الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تبارك وتعالى في هذه السورة الكريمة سورة البقرة واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم واذكر حين رفع ابراهيم صلى الله عليه وسلم مع اسماعيل عليهما الصلاة والسلام قواعد من الكعبة المشرفة حال كونهما داعين الله تبارك وتعالى وسائلينه القبول ربنا تقبل منا انك انت السميع لاقوالنا واقوال العباد والسائر المسموعات العليم باحوالنا واحوال خلقك يؤخذ من هذه الاية ايها الاحبة هذا المقام من اجل المقامات واعظمها واشرفها بناء الكعبة المشرفة بامر الله تبارك وتعالى ومن يقوم بذلك انه خليل الرحمن والخلة اعلى مراتب المحبة ان الله اتخذ ابراهيم خليلا واتخذ الله ابراهيم خليلا. كل ذلك جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ان الله اتخذني قليلة كما اتخذ ابراهيم قليلا فهذا ابراهيم صلى الله عليه وسلم وهو من هو بهذه المرتبة والمنزلة عند الله تبارك وتعالى ويقوم باجل الاعمال ومع ذلك انظروا الى هذه الضراعة والانكسار كما جاء عن وهيب ابن الورد رحمه الله انه لما قرأ هذه الاية حينما يقرأها كان يبكي ويقول يا خليل الرحمن ترفع قواعد بيت الرحمن وانت مشفق الا يتقبل منك كان الانسان في مقام كهذا ويكون في حال من التضرع والانكسار وهو بهذه المرتبة عند الله تبارك وتعالى ويقول ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم فماذا يقول من كان دونه وماذا يقول من عمل عملا دون ذلك من الاعمال الصالحة نحن قد نزاول بعض الاعمال ونقوم ببعض العبادات من حج او عمرة او صدقة او صيام يصوم الانسان عاشوراء او يصوم غيره ولربما ظن انه قد ضمن القبول بالامس صام المسلمون يوم عاشوراء وهنا تتوجه اسئلة وتتوارد من بعض السائلين يقولون لقد صمنا يوم عرفة ويوم عرفة يكفر سنة ماضية وسنة اتية. فلماذا نصوم عاشوراء اذا وهو يكفر السنة الماضية انتهى عرفة يكفي بتكفير سنة ماضية كأن الانسان قد ضمن كانه قد ضمن القبول فهو يستكثر ان يصوم يوما اخر جاء فيه مثل هذا الفضل فانظر الى حالنا وحال ابراهيم واسماعيل عليهما الصلاة والسلام ربنا تقبل منا كما قال الله عز وجل في صفة اهل الايمان اهل التقوى اهل الاخبات الذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة فعائشة رضي الله تعالى عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء هل هم الذين يسرقون ويزنون؟ فقال لا يا ابنة الصديق وذكر ان هؤلاء هم الذين يتصدقون ويعملون الاعمال الصالحات ويخشون الا يقبل منهم هكذا المؤمن فهذه الاعمال الصالحة التي نعملها لا يصح الاذلال بها على الله تبارك وتعالى فيكون العبد كانه يحسن الى ربه نحج فيذهب متذمرا ويرجع منتقدا لكل ما شاهده في الحج ليس هذا حال اهل الاخبات اهل الخضوع لله عز وجل. الحاج يذهب منذ ان يذهب الى ان يرجع ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم ما ينظر الى ان هذه الحجة انه بذل فيها كذا وكذا من الاموال او حصل له ما حصل من التعب او ان هذه الحجة هي الحجة العاشرة او المئة العبرة ليست في هذا العبرة بالقبول والقبول عند الله والله عز وجل يقول انما يتقبل الله من المتقين. من اتقاه في هذا العمل فهذا الذي يحج وهو يتذمر ويرجع وهو يتسخط وينتقد كل شيء هذا لم يتقي الله في هذا الحج لو كان عندك اجير اذا بعثته في حاجة او نحو ذلك ذهب ويتأفف ويتذمر فمثل هذا لا يمكن ان تطيق بقاءه معك يوما واحدا لبعثت في حاجة يتذمر ويتأفف والله عز وجل غني عن عباده ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا. ومن كفر فان الله غني عن العالمين غني عنه عن حجه غني عن العبد عن صيامه اصوم عاشوراء يكفي ما يحتاج اصوم التاسع يكفي يوم الجمعة صعب الصيام وايام العمل صعب الصيام هذا سيصوم في القبر او سيصوم في يوم الحشر الله عز وجل ايها الاحبة من عرف عظمته فانه يتقال كل عمل يقدمه ويبذله في سبيل مرضاته هذي اجل الاعمال من اعظم الرجال وربنا تقبل منا انك انت السميع العليم. فماذا نقول اذا نحن في اعمالنا القليلة مع النيات التي نخلط فيها كثيرا والله المستعان وهكذا ايضا ايها الاحبة ربنا تقبل منا المدار على القبول وليس على مجرد العمل العمل مطلوب ولكن القبول له شأن اخر فالمعول عليه فقد يعمل الانسان الاعمال العظيمة وينفق النفقات الكبيرة ولكن لا يقبل منها شيء اما لفساد قصده واما فساد عمله فساد القصد انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه اذى في الرياء والسمعة وفي الاعمال التي يحصل فيها الابتداع والاحداث فالله ايضا لا يقبلها فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد الانسان لا يستطيع ان يضمن ان عمله قد قبل وانه قد اتقى الله فيه من الناحيتين النية والقصد والاتيان به على الوجه المشروع فلا يطلع الله عز وجل على قلبه وقد تسلل اليه العجب بهذا العمل حاج صايم قارئ للقرآن منفق او يتسلل اليه الرياء ليكون بدلا من القبول ليكون اول من تسعر به النار يوم القيامة فقد اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه في اولئك الثلاثة اول من تسعر بهم النار. اول من يلقى فيها اصحاب اعمال جليلة قارئ قرأ القرآن لكن ليقال قارئ ومنفق بدل الاموال ليقال منفق جواد ومجاهد قتل بذل مهجته لكن ليقال شجاع هل نفعه ذلك ابدا بل صار ذلك نسأل الله العافية صار شينا في حقه حطا في مرتبته ووزرا يحمله على ظهره يوم القيامة القبول عند الله تبارك وتعالى لا يعلم الانسان هل قبل عمله او لم يقبل. ومن ثم هذا السؤال الذي قد يقوله البعض لماذا اصوم عاشوراء وقد صمت عرفة. ووضع القبول هنا. ضامن في جيبه وهذا لا يقوله من عرف هذه الحقائق الشرعية والمعاني العظيمة التي تفهم من نصوص الكتاب والسنة وتأمل قوله تبارك وتعالى واذ يرفع هذا حدث في الماضي ما قال واذ رفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل وقالا ربنا تقبل منا سأل الله القبول لا واذ يرفع عبر بالمضارع الذي يدل على الاستمرار ليصور لك هذا المشهد الرفع عملية البناء كأنك تشاهدها هي كانت في الماضي فعبر عنها بالمضارع واذ يرفع واذكر اذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل يصور الحالة الماظية كانك تشاهدها ليذكر بالمعاني الكبار يذكر بهذا العمل العظيم وشرف هذا البيت ومن بناه ويذكر بهذه الحال احوال الكبار من الضراعة والاخبات وسؤال القبول والتواضع لله رب العالمين كلما كان العبد ايها الاحبة اعرف بربه كان ذلك ادعى الى انكساره وتذلله وخضوعه لله وتواضعه للناس واذا تعاظم جهله ظهرت عليه امارات العجب والكبر والتعالي قد يكون فقيها وقد يكون قارئا وقد يكون منفقا وقد يكون امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ولكن من غير اساس صحيح لم يعرف ربه معرفة صحيحة فتسلل اليه العجب يستكثر هذا العمل فتعاظمت النفس لانه يرى انه قد جاء اعمال جليلة وكذلك تأمل قوله تبارك وتعالى واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل ما قال واذ يرفع ابراهيم واسماعيل القواعد من البيت وما رفعاه ولكنه اخر اسماعيل عليه الصلاة والسلام بعد رفع بعد ذكر رفع القواعد من البيت. واذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت واسماعيل كان ذلك والله تعالى اعلم باعتبار ان الاصل في البناء هو ابراهيم صلى الله عليه وسلم واسماعيل كان عونا له كان يساعده ويعينه في البناء فهو تبع. فذكر ابراهيم عليه الصلاة والسلام اولا اعتبار انه الاصل ثم اخر اسماعيل في اعتبار انه تبع وتأمل قوله تبارك وتعالى في الخبر عن دعائهما هنا ربنا تقبل منا ربنا يعني يا ربنا تقبل منا فجاء بهذا الاسم الكريم الرب فهذا فيه من التلطف والاستعطاف كما يقال لان من معاني الرب القبول من معاني الربوبية العطاء والمنع والقبول والاحسان والرزق والاحياء والاماتة والنفع والضر الذي يرجو القبول ويرجو الثواب وما الى ذلك فالعطاء والمنع كل ذلك داخل في معنى الربوبية. ربنا ربنا وكلمة الرب تدل على التربيب والتربية والاصلاح وما الى ذلك هذا من المعاني الداخلة تحتها فهذا الداعي يلتمس ان يصلح ربه شأنه وان يلطف به وان يتقبل منه هذا العمل فلا يذهب ولا يضيع وفيه ايضا هنا تأكيد بان وهي بمنزلة اعادة الجملة مرتين تقبل منا انك السميع العليم. انك انت السميع العليم. لقوة يقينهما سمعه تبارك وتعالى انه يسمع وانه يعلم الحال. ومن تيقن ان ربه يسمع يرى فانه يعمل بانشراح ونشاط اذا كان الانسان امام مخلوق جاء الرئيس العمال اذا حضر ومدير العمل او مدير الشركة او نحو ذلك صاروا يعملون بجد ونشاط وهمة وقام النائم وجد المتقاعس امام مخلوق اذا استشعر العبد ان الله يراه وانه يسمعه يذهب عنه النوم ان كان في قيام ليل ويذهب عنها التعب ان كان في صيام وتذهب عنه الوساوس اذا اراد ان يتصدق يأتيه الشيطان ويقول كم يبقى في الحساب اذا دفعت هذه المئة نقص منك كذا وكذا فهذه من الشيطان والله عز وجل يقول وتثبيتا من انفسهم نفس تتردد حال الصدقة يحصل لها شيء من الاضطراب فتحتاج الى تثبيت فهنا انظروا الى ثقتي هذين الامامين بهذه الاوصاف لله عز وجل فيدل ذلك على كمال العلم بالله عز وجل كونك تسمع وترى تجاهد الحال فالطافك لا غنى بنا عنها وهذا يدل ايضا على كمال الصدق والاخلاص. يعني لو كان الانسان يقوم في قلبه شيء اخر من الرياء والسمعة سيقول يا رب انت سميع علي تعلم الحال وما فيه البال اللي في البال اذا كان رياء وسمعة مشكلة فهذا يدل على ثقة هذين الامامين بكمال الاخلاص انك انت السميع المطلع على احوالنا وعلى بواطننا وقلوبنا الاحظ دخول انت ضمير الفصل هنا انك ما قال انك سميع عليم او قال انك السميع العليم بل ادخل شيئين قال انك انت فجاء بظمير الفصل لتقوية النسبة بين طرفي الكلام انت ودخول قل على السميع العليم كأن ذلك يدل على الاختصاص ويشعر بالحصر كأنه لا سميع ولا عليم سواك لان سمع وعلم كل شيء سوى الله تبارك وتعالى لا شيء بالنسبة لسمع الله وعلمه انك انت انت السميع العليم واذا كان هو السميع العليم فلابد من ان يكون عمل الانسان في غاية الصدق والاخلاص بالضبط والاتقان قل السميع العليم ثم يطلع منك على شيء اخر لانك تشهده على نفسك بعمل سيء وببواطن مدخولة بنيات مقاصد فاسدة هذا لا يكون تقبل منا تقبل منا هذا اشعار يعني يشعر الاعتراف بالتقصير تقبل منا العبد ضعيف مهما اجتهد فاذا نظر الى فضل الله عليه ونعمه ان يتوسل الى الله بالقبول ولذلك ايها الاحبة نحن بعد الحج نستغفر وبعد الصلاة نستغفر وبعد قيام الليل من يقوم الليل والمستغفرين بالاسحار بعد القيام يستغفر طيب اذا كان بعد اعمال مباحة اولى بالاستغفار واذا كان بعد المعاصي والذنوب اولى بالاستغفار استغفار بعد هذه العبادات العظيمة ثم ايضا التوسل الى الله عز وجل في كل عمل او في كل دعاء بما يناسبه من اسمائه الحسنى. السميع العليم. هنا يريدون القبول فالله يسمع ويرى ويعلم السميع العليم وفيه اثبات السمع والعلم صفات لله عز وجل واسماء ايضا اسمائه السميع من اسمائه العليم والسميع والعليم صيغة مبالغة اي عظيم السمع يسمع دبيب النمل على الصفا تغيب النمل يسمعه يسمع كل شيء فما يسره الانسان يعلمه الله تبارك وتعالى وما يكون من نجوى فالله يسمعها سميع العليم يعلم كل شيء لا يخفى عليه خافية الطريق هو اصلاح الظواهر والبواطن بحيث يستوي ظاهر الانسان مع باطنه يكون حاله في الخلوة والجلوة على حال سواء هذا هو الطريق الى النجاة ولا طريق سواه لا طريق سواه هذا واسأل الله عز وجل ان يعيننا واياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته الله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه لك لديكم سؤال نعم او اضافة نعم ربنا تقبل منا انا مقدر محذوف ولكنه يسمى في علم البلاغة بالطيء والايجاز ايضا فيترك من الكلام ما يمكن ان يستغنى عنه ثقة بفهم المخاطب لكن مثل هذه العبارات من النواحي البلاغية ربنا تقبل منا انك انت السميع يعني قائلين ربنا يا ربنا تقبل حذف فيها النداء ايضا لكن يمكن يؤخذ من هذا الحذف وهذا الاختصار انهما ايضا بلسان الحال مع لسان المقال بلسان الحال ولسان المقال بحالهما ومقالهما ربنا تقبل منا لكن مثل هذه اللطائف البلاغية هي كما ذكرت في مناسبة سابقة لا يقطع بها انما هي من قبيل الملح ما لم تكن متكلفة ولا يبنى عليها حكم لا علمي ولا عملي لا اله الا الله لا اله الا الله نعم الله اعلم الله اعلم لكن زيادة المبنى لزيادة المعنى الله اعلم لا اعرف الله اعلم نعم طيب السلام عليكم