قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب المراقبة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اسلام المرء تركه ما لا يعنيه حديث حسن رواه الترمذي وغيره. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد هذا الحديث المختصر ذو الجملة الواحدة من اجمع الاحاديث لما يصلح به دين الانسان فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اجمل ما يحسن به دين الانسان وما يدرك به صلاح معاشه ومعاده فقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي هريرة من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه من حسن من حسن اسلام المرء يعني مما يحسن به اسلام الانسان ويطيب ويصح ويستقيم تركه ما لا يعنيه اي الا يشتغل بما لا يهمه ولا يخصه وذلك في القول وفي العمل فيترك كل ما لا اهتمام له فيه ولا عناية له فيه في قوله وفي عمله وفي نظره وفي سمعه وفي فكره وفي اهتمامه فكلما ابعد الانسان عن ما لا يعنيه كان ذلك من سلامة دينه ومن صحة اسلامه ومن استقامة عمله ولذلك جمع هذا الحديث كلما يكون سببا لاستقامة الدين وصلاحه. الاسلام نعمة عظمى يتفضل الله تعالى بها على من يشاء من عباده كما قال تعالى فمن يرد الله له ان يهديه يشرح صدره للاسلام والمسلمون في الاسلام على درجات ليسوا على درجة واحدة. كما قال الله تعالى ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا وذكر اقسامهم فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات فحسن الاسلام هو ان تترقي في دينك واسلامك وقيامك بما فرض الله تعالى عليك تركك لما نهاك الله لما نهاك الله تعالى عنه الى اعلى الدرجات وثمة ثلاث مراتب الظالم لنفسه وهو الذي ترك ما يجب ترك بعظ ما يجب او فعل بعض ما حرم عليه هذا هو الظالم لنفسه وسمي ظالما لنفسه لانه من اهتدى فانما يهتدي لنفسه. ومن ضل فانما يضل عليه. الطاعة يعود نفعها للانسان كما يعود ظررها على الانسان فاذا كما يعود ظرر تركها على الانسان فمن اطاع افلح ومن عصى خسر كما قال تعالى ونفسه وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها بالطاعة والاحسان والاستقامة والبعد عن المحرم وقد خاب من دساها اهملها فاوقعها في المعاصي والسيئات اما القسم الثاني من المسلمين المقتصد وهو الذي يأتي بما يجب عليه ويترك ما حرم الله تعالى عليه. يترك يفعل الواجب ويترك المحرم ولا يزيد على هذا وهذا سالم اعلى منه مرتبة الذي يسابق في الخيرات ولذلك قال فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات اي يسارع في كل فظيلة فيأتي بالواجبات ويجتنب المحرمات ثم ما لا يكتفي بذلك بل يبادر الى التنفلات والتطوعات فيكون ذلك اشتغالا بما زاد من الفضائل والخيرات حسن اسلام المرء يعني الذي يبلغ به الاسلام الحسن الذي يرظى الله تعالى به عنه الا يشتغل بما لا يفيده بما لا يهمه بما لا يعنيه وبقدر قيامك بهذه الخاصية وهذه الخصلة تكون سالما في دينك قال النبي صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وقال صلى الله عليه وسلم خير الاسلام ان تقرأ ان تقرأ ان تطعم الطعام وان تقرأ السلام على من عرفت وعلى او على من لم تعرف ومن حسن اسلامه يا اخواني فاز بعطاء جزيل من الله عز وجل. لانه من حسن اسلامه عومل الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة في ظعف والسيئة بمثلها الا ان يتجاوز الله تعالى اما من لم يحسن اسلامه فانه سيؤاخذ بسيئاته. والله تعالى يعاقبه على الاول والتالي فلذلك حسن اسلام المرء موجب لمغفرة ذنوبه وحط خطاياه وفوزه برضا ربه جل في علاه. خلاصة ما في هذا الحديث الحث على ان يجتهد الانسان في ان يترقى في خصال الاسلام ولا يكتفي فقط باسم الاسلام الظاهر بل لابد ان يجتهد في ان يتحلى بالفظائل ويرتسم الخيرات ويترك كل ما ينقص دينه كلما ينقص دينه في القول او في العمل في النظر في السمع في الفكر في المعاملة في السر في العلن كل ما ينقص ابتعد عنه وكلما يعلو به ويرتفع احرص عليه والموضوع يحتاج الى دوام مجاهدة ما يفهمه بعض الناس من ان حسن اسلام المرء تركه ما لا عينيه يعني ويقتضي انك ما تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر فهذا غلط تجد بعظ الناس اذا وجهت اليه امرا بمعروف او نهي عن منكر قال من حسن الاسلام بالمرء تركه ما لا يعنيه. هذا ليس صحيحا. ترك ما لا يعنيه هو ترك ما يحرم عليك الاشتغال عما يجب عليك فاذا تركت ما يحرم عليك واشتغلت بما يجب عليك فانك قد فعلت ما يعنيك المنكرات التي يقع فيها من تراه هو مما يعنيك. قال النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فان لم يستطع فبلسانه فان لم لم يستطع فبقلبه وهذا يعني ان كل مخالفة لامر الله فهي تعني المؤمن. يجتهد في اصلاحها وازالتها حسب طاقته على المراتب الثلاثة اقل ذلك القلب ان تكره المعصية ولا ترضاها وتبعد عن المكان الذي هو الذي هي فيه او الذي هو مشغول بها وهذا مما يعنيك لكن ان تتدخل في شؤون الناس وين راحوا؟ وين جو؟ وش قالوا؟ ماذا عملوا؟ وش وما الى سواء تشتغل بظواهرهم او ببواطنهم. وش نيته؟ وش قصده؟ ماذا يريد كل هذا مما لا يعنيك لست موكولا بقلوب الخلق ولا موكولا بما يكون من اعماله فهذا الى الله. ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم فليس عليك حسابهم. انما عليك ان تبذل جهدك في اصلاح نفسك وفي هداية الخلق الى اقوم طريق واحسن سبيل ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرزقني واياكم حسن الاسلام ظاهرا وباطنا ان يوفقنا الى ما يحب ويرضى في السر والعلن وصلى الله وسلم على نبينا محمد