يقول السائل احسن الله اليكم ان هناك من يقول بان العبادة لا تكون عبادة الا اذا قرنت باعتقاد الربوبية ثم ذكر عليها مثال احسن الله اليك في من يتذلل لوالديه او نحو ذلك ختمها باستشهاده بان دعاء الموتى لا يكون شركا الا اذا الا اذا كان يقصد به تذللا لهم او وجاء ما عندهم. اما مجرد دعائهم فقط فلا يكون عبادة. احسن الله اليك الحمد لله رب العالمين وبعد. لقد عجز الداعون للاموات والمنزلون حاجاتهم بفناء قبور ان يجدوا دليلا يدل على مشروعية فعله فصاروا يتمسكون بالاوهام والخيالات التي يظنونها ادلة على فعلهم لان صواعق القرآن والسنة واجماع المسلمين قد وقف في وجوههم وصار حشرجا في صدورهم فلم يستطيعوا التخلص منها. وذلك لان دعاء الاموات وازال الحاجات بهم ودعائهم والاستغاثة بهم وطلب المدد في تفريج الكربات وتيسير المدلهمات قد دل على كونه شركا كتاب الله عز وجل. وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم واجماع اهل الاسلام فسرق هؤلاء بمثل هذه الصواعق القرآنية النبوية. فصاروا يتمسكون بمثل هذه الاوهام والخيالات من ان من دعا ميتا فلا يعتبره فلا يعتبر قد اتخذه ربا ولا بأس بدعاء الاموات اذا لم يصحب دعاءه شيء من التذلل والخضوع وهذا والله اوهى من خيط العنكبوت. ولا يعتبر دليلا في ذاته. فضلا عن كونه من الاوهام والخيالات والدجل وغش الناس في دينهم ومن باب التلبيس والتخييل على الناس ما لا دليل يسنده ولا برهان يعضده. اين انت من قول الله عز وجل ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. اين انت من قول الله عز وجل وان لله فلا تدعو مع الله احدا. اين انت من قول الله عز وجل والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ان تدعوهم لا يسمعوا دعائكم. ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير. اين انت من قول النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء والعبادة والادلة في ذلك كثيرة جدا تبين حكم هذه المسألة بيانا محكما يقينيا شافيا قطعيا ايا كافيا، ثم نتعامى عن هذه الادلة المحكمة القطعية اليقينية الى مثل هذه الخيالات التي اوردها صاحب السؤال في سؤاله نقلا او ابتداء فهذا والله من الهوى ومن الشهوات ومن تحكيم الشهوات والهوى في دين الله عز وجل. انما ذلك يدخل في قول الله عز وجل ارأيت من اتخذ هواه واضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن من بعد الله ويدخل في قول الله عز وجل لم يرد الله ان يطهر قلوبهم. فما تمسكتم به في هذا في السؤال ليس دليلا يدل على نسف هذه المحكمات القطعيات. وانما هو من باب التمسك بالمتشابهات على سبيل في المحكمات وهو طريق اهل الزيغ كما بينه الله عز وجل في قوله هو الذي انزل عليك الكتاب الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله الاية بتمامها. فهذه طريقة اهل الزيغ في ترك الادلة المحكمة القطعية والتمسك الادلة المتشابهة المحتملة ثم اضف الى هذا وفقك الله ان الانسان اذا ترك دعاء الله عز وجل ثم اقبل على المقبرة بقظه وقضيظه ووقف عند قبر هذا الميت الذي يعظمه ثم انزل حاجته به. هل يمكن ان يتصور ان يفعل هذا فمن لا يعتقد ان هذا الميت بيده النفع والضر وبيده الرزق ابتداء او وساطة هل يمكن ان يصدر هذا الفعل من انسان لا يعتقد في الميت شيئا ولا يصحب فعله هذا تذلل وتعظيم واجلال لهذا الميت انما هو والكذب والتذجيل على الناس فليس هناك من يتوجه للاموات بالدعاء الا وقد عمر قلبه بتعظيم الميت والتذلل له وانه يعتقد ان له تصرفا خفيا في هذا الكون في الرزق والسعة وتفريج الكربة وغير ذلك. فقولك بان لان الناس اذا دعوا الاموات ولم يتذللوا لهم فان هذا لا بأس به هذا كذب. بناء كذب على كذب بل لا يدعو الانسان هذا الميت الا ولابد ان يتذلل له. اولا ترى الرافضة يزحفون على بطونهم سجد الركعا قبل ان يصلوا الى قبر الى قبر من من يعظمونه من الاموات؟ الا ترى ما يفعله الصوفية عند قبور معظميهم معظميهم من الاموات. كيف يخشعون ويعكفون ويتباكون ويطلبون ويسألون ويستنجدون اويمكن ان يصدر ذلك من انسان لم يتذلل للمسؤول لم يعظم هذا الميت فكفوا عن الكذب وكفوا عن التدجيل والتلبيس لان هذا من التلبيس الذي لو قبله الناس منكم لاخرجوا لاخرجتموهم من دائرة الاسلام الى دائرة الكفر والوثنية. فاتقوا الله في انفسكم والله اعلم