من الشأن لا شك ان ذلك دليل على صلاح قلبه. واستقامة فؤاده وانه مقر بانعام الله عليه مضيف كل نعمة تساق اليه من ربه جل في علاه والحمد كما ذكرت يكون بالقلب وهذا الجزاء الجليل المذكور في هذا الحديث على عمل من ايسر ما يكون من الاعمال حيث قال صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد ذكر او انثى صغير او كبير قال الامام النووي رحمه الله تعالى في باب بيان كثرة طرق الخيل الحديث الرابع والعشرون عن انس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد ان ياكل الاكلة فيحمده عليها او يشرب الشربة فيحمده عليها رواه مسلم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد هذا الحديث الشريف فيه بيان عظيم بر الله عز وجل ولطفه واحسانه بعباده فان الله تعالى تجلى في علاه يحب من عبده ان يقبل عليه بقلبه وان يقر بفظله ولذلك كان الاقرار بانعام الله عز وجل وانه المتفضل على العبد من موجبات فضله واحسانه وجزيل منه على عباده ان الله ليرضى عن العبد هكذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله ليرضى عن العبد ورضاه يتضمن قبوله للعبد وعظيم اثابته وولايته وجلب كل خير له ودفع كل شر عنه هذه كلها من لوازم رضا الله تعالى لعبده من لوازم رضا الله تعالى عن عبده فاذا رضي الله تعالى عن عبده قبله واذا رظي الله تعالى عن عبده تولاه واذا رظي الله تعالى عن عبده احبه واذا رظي الله تعالى عن عبده ساق له الخير وان رضي الله تعالى عن عبده دفع عنه كل مكروه يأكل الاكلة فاحمده عليها اي يأكل الطعام ولو مرة واحدة والاكلة فاعلة على معنى مرة اي انه يأكل ولو مرة واحدة فيحمده عليها اي فيشكره جل وعلا الحمد. هنا بمعنى الشكر المتضمن اقرار العبد بانعام الله عليهم بقلبه والمتضمن ايضا النطق والقول الذي يظهر به حمد الله وثناءه وثناءه عليه. ويتضمن ايضا المعنى الثالث ان يسخر ذلك فيما يحبه الله تعالى ويرضاه يستعمل هذه النعمة فيما يحبه الله تعالى ويرضاه فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ولو كان ذلك من ايسر ما يكون من الشرابات ما او نحوه وكذلك من ايسر ما يكون من الطعام ولو كان شق تمرة كل هذا يوجب رضا الله عز وجل الا انه ينبغي ان يعلم ان العبد اذا كان على هذه الحال في صغير النعم فانه سيكون على هذه الحال في عظيمها ولهذا اثبت الرضا في هذه الحال لان من حمد الله على اليسير فانه لن يتأخر عن حمده والثناء عليه في الجليل والكبير ولهذا الرضا الموعود به هنا ليس فقط على فعل ذلك مع الغفلة عن حمده والثناء عليه في جليل النعم انما جزاء الله تعالى لعبده الذي يرى فضل الله عليه واحسانه اليه في هذا الدقيق من الامر وهذا وهذا الصغير اقرارا بفظل الله واظافة للنعمة اليه. وانه المتفظل على العبد بالانعام. وايظا يكون باللسان ولو بقول الحمد لله وقد وردت صيغ عديدة في حمد الله على الطعام والشراب فكل ذلك اذا جاء به الانسان في مأكله ومشربه ادرك هذه الفظيلة ثم كذلك في شربه ولو كان ذلك في شرب عارض كشرب الشاي والقهوة او نحو ذلك. فلم يقيده بنوع من الاكل ولا بنوع من الشرب ثم اعلموا ايها الاخوة ان هذا الجزيرة ان هذا ان هذا العطاء الجزيل هو اعظم ما ينعم الله تعالى به على العبد فاعظم ما يمن الله تعالى به على العبد ان يحل عليه رضاه ولهذا كان اعلى نعيم اهل الجنة نسأل الله ان نكون منهم ان ان يحل الله تعالى رضوانه عليهم. في الصحيحين من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله تعالى يقول لاهل الجنة يا اهل الجنة هل لكم من شيء تريدونه فيقولون يناديهم يا اهل الجنة فيقولون لبيك وسعديك والخير في يديك. ثم يقول هل تريدون شيئا فيقولون الم تبيض وجوهنا الم تعطنا هذا في رواية وفي الرواية في في الصحيحين الم تعطنا ما لم تعطه احدا من خلقك قال احل عليكم رضواني فلا اسخط عليكم ابدا. فكان هذا الذروة في نعيم اهل الجنة ومضمونه ان يروه جل في علاه كما في الحديث الاخر ان يروه سبحانه وبحمده ويتنعموا بالنظر الى وجهه ولهذا لا تظن ان الرضا المذكور في الحديث عطاء قليل بل هو عطاء جزيل وانعام عظيم. هو اعلى نعيم اهل الجنة. نسأل الله ان نكون منهم وهذا ينبه العبد الى ان الله كريم منان جل في علاه لا يطلب من العبد شيئا عسيرا شاقا بل يرظى جل في علاه من العبد اقل ما يكون من الطاعة ان يحمده على الشربة وعلى الاكل اكلة ومن عجز عن ادراك رضا الله بهذا السبب فعجزه عن ادراك رضا الله بما هو اكبر اولى واظهر فنسأل الله ان يرزقنا واياكم رضوانه وان يجعلنا واياكم ممن يعمل على الفوز باسباب رضاه جل في علاه وان يجعلنا من اهل النعيم وان يرزقنا شكر نعمه ظاهرا وباطنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد