يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة بسم الله الرحمن الرحيم ايها المستمعون الكرام. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته نقرأ من تتمة اضواء البيان قوله تعالى هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور الذلول فعول بمعنى مفعول وهو مبالغة في الذل تقول دابة ذلول اي بينة الذل وقيل في معنى تذليل الارض عدة اقوال لا تنافي بينها ومجموعها دائر على تمكين الانتفاع بها من تسهيل الاستقرار عليها وتثبيتها بالجبال كقوله تعالى والجبال ارساها متاعا لكم ولانعامكم ومن امكان الزرع فيها كقوله فانبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا الى قوله متاعا لكم ولانعامكم وقد جمع اكثرها في قوله تعالى الم نجعل الارض كفاية احياء وامواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات واسقيناكم ماء فراتا قال المؤلف اثابه الله وكنت اسمع الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه يقول في هذه الاية انها من تسخير الله تعالى للارض ان جعلها كفاة للانسان في حياته لتسهيل معيشته فيها وحياته على ظهرها فاذا مات كانت له ايضا كفاءة بدفنه فيها ويقول لو شاء الله لجعلها حديدا او نحاسا فلا يستطيع الانسان ان يحرث فيها ولا يحفر ولا يبني واذا مات لا يجد فيها مدفنا ومما يشير الى هذه المعاني كلها قوله تعالى فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه بترتبه على ما قبله بالفاء اي بسبب تذليلها بتيسير المشي في ارجائها وطلب الرزق في انحائها بالتسبب فيها من زراعة وصناعة وتجارة الى غير ذلك والامر في قوله تعالى فامشوا في مناكبها. وكلوا من رزقه هو للاباحة ولكن التقديم لهذا الامر لقوله تعالى هو الذي جعل لكم الارض ذلولا فيه امتنان من الله تعالى على خلقه مما يشعر ان في هذا الامر مع الاباحة توجيها وحثا للامة على السعي والعمل والجد والمشي في مناكب الارض من كل جانب لتسخيرها وتذليلها مما يجعل الامة احق بها من غيرها كما في قوله تعالى سخر لكم ما في الارض والفلك تجري في البحر بامره وكما في قوله وسخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعا منه وغير ذلك من الايات ومن رأى هذا التسخير اعترف لله بالفضل وقام له بالحمد وتقديم الشكر كما قال تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير اذكروا اسم الله عليها صواف فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون وقوله والذي خلق الازواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم اذا استويتم عليه وتقول سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الى ربنا لمنقلبون اي مع شكر النعمة يحصل الاتعاظ والعبرة والاستدلال على كمال القدرة ومنها المعاد والمنقلب الى الله تعالى فقوله واليه النشور بعد المشي في مناكب الارض وطلب الرزق وما يتضمن ذلك من النظر والتأمل في مسببات الاسباب. وتسخير الله لها كقوله وانا الى ربنا لمنقلبون. بعد ذكري خلق الازواج كلها. اي الاصناف وتسخير الفلك والانعام والبر والبحر فيه ضمنا اثبات القدرة على البعث سيكون المشي في مناكب الارض واستخدام مناكبها واغتنام ثرواتها والانتفاع بخيراتها لا لطلب الرزق وحده والا لكان يمكن سوقه اليهم ولكن للاخذ بالاسباب اولا وللنظر في المسببات والعبرة بالمخلوقات والتزود لما بعد الممات كما في اية الجمعة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون اي عند مشاهدة ايات قدرته وعظيم امتنانه وعليه فقد وضع القرآن الامة الاسلامية في اعز مواضع الغناء. والاستغناء والاستثمار والانتاج فما نقص عليها من امور دنياها الا بقدر ما قصرت هي في القيام بهذا العمل واضاعت من حقها في هذا الوجود وقد قال النووي في مقدمة المجموع رحمه الله ان على الامة الاسلامية ان تعمل على استثمار وانتاج كل حاجاتها. حتى الابرة لتستغني عن غيرها والا احتاجت الى الغير بقدر ما قصرت في الانتاج وهذا هو واقع العالم اليوم اذ القدرة الانتاجية هي المتحكمة وذات السيادة الدولية وقد اعطى الله العالم الاسلامي الاولوية في هذا كله فعليهم ان يأخذوا مكانهم ويحافظ على مكانتهم ويشيدوا كيانهم بالدين والدنيا معا وبالله تعالى التوفيق ايها المستمعون الكرام كان هذا ما سمح لنا به وقت اللقاء امل ان نجتمع بكم في لقاء قادم ان شاء الله وانتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته