قال الامام النووي رحمه الله تعالى في باب الاقتصاد في الطاعة عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر ولن يشاد الدين الا ولن يشاد الدين الا غلبه. فسددوا وابشروا واستعينوا بالقدوة والروحة وشيء من الدلجة. رواه البخاري. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث الشريف حديث ابي هريرة اوله قال صلى الله عليه وسلم فيه ان الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه بعد ان قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة الكبرى والاصل الاصيل في تشريع رب العالمين في هذا الدين القويم دين الاسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم سمات الطريق بالتفصيل كيف يحقق الانسان نيل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من وصف هذا الدين باليسر كل ما فرظه الله من الواجبات يسر لا مشقة فيه يعجز عنها الانسان وكل ما ندب اليه من النوافل والتطوعات وصنوف القربات يسر اذا سار فيه الانسان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم الذي بينه واجمله في هذا الحديث حيث قال فسددوا وقاربوا. سددوا اي اجتهدوا في اصابة السنة اصابة ما امركم الله تعالى به وما ندبكم اليه فالسداد هو اصابة الهدف الا ان اصابة الهدف قد يقصر عنها الانسان فاذا قصر عن اصابة الهدف فينبغي الا يبعد ولذلك قال فسددوا وقاربوا. والمقاربة هي ان يكون الانسان قريبا من الهدف قريبا من الغاية التي يسعى اليها والا يبعد فان ابعاده يعظم انحرافه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في بيان مراتب اصابة ما امر الله تعالى به والقيام بما شرع الانسان في ذلك على مرتبتين المرتبة الاولى الاصابة وهو الاتيان بما شرع الله عز وجل وفرض. في الواجبات وفي ان ان النوافل والمستحبات المرتبة الثانية ان يقارب الانسان قد يقصر لكنه لا يبعد ان يقارب الانسان ويبذل جهده في والمقاربة للاصابة فاذا حقق ذلك فله البشرى. قال وابشروا فالبشارة هي وعد بادراك عظيم الاجر وكبير الثواب وسعادة الدنيا وفوز الاخرة والحياة الطيبة وحسن الجزاء من رب العالمين ولذلك قال ابشروا اي ابشروا بموت بما تؤملون من عملكم الذي تقومون به من الطاعة في الفرائض والواجبات ومن المسابقة في صنوف المستحبات والمندوبات. ثم قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم وعليكم بالقدوة والروحة وشيء من الدلجة هذا توجيه نبوي مختصره ان يبادر الانسان العمل الصالح وقت وقت تيسره وتمكنه ونشاط نفسه له هذا معنى قوله عليكم بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة اذا وجدت من نفسك نشاطا للطاعة فلا تفوته اقبل على ما يسر الله من الطاعة فان ذلك عون لك في الوصول الى الغاية والهدف في تحقيق ما ذكر صلى الله عليه وسلم من التسديد والمقاربة ولهذا ذكر ثلاثة اوقات الغالب في هذه الاوقات هو وجود الفراغ مع النشاط الفراغ في الوقت من الاشغال والاعمال المشغلة والنشاط واقبال النفس على العمل في هذه الاوقات. الغدوة هي اول النهار والروحة هي اخره والدلجة قيل هي سير الليل. وقيل هي سير اخر الليل. وسبحان الله العظيم النبي صلى الله عليه وسلم مثل سير الانسان الى ما يرجوه من رحمة الله عز وجل الى الدار الاخرة بسير المسافر. المسافر يتحين الاوقات التي ينشط فيها يكون فيها السير يسيرا وهي اول النهار واخره وسير الليل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن اذا سافرت فعليكم بالدلجة ثم قال فان الارض تطوى بليل اي يسهل السير وقطع المسافات في الليل اكثر منه في النهار ولهذا كان سير القلوب الى الله نظير سير الابدان في قطع مسافات الدنيا في الاسفار فسير القلوب الى الله ينبغي ان ان ان يجد فيها الانسان في هذه الاوقات لا سيما الدلجة وهي اخر الليل ففيها من الرحمات والهبات والعطايا والعون ما لا يدرك وصفه ولا يدور في خيال الانسان قدره ولهذا من الحرمان ان يضيع الانسان شيئا من الليل في الوقوف بين يدي الرحمن جل في علاه. ان يضيع الليل في عدم القيام بين يدي الرحمن بالشيء اليسير فعليكم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بالغدوة والروحة اوقات النشاط والدلجة وهي اخر الليل وقت فراغ القلب ثم في الحديث الاخر قال سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وعليكم بشيء من الدلجة ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الاعتناء بالتدرج في الوصول الى الغاية وان لا يكلف الانسان نفسه فوق ما تطيق القصد القصد تبلغه. معنى القصد القصد يعني الزموا القصد لا تحملوا انفسكم ما لا تطيقون. ولا تحملها ولا تحملها ما ينقطع به سيركم عن الله عز وجل. فقليل دائم خير من كثير منقطع لكن لا يعني القليل الدائم ان يفرط في الواجبات القليل المقصود به في النوافل والمستحبات. اما الفرائض فهي خط متى تركها الانسان؟ فقد خرج عن الطريق المستقيم قال النبي صلى الله عليه وسلم لكل عمل شره علو وارتفاعه نشاط قوة ولكل عمل فترة ظعف وقصور فمن كانت فترته يعني وقت نقصه وكسله وتركه للعمل فمن كانت فترته لسنتي يعني لزم ما فرض عليه من الفرائض والواجبات فقد هدي. اللهم اهدنا فيمن هديت. اسلك بنا سبيل الطاعة والاحسان. وفقنا الى ما تحب وترظى من الاعمال. اعنا على ما يقربنا اليك وصلى الله وسلم على نبينا محمد