للوصول الى مشارق الارض ومغاربها وانحائها اعطاه الله ما بلغ به مغرب الشمس حتى رأى الشمس في مرأى العين كأنها تغرب في عين حمأة اي سوداء وهذا المعتاد لمن كان بينه وبين افق وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين والاولياء العادلين العالمين. حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل احد بما يليق بحاله اي لما وصل الى مغرب الشمس كر راجعا قاصد مطلعها متبعا للاسباب التي اعطاها المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. كان اهل الكتاب او المشركين بكون سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة ذي القرنين فامره الله ان يقول ساتلوا عليكم منه ذكرا فيه نبأ مفيد وخطاب عجيب اي ساتلوا عليكم من احواله ما يتذكر فيه ويكون عبرة واما ما سوى ذلك من احواله فلم يتلوه عليهم له في الارض واتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا. انا مكنا له في الارض اي ملكه الله تعالى ومكنه من النفوذ في اقطار الارض وانقيادهم له. واتيناه من كل شيء سببا فاتبع سببا. اي اعطاه الله من اسباب الموصلة له لما وصل اليه. ما به يستعين على قهر البلدان. وسهولة الوصول الى اقاصي العمران. وعمل بتلك الاسباب التي اعطاه الله اياها اي استعملها على وجهها فليس كل من عنده شيء من الاسباب يسلكه. ولا كل احد يكون قادرا على السبب. فاذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به حصل المقصود وان عدم او احدهما لم يحصل. وهذه الاسباب التي اعطاه الله اياها لم يخبرنا الله ولا رسوله بها. ولم نقلها الاخبار على وجه يفيد العلم. فلهذا لا يسعنا غير السكوت عنها. وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للاسرائيليات ونحوها. ولكننا نعلم جملة انها اسباب قوية كثيرة. داخلية وخارجية بها صار له جند عظيم ذو عدد وعدد ونظام. وبه تمكن من قهر الاعداء ومن تسهيل الغربي ما رآها تغرب في نفس الماء. وان كانت في غاية الارتفاع. ووجد عندها قوما قلنا يا ذا القرنين انا ان تعذب وانا ان تتخذ فيهم حسنا. ووجد عندها اي عند مغربها قوما. قلنا يا ذا القرن اما ان تعذب واما ان تتخذ فيهم حسنا. اي اما ان تعذبهم بقتل او ضرب او اسر ونحوه. واما ان تحسن اليهم فخير بين الامرين لان الظاهر انهم اما كفار او فساق او فيهم شيء من ذلك. لانهم لو كانوا مؤمنين غير الفساق لم يرخص له في تعذيبهم. فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء لتوفيق الله له لذلك. فقال ساجعلهم قسمين اما من ظلم بالكفر فسوف نعذبه ثم يرد الى ربه فيعذبه عذابا نكرا. اي تحصل له العقوبتان عقوبة الدنيا وعقوبة الاخرة واما من امن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول لهم واما من امن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى اي فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة. وسنقول له من امرنا يسرا. اي وسنحسن اليه ونلطف له بالقول ونيسر له الله فوصل الى مطلع الشمس من دونها سترا. اي وجدها تطلع على اناس ليس لهم ستر من الشمس. اما لعدم استعدادهم في المساكن وذلك لزيادة همجهم وتوحشهم وعدم تمدنهم واما لكون الشمس دائمة عندهم. لا تغرب عنهم غروبا يذكر. كما يوجد ذلك في شرقي افريقيا الجنوبي فوصل الى موضع انقطع عنه علم اهل الارض. فضلا عن وصولهم اياه بابدانهم. ومع هذا فكل هذا بتقدير الله له. وعلمه ولهذا قال بما عنده من الخير والاسباب العظيمة. وعلمنا معه حيث توجه وسار. ثم اتبع سببا ان وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. حتى اذا بلغ بين السدين قال المفسرون ذهب متوجها من المشرق قاصدا للشمال فوصل الى ما بين السدين وهما سدان كانا سلاسل جبال معروفين في ذلك الزمان سدا بين يأجوج ومأجوج وبين الناس. وجد من دون السدين قوما لا يكادون يفقهون قولا. لعجمة السنتهم واستعجام اذهانهم وقلوبهم. وقد اعطى الله ذي القرنين من الاسباب العلمية ما فقه به السنة اولئك القوم. وفقههم وراجعهم وراجعوه. فاشتكوا اليه الضرر يأجوج ومأجوج وهما امتان عظيمتان من بني ادم فقالوا يا ذا القرنين في الارض فهل نجعل لك فرجا فهل نجعل لك فرجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا ان يأجوج ومأجوج مفسدون في الارض بالقتل واخذ الاموال وغير ذلك. فهل نجعل لك خرجا اي جعلا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا ودل ذلك على عدم اقتدارهم بانفسهم على بنيان السد. وعرفوا اقتدار ذي القرنين عليه. فبذلوا له اجرة ليفعل ذلك. وذكر له السبب الداعي وهو افسادهم في الارض. فلم يكن ذو القرنين اذا طمع ولا رغبة في الدنيا. ولا تاركا لاصلاح احوال الرعية. بل كان قصده الاصلاح. فلذلك اجاب لما فيها من المصلحة ولم يأخذ منهم اجرة. وشكر ربه على تمكينه واقتداره. فقال لهم ما مكني فيه ربي خير اي مما تبذلون لي وتعطوني. وانما اطلب منكم ان تعينوني بقوة منكم بايديكم. اجعل بينكم وبينهم ردما. اي مانعا من عبورهم اتوني زبر الحديد حتى اذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا اتوني زبر الحديد اي قطع الحديد فاعطوه ذلك حتى اذا ساوى بين الصدفين اي الجبلين الذين بنى بينهما السد قال انفخوا النار اي اوقدوها ايقادا عظيما واستعملوا لها المنافيخ لتشتد فتذيب النحاس فلما ذاب النحاس الذي يريد ان يلصقه بين زبر الحديد اي نحاسا مذابا فافرغ عليه القطر. فاستحكم السد استحكاما هائلا. وامتنع به من وراءه من الناس. من ضرر يأجوج ومأجوج فما اسطاعوا ان يظهروا وما استطاعوا له نقبا. اي فما لهم من استطاعة ولا قدرة على الصعود عليه الارتفاع ولا على نقبه لاحكامه وقوته. فلما فعل هذا الفعل الجميل والاثر الجليل اضاف النعمة الى موليها وقال وكان وعد رب هذا رحمة من ربي. اي من فضله واحسانه علي. وهذه حال الخلفاء الصالحين. اذا من الله عليهم بنعم ازداد شكرهم واقرارهم واعترافهم بنعمة الله. كما قال سليمان عليه السلام لما حضر عنده عرش ملكة سبأ مع البعد العظيم قال هذا من فضل ربي ليبلوني اأشكر ام اكفر؟ بخلاف اهل التجبر والتكبر والعلو في الارض. فان نعم الكبار تزيدهم اشرا وبطرا ما قال قارون لما اتاه الله من الكنوز. ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة. قال انما اوتيته على علم عندي. وقوله فاذا جاء وعد ربي اي الخروج يأجوج ومأجوج جعله اي ذلك السد المحكم المتقن دكا اي دكه فانهدم هو والارض وكان وعد ربي حقا. وتركنا بعضهم يومئذ يموت في بعض ونفخ في الصور فجمعنا وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض. يحتمل ان الضمير يعود الى يأجوج ومأجوج. وانهم اذا خرجوا على الناس من كثرتهم بهم للارض كلها يموج بعضهم ببعض. كما قال تعالى حتى اذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون. ويحتمل ان الضمير يعود سئل الخلائق يوم القيامة وانهم يجتمعون فيه فيكفرون ويموج بعضهم ببعض من الاهوال والزلازل العظام. بدليل قوله ونفخ في الصور فجمع معناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا. الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكري. وكانوا لا يستطيعون سمعا ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. اي اذا نفخ اسرافيل في الصور اعاد الله الارواح الى الاجساد. ثم حشرهم وجمعهم لموقف الاولين منهم والاخرين والكافرين والمؤمنين. ليسألوا ويحاسبوا ويجزون باعمالهم. فاما الكافرون على اختلافهم فان جهنم خالدين فيها ابدا