من فساد او شر او معصية كان مبعثه على نحو ما مات عليه وليس الشأن فيما يكون من الصور والمظاهر بل الشأن كله شأن فيما حوته الصدور واكلته الظمائر ولذلك اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن قوم ينزل بهم عذاب الا انهم يبعثون على نياتهم وهذا خبر عام انه اذا نزل العذاب بقوم وفيهم من لا يستحق العذاب لصلاحه او يقول المصنف رحمه الله تعالى عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث كل عبد على ما مات عليه رواه مسلم الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الشريف حديث عظيم الخطر كبير القدر اذ ان الحديث بين ان المبعث يكون على نحو الممات فالانسان يبعث على ما مات عليه قال صلى الله عليه وسلم يبعث المرء على ما مات عليه او يبعث العبد على ما مات عليه يبعث يعني يقام من قبره على ما مات عليه من العمل من ايمان وصلاح او نفاق وفساد المقصود بالحديث ان الناس يوم القيامة يجنون ما قدموه لا سيما ما يكون في اخر اعمارهم اذ ان الاعمال بالخواتيم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم انما الاعمال بالخواتيم فمن كانت خاتمته ايمان وطاعة واحسان وبر كانت اخرته كان مبعثه على نحو ما كان في مقدمة عمله من احسان وقد قال الله تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وان كان على غير ذلك وجود مانع فان نزول العذاب بالقوم او بالجماعة لا يتطرق الى هذا لانه على نية مختلفة. وقد اخبر النبي صلى الله وسلم عن جيش يغزون الكعبة يخسف باولهم واخرهم. قالت عائشة وفيهم سوقتهم يا رسول الله. ومن ليس منهم يعني من جاء يبيع ويشتري يقصد التجارة او ما له غرض في هذا المجيء اما اكراه او غير ذلك قال يبعثون على نياتهم يبعثون على نياتهم يعني ما في قلوبهم فقوله صلى الله عليه وسلم يبعث العبد على ما مات عليه يعني في قلبه من ايمان وصلاح واستقامة او عكس ذلك من نفاق وفساد ومعصية ولهذا ينبغي للانسان ان يجود ما في قلبه من ايمان وان يوثق عظيم محبته وتعظيمه للرحمن. فان هذا هو الذي يحصل به السبق والفوز يوم القيامة على ان الحديث يشمل ان الانسان قد يبعث على صورة ما مات عليه من عمل ان كان صالحا او فاسدا لان الاعمال ثلاثة اما ان يكون عملا صالحا واما ان يكون عملا سيئا واما ان يكون عملا مباحا كالاكل والشرب والذهاب والمجيء. والانسان يموت على واحد من هذه الاحوال اما ان يموت على عمل صالح كان يموت مصليا او محرما او مجاهدا او يموت على معصية فمن يموت زانيا او سارقا او مغتابا او يموت على عمل مباح كالذي يموت وهو يأكل او يشرب او في عمله او في طريقه لجهة من الجهات المباحة هذه احوال الناس من حيث صورة الموت وقوله صلى الله عليه وسلم يبعث على ما مات عليه يحتمل انه يبعث على الصورة التي مات عليها من عمل صالح او عمل سيء اما المباح لا اثابة فيه ولا معاقبة عليه وقد جاء في الحديث في خبر الذي وقصته راحلته سقط من الراحلة وكان محرما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تقربوه طيبا فانه يبعث يوم القيامة ملبيا بعث على العمل الذي مات عليه وكذلك في الشهيد فانه يبعث يوم القيامة قدموا الدم ودمه يثعب اللون لون الدم والريح ريح المسك وهذا مات على عمل صالح وكذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه من قاتل جاهد في سبيل الله فقتل صابرا محتسبا بعث يوم القيامة صابرا محتسبا ومن قاتل رياء ومكابرة بعث يوم القيامة مرائيا مكابرا وهذا يدل على انه يبعث على صورة عمله فان مات مصليا بعث يوم القيامة مصليا وقد اخبر الله تعالى عن ان البعث يكون على وفق العمل في الدنيا. قال الله تعالى ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا وقال جل في علاه في من تولى عن ذكره وقال ربي لم حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها اي عميت تعنها وكذلك اليوم تنسى الجزاء من جنس العمل والمقصود يا اخواني ان الانسان لا يدري متى يرحل ما يدري متى تفجأه ساعة الممات والراشد العاقل من نزع الى الطاعة وسارع اليها في كل لحظاته. رجاء يقبض وهو على ما يحب الله تعالى وان يجتهد في سؤال الله عز وجل حسن الخاتمة فان حسن الخاتمة منحة ومنة مقدمتها صلاح العمل. فاسأل الله لي ولكم طيب العمل وصلاحه وان يختم لنا بخير وان يجعلنا من اسعد من يلقاه يوم يوم البعث والنشور وصلى الله وسلم على نبينا محمد