هذا الامر وتحقيقه على وجه واف لا نقص فيه من جهة تمام الاخلاص لله عز وجل في القول وفي الاعتقاد وفي العمل واما من جهة الاعمال فهي جاءت شريعة نفى الله تعالى فيها عن عن الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر ولن يشاد الدين الا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة رواه البخاري وفي رواية سددوا وقاربوا واغلوا وروحوا وشيء من الدلجة القصد القصد تبلغ. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث متل العالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الشريف حديث ابي هريرة رضي الله تعالى عنه فيه بيان اعظم ما ميز الله تعالى به دين الاسلام عن سائر الاديان فان الله عز وجل جعل هذه الرسالة خاتمة الرسالات ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين. فختم الله تعالى بهذه الرسالة الرسالات وجعل فيها من مزايا والخصائص ما ليس في غيرها لا من جهة الاعتقاد في تمام التوحيد والاخلاص لرب العالمين ولا فيما يتصل العمل فان هذا الدين رحمة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان كمال الاعتقاد والعمل فيما جاء في المسند من حديث عائشة بعثت بالحنيفية السمحة الحنيفية الاخلاص والتوحيد لله فليس في الشرائع السابقة كهذه الشريعة من جهة تمام الاخلاص لله كلها تدعو الى التوحيد. جميع الرسل يدعون الى لا اله الا الله. لكن هذه الرسالة جاءت بكمال اهل الاسلام كله ما فيه عسر ومشقة وما فيه اسار واغلال وضيق وحرج ما جعل عليكم في الدين من حرج يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟ يقول صلى الله عليه وسلم ان الدين يسر ان الدين يسر يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الاسلام الذي جاء به هذا آآ الدين الذي اوحي اليه انه يسر ومعنى انه يسر اي انه لا مشقة فيه ولا تكليف بما لا يطيقه الناس فلا يكلف الله نفسا الا ما اتاها كما ان الله تعالى فرض فيه الشرائع والواجبات والفرائض على قدر استطاعة الانسان. كما قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم فالدين من حيث هو لا تكليف فيه بما يشق على الناس ثمان الله تعالى من رحمته ان جعل مواطن المشقة والعناء محلا لليسر فاذا شق على الانسان امر جعل الله تعالى له مخرجا بما يكون من التيسير والتسهيل الذي يناسب حاله ولذلك تجد ان الله عز وجل جعل من رخص السفر ترك الصيام المفروض من رخص السفر القصر في السفر من رخص السفر الجمع كذلك في المرض كذلك في الخوف ثمة رخص في كل الاحوال التي يخرج فيها الانسان عن حال كمال الطاقة والقدرة وهذا من يسر الاسلام. فيسره من حيث اصله. ان الله لم يكلف الناس الا ما يطيقون ومن حيث ما يمكن ان يطرأ على الناس من احوال تستوجب التخفيف وهذا اليسر في الفرائض والواجبات كما انه يسر فيما ندب اليه من النوافل والتطوعات. سواء كانت قلبية او قولية او عملية كل ذلك لا يخرج عن يسر الشريعة التي جاء بها الاسلام. لكن من المفاهيم المغلوطة التي ينزل فيها بعض الناس هذا الحديث النبوي على غير موضعه ان يستدل به على التخفف من احكام الشريعة وعدم القيام بها فتجده يسرق يزني يغتاب يأكل مالا حراما ويقول الدين يسر هذا ليس دينا هذا مخالف للدين ولا يمكن ان يقر تقر الشريعة هذه المحرمات ولو ان الشريعة اذنت بهذا لما كان في ذلك تحريم لها وتغليظ في شأنها وعقوبة مرتبة عليها فهذا من تنزيل الكلم في غير موضعه. ومن تحريف الكلم عن مواضعه ومن وضع الحق في مقام الباطل فان الدين يسر في ذاته في فيما شرعه الله من الواجبات والفرائض ومن المحرمات فان الله لم يمنع الناس ما تقوم به مصالحهم وما لا يتمكنون من الانفكاك عنه. بل لم يحرم عليهم شيئا الا جعل لهم في الحلال منه ما يغنيهم عنه الا ان يكون ضارا لا مصلحة فيه كالخمر مثلا فان الله لم يجعل لها عوضا مما يغيب العقول. لان تغييب العقول مضرة لا مصلحة فيه. ولا يمكن ان يحقق به الانسان خيرا لا في دينه ولا في اخرته ولذلك هذه الكلمة العظيمة يجب ان يعلم المؤمن انها اصل من اصول التشريع واصل من اصول هذه الديانة وسمة من سماتها الرئيسة. ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم بين انه ما من احد يخرج عن اليسر بالتشديد والزيادة في الدين بما لم يشرعه رب العالمين او بتكليف نفسه ما لم يكلفه الله عز وجل الا عاد الظيق على نفسه والانقطاع ولذلك قال ولن يشاد الدين احد الا غلبة لانه شاد الدين اي لن يغالب الدين احد بان يسعى الى الزيادة على ما شرع الله عز وجل عليه الزيادة على ما شرع الله له وما فرض عليه فهذا ينقطع. لا بد ان ينقطع ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى من عبد الله بن عمرو زيادة في العمل الصالح فكان يصوم ولا يفطر ويقوم الليل ولا ينام. فقال الم اخبر بانك تقوم ولا تنام وتصوم ولا تفطر قال بلى يا رسول الله قال فانك ان فعلت ذلك همجت هجمت نفسك هجمت عينك اي غارت هجمت عينك اي غارت وضعفت بسبب طول السهر ونفهت نفسك يعني كلت وملت ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم صم وافطر وقم ونم. فبين للنبي صلى الله عليه وسلم ان الزيادة في العمل الصالح عن الحد الذي شرعه الله عز وجل يعود بالعكس على الانسان. لا يزيده طاعة لا يزيده قربا بل يفضي به الى الانقطاع. ولهذا قال ولن يشاد الدين احد الا غلبه اي سيعود على نفسه بالانقطاع عن العمل الصالح. هذا معنى اغلبه والله تعالى اعلم ونكمل بقية الحديث بمجلس اخر وصلى الله وسلم على نبينا محمد