ان تفسير القرآن لا بد ان يلاحظ فيه وقت نزول الاية فلا يصح ان تفسر الاية القرآنية المكية بناء على سبب او حادثة وقعت في اه العهد المدني ومن امثلته الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد ارحب بكم في لقاء جديد من لقاءات قواعد التفسير نتحدث باذن الله عز وجل في هذا اليوم عن قواعد عامة في تفسير القرآن القاعدة الاولى ان كل تفسير للقرآن يعارض الكتاب او السنة فانه يرد ولا يقبل من امثلة ذلك ما ورد عن مقاتل في تفسير قصة ادم عليه السلام ان الله عز وجل انما امر الملائكة بالسجود لادم قبل ان يخلق ادم وهذا القول يعارض قوله جل وعلا. واذ قال ربك للملائكة اني اني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ومن امثلة مخالفة التفسير سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما ورد عن محمد بن كعب القرظي في تفسير قوله تعالى عن مريم عليه السلام يا اخت هارون قال هي اخت هارون لابيه وامه وهي اخت موسى وهي اخت موسى فان هذا القول في تفسير القرآن مخالف لما ورد من الحديث ان اهل نجران لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه فقالوا انكم تقرأون قالوا للمغيرة ابن شعبة انكم تقرؤون يا اخت هارون. وموسى قبل عيسى بكذا وكذا قال المغيرة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال انهم كانوا يسمون بانبيائهم والصالحين قبلهم ولذلك ورد في حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا اولى الناس بابن مريم الانبياء اولاد علات وليس بيني وبينه نبي كما في الصحيحين القاعدة الثانية التي نتكلم عنها اليوم قاعدة ان قاعدة تنازع القواعد للتفسير الواحد فانه قد يأتي في قاعدة واحدة قواعد قد يأتي في تفسير الاية الواحدة قواعد متعددة بحيث اذا الحقنا هذه الاية وفسرناها بناء على على احدى القواعد كان تفسيرها يدل على شيء بينما اذا فسرناها بناء على قاعدة اخرى فانه حينئذ آآ يكون التفسير مغايرا للتفسير الاول من امثلة آآ ذلك مثلا في قوله جل وعلا يسبح لله ما في السماوات وما في الارض هنا قد آآ يكون المراد بقوله ما في السماوات المراد بها ما الموصولة وقد اعترظ بعظهم على هذا بان ما في الاصل لغير العاقل وهنا كون ما لغير العاقل يقتضي ان ما ليست الموصولة وانما هي المصدرية كما قال ذلك طائفة اعترض على هذا بان ما الموصولة قد تأتي للعاقل. كما في قوله تعالى اني نذرت لك ما في بطني محررا ومن امثلة ذلك مثلا مثال اخر قد يكون اوظح من من هذا في اه آآ مثال ذلك مثلا في قوله عز وجل ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم من النساء فان المفسرين قد اختلفوا في لفظة ما في هذه الاية هل هي موصولة فيكون معناها لا تنكحوا النساء اللاتي نكحهن اباؤكم او ان يكون المراد بماء هنا ماء المصدرية فكأنه قال لا تنكحوا نكاحا يماثل نكاح ابائكم في الجاهلية و احد هذين التفسيرين قد تأيدا بسبب نزول الاية. فقد جاء في سبب نزول هذه الاية انه لما توفي ابو قيس بن الاسلت خطب ابنه قيس امرأة ابيه فقالت امرأة ابيه اني اعدك ولدا. ولكني اتي رسول الله صلى الله عليه وسلم استأمره. فاتته فاخبرته فانزل الله تعالى هذه الاية فهذا النوع من النكاح الجاهلي كان موجودا معروفا عند العرب في الجاهلية فهنا هذه الاية ما هذه الاية لا تنكحوا ما نكح اباؤكم قد فسرت بتفسيرين وتنازعتها قاعدتان القاعدة اولى تفسير الاية بحسب سبب النزول وقاعدة الثانية ان الاصل في ماء الموصولة ان تكون لغير العاقل. ومن ثم اه يتعين حملها على غير الموصولة فتكون مصدرية وذلك لان اكثر استعمال لفظة ماء في لسان العرب لغير بني ادم فهنا رجحنا احدى القاعدتين الدالة على تفسير هذه الاية ومن تنازع القواعد تنازع اهل العلم في قوله تعالى وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله فانه قد فسر الشاهد هنا تفسيرات مختلفة فقال طائفة بان هذه الاية يخاطب بها مشركوا اه قريش وذلك ان اهل الكتاب قد شهدوا على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وقال اخرون هذه الاية تخاطب اليهود والمراد بالشاهد عبدالله بن سلام وهذا القول الثاني هو الذي عليه الاظهر فهل المراد شهد شاهد من بني اسرائيل على مثله يعني على مثل القرآن وهو التوراة وذلك ان محمدا صلى الله عليه وسلم قد وجد مكتوبا في التوراة انه نبي الم فاليهود يجدونه فهنا تعارض في هذه الاية قاعدتان من قواعد آآ التفسير وآآ القاعدة الاولى ان تفسير جمهور السلف مقدم على غيره والقاعدة الثانية اه ان اه نصوص الوحي يجب حملها على العموم القاعدة الثالثة التي نتكلم عنها في هذا اليوم باذن الله عز وجل ان الاصل في ايات القرآن انها محكمة غير منسوخة ولا يصح جعل اية من ايات كتاب الله منسوخة الا بدليل شرعي فالاصل ان الاية اه محكمة وليست بمنسوخة ومن ادعى نسخ اية فانه حينئذ لا تقبل منه هذه الدعوة ومن امثلة ذلك قوله جل وعلا فاما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب اوزارها اي ان الاسرى يخير المسلمون فيهم بين المن عليهم واطلاقهم بدون مقابل وبين اخذ الفداء عليهم مع خيارات اخرى وقد اختلف اهل العلم في هذه الاية فقال بعضهم هذه الاية منسوخة بقوله تعالى فاقتلوا المشركين وقوله فاما لتثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم وقال اه فلا يجوز عند اصحاب هذا القول المن على الاسير او الفداء به والقول الثاني ان الاية محكمة وليست بمنسوخة و بالتالي يجوز المن على الاسير والفداء كما يجوز الاسترقاق والقتل على حسب ما يراه الامام من الاصل فحينئذ نقول هذا القول الثاني ارجح لماذا؟ لانه هو الموافق لقاعدة الاصل في الايات القرآن انها محكمة ولا يحكم عليها بالنسخ الا اه بناء على دليل القاعدة الرابعة التي نأخذها في هذا اليوم ان القراءات يجب العمل بها ويجب الاخذ وبها ولا يجوز ردها ولا ويحرم رد معناها. والقراءة بمنزلة الاية المستقلة بنفسها لانها قد ثبتت آآ عن الشارع ومن ثم لا يصح لنا ان نرد قراءة من القراءات بمجرد عدم موافقتها لاهوائنا او لما نقرره من احكام فقهية او لغوية ومن امثلة ذلك مثلا لفي قوله تعالى واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام هكذا قرأ الجمهور بنصب الارحام بينما قرأ حمزة واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام بالجر كمايل تقول يقول الانسان لصاحبه اسألك بما بيني وبينك من الرحم ان آآ الا تخذلني وان تقوم معي ونحو ذلك وقد انكر بعض اهل اللغة هذه القراءة والارحام. قالوا لانها تخالف اه لغة العرب التي لا تجيز ان يعطف الاسم الظاهر الارحام على اه الظمير في قوله به على الظمير المخفوظ ولكن بما ان هذه قراءة متواترة فحينئذ لا يصح لنا ان نرد القراءة المتواترة بناء على اه بعظ الاراء الفقهية من اه القواعد العامة القاعدة الرابعة التي نأخذها في هذا اليوم ان معنى القراءة المتواترة اولى انه يجب الاخذ بمعنى القراءة التي نأخذها في هذا اليوم ان معنى القراءة المتواترة او لا انه يجب الاخذ بمعنى القراءة المتواترة ومن امثلة ذلك مثلا في قوله عز وجل ومن عنده علم الكتاب فهذه آآ قراءة متواترة بينما ورد في قراءة شاذة ومن عنده علم الكتاب الاية الاولى ومن عنده علم الكتاب المراد آآ يكون المراد بها ان اليهود والنصارى آآ عندهم علم الكتاب فهم يشهدون لهذا وعلى القراءة الثانية ومن عنده علم الكتاب يراد بذلك رب العزة والجلال. لان الله هو الذي من عنده علم الكتاب. ومن عنده علم الكتاب كذلك من القواعد التي اه نتناولها في درسنا هذا اليوم باذن الله جل وعلا قاعدة وجوب تفسير القرآن بظاهره وتحريم صرف القرآن عن ظاهره الا بدليل يجب الرجوع اليه وذلك ان الله عز وجل قد خاطب العرب بلغتها والظاهر من المعنى الظاهر هو المتبادر الى الذهن من المعاني ومن ثم لا يجوز صرفه الى معنى باطل من صرفه لمعنى باطل فقد خالف مقتضى بيان القرآن ومقتضى كون القرآن عربيا. قال تعالى وكذلك اوحينا قرآنا عربيا كتاب فصلت اياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون وبين الله عز وجل ان علماء الشريعة يعرفون هذا الكتاب من طريق الوحي مما يدل على ان ظواهر القرآن مقصودة مرادة و من من الادلة على ذلك قوله عز وجل واوحي الي هذا القرآن لينذركم به ومن بلغ. فالانذار بظاهر القرآن وآآ هناك تفسيرات لبعض اهل البدع فسروا بها الايات القرآنية صرفوها عن ظواهرها ومن ذلك مثلا في قوله تعالى جنات تجري من تحتها الانهار. قال بعظ الباطنية المراد بالانهار السعادة واللذة فهذا تفسير مردود لانه يخالف ظاهر القرآن ولو فتحنا هذا الباب لردت الشريعة بالكلية ومن هنا فما يفعله بعض الحداثيين وبعض من يسمون انفسهم الادباء العصرانيين من الالفاظ تدل على غير ظاهرها ومرادها هذا مذهب باطني مردود مذموم لا يقبل من اه صاحبه وليس هذا شيئا جديدا وانما هذا مذهب باطل من قديم ومن امثلة ذلك مثلا اه تفسير بعضهم قوله عز وجل رب المشرقين ورب المغربين بان المراد بالمشرقين النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وان المراد بالمغربين الحسن والحسين. ومن امثلتها هذا يخالف ظاهر القرآن ومن امثلة هذا مثلا اه تفسير بعضهم قوله عز وجل ظرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط فهذا المراد به امرأة نوح وامرأة لوط. فقول بعضهم ان المراد به عائشة وحفصة هذا قول يخالف ظاهر القرآن تفسير باطني فلا يلتفت اليه ولا يعول اه عليه ومن امثلة ذلك ايضا ما يسمونه بالتفسير الاشاري فانه غير مقبول ومردود لانه يخالف ظاهر القرآن. مثال مثلا لما قال اذهب الى فرعون قالوا المراد به القلب وقال والذين معه قال تذبحوا بقرة قالوا هي النفس فهذا تفسير يخالف ظاهر القرآن ومن ثم لا يلتفت اليه ولا آآ يعول عليه ومن امثلة هذا ايضا ما يفعله كثير من نفاة الصفات الذين يفسرون ايات الصفات بخلاف ظاهرها ومن امثلته قوله عز وجل وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة فلا يفسرونه بالنظر الى رب العزة والجلال. وقوله وقالت اليهود يد الله مغلولة يقولون المراد بيد الله نعمته او ارادة الانعام. فهذا ايضا من مخالفة ظاهر القرآن فيكون مردودا على صاحب غير مقبول عند الله عز وجل ومن امثلته ايضا قوله عز وجل تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن. وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم حيث قال طائفة بان المراد بالتسبيح شهادة هذه المخلوقات بوجود الله. وهذا يخالف ظاهر بل هذا تسبيح حقيقي لكننا لا نعرف كيفيته كما كان آآ الحصى يسبح بين كما كان ان الحصى يسبح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك من القواعد التي آآ ينبغي لمفسر القرآن ان يلتفت اليها انه لا يصح تفسير القرآن ولا لا يصح تفسير القرآن على تفصيلات لامور مغيبة لا دليل عليها لا يصح تفسير القرآن بامور مغيبة لا اه دليل اه عليها فان ظاهر القرآن هو المراد فتفسير القرآن بتفصيلات اه لم ترد في شيء من الادلة هذا مردود على صاحبه ومن امثلة ذلك مثلا في قوله تعالى عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا قال بعض المفسرين المراد بهذا ان يقعده معه يوم القيامة على العرش. فهذه تفاصيل لم ترد في الاية ليس فيها ليس عليها دليل من كتاب ولا سنة ولا اجماع ومن ثم فيكون هذا التفسير مردودا غير اه اه مقبول لانه اعتمد على تفصيلات ليست في اه القرآن ايضا من القواعد التي يفسر بها القرآن قوله عز وجل ومن عنده علم الكتاب قال ابو بشر جعفر ابن ابي وحشية قلت لسعيد بن جبير ومن عنده علم الكتاب اهو عبد الله بن سلام؟ قال هذه السورة مكية فكيف يكون عبد الله ابن سلام ومن امثلته مثلا قوله تعالى وشهد شاهد من بني اسرائيل على نفسه قال مسروق والله ما نزلت الا في عبد الله ابن سلام. والله ما نزلت في عبد الله بن سلام. ينفي ما نزلت الا بمكة وما اسلم عبد الله الا بالمدينة. ولكنها خصومة خاصم محمد بها خاصم بها محمد صلى الله عليه وسلم بها قومه فنزلت قل ارأيتم ان كان من عند الله وكفرت تنبيه وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله. فامن واستكبرتم. فالتوراة مثل القرآن. وموسى مثل محمد ومن امثلته ايضا بتفسير قوله الى غير ذلك من الامثلة مثلا في قال القرطبي في قوله وقد فصل لكم ما حرم عليكم اي بين لكم. والمراد به سورة ما ورد في سورة المائدة وهذا القول فيه نظر فان سورة الانعام مكية. فلا يصح ان تقع الاشارة فيها الى شيء انما نزل في المدينة فان سورة المائدة سورة مدنية من اه الامثلة ايضا على او من القواعد المتعلقة بهذا انه لا يجوز لنا ان نحدث تفسيرا لاية في القرآن مخالفة لاقوال السلف. مخالفة آآ مخالفة تظاد ليست مخالفة تنوع ومن امثلته مثلا فسر السلف قوله ثم استوى على العرش بالاستيلاء والعلو والارتفاع فسر السلف قوله ثم استوى على العرش بالعلو والارتفاع ومن هنا لا يصح لنا ان نحدث تفسيرا جديدا بان نقول ان المراد بقوله استوى استولى. فان هذا تفسير حادث لم يحدث الا بعد عصر اه السلف ومن ثم لا ينبغي ان يلتفت اليه ومن امثلته مثلا قوله جل وعلا ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين قالوا فالسلف يرون ان المسخ هذا المذكور في هذه الاية كان مسخا حقيقيا انا والصورة حيث مسخت قلوبهم ومسخت صورهم قردة بينما رأى بعض المتأخرين من المفسرين ان المراد المسخ المعنوي فنسخت قلوبهم دون صورهم طاهرة ولم يمسخوا قردة وهذا يخالف هذا قول متأخر انما نشأ في القول في القرن الثالث يخالف ما عليه اصحاب القرن الاول القرن الساني ومن ثم لا ينبغي ان يعول عليه ولا ان يلتفت اليه ايظا من القواعد المتعلقة بهذا ان التفسير المؤيد باية قرآنية اخرى يقدم على التفسير الذي لم يتأيد باية قرآنية ولعلنا ان شاء الله تعالى نفصل في هذا يذكر احكامه في لقائنا القادم. واسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة. وان يجعلنا واياكم من الهداة هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين