بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد فهذا المجلس التاسع من مجالس قراءة كتاب التحديد في الاتقان والتجويد للامام ابي عمرو عثمان بن سعيد الداني الاندلسي رحمه الله تعالى قال الامام الداني ذكر النون وهو حرف اظن مجهول. وقد تقدم ذكر احكامه في البيان والادغام والقلب والاخفاء فاغنى ذلك عن الاعادة. قال ابو عمرو النون المداومة في مثلها في قوله تعالى ما لك لا تأمنن يحتمل ان يكون اشارة بالشفتين الى الحركة بعد الادغام وبعد السكون فعل هذا يكون اضغاما تاما ويحتمل ان يكون اشارة الى النون بالحركة. فعلى هذا يكون اخفاء. واذا القيت حركة الهمزة على التنوين وحرك بها على مذهب ورش عن نافع نعم في قوله تعالى في سورة يوسف من سلطان من الحكم الا لفظ بثلاث نونات مكسورات متواليات لا فصل بينهن وكذلك اذا فعل ذلك في قوله تعالى في نوح مبيننا نعبد الله لفظ ايضا بثلاث نونات متواليات. غير ان الاولى والاخرة مضمومتان والوسطى مفتوحة وكذلك يلفظ بنونين مكسورتين متواليتين في قوله تعالى مومنين الله في التوبة. وفي قوله تعالى من سلطان في النجم وكذا يلفظ بنونين مفتوحتين متواليتين في قوله تعالى حزننا الا يجدوا في براءة وفي قوله تعالى عجبا نوحينا في سورة يونس وفي قوله تعالى قرآن نعجميا. في فصلت على مذهبه ذكر الراء وهو حرف مجهور شديد مكرر. حركته تعد حركتين لتكريره. قال سيبويه والراء اذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة والوقف يزيدها ايضاحا فاذا اتى مشددا توصل الى النطق به بيسر من غير تكرير ولا عسر. وذلك نحو قوله تعالى ضراء وخر موسى. والضراء واشد ومنظر. وما كان مثله وان التقى بالنون تعامل بيانه والا صار نونا مدغمة. نحو فبشرناه اه وامرنا واعثرنا واصبر نفسك ولتنظر نفس ما قدمت وانظرني وقرن في وما اشبهه وكذا حكمه عند اللام نحو قوله تعالى ينشر لكم واصبر لحكم ربك واصطبر لعبادته وان اشكر لي. وما اشبهه. على ان ابا عمرو قد ادغمه فيه لتقاربهما وكذا يلزم تلخيصه وبيانه اذا التقى بالضاد نحو قوله تعالى ترضى وعرضا وعرضها وعرضة ترضاها يرضى وما اشبهه فاما حكمه في التفخيم والترقيق والامالة فنذكره مشروحا ان شاء الله تعالى. ذكر ذلك اعلموا ان الراء اذا تحركت بالفتح او الضم او سكنت ولم تقع قبلها كسرة لازمة من نفس الكلمة التي هي فيها فهي مفخمة على حال ما حددناه من الفتح الخالص باجماع من القراء. وكذلك حالها اذا وقعت طرفا في الكلمة في الوصل والوقف جميعا وسواء وقف على المضمومة بالسكون او بالروم او بالاشمام فالمفتوحة نحو قوله تعالى فبما رحمة. فما ربحت. وان ترك ورسول ورؤوف وتظاهر. ومسخرات والبحران والخسران ونكرا وعمرا والم تر وفطروا وبصروا حذروا و اليسر. و العسر وشبهه والمضمومة نحو قوله تعالى رؤوسهم ورسله ويردوكم وعلى سرر وما يؤمرون. وتصبرون ونص ومزدجر. وشبهه. والساكنة نحو قوله تعالى كرسيه. ومرجعكم وصلنا يرضونكم ويرتع وما اشبهه فان وقع قبل المفتوحة والمضمومة كسرة لازمة او ياء ساكنة نحو الاخرة. وفاق والمعصرات. والمغيرا. و المدبرات والخير الطيب. قديرا. ونذيرا. خبيرا وبصيرا. وما يسرون. ويعتذرون ومنتصل. ومستمر. وصر وقدير. وخبير. وغيره. وشبهه وكذا ان حال بين الراء والكسرة حرف ساكن النحو اخراجهم. واخراج. واكراههم ولا والسحر. الذكر. والشعر. وذكر وذكر وكبر وما اشبهه فهي مفخمة للجميع ايضا ما خلا نافعا فان ورشا روى عنه انه يرققها من اجل الكسرة والياء في الضربين جميعا فان كانت الكسرة الواقعة قبل الراء في حال فتحها وضمها عارضة او في حرف زائد ليس من نفس الكلمة خلص فتحها. نحو قوله تعالى برسول برشيد وذلك اجماع وكذا ان وقع بعدها حرف من حروف الاستعلاء او راء مكررة مفتوحة او مضمومة او كان الاسم الذي هي فيه اعجميا او مؤنثا فهي مفخمة بالاجماع ايضا. وذلك نحو قوله تعالى الصراط واعراضا واعراضهم الفراق واسراء وعمران. وارمذات وشبهه فان وقع بعد المفتوحة الف منقلبة عن ياء او الف التأنيث نحو قوله تعالى يرى وتتمارا. ويتوارى. واراك ومجراها الذكرى وبشرى وما اشبهه او وقع بعدها الف زائدة بعدها وا مجرورة نحو قوله تعالى مع الابرار من الاشرار وما اشبهه فالقراء مختلفون في ذلك على ثلاثة الفاظ فمنهم من يخلص الفتح لها ومنهم من يخلص الامالة ومنهم من يجعلها بين اللفظين. فان اتصل بالساكنة حرف مكسور من نفسه الكلمة فلا خلاف في ترقيقها نحو قوله تعالى يغفر لكم. واصبر ومرية. وشرعة و الفردوس وفرعون وما اشبهه فان كانت الكسرة عارضة او وقع بعد الراء حرف استعلاء مفتوح نحو قوله تعالى امر تابوا وان ارتبتم. والا لمن ارتضى يا بني اركب وفي وفرقة فلا خلاف في تفخيمها. فاما الراء المكسورة فهي رقيقة. وذلك صيغتها في حال الوصل والوقف جميعا وهذا ما لم يتحرك ما قبلها بالفتح او الضم وسكنت للوقف نحو قوله تعالى من مطر ونهر. والعمر فانها مفخمة حينئذ فيه خاصة. فان وقف عليها بالروم رققت كالوصل. فهذه احكام الراء مشروحة فيقاس عليها ان شاء الله تعالى ذكر اللام وهو حرف مجهور فان التقى بالراء وهو ساكن قلب راء. وادغم في الراء ادغاما مشبعا من غير تكرير لشدة بهما. وذلك نحو قوله تعالى و من ربكم وما اشبهه وجاء في ذلك عن نافع وعاصم ما لا يؤخذ به فان اتى بعده نون في كلمة او في كلمتين وكان سكونه لجازم او لتوالي الحركات تخفيفا او للامر او للنهي تعامل بيانه بتؤدة وتلخيص. نحو قوله تعالى ومن يبدل نعمة الله ارسلنا وفزيننا وذللناها لهم فيظللن. ويأكلن وبدلنا و جعلنا وقلن قولا وفعل مم واكفلنيها واجعلنا ولا تجعلنا وما اشبهه وكذلك حكم اللام من قل عند النون والتاء والسين والصاد. نحو قوله تعالى قلنا نار جهنم وقل نعم وقل تعالوا وقل سلام. وقل صدق الله. وشبهه ولم تدغم هنا فرارا من الاختلال وان اتى بعده ظاء لخص بيانه نحو قوله تعالى وليجدوا فيكم غلظة. وشبه ولام التعريف التي معها همزة الوصل تدغم في ثلاثة عشر وحرفا للزوم سكونها وكثرة دورها وقرب ما بينها وبينهن فينقلب لفظها الى لفظهن ويعتمد اللسان على موضعهن وهن الراء والنون والدال والتاء والتاء والثاء والذال والظاء والصاد والزاي والسين والشين والضاد نحو قوله تعالى الرحمن الرحيم. النار والتابوت والطاغوت. والثاقب الذاكرين صادقين الزاني والسارق والشهادة. وما اشبهه. فاما حكمه في الترقيق فنذكره مبينا ذكر ذلك اعلموا ان اللام اذا اتت متحركة او سكنت وسواء واليها كثرة او حرف استعلاء او غير ذلك فهي مرققة في جميع القرآن نحو قوله تعالى ثلاثة وثلاث وبغلام ولغلامين و اغلالا وخلا ولعلا واحلامهم وغلقت الابواب وخلطوا والخلطاء واخلصوا واضللتم. وفضلا دال وصلصال. يلبثون. فليأ تيمستمعهم. وما اشبهه قال ابو علي الحسين ابن مخلد كان القراء يكرهون تغليظ اللامات في القرآن كله. وقد روى المصريون عن ورش عن نافع تغليظها اذا تحركت بالفتح او سكنت لا غير نحو قوله تعالى الصلاة فيصلب والطلاق ومو ظلموا وما اشبهه والقراء بعد يرققونها من غير افحاش فاما اللام من اسم الله عز وجل فالجميع مجمعون على ترقيقها مع الكسرة من اجلها. عارضة كانت او غير عارضة نحو قوله تعالى بسم الله والحمد لله لله ورسل وقل اللهم وما اشبهه فان وليها فتحة او ضمة اجمعوا على تغليظها من اجلهما. نحو قوله تعالى وضرب الله مثلا ومن وسبحانك وما اشبهه. فان كان الحرف المفتوح او المضموم قبلها لاما لخص ترقيقها وفخمت هي نحو قوله تعالى احل الله واجل الله ذلكم فضل الله ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء وما اشبهه. قال ابو عمرو والترقيق هو في الحرف دون الحركة اذا كان صيغته والامالة في الحركة دون الحرف. اذا كانت لعلة اوجبتها وهي تخفيف كالادغام سواء وبهذا نهاية المجلس التاسع من مجالس قراءة كتاب التحديد في الاتقان والتجويد سائلا الله التوفيق والسداد. واصلي واسلم على معلمي من ناس الخير نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين