المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. وهذا الاستفهام بمعنى النفي والنهي. اي لا تظن ان قصة اصحاب الكهف وما جرى لهم غريبة على ايات الله وبديعة في حكمته. وانه لا نظير قالها ولا مجالس لها. بل لله تعالى من الايات العجيبة الغريبة ما هو كثير. من جنس اياته في اصحاب الكهف واعظم منها. فلم يزل الله يري عباده من الايات في الافاق وفي انفسهم ما يتبين به الحق من الباطل والهدى من الضلال. وليس المراد بهذا النفي عن ان تكون قصة اصحاب الكهف من العجائب بل هي من ايات الله العجيبة. وانما المراد ان جنسها كثير جدا. فالوقوف معها وحدها في مقام العجب والاستغراب. نقص في العلم والعقل بل وظيفة المؤمن التفكر بجميع ايات الله. التي دعا الله العباد الى التفكر فيها. فانها مفتاح الايمان. وطريق العلم والايقاف واضافهم الى الكهف الذي هو الغار في الجبل والرقيم اي الكتاب الذي قد ركمت فيه اسماؤهم وقصتهم لملازمتهم له دهرا طويلا ثم ذكر قصته مجملة وفصلها بعد ذلك فقالوا اذ اوى الفتية اي الشباب الى الكهف يريدون بذلك التحصن والتحرز من فتنة قومهم لهم. فقالوا ربنا اتنا من لدنك رحمة. اي تثبتنا بها وتحفظنا من الشر توفقنا للخير وهيئ لنا من امرنا رشدا. ان يسر لنا كل سبب موصل الى الرشد. واصلح لنا امر ديننا ودنيانا. فجمعوا بين السعير والفرار من الفتنة الى محل يمكن الاستخفاء فيه. وبين تضرعهم وسؤالهم لله تيسير امورهم. وعدم اتكالهم على انفسهم وعلى الخلق لذلك استجاب الله دعاءهم وقيض لهم ما لم يكن في حسابهم. قال فمرمنا على اذانهم في الكهف اي انناهم سنين عددا. وهي ثلاثمئة سنة وتسع سنين. وفي النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب والخوف وحفظ لهم من قومهم وليكون اية بينة ثم بعثناهم اي من نومهم لنعلم اي الحزبين احصى لما لبثوا امدا اي لنعلم ايهم احصى لمقدار مدتهم. كما قال الله تعالى وكذلك بعثناهم ليتسائلوا بينهم. وفي العلم بمقدار لبثهم ضبط للحساب ومعرفة لكمال قدرة الله تعالى وحكمته ورحمته. فلو استمروا على نومهم لم يحصل الاطلاع على شيء من ذلك من قصتهم نحن نقص عليك نبأهم بالحق انهم فتية امنوا بربهم وزدناهم هذا شروع في تفصيل قصتهم. وان الله يقصها على نبيه بالحق والصدق. الذي ما فيه شك ولا شبهة بوجه من الوجوه انهم فتية امنوا بربهم. وهذا من جموع القلة يدل ذلك على انهم دون العشرة. امنوا بالله وحده لا شريك له من دون قومهم فشكر الله لهم ايمانهم فزادهم هدى اي بسبب اصل اهتدائهم الى الايمان. زادهم الله من الهدى الذي هو العلم النافع والعمل الصالح صالح كما قال الله تعالى ويزيد الله الذين اهتدوا هدى. وربطنا على قلوبهم اذ قاموا فقالوا لقد قلنا اذا وربطنا على قلوبهم اي صبرناهم وثبتناهم. وجعلنا قلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة هذا من لطفه تعالى بهم وبره ان وفقهم للايمان والهدى والصبر والثبات والطمأنينة. اذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والارض اي الذي خلق ورزقنا ودبرنا وربانا هو خالق السماوات والارض المنفرد بخلق هذه المخلوقات العظيمة لا تلك الاوثان والاصنام التي لا تخلق ولا ترزق ولا تملك نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. فاستدلوا بتوحيد الربوبية على توحيد الالهية. ولهذا قالوا لن ندعوا ومن دونه الها اي من سائر المخلوقات. لقد قلنا اذا اي ان دعونا معه الهة بعد ما علمنا انه الرب الاله الذي لا تجوز ولا تنبغي العبادة الاله. شططا اي ميلا عظيما عن الحق. وطريقا بعيدة عن الصواب فجمعوا بين الاقرار بتوحيد الربوبية وتوحيد الالهية والتزام ذلك. وبيان انه الحق وما سواه باطل. وهذا دليل على ما لمعرفتهم بربهم وزيادة الهدى من الله لهم الهة لولا يأتون عليهم بسلطان بين. فمن اظلم ممن لما ذكروا ما من الله به عليهم من الايمان والهدى التفتوا الى ما كان عليه قومهم من اتخاذ الالهة من دون الله فمقتوهم. وبينوا انهم ليسوا على يقين من امرهم. بل هم في غاية الجهل والضلال فقالوا اي بحجة وبرهان على ما هم عليه من الباطل. ولا يستطيعون سبيلا الى ذلك. وان انما ذلك افتراء منهم على الله وكذب عليه. وهذا اعظم الظلم. ولهذا قال واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله فأوه الى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمة ويهيئ لكم من امركم مرفقا. اي قال بعضهم لبعض اذ حصل لكم اعتزال قومكم في اجسامكم واديانكم فلم يبق الا النجاة من شرهم والتسبب بالاسباب المفضية لذلك لانهم لا سبيل قيل لهم الى قتالهم ولا بقائهم بين اظهرهم وهم على غير دينهم. فاووا الى الكهف اي انضموا اليه واختفوا فيه لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من امركم مرفقا. وفيما تقدم اخبر انهم دعوه بقولهم ربنا اتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا. فجمعوا بين التبري من حولهم وقوتهم والالتجاء الله في صلاح امرهم ودعائه بذلك وبين الثقة بالله انه سيفعل ذلك. لا جرم ان الله نشر لهم من رحمته وهيأ لهم من امرهم مرفقا حفظ اديانهم وابدانهم وجعلهم من اياته على خلقه. ونشر لهم من الثناء الحسن ما هو من رحمته بهم. ويسر لهم كل سبب حتى محل الذي ناموا فيه كان على غاية ما يمكن من الصيانة. ولهذا قال اي حفظهم الله من الشمس في سر لهم غارا اذا طلعت الشمس تميل عنه يمينا. وعند غروبه تميل عنه شمالا. فلا ينالهم حرها فتفسد ابدانهم بها وهم في فجوة منه. اي من الكهف اي مكان متسع. وذلك ليطرقهم الهواء والنسيم. ويزول عنهم الوخم تأذي بالمكان الضيق خصوصا مع طول المكث. وذلك من ايات الله الدالة على قدرته ورحمته بهم. واجابة دعائهم وهدايتهم حتى في الامور ولهذا قال اي لا سبيل الى نيل الهداية الا من الله. فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين. اي لا تجد من يتولاه ويدبره على ما فيه صلاحه ولا يرشده الى الخير والفلاح. لان الله قد حكم عليه بالضلال. ولا راد لحكمه ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهن باسط لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولمن وتحسبهم ايقاظا وهم رقود. اي تحسبهم ايها الناظر اليهم كانهم ايقاظ. والحال انهم نيام. قال المفسرون وذلك لان اعينهم منفتحة. لان لا تفسد فالناظر اليهم يحسبهم ايقاظا وهم رقود. ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وهذا ايضا من حفظه لابدانهم. لان الارض من طبيعتها اكل الاجسام المتصلة بها. فكان من قدر الله ان قلبهم على جنوبهم يمينا وشمالا بقدر ما لا تفسد الارض اجسامهم. والله تعالى قادر على حفظهم من الارظ من غير تقليب. ولكنه تعالى حكيم. اراد ان تجري سنته في الكون ويربط الاسباب بمسبباتها. اي الكلب الذي كان مع اصحاب الكهف اصابه ما اصابهم من النوم وقت حراسته. فكان باسطا لراعيه بالوصيد اي الباب او فنائه. هذا حفظ من الارض واما حفظهم من الادميين فاخبر انه حماهم بالرعب الذي نشره الله عليهم. فلو اطلع عليهم احد لامتلأ قلبه رعب وولى منهم فرارا. وهذا الذي اوجب ان يبقوا كل هذه المدة الطويلة. وهم لم يعثر عليهم احد. مع قربهم من المدينة جدة. والدليل وعلى قربهم انهم لما استيقظوا ارسلوا احدهم يشتري لهم طعاما من المدينة وبقوا في انتظاره. فدل ذلك على شدة قربهم منها منهم لبثتم قالوا لبثنا يوما او بعض يوم. قالوا ربكم اعلم بما لبثتم يقول تعالى وكذلك بعثناهم اي من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم اي ليتباحثوا الوقوف على الحقيقة من مدة لبسهم. قال قائل منهم كم لبثتم؟ قالوا لبثنا يوما او بعض يوم. وهذا مبني على ظن القائل. وكأنهم عندهم اشتباه في طول مدتهم. فلهذا فرد العلم الى المحيط علمه بكل شيء جملة وتفصيلا ولعل الله تعالى بعد ذلك اطلعهم على مدة لبثهم لانه بعثهم ليتساءلوا بينهم واخبر انهم تساءلوا تكلموا بمبلغ ما عندهم وصار اخر امرهم الاشتباه فلابد ان يكون قد اخبرهم يقينا علمنا ذلك من حكمته في بعثهم وانه لا يفعل ذلك ومن رحمته بمن طلب علم الحقيقة في الامور المطلوب علمها. وسعى لذلك ما امكنه فان الله يوضح له ذلك. وبما ذكر فيما بعد من قوله وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق. وان الساعة لا ريب فيها. فلولا انه حصل العلم بحالهم لم يكونوا دليلا على ما ذكر ثم انهم لما تساءلوا بينهم وجرى منهم ما اخبر الله به ارسلوا احدهم بورقهم اي بالدراهم التي كانت معهم شري لهم طعاما يأكلونه من المدينة التي خرجوا منها. وامروه ان يتخير من الطعام ازكاه. اي اطيبه والذه. وان يتلطف في ذهابه وايابه وان يختفي في ذلك ويخفي حال اخوانه ولا يشعرن بهم احدا. وذكروا المحظور من اطلاع غيرهم عليهم. وظهورهم انهم بين امرين اما الرجم بالحجارة فيقتلونهم اشنع قتلة لحنقهم عليهم وعلى دينهم واما ان يفتنوهم عن دينهم ويردوهم في ملتهم وفي هذه الحال لا يفلحون ابدا. بل يخسرون في دينهم ودنياهم واخراهم. وقد دلت هاتان الايتان على عدة فوائد منها الحث على العلم وعلى المباحثة فيه. لكون الله بعثهم لاجل ذلك. ومنها الادب في من اشتبه عليه العلم. ان يرده الى عالمه وان يقف عند حده. ومنها صحة الوكالة في البيع والشراء. وصحة الشركة في ذلك. ومنها جواز اكل الطيبات والمطاعم اللذيذة اذا لم تخرج الى حد الاسراف المنهي عنه. لقوله فلينظر ايها ازكى طعاما فليأتكم برزق منه. وخصوصا اذا كان الانسان لا يلائمه الا الى ذلك ولعل هذا عمدة كثير من المفسرين القائلين بان هؤلاء اولاد ملوك. لكونهم امروهم بازكى الاطعمة التي جرت عادة الاغنياء بتناولها ومنها الحث على التحرز والاستخفاء والبعد عن مواقع الفتن في الدين واستعمال الكتمان في ذلك على الانسان وعلى اخوانه الدين ومنها شدة رغبة هؤلاء الفتية في الدين وفرارهم من كل فتنة في دينهم وتركهم اوطانهم في الله ومنها ذكر اشتمل عليه الشر من المضار والمفاسد. الداعية لبغضه وتركه. وان هذه الطريقة هي طريقة المؤمنين والمتقدمين والمتأخرين. لقوله بهم ولن تفلحوا اذا ابدا وكذلك اعثرنا عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعة لا ريب يخبر الله تعالى انه اطلع الناس على حال اهل الكهف وذلك والله اعلم بعدما استيقظوا وبعثوا احدهم يشتري لهم طعاما وامروهم بالاستخفاء والاخفاء. فاراد الله امرا فيه صلاح للناس وزيادة اجر لهم. وهو ان الناس رأوا منهم اية من من ايات الله المشاهدة بالعيان. على ان وعد الله حق لا شك فيه ولا مرية ولا بعد. بعدما كانوا يتنازعون بينهم امرهم. فمن مثبت للوعد الجزاء ومن ناف لذلك فجعل قصتهم زيادة بصيرة ويقين للمؤمنين وحجة على الجاحدين وصار لهم اجر هذه القضية وشهر الله وامرهم ورفع قدرهم حتى عظمهم الذين اطلعوا عليهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا الله اعلم بحالهم ومآلهم. وقال من غلب على امرهم وهم الذين لهم الامر لنتخذن عليهم مسجدا. اي نعبد الله تعالى فيه. ونتذكر به من احوالهم وما جرى لهم. وهذه الحالة محظورة نهى عنها النبي صلى الله الله عليه وسلم وذم فاعليها ولا يدل ذكرها هنا على عدم ذمها فان السياق في شأن تعظيم اهل الكهف والثناء عليهم وان هؤلاء وصلت بهم الحال الى ان قالوا ابنوا عليهم مسجدا. بعد خوف اهل الكهف الشديد من قومهم. وحذرهم من الاطلاع عليهم. فوصلت الحال الى ما ترى. وفي هذه القصة دليل على ان من فر بدينه من الفتن سلمه الله منها وان من حرص على العافية عافاه الله ومن اوى الى الله اواه الله وجعله هداية لغيره. ومن تحمل الذل في سبيله وابتغاء مرضاته. كان اخر امره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب. وما الله خير للابرار ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم فلا تماري فيهم الا مرارا يخبر تعالى عن اختلاف اهل الكتاب في عدة اصحاب الكهف اختلافا صادرا عن رجمهم بالغيب وتقولهم بما لا يعلمون وانهم فيهم على ثلاثة اقوال. منهم من يقول ثلاثة. رابعهم كلبهم ومنهم هم من يقول خمسة سادسهم كلبهم وهذان القولان ذكر الله بعدهما ان هذا رجل منهم بالغيب فدل على بطلانهما ومنهم من يقول سبعة وثامنهم كلبهم. وهذا والله اعلم. الصواب. لان الله ابطل الاولين ولم يبطله. فدل على صحته. وهذا من الاختلاف الذي لا فائدة تحته ولا يحصل بمعرفة عددهم مصلحة للناس. دينية ولا دنيوية. ولهذا قال تعالى وهم الذين اصابوا الصواب وعلموا اصابتهم. فلا تمالي اي تجادل وتحاج فيهم الا مراء ظاهرا اي مبنيا على العلم واليقين. ويكون ايضا فيه فائدة. واما المماراة المبنية على الجهل بالغيب او التي لا فائدة فيها. اما ان يكون الخصم معاندا او تكون المسألة لا اهمية فيها. ولا تحصل فائدة دينية بمعرفتها كعدد اصحاب الكهف ونحو ذلك فان في كثرة المناقشات فيها والبحوث المتسلسلة تضييعا للزمان وتأثيرا في مودة القلوب بغير فائدة ولا تستفتي فيهم اي في شأن اهل الكهف منهم اي من اهل الكتاب احدا. وذلك لان مبنى كلامهم فيهم على الرجم بالغيب والظن الذي لا يغني من الحق شيئا ففيها دليل على المنع من استفتاء من لا يصلح للفتوى. اما لقصوره في الامر المستفتى فيه. او لكونه لا يبالي تكلم به وليس عنده ورع يحجزه. واذا نهي عن استفتاء هذا الجنس فنهيه هو عن الفتوى من باب اولى واحرى. وفي الاية ايضا على ان الشخص قد يكون منهيا عن استفتائه في شيء دون اخر. فيستفتى فيما هو اهلا له بخلاف غيره. لان الله لم ينهى عن استفتائه مطلقا انما نهى عن استفتائهم في قصة اصحاب الكهف وما اشبهها واذكروا الله وقل عسى ان يهديني ربي لاقرب من هذا رشدا. وقل هذا النهي كغيره وان كان لسبب خاص وموجه للرسول صلى الله عليه وسلم فان الخطاب عام للمكلفين. فنهى الله ان يقول العبد في اموره المستقبلة اني فاعل ذلك من دون ان يقرنه الله وذلك لما فيه من المحذور. وهو الكلام على الغيب المستقبل الذي لا يدري هل يفعله ام لا. وهل يكون ام لا؟ وفيه رد الفعل الى مشيئة العد استقلالا وذلك محظور محظور. لان المشيئة كلها لله وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين. ولما في ذكر مشيئة الله من تسيير الامن وتسهيله وحصول البركة فيه. والاستعانة من العبد لربه. ولما كان العبد بشرا لا بد ان يسهو فيترك ذكر المشيئة. امره الله ان استثني بعد ذلك اذا ذكر ليحصل المطلوب ويندفع المحظور ويؤخذ من عموم قوله واذكر ربك اذا نسيت الامر بذكر الله عند فانه يزيله ويذكر العبد ما سهى عنه. وكذلك يؤمر الساهي الناسي لذكر الله ان يذكر ربه ولا يكونن من الغافلين. ولما كان العبد مفتقرا الى الله في توفيقه للاصابة. وعدم الخطأ في اقواله وافعاله. امره الله ان يقول فامره ان يدعو الله ويرجوه ويثق به ان يهديه لاقرب الطرق الموصلة الى وحري بعبد تكون هذه حاله. ثم يبذل جهده ويستفرغ وسعه في طلب الهدى والرشد. ان يوفق لذلك. وان تأتيه المعونة من ربه وان يسدده في جميع اموره ما لهم من دونه من ولي. ولا يشرك في حكمه احدا لما نهاه الله عن استفتاء اهل الكتاب في شأن اهل الكهف لعدم علمهم بذلك وكان الله عالم الغيب والشهادة العالم بكل شيء اخبره وبمدة لبسهم وان علم ذلك عنده وحده فانه من غيب السماوات والارض وغيبها مختص به فما اخبر به عنها على السنة رسله فهو حق اليقين الذي لا يشك فيه وما لا يطلع رسله عليه فان احدا من الخلق لا يعلمه. وقوله الصل به واسمع تعجب من كمال سمعه وبصره. واحاطتهما بالمسموعات والمبصرات. بعدما اخبر باحاطة علمه بالمعلومات. ثم اخبر عن انفراده بالولاية العامة والخاصة فهو الولي الذي يتولى تدبير جميع الكون. الولي لعباده المؤمنين يخرجهم من الظلمات الى النور. وييسرهم لليسرى جنبهم العسر. ولهذا قال ما لهم من دونه من ولي اي هو الذي تولى اصحاب الكهف بلطفه وكرمه ولم يكلهم الى احد من الخلق وهذا يشمل الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي الديني. فانه الحاكم في خلقه قضاء وقدرا وخلقا وتدبيرا. والحاكم فيهم بامره ونهيه وثوابه وعقابه