الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله. يقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يقول السائل احسن الله اليك ما حكم من ينكر السنة ويدعي انه لا يقبل الا ما كان في القرآن الكريم وكيف تكون مناقشته والرد عليه الحمد لله رب العالمين وبعد المتقرر عند العلماء ان السنة الصحيحة حجة. وقد دل على حجية السنة الصحيحة كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واجماع المسلمين. وهي الاصل الثاني من اصول التشريع بعد القرآن ان وقد اجمع المسلمون على الاحتجاج بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد ادخلوها في جملة عقائدهم كما فعل ذلك ابن تيمية وغيره ممن قبله وممن بعده فانهم جعلوا الاعتقاد بحجية السنة من جملة العقائد التي يجب ان تنطوي عليها قلوب اهل التوحيد والايمان. ولا يمكن للانسان ابدا ان يفهم الاسلام على وجه اذا لم يجعل السنة حجة فان القرآن فيه العام وتخصيصه في السنة وفيه المطلق وتقييده في السنة وفيه المجمل وبيانه في السنة فالسنة تدل على القرآن وتبين مجمله وتقيد مطلقه وتخصص عمومه وتعبر عنه بل وتأتي السنة احيانا بتشريعات جديدة ليست في كتاب الله عز وجل باعيانها. ولذلك قد تواترت الادلة في الاحتجاج بالسنة. فمن ذلك قول الله عز وجل في ايات كثيرة اطيعوا الله واطيعوا الرسول. وطاعة الرسول انما تكون في الاحتجاج بسنته. ومنها كذلك قول الله عز وجل وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. فقد امرنا الله عز وجل بطاعته والاخذ بما جاء به وبالانتهاء عما نهانا انهو؟ وهذا كله لا يكون اذا قلنا بان السنة ليست بحجة. وقد اخبرنا ربنا عز وجل في اول سورة ان ما يأتي به رسولنا صلى الله عليه وسلم ليس نطقا عن الهوى وانما هو وحي يوحى كما قال الله عز وجل وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى. واخبرنا ربنا عز وجل ان طاعة رسوله حقيقتها انها طاعة له عز وجل. فقال الله تبارك وتعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله. ومن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا. بل ان الله عز وجل قد علق الايمان على طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وقبول ما جاء به والتسليم لحكمه وعدم وجود شيء من الريب او الحرج في قبول ذلك. فقال الله عز وجل فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. وقال الله وعز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم وقد نفى الله عز وجل عن نبيه صلى الله عليه وسلم الكذب في اقاويله واحاديثه وما يأتي به من التشريع واخبر عز وجل ان هذه ان ما يأتي به انما هو وحي من عنده. وانه لو تجرأ محمد صلى الله عليه وسلم وقال بقول من عنده لاستحق العقوبة. وهذا في القرآن. قال الله عز وجل ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين قوله تبارك وتعالى في ايات كثيرة امرا. ومخبرا بان الهدى انما هو في طاعة رسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم كقوله عز وجل وان تطيعوه وان تطيعوه تهتدوا والايات في ذلك كثيرة. بل ان العلماء يقولون ان الحكمة اذا قرنت بالكتاب في مقام الانزال في القرآن فان انما يراد بها السنة فالسنة كانت تنزل على على النبي صلى الله عليه وسلم كما كان ينزل القرآن. وبرهان ذلك قول الله عز وجل وانزلنا اليك والمراد بالذكر اي السنة. لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون. وقال الله عز وجل انزل الله عليك الكتاب والحكمة. اما الكتاب فهو القرآن واما الحكمة فانها فانها السنة في اصح قولي اهل التفسير رحمهم الله تعالى والايات في هذا المعنى كثيرة جدا. وقد دلت السنة على ذلك ايضا يقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم بلغوا عني ولو اية. ويقول صلى الله عليه وسلم لا الفين احدا منكم على اريكته يأتيه الامر من امري فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال احللناه ومن حرام حرمناه وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا واني اوتيت القرآن ومثله معه. والمقصود بقوله ومثله مع اي السنة ويقول النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم نظر الله امرأ سمع مني مقالة فوعاها فاداها كما سمعها فرب مبلغ اوعى من سامع والادلة على ذلك كثيرة وقد حكى جمع كثير من اهل العلم الاجماع على ان سنة بل انك لو تأملت في كتاب الله عز وجل لوجدت انه فرض الصلوات ولكن لم يحدد اعداد ركعاتها فمن اين اخذنا ان الظهر اربع وان العشاء اربع وان المغرب ثلاث ركعات وان الفجر وان الفجر ركعتان ومن اين اخذنا ذلك؟ انما هو من تطبيق السنة. وكذلك صلاة الكسوف انما اخذناها من السنة بل ان الله عز وجل قد اوجب الزكاة في كتابه لكن هل حدد الله عز وجل الواجب في كل مال زكوي؟ الجواب لا وانما اخذنا ربع العشر في النقدين من السنة واخذنا شاة من اربعين شاة من السنة واخذنا العسر فيما سقيا بلا مؤنة ونصف العشر فيما سقي بالمؤنة من السنة. فلو اننا ابطلنا السنة لادى ذلك الى ابطال القرآن ضمنا. فالقرآن انما يعبر عن كثير من الشرائع مجملة. والسنة وتقيدها وتخصص عمومها وتبين شروطها واركانها وصفاتها ومستحباتها. فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين مجملات القرآن اما بقوله تارة واما بفعله تارة واما بقوله وفعله تارة اخرى ولذلك فالذي عليه اهل السنة ولذلك فالذي عليه اهل السنة والجماعة تكفير من انكر حجية السنة استقلالا بمعنى انها انه لا يجعلها دليلا من جملة الادلة التشريعية. ولكن من انكر بعض اجزاء السنة كمن ينكر دجاجة باحاديث الاحاد في العقائد او ينكر بعض الاحاديث لوجود ضعف عنده فهذا له كلام اخر لكن من قال ان السنة جملة وتفصيلا استقلالا بلا تفصيل. ليست بحجة ولا يجب الاخذ بها فهذا كافر خالع الرب الاسلام من عنقه بالكلية. بل ان الايمان بالسنة والاحتجاج بها من جملة مقتضيات شهادتنا ان محمدا رسول الله لان ذلك يتضمن طاعته فيما امر وتصديقه فيما اخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر والا يعبد الله الا بما شرع هذا كله لا يتأتى في قلب العبد ولا يقوم في فؤاده الا اذا كان مؤمنا بالسنة. فقد دل عليها كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. واجماع المسلمين القطعي الذي يكفر من خالفه بل والاعتبار الصحيح كما ذكرت لكم ذلك فالطائفة التي تنكر الاحتجاج بها لا موقع لها في دائرة الاسلام. فهي طائفة مرتدة كافرة لا حظ لها في الاسلام مطلقا. واذا قدر ولاة الامر على احد هؤلاء فالواجب عليهم ان يستتيبوه فان تاب ونزع عن هذا الاعتقاد واعترف بالاحتجاج بالسنة وانها من جملة ادلة التشريع. والا فالواجب قتله ردة لانه ارتكب ناقضا من نواقض الاسلام. اسأل الله عز وجل ان يهدي قلوبنا ان يثبت طائعنا وان يهدي ضالنا والله اعلم