كان له اصحاب وهكذا العالم الداعي لا بد ان يتأثر به الناس. ومع ذلك كان مربيا حتى في امامته وصحبته. رآهم مرة يتبعونه. ورأى العدد كثر رضي الله عنه. فقال قال لهم كلمته التي هي فاتحة الكلمات التي سنتدبر فيها من كلمات ابن مسعود. قال رضي الله عنه لهم لو تعلمون ذنوبي ما وطأ عقبي اثنان لو تعلمون ذنوبي ما وطأ عقب اثنان ولحثيتم التراب على رأسي. ولوددت ان الله غفر لي ذنبا من ذنوبي. واني دعيت عبد الله ابن روثة اخرجه الحاكم وغيره. يقول لاصحابه لو تعلمون ذنوبي ما وطأ عقبي اثنان. وفي رواية اخرى قال لو تعلمون يقسم ويقول والله الذي لا اله غيره لو تعلمون علمي التراب على رأسه. وهذه الكلمات مدرسة. ولا شك. لان البروز في الناس متوقع. اذا تميز احد للناس بشيء ربما عظموه. وربما مدحوه وربما تتابعوا خلفه يمشون. والمرء كلما ازداد علمه بالله جل وعلا علم ان ذنوبه كثيرة كثيرة كثيرة. ولا عجب ان اوصى النبي صلى ان اوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابا بكر. وهو افضل هذه الامة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الصديق الذي قائل النبي عليه الصلاة والسلام لو وزن ايمان ابي بكر بايمان الامة لرجح ايمان ابي بكر علمه النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعو اخر صلاة بدعاء فيقول فيه فيقول فيه ربي اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. ولا الذنوب الا انت. القائل الموصي النبي صلى الله عليه وسلم. والموصى ابو بكر الصديق رضي الله عنه ربي اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت. فاغفر لي مغفرة من عندك. كلما ازداد علم المرء بربه خشي الله جل وعلا وخشي ان يطأ عقبه اثنان. خشي ان يعظم في الخلق. خشي ان يرفع في الناس. لانه يعلم من الله جل وعلا ومما يستحقه الله جل وعلا ما يوقن بانه لن يبلغ ان يوفي الله جل وعلا حقه فيكون مقصرا في الشكر وذلك ذنب من الذنوب قال ابن مسعود لو تعلمون ذنوبي ما وطأ عقبي اثنان يشتهر الناس فمنهم القارئ للقرآن وان يشتهر بحسن قراءته. وبحسن صوته فيجتمع عليه الناس. منهم العالم يشتهر بعلمه وبفتواه وبصلاحه وبورعه فيجتمع عليه الناس ومنهم الداعية يشتهر ببذله للناس ويجتمعون حوله بما هداهم الله جل وعلا به الى الحق. ويشتهر من يؤدي الامانة. ويشتهر من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هكذا ومقام الشهرة مقام مذلة عظيمة. لهذا ابن مسعود اوصى وصية على نفسه يبين فيها حالة ويبين فيها ما يجب ان يكون عليه. كل من كان له تبع. فيقول لو تعلمون ذنوبي ما وطأ عقبي اثنان ولحسيتم التراب على رأسي. لابد في من كان على شهرة او كان ممن ينظر اليه الناس ان يحتقر نفسه دائما بينهم ويظهر ذلك لا ليرتفع بينهم ولكن ليرتفع عند الله جل وعلا. ومدار ذلك الاخلاص فان من الناس من ربما يزدري نفسه امام الناس ليظهر بينهم وهذا من الشيطان ومنهم من يزدري نفسه بين الناس والله جل وعلا مطلع على قلبه انه صادق في ذلك. يخشى الله جل وعلا يخشى يوم يوفى ما في الصدور يوم يطلع على ما في القلوب ولا تخفى على الله خافية ولا يكتمون الله حديثا. هذه عبرة من العبر يتنبه لها كل يتنبه لها كل تابع وكل متبوع وكل متبوع. اما التابع فينتبه الى ان هذا المتبوع يجب الا يعظم وانما يستفاد منه بما يبلغ عن الله جل وعلا او بما ينفع به الخلق. واما التعظيم فانما هو الله جل وعلا ثم لرسوله صلى الله عليه وسلم. واما باقي الخلق فلهم اذا صلحوا فلهم المحبة في النفس وينبغي على من اشتهر ان يكون دائما خاشعا ذليلا ذاكرا ذنوبه. ذاكرا مقامه بين يدي الله ذاكر انه ليس باهل ان يطأ عقبه اثنان وان يتبعه اثنان. ولهذا لما مدح ابو بكر الصديق رضي الله عنه. بين الناس وخطب بعد ذلك صح عنه فيما رواه احمد وغيره انه قال رضي الله عنه اللهم اجعلني طولها علنا يقول اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون. ينبه الناس ان عنده ذنوب. حتى لا يغلو الناس فيه. فهل يستقيم هذا مع ما نرى من احوال يزيد فيها المعظم تعظيما لنفسه ويزيد فيها المعظم تعظيما لمن واتبعه ليس هذا من هدي الصحابة رضي الله عنهم عمر رضي الله عنه ربما اعجبته نفسه هو خليفة وهو الذي بعد ابي بكر رضي الله عنه في التبشير بالجنة فاخذ يحمل الشيء في السوق على رأسه ليزدري نفسه حتى لا تتعاظم نفسه. ومن ابواب الخطايا العجب والتعامل ان يرى المرء نفسه معظما. كان من السلف الصالح من اذا اتى ليلقي شيئا فرأى الناس اجتمعوا تركهم. لم؟ لان صلاح نفسه الزم عليه من صلاح الناس. لما رأى هذا الجمع اجتمعوا ورأى ان نفسه بدأت تعالجه في ان هؤلاء حضروا وهؤلاء انصتوا وهؤلاء فعلوا واقبلوا عليه عالج نفسه بتركهم. سيقولون عنه ما يقولون. لكن اهم الامر ان يكون صالحا قلبه في ما بينه وبين ربه وصلاح قلبك اهم من صلاح قلب غيرك. فينبغي عند ذاك مجاهدة النفس في هذا المقام اذا فهذه الوصية من ابن مسعود حيث يقول والله الذي لا اله الا هو لو تعلمون علمي لحذيتم التراب على رأسي هذه نرجو ان يتذكرها كل من كان له بعظ شهرة بين الخلق. معلم او او قارئ او امر ناهي او مسؤول في جهة او امير او ملك الى اخره من اصوات الناس ينبغي ان يكون مزدريا لنفسه حتى لا يتعاظم قلبه عليه فيخسر في الدنيا والاخرة. هذه وصية وهي وصية بليغة تحتها معان كثيرة. وفيما ذكرنا بشارات وتحت الاشارات عبارات وتدبر تجدان