الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله. يقدم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول السائل احسن الله اليك ان ابنه لا يصلي الا بالبيت بحجة انه لا يوجد دليل من القرآن يوجب عليه الصلاة في المسجد. يقول فكيف اجيب عليه الحمد لله رب العالمين. لقد اختلف اهل العلم رحمهم الله تعالى في حكم صلاة الجماعة بالنسبة للرجال. والحق الحقيق بالقبول هو انها فرض كفاية على الرجال لا يجوز لاحد من المكلفين من الرجال ان يتخلف عن صلاة الجماعة في المساجد الا لعذر شرعي مرعي. وقد دل على وجوبها كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والاعتبار الصحيح مقاصد الشريعة فاما من القرآن فقول الله عز وجل واركعوا مع الراكعين فلم يأمرنا الله عز وجل بالركوع فقط بل امرنا عز وجل ان نوقع الركوع مع الراكعين وهذا لا يتحقق الا في صلاة الجماعة. لان الانسان في بيوت الله يركع مع الراكعين. ومنها ذلك ان الله عز وجل اوجب صلاة الجماعة في حال الخوف الشديد في حال الحرب. فقال الله عز وجل واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا اسلحتهم. فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأتي طائفة اخرى لم يصلوا يصلوا معك الاية بثمامها. فاذا كان الله عز وجل لم يعذر المسلمين في حال المسايفة والقتال والحرب والخوف الشديد ان يتخلفوا عن صلاة الجماعة افيجيز الله عز وجل لهم ان يتخلفوا عنها في ابصارهم وبيوتهم وفي بلادهم واوطانهم في حال الامن استقرار وهدوء النفوس؟ الجواب هذا لا يتصور ابدا. فاذا كانت صلاة الجماعة على الرجال المكلفين واجبة في حال الخوف ففي حال الامن وجوبها من باب من باب اولى. وكذلك في صحيح الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه. قال النبي صلى الله عليه وسلم رجل اعرابي فقال يا رجل اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل اعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني الى المسجد فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يرخص له فيصلي في بيته فرخص له. فلما ولى دعاه قال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم. قال فاجب. فاذا كان هذا الرجل الاعمى لا يجد من يقوده الى المسجد في غالب باحواله وبينه وبين المسجد شيء من الاخطار. ومع ذلك لم يرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ان يصلي في بيته افيجوز للانسان منا اذا كان قادرا انعم قد انعم الله عليه بنعمة البصر والصحة والعافية والامن والاطمئنان ان يتخلف عن صلاة الجماعة لا سيما اذا كان المسجد قريبا من بيته؟ الجواب هذا لا يتصور ابدا فالنبي صلى الله عليه وسلم اوجب على هذا الاعمى ان يشهد صلاة الجماعة مع اخوانه المسلمين في المسجد ولم يرخص له مع ان ان فيه عذر وهو انه اعمى ولا يجد قائدا يقوده. وفي الصحيحين ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر. ولو يعلمون ما في فيهما لاتوهما ولو حبوا. فوصف النبي صلى الله عليه وسلم من يتخلف عن صلاة الجماعة لا سيما في صلاة العشاء والفجر بانه منافق ولو كانت صلاة الجماعة نافلة يجوز تركها ويثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها لا ما استحق تاركها لما استحق تاركها ان يوصف بسبب تخلفه عن شهودها بانه منافق. فلما وصف النبي صلى الله عليه وسلم من تخلف عنها بالنفاق دل على انه فرط في صفة شرعية واجبة. فمن فرط في شيء من الواجبات الشرعية هذا هو الذي يوصف بانه منافق واما من تخلف عن شيء من النوافل فلا يوصف بسبب تخلفه عن امر مندوب بانه منافق. فهذا يدل على وجوب وفي الصحيحين ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم والذي نفسي بيده لقد هممت ان امر بالصلاة فيؤذن لها. ثم امر رجلا فيؤم الناس. ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب الى قوم لا يشهدون الصلاة فاحرق بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم احدهم انه يجد عرقا سمينا او مرماتين حسنتين لشهد العشاء والنبي صلى الله عليه وسلم هام بتحريق الذين يتخلفون عن شهود الجماعات في بيوت الله ان يحرق عليهم بيوتهم فهل اذى بسبب انهم تخلفوا عن امر مندوب؟ الجواب لا يتصور ذلك. اويحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم اناسا لم يفعلوا امرا مندوبا؟ الجواب لا. بل ما هم بهذه العقوبة العظيمة البليغة في تحريق بيوتهم. الا بسبب تخلفهم عن شهود واجب. وروى الامام ابن ماجة في سننه باسناد على شرط الامام مسلم وصححه ابن حبان وابن خزيمة من حديث ابن عباس. رضي الله تعالى عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له الا من عذر. فاذا سمع الانسان الاذان فيجب عليه ان يشهد الجماعة فاذا صلى في بيته ولا عذر له فكأنه لم يصلي لقوله فلا صلاة له الا من عذر. وروى الثلاثة صححه الترمذي من حديث يزيد ابن الاسود رضي الله تعالى عنه. قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما فرغ من صلاته اذا هو برجلين لم يصليا فقال ما منعكما ان تصليا معنا؟ قال يا رسول الله قد صلينا في رحالنا اي في خيامنا لان هذا كان في منى. فقال فلا تفعلا اذا صليتما في رحالكما ثم ادركتم الامام فلا يصلي فصليا معه فانها لك ما نافلة. فامرهم النبي فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ان يتخلفوا عن جماعة المسلمين وانكر عليهم هذا الانكار وهذا دليل على انهم تخلفوا عن شهود امر عن شهود امر واجب والادلة في ذلك كثيرة. واما من الاعتبار الصحيح ومقاصد الشريعة فمن المعلوم ان صلاة الجماعة هي من اعظم شعائر الاسلام الظاهرة. والمتقربة عند العلماء ان ما كان من شعائر الاسلام فانه يوصف بالوجوب. ليس ثمة شيء من شعائر الاسلام يوصف بانه مندوب الاذان من شعائر الاسلام فهو واجب. والاقامة من شعائر الاسلام فهي واجبة والجهاد من شعائر الاسلام فهو واجب. وكذلك صلاة الجماعة من شعائر الاسلام فهي واجبة وصلاة العيدين من شعائر الاسلام فهي فرض اي واجب. فجميع ما يوصف بانه من شعائر الاسلام الظاهرة والتي تتميز به بلاد المسلمين عن غيرها من بلاد الكفار هذه توصف بانها واجبة كما حققه ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى فلا يجوز للرجال المكلفين ان يتخلفوا عن صلاة عن صلاة الجماعة. اسأل الله عز وجل ان يهديني ويهدي ولدك ويهدي ضال وان يرزقنا والمسلمين جميعا المحافظة على شهود هذه الصلوات الخمس في بيوت الله حيث ينادى لها. ونسأله ان يقينا انفسنا وشهوات وشهوات بواطننا والله اعلى واعلم