او تأخير عن مرتبة لو كان ذلك حاملا على الاشر والبطر وربما منعك من حصول الذي دعوت به وان كان ظاهره الخير لك بان مآله الى الشر العظيم لذلك يقول الله تعالى الحمد لله تستمعون لكتاب اشراق على كتاب البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله حقق المتن وقدم له وعلق الحاشية الدكتور مطلق بن جاسر بن مطلق الجاسر بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اما بعد فان الله سبحانه وتعالى خلق خلقه ولم يتركهم هملا بل اقام عليهم الحجة واوضح لهم المحجة وذلك بارسال الرسل الذين ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم وانزال الكتب التي ختمت بالقرآن العظيم وان اعظم ما جاء به القرآن والسنة توحيد الله عز وجل الذي لا يطيب عيش المرء في الدنيا ولا في الاخرة الا به ولا شك ان العلم يشرف بشرف متعلقه ومن هنا فان العلم المتعلق بتوحيد الله تبارك وتعالى في الربوبية والالوهية والاسماء والصفات هو اشرف العلوم واجلها وقد وفق الله تعالى للعناية برسالة من رسائل هذا العلم الشريف وهي رسالة البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وهي احدى اسهامات الشيخ المباركة في الدفاع عن الدين وابطال اصول الملحدين والرد على منكري الربوبية والالوهية وهكذا يجب ان يكون العالم الرباني فان الشيخ رحمه الله قد عاش في عصر انتشرت فيه انحرافات كثيرة ودعوات باطلة وقد نشطت فيه الدعوة الى الالحاد والشيوعية المادية ووصلت الى عدد من بلدان المسلمين عبر بوابة القومية وغيرها وتأثر بهذه الدعوات من تأثر من المسلمين علماء الامة ليكونوا سدودا منيعة وحصونا حصينة لصد عادية تلك الافكار الخبيثة تأليفا وتدريسا وتوجيها وحوارا ومناظرة ذبا عن دين الله ونصرة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذبلت هذه الشبهات وماتت او كادت ثم جاء في هذه السنوات المتأخرة من اوقد للحرب نارها واضرم فيها سعارها ونفخ هواءه المنتن في جسدها الخبيث حتى قامت على اقدامها تصارع الناس وتحاول صدهم عن دينهم ولابد هنا من مواجهة ذلك بالتخلية والتحلية تخلية القلب من اودار الشبهات بنقضها من اصولها وبيان تهافتها ثم تحلية القلب بالتوحيد لتثبيت دلائله ومسائله وقد يسر الله تعالى لعبده الفقير تأليف كتاب يعنى بالمعالجة التأصيلية لشبهات الفكرية وهو كتاب ترياق نحو معالجة للشبهات الفكرية وارجو ان يكون خطوة في طريق التخلية واما التحلية بتثبيت دلائل ومسائل الشهادتين ففكرت ان تكون مساهمتي المتواضعة فيها من خلال كتابين اشراق ومصداق تم كتاب مصداق سيكون في تثبيت دلائل صحة نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم اسأل الله الاعانة على اتمامه واما كتاب اشراق فجعلته عناية برسالة البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اعتنيت بها تحقيقا وتحشية وتقديما وذلك بتحقيقها على اصلها الخطي ثم وضعت حاشية عليها تتمم مقاصدها وتوضح معانيها ثم جعلت بين يديها اربع مقدمات. وهي واحد ترجمة المؤلف رحمه الله بيان جهود علماء الامة المعاصرين في مواجهة الالحاد والانحرافات الفكرية الشيخ عبدالرحمن السعدي نموذجا ثلاثة الاستدلال العقلي على مسائل التوحيد وعلاقتهم بعلم الكلام اربعة دراسة مختصرة حول رسالة البراهين العقلية وعملي فيها وما كان لهذا العمل ان يتم لولا توفيق رب العالمين وتيسيره ثم معونة اسرتي واخواني واصحابي فلا يسعني هنا الا ان اتوجه بالشكر الجزيل والثناء العاطر الجميل لكل من ساهم في هذا العمل واخص اسرتي واخواني واصحابي وكذلك كل من شارك فيه برأي او مشورة او مراجعة او افادة واسأل الله لي ولهم الحسنى والزيادة كما اسأل المولى عز وجل ان يبارك في القول والعمل وان يجنبنا الخطأ والزلل وهذا جهد المقل. واسهام ضعيف فان يك صوابا فمن الله وان يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه بريئان وكتبه فقير عفو ربه ابو عبد الله مطلق بن جاسر بن مطلق الجاسر الكويت ضحية الصديق عصر يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان الف واربعمئة واربعة واربعين هجرية الموافق السابع عشر من مارس الفين وثلاثة وعشرين ميلادية المقدمة الاولى ترجمة المؤلف الشيخ عبدالرحمن السعدي. رحمه الله اسمه ونسبه ومولده هو العلامة الشيخ ابو عبدالله عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله بن ناصر بن حمد السعدي. التميمي النجدي الحنبلي ويرجع نسب اسرته الى ال مفيد. من بني العنبر من بني عمر من قبيلة تميم ولد الشيخ رحمه الله في مدينة عنيزة بالقصيم. في الثاني عشر من محرم سنة الف وثلاثمائة وسبعة هجرية نشأته نشأ يتيم الابوين اذ توفيت والدته سنة الف وثلاثمائة وعشرة هجرية وعمره اربع سنين وتوفي والده وعمره سبع سنين سنة الف وثلاثمائة وثلاثة عشر هجرية فكفلته زوجة والده رحمها الله واحبته اكثر من اولادها ورعته حتى شب ثم انتقل الى بيت اخيه الاكبر حمد وقام برعايته وتربيته وكان حمد رجلا صالحا وقد كان والد الشيخ عبدالرحمن من العلماء وكان اماما لمسجد المسوكف بعنيزة وكان قد وصى ابنه حمدا برعاية اخيه الاصغر عبدالرحمن وقد كانت نشأته مسارا للاعجاب والدهشة ولفت الانظار لذكائه ورغبته الشديدة في طلب العلم تمكن محافظا على الصلوات الخمس مع الجماعة صفاته الخلقية كان قصير القامة ممتلئ الجسم. ابيض اللون مشربا بالحمرة مدور الوجه طلقة كثيف اللحية البيضاء وقد ابيضت مع رأسه وهو صغير كان شعره كثيفا وكانت الكثافة في شعر لحيته اقرب من رأسه وهو شاب وكذلك وهو كبير يتلألأ وجهه كأنه فضة وجهه حسن عليه نور في غاية الحسن وصفاوة اللون نير لا يرى الا مبتسما او بادية اسارير وجهه طلبه للعلم حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل تمام الثانية عشرة من عمره في مدرسة الشيخ سليمان ابن دامغ واهتم بطلب العلم على علماء بلده. وعلماء البلاد المجاورة لها كما كان يستفيد من العلماء الذين يفيدون. ومن يردون الى بلده كما جعل اوقاته كلها في تحصيله للعلم حفظا وفهما ودراسة ومراجعة واستذكارا حتى ادرك في صباه من العلم ما لا يدركه غيره في زمن طويل وقد كان لا يصرفه عن حلق الذكر ومجالس الدرس ان يصارف ولا يرده عن الدروس ان يراد الا ما يكون في حال الضرورة كما تعلم القراءة والكتابة في سن مبكرة ثم انكب على العلم وانقطع له ولم يشتغل باي من الاعمال التجارية حرصا على طلب العلم ولا ادل على حرصه على طلب العلم من المؤلفات التي اورثها وتداولها طلبة العلم من بعده وكان يميل كثيرا الى كتب شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ولهذا جاء من تأليفه في التفسير والحديث وغيره ورد لا ينضب من العلم ورفد لا يشح على متتبع لمؤلفاته ابرز مشايخه درس الشيخ رحمه الله على عدد من المشايخ فاخذ عنهم العلوم والفنون المتنوعة ومنهم واحد الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم المتوفى سنة الف وثلاثمائة وثلاثة وعشرين هجرية اثنان الشيخ ابراهيم بن حمد الجاسر المتوفى سنة الف وثلاثمائة واثنين واربعين هجرية اخذ عنه الحديث عندما عين قاضيا في عنيزة وجلس للتدريس فيها ثلاثة الشيخ محمد بن عبدالكريم الشبل المتوفى سنة الف وثلاث مئة وثلاثة واربعين هجرية اخذ عنه الفقه والنحو اربعة الشيخ صالح بن عثمان القاضي المتوفى سنة الف وثلاثمئة وواحد وخمسين هجرية قاضي عنيزة اخذ عنه التوحيد والتفسير والفقه واصوله والنحو وهو اكثر من قرأ عليه ولازمه اكثر من عشرين سنة خمسة الشيخ ابراهيم بن صالح بن عيسى المتوفى سنة الف وثلاثمائة وثلاثة واربعين هجرية ستة الشيخ علي بن ناصر ابو وادي المتوفى سنة الف وثلاثمائة وواحد وستين هجرية قرأ عليه في الحديث والامهات الست واجازه في ذلك سبعة الشيخ محمد امين فال الخير ابن عبدي الشنقيطي المتوفى سنة الف وثلاثمائة وواحد وخمسين هجرية نزيل الحجاز قديما ثم رحل الى بلدة الزبير قرأ عليه التفسير والحديث ومصطلح الحديث اثناء وجوده بمدينة عنيزة واخذ عنه سندا بالرواية تمانية الشيخ محمد بن الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله المانع المتوفى سنة الف وثلاثمائة وخمسة وثمانين هجرية مستشار المعارف بالمملكة العربية السعودية وقد قرأ عليه في عنيزة ابرز تلامذته اما تلاميذه فكثيرون جدا من اشهرهم واحد الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين المتوفى سنة الف واربعمائة وواحد وعشرين هجرية اثنان الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البسام المتوفى سنة الف واربعمائة وثلاث وعشرين هجرية ثلاثة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل المتوفى سنة الف واربعمائة واثنان وثلاثين هجرية اربعة الشيخ محمد بن سليمان البسام المتوفى سنة الف واربعمائة وواحد وثلاثين هجرية وغيرهم كثير اهم مؤلفاته للشيخ مؤلفات عديدة في مختلف الفنون منها واحد تفسير القرآن الكريم المسمى تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن اثنان تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن ثلاثة منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين اربعة التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة خمسة ارشاد اولي الالباب لمعرفة الفقه باقرب الطرق وايسر الاسباب ستة بهجة قلوب الابرار وقرة عيون الاخيار بشرح جوامع الاخبار سبعة توضيح الكافية الشافية وهو شرح على نونية ابن القيم تمانية الدرة البهية شرح القصيدة التائية في حل المشكلة القدرية لابن تيمية يعرفها الخواص والعوام وبعد ذلك كاف واف بالمقصود ولكننا نريد في هذه المحاضرة ان نشير اشارة يسيرة الى براهينها العقلية التي يشترك في معرفتها والخضوع لها جميع العقلاء من البشر تسعة رسالة لطيفة جامعة في اصول الفقه المهمة عشرة القواعد والاصول الجامعة. والفروق والتقاسيم البديعة النافعة احد عشر القواعد الحسان لتفسير القرآن اثنى عشر القول السديد في مقاصد التوحيد وغيرها كثير مرضه ووفاته توفي الشيخ رحمه الله قبيل فجر يوم الخميس الموافق الثاني والعشرين من جمادى الاخرة سنة ست وسبعين وثلاثمائة والف من مصادر ترجمة الشيخ روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين. للشيخ محمد بن عثمان القاضي الجزء الاول عدد الصفحة مئتين وتسعة عشر علماء نجد خلال ثمانية قرون. للشيخ عبدالله البسام الجزء الثالث عدد الصفحة من مائة وسبعة وسبعين الى مائتين واثنين وعشرين مقدمة التعليق وكشف النقاب على نظم قواعد الاعراب للشيخ محمد بن سليمان البسم مشاهير علماء نجد وغيرهم للشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف ال شيخ عدد الصفحة من ثلاثمائة واثنين وتسعين الى ثلاثمائة وسبعة وتسعين الشيخ عبدالرحمن بن سعدي وجهوده في توضيح العقيدة رسالة ماجستير للشيخ الدكتور عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر عدد الصفحة من ثلاثة عشر الى واحد وستين المقدمة الثانية جهود علماء الامة المعاصرين في مواجهة الالحاد والانحرافات الفكرية الشيخ عبدالرحمن السعدي نموذجا عن ابي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العلماء ورثة الانبياء ان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما انما ورثوا العلم فمن اخذ به اخذ بحظ وافر قال الامام ابن بطال رحمه الله جاء في كثير من الاثار ان درجات العلماء تتلو درجات الانبياء. ودرجات اصحابهم والعلماء ورثة الانبياء وانما ورثوا العلم وبينوه للامة. وذبوا عنه وحماه من تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين لا شك ان وظائف الانبياء جليلة ومن اعظمها واجلها وظيفة الذود عن حياض شريعة رب العالمين ونصرتها والدفاع عنها من اراد وراثتهم حقا فعليه ان يسير على دربهم. وينتهج نهجهم ولذلك جاء ورثتهم من بعدهم كلما جدد اعداء الاسلام انحرافات جدد لها هؤلاء العلماء ردودا جديدة كذلك وهم على هذا النهج القويم في كل زمان وكل مكان قال الامام احمد رحمه الله في مقدمة كتابه العظيم الرد على الزنادقة والجهمية الحمدلله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من اهل العلم يدعون من ضل الى الهدى ويصبرون منهم على الاذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله اهل العمى فكم من قتيل لابليس قد احيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما احسن اثرهم على الناس؟ وما اقبح اثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا الوية البدعة واطلقوا عقال الفتنة مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتنة المضلين ولا شك ان الله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وحفظ الكتاب الكريم كما قال سبحانه انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون فدين الله تعالى باق ما بقي الليل والنهار ومن اسباب بقائه هذه الثلة المباركة من العلماء ولن يكون للعلماء هذا الاثر الا بامرين واحد العلم الاصيل بالوحيين الكتاب والسنة الاطلاع الواسع على واقع الافكار المعاصرة لا سيما المنحرفة منها قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فمن طلب ذلك وجد في الكتاب والسنة من النصوص القاطعة للعذر في هذه المسائل ما فيه غاية الهدي والبيان والشفاء وذلك يكون بشيئين احدهما معرفة معاني الكتاب والسنة والثاني معرفة معاني الالفاظ التي ينطق بها هؤلاء المختلفون حتى يحسن ان يطبق بين معاني التنزيل ومعاني اهل الخوض في اصول الدين فحينئذ يتبين له ان الكتاب حاكم بين الناس فيما اختلفوا فيه كما قال تعالى كان الناس امة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ومن هؤلاء العلماء الشيخ عبدالعزيز الرشيد رحمه الله المتوفى سنة الف وثلاثمئة وسبعة وخمسين هجرية وهو علامة الكويت في زمنه وقد كانت له جهود عظيمة في الرد على الالحاد وقد نوقشت رسالة ماجستير في كلية الشريعة بجامعة الكويت بعنوان جهود الشيخ عبدالعزيز الرشيد في التصدي للالحاد والرد على شبهات الملحدين للطالبة سارة خالد الفارس وقد احسنت الباحثة في جمع جهود الشيخ في هذا الباب من مظانها ومن تلك الجهود المباركة لعلماء عصرنا ما قام به العلامة الشيخ عبدالعزيز ابن باز. رحمه الله المتوفى سنة الف واربع مئة وعشرين هجرية من التصدي للرد على الاطروحات الالحادية لعبدالله بن علي القصيمي المتوفى سنة الف وتسعمائة واربعة وتسعين ميلادية وقد قرظ الشيخ ابن باز رحمه الله لكتاب اسمه تشخيص اخطاء صاحب الاغلال الرئيسية وبيان ما دلت عليه من الالحاد والمذاهب الاباحية نشرته مطبعة انصار السنة المحمدية بمصر في واحد وخمسين صفحة عام الف وثلاثمائة وسبعة وستين هجرية الموافق الف وتسعمائة وثمانية واربعين ميلادية ويحتوي الكتاب على قصيدة للشيخ راشد بن صالح بن خنيم وقصيدة للشيخ صالح بن سليمان بن سحمان وقصيدة طويلة للشيخ صالح بن حسين العلي العراقي رحمهم الله وجاء في تقرير الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ما يدل على اطلاعه الدقيق على ضلالة القسم حيث قال الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده اما بعد فاني لما قرأت هذه القصيدة السديدة التي انشأها الفهم الاديب واللوذعي القريب الشاب الفاضل راشد بن صالح بن خنين زاده الله علما وفهما وجدتها قد وافقت الحق الذي يجب اعتقاده في هذا الباب وزيفت كثيرا من اضاضيل هذا الزائر المرتاب ان هذا الضال القصيم قد اكثر في كتابه من انواع الضلال والكفر والالحاد ليضل به الناس عن الحق والهدى ويدعوهم بها الى نبذ الدين وسلوك مسلك اعداء الله الكافرين في حب الدنيا وايثارها على الاخرة وطلبها بكل طريق اوصل اليها سواء اباحه الشرع او حظره ومن اكبر الاضاليل والمنكرات التي سطر في كتابه زعمه في الصفحة ثلاثمائة وخمسة عشر ان الايمان بالله وقدرته التامة على كل شيء. مشكلة لم تحل وقوله في الصفحة ثلاثمئة واثنين وستين ان البشر عاجزون فيما يبدو لنا حتى اليوم عن اهله. اي الدين وفهمه وتصوره على وجه النافع المفيد بل هم اما ان يبقوا غير متدينين او متدينين تدينا باطلا كما اثبت هذا جملة تاريخ الانسان لابد من استثناء فترات او ومضات قليلة خافتة الى ان قال والدين هو احد هذه الامور الجميلة التي عجز الناس عن تصورها تصورا صحيحا لانها جاءت قبل استيفاء استعدادهم الموقوت راحوا ضحايا هذا التصور الباطل الى ان قال في الصفحة ثلاثمائة وثمانية وعشرين ولكن ثبت ان البشرية عاجزة الا فيما ندر عن فهمه على وجهه الصحيح هذه هي المشكلة التي لم تحل فهذا الكلام لا يصدر الا من شخص عدو لله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وكافر بان القرآن حق ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم حق لان القرآن والسنة قد بين حقيقة الايمان بالله وحقيقة الدين الحق اعظم بيان وصار ذلك عند المؤمنين بالله حقا اوضح من الشمس في رابعة النهار وقد فهم الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه ومن تبعهم باحسان حقيقة الايمان وحقيقة الدين الحق ودرجوا عليه ودعوا اليه وجاءت الاحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم مبشرة بانه لا تزال طائفة من الامة على الحق منصورة ظاهرة الى قيام الساعة وفي بعضها حتى يأتي امر الله وكيف يكون الدين والحالة هذه لم يفهم الا في ومضات او فترات قليلة خافتة وكيف يكون البشر عاجزين عن فهمه وتصوره تصورا صحيحا مع وضوحه وظهور ادلته وكيف يجوز نسبة الله سبحانه الى انه كلف البشر ما لا يستطيعون فهمه وامرهم بشرائع قبل استعدادهم لها راحوا ضحايا هذا التصور الباطل هذا الكلام في غاية الكفر والضلال والالحاد وقتل الله هذا الرجل الخبيث ما اعظم جرأته على الله ودينه وما اشد تلبيسه وابعده عن الهدى ومقصده من هذا الكلام دعوة الناس الى نبذ الدين جملة لانهم اذا سمعوا انهم عاجزون عن تصوره تصورا صحيحا وانهم ان اخذوه اخذوه على غير وجهه فكان ضارا لهم كرهوه ورفضوه واعتنقوا سواه لا سيما ان عرفوا ان هذا المفتون الخبيث قد كان قبل هذا يظهر الدعوة الى الدين الحق ويرد على من خلفه وانما يغتر بمثل هذا ضعفاء البصائر واما من له ادنى مسكن من عقل صحيح وعلم نافع صحيح فانه لا يغتر بمثل هذا الزائر واضاليله للعلم بان القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء وبوضوح خطئه وزيعه نسأل الله العافية والثبات على دينه انتهى ومما يدل على اهتمام الشيخ رحمه الله ايضا برد الشبهات والتصدي لها تأليفه لكتاب نقد القومية العربية على ضوء الاسلام والواقع سنة الف وثلاثمائة وواحد وثمانين هجرية وقد طبع عدة طبعات وفيه رد على افكار القومية العربية والشبهات التي اثارها القوميون والعروبيون في تلك الفترة بالاضافة الى كثير مما اصدر الشيخ من الفتاوى والمراسلات حول الغزو الفكري والرد على الافكار المنحرفة وكذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله المتوفى سنة الف واربعمائة وواحد وعشرين هجرية كان له حظ كبير ونصيب وافر وجهد مبارك في مواجهة الافكار المنحرفة له فتاوى كثيرة في الرد على الالحاد كما افرد مصنفا في الرد على الاشتراكية اسمه الادلة على بطلان الاشتراكية سنة الف وثلاث مئة وواحد وثمانين هجرية يقول الشيخ رحمه الله فيه الحمد لله الحكيم في قدره وشرعه الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد الى ان قال اما بعد فان الله ابتلى المسلمين في هذا العام الف وثلاث مئة واحد وثمانين بظهور قانون ظالم جائر خارج عن احكام الله وحكمه مبني على ظلم العباد والقاء العداوة بينهم وظهور البطالة في صفوفهم والقضاء على مواهبهم الكسبية والعاطفية والعقلية وذلك النظام هم يسمونه بالاشتراكية ثم بدأ بنقل الاشتراكية وابطالها اما الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله وقد كان صاحب القدح المعلى في ذلك فقد افرد في هذا الباب عدة مصنفات غير ما ضمنه كتبه الكبيرة كالتفسير وغيره وهذه المؤلفات تدل على عظيم عناية الشيخ واهتمامه بهذا الباب وهو حري بالعناية والاهتمام ويدل على اهمية دور العلماء في الذب عن دين الله والرد على انحرافات المنحرفين والدفاع عن افكار الناس من الانحراف من كتب ورسائل الشيخ المفردة في هذا الباب ما يلي واحد انتصار الحق محاولة دينية اجتماعية وهي رسالة صغيرة كتبها الشيخ على نمط فريد واسلوب جديد وهو اسلوب الحوار وجعله حوارا بين صاحبين احدهما كان يدرس خارج بلاد المسلمين وقد تأثر بالافكار الالحادية وانبهر بالغرب ثم عاد فلقيه صاحبه المسلم وبدأ يناقشه وجاء الكتاب على نمط فريد وجميل. اوصل فيه الشيخ المقصود بطريقة بديعة وقد نشرت الرسالة في مجلة المنهل سنة الف وثلاثمائة وسبعة وستين هجرية ثم طبعت ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي الصادرة عن مركز صالح بن صالح الثقفي في عنيزة سنة الف واربعمائة واحد عشر هجرية ثم طبعت مفردة بعناية الدكتور عبد الله الطيار ثم طبعت ضمن مجموع مؤلفات الشيخ في دار الميمان النصيحة الربانية في الرد على المغترين بدعاة الالحاد والمدنية الغربية اثنان اصول الدين وهي رسالة مختصرة ضمنها بعض الردود على الملاحدة وقد طبعت ضمن مجموع مؤلفات الشيخ في دار الميما ثم طبعت بعناية الدكتور سعد الشثري حفظه الله باسم اصول الدين والرد على الملحدين ثلاثة الادلة القواطع والبراهين في ابطال اصول الملحدين وهي في حقيقتها تلخيص لقواعد ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بنقضه لاساس التقديس المسمى بيان تلبيس الجهمية فقد لخصها الشيخ وزاد عليها بعض الامور وقد طبعت ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي الصادرة عن مركز صالح بن صالح الثقافي. في عنيزة سنة الف واربعمائة واحد عشر هجرية ثم طبعت مفردة بعناية الدكتور ابراهيم الحازمي اربعة تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في اغلاله وهي رسالة في الرد على عبد الله ابن علي القصيمي الذي كان في اول امره من الدعاة الى التوحيد ثم نقص على عقبيه واصبح من الدعاة الى الالحاد والف كتبا تطعن في الاسلام من اشهرها كتاب هذه هي الاغلال نسأل الله السلامة والعافية رد عليه عدد من المشايخ والعلماء منهم الشيخ عبدالرحمن السعدي في هذه الرسالة ومن عناية الشيخ بالكتاب انه عمل كشافا لمسائله وقد طبع الكتاب بتحقيق عبدالرحمن بن يوسف الرحمة عن دار ابن الجوزي مع مجموعة من الرسائل الشخصية للشيخ عبدالرحمن حول كتاب الاغلال خمسة الدلائل القرآنية في ان العلوم والاعمال النافعة العصرية داخلة في الدين الاسلامي وهي رسالة لطيفة قصد بها الشيخ نفي التعارض بين الشريعة الاسلامية والمخترعات والمكتشفات العصرية طبعت في دار ابن الجوزي سنة الف واربع مئة واربعة وعشرين هجرية ستة البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله وهي هذه الرسالة التي بين يديك وسيأتي التعريف بها مقال للشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في نقد تفسير طنطاوي جوهري. المسمى الجواهر في تفسير القرآن الكريم ومن جهود الشيخ رحمه الله كذلك في هذا الباب رسالة بعث بها الى السيد محمد رشيد رضا رحمه الله تضمنت نقدا لتفسير الجواهر لطنطاوي جوهري هو تفسير قد ظهر في بدايات القرن العشرين حشاه مؤلفه بالعجائب الكونية. والمسائل الطبيعية وتافهة بالغرائب والعجائب من العلوم حتى قال فيه ان هذه العلوم التي ادخلناها في تفسير القرآن هي التي اغفلها الجهلاء المغرورون من صغار الفقهاء في الاسلام فهذا زمان الانقلاب وظهور الحقائق والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم هل فيهما هو اشنع من ذلك من اصول وحدة الوجود واصول الفلسفة المبنية على ان شرائع انما هي تخويلات وضرب امثال لا حقيقة لها وقد منع هذا التفسير من التداول في المملكة العربية السعودية حينها وقد بعث الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله رسالة فيها نقد لهذا التفسير نشرها السيد محمد رشيد رضا في مجلة المنار مع ربه وتعليقه عليها وذلك في شهر رجب سنة الف وثلاثمائة وستة واربعين هجرية الموافق لكانون الثاني من سنة الف وتسعمائة وثمانية وعشرين ميلادية في الجزء الثاني من المجلد التاسع والعشرين عدد الصفحة مئتين وثلاثة واربعين وساثبت هنا الرسالة بتمامها مع رد السيد محمد رشيد رضا عليها اتماما للفائدة لا سيما وانها نادرة ومهمة من عنيزة الى قاهرة مصر في رجب سنة الف وثلاثمائة وستة واربعين هجرية بسم الله الرحمن الرحيم تبعث جزيل التحيات ووفر السلام والتشكرات لحضرة الشيخ الفاضل السيد محمد رشيد رضا المحترم حرسه الله تعالى من جميع الشرور ووفقهم وسددهم في كل احواله. امين اما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الداعي لذلك ما اقتضاه الحب. ودفعه الود المبني على ما لكم من المآثر الطيبة. التي تستحقون بها الشكر من جميع المسلمين التي من اعظمها تصديكم في مناطقكم الاغر لنصر الاسلام والمسلمين ودفع باطل الجاهلين والمعاندين رفع الله قدركم واعلى مقامكم وزادكم من العلم والايمان ما تستوجبون خير الدنيا والاخرة وانعم عليكم بنعمه الظاهرة والباطنة ثم اننا نقترح على جنابكم ان تجعلوا في مناطقكم المنير بحثا واسعا لامر نراه اهم البحوث التي عليها تعولون وانفعها لشدة الحاجة بل دعاء الضرورة اليه الا وهو ما وقع فيه كثير من فضلاء المصريين عليهم من اصول الملاحدة والزنادقة من اهل وحدة الوجود والفلاسفة بسبب روجان كثير من الكتب المتضمنة لهذه الامور. ممن يحسنون بهم الظن ككتب ابن سينا وابن رشد وابن عربي ورسائل اخواني الصفا بل وبعض الكتب التي تنسب للغزالي وما اشبه من الكتب المشتملة على الكفر برب العالمين والكفر برسله وكتبه واليوم الاخر وانكار ما علم بالضرورة من دين الاسلام فبعض هذه الاصول انتشرت في كثير من الصحف المصرية بل رأيت تفسيرا طبع اخيرا منسوبا للطنطاوي قد ذكر في مواضع كثيرة في تفسير سورة البقرة شيئا من ذلك كلامه على استخلاف ادم وعلى قصة البقرة والطيور ونحوها في كلام ذكر فيه من اصول وحدة الوجود واصول الفلسفة المبنية على ان الشرائع انما هي تخيلات وضرب امثال لا حقيقة لها وانه يمكن لاحاد الخلق ما يحصل للانبياء. ما يجزم المؤمن البصير انه مناقض لدين الاسلام. وتكذيب لله ورسوله وذهاب الى معان يعلم بالضرورة ان الله ما ارادها وان الله بريء منها ورسوله ثم مع ذلك يحث الناس والمسلمين على تعلمها وفهمها ويلومهم على اهمالها وينسب ما حصل للمسلمين من الوهن والضعف بسبب اهمال علمها وعملها ويح من قال ذلك لقد علم كل من عرف الحقائق ان هذه العلوم هي التي اوهنت قوى المسلمين وسلطت عليهم الاعداء واضعفتهم لزنادقة الفرنج. وملاحدة الفلاسفة وكذلك يبحث كثير منهم في الملائكة والجن والشياطين ويتأولون ما في الكتاب والسنة من ذلك بتأويلات تشبه تأويلات القرامطة الذين يتأولون العقائد والشرائع ويزعمون ان الملائكة هي القوى الخيرية التي في الانسان وعبر عنها الشرع بالملائكة كما ان الشياطين هي القوى الشريرة التي في الانسان عبر عنها الشرع بذلك ولا يخفى ان هذا تكذيب لله ولرسله اجمعين ويتأولون قصة ادم وابراهيم بتأويل حاصله ان ما ذكر الله في كتابه عن ادم وابراهيم ونحوهما لا حقيقة له وانما قصد به ضرب الامثال وقد ذكر لي بعض اصحابي ان مناركم فيه شيء من ذلك والى الان ما تيسر لي مطالعته ولكن الظن بكم انكم ما تبحثون عن مثل هذه الامور. الا على وجه الرد لها والابطال كما هي عادتكم في رد ما هو دونها بكثير وهذه الامور يكفي في ردها في حق المسلم المصدق للقرآن والرسول مجرد تصورها فانه اذا تصورها كما هي يجزم ببطلانها ومناقضتها للشرع وانه لا يجتمع التصديق بالقرآن وتصديقها ابدا وان كان غير مصدق للقرآن ولا للرسول صار الكلام معه كالكلام مع سائر الكفار في اصل الرسالة واحقية القرآن وقد ثبت عندنا ان زنادقة الفلاسفة والملحدين يتأولون جميع الدين الاسلامي التوحيد والرسالة والمعاد والامر والنهي بتأويل يرجع الى ان القرآن والسنة كلها تخييلات وتمويهات لا حقيقة لها بالكلية ويلبسون على الناس بذلك. ويتسترون بالاسلام. وهم ابعد الناس عنه كما ثبت ايضا عندنا انه يوجد ممن كان يؤمن بالله ورسوله واليوم الاخر. ويعظم الرسول وينقاد لشرعه وينكر على هؤلاء الفلاسفة ويكفرهم في اطفالهم انه يدخل عليه شيء من هذه التأويلات من غير قصد ولا شعور. لعدم علمه بما تؤول اليه ولرسوخ كثير من اصول الفلسفة في قلبه ولتقليد من يعظمه وخضوعا ايضا ومراعاة لزنادقة علماء الفرنج الذين يتهكمون بمن لم يوافقهم على كثير من اصولهم ويخافون من نسبتهم للبلادة وانكار ما علم محسوسا بزعمهم بسبب هذه الاشياء وغيرها دخل عليهم ما دخل الامل قد تعلق بامثالكم لتحقيق هذه الامور وابطالها فانها فشت وانتشرت وعمت المصيبة بها الفضلاء فضلا عن من دونهم ولكن لن تخلو الارض من قائم لله بحجة يهتدي به الضالون وتقوم به الحجة على المعاندين وقد ذكرت لحضراتكم هذه الاشياء على وجه التنبيه والاشارة بان مثلكم يتنبه بادنى تنبيه ولعلكم تجعلونه اهم المهمات عندكم لان فيه الخطر العظيم على المسلمين واذا لم يرى الناس لكم فيه كلاما كثيرا وتحقيقا تاما فمن الذي يعلق به الامل من علماء الانصار الرجاء بالله ان يوفقنا واياكم لما يحبه ويرضاه ويجعلنا واياكم من الهادين المهتدين انه جواد كريم صلى الله على محمد وسلم محبكم مدعي عبدالرحمن بن ناصر السعدي وهذا رد السيد محمد رشيد رضا على الرسالة اننا لا نألوا جهدا في الرد على كل ما نطلع عليه من البدع المخالفة لكتاب الله والصحيح من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي الدعوة اليهما على الوجه الذي كان عليه جمهور السلف الصالح وفي الرد على خصومهما كما يرى في مقالة اعداء الاسلام من هذا الجزء والذي نعلمه ان بدعة وحدة الوجود وفلسفة اليونان في الالهيات؟ والرسالة التي فتن الناس بها الباطنية وغيرهم في عصرهم قد نسخت وزالت في هذا العصر فلم يبق لهم دعاة وان كان لها اتباع قليلون وتفسير الشيخ الطنطاوي جوهري لم نطلع عليه وانما رأينا جزءا واحدا منه عند احد اصدقائنا وتصفحت قليلا منه في بعض دقائق رأيت ان همه منه حث المسلمين على علوم الكون شرح الكثير من مسائلها بمناسبة الايات التي ترشد الناس الى اياته تعالى في خلقه ونعمه على عباده كما جرى عليه في كتب اخرى له وما نعرفه هو الا مسلما يغار على الاسلام ويحب ان يجمع المسلمون بين الاهتداء به والانتفاع بعلوم الكون. التي تتوقف عليها قوة الدول وثروة الامم في هذا العصر ونحن قد سبقناه بالدعوة الى هذا بيناه بالدلائل في مواضيع كثيرة من تفسيرنا من المنار وان كنا اشرنا الى الانتقاد على خطة الاستاذ المذكور في تفسيره فيما بينناه من اساليب المفسرين لفاتحة الجزء الاول من تفسيرنا والتعليق عليها كاملة في يوم علمي في مسجد القاضي في منطقة حوالي يوم الجمعة الخامس من صفر عام الف واربعمائة واربعين هجرية الموافق للرابع من اكتوبر الفين وتسعة عشر ميلادية ولعلنا نتحرى عند سنوح الفرصة الاطلاع على تفسيره ومراجعة ما كتبه من الايات التي ذكرتموها ويجب عليكم ان تفرقوا بين علوم الكون التي ندعوا اليها وبين الفلسفة قديمها وحديثها الفلسفة اراء ونظريات فكرية وعلوم الكون عبارة عن العلم بما اودع الله تعالى في خلقه من المنافع كمنافع الماء وبخاره والهواء. وما ترتب منه ومنافع الكهرباء التي منها التليجراف والتليفون وغيرهما فجميع الصناعات العجيبة والالات الحربية من برية وبحرية وهوائية وجميع العقاقير الطبية مأخوذة من هذه العلوم فهي حقائق قطعية ثابتة بالحس فمن يزعم انها تخالف ما بعث به الله رسله فقد طعن في دين الله وصد العلماء بها عنه لانهم لا يستطيعون ان يكذبوا حواسهم واما كفر من يكفرون في هذا العصر فاكثره من تأثير فلسفة الافرنج المخالفة لفلسفة اليونانيين ومن جرى على طريقتهم كالعرب وان خالفهم في بعض النظريات كابن سينا وابن رشد وغيرهما والرد على هؤلاء بما يرجى ان ينفعهم او يقي كثيرا من الناظرين في فلسفة العصر من اضلالهم يتوقف احيانا على تأويل بعض الايات والاحاديث تأويلا ينطبق على مدلولات اللغة في مفرداتها واساليبها. ويتفق مع العلم والعقل وليعلم اخونا صاحب الرسالة ان الملاحدة والمعطلين في مصر وامثالها قد يصرحون بكفرهم ولا يخشون عقابا ولا اهانة هم لا يحتاجون الى التستر بالاسلام كزنادقة الباطنية المتقدمين قصارى ما يلقونه من النقد اذا صرحوا بكفرهم في الكتب او الجرائد ان يرد عليهم بعض المسلمين بالكتابة والناس احرار فيها فاذا ادعى بعضهم مع نشر الكفر انه مؤمن وجد من ينصره ويقول ان ما كتبه لا ينافي الايمان ولا يصادم الاسلام ولم يصرح احد من المصريين في هذا العهد بالطعن في الاسلام وتكذيب القرآن بمثل ما صرح به الدكتور طه حسين المشتغل بالجامعة المصرية تدريسا وتأليفا ولم يلقى احد من التكفير والتجهيل والطعن على ذلك مثلما لقي من الكتاب والمؤلفين من علماء الدين وعلماء الدنيا قد تقترح بعض اعضاء مجلس النواب بعزله من الجامعة فلم تعزله الحكومة لان انصاره فيها كانوا اقوى من خصومه وكان منهم عدلي باشا رئيس الوزارات وثروة باشا وزير الخارجية الذي طرز الدكتور طرة كتاب الطعن باسمه وعلي باشا الشمسي وزير المعارف واحمد لطفي السيد مدير الجامعة وقد بينا في فاتحة تفسيرنا وفي مواضيع اخرى منه مسألة التأويل فذكرنا اننا نلم بتأويل بعض الايات لاجل الدفاع عن القرآن ورد بعض الشبهات التي يريدها الفلاسفة او غيرهم عليها حتى لا يكون لهم حجة مقبولة عليها مع تصريحنا بان اعتقادنا الذي ندعو اليه ونرجو ان نموت كما نحيا عليه هو اتباع مذهب السلف في كل ما يتعلق بعالم الغيب من الايمان بالله وصفاته وملائكته. وجنته وناره والتأويل قد يكون المنقذ الوحيد لبعض الناس من الكفر وتكذيب القرآن اذ من المعلوم ان الموقن بصدق القرآن لا يخرج من الملة بفهم بعض اياته فهما مخالفا لفهم غيره اذا لم يكن في فهمه هذا جحد لشيء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ونرجو ان يقرأ اخونا صاحب هذه الرسالة الجزء الاول من تفسير المنار المشتمل على هذا البحث ويكتب الينا بما يراه فيه فانني كنت منذ سنين كثيرة اتمنى لو يطلع بعض علماء نجد على المنار ويفتح بيني وبينهم البحث والمناظرة العلمية الدينية فيما يرونه منتقدا لينجلي وجه الصواب فيها وقد كنت كتبت الى امامهم بذلك وانني سارسل اليه عشر نسخ من كل جزء ليوزعها على اشهرهم وفعلت ذلك عدة سنين ولكن لم يأتني منه جواب ثم ترجح عندي ان تلك النسخ كانت تختزل من البريد البريطاني في سني الحرب وما بعدها المقدمة الثالثة الاستدلال العقلي على مسائل التوحيد وعلاقتهم بعلم الكلام سمى الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله هذه الرسالة بالبراهين العقلية على وحدانية الرب اي انها تتعلق بتوحيد الربوبية وانه سيعتمد في بنائه الاستدلالي على الادلة العقلية وقد صرح بذلك في المقدمة. حيث قال وليس القصد في هذه المحاضرة ذكر الادلة النقلية عليها فان الكتاب والسنة فيهما من البراهين والادلة على ذلك؟ ما لا يعد ولا يحصى ولا يمكن استيفاء بعضه وهي واضحة جلية ولا ينكرها الا كل مكابر مستكبر منابذ للعقل والدين وهذا الصانع من الشيخ رحمه الله قد يظنه بعض شداة العلم مشابهة لطريقة اهل الكلام التي ذمها السلف الصالح رحمهم الله في اثبات العقائد وهذا غير صحيح بان علم الكلام المذموم هو ما احدثه المتكلمون في اصول الدين من اثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها واعرضوا بها عما جاء الكتاب والسنة به في الدلائل والمسائل فمراد السلف والائمة بذم الكلام واهله اذ ذلك يتناول لمن استدل بالادلة الفاسدة او استدل على المقالات الباطلة قال الامام ما لك بن انس رحمه الله من طلب الدين بالكلام تزندق وروي مثله عن الامام ابي يوسف صاحب ابي حنيفة رحمهما الله وقال الامام الشافعي رحمه الله لان يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه سوى الشرك خير لهم من الكلام ولقد اطلعت من اصحاب الكلام على شيء ما ظننت ان مسلما يقول ذلك وقال ايضا ما ارتدى احد بالكلام فافلح وقال حكمي في اهل الكلام ان يضربوا بالجريد ويطاف بهم في العشائر والقبائل ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة واخذ في الكلام وقال الامام احمد بن حنبل رحمه الله لا تجالسوا اهل الكلام. وان ذبوا عن السنة وقال ايضا لا يفلح صاحب كلام ابدا ولا يرى احد النظر في الكلام الا في قلبه دغل وعبارات السلف كثيرة في هذا المعنى بل صنفوا فيه مصنفات مفردة قال ابن حمدان رحمه الله وقد ورد في ذم الكلام عن السلف والخلف شيء كثير مشهور حتى ان شيخ الاسلام الانصاري جمع من ذلك مجلدا وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وقد جمع الناس من كلام السلف والائمة في ذلك مصنفات مفردة مثلما جمعه الشيخ ابو عبدالرحمن السلمي ومثل المصنف الكبير الذي جمعه الشيخ ابو اسماعيل عبدالله بن محمد الانصاري. الملقب بشيخ الاسلام الذي سماه ذم الكلام واهله ومن ذلك في كتب الاثار والسنة ما شاء الله قلت وممن افرد مصنفا في ذم علم الكلام من العلماء ايضا ابو سليمان الخطابي رحمه الله المتوفى سنة ثلاثمئة وثمانية وثمانين هجرية وسماه الغنية عن الكلام واهله وموفق الدين ابن قدامة رحمه الله المتوفى سنة ستمائة وعشرين هجرية مسمى تحريم النظر في كتب الكلام وهو رد على مقالة لابي الوفاء ابن عقيل رحمه الله المتوفى سنة خمس مئة وثلاثة عشر هجرية وقال البغوي رحمه الله واتفق علماء السلف من اهل السنة على النهي عن الجدار والخصومات في الصفات وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه وقال ابن عبد البر رحمه الله اجمع اهل الفقه والاثار من جميع الامصار ان اهل الكلام اهل بدع وزيغ ولا يعدون عند الجميع في الطبقات الفقهاء وانما العلماء اهل الاثر والتفقه فيه ويتفاضلون فيه بالاتقان والميز والفهم ولم اجد من حرر المعنى المذموم العلمي الكلام افضل من شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اذ وضح مقصود السلف في ذم الكلام واهله في قاعدة نفيسة سانقل عنها نقلا مطولا لاهميتها وتحريرها قال رحمه الله الكلام الذي ذمه ونهى عنه الائمة والسلف الصالح كما هو مشهور متواتر عنهم في كتب السنة والحديث والتصوف وكلام الفقهاء وغيرهم وقد جمع فيه شيخ الاسلام الانصاري كتابه المشهور. ولمالك والشافعي والامام احمد وغيرهم في ذلك نصوص مشهورة قد حصل فيه اضطراب ان من الناس من يعتقد انهم نهوا عن جنس الاستدلال والمجادلة في اصول الدين ثم تحزبوا حزبين بل ثلاثة ثم فصلها الى ان قال وحزب ثالث اعتقدوا فصل الائمة والسلف واعتقدوا الحاجة والانتفاع والاستحسان لما خاضوا فيه من الكلام في اصول الدين فقالوا الذي نهى عنه السلف رضي الله عنهم هو الكلام الذي امتحنه اهل البدع من المعتزلة ونحوهم ممن يخالف السنة الكلام الذي تنصر به السنة. وهذه الطريقة البيهقي الى ان قال والتحقيق ان الذي نهى عنه السلف هو الكلام المبتدع الذي لم يشرعه الله ولا رسوله كما قد قررت في قاعدة السنة والبدعة ان البدعة هي ما لم يشرع من الدين وغلبة اسم الكلام على الكلام المبتدع كغلبة اسم السماع على السماع المبتدأ فاننا لما احدثوا سماع القصائد والتغدير لتحريك قلوبهم وصلاحها واثارة مقاصدها ومواجدها واحدث اخرون كلاما ونظرا لعلم قلوبهم وصلاح عقائدهم وتحقيق مقالهم كان هؤلاء فيما احدثوه من الاصوات المسموعة شبيها بهؤلاء فيما احدثوهم من الحروف المنطوقة وعبروا هم والمسلمون عن ذلك باعم صفاته وهو السماع والكلام واذا اطلق اسم السماء عند كثير من الناس او قيل فلان يحضر السماع او يقول به وفلان ينكر السماع وينهى عنه انصرف الاطلاق الى السماع المحدث الذي هو مورد النزاع وان كان السماع المشروع المأمور به الذي هو واجب تارة ومستحب اخرى هو سماعا ايضا بل هو السماع المعروف في كلام من حمد السماع واثنى عليه. من المحتذين طريقة السلف رضي الله عنهم وكذلك اذا اطلق لفظ الكلام الذي يذمه وينهى عنه قوم. ويمدحه ويأمر به اخرون فانه عندهم هو الكلام المحدث وان كان الكلام الذي انزله الله تعالى هو اصدق الكلام وخيره وافضله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والائمة كلاما لكن خص المحدث من النوعين باسم الكلام والسماع لان هذا الاسم بمجرده تعبير عنه ما يدل على حمد ولا ذنب. ولا امر ولا نهي. واللام فيه تنصرف الى المعهود بخلاف ما كان من الكلام والسماع مشروعا فان ذلك يعبر عنه باخص اسمائه مثل علم وقرآن وسماع القرآن ونحو ذلك لان من عادة العرب وغيرهم في الخطاب اذا كان تحت الجنس نوعان عبروا عن اشرفهما باسمه الخاص وتركوا الاسم المشترك للنوع المرجوح كما فعلوا ذلك في مثل لفظ دابة وحيوان وذوي الارحام وقولنا كلام او سمع انما هو تعبير عنه بالاسم المشترك بين الحق والباطل والهدى والضلال. والهي والرشاد واذا كان عندهم متميزا بما يدل على انه حق وهدى ورشاد عبروا عنه بالاختصاص كما انه اذا كان متميزا بما يقتضي انه باطل وضلال وغي عبروا عنهم بالاختصاص ولا ريب ان المحدث من النوعين ليس حقا وهدى ورشادا من كل وجه. ولا باطلا وضلالا وغيا من كل وجه. وهذا باتفاق جميع الطوائف الى ان قال اذا عرف هذا فالكلام المبتدع المذموم هو الذي ليس بمشروع ولا مسنون وليس بحق ولا حسن وهذان الوصفان متلازمان ان كل مشروع مسنون فهو حق حسن وكل ما هو حق حسن فهو مشروع مسنون وكذلك بالعكس وذلك ان الكلام نوعان انشاء واخبار فأما الإنشاء كمثل الامر والنهي فكل امر ونهي لا يكون موافقا لامر الله تعالى ونهيه فهو ضلال وغي واما الاخبار وهو الغالب على فن الكلام المتنازع فيه فانه اخبار عن حقائق الامور الموجودة والمعدومة كالاخبار عن الله تعالى وصفاته وافعاله وعن المعادي وما يكون بعد الموت وعما مضى قبلنا وما سيكون بعدنا والاخبار عن هذه الامور ان كان مطلوبا فهو المسائل والاحكام وان كان طريقا الى المطلوب ما هو الوسائل والادلة الكلام يشتمل على هذين الصنفين المسائل والدلائل والذم والنهي واقع في هذين الجنسين واحد اما المسائل وكل جواب مسألة خالف الكتاب والسنة وما كان عليه السلف فهو بدعة وضلالة وهو من الكلام المذموم المنهي عنه سواء كانت المسألة نفيا او اثباتا مثل انكار صفات الله او بعضها الذي جاء به الكتاب والسنة وانكار قدر الله وقدرته ومشيئته او انكار محبته ورضاه وخلته وتكليمه وعلوه على عرشه او انكار فتنة القبر وعذابه ونعيمه والحوض والميزان والشفاعة والصراط ونحو ذلك من عقود اهل السنة التي اثبتتها نصوص الكتاب والسنة واثار السلف ثم المنكر لذلك او بعضه هو مفتر ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يسمونهم اهل الفراق ويتأولون فيهم قوله تعالى ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين قال ابو قلابة رضي الله عنه هي لكل مفتري من هذه الامة الى يوم القيامة وهو مفتري من وجهين احدهما نفي ما اثبته الكتاب والسنة او اثبات ما نفاه والثاني تحريف النصوص بما يوافق ظمنه وهواه ودعواه ان ذلك هو معناها فهو مخبر عن الامور بخلاف ما هي عليه. ومخبر عن النصوص بخلاف ما دلت عليه فافترى في الوجودين العيني والعلمي اثنان واما الدلائل فانهم كثيرا ما يستدلون ويحتجون على الحق الذي جاء به الكتاب والسنة متضمنة للادلة العقلية يعني ان الايات في كتاب الله وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم قد تضمنت الادلة العقلية وقد فصل ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كثير من كتبه بحجج محدثة باطلة ثم تلك توقيعهم في البدع المخالفة للكتاب والسنة بمنزلة الذي يجاهد الكفار بقتال محرم في الشريعة سيزيل باطلا بباطل ولهذا كان السلف اذا قيل فلان يرد على فلان قالوا بكتاب وسنة فان قال نعم صوبوه وان قال لا قالوا رد بدعة ببدعة وكثير مما اوقعهم او اكثر ما اوقعهم في البدع المخالفة للكتاب والسنة احتجاجهم لنوع من الحق بحجة مبتدعة اعتقدوا انها لا تسلم من المناقضة والمعارضة الا بما التزموه لتصحيحها من اللوازم التي قد يخالفون بها الكتاب والسنة وكان مبدأ ذلك تكلمهم في الجسم والجوهر والعرب وظنهم ان بهذا التقسيم والترتيب يثبت لهم وجود الصانع وحدوث العالم ونحو ذلك فلم ينكر السلف مجرد اطلاق لفظ له معنى صحيح كما يعتقده قوم من الناس من اهل الكلام وغيرهم فان عند الحاجة الى الخطاب نخاطب الرجل بالفارسية والرومية والتركية والنبي صلى الله عليه وسلم لما كتب الى اهل اليمن كتب اليهم بلغتهم التي يتخاطبون بها. وليست هي لغة قريش ولما قدمت ام خالد من ارض الحبشة وكانت قد سمعت لغتهم قال لها لما اعطاها الخميصة يا ام خالد، هذا سنة والسنة بلسان الحبشة الحسن اراد مخاطبتها بذلك افهاما لها وتطييبا لنفسها ولا بأس ان يخاطب المسلم كل قوم بلغتهم التي يعرفون بقصد افهامهم اذا لم يحصل المقصود بخطابهم بالعربية لكن كره السلف والائمة كمالك والشافعي والامام احمد التخاطب بغير العربية لغير حاجة لانها شعار اهل القرآن والاسلام وبها يعرفون ما امروا من معرفته من امر دينهم ولمعاني اخر ذكرتها في اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم ولم تكن كراهة السلف لمجرد اللفظ ولا كرهوا ايضا معنى صحيحا يكون دليلا على حق كما يتوهمه ايضا هؤلاء. ويقولون ان كره اللفظ فهو اصطلاحي كاصطلاحات سائر العلماء من الفقهاء والنحاة وان كره المعنى فلا يريد الا الدلالة على اصول الدين. مثل ثبوت الصانع ووحدانيته وصحة الرسالة والنبوة ان هذا المعنى لم يكرهه السلف ولا يكرهه مؤمن عليم والقرآن من اوله الى اخره انما هو في تقرير هذه المعاني التي هي اعلام علوم الدين واشرف مقاصد الرسل وقد صرف الله في القرآن الدلالات بوجوه المقاييس. وضرب الامثال وانواع القصص وغير ذلك مما هو دليل ومرشد الى الايمان بهذه الاصول وكيف وعلم الايمان بهذه الاصول؟ هو افضل علم في الدين والكاملون فيه هم خلاصة الامة وبمثله برز السابقون والمقربون. وقيل في الصديق رضي الله عنه صديق الامة ما سبقهم ابو بكر بفضل صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في قلبه وقد مدح الله اهل العلم به في غير موضع وقال فيهم شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم وقال فيهم ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى غير ذلك مما ليس هذا موضعه وكيف يكره السلف رضي الله عنهم معان اما هي واجبة واما مستحبة وكيف وهؤلاء السلف لهم من الدلائل والبراهين في مسائل السنة والرد على اهل البدع؟ ما ليس هو لمن ذموه من اهل الكلام وان انكروا الطرق والدلائل المحدثة المبتدعة لما فيها من الفساد والتناقض. وانها من جنس الكذب والخطأ فتدبر هذا انه فرقان يفرق الله به بين الحق والباطل وانما اضرب لك امثلة من ادلتهم وحجزهم الفاسدة. كما ضربت لك امثلة من مسائلهم الفاسدة وذلك ان اهل الكلام من اهل قبلتنا يأخذون كثيرا في الرد على من خالف المسلمين من المشركين والمجرمين واليهود والنصارى ويأخذ كثير منهم في الرد على من خالف السنة في بعض المواضع وان كان الرد قد يخالف هو السنة في موضع اخر ويريدون ان يثبتوا وحدانية الصانع وكماله ويثبتون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويسمون هذه المطالب العقليات باعتقادهم انها لا تثبت الا بالعقل الذي ادعوه. وكانوا مختلفين في طرقه وقد يعتقدون ان الكتاب والسنة لم تبين ادلة هذه المطالب الشريفة والقرآن مملوء منها ولم يعلموا ان كون العقل قد يعلم صحتها لا يمنع ان يكون الشرع دل عليها وارشد اليها فهي شرعية عقلية بل ما يبينه الكتاب والسنة من ادلة هذه المطالب فوق ما في قوى البشر ولم يأتي اهل الفلسفة والكلام من ذلك الا بحق قليل مخلوط بباطل كثير تلبس الحق بالباطل وتلخص من كلامه رحمه الله ان الذم في علم الكلام ليس مجرد الاستدلال العقلي على اثبات التوحيد وانما الذم ينصب على الاستدلال بالدلائل الفاسدة او على المسائل الباطلة اما من استدل بالدلائل الصحيحة عقلية او نقلية على المسائل الصحيحة فليس من الذم في شيء بل هذا هو منهج ائمتنا رحمة الله عليهم اجمعين قال شيخ الاسلام ابن تيمية واحمد رضي الله عنه قد رد على الجهمية وغيرهم بالادلة السمعية والعقلية وذكر من كلامهم وحججهم ما لم يذكر غيره بل استوفى حكاية مذهبهم وحجرهم اتم استيفاء ثم ابطل ذلك بالشرع والعقل ومن هنا نعلم خطأ ابي المعالي الجويني. فيما نسبه للامام احمد رحمهما الله حيث قال وصار ثائرون الى النهي عن القياس العقلي والامر بالقياس الشرعي وهذا مذهب احمد بن حنبل والمقتصدين من اتباعه فليسوا ينكرون افضاء نظر العقل الى العلم ولكنهم ينهون عن ملابسته والاشتغال به لذلك رد عليه شيخ الاسلام ابن تيمية فقال واما ما ذكره عن احمد فقد انكره اصحاب احمد. حتى قال ابو البقاء العكبري لمن قرأ عليه كتاب البرهان هذا النقل ليس بصحيح عن مذهب الامام احمد وهو كما قال فان احمد لم ينه عن نظر في دليل عقلي صحيح يفضي الى المطلوب بل في كلامه في اصول الدين في الرد على الجهمية وغيرهم من الاحتجاج بالادلة العقلية على فساد قول المخالفين للسنة ما هو معروف في كتبه وعند اصحابه ولكن احمد ذما من الكلام البدعي ما ذمه سائر الامة وهو الكلام المخالف للكتاب والسنة والكلام في الله ودينه بغير علم واستدل احمد بقوله تعالى قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون واحمد واشهر واكثر كلاما في اصول الدين بالادلة القطعية نقلها وعقلها من سائر الائمة لانه ابتلي بمخالفي السنة احتاج الى ذلك والموجود في كلامه من الاحتجاج بالادلة العقلية على ما يوافق السنة لم يوجد مثله في كلام سائر الائمة ثم قال والمقصود ان احمد يستدل بالادلة العقلية على المطالب الالهية اذا كانت صحيحة انما يذم ما يخالف الكتاب والسنة. او الكلام بلا علم والكلام المبتدع في الدين لقوله في رسالته الى المتوكل لا احب الكلام في هذا الا ما كان في كتاب الله او حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم او الصحابة او التابعين اما غير ذلك فان الكلام فيه غير محمود وهو لا يكره اذا عرف معاني الكتاب والسنة ان يعبر عنها بعبارات اخرى اذا احتيج الى ذلك بل هو قد فعل ذلك بل يكره المعاني المبتدعة في هذا اي فيما خاض الناس فيه من الكلام في القرآن والرؤية والقدر والصفات غلا بما يوافق الكتاب والسنة واثار الصحابة والتابعين وقال القاضي ابو يعلى رحمه الله وقد احتج احمد رحمه الله بدلائل العقول في مواضع فيما خرجهم في الرد على الزنادقة والجهمية رواية عبد الله عنه ثم ساق امثلة ثم قال وهذا صريح من احمد رحمه الله في الاحتجاج بدلائل العقول والى هذا ذهب جماعة الفقهاء والمتكلمين من اهل الاثبات وقال ابن حمدان الحنبلي رحمه الله وعلم الكلام المذموم هو اصول الدين اذا تكلم فيه بالمعقول المحض او المخالف للمنقول الصريح فان تكلم فيه بالنقل فقط او بالنقل والعقل الموافق له ما هو اصول الدين وقد مثل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله على ذلك للاستدلال بالحركة والسكون على حدوث المتحرك الساكن بل الاستدلال بالاعراض مطلقا على حدوث ما قامت به من الجواهر والاجسام والاستدلال بحدوث الصفات على حدوث ما قامت به من المنصوفات والاستدلال بترقيب الاجسام من الجواهر. ونحو ذلك وقال ابو الحسن الاشعري رحمه الله منتقدا استدلال المتكلمين بالدلائل الفاسدة وكان ما يستدل به من اخباره على ذلك اوضح دلالة من دلالة الاعراض. التي اعتمد على الاستدلال بها الفلاسفة. ومن اتبعها من القدرية واهل البدع المنحرفين عن الرسول عليهم السلام من قبل ان الاعراض لا يصح الاستدلال بها الا بعد رتب كثيرة يطول الخلاف فيها ويدق الكلام عليها منها ما يحتاج اليه في الاستدلال على وجودها والمعرفة بفساد شبه المنكرين لها ثم اسهب في بيان تعقيدها وفسادها ثم قال وليس يحتاج ارشدكم الله في الاستدلال بخبر الرسول على ما ذكرناه من المعرفة بالامر الغائب عن حواسنا الى مثل ذلك لان اياته والادلة الدالة على صدقه محسوسة المشاهدة قد ازعجت القلوب وبعثت الخواطر على النظر في صحة ما يدعو اليه وتأمل ما استشهد به على صدقه والمعرفة بان اياته من قبل الله تدرك بيسير الفكر فيها وانها لا يصح ان تكون من البشر لوضوح الطرق الى ذلك فائدة ما الحكمة من ان حجج الحق ليست كلها يقينية الجواب قال الشيخ عبدالرحمن المعلمي رحمه الله قد يتراءى للنظر انه لو كانت حجج الحق كلها بحيث يعرف يقينا من وصل اليها انه قد وصل ويعرف يقينا من لم يصل اليها انه لم يصل لكان اولى قلت هذا ان تكون حجج الحق كلها يقينية لا تشتبهوا على احد الجواب انه منع من ذلك موانع نكتفي هنا بذكر واحد منها وهو انه قد سبق ان هذه الدار مبنية على الابتلاء وقال الله تبارك وتعالى انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان وكل ما يجري من الانسان في هذه الدار تصرف في الامانة ولا يتم الابتلاء الا بان يمكن من الخيانة والخيانة لها درجات كثيرة فلابد ان يكون الابتلاء بحيث يتناول الدرجات كلها وقال علاء الدين البخاري رحمه الله فان الكل لو كان ظاهرا جليا بطل معنى الامتحان. ونيل الثواب بالجهد في الطلب ولو كان الكل مشكلا خفيا لم يعلم شيء حقيقة فجعل بعضها جليا ظاهرا وبعضها خفيا ليتوسل بالجلي الى معرفة الخفي بالاجتهاد واتعاب النفس واعمال الفكر تبين المجد من المقصر والمجتهد من المفرط ليكون ثوابهم بقدر اجتهادهم ومراتبهم على قدر علومهم ليظهر فضيلة الراسخين في العلم لحاجة الناس الى الرجوع اليهم والاقتداء بهم ولولا ذلك لاستوت الاقدام ولم يتميز الخاص من العام ولذهب التفاوت بين الناس. ولا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا استووا هلكوا وقال الله تعالى ورفع بعضكم فوق بعض المقدمة الرابعة دراسة مختصرة حول رسالة البراهين العقلية وعملي فيها اصل الرسالة ذكر في مقدمة رسالة البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله انها محاضرة ولا يظهر انه سبق قلم يحتمل ان يكون قد كتبها الشيخ ليلقيها في محاضرة ويحتمل ان يكون اصلها محاضرة ثم حررها الشيخ بعد ذلك او فرغها عنه احدهم ثم طبعت بعد ذلك. والله اعلم مزايا الرسالة خصت هذه الرسالة بعدة مزايا منها واحد انها مفردة في موضوع اثبات وجود الله تعالى ومسائل توحيد الربوبية بشكل عام مع تطرق لبعض مسائل اثبات النبوة اثنان استند الشيخ فيها في بناءه الاستدلالي على الادلة العقلية حيث قال في المقدمة ولكننا نريد في هذه المحاضرة ان نشير اشارة يسيرة الى براهينها العقلية التي يشترك في معرفتها والخضوع لها جميع العقلاء من البشر مما جعلها موجهة للجميع ويستفيد منها الكافر. ويزداد بها ايمان المؤمن ثلاثة مزج الشيخ بين الادلة الشرعية والعقلية مثبتا بذلك عدم التنافر بينهما اربعة لغة الرسالة واضحة سلسة خالية من التعقيد سعادة الشيخ رحمه الله في مؤلفاته وكتبه ورغم خطورة المسائل واهميتها الا ان الشيخ ذلل للقارئين فهمها بلطيف اسلوبه مضامين الرسالة المضمون الرئيس لرسالة كما هو ظاهر من عنوانها اثبات توحيد الربوبية ووجود الله تعالى وما يتعلق بذلك وقد نوع الشيخ الدلائل والبراهين ولكن يمكن ارجاع كلامه الى اربعة براهين اساسية البرهان الاول برهان الخلق والحدوث البرهان الثاني برهان الاتقان والعناية البرهان الثالث ايات الانبياء ومعجزاتهم البرهان الرابع الفطرة وجميع ما ذكره الشيخ في هذه الرسالة يرجع بشكل او باخر الى احد هذه البراهين استدلاله بمحاسن الشريعة وكمالات الانبياء واخبارهم عن المغيبات والتحدي بالقرآن ونحو ذلك يرجع الى برهان ايات الانبياء واستدلالهم برحمة الله تعالى واستجابته لدعوات المضطرين. داخل في برهان الاتقان والعناية وهكذا فكرة كتاب اشراق واعملي فيه يسر الله تعالى لقراءة رسالة البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله وقد حرصت في التعليق على تتميم بعض المواضع بما يوضح معانيها ويجليها ثم قام بعض الاخوة مشكورين بتفريغ هذه التعليقات ثم اعدت النظر فيها تدقيقا وتحريرا ثم تدارستها مع بعض الاخوة واستفدت من تعليقاتهم واضافاتهم ثم رأيت ان احقق الرسالة على اصلها الخطي وتواصلت مع الاخ الفاضل الشيخ مساعد بن عبدالله السعدي. صبت الشيخ رحمه الله تسارع بارساله لي مأجورا مشكورا وهذا الاصل نسخ سنة الف وثلاثمائة وسبعين هجرية وجاء في اخره بخط المصنف رحمه الله بخط عبدالله السليمان السلمان في العشرين من جمادى الف وثلاثمائة وسبعين قال ذلك الفقير الى الله عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين ويتلخص عملي في الاتي واحد قابلت الرسالة على اصلها الخطي اثنان قابلتها كذلك على مطبوعة دار ابن الجوزي المنشورة في شوال. الف واربعمائة وتسعة وعشرين هجرية بتحقيق باسل بن سعود الرشود ووجدت بعض الفروقات واثبتها في الحاشية. مشيرا لها بالحرف طاء ثلاثة وضعت بعض العناوين الجانبية لتوضيح فقرات الرسالة اربعة اثبت حاشية على الرسالة توضح معانيها وتتمم فوائدها خمسة قدمت بين يدي الرسالة بمقدمات سبق بيانها وقد سميت هذا العمل اشراق على كتاب البراهين العقلية فاسأل الله جل وعلا ان ينفع به ويبارك فيه راجع الكتاب للاطلاع على صورة المخطوط عدد الصفحة سبعة وخمسون وثمانية وخمسون مقدمة المصنف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على محمد وسلم هذه محاضرة عظيمة محتوية على التنبيه الواضح الى البراهين العقلية على وحدانية الرب ووجوه كماله اعلم ان هذه المسألة اعظم المسائل على الاطلاق واكبرها واوجبها وانفعها واوضحها وعليها اتفقت جميع الكتب المنزلة من الله على رسله وجميع الرسل وهي اهم ما دعا اليه الرسل اممهم فكل رسول يقول لقومه اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ويذكرون لاممهم من اسماء الرب واوصافه ونعمه والائه والطافه ما به يعرفون ربهم ويخضعون له ويعبدونه والقرآن العظيم من اوله الى اخره يبين هذه المسألة ويذكر لها البراهين المتنوعة. ويصرف لها الايات. والسنة كذلك وليس القصد في هذه المحاضرة ذكر الادلة النقلية عليها فان الكتاب والسنة فيهما من البراهين والادلة على ذلك ما لا يعد ولا يحصى ولا يمكن استيفاء بعضه وهي واضحة جلية يعرفها الخواص والعوام وبعد ذلك كاف واف بالمقصود ولكننا نريد في هذه المحاضرة ان نشير اشارة يسيرة الى براهينها العقلية التي يشترك في معرفتها والخضوع لها جميع العقلاء من البشر ولا ينكرها الا كل مكابر مستكبر منابذ للعقل والدين وهذه المسألة اوضحوا واظهروا من ان يحتج لها وتذكر براهينها ولكن كلما عرف المؤمن براهينها قوي ايمانه وازداد يقينه وحمد الله على هذه النعمة التي هي اكبر النعم واجلها ولهذا قالت الرسل لاممهم في الله شك فاستفهموهم استفهام تقرير فانه متقرر في قلوب جميع العقلاء الاعتراف بربوبيته ووحدانيته انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على هذه المقدمة بقوله ذكر الشيخ رحمه الله هنا ان هذه الرسالة محاضرة ويحتمل ان يكون قد كتبها الشيخ ليلقيها في محاضرة ويحتمل ان يكون اصلها محاضرة ثم حررها الشيخ بعد ذلك او فرغها عنه احدهم ثم طبعت بعد ذلك لا شك ان هذه المسألة اعظم المسائل على الاطلاق وذلك لان العلم يشرف بشرف متعلقه اذا كان متعلقه اثبات وجود الله واثبات وحدانيته واثبات ربوبيته والوهيته فلا غرابة ان يكون اعظم العلوم واشرفها بين الشيخ رحمه الله منهجه في هذه الرسالة وهو الاستدلال بالادلة العقلية والعناية بها اكثر من الادلة النقدية والتي هي القرآن والسنة وبين سبب ذلك وهو اشتراك جميع البشر في الخضوع لهذه الادلة بخلاف الادلة النقلية التي لا يؤمن بها الا المسلمون وهذه لفتة مهمة من الشيخ ينبغي على الدعاة الى الله تعالى العناية بها وهي مخاطبة كل قوم بما يفهمونه وبما يناسب عقولهم ويجب هنا ان ننبه الى مسألة هامة جدا وهي ان ديننا لا يناقض العقل البتة بل ان الادلة النقلية نفسها وهي القرآن والسنة؟ لا سيما كتابه العظيم الفذ درء تعارض العقل والنقل صحيح فالمشكلة ليست في وضوح المسألة وانما في كون العقل او الفطرة قد اصابهما من الفساد ما يمنع الانتفاع بهما الشمس لا ينكر وجودها احد فاذا رأيت من ينكر وجودها فاعلم ان المشكلة ليست في الشمس. وانما المشكلة في عين هذا المنكر وكان لزاما علينا علاج عينه ليتمكن من رؤية الشمس مقصود الشيخ رحمه الله اننا اذا استدللنا على وجود الله تعالى بادلة عقلية لا يعني اننا في شك لو ان هذه القضية غامضة لا القضية واضحة ولسنا في شك بحمد الله وانما المقصود امران واحد مخاطبة من لا يؤمن بالقرآن والسنة من الكفار اثنان زيادة يقين المؤمنين بهما المؤمن اذا وجد الادلة العقلية تعضد وتؤيد ما يؤمن به. فلا شك ان ايمانه سيزيد وهذا هو منهج الانبياء كما سأل ابراهيم عليه السلام ربه تعالى فقال رب ارني كيف تحيي الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي فلم ينهه ربه تعالى عن ذلك انتهى شرح الشيخ المطلق البرهان الاول برهان الخلق والحدوث فنقول وبالله التوفيق اعلم رحمك الله انك اذا نظرت الى العالم العلوي والسفلي وما اودع فيه من المخلوقات المتنوعة الكثيرة جدا والحوادث المتجددة في كل وقت وتأملته تأملا صحيحا عرفت ان الامور الممكن تقسيمها في العقل ثلاثة احدها ان توجد هذه المخلوقات والحوادث بنفسها من غير محدث ولا خالق فهذا محال ممتنع يجزم العقل ضرورة ببطلانه ويعلم يقينا ان من ظن ذلك فهو الى الجنون اقرب منه الى العقل لان كل من له عقل يعرف انه لا يمكن ان يوجد شيء من غير موجد. ولا محدث ان تكون هذه المخلوقات محدثة وخالقة لنفسها هذا ايضا محال ممتنع يجزم العقل ضرورة ببطلانه وامتناعه فكل من له ادنى عقل يجزم ان الشيء لا يحدث نفسه كما انه لا يحدث بلا محدث واذا بطل هذان القسمان عقلا وفطرة تعين القسم الثالث وهو ان هذه المخلوقات والحوادث لها خالق خلقها محدث احدثها ووالله الرب العظيم الخالق لكل شيء المتصرف في كل شيء المدبر للامور كلها ولهذا نبه الله على هذا التقسيم العقلي الواضح لكل عاقل وقال تعالى ام خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون المخلوق لابد له من خالق والاثر لابد له من مؤثر والمحدث لابد له من محدث والموجد لابد له من موجد والمصنوع لابد له من صانع والمفعول لابد له من فاعل هذه قضايا بديهية عقلية يشترك في العلم بها جميع العقلاء وهي من اعظم القضايا العقلية فمن ارتب فيها او شك في دلالتها فقد برهن على اختلال عقله وضلاله انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على هذه الفقرة بقوله هذا البرهان العقلي الاول على وجود الله يسمى برهان الخلق والحدوث وقد ذكر الشيخ الشق الثاني منه لذلك اسوق البرهان من بدايته فاقول يتكون هذا البرهان من مقدمتين مقدمة صغرى ومقدمة كبرى ونتيجة واحد المقدمة الصغرى الكون الذي نعيش فيه حادث يعني انه كان عدما ثم وجد وهذه المقدمة واضحة لكل ذي عينين ويدركها كل عاقل ولا تحتاج الى اثبات لذلك كانت الطريقة المذكورة في القرآن هي الاستدلال بحدوث الانسان وغيره من المحدثات المعلوم حدوثها بالمشاهدة ونحوها على وجود الخالق سبحانه وتعالى حدوث الانسان يستدل به على المحدث لا يحتاج ان يستدل على حدوثه بمقارنة التغير او الحوادث له وجوب تناهي الحوادث والفرق بين الاستدلال بحدوثه والاستدلال على حدوثه بين والذي في القرآن هو الاول ولا الثاني ولكن رغم ظهور هذه المقدمة الا انها كانت محل جدل بين الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم قديما وقد ذهب بعض الفلاسفة الى ان الكون قديم غير حادث ولذلك كفرهم العلماء اما في هذا العصر وقد اصبحت محل اجماع تقريبا لا يكاد يوجد من يشك في هذه الحقيقة لانها اصبحت مثبتة بالعلم التجريبي الحديث فخرجت من ميدان الفلسفة ودخلت في ميدان العلم التجريبي وثبتت علمية ويدل على ذلك امور منها الاول الاكتشاف الكبير الذي توصل اليه العالم الفلكي الامريكي ادوين هابل عام الف وتسعمائة وتسعة وعشرين ميلادية والذي احدث تغييرا كبيرا في علوم الفضاء وبسبب هذا الاكتشاف سمي منظار ناسا الشهير فيما بعد باسم هبل نسبة الى هذا العالم بينما كان ادوين هابل يراقب النجوم بمنظار اكتشف ان لون الطيف الصادر من هذا النجم يتحول الى اللون الاحمر ومعنى هذا حسب نظريات علم الفيزياء الفلكية انه عندما ينقلب لون الطيف الصادر من جسم سماوي؟ سوبر نوفا الى الاشعة الحمراء فان هذا يعني ان النجم يبتعد عن الارض وما اذا كان هذا النجم يقترب من الارض فان الطيف يظهر اللون الازرق وكان هذا اول اكتشاف لهبل. من ناحية حركة النجوم وتابع هبل ابحاثه واكتشف ان النجوم لا تبتعد عن الارض فحسب بل يبتعد بعضها عن بعض بما يشبه البالون عند نفخه اي انك اذا رسمت نقاطا على البالون ثم نفخته تجد ان النقاط المنتشرة على سطح يبتعد بعضها عن بعض بما يجعلنا نتصور ان الكون كله يشبه ذلك البالون وهذا يدل على ان هذا الكون في تمدد دائم كل ثانية توصل ادوين هبل بعد ذلك الى ان الكون يتمدد باستمرار وبسرعة متزايدة واكتشف ايضا ان المجرات التي ولدت تبتعد عن مركز الانفجار الاول وكذلك تبتعد عن بعضها البعض وقد جاء في القرآن الكريم ما قد يدل على ذلك وهو قوله تعالى ومعنى ان الكون يتمدد انه كلما رجعت بالزمن الى الماضي فان الكون يكون اصغر حتى يصل الكون الى نقطة قطرها صفر وهذا يعني ان الكون كان عدما وثبتت هذه الحقيقة ولم يعد يجادل فيها احد الان حتى ان الملحد الشهير ستيفن هوكينج وهو من اشهر ملاحدة هذا العصر قال اكتشاف ان الكون يتمدد واحدى الثورات الفكرية العظيمة في القرن العشرين وقال ايضا الاحداث قبل الانفجار الكبير لا يمكن ان تكون لها نتائج وهكذا فانه ينبغي الا تشكل جزءا من اي نموذج علمي عن الكون واذا ينبغي ان نحذفها من النموذج ونقول ان الزمان له بداية عند الانفجار الكبير الثاني القانون الثاني للديناميكا الحرارية هذا القانون يثبت انه لا يمكن ان يكون وجود الكون قديما لا بداية له ويصف لنا ان الحرارة تنتقل دائما من الجسم الاكثر حرارة الى الجسم الاقل حرارة والعكس غير ممكن وبناء على هذا الكشف العلمي فان اتجاه الكون نحو التوازن الحراري يزداد يوما بعد يوم ولابد اذا من وقت تتساوى فيه حرارة جميع الموجودات وحين ذاك لا تبقى اية طاقة مفيدة للحياة والعمل وسيترتب على ذلك ان تنتهي العمليات الكيماوية والطبيعية وانطلاقا من هذه الحقيقة القائلة بان العمليات الكيماوية والطبيعية جارية وان الحياة قائمة يثبت لدينا قطعا ان الكون له بداية اذ لو لم يكن له بداية من اللازم ان يفقد طاقته منذ زمن بعيد بناء على هذا القانون ولما بقي في الكون بصيص من الحياة يقول ادوارد لوفركسيل وهو استاذ علم الاحياء في جامعة سان فرانسيسكو قد يعتقد بعضهم ان هذا الكون هو خالق نفسه على حين يرى البعض الاخر ان الاعتقاد في ازلية هذا الكون ليس باصعب من الاعتقاد في وجود اله ازلي ولكن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية يثبت خطأ هذا الرأي الاخير العلوم تثبت بكل وضوح ان هذا الكون لا يمكن ان يكون ازليا فهناك انتقال حراري مستمر من الاجسام الحارة الى الاجسام الباردة ولا يمكن ان يحدث العكس بقوة ذاتية بحيث تعود الحرارة فترتد من الاجسام الباردة الى الاجسام الحارة ومعنى ذلك ان الكون يتجه الى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الاجسام وينضب فيها معين الطاقة ويومئذ لن تكون هنالك عمليات كيماوية او طبيعية ولن يكون هنالك اثر للحياة نفسها في هذا الكون ولما كانت الحياة لا تزال قائمة ولا تزال العمليات الكيماوية والطبيعية تسير في طريقها فاننا نستطيع ان نستنتج ان هذا الكون لا يمكن ان يكون ازليا والا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط في الوجود وهكذا توصلت العلوم دون قصد الى ان لهذا الكون بداية وهي بذلك تثبت وجود الله بان ما له بداية لا يمكن ان يكون قد بدأ نفسه. ولابد من مبدأ او من محرك اول او من خالق هو الاله ويقول عالم الطبيعة البيولوجية فرانك الين قوانين الديناميك الحرارية تدل على ان مكونات هذا الكون تفقد حرارتها تدريجيا وانها سائرة حتما الى يوم تصير فيه جميع الاجسام تحت درجة من الحرارة بالغة الانخفاض هي الصفر المطلق يومئذ تنعدم الطاقة وتستحيل الحياة ولا مناص من حدوث هذه الحالة من انعدام الطاقة عندما تصل درجة حرارة الاجسام الى الصفر المطلق بمضي الوقت يقول انطوني فلو وكان من اشهر ملاحدة القرن العشرين على الملحدين ان يشعروا بالاحباط من الاحصاءات الكونية الحديثة حيث بدا ان علماء الكونيات يقدمون الدليل العلمي على ما قاله القديس توما الاكويني من انه يصعب على الفلسفة اثباته. يعني ان للكون بداية اثنان المقدمة الكبرى وهي ان كل حادث لابد له من محدث يعني اذا كان الشيء معدوما ثم وجد فضرورة العقل تدلنا على ان هذا الحادث لابد له من محدث وهذه الحقيقة مبنية على قانون السببية وهو من الضروريات العقلية التي لا ينكرها الا مجنون او مكابر بل حتى الطفل الصغير اذا ضربته من خلفه فانه سيلتفت ليبحث عن الذي ضربه قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ومعلوم بالفطرة التي فطر الله عليها عبادهم بصريح العقل ان الحادث لا يحدث الا بمحدث احدثه. وان حدوث الحادث بلا محدث احدثه معلوم البطلان بضرورة العقل وهذا امر مركوز في بني ادم حتى الصبيان لو ضرب الصبي ضربة فقال من ضربني. فقيل ما ضربك احد لم يصدق عقله ان الضربة حدثت من غير فاعل ولهذا لو جوز مجوزن ان يحدث كتابة او بناء او غراس ونحو ذلك من غير محدث لذلك لكان عند العقلاء اما مجنونا واما مسفسفا كالمنكر للعلوم البديهية والمعارف الضرورية وكذلك معلوم انه لم يحدث نفسه فان كان معدوما قبل حدوثه لم يكن شيئا فيمتنع ان يحدث غيره فضلا عن ان يحدث نفسه وقال رحمه الله وقد علم بالاضطرار ان الوجود لابد له من موجد واجب بذاته غني عما سواه قديم ازلي لا يجوز عليه الحدوث ولا العدم وهذه المقدمة من الوضوح بحيث لا حاجة للتطوير في الاستدلال لها كما يفعله المتكلمون قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ثم ان افتقار الممكن الى الواجب والمحدث الى القديم والمصنوع الى الصانع مقدمة ضرورية وان كان طائفة من النظار يستدلون على هذه المقدمة وعلى ان الممكن لا يترجح احد طرفيه على الاخر الا بمرجح والجمهور على الاكتفاء بالضرورة فيهما اذا تقرر ما سبق يأتي السؤال الثاني الذي اجاب عنه المؤلف وهو من الذي خلق هذا الكون ومن الذي اوجده؟ ذكر الشيخ هنا ثلاثة احتمالات لا رابع لها الاول انها وجدت دون موجد وخالق الثاني ان تكون هي التي اوجدت نفسها بنفسها او اوجدها مخلوق مثلها الثالث ان يخلقها ويوجدها كائن غير مخلوق اما الاحتمال الاول يرده العقل مباشرة هو باطل بالضرورة العقلية لان قانون السببية يمنع ذلك كما سبق اما الاحتمال الثاني فهو باطل ايضا بانه يستلزم التسلسل والتسلسل هو توقف وجود الشيء على وجود اشياء غير متناهية وهو ممتنع ويتضح ذلك بهذا المثال جندي بيده سلاح يريد ان يطلق النار ولكن حتى يطلق النار يجب ان يستأذن من الجندي الذي خلفه وهذا الجندي حتى يعطي الاذن يجب ان يستأذن من الجندي الذي خلفه وهكذا الى ما لا نهاية والسؤال هل سيطلق الجندي الاول النار الجواب لا بان الاستئذان سيستغرق مدة زمنية غير منتهية ولهذا يستحيل ان يصل الاذن للجندي ونعلم من ذلك ان التسلسل ممتنع واذا ما اطلقت الطلقة وحدث الحدث نعلم ان هناك جنديا يأمر ولا ينتظر اذنا من احد اذا تقرر ذلك علمنا بطلان احتمال ان يكون موجد المخلوقات مخلوقا مثلها لان هذا يستلزم التسلسل وهو ممتنع كما عرفنا ولم يبقى لنا الا ان نؤمن ونسلم ونوقن ان الذي اوجد هذا الكون هو خالق غير مخلوق حتى نسلم من اشكالية مخالفة مبدأ السببية اذا اخترنا الخيار الاول ومن اشكالية التسلسل اذا اخترنا الخيار الثاني يبقى هذا هو الخيار العقلي الوحيد قال الشيخ الاسلام ابن تيمية قد علم بضرورة العقل انه لابد من موجود قديم غني عما سواه اذ نحن نشاهد حدوث المحدثات كالحيوان والمعدن والنبات والحادث ممكن ليس بواجب ولا ممتنع وقد علم بالاضطرار ان المحدث لابد له من محدث والممكن لابد له من موجد كما قال تعالى ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون فاذا لم يكونوا خلقوا من غير خالق ولا هم الخالقون لانفسهم تعين ان لهم خالقا خلقهم وقال الامام ابو سليمان الخطابي رحمه الله مبينا طريقة السلف في اثبات وجود الله تعالى وربوبيته والى ذلك ما وجدوه في انفسهم وفي سائر المصنوعات من اثار الصنعة ودلائل الحكمة الشاهدة على ان لها صانعا حكيما عالما خبيرا تام القدرة بالغ الحكمة وقد نبههم الكتاب عليه ودعاهم الى تدبره وتأمله والاستدلال به على ثبوت ربوبيته فقال اشارة الى ما فيها من اثار الصنعة ولطيف الحكمة الدالين على وجود الصانع الحكيم لما ركب فيها من الحواس التي يقع عنها الادراك والجوارح التي يتأثر بها القبض والبسط والاعضاء قال الامام ابن القيم رحمه الله وتأمل هذا الترديد والحصر المتضمن لاقامة الحجة باقرب طريق وافصح عبارة يقول تعالى هؤلاء مخلوقون بعد ان لم يكونوا فهل خلقوا من غير خالق خلقهم؟ فهذا من المحال الممتنع عند كل من له فهم وعقل ان يكون مصنوع من غير صانع ومخلوق من غير خلق ولو مر رجل بارض قفر لا بناء فيها ثم مر بها فرأى فيها بنيانا وقصورا وعمارات محكمة لم يتخالجه شك ولا ريب ان صانعا صنعها وبانيا بناها ثم قال ام هم الخالقون وهذا ايضا من المستحيل ان يكون العبد موجدا خالقا لنفسه فان من لا يقدر ان يزيد في حياته بعد وجوده وتعاطيه اسباب الحياة ساعة واحدة. ولا اصبعا ولا ظفرا ولا شعرة كيف يكون خالقا لنفسه في حال عدمه واذا بطل القسمان تعين ان لهم خالقا خلقهم وفاطرا فطرهم سوى الاله الحق الذي يستحق عليهم العبادة والشكر وكيف يشركون به الها غيره وهو وحده الخالق لهم ان قيل فما موقع قوله ام خلق السماوات والارض من هذه الحجة احسن موقع فانه بين بالقسمين الاولين ان لهم خالقا وفاطرا وانهم مخلوقون وبين بالقسم الثالث انهم بعد ان وجدوا وخلقوا فهم عاجزون غير خالقين انهم لم يخلقوا نفوسهم ولم يخلقوا السماوات والارض وان الواحد القهار الذي لا اله غيره ولا رب سواه هو الذي خلقهم وخلق السماوات والارض هو المتفرد بخلق المسكن والساكن. بخلق العالم العلوي والسفلي وما فيه انكار الحقائق وعدم الاعتداد بها احد مظاهر الاختلال الفكري الموجود اليوم وهي التي تسمى السفسطة قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله هؤلاء قوم ينسبون الى رجل يقال له سوفستا يزعم ان الاشياء لا حقيقة لها وان ما يستبعده يجوز ان يكون على ما نشاهده ويجوز ان يكون على غير ما نشاهده وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن بعض السوستائية انه جعل جميع العقائد هي المؤثرة في الاعتقادات ولم يجعل للاشياء حقائق ثابتة في نفسها يوافقها الاعتقاد تارة ويخالفها اخرى بل جعل الحق في كل شيء ما اعتقده المعتقد وجعل الحقائق تابعة للعقائد وهذا القول على اطلاقه وعمومه ما يقوله عاقل سليم العقل وانما هو من جنس ما يحكى ان السسطائية انكروا الحقائق ولم يثبتوا حقيقة ولا علما بحقيقة وقد فصلت في كتاب ترياق بطلان المنهج السوستائي في فصل المناهج المؤسسة للشبهات انتهى شرح الشيخ المطلق البرهان الثاني برهان الاتقان والعناية تفكر رحمك الله في نفسك وانظر في مبدأ خلقك من نطفة الى علقة الى مضغة حتى صرت بشرا كامل الخلق مكتمل الاعضاء الظاهرة والباطنة كما يضطرك هذا النظر ويلجؤك الى الاعتراف بالرب القادر على كل شيء الذي احاط علمه بكل شيء الحكيم في كل ما خلقه وصنعه فلو اجتمع الخلق كلهم على هذه النطفة التي جعلها الله مبدأ خلقك على ان ينقلوها في تلك الاطوار المتنوعة ويحفظوها في ذلك القرار المكين ويجعل لها اعضاء ظاهرة وقوى باطنة. وسمعا وبصرا وعقلا وينموها هذه التنمية العجيبة ويركبها هذا التركيب المنظم ويرتب الاعضاء على هذا الترتيب المحكم بحيث يكون كل عضو في محله اللائق به لو اجتمعوا على ذلك بل في علومهم وهل في اقتدارهم واستطاعتهم الوصول الى ذلك فهذا النظر السديد يوصلك الى الاعتراف بقدرة الله وعظمته ووحدانيته والخضوع له والتصديق بكتبه ورسله ومعرفته والايمان باليوم الاخر تأمل في حفظ الله للسموات والارض وما فيهما من العوالم التي لا يعلمها الا هو وفي ابقائها وامدادها بكل ما تحتاج اليه في بقائها من الاسباب المتنوعة قال الله وفي انفسكم افلا تبصرون يدعونا ان ننظر في انفسنا وقد ابدع الامام ابن القيم في هذا المعنى في كتابه مفتاح دار السعادة حتى استغرق المجلد الثاني كله تقريبا والنظامات العجيبة كما يدل كذلك على كمال الرب وربوبيته ووحدانيته وسعة علمه وشمول حكمته وقد نبه الله على هذا الدليل الواضح العقلي بقوله ويقول عز وجل ان الله يمسك السماوات والارض ان تزولا ولئن زالتا ان امسكهما من احد من بعده انه كان حليما غفورا تدبروا يا اخي في هذا الفلك الدوار وما ترتب عليه من تعاقب الليل والنهار وفي تصريف الاوقات بفصولها وكمال انتظامها لمصالح العباد ومنافعهم التي لا يمكن احصاؤها هل حصل ذلك صدفة واتفاقا من غير محدث وفاعل ام الذي خلق ذلك ودبره هذا التدبير المتقن هو الذي احسن كل شيء خلقه ثم نبه على ذلك البرهان العقلي بقوله صنع الله الذي اتقن كل شيء انظر هداك الله الى انه اعطى كل شيء خلقه اللائق به ثم هدى كل مخلوق الى مصالحه ومنافعه وضرورته التي لابد فيها من بقائه حتى البهائم العجمى صغيرها وكبيرها قد الهمها وهداها لكل امر فيه نفعها وبقاؤها ويسر لها ارزاقها واقواتها وهداها لتناولها فمن نظر في هذه الهداية العامة وبثها في جميع المخلوقات والهامها هذا الالهام العجيب الذي تهتدي به الى مصالحها علم بذلك عناية المولى العظيمة وعلم انه الرب لكل مربوب الخالق لكل مخلوق الرازق لكل مرزوق الذي علم المخلوقات واعطاها من الاذهان ما يصلحها ويدفع عنها المضار وذلك برهان عقلي واضح عظيم على وحدانية الله وكماله وقد نبه الله على ذلك بقوله ربنا الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى في طبيعة الحيوانات المتنوعة هذه الهداية وهذا الالهام الى تحصيل منافعها ودفع مضارها والحنو على اولادها وقيامها بهم حتى يدرجوا ويستقلوا بانفسهم ولهذا الحنان والرحمة الموضوعة في الحيوانات على اولادها الا من اكبر الادلة على سعة رحمة الله وشمول علمه وحكمته ثم انظر رحمك الله الى سعة رحمة الله التي ملأت اقطار العالم وشملت كل مخلوق في كل احواله واوقاته برحمته اوجد المخلوقات وبرحمته ابقاها وحفظها وبرحمته امدها بكل ما تحتاج اليه واسبغ عليها النعم الظاهرة والباطنة التي لا يمكن ان يخلو مخلوق منها طرفة عين وهي متنوعة عليه من كل وجه نعم التعليم لامور الدين والدنيا ونعم العافية للابدان عموما ولكل عضو وقوة على وجه الخصوص ونعم الاولاد والاهل والاتباع ونعم الارزاق الواسعة ونعم الحروف والزروع والثمار ونعم المواشي واصناف الامتعة ونعم الدور والقصور ونعم اللذات والحبور النعم التي فيها جلب المنافع كلها والنعم التي فيها دفع المطر كل ذلك يدل اكبر دلالة على وحدانية موليها ومسديها والمتفضل بها وعلى سعة كرمه ووجوب شكره والخضوع له واخلاص العمل له افمن يخلق من لا يخلق وقال عز وجل ثم انظر احوال المضطرين الواقعين في المهالك والمشرفين على الاخطار والبائسين من فقرهم المدقع او مرضهم الموجع وكيف تضطرهم الضرورات وتلجأهم الحاجات الى ربهم والههم؟ داعين مفتقرين وسائلين لهم مستعطفين يجيب دعواتهم ويكشف كرباتهم. ويرفع ضروراتهم اليس في هذا اكبر برهان على وحدانيته وسعة علمه ورحمته ودقيق لطفه وانه ملجأ الخليقة كلها؟ وقد نبه الله على هذا البرهان العقلي بقوله الارض ويقول عز وجل ويقول عز وجل هو الذي يسيركم في البر والبحر جاءت ريح عاصف ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين دعوا الله مخلصين له الدين لان انجيتنا من هذه لنكونن من في الارض بغير الحق يا ايها الناس انما بغيكم متاع الحياة الدنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون وهذا النوع وهو تخليص المضطرين قد شاهدته الخليقة باعينهم ورأوا من الوقائع ما لا يعد ولا يحصى وهذا يضطرهم الى الاعتراف بالله وبوحدانيته انظر الى حالة المضطرين اذا كربتهم الشدائد؟ وازعجتهم النوائب كيف تجدوا قلوبهم متعلقة بالله والسنتهم ملحة في سؤاله وافئدتهم متشرفة لنواله لا تلتفت عن الله يمنة ولا يسرة لعلمها الضروري انه وحده كاشف الشدائد خارج الكروب لا ملجأ للخليقة الا اليه ولا معول لهم الا عليه بل هذه الامور الا لان الخليقة مفطورة على الاعتراف بوحدانية ربها وانه النافع الضار وان ملكوت كل شيء بيديه وهل ينكر ذلك الا من فسدت فطرته بالعقائد الفاسدة؟ والارادات السيئة؟ وانظر الى فقر الخلائق الى ربهم في كل شيء هم فقراء اليه في الخلق والايجاد وفقراء اليه في البقاء والرزق والامداد وفقراء اليه في جلب جميع المنافع وفقراء اليه في دفع المضار هم يسألونهم بلسان المقال ولسان الحال ويعطيهم مطالبهم ويسعفهم في كل مآربهم ان رغبوا لم يرغبوا الا اليه وان مستهم الضراء لم يلجأوا الا اليه وكم كشف الضر والكروب وكم جبر الكسير ويسر المطلوب وكم اغاث ملهوفا وكم انقذ هالكا ففقرهم اليه في جميع الاحوال ظاهر مشاهد وغناه عنهم لا ينكره الا كل مكابر وجاحد ومن ابراهيم ربوبيته ووحدانيته اجابته للدعوات في كل الاوقات فلا يحصي الخلق ما يعطيه السائلين وما يجيب به ادعية الداعين من بر وفاجر ومسلم وكافر تحصل للعباد المطالب الكثيرة ولا يعرفون لها شيئا من الاسباب سوى الدعاء والطمع في فضل الله والرجاء لرحمته وهذا برهان مشاهد في كل الاوقات. لا ينكره الا مباهت جاحد يدعونه في مطالب دينهم فيجيبهم وفي مطالب دنياهم فيجيبهم ومنهم من يقول ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا اولئك لهم نصيب مما كسبوا انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله يقول الشيخ مطلق في شرح هذه الفقرة هذا هو البرهان الثاني من براهين وجود الله تعالى ويسمى برهان الاتقان والعناية يسمى كذلك برهان النظم وقد يسمى كذلك دليل الرعاية خلاصته ان هذا الكون الذي نعيش فيه؟ كون متقن الصنع لا خلل فيه بوجه من الوجوه ابدا وان هذا الكون به من القوانين والثوابت الكونية ما لو تغير جزء منها بنسبة يسيرة؟ اختل النظام الكوني اختلالا كاملا قال ابن رشد رحمه الله الطريق التي نبه الكتاب العزيز عليها ودعا الكل من بابها اذا استقرئ الكتاب العزيز وجدت تنحصر في جنسين طريق الوقوف على العناية بالانسان وخلق جميع الموجودات من اجلها ولنسمي هذه دليل العناية والطريقة الثانية ما يظهر من اختراع جواهر الاشياء الموجودة مثل اختراع الحياة في الجماد والادراكات الحسية والعقل ولنسمي هذه دليل الاختراع فاما الطريقة الاولى فتبنى على اصلين احدهما ان جميع الموجودات التي ها هنا موافقة لوجود الانسان والاصل الثاني ان هذه الموافقة هي ضرورة من قبل فاعل قاصد لذلك مريد اذ ليس يمكن ان تكون هذه الموافقة بالاتفاق تم كونها موافقة لوجود الانسان فيحصل اليقين بذلك بدليل موافقة الليل والنهار والشمس والقمر لوجود الانسان وكذلك موافقة الازمنة الاربعة له والمكان الذي هو فيه ايضا وهو الارض وكذلك تظهر ايضا موثقة كثير من الحيوان والنبات والجماد وجزئيات كثيرة مثل الامطار والانهار وبالجملة الارض والنار والهواء وكذلك ايضا تظهر العناية في اعضاء الانسان واعضاء الحيوان تعني كونها موافقة لحياته ووجوده وبالجملة فمعرفة منافع الموجودات داخلة في هذه الجنس ولذلك وجب على من اراد ان يعرف الله تعالى المعرفة التامة ان يفحص عن صانع جميع الموجودات وقد نقل شيخ الاسلام ابن تيمية كلام ابن رشد مقرا له وقد اجمع كل العقلاء على انه لا يمكن ان يوجد صدفة او يوجد بدون موجد حتى عتات الملاحدة واللادنيين اذا ما رأوا هذا الاتقان وهذه العظمة لا يسعهم الا الاذعان اذا كانوا من المنصفين ومن اشهرهم الملحد الشهير انطوني فلو وهو من اشهر الملاحدة ومروجي الالحاد في العالم. فترة تصل الى نصف قرن من الزمن ثم نظر الى بعض مظاهر صنع الله التي لا يشك فيها احد وخصوصا لما ظهرت اكتشافات الدي ان ايه ونحوها فاقر واعترف بوجود خالق لهذا الكون والف كتابا صدر في سنة الفين وعشرة سماه للكون اله فرجع فيه عن الحاده السابق واقر واعترف بوجود خالق لكنه لم يتبع دينا معينا ولا زال على كفره ومات على ذلك لكن انتقل من الالحاد وانكار وجود الله الى الايمان بوجود خالق وذكر في كتابه هذا بعضا من الاسباب التي دعته الى ذلك وكلها تدور حول الصنع المتقن يحثنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم على التفكر وكم من اية في كتاب الله تختتم بقوله لعلهم يتفكرون بقوم يتفكرون افلا يتدبرون وكم اية في كتاب الله تحث على التفكر والتدبر واتى على جسد الانسان كله من اعلاه الى اسفله وهو يتدبر في عظم خلق الله لجسد الانسان لماذا العينان بهذا الشكل متقاربتان ولماذا لا توجد عين واحدة؟ ولماذا الاذنان متباعدتان؟ ليستا مثل العينين ولماذا الانف هنا ولماذا الفم هنا لماذا لا تكون العين في جهة والفم في جهة؟ اسئلة تجعل الانسان يتفكر ويتدبر وهذا المجال تكلم فيه المختصون من الاطباء وغيرهم فابدعوا في بيان عظم خلق الله ومنهم ابو سهل عيسى ابن يحيى المسيحي الجورجاني المتوفى سنة اربعمائة وواحد هجرية في كتابه اظهار حكمة الله تعالى في خلق الانسان والدلائل والاعتبار على الخلق والتدبير للجاحظ نعم هناك داخل كل انسان مهما كابر افتقار الى ربه وقد سألت بنفسي بعض الملاحدة هذا السؤال فقلت اذا اصابك ضر او مصيبة او هم او غم هل تشعر بشيء في قلبك وافتقار الى ربك؟ فنفى بعضهم واجاب بعضهم بالايجاب وقال نعم اشعر ان هناك من سينقذني واشعر ان هناك خالقا وصدق احدهم معي واسترسل قائلا واجد في نفسي رغبة في دعاء. لكنني كنت اكابر ويضحك عليه الشيطان فيقول له اذا دعوت ربك فقد ناقضت نفسك فهذا الشعور الفطري بالافتقار الى الله تعالى ينبعث فيهم اذا اصابتهم الكروب وحزمتهم الهموم وهذا مصداق قول الله تعالى ثم قال الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه انه يجيب دعاء الداعين وقال جل ثناؤه واذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعان وقال تقدست اسماؤه وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين بل ان الله سبحانه وتعالى يستجيب حتى للكافر المضطر المخلص اذا دعا فان الله حكى عن اقوام دعوه في تلك الحال فاستجاب لهم واعطى قال عز وجل هو الذي يسيركم في البر والبحر جاءتها ريح عاصف ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين دعوا الله مخلصين له الدين لان انجيتنا من هذه لنكونن من فلما انجاهم اذا هم يبغون في الارض بغير الحق يا ايها الناس انما بغيكم متاع الحياة الدنيا الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون وقال تعالى ذكره فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر اذا هم يشركون ليكفروا بما اتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون وقال عز وجل والى مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة انه نسي ما كان يدعو اليهم من قبل نسي ما كان يدعو اليهم من قبل وجعل لله اندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا ويثير بعض الناس سؤالا هنا. وهو اننا دعونا كثيرا فلم يستجب لنا ربنا لماذا ساقول مستعينا بالله تعالى ان الاستجابة مضمونة لكن لا يعرف الداعي نوع هذه الاستجابة ولا وقتها لذلك نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستعجال في الدعاء وقال صلى الله عليه وسلم لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعو باثم او قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال قال يقول قد دعوت وقد دعوت فلم ارى يستجب لي ويستحسر عند ذلك ويدع الدعاء فاذا اتى الداعي بشرائط الاجابة فانه سيحصل على الخير وسينال نصيبا وافرا من ثمرات الدعاء ولابد عن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من احد يدعو بدعاء الا اتاه الله ما سأل او كف عنه من السوء مثله ما لم يدعو باثم او قطيعة رحم وعن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما من مسلم يدعو ليس باثم ولا قطيعة رحم الا اعطاه الله احدى ثلاث اما ان يعجل له دعوته واما ان يدخرها له في الاخرة واما ان يدفع عنه من السوء مثلها قال اذا نكثر قال الله اكثر وقد يكون في تأخير الاجابة خير للدعي ان الله عز وجل له الحكمة البالغة فلا يعطي الا لحكمة ولا يمنع الا لحكمة وقد ترى في الشيء مصلحة ظاهرة لكن الحكمة لا تقتضي وقد تخفى الحكمة فيما يفعله الطبيب من اشياء تؤذي في الظاهر ولكنه يقصد بها المصلحة الاجلة فلعل هذا من ذاك وقد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر ربما تحقق للداعي مطلوبه واجيب له سؤله وكان ذلك سببا في زيادة اثم وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون انتهى شرح الشيح المطلق البرهان الثالث ايات الانبياء ومن براهين وجود الله ووحدانيته ما يجريه الله على ايدي انبيائه من خوارق الايات والمعجزات والبراهين القاطعات وما يكرمهم به في الدنيا وينصرهم ويجعل لهم العواقب الحميدة ويخذل اعداءهم ويعذبهم باصناف العذاب وهذا متواتر معروف بين الخواص والعوام وقد نقلتها الامم والقرون والاجيال وصارت اعظم من برهان الشمس والقمر وهي كلها براهين على ربوبية من ارسلهم. ووحدانيته وعظمة سلطانه وكما لقدرته وسعة علمه وحكمته وما ينكرها الا كل متكبر جبار ومن اعظم براهين وحدانيته ما انزله الله على انبيائه عموما من الكتب والشرائع وما انزله على محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا من الكتاب العظيم والسنة والشريعة الكاملة التي بها صلاح الخلق وبها قوام دينهم ودنياهم وفيها من الايات والبراهين ما لا يعبر عنه المعبرون ولا يقدر ان يصفه الواصفون واياته قائمة في جميع الاوقات. متحدية للخلق كلهم على اختلاف مللهم ونحلهم وقد تبين عجزهم ووضح عليهم سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ويقول عز وجل ونزلنا عليك الكتاب بيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين فمن نظر فيما احتوى عليه القرآن العظيم من الاخبار الصادقة والاحكام العادلة والشرائع المحكمة والصلاح العام وجلب المنافع الدينية والدنيوية ودفع مضارهما والخير العظيم والهداية والصلاح المطلق الكامل اضطر الى الاعتراف بانه تنزيل من حكيم حميد. ورب كريم وكذلك من نظر الى ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من السنة والشرع الكامل والدين القويم والصراط المستقيم في كل شؤونه اضطره بعض ذلك فكيف بكله الى الاعتراف بوحدانية الله وان الذي شرعه هو الرب العظيم الحكيم في شرعه ودينه كما هو حكيم في خلقه وتقديره انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله يقول الشيخ مطلق في شرح هذه الفقرة من اعظم الادلة على وحدانية الله وربوبيته والوهيته الايات التي اجراها على ايدي انبيائه ورسله عليهم افضل الصلاة واتم التسليم والله قد بعث الرسل الى اقوامهم يدعونهم الى التوحيد وايدهم بالايات والبراهين والمعجزات التي تدل على صدقهم وكان خاتمهم واعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم وقد ايده الله بالادلة التي تؤكد ربوبية الله وتؤكد صدق النبي للعقل المنصف. وهي كثيرة جدا قال شيخ الاسلام ولما كان الناس احوج الى معرفة الشيء فان الله يوسع عليهم معرفة نفسه ودلائل نبوة رسله. ودلائل قدرته وعلمه وغير ذلك فانها دلائل كثيرة قطعية وقال فان تعداد اعيان دلائل النبوة مما لا يمكن بشرا الاحاطة به اذ كان الايمان به واجبا على كل احد والاستدلال على وجود الله تعالى وتوحيده بدلائل النبوة امر قد مضى عليه السلف رحمهم الله وقد قال الامام البيهقي رحمه الله وقد سلك بعض مشايخنا رحمنا الله واياهم في اثبات الصانع وحدث العالم طريق الاستدلال بمقدمة النبوة ومعجزات الرسالة لان دلائلها مأخوذة من طريق الحس لمن شاهدها ومن طريق استفاضة الخبر لمن غاب عنها فلما ثبتت النبوة صارت اصلا في وجوب قبول ما دعا اليه النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا الوجه كان ايمان اكثر المستجيبين للرسول صلوات الله عليهم اجمعين والى نحوه مال الامام الخطابي فقال وانما ثبت عندهم امر التوحيد من وجوه احدها ثبوت النبوة بالمعجزات التي اوردها نبيهم من كتاب قد اعياهم امره واعجزهم شأنه وقد تحداهم به وقد اشار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الى هذين النقلين واقرهما ثم قال قلت كثير من المتكلمين يقولون لابد ان تتقدم المعرفة اولا بثبوت الرب وصفاته التي يعلم بها انه هو ويظهر المعجزة والا تعذر الاستدلال بها على صدق الرسول فضلا عن وجود الرب واما الطريقة التي ذكرها المتقدمون وصحيحة اذا حررت وقد جاء القرآن بها في قصة فرعون فانه كان منكرا للرب قال تعالى تأتي فرعون فقولا انا رسول رب العالمين قال الم لربك فينا وليدا الى قوله قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والارض وما بينهما قال لمن حوله الا تستمعون قال ربكم ورب ابائكم الاولين. قال ان رسولكم الذي ارسل اليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما ان كنتم تعقلون قال لان اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين قال اولو جئتك بشيء مبين؟ قال فأت به ان كنت من الصادقين فالقى عصاه فاذا هي ثعبان مبين ونزع يده فاذا هي بيضاء للناظرين هنا قد عرض عليه موسى الحجة البينة التي جعلها دليلا على صدقه في كونه رسول رب العالمين وفي ان له الها غير فرعون يتخذه وكذلك قال تعالى فان لم يستجيبوا لكم فاعلموا انما انزل بعلم الله وان لا اله الا هو تبين ان المعجزة تدل على الوحدانية والرسالة وذلك لان المعجزة التي هي فعل خارق للعادة تدل بنفسها على ثبوت الصانع. كسائر الحوادث بل هي اخص من ذلك لان الحوادث المعتادة ليست في الدلالة كالحوادث الغريبة ولهذا يسبح الرب عندها ويمجد ويعظم ما لا يكون عند المعتاد ويحصل في النفوس ذلة من ذكر عظمته ما لا يحصل للمعتاد اذ هي ايات جديدة فتعطى حقها وتدل بظهورها على الرسول واذا تبين انها تدعو الى الاقرار بانه رسول الله وتتقرر بها الربوبية والرسالة لاسيما عند من يقول دلالة المعجزة على صدق الرسول ضرورية وقال الامام ابن القيم رحمه الله قلت وهذه الطريق من اقوى الطرق واصحها وادلها على الصانع وصفاته وافعاله وارتباط ادلة هذه الطريق بمدلولاتها اقوى من ارتباط الادلة العقلية الصالحة بمدلولاتها فانها جمعت بين دلالة الحس والعقل ودلالتها ضرورية بنفسها ولهذا يسميها الله سبحانه ايات بينات وليس في طرق الادلة اوثق ولا اقوى منها فان انقلاب عصا اليد ثعبانا عظيما يبتلع ما يمر به ثم يعود عصا كما كانت. من ادل الدليل على وجود الصانع وحياته وقدرته وارادته وعلمه والجزئيات وعلى رسالة الرسول وعلى المبدأ والميعاد فكل قواعد الدين في هذه العصا وكذلك اليد وفلق البحر طرقا والماء قائم بينهما كالحيطان ونطق الجبل من موضعه ورفعه على قدر العسكر العظيم فوق رؤوسهم وضرب حجر مربع بعصا. فتسيل منه اثنتا عشرة عينا تكفي امة عظيمة وكذلك سائر ايات الانبياء محاسن الشريعة الربانية من جملة الدلائل على صحة نبوة الانبياء الحديث عنها تابع للحديث عن برهان ايات الانبياء انتهى شرح الشيخ مطلق البرهان الرابع الفطرة ومن ابراهيم وحدانية الله ان العقول والفطر مضطرة الى الاعتراف ببارها وكما لقدرته ونفوذ مشيئته وذلك ان الخلق محتاجون ومضطرون الى جلب منافع ودفع المضار ومن المعلوم لكل عاقل ان حاجة النفوس الى خالقها والهها اعظم من جميع الحاجات والضرورات فهي مضطرة الى علمها بانه خالقها وحده ومالكها وحده ومبقيها وحده وممدها بمنافعها وحده وقال سبحانه ذلك الدين القيم ولم يخرج عن هذه الفطرة الا من اشتالتهم الشياطين وحولت فطرهم وغيرتها بالعقائد الفاسدة والخيالات الضالة والاراء الخبيثة والنظريات الخاطئة فلو خلوا وفطرهم لم يميلوا لغير ربهم منيبين اليه في جلب المنافع ودفع المضار ومنيبين اليه في التأله والتعبد والخضوع والانكسار من براهين وحدانية الله تعالى وكرمه ما يكرم الله به الواصلين لارحامهم. المحسنين الى المضطرين والمحتاجين وخلفه العاجل لهم نفقاتهم وتعويضه لهم من جوده وكرمه وفتحه لهم اسبابا وابوابا من الرزق بسبب ذلك الاحسان الذي له الموقع الطيب وقد علم الخلق المتأملون ان ذلك سبب تلك الاعمال الصالحة والصلة والاحسان والمقدمات الحسنة الا يدلنا ذلك ان الله قائم على كل نفس بما كسبت؟ وان هذا جزاء معجل وثواب حاضر نموذج لثواب الاخرة وانواع ذلك وافراده لا تدخل تحت الحصر وقد رأى الناس من ذلك عجائب مصداقا لقوله تعالى ويقول عز وجل لئن شكرتم لازيدنكم ولقوله صلى الله عليه وسلم من احب ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اجله فليصل رحمه متفق عليه فكم احسن الله على المحسنين وكم اخلف نفقات المنفقين وكم جبر قلوب الواصلين لارحامهم المشتقين ونظير هذا البرهان العقوبات التي يعجلها الله للباغين والقاطعين والظالمين والمجرمين بحسب جرائمهم عقوبات يشاهدها الناس رأي العين ويتيقنون ان ذلك جزاء وعقوبة لتلك الجرائم فمن تأمل وسمع الوقائع وايام الله في الخلق وعلم ارتباطها باسبابها الحسنة والسيئة علم بذلك وحدانية الله وربوبيته وكمال عدله وسعة فضله فضلا عن الاستدلال بها على وجوده بوجوده ان كل ما دل على شيء من اوصافه وافعاله فانه يتضمن اثبات ذاته ووجوب وجوده انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على هذه الفقرة بقوله قال تعالى فاقم وجهك للدين حنيفا سيطرة الله التي فطر الناس عليها. لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون الفطرة في اللغة بمعنى الخلقة والابتداء والانشاء وفطر الامر ابتدأه وانشأه وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما ما كنت ادري ما فاطر السماوات والارض حتى اتاني اعرابيا يختصمان في بئر وقال احدهما انا فطرتها اي انا ابتدأت حفرها والفطرة كذلك هي الجبلة القابلة للدين الحق والتي طبعت عليها الخليقة من الدين فقد فطرهم الله على معرفته وربوبيته قال الله سبحانه وتعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها جدعاء قال ابن الاثير رحمه الله والمعنى انه يولد على نوع من الجبلة والطبع المتهيأ لقبول الدين لو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها الى غيرها وانما يعدل عنه من يعدل لافة من افات البشر والتقليد ثم تمثل باولاد اليهود والنصارى في اتباعهم لابائهم والميل الى اديانهم عن مقتضى الفطرة السليمة الفطرة اذا هي قوة مودعة في النفس تولد مع الانسان. تقتضي معرفة الله تعالى وتوحيده وادراك المبادئ العقلية الاولية التي تسير حياته من خلالها بشكل صحيح بشرط عدم التأثير الخارجي الذي يحذف هذه الفترة عن مسارها فلو سلم الطفل من المؤثرات الخارجية التي تحلفه عن فطرته تنشأ موحدا مؤمنا بالله سبحانه وتعالى كما ثبت في الحديث السابق وقد اثبت العلم التجريبي صحة هذا الحديث في بحث كبير تحت اشراف اساتذة في جامعة اكسفورد عمل فيه سبعة وخمسون باحثا في عشرين دولة على مدار ثلاث سنوات بتكلفة واحد فاصلة تسعة مليون جنيه استرليني ونشرت نتائجه سنة الفين واحد عشر ميلادية ما ثبت فيه ان الاطفال الصغار يولدون ولديهم فطرة الايمان بالله وبالحياة بعد الموت وقد نشرت نتائج هذا البحث ايضا صحيفة التليجراف البريطانية انتهى شرح الشيخ مطلق فصل تابع لما قبله واعلم ان طرق معرفة الله واسعة جدا وذلك بحسب حاجة الخلق وضرورتهم اليها وكل يعبر عنها بعبارات اما كلية واما جزئية بحسب الحال التي تحضره وبحسب الامور التي تغلب عليه والا فكل ما خطر في القلوب وشاهدته الابصار وادركته الحواس والمشاعر وكل متحرك وساكن وكل حيوان وجماد ادلة وبراهين على وحدانية الله وايات عليه وفي كل شيء له اية تدل على انه واحد ولكن الجزئيات تسبق الى الاذهان. وتفهمها القلوب تفصيليا ويحصل بها النفع والفائدة العاجلة بسهولتها وبساطتها وكونها تدرك بالبدهة فلنذكر لها امثلة وحكايات عن المتقدمين والعصريين وكل يفهم منها ما يناسبه ويليق بفهمه سئل بعضهم بما عرفت ربك فقال ان البعرة تدل على البعير واثار السير تدل على المسير سماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج الا تدل على اللطيف الخبير واجتمعت طائفة من الملاحدة ببعض اهل العلم واظنه الامام ابا حنيفة قالوا ما الدلالة على وجود الصانع فقال لهم دعوني في خاطري مشغول بامر غريب قالوا ما هو؟ قال بلغني ان في دجلة سفينة عظيمة مملوءة من اصناف الامتعة العجيبة وهي ذاهبة مراجعة من غير احد يحركها ولا ربان يقوم عليها فقالوا له مجنون انت قال وما ذاك قالوا هذا يصدقه عاقل فقال لهم فكيف صدقت عقولكم ان هذا العالم بما فيه من الاصناف والانواع والحوادث العجيبة وهذا الفلك الدوار السيار يجري وتجري هذه الحوادث بغير محدث. وتتحرك هذه المتحركات بغير محرك فرجعوا على انفسهم بالملام وقيل لبعضهم بم عرفت ربك وقال هذه النطفة التي يلقيها الفحل في رحم الانثى ويطورها الله من نطفة الى علاقة الى مضغة الى اخر اطوارها سيكون بشرا سويا كامل الاعضاء الظاهرة والباطنة له سمع يسمع به الاصوات وبصل يبصر به المشاهدات وعقل يهتدي به الى مصالحه ويدان يبطش بهما ويعمل بهما الاعمال الدقيقة ورجلان يمشي بهما واعضاء كثيرة خلقت لمنافع اخرى معروفة ولهم منافذ يدخل منها ما يغذي البدن ومنافذ اخرى يخرج منها ما يضره وقد ركب هذا التركيب العجيب الذي لو اجتمعت الخلق على ايجاد شخص واحد على هذا الخلق المحكم العجيب لعجزت معارفهم وقدرهم عن ذلك اليس ذلك دليلا وبرهانا على وجود الخالق وعظمته ووحدانيته قلت وقد ذكر الله هذا البرهان في كتابه في اساليب متنوعة وقيل لبعضهم بما عرفت ربك فقال بنقض العزائم والهمم ومعنى ذلك ان العبد يعزم في كثير من اموره عزما جازما مصمما لا تردد فيه ثم بعد ذلك تنتقد همته. وينحل عزمه الى تركه او الى امر اخر يرى فيه مصلحته وما ذلك الا لان الله على كل شيء قدير يصرف القلوب كما يدبر الابدان وقد يصرفه عن بعض ما يعزم عليه لطفا به وابقاء على ايمانه ودينه يلطف به من حيث لا يشعر فنسأله اللطف في الامور كلها والتيسير لليسرى وسئل بعضهم بم عرفت ربك وقال كم كنت مكروبا ففرج كربتي وكنت مريضا فدعوته فشفاني وكنت فقيرا فاغناني وكنت ضالا عن الهدى فتلطف بي وهداني وليس هذا الامر لوحدي حكم له على عباده من هذه النعم وغيرها مما لا حصر له ولا عد وهذا يضطرني الى الاعتراف بوحدانيته وقدرته ورحمته وقيل لبعضهم بما عرفت الله وقال قد رأينا وراء الناس في الدنيا مصارع البغاة المجرمين وعواقبهم الوخيمة كما رأينا ورأوا في المحسنين عواقبهم الحميدة عجل للعبادي نموذجا من الثواب والعقاب ليعرفوه ويخضعوا له وحده ويعبدوه وحده وقيل لاخر بما يعرف الله وقال بايصاله النعم الى خلقه وقت الحاجة والضرورة اليها هذا الغيث ينزله وقت الحاجة ويرفعه اذا خيف منه الضرر وهذا الفرج يأتي اذا اشتدت الازمات وهذه المطالب تأتي منه وقت الحاجة اليها وهذه اعضاء الادمي وقواه يعطيها الله اياها شيئا فشيئا بحسب حاجته اليها هل يمكن ان تكون هذه الامور صدفة لم يعلموا بذلك علم اليقين ان الذي اعطاهم اياها وقت الحاجة والضرورة هو الرب المعبود الملك المحمود قلت ومن هذا الباب ما نتكلم فيه من معرفة الله انه لما كانت حاجة العباد الى معرفة الله فوق جميع الحاجات. والضرورة اليها تفوق جميع الضرورات يسرها الله لعباده ونهج لهم طرقها وفتح لهم ابوابها ومسالكها واوضح ادلتها وذلك لشدة الحاجة اليها وسعة رحمة الله واحسانه وقيل لبعضهم بما يعرف الله وقال يعرف بانه علم الانسان ما لم يعلم خرج من بطن امه لا يعلم شيئا فاعطاه الات العلم ويسر له اسبابه فلم يزل يتعلم امور دينه حتى صار عالما ربانيا ولم يزل يتعلم امور دنياه حتى صار ماهرا مخترعا للعجائب. ويسر له كل سبب ينال به ذلك ومن عجيب الامر ان اللوح اذا كتب فيه وشغل بشيء من الاشياء لم يسع غيرها ولم يمكن ان يكتب فيه شيء اخر. قبل محي ما كتب فيه وقلب الانسان لا يزال يحفظ ويعقل الامور والمعارف المتنوعة وكلما توسعت معارفه وغزر علمه قويت حافظته واشتدت ذاكرته وتوسعت افكاره بل هذه الامور في طوق البشر وقدرتهم؟ ام هذا من اكبر البراهين على عظمة الله ووحدانيته وكماله وسعة رحمته وقيل لبعضهم بما يعرف الله فقال هذه النواة يغرسها الناس. فيأتي منها النخيل والاشجار المتنوعة وتخرج الثمار اللذيذة النافعة وهذه الحبوب تلقى في الارض فتخرج اصناف الزروع التي هي مادة اقوات الادميين وبهائمهم ما لا تزال تعد وتهل كل عام ما يكفي العبادة ويزيد عن حاجتهم اليس هذا برهانا ودليلا على وجود الله وقدرته وعنايته بعباده ورحمته وقد نبه الله على هذا الدليل والبرهان العقلي المشاهد في قوله تعالى الحب والنوى وقوله افرأيتم ما تحرثون؟ اانتم تزرعونه ام نحن الزارعون وقيل لمن بادر الى الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ما الذي دعاك الى ذلك فقال رأيته ما امر بشيء فقال العقل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته امر به استدل بنور عقله وقوة بصيرته على صدق الرسول باجتماع ما جاء به على الصلاح ودفع الفساد وان ذلك موافق للعقول السليمة وقيل لبعض العارفين باي شيء يعرف الله وقال بذوق حلاوة الطاعات وتجرع مرارة المخالفات وهذا استدلال برهاني وجداني لمن وفق لهذه الحال يضطر العبد الى كمال الايمان وزيادة اليقين ان من وجد حلاوة الطاعات والايمان وذاق لذة اليقين وتألم اذا غلبته النفس الامارة بالسوء على اقتحام بعض المعاصي اضطره الامر الى معرفة الله ووحدانيته وقيل لبعضهم باي شيء يعرف الله وقال بانتظام الاسباب على وتيرة واحدة بتحويله لبعضها ومنع سببيته وبايجاده اشياء بغير اسباب تعرف وهذا صحيح فانه تعالى اجرى الامور على اسبابها ومسبباتها قدرا وشرعا ليعرف بذلك حكمته البالغة ولينشط العاملون على اعمالهم التي ربطها الله بمسبباتها واجراها على سنته ثم انه مع ذلك منع بعض الاسباب عن ترتب اثارها عليها تم في معجزات الانبياء الخارقة للعادة. وكرامات الاولياء وكذلك يوجد كثير من الاشياء بغير الاسباب المعهودة كما اوجد عيسى من ام بلا اب ويحيى بين ابوين لا يولد لمثلهما واشياء كثيرة من هذا النوع ليعرف العباد انه المتصرف التصريف المطلق وانه كما يتصرف بالاشياء باسبابها المعلومة المرتبطة بها كذلك يتصرف فيها بغير المعهودة ولهذا كان جمهور هذا النوع من المعجزات للاندية والكرامات للاولياء وقد تكون لغيرهم وهي كلها براهين على وحدانية الله والاهيته وربوبيته وقيل لبعضهم بما يعرف الله وقال من نظر في مواد الرزق وتأمل حالة من لهم موجودات كثيرة وعقارات وغلات كثيرة ولكنهم قد اتكلوا عليها فضاقت عليهم الامور ركبتهم الديون وجاءت الامور على خلاف ما يؤملون ثم نظر الى اناس كثيرين ليس لهم عقارات ولا عندهم غلات ولا موجودات وانما يسرت لهم اسباب بسيطة. لا تخطر ببال احد ان تكفيهم ولكن الله بارك فيها وبسط لهم الرزق فكانوا ابسط قلوبا واريح نفوسا وارغد عيسى من الاولين والسبب في ذلك انهم قاموا بالاسباب متوكلين على مسببها وقلوبهم على الدوام متطلعة الى ما عند الله راجية منه تسهيل الرزق والاولون بالعكس قلوبهم متعلقة باملاكهم وموجوداتهم بذلك يعرف الله. ويعرف ان الامر كله لله وكذلك اذا نظرنا لكثير من الاقوياء الاذكياء العاملين ليلا ونهارا تجد رزقهم مقترا واسبابهم مخفقة ونجد كثيرا من الضعفاء البلداء الذين ليس عندهم من القوة والذكاء ما عند الاولين والله قد بسط لهم الرزق ويسر لهم امرهم وهذا كله مشاهد يضطر العاقل ان يشهد لله بالتصرف المطلق وان الامر كله لله وقيل لاخر بما يعرف الله وقال بمداولته الايام بين العباد في العز والذل. والغنى والفقر باسباب وبغير اسباب وقيل لاخر باي شيء يعرف الله وقال بمشاهدة مصداق قوله تعالى في الارض الا على الله رزقها وتنظر مصداقها شاملا للخليقة وان كل احد قد يسر الله له من اسباب الرزق ما به يعتاش هذا بتجارته وهذا بصناعته وهذا بحراثته وهذا بعمله وخدمته وهذا بمخلفات من قبله وهذا بتنمية المواشي وهذا باحسان غيره عليه. بسؤال وغير سؤال وهذا بكد غيره عليه. الى غير ذلك من الاسباب المعروفة التي قدرها العزيز الحكيم رزقا للعباد فسبحان من وصل رزقه الى اصغر الذرات في مهامه البراري وقعور البحور والظلمات وقيل لبعضهم بما يعرف الله وقال ان لمعرفة الله ابوابا وطرقا كثيرة جدا ومن جملتها ما هدى الله له العباد في هذه الاوقات. من المخترعات الكثيرة واعمال الكهرباء وايصال الاصوات والانوار ونحوها الى مسافات شاسعة. وامكنة متباعدة وهو الذي علم الانسان. وهو الذي اقدره على ذلك وهو الذي خلق له المودة والمعادن التي تستخرج منها هذه الاشياء وهداه الى تأليفها ومعلوم انه خرج من بطن امه لا يعلم شيئا ولا يقدر على شيء تعليم جميع هذه الامور وكانت هذه من جملة منن الله عليه وخالق السبب هو خالق المسبب تبارك وتعالى فهذا اكبر برهان على كمال قدرة الله الذي اقدر العبد الضعيف على هذه الامور التي تعد سابقا من الامور المحالة الممتنعة وهذه الاجوبة كلها عن الكليات والجزئيات صحيحة تضطر العقول الى الاعتراف بربها ووحدانيته ويمكن مضاعفتها الى اضعاف كثيرة فانك اذا نظرت نظرة عمومية الى العالم العلوي والسفلي وعظم هذه المخلوقات وانتظامها العجيب وتركيبها المحكم وترتيبها ينتج عن ذلك من مصالح العالم والمخلوقات علمت ان لهذا العالم ربا عظيما. وملكا كبيرا. وقادرا مقتدرا قد خضعت له الاكوان ودانت له الخليقة واخذت بنواصي العباد وعلمت ان جميع ما في السماوات والارض عبيد ومماليك لربهم ليس لهم من الامر شيء اما اذا نظرت الى كل مخلوق على حدته وتأملت ما اشتمل عليه من الخلق العجيب والحكم الباهرة ثم نظرت على وجه الخصوص الى نفسك وصفاتك وما اودع فيها من الخلق العجيب والحكم الباهرة عرفت ان الله هو الرب الخالق الرازق المدبر لكل شيء. الحكيم في كل شيء قال تعالى فجميع مخلوقات الله وجميع الحوادث التي يحدثها الله. ايات وبراهين على انه واحد عظيم ورب كريم وملك جواد وكذلك اذا تأملت الشرع الكامل وان اخباره كلها صدق. وقد قامت البراهين على صدقها واحكامها كلها عدل تأمر بالخير والصلاح وتنهى عن الشر والفساد وتجدي احكامها المحكمة وحقوقها العادلة مع الازمان مهما تطورت الاحوال واختلفت العوائد لا يختل صلاحها ولا ينتقد هداها بل لا يكون هدي وصلاح وخير الا بها ولا تأتي بامر تحيله العقول وتكذبه الحواس الصحيحة بل تشهد العقول الكاملة ان احكامها احسن الاحكام. واعدلها واقومها واهداها اليس هذا اكبر برهان على عظمة الله وقدرته؟ وسعة علمه وشمول حكمته ورحمته وانه المحمود في كل حال على خلقه للمخلوقات وعلى شرعه الشرائع احسن ما صنعه واحكم ما شرعه ليس في ذلك عيب وعبث وليس فيها ما ينافي الحكمة بوجه من الوجوه صنع الله الذي اتقن كل شيء يقول عز وجل ومن انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على هذه الفقرة بقوله سقى المؤلف رحمه الله في هذا الفصل جملة من الحكايات والمقالات الواردة عن السلف في سياق الاستدلال على وجود الله تعالى ووحدانيته قال ابو الفرج ابن الجوزي رحمه الله المتوفى سنة خمسمائة وسبعة وتسعين هجرية سئل بعض الاعراب ما الدليل على وجود الصانع وقال ان البعر ستدل على البعير واثار القدم تدل على المسير هيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة اما يدلان على الصانع الخبير وهي عبارة شهيرة تتابع على ذكرها العلماء وهو في حقيقته استدلال بدليل الحدوث ودليل الاتقان على وجود الله قوله البعرة تدل على البعير واثار السير تدل على المسير وقوله فسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج وبحار ذات امواج. الا تدل على اللطيف الخبير استدلال بدليل الحدوث ودليل الاتقان نسب الامام ابن ابي العز الحنفي رحمه الله في شرح الطحاوية هذه الحادثة للامام ابي حنيفة رحمه الله شايفين نسبها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله الى بعض اهل العلم قلت وشبيه بذلك ما فعله ابراهيم عليه السلام لما كسر اصنام قومه فعلت هذا بالهتنا يا ابراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون وهذا من اساليب الاقناع والتعليم وهو نفسه برهان الاتقان والعناية التي سبق الحديث عنه ذكره الباقلاني المتوفى سنة اربعمائة وثلاثة هجرية ونصه وقد سئل بعض السلف فقيل له بم عرفت ربك قال بنقض العزائم وفسخ الهمم وذكره السمين الحلبي المتوفى سنة سبعمائة وستة هجرية في كتابه عمدة الحفاظ ونصه وعن بعضهم عرفت الله بنقض العزائم طرق معرفة الله تعالى متنوعة وادلة وجوده كثيرة وهي سهلة المأخذ قريبة المدرك ومع ذلك نجد الملاحدة منكرين. واذا تأملنا ذلك سنجد مرجعه الى اسباب نفسية لا فكرية ولا عقلية بل ربما تجدوا الواحد منهم لم يقرأ عن الدين اصلا ولم يبحث في الحجج ولم يسأل عنها وقد كتب عالم النفس الامريكي بول كليتون فيدز كتابا اسمه ايمان فاقد الاب قرر فيه ان الاصل في اشكالية الالحاد انها نفسية بعد ان استعرض مصير الملاحدة عبر التاريخ واكتشف ان جلهم او كلهم عنده مشكلة نفسية ادت به الى الالحاد لا عن بحث ولا اطلاع. ولا عن نظر في الادلة وانما هي مشاكل نفسية وهناك رسالة صغيرة اسمها بواعث الالحاد النفسية تأليف رشود التميمي وكذلك كتاب اسمه الالحاد مشكلة نفسية. وغيرها من الكتب وهناك ايضا اسباب منهجية كذلك وجود خلل في التفكير وقد تكون الشمس واضحة لكن المشكلة في العامة ذكره الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله وقال شيخ الاسلام ابن تيمية ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويشرع الشريعة شيئا بعد شيء حتى اكمل الله دينه الذي بعث به وجاءت شريعته اكمل شريعة لم يبق معروف تعرف العقول انه معروف الا امر به ولا منكر تعرف العقول انه منكر الا نهى عنه لم يأمر بشيء فقيل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقيل ليته لم ينهى عنه واحل الطيبات لم يحرم شيئا منها كما حرم في شرع غيره وحرم الخبائث لم يحل منها شيئا كما استحله غيره وجمع محاسن ما عليه الامم فلا يذكر في التوراة والانجيل والزبور نوع من الخبر عن الله وعن ملائكته وعن اليوم الاخر الا وقد جاء به على اكمل وجه واخبر باشياء ليست في الكتب وقد اشار الى ذلك ربنا سبحانه وتعالى بقوله وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير قال الله تعالى بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون انتهى شرح الشيخ مطلق فصل ومن اعظم البراهين على وحدانية الله ووجوب وجوده ما دعت اليه الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اممهم ونبهتهم على البراهين العقلية على ذلك واخبرهم خبرا معلنين به ومتفقين عليه ان وجود الرب اظهر من كل شيء واجلى واوضح من كل شيء واعلى من كل شيء وانه لا يمكن ان يعترض ذلك شك ولا ريب بوجه من الوجوه ولهذا قالت رسلهم جميعا ففي الله شك وهذا استفهام وانكار عظيم على من يشك او يمتلي بالله وبيان انه متقرر في عقول الخلق وفطرهم ان وجود الله ووحدانيته اظهر الاشياء واجلاها وان من شك في ذلك فهو مباهت مكابر غير مبال بمخالفة العقل والدين ان جميع الاشياء وجودها وبقائها وحفظها وحصول جميع كمالاتها بالله تعالى فهو الاول الذي ليس قبله شيء وهو الذي اوجد كل شيء ولهذا قالوا افي الله شك فاطر السماوات والارض الذي خلق السماوات والارض العالم العلوي والعالم السفلي بما فيها من المخلوقات اوجدها من العدم وابدعها واتقن صنعها لا ينكره الا من جنت عقولهم انقلبت قلوبهم وفسدت فطرهم واختلفت ارائهم واكثر اعداء الرسل مشركون معترفون بالرب وتفرده بالخلق وذلك كقوم نوح وهود وصالح وغيرهم ومنهم ملاحدة معطلون كفرعون اذ قال وما رب العالمين على وجه الانكار وقال يا ايها الملأ ما علمت لكم من اله غيري وجميع الرسل ذكروا اممهم المكذبين واحتجوا عليهم بخلق الرب للمخلوقات كلها وانه رب العالمين ورب الاولين والاخرين وذكروهم بكثرة النعم من الله عليهم وكل رسول يقول لقومه اعبدوا الله ما لكم من اله غيره يحتج عليهم وبرهنوا على ذلك بانه الرب الخالق المدبر المنعم بالنعم كلها وان من كان هذا وصفهم فهو المستحق لاخلاص العبادة له. وكثرة ذكره وشكره وحمده والثناء عليه وهذه كلها براهين عقلية لا ينكرها الا من نبذ العقل والدين وكذلك ذكروهم بايام الله ووقائعه في الامم الطاغية وذكروهم ان هذه العقوبات ثمرة الكفر والتكذيب وانها نموذج من عقوبات الاخرة وهي عقوبات ومثولات شاهدها الناس بابصارهم من لم يشاهدها فقد تناقلتها الامم والقرون وتواترت اخبارها ولهذا يجعل الله هذا النوع من الايات العقلية الحسية قال الله تعالى وسكنتم في مساكن الذين ظلموا انفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم لكم الامثال وقال الله عز وجل اولم يسيروا في الارض فينذروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ويقول عز وجل ولقد اهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الايات لعلهم يرجعون وكذلك ذكرتهم الرسل بما هم عليه من النصح الكامل والعلم الواسع. والصدق وان جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اعلم الخلق واصدق الخلق وانصح الخلق للخلق وانهم معصومون محفوظون عن كل وصف دميم وذكروا من معجزاتهم وبراهين صدقهم ما يضطر العباد الى الاعتراف بانهم اصدق الخلق وان كل ما جاءوا به فهو حق واعظم ما دعوا اليه توحيد الله ومعرفته فجميع ايات الانبياء ومعجزاتهم وبراهين صدقهم من جملة الادلة على وحدانية ربهم وانه الملك الحق المبين ثم ان الرسول صلوات الله وسلامه عليهم الذين هم اعلى الخلق في كل علم وصدق وبيان وفضل وكمال قد اتفقت كلماتهم واجتمعت دعوتهم على الامر بتوحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والاعتراف لله بوجوب الوجود والكمال المطلق وهذا اعظم الحقائق كلها وهو التوحيد قد اجمع عليه اكمل الخلائق عقولا واديانا وفضائل وباي حديث بعد الله واياته يؤمنون ويل لكل افاك اثيم. يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا لم يسمعها وبشره بعذاب اليم من ذلك انه شهد لنفسه ومن اكبر منه شهادة؟ ان لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم الملائكة كلهم واهل العلم الصحيح الذين ائمتهم وسادتهم الرسل اما العلماء الربانيون والهداة المهتدون شهدوا لله بالوحدانية لم يتخلف منهم احد ومن زعم ان عنده علما ولم يشهد لله بهذه الشهادة فانه ليس بعلم نافع بل علم ضار اثر في قلب صاحبه العلو والاستكبار وهو العلم الموروث عن اعداء الرسل الذين قال الله عنهم فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون واخبر تعالى ان عند اعداء الرسل علوما قاوموا بها علوم الرسل ورضوا بها واطمأنوا لها واستهزأوا بما جاءتهم به الرسل حتى نزل بهم العذاب المحيط والخزي الفاضح وهذا نظير رد الملاحدة والماديين لما جاءت به الرسل من التوحيد والايمان والسخرية بها وباتباعها بانهم رجعيون مقلدون. اتباع كل ناعق وانهم متخلفون عن ركب الانسانية وما اشبه ذلك مما ينعق به سفهاء الاحلام ضعفاء العقول الذين قلدوا الملاحدة في كل ما يقولون ويفعلون واغتروا بعلوم مادية دنيوية لا تغني عن اهلها شيئا حين فقدت الروح الدين بل صار ضررها عليهم اكثر من نفعها وشرها عليهم اكثر من خيرها من اعظم اضرارها وشرورها عليهم انهم بها تكبروا على الحق وعلى الخلق واحتقروا بها علوم الرسل واتباعهم التي هي النافعة المزكية للقلوب المطهرة للاخلاق المصلحة للامور كلها الجالبة للخير والهدى الدافعة للشرور كلها هؤلاء الملاحدة ومن قلدهم علومهم نفخت فيهم رح الكبرياء سيرتهم بطور غير طورهم ورأوا بها العبادة اخس من الحيوان البهيم وهم في الحقيقة الارذلون ومن اضرارها عليهم انها وان حضارتهم ومدنيتهم ولكنها حضارة ومدنية مادية محضة مهددة كل وقت بالهلاك والتدمير اي مدنية وحضارة روحها الظلم والجشع واستعباد الضعفاء والاستعداد بالاسلحة الفتاكة المهلكة للحرث والنسل ونتائجها وثمرتها التطاحن بين اهلها يصب بعضهم على بعض العذاب الفضيح هل هذا الا اكبر دليل وبرهان على كمال قدرة الله وعدله وحكمته وهذه الامور من ايامه وبقائعه وعذابه الاليم بين الناس ولم تزدهم هذه المواعظ والعبر الا عتوا ونفورا ينتقلون من عذاب شديد الى اشد منه هم في طغيانهم يعمهون بمدنيتهم الشنيعة اثارها يتمدحون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون ما اعظمها من عبر لو ان القلوب واعية وما ادلها على كمال عدل الله وحكمته لو ان الفهوم صالحة ولكن القلوب غطيت باغشية الغفلة والكبرياء والاغترار والنفوس اقبلت على الامور الضارة قد غلبتها المناظر البراقة وسحرت الابصار افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ويقول عز وجل وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون وقال عز وجل فلما نسوا ما به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا واما شهادته تعالى لنفسه بالوحدانية وقد نطقت بذلك جميع الكتب التي انزلها على رسله وانطق بها رسله واتفقت على ذلك دعوتهم وتبعهم على ذلك جميع اتباعهم من العلماء الربانيين والهداة وجميع طبقات اهل العلم والايمان وكذلك اقام على ذلك الشواهد النفسية والافقية والعالم العلوي والعالم السفلي كلها ايات بينات. وبراهين قاطعات. على وحدانية خالقها ومدبرها ولكن هذا العصر الذي نعيش فيه يختلف عن سالف الزمان الملاحدة قديما كان تأثيرهم محدود وذلك نتيجة لمحدودية وسائل التشكيك وندرة القنوات الاعلامية فلم يكن يقع في دائرة التأثير التشكيكي الا فئة قليلة من الناس ومتقن صنعها ومبدعيها بالخلق العجيب. والنظام الباهر والحكم التي يعجز الفصحاء والبلغاء عن التعبير والاحاطة ببعض اياتها وبراهينها ومن شهادته تعالى لنفسه بالوحدانية والتفرد بالعظمة والكمال ما عجله لانبيائه واتباعهم من الايات والمعجزات. والنصر العظيم والكرامات المتنوعة والعواقب الحميدة وما عجله لاعدائهم من الهلاك الخاص والعام. والمثلات والاخذات الصوارم والعواقب الوخيمة وكذلك ما تركه لانبيائه واصفيائه من لسان صدق والثناء العامي المنتشر والمحبة في قلوب الخلق وما لاعدائه من البغض والذم. واللعن المتتابع كل ذلك ايات بينات على وحدانية الله وصدق رسله قال تعالى سلام على نوح في العالمين وقال عز وجل سلام على ابراهيم وقال عز وجل سلام على موسى وهارون. انا كذلك نجزي المحسنين وقال عز وجل ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوء الله وكانوا بها يستهزؤون ومن اعظم البراهين الجامعة بين كونها نقلية وعقلية حسية اخبار الله في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن امور من الغيب كثيرة جدا امور ماضية سابقة لوقت التنزيل وامور حاضرة وقعت ايام الرسالة وامور مستقبلة لا تزال تحدث شيئا فشيئا موافقة مطابقة لما اخبر الله به ورسوله على الوجه الذي اخبر وهي غير محصورة في انواعها فضلا عن افرادها يستحق ان يفرض لها تصنيف مستقل فكل واحد منها برهان ثم هو مع الثاني ومع الثالث والرابع وما بعده. براهين متعددة وكلها تضطر الناظر فيها الى الاعتراف لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة وان جميع ما اخبر الله به واخبر رسوله فهو حق لا ريب فيه ومن ذلك تحدي الله لجميع الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن واخباره انهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا ان يأتوا بمثله والتحدي قائم في كل وقت. والعجز من الخلق ظاهر مع توفر دواعي الاعداء وحرصهم الشديد على رد ما جاء به الرسول والقدح في رسالته وهذا برهان عظيم يضطر كل عاقل معه انصاف ان يعترف بالحق الذي قامت البينات الظاهرة والدلالات الباهرة على صدقه من كل وجه ولله الحمد ومن براهين وحدانية الله وصدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم الاثار الجليلة التي نشأت وترتبت على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فانه بعث في امة امية ولارض مملوءة من الجهل والشرك والشرور المتفاقمة فهداهم الله به من الضلالة وعلمهم به بعد الجهالة واستقامت اخلاقهم وصلحت اعمالهم امتلأت الارض من الخير والهدى والصلاح وانتشرت الرحمة والعدل وتم به الفلاح والنجاح وفتحت القلوب بالعلوم النافعة والمعارف الصحيحة والايمان واظهر الله دينه على سائر الاديان وانتشر وقبلته القلوب المستقيمة في جميع الاقطار وزهق به كل باطل ومحال ولم يزل اهله ظاهرين على غيرهم حين كانوا مستمسكين به وقائمين حق القيام به حتى حصل الانحراف من اهله في العقائد والاخلاق والاعمال الدينية والدنيوية ما زالت عنهم بذلك اثاره الجليلة وتبدلوا باضضادها فليس في هذا اكبر برهان على ان هذه الشريعة شرعها العزيز الحكيم ونصرها الرب العظيم وان الخير كله ملازم لها وتابع لتعاليمها واخلاقها وانها تنزيل من حكيم حميد وان اخبارها كلها صادقة تشهد العقول بصدقها ولم يأتي منها خبر واحد صحيح يناقض الواقع ويخالف المحسوس فانها لا تأتي بما تحيله العقول وربما اتت بما تحار فيه العقول. ولا تهتدي اليه لان في الشريعة من التفاصيل العظيمة الخبرية والحكمية ما لا تصل اليه عقول العقلاء ولا تهتدي اليه فطنة الفطناء ولم يأتي علم صحيح او نظرية صادقة متفق عليها بين العقلاء تناقض ما جاء به الرسول محمد وهل في البراهين اليقينية اعظم من هذا البرهان واوضح من هذا البيان وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا صدقا في اخبارها وعدلا في احكامها وشرائعها ومن براهين وحدانية الله وصدق رسوله وحقيقة ما جاء به ان الشريعة كلها محكمة في غاية الحسن والانتظام متصادقة اخبارها متفقة حقائقها معتدلة احكامها لا يمكن للبشر ان يقترحوا مثلها في الحسن وموافقتها لكل زمان ومكان ومجاراتها لجميع الاحوال وجريانها على الهدى والرشد والسداد والصلاح لا تناقض فيها ولا اختلاف ولا عبث ولا نقص ولا اختلال وكلما امعن فيها العالم البصير علم انها اصدق الاخبار وانفعها للقلوب. وانها احسن الاحكام واصلحها في عباداتها ومعاملاتها وتفاصيلها للحقوق الخاصة والعامة قال تعالى افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فنبه الله اولي الالباب والعقول على هذا البرهان العظيم الذي هو من اعظم البراهين واوضحها واجلاها على انه من عنده وانه حق كله وان ما ناقضه فهو الباطل قال تعالى ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدين صراط العزيز الحميد لما جاء هذا الدين بكل صدق وصدق الصادقين كما زجر عن الكذب وابعد الكاذبين كما حث على العدل الكامل في حقوق الله وحقوق العباد ما نهى عن الظلم والجور والشرور كلها والفساد كما تأسس على الايمان والاخلاص والتوحيد ونهى عما ينافي ذلك من الشرك والتنديد اما امر ببر الوالدين وصلة الاقارب والاحسان الى الجيران والمساكين والاحسان الى عموم الخلق حتى البهائم العجم واخبر انه يحب المحسنين اما امر بوفاء العهود والعقود والوعد والايمان ونهى عن الغدر والنكث والعدوان كما حث على فعل الاسباب النافعة في الدنيا والدين. وامرنا الا نعتمد عليها بل نعتمد على مسببها ونرجو فضل رب العالمين اما احل لنا جميع الطيبات وحرم علينا كل خبيث. وحثنا على كل امر نافع وحذرنا عن المضار كما امر بالصبر على المكاره والشكر عند المحب والمسار ما نهانا عن الهلع والجزع والجبن والخور والاخلاق الرذيلة اما حثنا على القوة والشجاعة والعفة وجميع الاخلاق الجميلة فما امر بكل معروف شرعا وعقلا وفطرة. ونهانا عن كل منكر شرعا وعقلا وفترة فما امر بشيء الا رآه اهل العقول السليمة احسن الامور واعدلها ولا نهى عن شيء الا عن اقبح الخصال وارذلها وضح العقائد الصحيحة النافعة التي لا تصلح القلوب الا بها واوجبها وجعلها اساسا تنبني عليه الاقوال والافعال وامور الدين والدنيا وجاء بالاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة التي تصلح الافراد والجماعات وتستقيم بها العبادات والمعاملات فاي خير وهدى وصلاح عاجل واجل لم يبينه ويدعو اليه واي شر وفساد وضرر عاجل واجل لم يحذر عن طرقه ومسالكه واي اصل من اصوله وقاعدة من قواعده وخبر من اخباره وحكم من احكامه نقضته العلوم الصحيحة او خالفته العقول والنظم المستقيمة بل قامت البراهين التي لا تنقض على ان كل شيء اسس على غيره فهو ضرر وخراب وكل بناء على غير تعاليمه واحكامه فاخره الانهيار والتباب وكل نظام استمد من غيره فعواقبه وخيمة لان الذي شرعه عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم الذي احاط بكل شيء علما ووسع كل شيء رحمة وبرا وكفل لمن قام به واستقام عليه بالسعادة والفلاح وضمنا لمن تعبد به ودان لله به الثواب والنجاح فهو اكبر البراهين على عظمة الله ووحدانيته وسلطانه واعظم الايات الدالة على حكمته وحمده ووجوده وامتنانه فهو الهدى والرحمة والشفاء والنور وهو الرشاد والصلاح لكل الامور الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم الذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك ويقول عز وجل ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر يعظكم لعلكم تذكرون ويقول عز وجل ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدين الى صراط العزيز الحميد ويقول عز وجل وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا. لا مبدل لكلماته. وهو السميع العليم فلهذا القرآن وهذه الشريعة اكمل الصفات واجل النعوت. ومخبرها في جميع مواردها ومصادرها يفسر هذه الاوصاف الجديدة التي لا سعادة للبشر الا بعلمها وسلوكها والاهتداء بانوارها. والتحقق بحقائقها واسرارها انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على هذه الفقرة بقوله هذا تابع للبرهان الرابع وهو برهان الفطرة فرعون من الملاحدة المعطلة وقد وجد الملاحدة في جميع العصور ولا يخلو زمان من عدو مبغض يسعى لهدم الاسلام وتشكيك المسلمين في عقيدتهم وشريعتهم وهم قراء الكتب ومن يجالس الزنادقة هنا وهناك اما عمة الناس فكانوا بمنأى عن هذا التأثير مطمئنين بعقيدتهم سعيدين بيقينهم يعبدون ربهم وينشغلون بتحصيل ارزاقهم شاكرين الله عز وجل على نعمه والائه ثم لم يزل الزمان يتقدم. والعلم التجريبي يتطور. والاعلام ينفتح حتى كثرت وسائل الاعلام وظهرت وسائل التواصل الاجتماعي وانفجر على الناس سيل هادر من المعلومات والافكار بشكل غير مسبوق في التاريخ اطلت الافكار اللادينية بقرنها وتغلغلت في وسائل الاعلام والافلام السينمائية والمسلسلات والبرامج الحوارية ووسائل التواصل مقاطع في اليوتيوب وغيرها اصبحت مليئة مع الاسف الشديد بالمضامين اللادينية والالحادية واصبحت تسوق عبر وسائل التواصل تويتر والفيسبوك ونحوها السمة الثانية من السمات التي تميز الالحاد في هذا العصر عن الالحاد قديما ان الالحاد الان الذي يسمى الالحاد الجديد اصبح هجوميا شرسا ولم يعد دفاعيا اصبح الالحاد هو الذي يهاجم يهاجم الاسلام تحديدا ولذلك سدنة الالحاد الحديث الان المعروفون المشهورون اغلب انتقاداتهم الدينية يتوجه على الاسلام والتشويه صورته والكذب عليه لذلك ينبغي ان يكون الدعاة على بصيرة بهذا الامر ويجب ان تتظافر الجهود بين الدعاة وطلبة العلم لردع هذا الخطر الداهم امر الله عز وجل بالسير في الارض والاعتبار من احوال من سبقنا ممن كذبوا رسلهم للاعتبار والعظة قال تعالى قل سيروا في الارض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين وقال سبحانه اولم يسيروا في الارض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا اشد منهم قوة واثار الارض وعمروها اكثر مما عمروها اولم يسر هؤلاء المكذبون بالله؟ الغافلون عن الاخرة من قريش في البلاد التي يسلكونها تجارا فينظرون الى اثار الله فيمن كان قبلهم من الامم المكذبة كيف كان عاقبة امرها في تكذيبها رسلها وقال تعالى عن مكان عذاب قرية لوط التي امطرت مطر السوء افلا تعقلون يستغل بعض الناس بالتقدم المادي للغرب على صحة دينهم وهذا استدلال عجيب وقول غريب ونستطيع ان نقلب هذا القول على صاحبه فنقول كان المسلمون قبل سنوات هم اهل التقدم والتطور في جميع المجالات. المادية وغيرها وذلك باعتراف الغربيين انفسهم انظر مثلا كتاب المستشرقة الالمانية شمس العرب تسطع على الغرب وكتاب المستشرق الشهير ويليام مونتاج مير وات تأثير الاسلام في اوروبا القرون الوسطى هل هذا يعني ان الاسلام كان صوابا ثم تحول؟ هل يقول هذا عاقل ونستطيع ان نقلب القضية كذلك فنقول لما كان المسلمون متمسكين بدينهم كانوا في مقدمة الامم ولما تراجعوا وخف تمسكهم بدينهم تركوا الصدارة واصبح غير المسلمين في الصدارة فهذا يعني ان الاسلام هو الصواب التقدم التقني والتطور المادي يناله من يأخذ باسبابه والاسلام يحث اتباعه على الاخذ بهذه الاسباب من الاتقان والعمل قال تعالى ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى اي ان الانسان ليتجاوز حده. ويستكبر على ربه فيكفر به اذا رأى نفسه استغنت لقد اعمى التقدم العلمي والتقني ابصارهم عن رؤية ضعفهم وفقرهم وقوة الله تعالى وغناه ووصل العم مداه عندما ظنوا انهم باكتشافهم قوانين الكون اصبحوا في غنى عن تدبير الخالق سبحانه وتعالى وقد انتج هذا التصور الفاسد منهجا من اخطر المناهج المنحرفة المؤسسة للشبهات الفكرية المعاصرة وهو المنهج العلموي التقدم التقني والمادي امر حسن محمود لكن المذموم فيه الطغيان والاحتجاج بها على صحة الافكار وبطلانها اما ذات التقدم والتطور والاستفادة من الجديد وقد جاءت به الشركة النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق اخذ باسباب التطور لما قبل مشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه بامر لم يكن تعرفه العرب. وهو الخندق حتى قالت الاحزاب والله ان هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها هذا نوع من التطور في الدفاع الله سبحانه وتعالى امرنا في كتابه الكريم بالاخذ باسباب القوة وقال واعدوا لهم ما استطعتم من قوة الهامش الاول اعداد الصفحة مائة واربعة وعشرون الشواهد النفسية في قوله تعالى وفي انفسكم افلا تبصرون؟ يعني في نفس الانسان والشواهد الافقية يعني في الكون الهامش الاول عدد الصفحة مئة وستة وعشرون هذا تابع للبرهان الرابع برهان ايات الانبياء عليهم السلام اهم شوي الثاني نفس الصفحة ممن افردها بالتصنيف محمد ولي الله الندوي في كتاب نبوءات الرسول صلى الله عليه وسلم ما تحقق منها وما يتحقق ومحمود نصار في جميع الروايات في تحقق نبوءات النبي صلى الله عليه وسلم ومصطفى ابو المعاطي في نبوءات الرسول صلى الله عليه وسلم والدكتور عبدالرحمن الحاجي الاشارات والبشارات النبوية وممن افرد بعضها الشيخ محمد عبدالحي الكتاني في رسالته اليواقيت الثمينة في الاحاديث القاضية بظهور سكة الحديد ووصولها الى المدينة واحمد بن محمد الصديق الغمري مطابقة الاختراعات العصرية لما اخبر به سيد البرية ورد عليه الشيخ حمود بن عبدالله التويجري في كتاب سماه ايضاح المحجة للرد على صاحب طنجة ومن الكتب كذلك المعجزات النبوية في ذكر احوال بعض النساء الغيبية الدكتورة حنان اليماني اما افراد فصول وابواب لهذه النبوءات النبوية وكثير في كتب دلائل النبوة وغيرها قال الله تعالى افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الشريعة الاسلامية لا تأتي بما يخالف العقول والنقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح بل باجتماع النقل الصحيح والعقل الصريح تدرك الحقائق الشرعية النقل وحده يفيد فاقد العقل قال العقل وحده يفيد فاقد النقل فلا بد من اجتماعهما وبنقص واحد منهما تنقص المعرفة بالحق وليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح من القرآن والسنة ما يوجب مخالفة الشرع اصلا قال شيخ الاسلام ابن تيمية كل ما يدل عليه الكتاب والسنة فانه موافق لصريح المعقول والعقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح ولكن كثيرا من الناس يغلطون اما في هذا واما في هذا فمن عرف قول الرسول ومراده به كان عارفا بالادلة الشرعية وليس في المعقول ما يخالف المنقول وقال ايضا رحمه الله ونحن نعلم ان الرسول لا يخبرنا بمحالات العقول بل بمحارات العقول لا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته وقال الامام ابن القيم رحمه الله الرسل صلوات الله وسلامه عليهم لم يخبروا بما تحيله العقول. وتقطع باستحالته بل اخبارهم قسمان احدهما ما تشهد به العقول والفطر الثاني ما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب التي اخبروا بها عن تفاصيل البرزخ واليوم الاخر. وتفاصيل الثواب والعقاب ولا يكون خبرهم محالا في العقول اصلا وكل خبر يظن ان العقل يحيله فلا يخلو من احد امرين اما ان يكون الخبر كذبا عليهم او يكون ذلك العقل فاسدا وهو شبهة خيالية يظن صاحبها انها معقول صريح قال تعالى ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى صراط العزيز حميد وقال تعالى وقال تعالى والذين اتيناهم الكتاب يفرحون بما انزل اليك وانظر كتابة رياق من اعظم منن الله تعالى على خلقه من بعث اليهم الانبياء والرسل يهدونهم من الضلالة الى الهدى ويخرجونهم من الظلمات الى النور وكان خاتم هذه الصفوة التي اصطفاها الله سبحانه وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم وقد ختم الله سبحانه وتعالى به هذه السلسلة المباركة سلسلة الانبياء والرسل وقد ارسله الله الى الناس كافة على حين فترة من الرسل وفي زمن كانت البشرية فيه في ادنى حالاتها من جميع النواحي بعثه الله سبحانه وتعالى في قلب جزيرة العرب ليشع نوره على البشرية جمعاء فلم يتجاوز صلى الله عليه وسلم في دعوته التي بعثه الله سبحانه وتعالى بها ثلاثا وعشرين سنة. حتى قلب الموازين وبدل الله سبحانه وتعالى به الاحوال واشرقت الارض بعد ظلمتها ومن المحاسن التي جاء بها صلى الله عليه وسلم تحرير العقول التي كانت مستعبدة للخرافة والشرك يعبد مخلوق مخلوقا مثله. ويخضع له ولم يقتصر الامر على العرب فقط بل كان الظلام في العالم كله شرقا وغربا وفرصة العرب كانوا يعبدون اشياء صنعوها بايديهم اما من تمر واما من حجر واما من غيرهما ثم يعبدونها جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقشع هذا الظلام ظلام الاستعباد وانغلاق العقل وانحطاط الانسان بان يكون عبدا لمخلوق مثله اما النصارى فقد اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله عبد عيسى ابن مريم عليه السلام. وهو بريء منهم وبرئ من عبادتهم كما قال الله سبحانه وتعالى واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اتخذوني وامي قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك اما اليهود لقد اتخذوا عزيرا ابنا لله واعبدوا غير الله سبحانه وتعالى من دون الله فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وواجه هذا التيار الضخم تيار شرك عبودية غير الله سبحانه وتعالى وبعون من الله سبحانه وتعالى ومدده استطاع ان يبث النور في قلب جزيرة كانت مليئة بالظلام وصل الحال ببعض العرب الى ان يدفن ابنته وهي حية كما قال سبحانه وتعالى استطاع النبي صلى الله عليه وسلم ان يغير بشرا كانوا يدفنون اكبادهم تحت الارض يدفن احدهم ابنته وهي تبكي وتصيح ويهيل عليها التراب استطاع النبي صلى الله عليه وسلم ان يغير هؤلاء وان يرقق قلوبهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مهيبا تخافه الرجال. ولا يخاف احدا محاربا شجاعا فلما دخل الاسلام رق قلبه حتى انه احيانا يعجز عن اتمام قراءته في الصلاة. لشدة بكائه اما الناس في هذا العصر فما احوجهم الى تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم الموؤدة التي كانت تشتكي في عصور الجاهلية من القتل لا زالت تقتل. ولكن تحت اسم الاجهاض في الدول التي تدعي انها متحضرة ما الفرق بين الاجهاض بعد نفخ الروح وبين وأد البنات؟ ما الفرق هذه روح وهذه روح هذه نفس وهذه نفس ولكنهم مع الاسف الشديد رجعوا الى مكانة الجاهلية عليه فما احوجهم الى دين محمد صلى الله عليه وسلم من المحاسن التي جاءت بها الشريعة ما قدمه النبي صلى الله عليه وسلم للبشرية جمعا بما يحفظ عقولهم من تحريم المخدرات. والمسكرات والخمور وكانت الخمر معظمة عند العرب حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم واستأصل هذه العادة الخبيثة التي تحول الانسان العاقل الى ما هو ادنى من البهيمة وحرم الخمر بحكمة الله سبحانه وتعالى وبالتدريج حتى سكبوها في سكك المدينة؟ لما نزل قول الله سبحانه وتعالى يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من الشيطان فاجتنبوه كم من نفس قتلت بسبب الخمر كم عرض انتهك بسبب الخمر كم من جريمة اقترفت بسبب الخمر؟ وهذا لا يخفى على احد حتى هذا اليوم في احصائيات الوفيات واحصائيات الجرائم تتصدر اسباب هذه الجرائم المخدرات والخمور والمسكرات فاذا نظرنا الى حال العالم اليوم نجده قد ولغ في الخمور بل في بعض الدول حتى المخدرات مسموحة ثم لا تسأل بعد ذلك عن الاغتصابات والقتل وعن الجرائم اما شريعة محمد صلى الله عليه وسلم التي جاء بها من الله سبحانه وتعالى فهي ترتقي بالانسان عن هذا المستوى المنحط الى مستوى يحافظ فيه على عقله حرمت الخمر ومنعت كل اسبابه قال صلى الله عليه وسلم لعن الله في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة اليه. وساقيها وشاربها حرم ولعن صلى الله عليه وسلم كل من ساعد الناس على اذهاب عقولهم حتى ولو لم يشربها هو ولكن لان للعقل مكانة في الدين عظيمة ولانه هو الجوهرة التي يتميز بها الانسان عن الحيوان حافظ عليه الاسلام فما احوج جميع البشر لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يخففوا من الجرائم التي عندهم حتى تعود اليهم عقولهم التي سلبوها بايديهم. ثم ينتهكون اعراضهم ويزهقون دماءهم تحت مسمى الحرية هذا جزء مما قدمه النبي صلى الله عليه وسلم للبشرية في تحرير عقولهم ويجب على المسلمين ان ينشروا انوار شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لمن يحتاجها والله في امس الحاجة اليها ونحن المسلمون كذلك في امس الحاجة لان نتمسك بها لا عز ولا كرامة ولا شرف لنا الا بهذه الشريعة وبهذا الدين واذا ما تركناه وادرنا ظهورنا اليه وسنكون اقل من مستوى البهائم نسأل الله السلامة والعافية النبي صلى الله عليه وسلم من اعظم نعم الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعا وقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم للبشرية ما لو تمسكوا به وعملوا بمقتضاه لنالوا سعادة الدنيا والاخرة ومما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لهذه البشرية هذه الشريعة السمحة العظيمة الشريعة التي تحكم بين الناس في جميع شؤون حياتهم في معاملاتهم وفي عباداتهم وفي سياستهم وفي قضائهم وفي نكاحهم وفي طلاقهم كل هذه الابواب قد جاءت الشريعة فيهم بما لا تنتظم الحياة على الحقيقة الا به هذه الشريعة التي قال الله سبحانه وتعالى عنها الاسلام دينا هذه الاية انزلها الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ختاما لما قدمه النبي صلى الله عليه وسلم على مدى ثلاث وعشرين سنة من تبليغ الشريعة وصفها الله سبحانه وتعالى بالكمال هذه الشريعة الناظر فيها يبدو انها تحافظ على الضروريات الخمس التي لا تستقيم الدنيا الا بها حفظ الدين حفظ العقل حفظ النفس حفظ المال وحفظ العرض هذه الامور الخمسة قد جاءت الشريعة بما يحفظها وبما يردع من تسول له نفسه ان يخدشها او يقدح فيها من محاسن هذه الشريعة العظيمة انها وان نزلت قبل الف واربعمائة سنة الا انها صالحة لكل زمان ولكل مكان ولكل قوم وذلك لان الله سبحانه وتعالى جعل في كتابه العظيم واوحى الى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم قواعد عامة يستطيع البشر ان يسيروا على ضوئها في كل زمان ومكان هناك ابواب فصل الله سبحانه وتعالى فيها اذا نظرت الى الميراث مثلا فقد جاء القرآن الكريم بادق التفاصيل فيه الثمن والربع والعشر في جميع الحالات لذلك انتظم الميراث عند المسلمين بما لا خلاف فيه في الجملة واذا نظرت الى الطلاق والى الزواج جاءت الشريعة ايضا بالتفاصيل ولكن في ابواب اخرى كابواب البيع والشراء لا نجد في كتاب الله سبحانه وتعالى الا قواعد عامة لحرمة الربا مثلا وكمنع الغش والخداع وكمانع اكل اموال الناس بالباطل لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا ان ولا تقتلوا انفسكم. ان الله كان بكم رحيما اما ما عدا ذلك فقد اوكله الله سبحانه وتعالى للبشر اين يبيعون ويشترون ما هي النقود التي يبيعون ويشترون بها كيف يصنعون اين يصنعون كل ذلك قد اوكله الله سبحانه وتعالى الى الناس ووضع قواعد عامة وشروطا تشمل كل انواع البيوع من التزم بها صح بيعه وصحة معاملته ومن خالفها فسد بيعه. وبطلت معاملته وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى في هذه الشريعة وهكذا في كل ابواب الحياة وليست الشريعة كما يظن بعض الناس وكما يروش انها خاصة بالفرض بل تشمل الفرد والمجتمع فيجب على الافراد ان يحكموا شريعة الله سبحانه وتعالى في انفسهم وبلادهم ولا انفصال ولا انفكاك بينما يطبق على الافراد وما يطبق على الدولة وهذا امر يجب ان يستوعب ويجب ان يدعو اليه كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله اما المنافقون فقد ذكر الله سبحانه وتعالى شيئا من صفاتهم في كتاب الله ومن هذه الصفات عدم رغبتهم في شريعة رب العالمين قال الله سبحانه المتر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكمون الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك غاية صريحة في كتاب الله في سورة النساء واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول الى الكتاب والى السنة رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فعلينا اخواني الكرام ان ننأى بانفسنا عن صفات المنافقين وان ندعو الى شريعة ربنا وكتابه سبحانه وتعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم انتهى شرح الشيخ المطلق فصل ومن براهين وحدانية الله وكماله وتوحده بالعظمة والكمال انه قد ثبتت بالبراهين والايات المتنوعة التي لا يمكن احصاؤها لا احصاء انواعها ولا افرادها صدق الرسل وان ما جاءوا به هو الحق وخصوصا امامهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم وانه يجب على الخلق ان يعرفوا قدر الانبياء وتميزهم عن اصناف الخلق بكل اوصاف الفضائل وان الايمان بهم ومحبتهم وتوقيرهم وتبجيلهم من افرض الفرائض واهم الواجبات وانه يجب ان يكون لهم في قلوب العباد من العظمة والخضوع لما جاءوا به. ما يضمحل معه جميع المقالات وان لا تعارض اقوالهم بمعقولات او قياسات او ذوقيات او غيرها مما ينتمي اليه اهل الباطل بل اقوال الرسل لا يتم للعبد ايمان ولا اسلام حتى يجعلها هي الاصل الاصيل والاساس الذي يرد اليه كل شيء وقد علم ان زبدة دعوتهم واساسها الدعوة الى توحيد الله ومعرفته والى عبوديته واخلاص العمل له وقد قامت البراهين التي لا تعارض ولا تمانع على صدقهم وصحة ما جاءوا به فتعين على كل مكلف له دين او عقل ان يعترف بما جاءوا به بغير قيد ولا شرط لان الاصل صحيح والاساس ثابت ثبوتا يقينيا والمعارضات كلها باطلة لان ما عرض الحق فهو باطل فماذا بعد الحق الا الضلال؟ ومن خضع لمعقولات المتحلقين او نظريات المبطلين وقدمها على ما جاءت به الرسل وقد برهن على نقصان عقله بل فقده لدينه هذا كله مع التنازل على فرض وجود معقولات تنقض ما جاءت به الرسل والمعقولات الصحيحة تؤكد ما جاءت به الرسل وهي اكبر الشواهد على صدقهم وانما تقع المعارضة بين معقولات اناس سفهاء الاحلام. متكبرين بمعلوماتهم وارائهم الضئيلة. والله المستعان قال شيخ الاسلام ابن تيمية ايات الانبياء مما يعلم العقلاء انها مختصة بهم ليست مما تكون لغيرهم ويعلمون ان الله لم يخلق مثلها لغير الانبياء وسواء في اياتهم التي كانت في حياة قومهم واياتهم التي فرق الله بها بين اتباعهم وبين مكذبيهم بنجاة هؤلاء وهلاك هؤلاء ليست من جنس ما يوجد في العادات المختلفة لغيرهم وذلك مثل تغريق الله لجميع اهل الارض الا لنوح. ومن ركب معه في السفينة فهذا لم يكن قط في العالم نظيره وكذلك اهلاك قوم عاد. رمزات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد مع كثرتهم وقوتهم وعظم عماراتهم التي لم يخلق مثلها في البلاد ثم اهلكوا بريح صرصر عاتية مسخرة عليهم سبع ليال وثمانية ايام حسوما التساروا كأنهم اعجاز نهر خاوية ونجا هود ومن اتبعه فهذا لم يكن له نظير في العالم وكذلك قوم صالح اصحاب مدائن ومساكن في السهل والجبل وبساتين اهلكوا كلهم بصيحة واحدة فهذا لم يوجد نظيره في العالم وكذلك قوم لوط اصحاب مدائن متعددة رفعت الى السماء ثم قلبت بهم واتبعوا بحجارة من السماء تتبع شاذهم ونجا لوط واهله الا امرأته اصابها ما اصابهم فهذا لم يوجد نظيره في العالم وكذلك قوم فرعون وموسى جمعان عظيمان ينفرق لهما البحر كل فرق كالطود العظيم يسلك هؤلاء ويخرجون سالمين فاذا سلك الاخرون انطبق عليهم الماء هذا لم يوجد نظيره في العالم فهذه الايات تعرف العقلاء عموما انها ليست من جنس ما يموت به بنو ادم وقد يحصل لبعض الناس طاعون ولبعضهم جدب ونحو ذلك وهذا مما اعتاده الناس وهو من ايات الله من وجه اخر بل كل حادث من ايات الله ولكن هذه الايات ليست من جنس معتيد وكذلك الكعبة فانها بيت من حجارة بواد غير ذي زرع ليس عندها احد يحفظها من عدو ولا عندها بساتين وامور يرغب الناس فيها فليس عندها رغبة ولا رهبة ومع هذا فقد حفظها بالهيبة والعظمة فكل من يأتيها يأتيها خاضعا ذليلا متواضعا في غاية التواضع وجعل فيها من الرغبة ما يأتيها الناس من اقطار الارض محبة وشوقا من غير باعث دنيوي وهي على هذه الحال من الوف من السنين وهذا مما لا يعرف في العالم لبنية غيرها وهذا مما حير الفلاسفة ونحوهم وكذلك ما فعل الله باصحاب الفيل لما قصدوا تخريبها رصدها جيش عظيم ومعه ملف فهرب اهلها منهم تبارك الفيل وامتنع من المسير الى جهتها واذا وجهوه الى غيرها توجه لما جاءهم من البحر طير ابابيل اي جماعات في تفرقة فوجا بعد فوز رموا عليهم حصى هلكوا به كلهم هذا مما لا يوجد نظيره في العالم ايات الانبياء هي ايات وادلة على صدقهم ومن هذا سنة الله في الفرق بين الانبياء واتباعهم وبين مكذبيهم ثم ذكر الايات في اهلاك المكذبين للرسل ونجاة الرسل قال وهذه الاخبار كانت منتشرة ومتواترة في العالم وقد علم الناس انها ايات للانبياء وعقوبة لمكذبيهم ولهذا يذكرونها عند نظائرها للاعتبار والقرآن اياته باقية على طول الزمان من حين جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تتلى ايات التحدي فيه ويتلى قوله قل ان اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا هنا بمثله فنفس اخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا في اول الامر وقطعه بذلك؟ مع علمه بكثرة الخلق دليل على انه كان خارقا يعجز الثقلين عن معارضته وهذا لا يكون لغير الانبياء ثم مع طول الزمان قد سمعه الموافق والمخالف والعرب والعجم وليس في الامم من اظهر كتابا يقرأه الناس وقال انه مثله وهذا يعرفه كل واحد ما من كلام تكلم به الناس وان كان في اعلى طبقات الكلام لفظا ومعنى الا وقد قال الناس نظيره وما يشبهه ويقاربه سواء كان شعرا او خطابة او كلاما في العلوم والحكمة والاستدلال والوعظ والرسائل. وغير ذلك وما وجد من ذلك شيء الا وجد ما يشبهه ويقاربه والقرآن مما يعلم الناس عربهم وعجمهم انه لم يوجد له نظير مع حرص العرب وغير العرب على معارضته فلفظه اية ونظمه اية واخباره بالغيوب اية وامره ونهيه اية ووعده ووعيده اية وجلالته وعظمته وسلطانه على القلوب اية واذا ترجم بغير العربي كانت معانيه اية كل ذلك لا يوجد له نظير في العالم الى اخر ما قال رحمه الله اصلا ومن البراهين العقلية على وحدانية الله وصدق رسله ان الرسل كلهم وخصوصا امامهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم قد جاءوا بالحق النافع فاخبرهم كلها حق وصدق واحكامهم كلها حق وعدل وحكمة ولم يبق حق الا جاؤوا به وبينوه وحثوا الخلق عليه ولا باطل الا وضحوه وحذروا الخلق عنه وهذا الاصل متفق عليه بين جميع المعترفين بالنبوات اعترافا صحيحا فمن ادعى عقلا ومعقولا يناقض هذا الاصل الذي جاءت به الرسل عرفنا يقينا ان معقوله فاسد وان دعواه باطلة فان العقل الصحيح لا يخالف الحق الصريح ومما يوضح هذا ويؤيده ان الحق الذي جاءت به الرسل خبرا وحكما حق واضح معلوم معصوم لا ينقسم الى محمود ومذموم بل كله حق محمود واما ما ادعاه المخالفون للرسل من المعقولات انهم يعتمدون على المعقولات التي تنقسم الى حق وباطل محمود ومذموم باتفاق العقلاء واهلها مع ذلك متباينون تباينا عظيما كل طائفة لها معقولات تنصرها وتقدح في معقولات غيرها هم في خط وخلط واختلاف لا ينضبط قال تعالى بل كذبوا بالحق هل اتباع هؤلاء الضالين الجاهلين المتخبطين؟ اولى من اتباع رسل الله الذين هم اعلم الخلق واهدى الخلق واصدق الخلق وافضل الخلق واعلاهم في كل صفة كمال. وقد سلموا من كل نقص وعيب وعثرة. وقد عصموا في اقوالهم وافعالهم. وقد انزلت عليهم الكتب العظيمة من الرب العظيم التي هي مادة الهدى ومنبع الرحمة والخير والرشد والنور واصل السعادة والفلاح وقد نوع الله البراهين الدالة على صدقهم. وصحة ما جاءوا به وانه الحق وما سواه ضلال وانه نور ورحمة وخير. وما سواه ظلمات وشرور وفساد فباي حديث بعد الله واياته يؤمنون ويل لكل افاك اثيم. يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب اليم اما والله لقد وضحت السبل للسالكين وظهرت براهين الحق واياته للموقنين وبنى الهدى والنور اليقين للمستبصرين وقامت الحجة على المعاندين ولهذا كان جميع الاشقياء المخالفون للرسل يعترفون بانهم خالفوا الرسل وخالفوا العقل قالوا وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا فيه اصحاب السعير اعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير ومن البراهين العقلية على وحدانية الله وغناه وافتقار الخليقة كلها اليه ما فطر الله عليه عباده وخصوصا خواص الخلق من الانبياء والرسل ائمة الهدى ومصابيح الدجى واهل العقول الوافية والالباب الرزينة الذين هم الطبقة العليا من الخلق فانهم فطروا على الاعتراف الكامل بوحدانية الله وانه المقصود المعبود في كل الاحوال وصار هذا الامر في قلوبهم اعظم الحقائق كلها واوضحها واجلاها وهي علوم بديهية ضرورية لا يمكن احدا دفعها وليس عند المنكر لذلك ما يدفع هذا العلم اليقيني والطريق البرهاني الا عدم علمه بذلك بفساد ادراكه واشتغاله بالعقائد الفاسدة واعراضه عن طلب الهدى ومن المعلوم المتفق عليه بين العقلاء ان عدم العلم بالشيء ليس من الشبه في شيء فضلا عن ان يكون برهانا يدفع اقوى البراهين واجلها واصدقها من العالمين الموقنين الذين هم اعظم الخلق علوما وابلغهم يقينا واصدقهم وابرهم عقولا واصفاهم افئدة فهذا اليقين في قلوب هؤلاء الذين هم سادات الاولين والاخرين لا يساويه ولا يقاربه شيء ولهذا قالت الرسل لاممهم في الله شك وقال تعالى وباي حديث بعد الله واياته يؤمنون. ويل لكل افاك اثيم. يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب اليم فهذا العلم اليقيني البديهي الضروري المتفق عليه بين اهل العلم واليقين واعلى الخلق في كل صفة كمال وهو اعلم علم عندهم واوضحهم واجلاه محال وممتنع ان يقاربه علم بشيء من الحقائق اليقينية اصلا فمن شك فيه او تردد فقد برهن على نفسه بالجهل والضلال والحمق وهو مكابرة واضحة والله الموفق ومن اعظم البراهين على ان الحق هو ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في جميع الحقائق الصحيحة النافعة الاجماع من جميع المسلمين ومن جميع من عرف حال النبي صلى الله عليه وسلم انه اعلم الخلق على الاطلاق بالله وبالحقائق النافعة واعظمهم بيانا واوضحهم عبارة وافصحهم وانصحهم للخلق وهذه الامور اذا كملت وقد كملت على وجه الكمال التام في محمد صلى الله عليه وسلم بحيث لا يدانيه ولا يقاربه احد في العلم والبلاغة والنصح علم يقينا ضروريا ان جميع ما جاء به هو الحق الذي لا ريب فيه لا سيما في باب التوحيد وبيانه العظيم. في ان لله الاسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا التي تفرد بها وتوحد ولم يشاركوا فيها مشارك وهذا وحده برهان كاف شاف لمن له ادنى عقل او القى السمع وهو شهيد فيا عجبا لمن يعارض ما جاء به هذا النبي العظيم الذي جاء بشريعة ما طرق العالم اعظم منها ولا اكمل ولا اصح باقوال الماديين الذين سفهت احلامهم وفسدت عقولهم واتضح ان جميع ما عارضوا به الاديان جهل وضلال ومكابرة صريحة وذلك معروف بالتتبع لجميع المسائل التي عارضوا فيها الرسل قال تعالى في حقهم وحق امثالهم فلما رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون انتهى كلام الشيخ السعدي رحمه الله علق الشيخ مطلق على شرح هذا الفصل بقوله هذا الفصل تابع للبرهان الرابع وهو برهان الفطرة يشير المؤلف رحمه الله الى مغالطة منطقية شهيرة يقع فيها المبطلون تسمى مغالطة الاحتكام الى الجهل وهي جعل الجهل بوجود الدليل دليلا على بطلانه شيء وهذا خطأ محض اذا تقرر هذا تبين لنا خطأ من يرد اية من كتاب الله تعالى او حديثا من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد انه لم يدرك مدلولها بحواسه وهذا جهل وسطحية في التفكير بان عدم العلم ليس علما بالعدم وعدم الوجدان لا يعني عدم الوجود اي انك اذا لم تجد امرا ولم تدركه بحواسك ولا يعني انه غير موجود ولا يحق لك ان تحكم بانه غير موجود ومثال ذلك انكار النصوص الشرعية الواردة في عذاب القبر بحجة عدم ادراكها بالحواس. وبطلان ذلك واضح للعيان انظر كتابة الرياض عند مقارنة حال النبي صلى الله عليه وسلم واخلاقه الشريفة العظيمة بحال من يحارب الدين او من يستدل باقواله على محاربة الدين تجد البون شاسعا والفرق كبيرا بين اخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم التي ثبتت عندنا بشكل قطعي حتى مع من يسيء اليه عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كنت امشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فادركه اعرابي فجبده بردائه جبذة شديدة حتى نظرت الى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اثرت بها حاشية البرد من شدة جودته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك التفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم امر لهم بعطاء وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه فاغلظ فهم به اصحابه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا ثم قال اعطوه سنا مثل سنه قالوا يا رسول الله لا نجد الا امثل من سنه قال اعطوه فان من خيركم احسنكم قضاء وعن انس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقا وارسلني يوما لحاجة فقلت والله لا اذهب وفي نفسي ان اذهب لما امرني به نبي الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال فخرجت حتى امر على صبيان وهم يلعبون في السوق فاذا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قابض بقفايا من ورائي فنظرت اليه وهو يضحك وقال يا انيس اذهب حيث امرتك قلت نعم انا اذهب يا رسول الله قال انس والله لقد خدمته سبع سنين او تسع سنين ما علمت قال لشيء صنعت لم فعلت كذا وكذا ولا لشيء تركته هلا فعلت كذا وكذا الى غير ذلك من النماذج الكثيرة العظيمة بسمو اخلاق النبي صلى الله عليه وسلم بالمقابل نجد رموز الملاحدة من اسوأ الناس خلقا وحالا فهذا كارل ماكس زعيم الشيوعيين متناقض لا يطابق قوله فعله كما وصفه الاديب عباس العقاد وقد وصفهم بالتناقض الواضح بينما يريد ماركس تطبيقه على غيره وهو غير مطبق على نفسه وذلك في مبدأ ان من لا يعمل لا يأكل في حين ان ماركس كان عالة على اهله وعلى ابيه. الذي كان يطلب منه المال الكثير بغير فائدة ولا صنيع ينتفع به وحتى عند وصوله لسن الرابعة والعشرين بقي عالة على امه واخواته مما دفع امه ان تكتب له قائلة انه لا ينتظر بالبداهة ان يعيش طفيليا ابديا. وهددته بقطع المعونة عنه بل تعدى ذلك الى الاحتيال بدلا من العمل وقد اتفق في سنة الف وثمانمائة واربعة واربعين مع ليسكي بتأليف كتاب حول الاقتصاد وعلاقته بالسياسة واخذ ثمن الكتاب الفا وخمسمائة فرنك ولم يقم باظهار الكتاب واتفق في عام الف وثمانمئة وثمانية وخمسين مع ناشر اخر يدعى الهير دنكر ولم يظهر الكتاب ايضا كذلك جون جاك روسو وهو من كبار من يسمون بالفلاسفة التنويرين وقد الف كتابا عن تربية الاطفال والقيم العائلية واهمية العائلة في المجتمع واسمه ايميل وهو الذي لم يتزوج عشيقته وانجب منها خمسة اولاد ثم رمى بهم في ملجأ الايتام وقد ترجم لهم محمد حسين هيكل بكتاب سماه جون جاك روسو اياته وكتبه وذكر جملة من صفاته والتي منها السرقة والكذب والحمق والشهوانية والدياثة والبخل والانانية والغرور والتناقض الى اخره هذه نماذج من رؤوس الالحاد والمادية في هذا العصر الحديث شتان بين الثرى والثريا انتهى شرح الشيخ مطلق والحاصل ان جميع الموجودات وجميع الحوادث والمعارف والحركات ادلة وبراهين على وحدانية رب الارض والسماوات من الذي انشأ المخلوقات من العدم من الذي دبر الامور وصرفها من الذي خلق السماوات والارض؟ وحفظها بقدرته وامسكها من الذي خلق الادمي من نطفة فاذا هو خصيم مبين من الذي امات واحيا واسعد واشقى؟ واهلك الامم الطاغية بانواع المثلات ونجى الرسل واتباعهم ان في ذلك لعبرا وبراهين واضحات من الذي خلق الحب والنوى وفجر الارض بالانهار والعيون اليس ذلك من اثار من يقول للشيء كن فيكون؟ من الذي اعطى كل شيء خلقه اللائق به اما هذا كل مخلوق على مصالحه التي لا يصلح له سواها من الذي علم العلوم المتنوعة والفنون من الذي اخرج الثمار الرطبة من يابس الغصون من الذي احكم الاشياء برعاية الحكمة وكمال الانتظام واتقنها من الذي احسن كل شيء صنعه وشرع الشرائع وجعلها في غاية الهدى والصلاح واتقنها من الذي سير السحاب الموقرة بالمياه العظيمة واصاب بها البلاد والعباد اليس ذلك الذي يعيد الخلق بعد موتهم الى يوم الحشر والتناد؟ يا عجبا لنفوس تنكر الرب والبعث ما اضلها واعماها كيف لا تعترف بهذه القضية التي هي اعظم القضايا واوضحها واجلاها اله عظيم لم يزل الها وملك كبير ملكه لا يتناهى شمل العالمين برحمته ورزقه فلا يترك ذرة ولا ينساها اسمعوا انين المذنفين ويجيب اسئلة السائلين ويجود بمغفرته ورحمته على التائبين ونسألك يا الله باسمائك الحسنى واوصافك العليا ان ترزقنا ايمانا كاملا ويقينا صادقا وتنفعنا باياتك المسموعة واياتك المشهودة واياتك الافقية واياتك النفسية انها براهين للموقنين وايات للمستبصرين وحجة على المعاندين والمكابدين ورحمة منك واحسان على الخلق اجمعين اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى اله واصحابه واتباعه الى يوم الدين واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين امين بخط عبدالله سليمان السلمان العشرين من جمادى الاخرة الف وثلاثمائة وسبعين هجرية قال ذلك الفقير الى الله عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين تم الكتاب بحمد الله