الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تبارك وتعالى الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون معنى الاية الذين اعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى يقرأونه القراءة الصحيحة ويتبعونه حق الاتباع يؤمنون بما جاء فيه من الايمان برسل الله ومنهم خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام ولا يحرفون ولا يبدلون ما جاء في كتابهم هؤلاء هم الذين يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما انزل عليه اما الذين بدلوا وحرفوا وغيروا وكتموا فهؤلاء هم كفار بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما انزل عليه ومن يكبو فر به فهذا هو الخاسر يؤخذ من هذه الاية الذين اتيناهم الكتاب هذا في سياق المدح الحافظ ابن القيم رحمه الله استقرأ ما يعبر به عن اهل الكتاب وما يسمون او يوصفون به فجعل ذلك على انواع جعل ذلك على انواع فالذين اتيناهم الكتاب يقول باستقراء القرآن ان مثل هذا يذكر عادة في سياق المدح الذين اتيناهم بالكتاب اما اذا قال اوتوا نصيبا من الكتاب الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت مثلا هذه تكون في معرض الذم واما اذا قال اوتوا الكتاب فهذا قد يتناول الفريقين لكنه لا يفرد به الممدوحون دون غيرهم يعني اذا قال يا ايها الذين اوتوا الكتاب قد يشمل اهل الايمان منهم واهل الكفر لكنه لا يفرد به الاخيار اهل الايمان والتوحيد منهم و اذا جاء اهل الكتاب عما الفريقين اذا جاء اهل الكتاب هذا ذكره في مفتاح السعادة ومبناه كما ذكرت على الاستقراء على الاستقراء تتبع هذه الاستعمالات ونظر الى السياق من حيث المدح والذم فخرج بهذه النتيجة وفي قوله تبارك وتعالى الذين اتيناهم الكتاب الى اخر ما ذكر يتلونه حق تلاوة اولئك يؤمنون به ومن يكفر به هذه كأنها تلخيص لما سبق مما ذكره الله تبارك وتعالى من احوالهم قبل ذلك الذين يتلون كتابهم غير مبدلين ولا كاتمين ولا محرفين ولا متخيرين يتبعونه يتلونه حق التلاوته بالعمل بما فيه فهؤلاء قوم الذين يستحقون الثناء والمدح وهم الذين يقرأونه ويتبعونه الاتباع الصحيح. فليست القضية بالدعاوى انما القضية بالحقائق فهؤلاء ينتسبون الى انبياء كرام وينتسبون الى كتب منزلة قد دخلها ما دخلها من التحريف والتبديل فالعبرة ليست بالدعوة في الانتساب او بالدعاوى الكبيرة في الاماني نحن ابناء الله واحباؤه انما العبرة بالحقائق وما يكون عليه الانسان فهم على شر حال الا من امن منهم الايمان الصحيح وهؤلاء قلة وهنا ايضا الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته حق تلاوته التلاوة تأتي بمعنى تلاوة الالفاظ هذه الدنيا وان يكون المعيار عندنا في النجاح هو في جمع هذه هذا الحطام هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى صحبه كان لديكم اضافة او سؤال نعم وتأتي بمعنى الاتباع والعمل بما فيه والايات الواردة في كتاب الله عز وجل بالامر بالتلاوة او بمدح من يتلوه حق تلاوته اتل ما اوحي اليك من الكتاب يشمل الامرين وان اتلو القرآن يشمل الامرين. يعني تلاوة الالفاظ وكذلك العمل والاتباع فهنا يتلونه حق تلاوته فلفظ تلا هذا الذي يكون عقب الشيء يتبعه فهذا في تلاوة الالفاظ كانه يتتبع الحروف والكلمات بتلاوته لها واما العمل والتطبيق والامتثال فهو يتبعه. لان من يتبع شيئا يكون تاليا له. فلان يتلو كذا يعني يتبعه فهذا العامل بالكتاب المطبق لتعاليمه يكون تاليا له. فالتلاوة تشمل هذا وهذا. وهذه التلاوة الكاملة ليست التلاوة باقامة حروفه تقام اقامة في غاية الدقة كأنما خلق هذا الانسان لاقامة هذه الحروف يقيمها اعظم من اقامة القدح بشدة ضبطه واتقانه بنطق الحرف لكن اذا نظرت الى السلوك والعمل رأيت بونا شاسعا وهذا تشاهده فيما يعرض احيانا من مقاطع في تلاوات عجيبة في دقتها واقامة الحروف واذا نظرت الى الصور والاشكال هذا او من معه من القراء الذين اجتمعوا يتمايلون ويتضاحكون وهو يقرأ بقراءة تكسر الحجارة اقرأ ايات تقطع الحجر ايات تتحدث عن مشاهد القيامة ايات تتحدث عن عظمة الله عز وجل وتظن ان هذا القارئ ومن حضر في هذا المكان انهم في غاية الخشوع والانكسار انهم في حالة انهيار من البكاء لكن تفاجأ انهم ينظرون الى بعضهم ويضحكون لانه اقام هذه القراءة اقامة تامة متقنة على مقامة معينة فهم يطربون ويتمايلون وتسمع احيانا بعض الاصوات التي تحاكي القراءة انها نغمات لا يملك الواحد منهم نفسه ليس هؤلاء الذين يتلونه حق تلاوته وانما هؤلاء في حال لا تحمد ويكون هذا فتنة لهم ويكون نقصا في حقهم لا يكون كمالا فالاتقان في القراءة وجودة الاصوات احيانا يكون بلاء على صاحبه لكن لو اجتمع هذا مع العمل والامتثال والتطبيق وظهر في سمت الانسان وهديه ودله لرأيتها الذي يقرأ اذا رأيته عرفت انه يخشى الله كما جاء في الاثر رأيت انه يخشى الله لما يظهر عليه من اثر القرآن والخشوع والخضوع والاخبات والوقار ولكنك ترى احيانا خلاف ذلك تماما فهذه قضية لابد من العناية بها الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته يحلون حلاله كما قال ابن مسعود رضي الله عنهما يحرمون حرامه ويؤمنون بمتشابهه ويعملون بمحكمه. وقد نقل هذا المعنى شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فهذه احق التلاوة حق التلاوة وليست مجرد الالفاظ يؤخذ من هذه الاية الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به ان للايمان علامة يعرف بها. ما هذه العلامة هنا؟ اولئك يؤمنون به. انهم يتلونه حقا تلاوته يا اهل القرآن ايمانكم بهذا القرآن هو اتباعكم له الاتباع الصحيح والعمل بما جاء فيه ان يصطبغ الانسان في ظاهره وباطنه بصبغة القرآن ان يصبغه القرآن بقلبه وفي هديه وسمته ودله وفي اعماله واحواله وجوارحه صبغة الله ومن احسن من الله صبغة فلابد ان يصطبق بالقرآن من يعيش مع القرآن ويقرأ القرآن ويكون من اهل القرآن ومن القراء لابد ان يكون اكثر تميزا من غيره من الناس اما ان يكون اكثر شرودا وان يكون اكثر ظلمة في وجهه وقلبه وعمله فهذا خلاف ما يتوقع وينتظر من مثله اولئك يؤمنون به. مفهوم المخالفة انهم ان لم يكونوا كذلك فان ايمانهم به ليس على الوجه الصحيح والايمان قول وعمل ليس الايمان فقط بالقرآن ان يؤمن انه كلام الله وانه وحي اوحى الله به بل لابد من امور اخرى في الايمان فان العمل من جملة الايمان فالذي يقول هذا كلام الله ولكنه لا يعمل به يكون ايمانه به قد نقص ايمان عند اهل السنة والجماعة قول وعمل فالعمل بالقرآن هو من جملة الايمان به ورب جاهل لا يحسن قراءة كثير من القرآن لكنه في حال من الاخبات والخوف والعمل والجد والاجتهاد في طاعة الله يفضل اولئك القراء الذين لم يكن لهم نصيب من القرآن الا اقامة الحروف والالفاظ وشاهدوا في هذه المواقع والمقاطع ترون عجبا ولست اعمم. يوجد ما شاء الله يوجد من اذا رأيتهم ذكرت الله لكن نتحدث عن فئة يتعجب المؤمن حينما ينظر الى هؤلاء كيف اوتوا هذه الاصوات؟ وكيف اوتوا هذا الاتقان ولكن الحال لا تسر ابدا ولا يظهر اثر للتدين على هؤلاء اين اثر القرآن على هؤلاء؟ وعلينا جميعا ايها الاحبة امة القرآن اين الاثر؟ نحن امة القرآن ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا هذه الامة بطوائفها الثلاث ليس القراء فقط فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله هذه الطوائف الثلاث اين اثر القرآن عليها ولكن المشتغلين بالقرآن من القراء والدارسين للتفسير وعلومه وما اشبه ذلك تبعه اعظم ثم ايضا لاحظ هنا الاشارة الى البعيد. اولئك يؤمنون به اشارة الى البعيدة هي تدل على رفعة المنزلة مرتبة الشرف فهؤلاء بمنزلة عالية فهم درجات عند الله تبارك وتعالى الفقهاء درجات واهل القرآن درجات قراء كذلك ايضا سائر اهل الايمان هم درجات عند الله تبارك وتعالى يتفاضلون ويتفاوتون بحسب ما يقوم بقلوبهم وما يوجد من العمل والاتباع لهذا القرآن ويقبح ايها الاحبة بمن تعلم شيئا من علوم الشريعة الا يظهر ذلك على سمته وهديه ودله عمله ان يكون طلاب العلوم الشرعية يستوون مع غيرهم في هديهم وسمتهم وفي عملهم. فاذا جاء يصلي متأخرا من غير عذر ان يكون هذا هو ديدنه هذي مشكلة هذا خلل يحتاج الى ان يسبقه العامة الى مقدم الصفوف فاين اثر القرآن؟ اذا كان طالب العلم الشرعي لا يوتر وبعض العامة يقوم ليلا طويلا ويبكي اذا كان طالب العلم لا يخشع قلبه ولا تدمع عينه وعامة لربما لا يتمالك الواحد منهم اذا سمع اية او ذكرى او موعظة فاين اثر العلم؟ الشرعي على اصحابه كذلك ايضا لاحظ المعيار والمقياس ومن يكفر به فاولئك هم الخاسرون ومن يكفر به فاولئك الاشارة هنا الى البعيد يمكن ان يكون لبعدهم ان الخير والرحمة والفلاح ولاحظ التركيب فاولئك هم فجاء كما نذكر في مناسبات شتى بضمير الفصل هم بين طرفي الكلام اولئك خاسرون فدخل شيئان ضمير الفصل بين طرفي الكلام اولئك هم لتقوية النسبة ودخول على الخاسرين اولئك هم الخاسرون فهذا يشبه الحصر بدخول الضمير ضمير الفصل هم ودخول يعني كان هؤلاء قد حصلوا الوصف الكامل من الخسارة نسأل الله العافية الخاسرون كانه لا خاسر الا هؤلاء. من هم الخاسرون حقيقة؟ هم هؤلاء ومن يكفر به ومفهوم المخالفة ان من يؤمن به حق الايمان فهذا هو الرابح هذا هو المفلح اذا الخسارة الحقيقية هي بالكفر بهذا القرآن. فمن كفر به ولو حصل المليارات ولو حصل اعلى في الشهادات ولو حصل اعلى الرتب في الوظائف فانه خاسر خبرات طويلة دورات تدريبية طويلة ممارسات نجاحات ادارة شركات ضخمة هائلة عبر العالم ثروات في كل مكان هو خاسر بنص القرآن الخاسر. ومن يكفر به النجاح الحقيقي ايها الاحبة ليس بجمع الحطام وانما النجاح الحقيقي في عمارة دار لا تفنى ولتبلى دار ابدية سرمدية. اما هذه الدار التي كم سيبقى فيها مديرا وكم سيبقى فيها امرا ناهيا بعشرين ثلاثين اربعين خمسين في التين سبعين سنة مائة سنة يأمر وينهى ثم ماذا ثم التلاشي ثم الزوال فتذهب تلك الاحلام ويدرك انه كان يسعى خلف سراب حينما اعرض عن الايمان والحق والهدى الذي كان يجب عليه ان يتبعه وان يعمل به وان يجد ويجتهد تحصيله اعرض عن هذا بالكلية وصار مشتغلا ما لم يؤمر بالاشتغال به هذه هي الخسارة هذا الذي قد قضى العمر في جمع الحطام فجمع منه شيئا كثيرا يكفي الاجيال التي بعده متعاقبة هذا اذا كان في لحظة الحشرجة و خروج الروح يدرك عندها انه ذهبت ايامه وذهب شبابه وذهب نشاطه وقوته وعمره في وهم كبير هذا الانسان جالس مدة طويلة ذهب يوما في نزهة وجلس كل ما رأى حجرا جميلا اعجبه اخذه وقضى يومه وهو في تعب يتتبع الاحجار في الصحراء او يتتبع ازهارا يأخذ هذه وهذه وهذه مما انبت الربيع فلما اجتمع له من ذلك شيء كثير الى اخر النهار واذا بالذي بيده قد ذبل فادرك انه قد تعنى وتعب وبذل جهدا في شيء لا بقاء له ان يأخذ من الدنيا ويعمل لكن لا ينسى اهم المهمات فحديثنا عن هذا ليس تعطيل الدنيا وتعطيل التجارات والمكاسب لا ان تشغله لا الخسارة امر نسبي لكن الخسارة الكاملة المحققة ومن يكفر به الكفر هذا الكافر خسارة مطلقة يعني كما قال الله عز وجل قل ان الخاسرين الذين خسروا انفسهم واهليهم يوم القيامة فهذي الخسارة الكاملة بالكفر اما من كان مؤمنا ولكنه اسرف على نفسه وفوت حظه في المراتب العالية بالاشتغال بدنياه او بشهواته فهذا يخسر لكنه لا يخسر خسارة كاملة ولذلك كان يوم القيامة هو يوم التغابن بالنسبة للمؤمنين والكافرين وبالنسبة للمؤمنين. فيتفاوت مراتبهم في الجنة البقاء الابدي السرمدي يتراءون اصحاب الغرف العالية كما نتراءى الكوكب الغابر بالافق يعني كيف نتراءى الكوكب الغابر في الافق؟ لا نكاد نراه. كل واحد يقول انظر من هنا من هنا لا الذي خلف كذا هكذا اصحاب المراتب العالية في الجنة يتراءهم اهل الجنة فهذا التنافس وهذا الذي ينبغي ان تصبر النفوس عليه والا فكل شيء يذبل المال تذهب وتتركه او يذهب هو والشباب يذبل والزوجة تذبل واللذات تذبل ولا يبقى الا خزائن الاعمال الصالحة نعم طيب طبعا بالنسبة لهذه الاية الذين اتيناهم الكتاب الذي يأتلونه حق تلاوته اولئك يؤمنون به هنا في الكلام على اهل الكتاب وهذه الامة تبع لهم فهي مطالبة باتباع الكتاب وهم مطالبون باتباع هذا الكتاب الذي نزل على هذه الامة والا فالاصل فالسياق والخطاب هو في اهل الكتاب هذا في الاصل لكن الامة هذي ليست بمنأى عن هذا والايات في هذا ايضا مما خطبت به وان اتلو القرآن نعم يقول هل علمائهم يميزون المحرف من غيره الله اعلم هل يميزون كل شيء؟ لانهم توارثوا هذا منذ زمن طويل لا سيما النصارى فهم في غاية الجهل والضلال ولذلك فان الاناجيل ما كتبت الا بعد المسيح عليه السلام بثلاث مئة سنة وليس عندهم اسانيد ولما صار الاجتماع اجتماع نيقيا الشهير وجمعوا هذه الاناجيل ونظروا فيها كثيرة جدا مختلفة فاعتمدوا منها اربعة و لم يعترفوا بالباقي هل هذه الاربعة متوافقة؟ الجواب لا هي ايضا مختلفة فلو كانوا يميزون المحرف من غير المحرف لابانوا عنه وكشفوا واخذوا غير المحرف ونحن نجد في انجيلهم اشياء حديث لاناس وعن اناس كانوا بعد المسيح عليه السلام كانها اشياء اضيفت الى الانجيل وبالنسبة لليهود الله تبارك وتعالى قال تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا فبعض اهل العلم يقولون ان الذي حرف من التوراة هو القراطيس التي كانت تخرج للناس يقولون في التوراة كذا فيحرفون. اما اصل الكتاب فهو عندهم ما حرف هذا يقوله بعض اهل العلم وبعض اهل العلم يقول لا الذي عندهم هو المحرف ويخرجون قراطيس للناس ايضا محرفة. فجمعوا بين هذا وهذا والدليل على ذلك ان اصل التوراة حرف ان التوراة الموجودة محرفة لانه يوجد فيها اشياء تخالف ما ذكره الله عز وجل بهذه الامة في القرآن او ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فنعلم قطعا ان هذا من المحرف وفيها ايضا معلومات متناقضة يعني لا يمكن ان تكون من الله بنفس التوراة فيدل على انها قد حرف نفس التوراة وليس مجرد القراطيس التي كانوا يكتبون فيها طبعا وهم يخفون كثيرا يعني ما يتعلق بصفة النبي صلى الله عليه وسلم موجودة في اناجيلهم مثلا او في توراتهم المحرفة لكنها يوجد من العبارات في بعض الاناجيل التي لا يظهرونها مثلا ما هو اصرح واوضح مما هو مظهر وموجود فمثل هذي يخفونها بعظ النسخ لا يظهرونها ابدا النسخة بكاملها التي فيها عبارات صريحة وواضحة والله اعلم سلامة الله