اعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تكون تأملوا يا اخواني كتاب الله وتدبروه وانتم تتلونه وتحت كل كلمة معنى ومعان عظيمة وتأملوا صدر هذه الاية وهو هذا النداء الجليل من رب الكريم لعباده المؤمنين بهذا الوصف العظيم وهو وصف وهذا نداء يتكرر في القرآن يا ايها الذين امنوا وقد ورد في القرآن الكريم في تسعة وثمانين موضعا يناديكم ربكم عز وجل باشرف وصف ويناديكم تشريفا لكم ايضا بهذا الوصف العظيم فالمنادي رب العالمين وخليق بالمسلم ان يصغي بقلبه قبل سمعه لنداء يا رب وينظر ماذا يريد منه فهو لن يأمره الا بخير. ولن ينهاه الا عن شر. ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه اذا سمعت الله يقول يا ايها الذين امنوا فارعيها سمعك فاما خيرا تؤمر به واما شرا تنهى عنه وفي النداء بوصف الايمان يا اخواني عدة مسائل الاولى انه تشريف للايمان الذي هو من اعلى مراتب الدين الثاني ان فيه تشريفا للمنادى وهو انتم يا عباد الله وجميع عباد الله المؤمنين الثالث ان مقتضى الايمان ان يسمع العبد ويطيع فيا من كان مؤمنا فمقتضى الايمان ان تسمع لما يقول الرحمن سبحانه وبحمده وايضا فيما يذكر بعده من امر او نهي كتكميل لايمانك يا عبد الله عز وجل ان انت التزمت به ثم فيه ايضا تذكير باعظم نعمة لله عليك وهي نعمة الايمان وتذكيرك بها يعني استحضار شكر الله سبحانه وتعالى. جعل هذه النعمة واخيرا فان جميع ما يذكر بعد هذه الكلمة الشريفة وهذا النداء العظيم من الرب الكريم داخل في مسمى الايمان ومنه ما نحن بصدده وهو الصيام كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم اي فرض عليكم وصيامه هو الامساك بنية عن المفطرات من الطعام والشراب والشهوة من طلوع الفجر الى غروب الشمس وصيام يا اخوان وان كان الامر الاكبر فيه الامساك عن المفطرات الا ان له ادابا يتأكد على المسلم ان يراعيها ومن اعظم تلك الاداب امساك اللسان وصيانته عن الخوض فيما لا يفيد من الكلام فاذا صام الانسان فانه يتأكد عليه ان يصوم لسانه عن القيل والقال والغيبة والنميمة الكلام وسقطه ولهذا قال عليه الصلاة والسلام فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يسخر فان سابه احد فليقل اني امرؤ صائم وهذا صيام كما فرض علينا فقد فرض على الامم قبلنا وفيه تيسير وتسهيل له ان تلك العبادة فرضها الله على الامم السالفة ايضا على هذه الامة وهذا يدل على شرفها وعلو قدرها عند الله عز وجل ثم قال عز وجل لعلكم تتقون وفيه بيان للحكمة الكبرى من الصيام ولعل تلد في القرآن كثيرا ولعل من الله عز وجل ليست للرجاء كما هي في كلام الناس بعضهم لبعض وتعالى لا يرجو من احد شيئا حاشاه وانما المقصود بها التعليل وبيان السبب ان الله سبحانه وتعالى فرض عليكم هذا الصيام لاجل ان تتقوا وتعالى لم يأمرنا بالصيام لمجرد امتناع عن الطعام والشراب وما يفعل ربنا عز وجل بجوعنا وعطشنا وانما فرض الصيام لهذه الحكم الغالية وهذه المعاني الرفيعة واظن هذه الحكمة الكبرى والتي تندرج تحتها جميع الحكم وهي التقوى. تقوى الله عز وجل وتقوى الله عز وجل ان تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية بامتثال اوامره واجتناب نواهيه فاذا حرص المسلم على اوامر الله فامتثلها وعلى نواهيه فاجتنبها فلعل الله تعالى ان يبلغه هذه المرتبة العالية ولا يخفاكم علو هذه المرتبة واثارها وصفات اهلها وما اعده الله سبحانه وتعالى لهم من النعيم المقيم والاجر العظيم وكم يرد في القرآن ان المتقين في ظلال وعيون في جنات وعيون في جنات ونعيم في مقام امين ان للمتقين مفازا وما اشبه ذلك من الايات الدالة على فضل التقوى ولعظيم جزاء اهلها عند الله سبحانه وبحمده