يقول احسن الله اليكم من ينشر علما لا يستطيع العمل به لمرض او ضعف او عجز فهل يعتبر من الدلالة على الخير فله مثل اجر من يعمل به ام يكون كالحمار يوم القيامة يأمر بالمعروف من الصالحات ولا يعملها. فكيف نفرق بين الامرين احسن الله اليكم. الحمد لله رب العالمين وبعد. ينحل عندك ذلك الاشكال اذا عرفت ان العلم ليس كله من العلم الواجب تعلما او او عملا. وانما العلم ينقسم الى واجب والى غير واجب. فهناك من العلم ما يتعلق به صحة بشيء من العقائد او الشرائع فهذا هو الذي يجب تعلمه ويجب العمل به سواء اعلمته او لم تعلمه ولذلك احفظ هذه القاعدة وفقك الله. كل علم تتوقف عليه صحة العقيدة او صحة الشريعة. فانه من العلم الواجب. فاذا علمت غيرك فكيفية الصلاة ثم لم تصلي انت فانك اثم لا لانك علمته وانما لانك اهملت العمل الواجب لكن لو علمت غيرك كيفية الوتر ثم لم توتر انت فلا بأس عليك لان الوتر اصلا ليس واجبا تطبيقه. فلك اجر التعليم ولك اجر من طبق ما علمته ان تقوم الساعة لكن لا اثم عليك انت اذا لم توتر. اذا لم توتر لماذا؟ لان الوتر ليس بواجب اصلا. فاذا علم الانسان غيره علما واجبا ثم هو لم يعمل به فهو مذموم لا لانه علم. وانما لانه لم يعمل. ولذلك قال الله عز وجل اتأمرون الناس بالبر انفسكم فهو لم ينكر عليهم انهم امروا الناس بالبر. وانما انكر عليهم انهم ايش؟ نسوا انفسهم. وكذلك الحديث البراء كنت امركم بالمعروف ولا اتيه وانهاكم عن المنكر واتيه. فليس عذابه لانه امر بالمعروف ونهى عن المنكر. وانما عذاب انه ترك العمل بالمعروف الواجب وتقحم في المنكر المحرم. افهمت هذا؟ لو انك علمت غيرك مثلا سنة قيام الليل وذكرت لهم الاحاديث وانت لم تقم في حياتك الليلة ولا مرة واحدة فهل تكون كالحمار يحمل اسفارا؟ الجواب لا لانك لم تترك علما يجب العمل به ولك اجر من علمته واذا قام الليل هو فلك اجر قيام الليل. لان من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها ومن دعا الى هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه. فلا بد ان تفرق بين نوع العلم الذي تعلمه غيرك فان علمته علما يجب العمل به واهملت انت العمل فانت مذموم لا لانك علمته وانما لانك اهملت العمل بالعلم الواجب العمل العمل به. واما اذا علمت غيرك علما لا يجب العمل به. اي علما آآ يتضمن امرا مندوبا مستحبا. يثاب فاعله امتثالا ولا يستحق العقاب تاركه فهذا وان لم تعمل به عمرك كله. فان لك اجر التعليم وليس عليك اثم لانك لم تترك شيئا واجبا ولعلك فرقت. فاذا قول الله عز وجل اتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم لا يدخل فيه كل علم وانما تدخل فيه العلم الذي يجب على الانسان ان يتعلمه. اذ تركه هو الذي يوجب الذم. واما ترك المندوبات فانه لا يوجب للانسان الذم وكذلك قوله كنت امركم بالمعروف ولا اتيه ليس كل معروف وانما هو وانما يخص ذلك المعروف الذي يجب على الانسان العمل يجب على الانسان العمل به. ولعلك فرقت بين هذا وهذا. ولذلك كل دليل يذم تارك العمل كل دليل يذم ترك العمل فانما يدخل فيه ترك العمل الواجب. واما المندوب فانه لا يذم تاركه. اذ ان تركه لا يتعلق به عقاب. والله اعلم