السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اخواني واخواتي ما زلنا في سلسلة فن احسان الظن بالله. ولا زلنا نبني حبنا لله تعالى على اسس سليمة تأمل اسمائه سبحانه وتعالى وصفاته. في الحلقات الماضية تأملنا حكمة الله وتودده لعباده واعانته لمن استعان به في البلاء اليوم سنتأمل صفة جديدة من صفات ربنا الحبيب عندما تتأملها وانت في رحم المعاناة يزداد حبك لخالقك ومولاك انها رحمة الله. تعالوا نتأمل جمال هذه الرحمة حتى نطمع فيها ثم نعرف كيف نحصلها. رحمة الله مصدر الفرح الاعظم امرنا الله ان نفرح بها فقال قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون فبذلك اسلوب الحصر لانها اولى ما يفرح به. لان هذه الرحمة هي مصدر الفرح الحقيقي. الذي لا ينضب ولا يتأثر بالظروف. اولى من متاع الدنيا الفانية. عرف المفسرون هذا الفضل والرحمة بانهما الايمان والقرآن. هذان مصدر فرح تحمله في صدرك بك في السراء والضراء والشدة والرخاء. ايمانك بالله تأملك لاسمائه وصفاته شوقك الى لقائه. اطمئنانك الى معيته وانتظار كرامته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. هل يملك احد ان يمسك هذه الرحمة او يمنعها من الوصول الى من عباد الله؟ لا والله. قال الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. السيد قطب رحمه الله له تأملات جميلة جدا في هذه الاية. ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك الجميل انه كتبها وهو يعاني من المرض والسجن الطويل في ظروف صعبة. قبل ان يعدم. لانه كان ينادي بافراد الله عز وجل الحاكمية. قال بالمعنى رحمه الله ان هذه الاية حين تستقر في القلب تحدث تحولا جذريا في مشاعر الانسان وموازينه. فتيأسه ومن كل رحمة في الارض وتعلقه برحمة الله. تلك الرحمة التي يستشعرها قلب المؤمن في كل وضع ولو فقد كل شيء. فمن انعم الله عليه بهذه الرحمة ينام على الشوك فاذا هو مهاد لين. بينما من فقد هذه الرحمة ينام على الحرير فيجده شوكا لان الله تعالى قال وفي الاية نفسها وما يمسك يعني من الرحمة فلا مرسل له من بعده. فان امسك الله رحمته عن عبد فقوى الارض كلها لا تعارض مشيئة الله ولا تنزل رحمته بهذا العبد. ثم قال سيد قطب رحمه الله ومن رحمة الله ان تحس برحمة الله. فرحمة الله تضمك وتغمرك وتفيض عليك. ولكن شعورك بوجودها هو الرحمة. ورجائك فيها وتطلعك اليها الرحمة وثقتك بها وتوقعك في كل امر اياها هو الرحمة. والعذاب هو العذاب في احتجابك عنها او يأسك منها او شكك فيها وهو عذاب لا يصب الله لا يصبه الله على مؤمن ابدا. انه لا ييأس من روح الله الا قوم الكافرون. اذا عندما تحس برحمة الله وترجو رحمة الله رحمة الله وتنتظر رحمة الله عز وجل وتتوقعها. فان هذا من لله سبحانه وتعالى ثم قال ورحمة الله لا تعز على طالب في اي مكان ولا في اي حال. وجدها ابراهيم عليه السلام في النار ووجدها يوسف عليه السلام في الجب كما وجدها في السجن ووجدها يوسف عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث. ووجدها موسى عليه السلام في اليم وهو هو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه. ووجدها اصحاب الكهف في حين افتقدوها في القصور والدور. فقال بعضهم لبعض فاووا الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته. ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الاثار. ووجدها كل من اوى اليها يأسا من كل ما سواه اه اي طمأنينة واي قرار واي وضوح في التصورات والمشاعر والقيم والموازين تقره هذه الاية في الضمير اية واحدة ترسم للحياة صورة جديدة وتنشئ في الشعور قيما لهذه الحياة ثابتة وموازين لا تهتز ولا تتأرجح ولا تتأثر بالمؤثرات كلها. اذا اخي ايا كان بلاؤك. انتظر رحمة الله وارجو رحمة الله وتوقع رحمة الله. وسيرحمك الله عز وجل ثم قال سيد وهنا انقل قوله باختصار ويبقى ان اتوجه انا بالحمد لله على رحمة منه خاصة عرفتها منه في هذه الاية لقد واجهتني هذه الاية في هذه اللحظة وانا في عسر وجهد وضيق ومشقة واجهتني في لحظة جفاف روحي وشقائي نفسي وضيق بضائقة وعسر من مشقة. ويسر الله لي ان اطلع منها من هذه الاية على حقيقتها. وان تسكب حقيقتها في كأنما هي رحيق ارشفه واحس سريانه ودبيبه في كياني. حقيقة اذوقها لا معنى ادركه. فكانت رحمة بذاتها اي هذه الاية بحد ذاتها احسها رحمة خاصة له من الله عز وجل في لحظة عسره تلك. فكانت رحمة بذاتها وقد قرأتها من قبل كثيرا ومررت بها من قبل كثيرا. ولكنها اللحظة تسكب رحيقها وتحقق معناها وتنزل حقيقتها المجردة وتقول ها انا ذا نموذجا من رحمة الله حين يفتحها فانظر كيف تكون. انه لم يتغير شيء مما حولي قال انه في سجن لم يتغير شيء مما حولي. ولكن لقد تغير كل شيء في حسي. ولكن لقد تغير كل شيء في حسي انها نعمة ضخمة ان يتفتح القلب لحقيقة كبرى من حقائق هذا الوجود. كالحقيقة الكبرى التي تتضمنها هذه الاية انه ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. نعمة يتذوقها الانسان ويعيشها ولكنه قل ما يقدر على تصويرها او نقلها للاخرين عن طريق الكتابة. وقد عشتها وتذوقتها وعرفتها وتم هذا كله في اشد للحظات الضيق والجفاف التي مرت بي في حياتي. وها انا ذا اجد الفرج والفرح والرية والاسترواح والانطلاق من كل قيد ومن كل كرب ومن كل ضيق وانا في مكاني وانا في مكاني. انها رحمة الله يفتح الله بابها. ويسكب فيضها في اية من اياته. انتهى كلامه رحمه الله. كلام جميل جدا. من انسان احس فجأة برحمة الله فاغنته عن الدنيا كلها. وهونت عليه المصاعب كلها. اخواني انت في الاوضاع الاعتيادية عندما تحس بالفرح فانك قد تعزو هذا الفرح الى الاسباب المادية. صحتك مالك مكانتك زوجتك اولادك ما تتلذذ به من طعام وشراب لكن عندما تكون في بلاء شديد وتفقد كثيرا من الاسباب المادية ومع ذلك تحس فجأة بالفرح فانك تدرك حينئذ ان هذه الفرحة ما هي الا من رحمة الله وبرحمة الله. واحة تجدها وسط صحراء العناء. هذه اخواني هذه رحمة الله سبحانه وتعالى. ارجو ان تكونوا قد طمعتم فيها. طيب ماذا نفعل حتى نحصلها؟ سهل. قال ربي سبحانه وتعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين. كن من المحسنين. الواحد منا عادة اذا وقع في مشكلة ينشغل بنفسه وبمشكلته وكيفية التخلص منها ويتحسر على ما فات ويخاف من المستقبل. ننسى في هذه اللحظات الحرجة ان نكون من المحسنين لنستأهل رحمة الله لنستأهل رحمة الله عز وجل. ان رحمة الله قريب من المحسنين. ما اجمل ان يصبح الخير فيك سجية وطبعا فتجد نفسك تحسن وتفعل الخير تلقائيا وانت في احرج الظروف. لانك تعودت الا تعيش لنفسك. بل تعيش للناس ولخدمة دينك. ماذا عليك ان تفعل حتى تستأهل رحمة الله ارحم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء احد اخواني كان معي في الاسر عشت معه عدة اشهر. هذا الاخ كان قد تعود على بذل الخير وعلى ان يعيش للناس ويفرج كربات الناس وهو في منطقته معروف تعرف هذا الاخ اثناء الاسر على شاب قتل رجلا فحكم عليه بالسجن المؤبد. ثم ان هذا الشاب القاتل استقام وصلح امره في السجن فنقل الى جناح القضايا الاسلامية. الاخ المحسن الرحيم تعرف عليه من وراء الجدران. لم يلتق به ولم يرى وجهه لكنه عرف ان الاخ القاتل يمكن الافراج عنه اذا تصالح اهله مع القتيل على مبلغ من المال. فبدأ اخونا بالتنسيق مع زواره من اشقائه لجمع المال لهذا الشاب ليفرج كربته لم يلهه السجن عن فعل الخير بل هو يسعى وهو اسير في تفريج كرب اخوانه. يسعى وهو اسير في تفريج كربات اخوانهم. كان يوصي من الاسر باعطاء مال من ما له لارامل ومحتاجين. مثل هذا يحس برحمة الله عز وجل اينما كان وفي اي فالراحمون يرحمهم الرحمن. اخ اخر كان قد عانى من السجن ثماني سنوات ومر فيه بظروف صعبة للغاية ولا يزال نزلوا في الاسر فرج الله كربه وكرب اسرى المسلمين. لكنه مع ذلك كان رحيما باخوانه. مرضت مرة اثناء الاسر. فوضع رأسي في حجره وقرأ علي ورقاني وعيناه تدمعان لرقة قلبه. هذا الاخ هو ذاته الذي كان يقول لي اريدك ان تستمتع بنعمة البلاء. رضا وطمأنينة فالراحمون يرحمهم الرحمن. بعض الاخوة في الاسر كانت احوالهم المادية ضيقة. فكانوا يعبرون عن رحمتهم بوضع قطع من الطعام المقدم لنا في ورميها للقطط المارة من فوق شبك اه غرف السجن. تريد رحمة الله التي لا يمسكها احد من الجن او الانس تريد رحمة الله التي بها الحقيقي عود نفسك على الرحمة والاحسان في كل الظروف. الم تر ان الله تعالى امتدح من يؤثر اخوانه على الرغم من فقره فقال في الانصار ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة. يعانون من بلاء الفقر ومع ذلك يحسنون. الم تر الى قول النبي صلى الله عليه وسلم ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه. خلاصة الحلقة ارحم من في الارض يرحمك من في السماء. وحينئذ ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها. والسلام عليكم ورحمة الله