قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين في باب التعاون على البر والتقوى عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثني الى بني لحيان من من هذيل فقال لينبعثن من كل رجلين احدهما والاجر بينهما. رواه مسلم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد. هذا الحديث حديث ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم من بعثه جيشا الى الاحياء وهم بطن من هذيل من قبائل العرب في الحجاز وكانوا كفارا فبعث بعثا لقتالهم صلوات الله وسلامه عليه وندب المؤمنين من الصحابة الكرام من المهاجرين والانصار ان ان ينبعث من كل قبيلة او كل بطن من بطون هؤلاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم نصفهم رجل من رجلين فيذهب احدهما للجهاد في الصدع في جهاد من صد عن سبيل الله وهذا اهل الاسلام والاخر يخلفه في غيبته ولذلك قال صلى الله عليه وسلم والاجر بينهما اي الاجر ثابت لهما لمن خرج بنفسه ومن خالف غازيا في اهله بخير وذلك ان الخارج بنفسه مشتغل بطاعة واحسان ومن بقي بعده في قيامه على اهله وسد حاجاتهم ورعايتهم معين له على ذلك على هذا الخروج حيث كفاه مؤونة اهله القيام عليهم والانسان يهتم لولده واهله في خروجه وفي غيبته فاذا علم ان هناك من يقوم عليهم ويسد حاجته مطمئن وكان منشرح الصدر في خروجه لما امر به من طاعة الله عز وجل. ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الاجر بينهما وقد جاء في حديث زيد بن خالد الجهني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من جهز غازيا فقد غزا ومن خالف غازيا في اهله بخير فقد غزى وهذا الحديث حديث ابي سعيد الذي سمعناه مصدق للجزء الثاني من الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم ومن خلف غازيا في اهله بخير وهذا الحكم وهو الاشتراك في العمل الصالح ليس قاصرا على هذه الصورة التي ذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل هو شامل لكل من اعان على خير وساعد في بر تحقق بعمله نوع من العمل الصالح فانه يشارك في ذلك الاجر وقد تقدم ان المراتب في العمل الصالح اما ان يفعله الانسان بنفسه كاملا فيكون له الاجر كاملا واما ان يفعله باعانة غيره فيكون له الاجر ولمن اعانه اجر واما ان يعين غيره في العمل الصالح فله في ذلك اجر وثواب وقد قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى فالاعانة على البر والتقوى عبادة يؤجر عليها الانسان و الرابع من الصور هو القيام على من خرج في طاعة بكفايته في من خالفه او خلفه وراء ظهره من اهله وماله فهذا ايضا نوع من الاعانة لكنه اخص اذ انه يتعلق من خالف غازيا في اهله فقد غزى. وقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص. والمقصود ان الانسان ينبغي له ان يجتهد في العمل الصالح وان يستقل بذلك ان كان مستطيعا. يعني لا يطلب من غيره اعانة في العمل الصالح ان كان مستطيعا فان لم يكن مستطيعا ووجد من يعينه فذاك من الخير الذي ينبغي الا يتخلف عنه واما ما يتعلق بالاثابة على الاعانة فهو اما اعانة في العمل الصالح ذاته فهذا مأجور ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم من جهز غازيا فقد غزى. واما ان يكون اعانة في كفايته ما اهمه اذا اشتغل بالعمل الصالح فهذا ايضا مأجور لقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ومن خلف غازيا في اهله بخير فقد غزى والمطلوب من المؤمن الا يترك بابا من ابواب البر الا والا ويبادر الا ويبادر اليه فهذه الدنيا مزرعة والانسان ينبغي ان يستكثر فيها من الصالحات بكل وجه وكل سبيل فمن سبق الى خير ويسر له فليحمد الله وليستكثر من ذلك. فانما يهتدي لنفسه ويتزود لنفسه وينفع نفسه فهذه الحسنات تجنى ثمارها واثارها وخيراتها في الدنيا حياة طيبة وفي الاخرة كبيرا وفظلا عظيما وسبقا مبينا. فنسأل الله ان يجعلنا واياكم ممن استعملهم في طاعته. وفقهم الى مرضاته وعانهم على الهدى ويسره لهم انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد