بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد بن عبدالله. وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد. قال الامام النووي رحمه الله وتعالى في كتابه رياض الصالحين في باب اليقين والتوكل عن ابي بكر الصديق عبد الله ابن عثمان ابن عامر ابن عمر ابن كعب ابن سعد ابن تيمية ابن مرة ابن كعب بن لؤي ابن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه وهو وابوه وامه صحابة رضي الله عنهم قال نظرت الى اقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا. فقلت يا رسول الله لو ان احدهم نظر تحت قدميه لابصرنا فقال ما ظنك يا ابا بكر باثنين الله ثالثهما؟ متفق عليه. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث الشريف حديث ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وذكره مؤلف رحمه الله وذكر فيه نسب ابي بكر ولعله ذكر ذلك لانه اول موضع يذكر فيه حديثا عن ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ابو بكر خير الامة بعد نبيها صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابو بكر بلغ من الايمان والصدق ما بوأه منزلة عالية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي مصاحبته ثم بعد موته حيث استخلفه صلى الله عليه وسلم على الامة بعده في اشارات تشبه الصريح انه نص عليه ان يكون خليفة بعده في المسلمين صلى الله عليه وعلى اله وسلم ذكر في هذا الحديث موقفا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو في هجرته. فان النبي صلى الله عليه وسلم بقي في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الى الله وقد كابد في ذلك ما ما لقيه من المشركين من الاذى والمكر والكيد القول والعمل الظاهر والباطن صبر صلى الله عليه وسلم وجاهد في الله حق جهاده جاهدهم بالعلم والبيان كما امره الله تعالى في محكم القرآن وجاهدهم به جهادا كبيرا وهو جهاد القرآن ببيان الحجة واقامتها على اهل الشرك والكفر ثم انه صلى الله عليه وسلم لما ظاق عليه الامر ومكر به اولئك المشركون ليقتلوه او يثبتوه اذن الله تعالى له بالهجرة فخرج صلى الله عليه وسلم مستخفيا ومعه ابو بكر ومكث في الغار ثلاثة ايام او نحو ذلك وكان صلى الله عليه وسلم لما فقده المشركون مطلوبا وقد جعلوا لمن يأتي به حيا او ميتا عطاء جزيلا مائة من الابل وهذا عطاء واسع في ذلك الزمان ثم اوى الى الغار صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه وطلبه المشركون حتى وصلوا الى الغار الذي هو فيه هو وابو بكر رضي الله تعالى عنه ووقفوا عليهما حتى قال ابو بكر لو نظر احدهم تحت قدمه يعني الى اسفل منه لا ابصرنا اي لرآنا فيما جرت به العادة وفيما جرى به حال الناس من الابصار في مثل هذه الحال لكن الله تعالى اعمى ابصارهم فلم يروا ولا صاحبه ولو انهم نظروا اسفل من اقدامهم او اسفل منهم الى ما تحت اقدامهم لحجب الله تعالى رسوله وصاحبه عنهم فقال ابو بكر هذه المقالة بناء على ما جرى به العادة والعرف قال النبي صلى الله عليه وسلم مسكنا خوف ابي بكر الذي خاف على النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ظنك باثنين الله ثالثهما هذي كلمة في غاية اليقين والعلم والثقة بالله والتصديق لوعده والامتثال لما امر وهذا لا يكون الا عن تمام ايمان بلغ الغاية والمنتهى فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ابا بكر بمعية الله وهي معية خاصة لهذين الشخصين للنبي وابي بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ترثوهما حفظا ورعاية ودفاعا وصيانة ووقاية وذاك فضل عظيم خص الله به الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابا بكر فان الله لم يذكر المعية الخاصة بالاشخاص في القرآن الا في موضعين لان المعية في القرآن مذكورة عامة للخلق ومن ذلك قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادنى من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اينما كانوا هذي معية لكل الخلق وهي تقتضي الاحاطة والعلم والقدرة وسائر معاني الربوبية ثم ذكر معية خاصة باصحاب اوصاف ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لاهل الايمان والتقوى وهي اعلى مرتبة اذ تقتضي الحماية والصيانة والتوفيق والتسديد وسائر معاني الاكرام والانعام ثم ذكر في القرآن معية خاصة باشخاص وقد ذكرها الله تعالى لاربعة في القرآن العظيم ذكرها لموسى وهارون انني معكما اسمع وارى وهذي معية لاثنين على وجه الخصوص وذكرها في حق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ابي بكر في قوله ما ظن آآ اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا ان الله معنا فهذه معية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر فهذه المعية هي اعلى درجات المعية وارفع منازلها وهي لا تكون الا مع كمال الايمان وتمام التصديق وصلاح الحال والسر والعلن وكلما كان الانسان محققا لصفات التقوى وخصال الايمان والاحسان فاز من معية الله عز وجل بما يرضيه بما يحقق ما يأمل وبما يدفع عنه ما يكره ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ لم يزد على هذه العبارة صلى الله عليه وسلم فسكن ما في قلب ابي بكر من الخوف. والوجه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى نفسه وهذا الخبر من ابي بكر فيه جملة من الفوائد من اعظم ذلك ان الاسباب جميعها قد تتهاوى ولا يبقى منها شيء ليعتصم به الانسان وينجو مما يكره. لكن ثمة سبب اوثق ما يكون في تحصيل المطلوب وهو الاعتماد على الله والتوكل عليه فانه لم ينجه صلى الله عليه وسلم ان خرج هاربا ليلا لم ينجه ان اوى ان اوى الى الغار كل ذلك تلاشى وجاء المشركون ووقفوا على النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه حتى كان الامر كما وصف ابو بكر لو نظر احدهم اسفل تحت قدمه لابصر له. كل الاسباب المادية زالت لكن ثمة سبب يتعلق بمالك الملك جل في علاه وهي وهو التوكل عليه. قال ما ما بقي شيء ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ خرج بامره صلى الله عليه وسلم وهو خارج لاجله طاعة له وقاصدا ما عنده جل في علاه. ومن كان كذلك فان الله لا يخيبه ولهذا يا اخواني ان اعظم ما تدرك به الامال وتحصل به المطالب صدق الاعتماد على الله عز وجل بقدر ما مع الانسان من التوكل على الرحمن في مطلوبه مع بذل ما يمكن من الاسباب يدرك غايته جودة. واذا قصر فانه يقصر عون الله له. تقصر معيته وتأييده ونصره بقدر ما يحصل من النقص في التوكل عليه. ولهذا ليس فثمة شيء اوثق من التوكل. المتوكل هو اقوى الناس لانه ملتجئ الى من بيده الامر. ما لك الملك. انت اذا تصورت وحظر في ذهنك ان الله هو المالك. انه ما من شيء في الكون الا بامن لا يصلك خير الا بامره ولا ينكف عنك شر الا باذنه فلن تتعلق بسواه مهما كان ذلك الغير قويا متمكنا واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان يضروك في شيء لم يكتبه الله عليك ما ظروك. ولو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما نفعوك وبالتالي اقطع قلبك تعلقا بغيره جل في علاه واجعل غاية مطلوبك ان يكون الله معك فمن كان الله معه نجاة من كل كربة وادرك كل رغبة نسأل الله ان يجعلنا واياكم من الذين اتقوا والذين هم محسنون. وان يجعلنا من حزبه المفلحين واولياءه الصادقين. وفي هذا شريف فظل ابي بكر رظي الله تعالى عنه فان الله اثبت له معية. قال بعظ اهل العلم هذي المعية ليست في ذلك الظرف فقط بل هي لابي بكر في في ذلك اليوم. ومع النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد موته صلى الله عليه وسلم وبعد موت ابي بكر الله معه يذب عنه وينصره لم يشهد القرآن بصحبة احد من الناس من اصحاب النبي وسلم الا ابا بكر. اذ يقول لصاحبه لا تحزن. والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد