قل احسن الله اليكم هناك مشكلة تواجهني في المسائل الخلافية بين اهل العلم. يقول وقد درست قدرا من العلوم الشرعية ولله الحمد. ولكن عند ذكري خلافية احيانا لا اتفق مع شيخي في الفتوى وارى الدليل المخالف اقوى. فعندما يسألني احد العوام على شيء معين عن شيء معين اعلم ان فيه خلاف بين كبار اهل العلم لا اعلم هل اجيبه بكلام شيخي؟ ام ما اميل اليه؟ الحمد لله رب العالمين وبعد الانسان في مسألة الفتوى اذا كان متأهلا لها وراسخا في معرفة قواعد الاستنباط التي تفيده معرفة الحق من الباطل والراجح من المرجوح. لا يجوز له ان يفتي غيره الا بما يدين الله عز وجل به راجحا الا اذا كان انتقاله عن راجحه الى مرجوح غيره هو الذي يقتضيه فقه العلم فان المتقرظ في القواعد ان كل شيء يقتضي فقه العلم تركه من العلم فالمشروع تركه. فمسألة الفتيا لا بد ان نطبق عليها تلك العظيمة التي تنص على ان الدين مبني على جلب المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فليس الافتاء مبنيا على معرفتك للحكم الشرعي او عدم معرفته فقط. بل لابد ان تتجاوز ذلك الى هل المصلحة ان تفتي الناس بقولك الراجح الان؟ ام انك تفتيهم بقول شيخك المرجوح؟ فان المرجوح قد يكون راجحا لانه يقتضي تحقيق مصلحة خالصة او راجحة. وقد يكون القول الراجح في بعض الظروف والملابسات او الاحوال هو القول المرجوح لعدم ملائمته للزمان او المكان او الحال. فليس كل راجح يبقى راجحا الى يوم القيامة وليس كل يبقى مرجوحا الى يوم القيامة. فاحيانا ينقلب الفاضل مفضولا او المفضول فاضلا على حسب اقتضاء المصلحة الخالصة او الراجحة او اندفاع المفسدة الخالصة او الراجحة. وذلك لانني رأيتك وفقك الله تعلق افتاء غيرك على انك عرفت الحكم بدليله وهذا لا يكفي. عود نفسك دائما في مسائل الفتية على ان تتجاوز قضية العلم الى فقه العلم. فاذا كانت المصلحة الراجحة او الخالصة انك تفتي الناس بقولك الذي توصلت اليه حسب النظر والاستدلال فلا بأس. هذا هو الاصل. واما اذا كان قولك الذي تفتي به لا تقتضي المصلحة ان تفتي به الان في هذا الزمان المعين او المكان المعين او الحالة الراهنة فان المشروع في حقك ان تفتي بقول شيخك الذي تراه انت مرجوحا لكن اقترانه بالمصلحة في هذا الزمان او المكان او في الحال جعله راجحا وانا اضرب لك يا اخي مثالين او ثلاثة حتى يتضح لك كلامي هذا. وهي ان الفتيات تفرع على فقه العلم لا على مجرد معرفة المعلومة فقط. وكذلك التعليم وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. كل ذلك لا بد وان يفرع على ما يسمى بفقه العلم وليس على مجرد العلم فقط. المثال الاول كالمثال الاول. لو ان الانسان مثلا يرى ان المرأة لا يجب عليها ستر وجهها. فاجتهاده الخاص اوصله الى ان المرأة لا يجب عليها ستر وجهها وانما هو يجيز في خاصة اجتهاد نفسه وحسب نظره واجتهاده ان المرأة يجوز لها كشف وجهها لكنه نشأ في بلدة جرت الفتي فيها من علمائها الكبار بان تغطية الوجه من واجبات واستقر امر النساء في هذا البلد على ذلك. فاذا سئل عن مثل هذه المسألة فليس من العقل ولا من الحكمة ولا من الحصافة ان يخل بامر الناس وانما يفتي بما يفتي به علماؤه. وان يرد الناس الى قول علمائهم لا سيما وانها مسألة لا تعلق يعني بشيء كبير في يفضي ستره الى فساد الدين او الدنيا. فلو انه كتم ذلك في نفسه وافتى بما يقوله علماؤه من باب بقاء امر الناس مستقرا على حجاب المرأة كاملا فهذا طيب جدا اي ما احسان لنفسه وللناس. فهمت هذا؟ لان المصلحة لا تقتضي الان ان تخرج قولك فيضطرب امر الناس ويكثر القيل والقال والنزاع وقد يكون سببا لتجرؤ كثير من النساء على ان تبدي غير وجهها لعل هذا واظح واظرب لك مثالا اخر لو استقر امر الفتيا في في المناسك استقر امر الفتيا في المناسك انه اذا فعل الانسان هذا الامر المحرم شرعا ان عليه دما يذبحه ويوزعه في على فقراء مكة. وانت ترى في خاصة في نفسك انه لا دم فحينئذ من الحكمة والعقل والحصافة ان تبقي امر الناس على ما يفتي به علماؤهم وعلى ما استقر الافتاء به في هذه في هذا المنسك. وان كنت ترى انك في خاصة نفسك لو وقعت لم تغرق دما. لكن هذه تكون فتية خاصة لك ولعلك فهمت والامثلة على ذلك كثيرة وفقك الله. فلا ينبغي للانسان ان يتفجم بفتياه الا بعد ان في مآلاتها ومصالحها ومفاسد الافتاء بها. فاذا كانت فتياك تتضمن المصلحة الخالصة او الراجحة او اندفاع المفسدة الخالصة او الراجحة فافت بها وفقك الله حتى وان كانت على خلاف ما افتى به شيخك. فانت ستسأل يوم قيامة ماذا اجبتم المرسلين؟ ليس ماذا اجبت شيخك او فلانا او فلانا؟ واقوال المشائخ يستدل لها لا بها وكل يؤخذ قوله ويردئ الا قول السارع. فليست القضية التي اريد التنبيه عليها هي قضية المخالفة من عدمها. وانما قضية ما يقف وراء هذه الفتية من المآلات. فان الفتية لابد وان تفرع على امر زائد على مجرد معرفة الحكم الشرعي وهي ان تكون المصلحة في الافتاء بها. والله اعلم