الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ما زال الحديث متصلا ايها الاحبة بقوله تبارك وتعالى بخبر ابراهيم عليه الصلاة والسلام ودعائه واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير بهذه الاية من سورة البقرة في دعاء ابراهيم عليه الصلاة والسلام واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا بلدا امنة وفي سورة ابراهيم اجعل هذا البلد امنة بالتعريف البلد وهي مكة والدعاء لمكة في الموضعين فنكرت في سورة البقرة اجعل هذا بلدا بسورة ابراهيم اجعل هذا البلد امنة فما وجه التفريق بينهما العلماء رحمهم الله يجيبون عن هذا بجواب معروف وهو ان الاول وهو في سورة البقرة كان قبل ان تكون مكة بلدا يعني اول ما جاء بهاجر ووضعها في هذا الوادي الذي لا زرع فيه ولا شيئا من مظاهر الحياة. بواد غير ذي زرع فقال اجعل هذا بلدا دعا ربه ان يتحول هذا الوادي الى بلد امن ثم لما جاء في المرة الاخرى تحولت مكة الى بلد حيث نزلت جرهم مكة لما نبع ماء زمزم كما هو معروف فلما جاء في هذه المرة وقد تحولت الى بلد فقال ربي اجعل هذا البلد امنا فدعا لبلد موجود قائم يوجد فيه قبيلة من الناس وهي جرهم فهذا وجه للمغايرة بين الموضعين وكان ذلك بعد ولادة اسحاق عليه السلام الولد الاكبر وهو الذبيح هو اسماعيل صلى الله عليه وسلم وبين اسماعيل واسحاق ثلاث عشرة سنة. فاسماعيل ابن هاجر واسحاق ابن سارة وبينهما هذه هذه السن ولهذا قال في اخر الدعاء في سورة إبراهيم الحمدلله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق ان ربي لسميع الدعاء هذا في المرة الثانية لانه حينما جاء في المرة الاولى ومعه هاجر مع صغيرها حديث الولادة في المهد وهو اسماعيل لم يكن اسحاق عليه السلام قد ولد لان بينهما ثلاث عشرة سنة في المرة الاولى اجعل هذا بلدا امنا في المرة الثانية بعد مدة وبعد ولادة اسحاق ولهذا قال الحمد لله الذي وهب لي على الكبر اسماعيل واسحاق فهذا بعد سنين والله تعالى اعلم وتأمل قوله تبارك وتعالى في دعاء ابراهيم صلى الله عليه وسلم في هذه المرة قال وارزق اهله من الثمرات من امن منهم بالله واليوم الاخر فقيد بي الدعاء لهم بالرزق ان يرزق من امن بالله واليوم الاخر يعني مفهوم المخالفة المسكوت عنه ان من لم يكن مؤمنا بالله واليوم الاخر فلا ترزقه وكان ابراهيم صلى الله عليه وسلم قد تحرز بسبب انه لما دعا في المرة الاولى بالامامة لولده لما قال اني جاعلك للناس اماما. قال ومن ذريتي؟ قال لا ينال عهدي الظالمين فكأنه ظن ان الرزق ايضا يدعى به لخصوص اهل الايمان فلما دعا بالرزق وارزق اهله من الثمرات قال من امن منهم بالله واليوم الاخر فبين الله له الفرق بين المقامين قال الله ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير. فالرزق غير الامامة الامامة في الدين لا تكون الا لاهل الايمان والعمل الصالح واليقين بالصبر واليقين. تنال الامامة بالدين. لكن الامامة لا تكون لاهل الظلم والفجور الامامة في الدين فلا يصلح ان يكون قدوة يأتم الناس به على ضلال وفجور او اهواء وبدع ونحو ذلك فلاحظ ادب الانبياء عليهم الصلاة والسلام المرة الاولى قال الله له لا ينال عهدي الظالمين لما قال ومن ذريتي يعني اجعل ائمة اخذته الشفقة على ذريته فسأل لهم الامامة فلما سأل الرزق لاهل مكة احترز قال وارزق اهله من من الثمرات من امن منهم خصوص من امن ارزق من امن فقال الله له لا هذا يختلف الرزق يكون للبر والفاجر والمؤمن والكافر كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورة بخلاف الامامة في الدين فهذا من ادب الانبياء عليهم الصلاة والسلام ويؤخذ من قوله تبارك وتعالى قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم اضطره الى عذاب النار وبئس المصير يؤخذ منها ان هذا المتاع الذي يعطى للكفار او متاع قليل لا في قدره ولا في مدته لا فيما يتصل بالافراد بالنظر الى الاشخاص ولا بالنظر الى الحياة الدنيا هو قليل قليل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء شربة لو كانت تساوي جناح بعوضة جنح البعض ماذا يساوي والبعوضة ماذا تساوي والف بعوضة ماذا تساوي ومليون بعوضة ماذا تساوي لا لو كان الدنيا تساوي جناح بعوضة جناح فقط ما سقى منها كافرا شربة ماء اذا هي عند الله اقل من جناح بعوضة. بما فيها من هذه الثروات والمعادن والذهب والفضة هذه المراكب البرية والبحرية وناطحات السحاب والعمران الواسع والزروع والدواب كل ذلك من اوله الى اخره من اول الدنيا الى اخرها الدنيا باكملها لا تساوي جناح جناح بعوضة لو كانت تساوي ما سقى منها كافرا شربة ماء. اذا لا تغتر بما يعطى للكفار هو اقل من جناح بعوضة فلا يفتن اهل الايمان بما يعطى لهؤلاء من الوان النعيم واللذات والتمكين والثروات مسابقا قوة الاقتصاد واما الان اتعرفون ما يعصف باقتصادهم وما يعانونه ويكابدونه لكن كل ذلك لا يساوي عند الله جناح بعوضة فلا يغتر المؤمن اذا عرف هذا هذا من جهة هو قليل متعه قليلا ثم لو نظرنا ايضا الى عمر الانسان حينما يمتع هذا الانسان الممتع كم يعيش الى ستين الى سبعين الى ثمانين الى تسعين الى مئة واذا وصل الى المئة تلاشت قواه وبدأت خلايا المخ تضعف او تموت وينسى كل شيء ولا يعرف حتى زوجته واولاده اذا جلسوا قال من هذا؟ من انت من هذا الرجل اللي جالس ويجلس ويتحدث ويعيد الكلام مرة بعد مرة ثم يعيد ويسألك مرة اخرى يقول لك من انت فتخبره ثم ما يلبث ان يلتفت ويقول من انت؟ بعد ما كان في غاية الذكاء وحضور الذهن هذه الحياة الدنيا اذا عمر الانسان يسر المرأة طول عيش وطول عيش قد يضره تفنى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره وتسوءه الايام حتى لا يرى شيئا يسره الا من متعه الله بالايمان والعمل الصالح وحفظ قلبه وسمعه وبصره وعقله واشتغل بذكره فهذا يغبط واما اذا لم يبقى له من ذلك شيء هذا ارذل العمر الذي استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم منه فاقول هذه الحياة التي يبقاها الانسان الى سبعين الى ثمانين الى كم؟ هي مدة قليلة مهما متع فيها ثم يصير الى دار الخلود دار الخلود فاذا كان في النار هؤلاء الكفار فما قيمة سبعين سنة وحينما تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة واما هذا النعيم يؤتى بانعم اهل الدنيا فيغمس في النار غمسة واحدة فقط غمسة واحدة ثم بعد ذلك يقال يا فلان هل رأيت نعيما قط؟ فيقول لا والله يا رب ما رأيت نعيما قط. ينسى كل شيء. غمسة واحدة في النار ويؤتى بابئس انسان في الدنيا هذا البائس فقر امراض مشاكل ازمات كل حياته من اولها الى اخرها تعثر فيغمس في الجنة غمسة واحدة ثم يقال يا فلان هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك بؤس قط؟ فيقول لا والله يا رب ما رأيت بؤسا قط اذا ايها الاحبة هذه الحياة ينسيها غمسة واحدة بما فيها من نعيم او بؤس فمن قيمة هذه الحياة التي نحرص عليها ونحزن من اجلها ونتهافت على تحصيل حطامها ويبقى الانسان في قلق من المستقبل بزعمه واحزان على الفائت هذا كله لا يستحق غمسة واحدة تنسيك كل شيء فهنا الله تبارك وتعالى يقول ومن كفر فامتعه قليلا مدة قليلة والحياة كلها العمر قصير والحياة كلها قصيرة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة فحري بدار كهذه ان يزهد فيها ثم ايضا ومن كفر فامتعه قليلا عطاء الله عز وجل للعبد من الدنيا لا يدل على رضاه ومحبته لهذا الانسان بل ان كان على غير ايمان وعمل صالح فهذا من الاملاء واملي لهم ان كيدي متين اذا رأيت الله عز وجل كما قال السلف يعطي الرجل وهو على معصيته مقيم على معصيته فهذا من قبيل الاستدراج واملي لهم ايحسبون ان ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون هم لا يشعرون ان هذا من قبيل الاستدراج لهم ليزدادوا انما نملي لهم ليزدادوا اثم ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا ليزدادوا ماذا خيرا وطاعة يزداد اثما فهذا العطاء اذا كان العبد على حال غير مرضية فمعناه انه استدراج الذي يعطى للكفار وهم على كفرهم هذا استدراج ليزدادوا اثما المؤمن لا يغتر ومن هنا هذا السؤال الذي يريده بعض المسلمين اذا ذهبوا ورأوا ما فيه اولئك الكفار اجواء جميلة وغائمة وامطار وبلاد خضراء وكذلك ايضا الحياة مذللة لهم ما يرد هذا السؤال عند بعضهم لماذا الكفار في هذه النعيم وهذا التمكين وهذا الترفيه وهذه الوسائل التي ذللت لهم المصاعب في الحياة والمسلمون في وضع بائس يقال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له عمر رضي الله عنه لما نام على حصير صلى الله عليه وسلم فاثر في جنبه فبكى عمر قال ما يبكيك فذكر هرقل كسرى وقيصر وما هم فيه من النعيم قال وانت تنام على هذا الحصير فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما ترضى ان تكون لنا الاخرة ولهم الدنيا فهذا هو الواقع ولذلك قالوا الدنيا سجن المؤمن. ما معنى سجن المؤمن؟ معناه ان هناك حدود محظورات هذا لا يجوز هذا ممنوع هذا فيبقى يسير في اطار محدد وجنة الكافر فاذا نظرت الى ما يكون للمؤمن من النعيم المقيم الذي لا يقادر قدره وما يكون في الدنيا فالدنيا سجن بالنسبة للجنة واما بالنسبة للكافر وما يلقاه من العذاب الاليم ابد الاباد فالدنيا بالنسبة له جنة حتى لو كان يعيش في كوخ لو كان يعيش في سقيفة بعريش لو كان يعيش تحت ظل شجرة في الدنيا هي جنة بالنسبة له بالنظر الى العذاب عذاب النار الذي ينتظره ولذلك اقول ايها الاحبة هذه المعاني يحتاج المؤمن ان يقف عندها فامتعه قليلا مهما اعطي او قليل. وهذا القليل ايضا في الواقع انهم يشقون فيه غاية الشقاء فهذه الاموال والاولاد كما قال الله عز وجل انما يريد الله ليعذبهم بها في الدنيا فيعذبون بهؤلاء الاولاد ويعذبون بهذه الاموال فيبقى دائما في ملاحقة لها وحذر وحرص وقلق حينما ترتفع العملات او حينما تهبط او حينما ترتفع البورصة او حينما تنزل او حينما ترتفع الاسهم او حينما تنزل فيبقى قلبه يرتفع وينزل فيبقى في عذاب طالع نازل قلق لذلك تجد بعظ هؤلاء على الثراء وعلى الاموال يأكلون الادوية وتنتشر فيهم المصحات النفسية ويعيشون في قلق وضيق دائم وهم مع هذه الاسباب المذللة وهذا طبيعي من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى معيشة ضنك لكل من اعرض عن ذكر الله وذكره هو كتابه من اعرض عن هدى الله عز وجل فلم يذكره بقلبه ويتدبر ويتلو ويعمل به فان له معيشة ضنكا. اذا كان المسلم ايها الاحبة حينما يقصر وتحصل له شيء من الغفلة يجد في قلبه من الوحشة والضيق قل الحزن وما اشبه ذلك بسبب بعده عن ربه الذي لا يعرف الله ولا يسجد لله ولا يؤمن بالقضاء والقدر ولا يتوكل على الله ما حاله؟ هذا نسأل الله العافية قلبه كريشة في مهب الريح ضياع بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. ضياع ووحشة ارواحهم في وحشة من جسومهم. نسأل الله العافية. يستوحش من كل شيء ولذلك هؤلاء احوج ما يكونون بدلا من الاعجاب بهم والله هم احوج ما يكونون الى رحمة ان يلتفت اليهم المسلمون ويبلغونهم اكسير السعادة وهو هذا الدين الاسلام الايمان فتتحول تلك النفوس المستوحشة الى حال من الراحة والسعادة لان هذه النفس تشقى اذا كانت بعيدة عن الله عز وجل اذا كانت بعيدة عن الايمان تكون في وحشة شقاء وان المرء يعجب كيف يستطيع هؤلاء العيش الواقع انهم يلجأون للانتحار ويوجد عندهم انواع من الانتحار مبتكرة بحيث لا يوجد معها الم وبعضهم لربما دفع الاموال للمحامين من اجل ان لا يكون هناك مطالبة لاحد اذا اعطاه هذا الجهاز الذي ينتحر به او نحو ذلك ما نفعهم الاموال ولا نفعهم الاجواء الجميلة ولا نفعتهم الخضرة الممتدة ولا نفعتهم وسائل الراحة والنقل والمواصلات الخدمات السهلة التي تصل اليه وهو في بيته كل هذا ما نفع شقاء يشحط هذه النفوس يطحنها طحنا فترى البؤس في وجوههم انظر الى حال اهل الايمان بقدر ما عندهم والموفق من وفقه الله الذي يأتي ما يؤذن المؤذن الا هو في المسجد اسألوه عن الراحة التي يجدها والطمأنينة والنعيم الذي يجده في قلبه يجد من النعيم ما لو علم به اولئك لدفعوا ما بايديهم من الاموال من اجل ان يحصلوا او لا يذهبون مساكين يذهبون الى الى التبت هناك في الصين عند البوذيين تبت هي المنطقة التي فيها معقل الديانة البوذية يذهبون من اوروبا وامريكا وكندا الى التبت يبحثون عن ماذا يبحثون عن وثنية فيكونوا كالذي فر من الرمضاء الى النار نسأل الله العافية فيزداد وحشة وبؤسا هؤلاء احوج ما يكونون الى الحق الذي عندنا. يذهب اليهم ابناؤنا ومن يسافر هناك وهو يرفع رأسه ويقول هلم هلم هنا اساس السعادة التي تبحثون عنها هنا لكن لا يذهب وقد طأطأ رأسه وينظر الى هؤلاء على انهم عظماء وانهم قد حصلوا من الراحة والرغد فيما يبدو في ظاهر الامر ما لم يحصله هذا الذي جاء من الصحراء الواقع ان هذا الذي يعيش في الصحراء ولو كان تحت شجرة انعم وافضل واكمل حالا من هؤلاء والسعادة ايها الاحبة ليست في اكلة يأكلها الانسان ولا في منظر يشاهده ولا في اريكة يتكئ عليها فهذا البائس والله لو جلسته على ارائك منسوجة بالذهب والفضة واطعمته الفالوذج فانه يبقى زاهدا في ذلك كله وفي حال من البؤس والمعاناة هذا واسأل الله عز وجل ان يشرح صدورنا بالايمان وان يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وان يثبتنا واياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد وان يغفر لنا ولوالدينا ولاخواننا المسلمين نحمده تبارك وتعالى ان هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه