بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين يقول المصنف رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره. متفق عليه. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فهذا الحديث المختصر الموجز في كلماته هو بيان طريق جنتي وطريق النار فقد اختصرهما النبي صلى الله عليه وسلم في جملتين مختصرتين الجنة اسأل الله ان يجعلني واياكم من اهلها هي دار النعيم الكامل الذي اعد الله تعالى فيها لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر والنار هي دار العذاب التي عد فيها جل وعلا عذابا اهل الكفر والعصيان يقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ببيان ما يحول بين الانسان والجنة وما يحول بينه وبين النار؟ وما الطريق الذي يوصله الى الجنة والطريق الذي يوصله الى النار. قال صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره. وفي الرواية الاخرى حجبت الجنة بالمكاره. المكاره جمع مكروه والمكروه هو ما لا يتلائم مع الطبع وتنفر منه النفس وهذا الوصف يشمل كلما يثقل النفس و يخرجها عن الفها وعادتها ومحبوبها سواء كان ذلك في الواجبات او كان ذلك في المحرمات فان الله تعالى فرض فرائض على عباده وحد حدودا ونهى عن نواهي هذه الفرائض تحتاج الى مجاهدة حتى يأتي بها الانسان وتلك المحرمات تحتاج الى مجاهدة ومعاناة ليجتنبها الانسان وهذا معنى المكاره وهو ما يجده الانسان من المشقة في امتثال الامر والمشقة في ترك ما نهى الله تعالى عنه قال الله تعالى كتب عليكم القتال وهو كره لكم. الكره هنا ليس في الشرع فانه لا يكره شيء من شرع الله عز وجل بل كله محمود كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيما خبير لكن كره فيما يتعلق بالنفس وما يثقلها ويخرجها عن مألوفها فالانسان في قيامه لصلاة الفجر في الليلة الشاتية او ليالي الصيف القصيرة التي ينام فيها متأخر يحتاج الى معاناة وهو ما تكرهه نفسه كذلك الصوم في اليوم الصائف كذلك اخراج المال هو مما تكرهه النفوس لما جبرت عليه من محبة المال والبخل به وما الى ذلك من الفرائض والواجبات في المقابل ايضا المنهيات ترك المحرمات يثقل على النفس تغض البصر حفظ اللسان عن اعراض الخلق والوقيعة فيهم حفظ السمع عن ان يسمع الانسان شيئا من المحرمات كل ذلك مما يثقل على النفس فتكرهه لثقله على النفس لكن عاقبة تلك المكروهات حميدة في الدنيا وفي الاخرة فانها في الدنيا تنقلب تلك المتاعب الى نعيم يتنعم به القلب ولذلك قيل في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة. ما هي الجنة التي في الدنيا؟ الجنة التي في الدنيا هي ما يلقيه الله تعالى في قلب العبد من الطمأنينة والانشراح وما يجده من حلاوة الايمان ولذته التي تفوق كل المتاعب التي سبقته ولهذا لا ينال شيء من الراحة الا على جسر من التعب لا يمكن ان يرتاح الانسان ويدرك محبوبه الا على شيء من التعب وسبحان الله هذه سنة الهية ليست فقط في الامور الدينية ونعيم الاخرة بل حتى في امور الدنيا فانه لا ينال الراحة في الدنيا الا من تعب وبذل واجتهد في تحصيلها حتى يدرك الراحة. اما الذي يؤثر الراحة يؤثر الدعة يؤثر ما تشتهيه نفسه. يقدم محبوباته لا يدرك شيئا لا في دين ولا في دنيا والسبق هو من استعمل نفسه وطاقته وقوته في الوصول الى مرضاة الله الدائمة الباقية فالاخرة خير وابقى خير في نعيمها وهي ابقى فلا تزول كما دلت على ذلك الادلة. المقصود ايها الاخوة ان ما يلقاه المؤمن في قيامه بما امر الله تعالى من المكاره ليس شيئا لا يؤجر عليه بل عاقبته حميدة وهي الجنة نسأل الله ان نكون من اهلها. فليصبر الانسان على ما يكره في طاعة الله يكره ويصبر على ما يكره في اجتناب ما معاصي الله تعالى. وما حرمه يصبر على ما يكره من اقدار الله فانه ينزل بالانسان من الاقضية والاقدار ما يكرهه وهو بين امرين اما ان يصبر فيؤجر واما ان يسخط فيأثم ويناله عذاب الدنيا بما نزل عليه من المصيبة وعذاب الاخرة بما ثبت عليه من الاثم ولذلك جدير بنا ان نحرص على ان نعمل بالصالحات ما استطعنا فقد حفت الجنة بالمكاره ونصبر على ذلك والعاقبة حميدة. اما النار فان امرها يسير اي ان تحصيلها ليس بالعسير وذلك بان يتبع الانسان نفسه هواه ولذلك يتبع الانسان نفسه هواها فلا يقف عند محرم باجتنابه ولا يمتثل امرا ولا يصبر على اقضية مكروهة بل يتبع نفسه ما تشتهي والمئال هو النار اعاذنا الله واياكم منها فلنجتهد في طاعة الله ولنصبر على ذلك وسنجد من اللذة ما يعيننا على مزيد الطاعة ولهذا الله تعالى يقول في حق من يقيمون الليل من اوليائه تتجافى جنوبهم عن المضاجع تتجافى يعني جنوبهم ما تأنس ولا تألف الفرش لانها ذاقت لذة القيام بين يدي الله عز وجل. ذاقت لذة المناجاة والذكر له جل في علاه. فوازنت بين النعيمين واللذتين فوجدت ان لذة مناجاته اعظم من لذة النوم والمضي في الكرم وهكذا المعصية سبحان الله العظيم. يتلذذ بها الانسان عند مواقعتها. لكن ما يعقبها من وحشة ما يعقبها من ضيق ما يعقبها من بلاء ومصيبة هذا عاجل غير ما يعقبها من عذاب ان لم يتب في الاخرة يجعلها لا قيمة للذة التي ادركها بمعصية الله فاحذر من لذة تعقبها كسرة وحسرة واحرص على الم يعقبه نعيم وبهجة جعلنا الله واياكم من اولياءه عمر قلوبنا بطاعته. جنبنا كل ما يردينا من القول والعمل في السر والعلن. وصلى الله وسلم على نبينا محمد