النوع الثاني فتنة الشهوات وهذه اخف من فتنة الشبهات وتتمثل في المعاصي التي تخل بالسلوك وتخل بالاخلاق والاعراض والامانة مثل اكل الربا والسرقة شرب الخمر والزنا هذه فتن فتن شهوات لان الانسان انما يأتيها بدافع الشهوة يدافع الشهوة تدفعه شهوته حبه للمال يدفعه لاخذ الربا يدفعه لاخذ الرشوة يدفعه للكذب والغش في المعاملة شهوة المال تدفعه لذلك وينسى الوعيد الوارد على من فعل هذه الافعال ويتبع شهوته يقع في الزنا يسرق المال لان شهوته بالمال وهكذا فهذه فتنة عظيمة الانسان المؤمن يقيد نفسه بقيد الشرع ولو كانت نفسه تشتهي شيئا والشرع يمنع من ذلك فانه يمنع نفسه ويقيدها بقيد الشرع يمنعها من الربا يمنعها من الرشوة يمنعها من السرقة والخيانة يمنعها من اكل اموال الناس بالباطل يمنعها من الكذب يمنعها من الغش يمنعها من جميع ما يخل بالاخلاق لان هذه الاشياء تهلك النفس واذا اطلق الانسان لنفسه العنان فيها فقد ظلمها. ظلم نفسه لان نفسه امانة رعية تحت يده فيجب عليه ان يحفظها وان يقيدها بقيد الشرع ولو كانت تريد المعاصي وتريد الشهوات فانه يمنعها من ذلك فاما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى نهى نفسه عن الهوى فاما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. جمع بين الامرين خوف الله عز وجل ومنع نفسه من الهوى فهذا تكون الجنة مأواه واما من اتبع نفسه هواها فهذا يكون مصيره الى النار. بحسب عمله اما مصيرا مؤبدا للكافر والمشرك او مصيرا الله اعلم بمداه. لكنه لا خلد اذا كان من عصاة المؤمنين والموحدين فان الجحيم هي المأوى ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها افلح من زكى نفسه زكاها يعني طهرها طهرها من الذنوب والمعاصي. لان الذنوب والمعاصي دنس فالمؤمن يزكي نفسه يعني يطهرها من الذنوب ومن المعاصي وهذا قد افلح وان كان في الظاهر انه اهان نفسه لانه ما اعطاها ما تشتهي ففي الظاهر انه اهانها ولكنه بالحقيقة قد اكرمها ومنعها مما يظرها وان كان فيه لذة عاجلة فانه ينظر الى العاقبة فمن حرصه على نفسه انه منعه من لذة عاجلة تعقبها حسرة دائمة هذا هو الذي زكى نفسه قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها يعني دنسها ودسها في التراب واعطاها ما تشتهي تنال لذة عاجلة تؤول الى عاقبة سيئة. فهذا لم ينظر في العواقب وخان نفسه حيث لم يعمل بمصلحتها وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الكيس يعني العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت دان نفسه يعني حاسبها في هذه الحياة الدنيا حاسبها واوقفها عند حدودها ولم يرخي لها العنان فيما تشتهي مما يضرها بل يحاسبها ويوقفها عند حدها. هذا هو العاقل والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الامانة يضيع الاعمال ويرتكب المحارم يتمنى انه يكون من اهل الجنة. بدون عمل لا يمنع نفسه من معصية ولا يلزمها بطاعة يعطيها الخطام والزمام ويتمنى انه يكون من اهل الجنة لا يكون هذا ابدا اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الاماني هذا عاجز وامنيته لن تتحقق لانه لم يعمل السبب الذي الذي يوصله الى الجنة. والجنة لا تدرك بالاماني وانما تدرك برحمة الله جل وعلا التي سببها الاعمال الصالحة سببها الاعمال الصالحة فهذه فتنة الشهوات والانسان مع نفسه في جهاد وجهاد النفس هو من اعظم انواع الجهاد الذي لا يجاهد نفسه لا يجاهد عدوه اذا عجزت تجاهد نفسك كيف تجاهد عدوك اما اذا قدرت على جهاد نفسك فانك تقدر على جهاد عدوك فلذلك جهاد النفس هو من اعظم الجهاد بل هو اصل اصل الجهاد لان النفس تحتاج الى مجاهدة لانها تتفلت الى الشهوات والى المعاصي والى المغريات والى الملذات فتحتاج الى جهاد تحتاج الى صبر واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا الذي يريد الجنة يمسك بزمام نفسه ويصبرها على طاعة الله ويصبرها عن معصية الله فهذا قد اخذ بالسبب الواقي باذن الله من الفتن. اما الذي يعطي نفسه ما تشتهي فهذا يجري وراء الفتن. كل ما ظهر فتنة بادر اليها لان نفسه تدفعه الى ذلك والله جل وعلا يقول ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربك