بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد ايها الاخوان وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من هذه الفهوم التي وقع فيها اللبس وجرى تصحيحها في زمن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما اخرجه الشيخان عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما ان مروان ابن الحكم كان واليا على المدينة لمعاوية فقال لبوابه اذهب يا رافع الى ابن عباس فقل لان كان كل امرئ منا فرح بما اتى واحب ان يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن اجمعون التبس عليه قوله تبارك وتعالى لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا ويحبون ان يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب حمل ذلك على ظاهره وهو العموم ان كل انسان يحب ان يمدح بامور لم يفعلها وكذلك ايضا يفرح بالاشياء التي يقوم بها انه متوعد بالعذاب فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الاية انما نزلت هذه الاية في اهل الكتاب ثم تلا واذ اخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون. ثم قال بعده لا تحسبن الذين يفرحون بما اتوا فالمقصود ان ابن عباس بغض النظر عن مناقشة المثال صحح لمروان هذا الفهم الذي فهمه وان كان يمكن ان يقال في الاية ان يقال فيها غير ذلك باعتبار ان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. واذا كان اولئك يتوعدون على هذا الفعل المشين فان ذلك يكون في حق هذه الامة من باب اولى لان الامة الشريفة الرفيعة ذات القدر والمكانة اذا اتت بهذه النقائص فانها اولى بهذا الوعيد ومعلوم انه على قدر المقام يكون المنام وليس المقصود مناقشة المثال. وذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما سبب نزول هذه الاية وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن شيء فكتموه واخبروه بغيره فاروه ان قد استحمدوا اليه بما اخبروه عنه فيما سألهم وفرحوا بما اتوا من كتمانهم اياه ما سألهم عنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن قضية في كتابهم فكذبوا وذكروا غير الحقيقة ثم ترحوا بهذا الصنيع والكتمان احب ان يحمدوا على هذه الخدمة التي قدموها للمسلمين. ومن ذلك ايضا ما وقع لجماعة منهم قدامى ابن مظعون رضي الله تعالى عنه وارضاه وهو من الصحابة ومن اهل بدر ووقع ذلك ايضا لغيره وقع لاناس بالشام شربوا الخمر فقال لهم يزيد ابن ابي سفيان وكان واليا من قبل معاوية انذاك شربتم الخمر قالوا نعم لقول الله ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا فكتب فيهم الى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فكتب عمر اليه ان اتاك كتابي هذا نهارا فلا تنظر بهم الى الليل. وان اتاك ليلا فلا تنظر بهم الى النهار حتى تبعث بهم اليه. لا يفتنوا عباد الله فبعث بهم الى عمر فلما قدموا على عمر قال شربتم الخمر؟ قالوا نعم. فتلا عليهم انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من للشيطان فاجتنبوه فقالوا اقرأ التي بعدها ليس على الذين امنوا في سورة المائدة ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا. اذا ما اتقوا وامنوا فالمقصود ان هؤلاء احتجوا بهذه الاية كما احتج بها قدامة بن مظعون حينما كان في البحرين والبحرين هذا الساحل في زمن عمر رضي الله عنه فشرب الخمر وهو من اهل بدر فلما جيء به الى عمر رضي الله تعالى عنه وسأله قال ان الله قال ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا ونحن قد امنا وشهدنا بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم وعملنا الصالحات واحسنا فليس علينا حرج وجناح في شرب الخمر فهذا خطأ في الفهم فبين لهم عمر رضي الله تعالى عنه المراد وسبب نزول هذه الاية هو انه لما قتل من قتل في غزوة احد ومنهم حمزة بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه ونزل تحريم الخمر بعد ذلك فقال اناس من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كيف باخواننا الذين اصيبوا في احد وهي في اجوافهم حرام رجس من عمل الشيطان فكيف بهؤلاء الذين قد قتلوا في سبيل الله وهي في اجوافهم فانزل الله عز وجل ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا جناح يعني حرج فيما طعم اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا الصالحات وليس معنى ذلك بعد تحريم الخمر ان الانسان يسوغ له ان يشرب ويقول انا مؤمن واعمل الصالحات لا هذه من الكبائر فكيف يكون محسنا وكيف يكون متقيا وعاملا للصالحات وهو يعاقر الخمرة بل ان هذا متوعد بان يسقيه الله عز وجل من طينة الخبال في الاخرة. ومن شربها ومات قبل ان يتوب لا يشربها في الاخرة على كل حال هذا اخر الحديث عن هذه المقدمات ثم من الغد باذن الله عز وجل او من بعد الغد ساتحدث باذن الله عن الايات التي يحصل فيها اللبس في فهمها في عصرنا الحاضر. وهذه انما هي مقدمات في تصويب الافهام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي في زمن الصحابة بعد غد ان شاء الله تعالى سابدأ فيها وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه