واشهد ان محمدا عبده ورسوله ومن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنته وارتفع اثره باحسان الى يوم الدين اما بعد فان اعظم ما في الصلاة من الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الاعمال ذكر الله جل وعلا ولهذا قال سبحانه وتعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ثم قال ولذكر الله اكبر فذكر الله عز وجل اعظم ما في الصلاة من المنافع والفوائد واعظم ما في الصلاة من الاعمال وذلك ان الصلاة انما شرعت لاقامة ذكر الله ولذلك قال الله تعالى واقم الصلاة لذكري وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره بالذكر الذي هو ضد الغفلة وكذلك مما تفسر به الاية اقم الصلاة لاجل ان تذكرني فان الصلاة مقصودها ذكر الله عز وجل ولهذا جدير بالمؤمن ان يعتني هذا المقصد العظيم من مقاصد الصلاة في صلواته وان يتنبه اليه فان صلاة المنافق يقل فيها الذكر وان كان فيها حركة من قيام وقعود وركوع وسجود. لكنه لا يذكر الله تعالى فيها الا قليلا كما قال الله تعالى في صفة صلاة المنافقين وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم اخلال المنافق بالصلاة في مبناها وصورتها وفي مضمونها ومعناها فقال في صلاة المنافق يرقب الشمس حتى اذا كانت بين قرني شيطان يعني قاربت الغروب والمقصود بالصلاة هنا صلاة العصر قام فركع قام فنقرها اربعا لا يذكر الله الا قليلا فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاخلال بهذين الامرين الاخلال اولا بصفة الصلاة واعمالها وذلك بالنقر والثاني الاخلال بمعناها ومقصودها وهو الذكر فقال صلى الله عليه وسلم لا يذكر الله الا قليلا الا قليلا. اي الا ذكرا قليلا لا يأتي المقصود من هذه الصلاة فان الصلاة مقصودها الاعظم ذكر الله جل وعلا وحمده والثناء عليه ودعاؤه والاقبال عليه جل وعلا بالتقديس والتمجيد والتحميد ولهذا من من الظروري ان يأتي ان يعتني المؤمن بذكر الله عز وجل في صلواته. وان يفتش عن ذكر الله عز وجل في صلاته بتحري ذكر الله فيها فلا يشرع ان يصمت او ان يسكت في الصلاة ولذلك السكوت في الصلاة ليس عبادة ولا قربة الا ان يكون انصاتا لقراءة الامام واما ما عدا هذا فانه لا يشرع له ان يسكت فاذا فرغ من قراءة شيء شرع في قراءة غيره واذا فرغ من ذكر شغل نفسه بذكر اخر وان من المهمات التي يغفل عنها كثير من الناس الاعتناء بمعاني الاذكار في الصلوات وهذا شائع غالب على كثير من المصلين وهو من اكبر اسباب غياب الخشوع في الصلاة ان كثيرا من المصلين لا يعتني بالاذكار. ولا يلتفت الى معانيها فتجده يقولها اما الفا وعادة دون وقوف على معانيها واما غفلة من الاصل عن ان هذه الكلمات لها معاني ينبغي ان يستحضرها المصلي وان يعتني بها وكلما ازداد المؤمن عناية بمعاني ما يقوله في صلاته من قراءة القرآن وسائل الاذكار كان ذلك موجبا لحظور قلبه كان ذلك موجبا لخشوعه كان ذلك موجبا لزيادة الفضل والعطاء والاجر من الله عز وجل فالذي يقول هذه الاذكار مستحظرا ما فيها من المعاني الذي يقرأ هذه الايات مستحظرا ما فيها من المعاني بالتأكيد ان وثوابه اعظم من ذاك الذي يقولها على نحو من الغفلة عن المعاني لا يعقل ما يقول فلذلك اوصي نفسي واخواني بالعناية بمعاني ما نقرأه او ما نسمعه او ما نقوله في صلواتنا من القرآن ومن الاذكار ومن الادعية فان نصيبك من صلاتك بقدر حضور قلبك وليس حضور القلب الا بتدبر ووعي ما يكون في الصلاة من اذكار وتلاوات او سماع ذكر الله عز وجل سمعي كلامه فليعتني المؤمن بهذا المعنى وليكن على حرص بالغ في ان يتفهم هذه الكلمات المباركات التي يقولها في صلاته فان معانيها جليلة واثارها لمن عقل لمن عقلها وتدبرها عظيما والاجور المرتبة على الاذكار انما تكون لمن وعى معناها واعتبر بما فيها ومن ذلك التشهد الذي يقوله الانسان في صلاته فما من مصل الا ويقول في صلاته التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام عليكم علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله تجري هذه الكلمات على السنتنا في كل صلواتنا لكن من منا يتدبر ويقف عند هذه الكلمات ليفهم معناها؟ ما معنى التحيات؟ الصلوات الطيبات هذا هذا الكلام الذي يقوله في اثناء صلاته ما معناها هل هي كلمات فقط مصفوفة تقال دون وعي لمعناها؟ الجواب بالتأكيد لا فان الشريعة لم تأتي بالكلام مصفوفا دون معنى. بل هو عليكم السلام. بل هي كلمات لها معان ولها مظامين ينبغي ان يعتني بها المؤمن وان ينشط في فهمها حتى يدرك ما فيها من خيرات ويدرك ما فيها من فضائل نقرأ التحيات التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه نستكمل ما كنا قد شرعنا فيه من بيان معانيه فاسأل الله عز وجل ان يرزقني واياكم العلم النافع والعمل الصالح ويجيب على الاسئلة في اخر المجلس ان شاء الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين قال الامام الحافظ ابن حجر رحمه الله وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال التفت الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذا صلى احدكم فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ثم ليتخير من الدعاء اعجبه اليه فيدعو. متفق عليه واللفظ للبخاري وللنسائي كنا نقول قبل ان يفرض علينا التشهد. ولاحمد ان النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد وامره ان يعلمه الناس. ولمسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله الى اخره هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في بيان صفة التشهد والتشهد اسم لما يقوله المصلي بعد جلوسه بعد رفعه من السجدة الثانية في الركعة الثانية وكذلك في اخر صلاته وسمي التشهد بهذا لتظمنه الشهادتين اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله وكل هذه الكلمات المباركات في التشهد هي من ذكر الله عز وجل وسؤاله الخير والفضل وقد افتتح النبي صلى الله عليه وسلم التشهد الذي علمه اصحابه بتمجيد الله تعالى وتقديسه وتعظيمه فقد جاء في الحديث الذي استمعنا اليه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال التفت الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذا صلى احدكم اي اذا صلى صلاة مفروضة او متنفل بها فيشمل صلاة الفرائض والنوافل فليقل فامر النبي صلى الله عليه وسلم ان يقول ذلك وهو ومعلوم ان ذلك القول يكون في التشهد فان موضع هذه الكلمات في قعود المصلي بعد الركعتين وفي اخر صلاته فان التشهد يقال في موضعين في الركعتين وفي ختم صلاته في الركعتين في الصلوات التي فيها اكثر من ركعتين كصلاة المغرب والعشاء الظهر والعصر وكذلك في الركعتين كما في صلاة الفجر وسائر صلاة النافلة فليقل التحيات لله والصلوات والطيبات هذه ثلاث جمل كلها مما يندرج في تقديس الله تعالى وتمجيده وتحميده والثناء عليه سبحانه وبحمده فقوله التحيات لله التحيات جمع تحية والمقصود بها هنا كل قول حسن ومعنى الجميل يحيا به الناس فان الله احق به وهو لله عز وجل وقيل التحيات بمعنى الملك وقيل البقاء وقيل السلام وكل هذا لا يتنافى مع المعنى العام من ان التحيات هي كل قول طيب يحيا به فانه ثابت لله عز وجل كل قول طيب يحيا به فانه ثابت لله عز وجل هذا معنى التحيات لله اي كل الاقوال الطيبة التي يحيا بها. وكل المعاني الفاضلة من تبأ ثبوت الملك والبقاء والسلام ثابتة لله عز وجل وهي حق له جل في علاه وقوله والصلوات جمع صلاة وهي الصلوات المفروضة والمتنفل بها. وقيل الصلوات الادعية وقيل الصلوات العبادات وهذا كله صحيح فسواء فسرت الصلوات بالعبادات او الصلوات بالادعية او الصلوات بالصلوات المفروضة المكتوبة والصلوات المتطوع بها المستحبة كل هذا معنى صحيح يصلح ان يفسر به قوله صلى الله عليه وسلم والصلوات. وقوله والطيبات الطيبات جمع طيبة سواء كان الطيب في القول او في الفعل. فالطيبات اي كل طيبة من قول او فعل فهي لله جل وعلا فالله طيب لا يقبل الا طيبا. سبحانه وبحمده هذه الجمل الثلاثة تقديس وتمجيد وتحميد لله عز وجل. ثم بعد ذلك ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الذكر الذي علمه اصحابه الدعاء بالسلامة فقال السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليك دعاء بالسلامة والرحمة والبركة. وبدأ بالدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم لانه واعظم خلق حقا على الخلق فلذلك قدم الدعاء له. فلذلك قدم الدعاء له على الدعاء على غيره والدعاء بالسلامة هو سؤال الله عز وجل ان يسلم رسوله من كل افة في نفسه واهله ودينك وامته فان ذلك كله مما يسلم الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا وفي الاخرة والسلام يقال تحية ويقال دعاء ولذلك تحيي غيرك بقولك السلام عليك وهي تحية مظمنة الدعاء فلذلك السلام تحية ودعاء. فبعد ان حي الله عز وجل بالتحية اللائقة به حيث قال التحيات لله جاء بتحية اشرف الخلق وهو النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته ثم بعد ذلك حيا نفسه بالسلام عليها ومن معه. السلام علينا اي على نفسه ومن معه من المسلمين والمؤمنين من الملائكة والبشر والجن فهو سلام على كل من حضر ابتداء بنفسه ويدخل فيه كل من حضره من الملائكة الذين يشهدون صلاته ومن الجن الذين قد يشهدون صلاة ويكونون معا وعلى عباد الله الصالحين وهذا تعميم فان قوله وعلى عباد الله الصالحين سلام على كل عبد صالح في الارض او في السماء ولهذا جاء في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فاذا قال ذلك اي قال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اصاب كل عبد لله صالح في السماء والارض في السماء والارض وهذا سلام لكل من اتصف بهذا الوصف وهو وصف الصلاح والصلاح يتحقق بامرين يفوز الانسان بوصف العبد الصالح اذا حقق امرين الامر الاول ان يؤدي حق الله عز وجل ان يؤدي حق الله عز وجل. والامر الثاني ان يؤدي حق الخلق فمن قام بحق الله وحق خلقه كان صالحا وحق الله في توحيده ولزوم شرعه. وحق الخلق في اداء الامانات التي امر باداء الامانة اليه بادائها اليهم في قوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها وبهذا يتحقق للعبد وصف الصلاح والصلاح موجب لفضل عظيم وخير عميم في الدنيا والاخرة اعظم ذلك ان الصلاح سبب لولاية الله عز وجل. فالله عز وجل يتولى الصالحين وتوليه للصالحين هو محبته لهم والثاني نصرته لهم. فان الولاية تدور على هذين المعنيين. معنى المحبة والولاية ومن محبة الله للصالحين ان امر المصلين وشرع لهم ان يدعوا لعباد الله الصالحين ولهذا اوسع دعوة يصيب بها الانسان غيرة من الخير هي هذه الدعوة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المقام السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين