الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته يقول الله تبارك وتعالى في جملة ما ذكره من الايات التي تتصل بموضوع القبلة وتحويل القبلة والرد على اليهود المعترضين على تحويلها ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير ولكل وجهة لكل امة وجهة يعني قبلة يستقبلونها يتوجهون اليها فانتم معاشر المؤمنين استبقوا الخيرات اتبقوا فعل الخيرات سارعوا اليها وابتدروا الاعمال الصالحات التي شرعها الله تبارك وتعالى لكم ثم قال اينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا في اي موضع كنتم فانكم تصيرون الى الله ترجعون اليه يجمعكم جميعا في يوم القيامة مهما كان عليه الناس من تفرق بلدانهم واوطانهم وتباعد ديارهم فالله يجمعهم ويحشرهم جميعا كما قال الله تبارك وتعالى في الايات التي يتحدث فيها عن الحج فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون هؤلاء الناس تفرقهم من الحج حيث اجتمعوا من اصقاع المعمورة يتفرقون منهم من يتعجل فيخرج في اليوم الثاني عشر ومنهم من يتأخر فيخرج في اليوم الثالث عشر ثم لا يمكن ان يجتمعوا ثانية في الدنيا ابدا لا يجتمعون في موسم الحج الذي بعده ولا في اي موسم كان لان من هؤلاء من يموت قبل ان يصل الى بلده ومنهم من يموت في بلده ومنهم من يعرض له ما يعرض من العجز واسباب العجز والموانع والعوارض المختلفة فهؤلاء لا يجتمعون لكن الله قادر على جمعهم. ولهذا ذكر بالحشر حيث يتفرق الناس واتقوا الله ثم ذكر حشره لهم. فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشر يؤخذ من هذه الاية من سورة البقرة التي نحن بصددها فيما يتصل بموضوع القبلة ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات لاحظوا هنا انه اخبر ان لكل امة واجحف ولم يقل جعلنا لكل امة وجهة لان هذه الوجهة التي يتوجه اليها هؤلاء الناس كاستقبال النصارى للمشرق واستقبال اليهود بالصخرة كل ذلك من المحدث الذي لم يشرعه الله عز وجل لهم. ولكل وجهة هو موليها ومستقبلها ومتوجه اليها لكن في الشريعة قال لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا هذه في الشرائع المنزلة تنوع في الشرائع ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الانبياء عليهم الصلاة والسلام بانهم اخوة لعلات دينهم واحد وشرائعهم شتى اخوة لعلات يعني اخوة لاب الاخوة لاب الامهات شتى الام بمنزلة الشريعة والاب واحد يعني اصل الدين الذي هو توحيد رب العالمين العقيدة اصل الدين الاسلامي لام الوجه لله تبارك وتعالى هذا المعنى ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في وجهي هذا التعبير ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات واذا كان لكل وجهة والواقع انه متوجه اليها هو موليها والناس اسرى لافكارهم ومعتقداتهم فيتيممون حيث كان ذلك الاعتقاد والدين الذي يدينون به ولن يتحولوا الى قبلتك كما اخبر الله تبارك وتعالى من قبل اذا الذي عليكم هو ان تبادروا الى ما ينفعكم ويرفعكم فلا تذهب النفس على هؤلاء حسرات لماذا يتوجهون الى وجهة منحرفة هي رمز وشعار لدين محرف او منحرف او مختلق من اصله والمحرف كاديان اهل الكتاب والمختلقات كاديان اهل الاوثان فهؤلاء سيتوجهون الى وجهتهم ولا انتم عابدون ما اعبد ولا انا عابد ما عبدتم ان تتحولوا ولن اتحول اذا عليكم معاشر المؤمنين ان تبادروا الى ما ينفعكم ويرفعكم فلا تذهب نفوسكم على هؤلاء حسرات لماذا لم يهتدوا بالاسلام ويستجيب للقرآن فان هؤلاء ماضون على ضلالهم وباطلهم والامر ليس اليكم. لكن عليكم ان تبادروا الى الخيرات وهذا يقال ايضا في اهل السنة والجماعة الذين هم اهل الحق اهل السنة المحضة عليهم ان يمضوا كما ان على اهل الاسلام ان يمضوا ولا يشغلهم اولئك من اهل الباطل حينما يجلبون عليهم ويشوشون عليهم باثارة الشبهات ونسبتهم الى الوان من الافك والافتراء والكذب وما اشبه ذلك فاهل السنة ايضا كذلك عليهم ان يمضوا فان المسافر في طريقه اذا التفت لكل عارض يعرض له فانه قد ينقطع في سيره واقل ما يصيبه في ذلك ان يبطئ به السير فيتأخر ويتراجع قد لا يصل فعليه الا يلتفت الى شيء من ذلك ويمضي فلا يعيقه عن طريقه وسيره وسفره نعيق هؤلاء نباح اولئك فان ذلك مؤذن بانقطاع او تأخر قد مثل الحافظ ابن القيم رحمه الله حال السائر الى الله عز وجل ذلك الذي يمضي الى المسجد مثلا فيجد من يعرض له فان اشتغل به فانه يؤخره عن ادراك الركعة او يؤخره عن ادراك الجماعة لكن ان مضى يكون قد ادرك وما ضره فهذا مثل السائر الى الله عز وجل في سفره الى ربه اذا اشتغل بهذا وهذا ومعارك جانبية هنا وهناك وكلام ومهاترات وردود ومناقبات ومع من لا يجدي معه ذلك من اتخذ الجدل دينا والتهكم باهل الصلاح والخير والدين والايمان ديدنا لا شأن لك به ويعيق السائر في طريقه بل اصل ان يمضي الانسان ويحصل من العلوم النافعة والاعمال الصالحة والوان الكمالات والا فانه ان وقف مع كل احد سيتعطل ثم يكتشف بعد مضي العمر وافوله انه لم يحصل شيئا لا من العلم النافع ولا العمل الصالح والاعمار قصيرة يؤخذ من هذه الاية ايضا فاستبقوا الخيرات الامر بالاستباق الى الخيرات قدر زائد على الامر بفعل الخيرات. هنا ما قال افعلوا الخيرات قال فاستبقوا الخيرات الاستباق اليها يتضمن فعلها ويتضمن ايضا ايقاعها على اكمل الاحوال والمبادرة اليها المبادرة اليها ومن سبق في الدنيا الى الخيرات فهو السابق في الاخرة الى الجنات كما يقول الشيخ عبدالرحمن ابن سعدي رحمه الله فالسابقون هم اعلى الخلق درجة عند الله تبارك وتعالى ويؤخذ من هذه الاية كما يقول رحمه الله الاتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل الصلاة في اول وقتها هذا هو الافضل المبادرة الى ابراء الذمة من الصيام قضاء لا يؤخر ويؤجل فقد يموت وكذلك ايضا الحج والعمرة اذا وجب عليه الا ينتظر اخراج الزكاة في وقتها فلا يؤجل ذلك قضاء الديون الاتيان بسنن العبادات وادابها وهذه الاية جامعة لذلك كله فاستبقوا الخيرات بادروا اليها اذا اذن المؤذن لا يوجد اهم من اجابة هذا النداء وضع ما في يدك توجه الى المسجد ان استطعت الا يؤذن المؤذن الا وانت في المسجد فذلك روح وريحان وجنة في الدنيا قبل الاخرة اذا ارتاظت به النفس اعتادت عليه ومثل هذا هو الحري ان يخشع وينتفع بصلاته وان يرى عليه اثر السكينة واثر الصلاة وان تنهاه هذه الصلاة عن الفحشاء والمنكر وهذا من اعظم ما يروض النفوس على الايمان اتبقوا فاستبقوا الخيرات المبادرة في اول العمر والقوة والشباب والنشاط انتهاز الفرص عدم التسويف الصيام النوافل وصلاة الليل صدقات اذا لاحت الفرصة فلا يعرض الانسان عنها او يؤجل ذلك الى حين قد لا يتيسر له فعله فيه طلب العلم البرامج العلمية المتاحة فاستبقوا الخيرات فقد لا يستطيع قد يشغل قد لا يجدها اذا طلبها فيبادر ولا يقول اسمع ذلك فيما بعد اتابع فيما بعد فالمشاهد ان الانسان يقول مثل هذا ثم بعد ذلك يتبعه بتسويف بعده تسويف فيلوح الشيب بمفارقه وما حصل من العلم شيئا الخيرات المسارعة الى الصف الاول تبكير الى الجمعة المسارعة الى صلة الارحام وما الى ذلك دون نظر الى حال هؤلاء من كونهم يبادرون في الصلة فلا يكون ما يفعله من البر والاحسان والصلة على سبيل المعاوضة والجزاء انما يكون ذلك مبادرة منه مسابقة فيسبقهم الى كل فضيلة وهكذا لا يعرض عليه شيء من المعروف والخير والبر الا وبادر اليه سواء كان ذلك من العفو عمن ظلمه او الاحسان اليه او الاصلاح بين الناس او نحو هذا ومن يبخل فانما يبخل والله المستعان نعم هذا ايضا يؤخذ من هذه الاية استبقوا الخيرات. اذا جاءت المواسم مواسم الطاعة والعبادة المبادرة اليهم ليس بصحيح ان تستوي هذه المواسم مع غيرها تأتي عشر ذي الحجة ويأتي رمظان والعمل هو العمل ما تغير ما زاد ما طرأ عليه شيء بعشرة ذي الحجة قبل وقبلها الحال سواء فهذا يدل على ضعف اليقين وعلى ثقل النفس وقعودها عن الطاعة فاستبقوا الخيرات وكذلك ايضا يؤخذ من هذه الاية فوائد اخرى يكفي ما ذكر ثم قال الله تبارك وتعالى ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وانه للحق من ربكم الله بغافل عما تعملون ومن اي مكان خرجت خطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم وموجه لجميع الامة بسفر وغير ذلك واردت الصلاة فوجه وجهك نحو المسجد الحرام وهذا هو الحق الثابت من ربك وما الله بغافل عما تعملون سيجازيكم على ذلك هنا يؤخذ من هذه الاية لزوم استقبال القبلة في الفرض في جميع الاحوال في السفر والحذر ايا كان سواء كان في الطائرة مخرجه ومن حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام او في الباخرة او في السيارة او في غير ذلك من المراكب فانه يتوجه الى المسجد الحرام الا اذا عجز عن ذلك اما النافلة فقد دلت السنة كما في حديث ابن عمر وغيره على ان المصلي يتوجه حيث توجهت به راحلته في السفر من حيث خرجت فولي وجهك شطر المسجد الحرام وهذا امر والامر للوجوب وفي قوله تبارك وتعالى وانه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون. لا الحق من ربك هذا هو الحق الثابت من الله فليست بقبلة محدثة وما الله بغافل عما تعملون. هذا فيه ما يبعث على مراقبة الله عز وجل بالاعمال بالاتيان بها على الوجه الاكمل على الوجه الصحيح على تحري القبلة دون تفريط فانه اذا فرط لا تصح صلاته وكذلك ايضا ما يتعلق باعمال العباد من الصالحات فيجازيهم عليها لان الله ليس بغافل عنها وكذلك ما يقع من الاخلال بشيء من ذلك او المخالفات والمعاصي وما الله بغافل عما تعملون. فهذا كله مما يربي المراقبة في النفوس اذا استحضره المؤمن صار يراقب ربه في جميع احواله واعماله ولا يكون في قلبه ادنى التفات الى غير الله تبارك وتعالى فكما يتوجه بوجهه الى المسجد الحرام يتوجه بقلبه الى الله دون ان يلتفت الى احد سواه يرائي او يسمع او غير ذلك فهما وجهتان وجهة المصلي بوجهه حيث يستقبل القبلة ووجهته بقلبه الى ربه وفاطره جل جلاله وتقدست اسماؤه فلا يكون فيه ادنى التفات الى احد من المخلوقين يزين العبادة من اجلهم ونحو ذلك وما الله بغافل عما تعملون. فيدخل في اعمال القلوب من الاخلاص والنيات والمقاصد ويدخل فيه اعمال البدن ويدخل فيه اعمال اللسان ويدخل فيه التروك يعني ما يتركه الانسان هو من جملة الافعال كما هو معلوم قد مضى الكلام على هذا في مناسبات سابقة لئن قعدنا والنبي يعمل فذاك منا العمل المضلل فسماه عملا سمى القعود كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون فسماه فعلا يعني ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذا واسأل الله تبارك وتعالى ان ينفعنا واياكم بما سمعنا ويجعلنا واياكم هداة معتدين والله اعلم من لديكم سؤال نعم نعم يقول الشيخ بانه هل يفهم منها معنى اعم ولكل وجهة هو موليها؟ يعني كقوله مثلا قل كل يعمل على شاكلته استخرج منها بعضهم بعض من يكتب في التدبر هذا المعنى فحملها على معنى قال ولكل وجهة هو موليها. كل انسان يعمل بما يحسن وبما فتح له به عليه ما فتح لي فهذا في باب الصدقات وهذا في باب العلم وهذا في باب العبادات المتنوعة من صلاة وصيام وقراءة وذكر وهذا في باب الامر بالمعروف والاحتساب ونحو ذلك لكن هذا ليس هو معنى الاية ولكل وجهة هو مولية فاستبقوا الخيرات الكلام هنا في القبلة لكن هذا المعنى اذا ذكر يكون من قبيل التفسير الاشاري يعني من باب ان الشيء بالشيء يذكر اذا كان لكل وجهة هو موليها فيمكن ان يؤخذ بهذا الاعتبار ان لكل احد عمل قد فتح له فيه فاستبقوا الخيرات انظروا انتم في اجل الاعمال وافضل الاعمال واكمل الاعمال فبادروا اليه اقطع فيه ايام العمر فهي مراحل السفر هذا من قبيل التفسير الاشهاري في توصيفه لكنه ليس هو معنى الاية في امثلة قليلة صحيحة هذا المعنى صحيح لكن لا يقال هذا معنى الاية ينبه على هذا يقال يؤخذ يؤخذ من الاية بطريق الاعتبار بطريق الاعتبار لان لا يفهم ان هذا معنى الاية فان هذا لا يستخرج بطريق من طرق الدلالة المعروفة المعتبرة لكن هو من باب الاعتبار ان الشيء بالشيء يذكر اذا كان بكل وجهة وقبلة فكذلك ايضا لكل عمل قد فتح له به فبادروا انتم الى اجل الاعمال وافضلها والله اعلم طيب طبعا يؤخذ من الاية الثانية من الفوائد الاعمال رد على الجبرية وما الله بغافل عما تعملون. فاضاف الاعمال اليهم هذا واضح