السلام عليكم ورحمة الله. واهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة على قناة مدرسة الشعر العربي. مع محمد صالح نستأنف رحلتنا مع قصائد اللغة العربية وصلنا اليوم الى قصيدة من اشرف القصائد واشهرها. لانها جميلة رائعة. وايضا لشرف موضوعها فقد قيلت لمدح افضل الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القيت امامه مدحا له. وسمعها بنفسه فاعجبته. وكافئ صاحبها بان خلع بردته الشريفة واعطاها هدية قائلها وهو الصحابي والشاعر كعب بن زهير بن ابي سلمة رضي الله عنه نتناول في الحلقات القادمة قصيدة بانت سعاد او ما تعرف ببردة كعب بن زهير في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرح مبسط مختصر كعادتنا لا تنسى الاعجاب بهذه الحلقة والاشتراك معي في القناة ساتحدث اولا في عجالة عن المناسبة التاريخية التي قيلت فيها. وبعض الملاحظات لتفهم الصورة جيدا ثم نشرع مباشرة في القصيدة كما اعتدنا بدأ الاسلام ينتشر من المدينة المنورة. وسمعت به قبائل العرب. وسمعوا عن هذا الرجل الذي يدعى محمد الذي جاء بدين جديد ويقول انه نبي يلقى اليه الوحي من السماء وكان ممن سمع به الشاعران الاخوان بجير وكعب ابنا الشاعر المشهور زهير ابن ابي سلمة. صاحب المعلقة المشهورة التي تناولناها في القناة وعندما مرا قريبا من المدينة قال بجير لكعب انه يريد ان يدخل المدينة ليستمع بنفسه من النبي صلى الله عليه وسلم فذهب وقابل النبي واسلم وارسل الى اخيه كعب ليسلم هو الاخر. ولكن كعب رفض وغضب. وقال قصيدة يشبب باخيه الذي خرج عن دين ابائه وسب الاسلام وسب الرسول صلى الله عليه وسلم وسب نساء المسلمين فاهدنا الرسول دمه وبعد فترة عندما فتحت مكة ودانت العرب للرسول صلى الله عليه وسلم كتب بجير الى اخيه كعب ان الرسول قتل رجالا بمكة ممن كان احل دمهم. وان الباقين يهربون منه. وانني لا احسبك ناجيا. فان كان لك في نفسك حاجة فاقبل الى رسول الله فانه لا يقتل احدا جاءه تائبا. اي انه يسامح من اتى اليه معتذرا فضاقت الارض على كعب وحاول اللجوء الى قبيلة مزينة لتحميه من الرسول فرفضوا. فلم يجد حلا الا الذهاب للمدينة لطلب العمل وجاء متخفيا خائفا ونزل الى رجل كانت بينه وبينه معرفة قديمة. فقدم به الى الرسول وقال قم الى الرسول ايطلب الامان لنفسك وتقدم الى الرسول صلى الله عليه وسلم وكان الرسول لا يعرف وجهه وقال ان كعب بن زهير اتى اليك تائبا مسلما فهل انت قابل منه ان انا جئتك به؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم نعم فقال انا كعب بن زهير ثم استأذن وقال قصيدته التي يمدح فيها الرسول فكافأه الرسول صلى الله عليه وسلم بان خلع بردته اي عباءته والبسها وفيما بعد كان خلفاء المسلمين من دولة بني امية ثم بني العباس يرتدون هذه البردة يوم تتويجهم وفي الاعياد. وظل موجودة حتى دخلت قطار بغداد واحرقوا ودمروا كل شيء هذه هي القصة باختصار. وهناك نقطة اخرى اريد ان اتطرق اليها قبل ان نشرح البردان وهي ان كعب بن زهير عندما انشدها كان قد دخل الاسلام في التو واللحظة ولا يعرف اي شيء عن الاسلام وبدأ بطريقة العرب في انشاد الشعر فبدأ بوصف المحبوبة التي تركته وتغزل فيها وكانت هذه عادة العرب يقول البعض انها حبيبة متخيلة او ربما هي حقيقية ولكن ما يهمنا هو انه ذكر قسما من الغزل ووصف الخمر وكلام لا يليق بمقام الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد يستغرب البعض هذا فيقول كيف يفعل هذا ولم ينهاه الرسول الجواب بكل بساطة هو انه كان قد اسلم للتو. ولا يعرف ما الحلال ولا الحرام. واتى معتذرا خائفا. ويتكلم بما اعرفه فلا يقصد ان يعصي الرسول وهو يطلب منه الامان فعرف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا فتجاوز عنه وقبل اعتذاره وكافأه وهناك باب كامل في الفقه عن المؤلفة قلوبهم. وهم المسلمون الجدد بالتعبير الحالي. كيف تعاملهم وتعطيهم الثقة؟ ربما تجاوزوا عن بعض اخطائهم وتتودد اليهم الى ان يتعلموه. وعندما يتعلم المسلم الجديد دينه فسوف يتوقف من تلقاء نفسه عن العادات الاسلامية واستدل البعض من هذا ان التغزو العفيف في الزوجة او الحليلة امر مقبول. على العموم هذا موضوع فقهي لا اتكلم فيه ولكنني احببت ان اضعكم في الصورة فيما يتعلق بهذا الموضوع وبغض النظر عن هذه المواضيع فالقصيدة جميلة وفيها ذكاء كبير. فنحن لا نحبها فقط لشرف موضوعها وهو فعلا سبب وجيه ولكن ايضا لان اللغة قوية وتعبيراته مؤثرة وهي قصيدة لامية مضمومة تأتي على بحر البسيط وقد تولى شرحها عبر الزمن علماء كثيرون. نذكر منهم الخطيب التبريزي وابن الانباري وابن هشام الانصاري وجلال السيوطي والشيخ سليمان الجمل. وسوف اضع رابطا في الوصف لمن اراد ان يقرأ تسلسل افكاري او ترتيب المواضيع فيها هو كالتالي بدأ القصيدة بذكر ان حبيبته ابتعدت عنه فذهب عقله. وان قلبه متعلق بها ولم يستطع تخليص نفسه منها ثم يتغزل في جمالها في مجموعة من الابيات التي علقت عليها انفا ولكنه ينقلب فجأة الى الهجوم على حبيبته وقد هجرته وتخلت عنه وسببت له القلق والالم. وفجعت قلبه وهي لا تدوم على حالها معه. بل هي تتلون ولا تتمسك بعهودها ويقول كثير من الشراح انه يكني عن الحياة وانقلاب الايام بهذه الحبيبة فليست هناك حبيبة حقيقية بل هي الدنيا التي انقلبت عليه. ووجد نفسه محصورا ويكاد يقتل ويطلب الامن فلا يجد ويضطر الى طلب العفو. وهو موقف شديد الصعوبة على النفس ثم يتسلسل في الافكار الى ذكر الرحلة التي قطعها في طريقه الى المدينة. ويذكر صعوبتها وطولها. فيقول انه يحتاج الى اقوى لتوصلها وهنا نجد انفسنا امام قسم طويل يصف فيه الناقة يذكرنا بوصف طرفة بن العبد الطويل ايضا لناقته ربما يؤكد لنا على صعوبة الرحلة التي قطعها متخفيا خائفا قلقا ثم انتقل الى ذكر حاله وان الناس يخوفونه ويذكرونه انه مطلوب للقتل ويقول لهم خلوا عني فالموت سيطال الجميع. وقد انبئت ان الرسول سيسامحني وانني اطمع في كرمه ويوجه حديثه الى الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول لا تأخذني باقوال الناس. فانا الان في مقامك وانت مقامك عظيم ووقوفي امامك اشد عندي من وقوفي امام اسد قاتل ثم يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه على شجاعتهم وقوتهم في الحروب. وانهم اشرف الناس واقواهم وانهم لا يهزمون في حرب تسلسل افكار في القصيدة عبقري وفيها حسن تخلص وشرح لما في دواخل نفسه وايا ما كان فالرسول صلى الله عليه وسلم ارفع الناس خلقا واشرف من مشى على هذه الارض لن يرد من اتى اليه معتزلا خائفا وقد حسن اسلام كعب بن زهير رضي الله عنه فيما بعد. وله اشعار اخرى وديوان كامل. ولكن هذه القصيدة بالطبع هي اشهر ما قال لارتباطها بقصة اسلامه وبشخص الرسول صلى الله عليه وسلم هكذا نكون قد انهينا حلقة التعريف بشاعرنا. بمناسبة القصيدة. سنبدأ مباشرة في شرحها في الحلقات القادمة شكرا لكم على حسن الاستماع. ولا تنسوا الاعجاب بهذه الحلقة والاشتراك في القناة ومشاهدة الحلقات القديمة شكرا لكم. كان معكم محمد صالح من قناة مدرسة الشعر العربي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته