الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تبارك وتعالى في هذه السورة الكريمة سورة البقرة ومن اظلموا ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم ومن اظلم اي لا احد اظلم فهذا استفهام مضمن معنى النفي لا احد اظلم من الذين منعوا مساجد الله ان يذكر فيها اسمه منعوا ذكر الله في المساجد من اقام الصلاة وتلاوة القرآن وما الى ذلك مما يدخل في الذكر مجالس الذكر بانواعها و جدوا في تخريبها بالهدم او الاغلاق او بمنع المصلين من دخولها اولئك الذين يفعلون هذا ما كان ينبغي لهم ان يدخلوا المساجد الا على خوف ووجل من العقوبة لهم بذلك خزي في الدنيا وصغار وفضيحة ولهم في الاخرة عذاب عظيم شديد قوله تبارك وتعالى ومن اظلموا يعني لا احد اظلم كما عرفنا وقد اوردنا سؤالا في هذا ونحوه في بعض المناسبات وهو ان الله تبارك وتعالى كما قال هنا ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه. يعني لا احد اظلم من المانع لمساجد لمساجد الله ان يذكر فيها اسمه واظلم هذه افعل تفضيل. يعني لا احد اكثر ظلما منه وفي موضع اخر يقول الله عز وجل ومن اظلم ممن ذكر بايات ربه ثم اعرض عنها فهذا لا احد اظلم ممن ذكر بايات الله عز وجل ثم حصل له الاعراب عنها في موضع ثالث ومن اظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى الى الاسلام. ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب باياته هذا لا احد اظلم منه فهذه الايات يرد فيها سؤال معروف اذا كان الله تبارك وتعالى يقول لا احد اظلم ممن منع مساجد الله في موضع اخر ممن ذكر باياته واعرض عنها وفي موضع ثالث ممن افترى عليه كذبا والعلماء يجيبون عن هذا بجوابين الاول ان تختص كل اية ببابها يعني لا يوجد تعارف بين ايات القرآن ففي المانعين لا احد اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه وفي المعرضين لا احد اظلم ممن ذكر بايات ربه ثم اعرض عنها وفي المفترين لا احد اظلم ممن افترى على الله كذبا هذا الجواب الاول كل واحدة في باب معين. وبعض اهل العلم يجيبون بجواب اخر وهو جواب ايضا وجيه وهو ان يقال بان افعل التفضيل لا تمنع الزيادة لا تمنع التساوي ولكنها تمنع الزيادة ان يزيد احد عليه فهؤلاء كلهم قد بلغوا في الظلم غايته فاذا قال لا احد اظلم ممن فعل كذا يمكن ان يقال في مناسبة اخرى ولا احد اظلم ممن فعل كذا في قضية اخرى فيكون كل هؤلاء قد بلغوا الغاية في الظلم فافعل لا تمنع لا تمنع التساوي ولكنها تمنع ان يزيد احد هؤلاء على الاخر ويمكن ان تقول في مناسبة فلان اشجع الناس بمناسبة اخرى تقول عن شخص اخر فلان اشجع الناس ليس هذا بتناقض ان كل واحد من هؤلاء قد بلغ في هذا الوصف غايته كذلك يمكن ان تقول فلان اكرم من رأيت وفي مناسبة اخرى تقول عن شخص اخر فلان اكرم من لقيت او من رأيت ولا يكون تناقضا فيكون ذلك باعتبار ان كل واحد منهما قد بلغ في الكرم الغاية هذان جوابان ويؤخذ من قوله تبارك وتعالى ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه. الظلم وضع الشيء في غير موضعه فكل من وضع شيئا في غير موضعه فقد ظلم. فالمساجد انما عمرت لاقامة ذكر الله تبارك وتعالى فاذا منعت من هذا المقصود من عمارتها فان ذلك يكون في غاية الظلم هذا بالاضافة الى ان ذلك المنع هو منع لطاعة الله وعبادته والتقرب اليه. فاذا منع حقه تبارك وتعالى من العبادة التي خير مواضعها المساجد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم احب البقاع الى الله مساجدها هذه المساجد هي افضل البقاع واحب البقاع الى الله تبارك وتعالى. ولما ذكر الله عز وجل في سورة النور نوره وهداه مثل نوره كمشكاة فيها مصباح. المصباح في زجاجة. الزجاجة كانها كوكب دري الى ان قال في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه. يعني مواضع هذه هذا الهدى مواضع هذا الهدى اين يوجد ما هي مظانه ما هي اولى المحال به؟ هي المساجد هذا الهدى اين تجده هل نجد هذا الهدى في الاسواق هل نجد هذا الهدى في الطرقات؟ هل نجد هذا الهدى في اين نجده؟ نجده في المساجد فهي مظنته ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه يؤخذ من هذه ان يذكر فيها اسمه لاحظ ان المشروع في الذكر ذكر الله تبارك وتعالى ان يكون باللسان باسمه تبارك وتعالى. تقل سبحان الله والحمدلله سبحي اسم ربك الاعلى سبحه ذاكرا اسمه اما الذكر كما يفعل بعض الصوفية بالضمير هو مثلا يرددونها هو يقولون هو يرددون هذا ويقولون ان هذا افضل الذكر فهذا خلاف ما دل عليه الكتاب والسنة وفعل السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم وانما يذكر تبارك وتعالى بذكر اسمائه لا بذكر الضمير لا تقول سبحان الله سبح اسم ربك الاعلى سبحه ذاكرا اسمه ويؤخذ من هذه ايضا الاستبعاد ومن اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر بها اسمه وسعى في خرابها. هذا يدل على استبعاد مثل هذا الصنيع مع الانكار ويؤخذ من اضافة المساجد الى الله مساجد الله يؤخذ من شرف هذه المساجد منزلة هذه المساجد اضافها اليه تبارك وتعالى فمن ثم فهي جديرة بالتطهير والتعظيم ولا ترفع فيها الاصوات ولا يكون فيها الصخب ولا يكون فيها البيع والشراء ولا يكون فيها التدنيس باي لون من الوان التدنيس. التدنيس الحسي او التدنيس المعنوي ومن التدنيس المعنوي ان توضع فيها القبور قبور الموتى فان هذا لا يجوز وهو من ذرائع الشرك من التدنيس المعنوي ان يدعى فيها غير الله عز وجل اي يدعى غير الله وان يكون الشرك بالله تبارك وتعالى في المساجد هذا من اعظم الاثم والاجرام فهو بخلاف ما بنيت له المساجد وما وضعت له هذه المساجد. المساجد بنيت لتعظيم الله اقامة ذكره وتوحيده فاذا وضعت لاقامة الشرك فهذا خلاف مقصود الشارع ويكون ذلك من تدنيسها هذا بالاضافة الى انه يؤخذ من هذا الموضع مساجد الله استواء الناس في الحق فيها هذي مساجد مساجد الله الله تبارك وتعالى لا يقول احد انا احق في هذا المسجد منك الحق فيه يستوي بين جميع الناس فهذه بيوت الله عز وجل ومن ثم فهذه المساجد التي هي بيوت الله وهي وقف لهذا الغرض لا يصح لاحد ان يتحجر فيها موضعا تحجر فيها موضع كان يضع له سجادة دائمة قل من جاء تحاشى هذا المكان او يضع كرسيا دائما في مكان معين يتحجر هذا الموضع لا يجوز هذا هذه مساجد الله. من سبق الى شيء فهو احق به هذه المواضع لا يجوز له ان يتحجر كرسيا من كراسي المسجد. يعني فرق لما يكون جاء بكرسي من بيته وكذلك المصاحف لا يجوز له ان يتحجر مصحفا منها الا ان يكون قد جاء به يملكه وبعض الناس قد يأخذ مصحفا يقرأ به لا يريد ان يغير احد الموضع الذي وصل اليه فيضع عليه خرقة ويضع المصحف في غلاف او يربط عليه رباط او نحو ذلك لئلا يقرأ فيه. هذا لا يجوز هذا نوع من الغصب ومثل هذا يقع لبعض الناس لربما الصف الاول او كثير او من وراء الامام او نحو ذلك يتحجر فرق بين انسان في المسجد فذهب يتوضأ او ذهب ليأكل او ذهب في اخر المسجد يستريح ويرجع الى مكانه فهذا له ان يضع شيئا لكن ان يذهب الى بيته ويضع المكان هذا لصلاة الفجر يضع السجادة او ان يظعها من صلاة الفجر ويرجع الى بيته وينام لصلاة الجمعة فيأتي قبل طلوع الخطيب على المنبر ويجلس خلف الامام فهذا لا يسوء بحال من الاحوال وقل مثل ذلك ايضا فيما يقع من هذا القبيل في الحرم ولربما يستأجر من يجلس في مكان يعطى مقابل اجرة من اجل ان يبقى هذا المكان محجوزا دائما لزيد او لعمرو. يعني يأتي شخص ويعطي انسانا اجرة له كل يوم ساعطيك كذا او كل شهر ساعطيك كذا كل يوم تأتي من بعد صلاة العصر وتضع هذا الفراش او هذه السجاد وتجلس في هذا المكان فاذا اتيت انا بعد المغرب اجلس بين المغرب والعشاء اجد المكان مهيئا والناس يأتون قبل ذلك ويأتون في اوقات مبكرة ولا يجدون مكانا يجلسون فيه او لا يجدون في هذا الموضع الذي قد يقصدونه لقربه من الامام او نحو ذلك فلا يجدون فيه موضعا والسبب ان هؤلاء هذا قد حجزه بهذه الطريقة وهذا حجزه وهم في بيوتهم فهذا لا يصح ولا يستأجر لهذا وكذلك ايضا لربما جاء الانسان وعمد الى مكان قد وضع فيه غيره ما يدل على انه لربما سبق اليه وذهب يتوضأ فيأتي انسان وينحيه ويجلس مكانه. هذا يعتبر في حكم الغصب وتقع اشياء من هذا القبيل ومزاولات لا يتفطن لها كثير من الناس. يأتي الانسان احيانا الى الحملة في منى على علمنا من الحرم وهي مناخ من سبق فاذا جاء الى المخيم وجد ان الناس قد سبقوه ولم يجد فراشا الا قريب من الباب فيستنكف من ذلك ويضيق به ذرعا ثم ينظر الى المكان فيجد موضعا عليه حقيبة قد سبقه اليه غيره. ولكن لا يوجد فيه احد. هذا الانسان اطمئن وضع حقيبته وذهب يعتمر فيأتي ويأخذ الحقيبة ويضعها على فراشه عند الباب ثم يأخذ حقيبته هو ويضعها في ذلك المكان الذي في موضع متوسط في هذا المخيم هذا لا يجوز. هذه بداية غير صحيحة في الحج هذا يعتبر من قبيل الغصب البداية مكان مغصوب وكثير من الناس لا يتفطن لهذا والله يقول فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. فهذا من المخالفات وكذلك هنا في قوله تبارك وتعالى ان يذكر فيها اسمه الفعل لاحظوا انه مبني للمجهول. يذكر فهذا يشمل الرجال والنساء الكبار والصغار فهذه المساجد مفتوحة للجميع وهنا ايضا يدل على كثرة الذاكرين فحذف الفاعل ما قال ان يذكره فلان او ان يذكره الرجال او يذكره المصلون فقط فان الذي يذكره المصلي في صلاته ويذكر في خارج في خارج الصلاة فجاء بالفعل مبنيا للمجهول. كذلك ايضا تقديم الجار والمجرور ان يذكر فيها اسمه ما قال ان يذكر اسمه فيها كما يكون نسق الكلام في الاصل في التقديم يدل على ماذا يدل ان يذكر فيها الكلام عن المساجد فذكر ما يتعلق بها من الضمير. ما قال ان يذكر اسمه فيها. يذكر فيها اسمه وكذلك المساجد مساجد الله مذكورة في اللفظ قبل اسم الله منع مساجد مساجد الله فاعاد في الضمير ما يرجع اليها الى المساجد اي يذكر فيها في المساجد يعني. اسمه الله مساجد الله جاءت مرتبة بهذه الطريقة فلما عاد عليها الضمير قال فيها اسمه ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها يعني السعي يدل على بذل جهد اجتهاد بي هذا الخراب. هذا الخراب سواء كان حسيا او كان خرابا معنويا الخراب الحسي في هدمها وتخريبها عدم السماح بترميمها من اجل انها تتهالك مع الزمن وتندثر والخراب المعنوي منع الذاكرين لله تبارك وتعالى من دخولها ومنع المصلين هذا يشمل كل انواع الذكر كما سبق. فالمساجد ينبغي ان تكون عامرة فعمارة المساجد تشمل هذا وهذا منع العمارة الحسية كما يفعل اليهود هذه الايام تشاهدون ماذا يجري في المسجد الاقصى ومن قبل كذلك يمنعون من ترميمه يبنون الانفاق تحته من اجل ان يبقى متهالكا متهاويا يترقبون سقوطه في اي لحظة ثم بعد ذلك يمنعون من صلاة الجمعة فيه او من صلاة التراويح او من بعض الصلوات او يريدون ان يكون بعض الايام لليهود وبعض للمسلمين او ان يكون في بعض الاوقات لليهود وبعض الاوقات للمسلمين وهؤلاء ليس عندهم الا التدنيس لبيوت الله جل جلاله وتقدست اسماؤه. فهذا من الخراب الحسي. ومن الخراب المعنوي منع ذكر الله عز وجل فيها مع ايضا في هذه الشواهد و الامثلة في لما قامت الثورة الشيوعية حولوا المساجد وبعض تلك المساجد لها اكثر من ثمانمائة سنة حولت الى ملاهي ومراقص ومتاحف بما يسمى بالجمهوريات الاسلامية منعوا الناس من الصلاة فيها وحولوها الى مثل هذه وهكذا مساجد التي كانت في الاندلس اين هي لا زالت قائمة وشاهدة لكن تحولت الى شيء اخر تحولت الى متاحف تحولت الى كنائس ويؤخذ من الاية اذا كان هذا الوعيد لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم هؤلاء الذين يخربون الخراب المعنوي او الحسي ان من عمر المساجد العمارة الحسية او العمارة المعنوية انه له في الدنيا احسن الجزاء وفي الاخرة احسن العاقبة له في الدنيا خزي وله في الاخرة عذاب عظيم. يعني العقوبة في الدنيا وفي الاخرة الذي يخرب بيوت الله تبارك وتعالى ويمنع من كرهي فيها فالذي يعمرها عمارة حسية او يعمرها عمارة منوية او يقوم بالعمارتين لا شك ان هذا له في الدنيا الجزاء المعجل الحسن وله في الاخرة الجزاء الحسن الذي يجده عند الله تبارك وتعالى و قد جاء في الحديث المشهور ان من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له فيه بيتا في الجنة والجزاء من جنس العمل لما بنى بيتا لله بنى الله له فيه بيتا بالجنة وشتان بين البيت في الدنيا وبين البيت الذي يكون في الجنة وكذلك ايضا اه ينبغي ان يكون المؤمن انه ان وفق لعمارة مسجد عمارة حسية يعني بنى مسجدا عمر مسجدا ان يحرص على العمارة المعنوية ان يكون هذا المسجد في مكان يصلي فيه كثيرون في مكان الحاجة اليه ماسة وجود مسجد فهي تجارة مع الله عز وجل ان يجعل في هذا المسجد من حلق القرآن ومجالس الذكر والعلم وما الى ذلك بحيث يبقى هذا المسجد عامرا فيأتيه من الاجر والثواب ويكون المسجد معمورا في كل للاوقات وقوله تبارك وتعالى لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة عذاب عظيم. نكر الخزي هنا لهم في الدنيا خزي هذا للتعظيم والتهويل يعني خزي عظيم وهذا يدل على ان الذين يقربون بيوت الله خرابا معنويا او خرابا حسيا متوعدون بالعقوبات العاجلة في الدنيا. هذا مما تعجل عقوبته الخزي في الدنيا. فهؤلاء اليهود ماذا ينتظرون الا الخزي ماذا ينتظرون الا الخزي فان افعالهم تجلب الخزي مع ما يلاحقهم من لعنة الله عز وجل وغضبه. وصفه ايضا عظيم وهي صيغة مبالغة خزي وعذاب عظيم وكذلك نكر العذاب هنا وهذا التنكير يدل على التعظيم والتهويل وكذلك قدم الجار المجرور لهم في الدنيا خزي ولهم في الاخرة فهذا للتوكيد وبيان شدة هذا العذاب وايضا يؤخذ من هذه الاية على كل حال من المعاني التي اشرت اليها ما ذكره الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله يقول واذا كان لا اظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه فلا اعظم ايمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية كما قال تعالى انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم واليوم الاخر. هذا واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياكم بما سمعنا وان يجعلنا واياكم هداة مهتدين والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اذا كان لديكم سؤال نعم السلام عليكم