بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف خلق الله محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد قال الامام النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب اليقين والتوكل عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ارزقوا الطيب تغدو خماصا وتروح بطانا. رواه الترمذي وقال حديث حسن. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله اصحابه ومن اتبع سنته باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا الحديث الشريف حديث عمر رضي الله تعالى عنه بين فيه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما الذي ينبغي ان يكون عليه الانسان في اعتماده على ربه وتفويظه الامر اليه ولجأه في تحقيق مطلوبه السلامة مما يكره قال صلى الله عليه وسلم لو تتوكلون على الله حق توكله اي لو تعتمدون عليه وتفوظون الامر اليه على وجه تام كامل لرزقكم كما يرزق الطير يعني ليسر لكم ما قسمه لكم من الارزاق ولبلغكم ما تأملونه من المطالب كما يرزق الطير مثلما يرزق الطير ثم بين صلى الله عليه وسلم وجه التمثيل والتشبيه فقال تغدو خماصا اي تروح اول النهار جائعة فخماص جمع خميس وهو الجائع الظامر البطن من قلة الاكل وتروح اي ترجع في اخر النهار بطانا اي جمع بطين بطانا جمع بطين اي جاء اي شبعا امتلأت بطونها من المأكل والرزق وهذا في نوع من انواع الارزاق وهو رزق الابدان وقوتها والتوكل على الله عز وجل يكون في رزق الابدان كما يكون في رزق القلوب ويكون في امر الدنيا وفي امر الاخرة والنبي صلى الله عليه وسلم ظرب مثلا هنا فيما يتعلق امر الدنيا ورزق الابدان لانه مما يعتني به كافة الخلق يشتغل به اكثر الناس فيما يتعلق بكفايتهم وبينت وبين الحديث ان صدق التوكل على الله عز وجل وتفويض الامر اليه باعتماد القلب عليه يدرك به الانسان المطلوب ولكن هذا لا يعني ان الرزق سيأتي فقط باعتماد القلب دون عمل لان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في شأن الطعير تفويض الامر بقلوبها الى الله عز وجل وبذل السبب وهو الغدو والرواح فليس الشأن ان يجلس الانسان في بيته ويقول انا متوكل على الله في تحصيل مطلوبي بل لا بد من اخذ الاسباب وبذل ما تحصل به النتائج. ولهذا مثل النبي صلى الله عليه وسلم بالطير في امرين في تفويض قلوبها في طلب رزق الرزق وفي عملها وكدها وكلاهما مطلوب من المتوكل. فانه ليس من التوكل ان يترك الانسان الاسباب ولو ترك الاسباب لكان نقصا في العقل وترك التوكل نقص في الدين. والكمال في ان يجمع بين عمل القلب وعمل البدن. عمل القلب بتفويض الامر الى الله اعتماد عليه وعمل البدن بالبذل واخذ الاسباب الموصلة الى النتائج ومن يتوكل على الله فهو حسبه اي كافيه ولذلك جعل الله تعالى سبيل تحصيل الرزق التوكل وفي الاية جعل سبيل تحصيل الرزق التقوى والتوكل من التقوى. قال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب. ثم قال ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وهذه الاية جمعت ما يحصل به كفاية الانسان في رزقه وكفاية الانسان في مطلوبه سلامة من المرهوب وتحصيلا للمطلوب فينبغي للانسان يفوض الامر الى الله عز وجل. وحقيقة التوكل ان تقطع الرجاء من الخلق لا تعلق قلبك باحد ولا تظن ان احدا من الخلق يوصل اليك شيئا من قبل نفسه انما هي وسائل واسباب اذا شاء الله انتجت وبلغت واذا شاء الله لم تنتج ولم تبلغ وبالتالي علق قلبك بالله وفوض الامر اليه فهو نعم المولى ونعم النصير حسبنا الله ونعم الوكيل. وصلى الله وسلم على نبينا محمد