث الذي رواه البخاري ان رسول الله صلى الله الله عليه وسلم قال ان الله يبني المؤمن اي يوم القيامة. فيضع عليه كنفه ويستره فيقول اتعرف ذنب كذا؟ اتعرف بكذا فيقول نعم اي ربك. حتى اذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه انه هلك. قال سترتها عليك في الدنيا وانا اغفرها لك اليوم. سترتها عليك في الدنيا. وانا اغفرها لك اليوم. فيعطى كتاب حسناته. تصور معاصي سترها الله في الدنيا فلم يعلم بها الا الله. ثم صاحبها والحفظة من الملائكة. ثم سترها الله بعد وفاة صاحبها ثم سترها يوم القيامة فدفنت وكانها ما كانت ولا يظهر الله الا محاسن صاحبها فيعطى كتاب حسناته فينطلق ويقول هاء مقرؤوا كتابية كيف ايها العبد لو لم يسترها الله اكنت تقول للعالمين هاؤم اقرأوا كتابي؟ بل قد تعمل عملا لله تعالى تسر به لئلا يدخل قلبك الرياء فيقبله ربك عز وجل. ثم يظهر هذا العمل على يد اعدائك فيزيد محبتك في قلوب الناس. ويرفع قدرك عندهم انك اسررت ويعود عدوك خاسئا مدحورا. واذا اراد الله نشر فضيلة طويت اتاح لها لسان حسود. لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان ما يعرف طيب عرف العود فاشكر الله الذي فعل هذا بحسناتك ولم يفعله بمعاصيك وسيئاتك. وان اثنى عليك المثنون فتذكر على الفور ان تشكر الله الذي سترك وتصور لو ان للمعاصي صغيرها وكبيرها رائحة تفوح او علامة تظهر على جبهتك كيف سيكون الحال؟ وتذكر قول ابي بمحمد الاندلسي القحطاني مخاطبا رب العزة عز وجل انت الذي صورتني وخلقتني وهديتني لشرائع الايمان انت الذي يا ويتني وحبوتني وهديتني من حيرة الخذلان. وزرعت لي بين القلوب مودة والعطف منك برحمة وحنان. ونشرت لي للعالمين محاسنا وسترت عن ابصارهم عصياني. والله لو علموا قبيح سريرتي لابى السلام علي من يلقاني. ولا فرضوا عني وملوا صحبتي ولبؤت بعد كرامة بهواني لكن سترت معايبي ومثالبي وعفوت عن سقطي وعن طغياني المحامد والمدائح كلها بخواطر وجوانحي ولساني ولك المحامد ربنا حمدا كما يرضيك لا يبلى على الازمان وعلى رسولك افضل الصلوات منك والتسليم واكمل الرضوان. ختاما عرفانا لله تعالى بالجميل ان سترك. وحتى يستمر ستره عليك استر على عباد الله فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. وقال في الحديث الذي صححه الالباني من غسل ميتا فكتم عليه غفر الله له اربعين مرة. يعني قد ترى من الميت شيئا يسوءه لو كان حيا ان يطلع عليه الناس علامات سوء خاتمة مرض اثار وشم قبل الالتزام حتى على مستوى قلة عناية بنظافة ملابسه او جسده. سترك الله فاستر على عباد الله وكلما دعتك نفسك الى الحديث عن عيوب الناس فتذكر ستر الله عليك والسلام عليكم ورحمة الله