بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمحاضرات الدكتور صالح بن فوزان الفوزان. الاستقامة واثرها في حياة الفرد والمجتمع بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه واستقام على سنته الى يوم الدين اما بعد الموضوع كما سمعتم موضوع مهم جدا موضوع الاستقامة والكلام في هذا الموضوع يتلخص في بيان معنى الاستقامة وبيان فظلها وبيان ما يضادها ويخالفها ما يتعلق بذلك من احكام واثار تترتب عليه قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في ايات كثيرة قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ولاتباعه فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير قال سبحانه وتعالى فاستقيموا اليه واستغفروه وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالاخرة هم كافرون والايات في هذا المعنى كثيرة جدا بلفظه وبمعناه القرآن يحث على الاستقامة وقد وصف الله جل وعلا صراطه بانه مستقيم قال سبحانه وتعالى وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ووصف صراط المؤمنين بانه مستقيم. قال سبحانه وتعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين والنبي صلى الله عليه وسلم كما روى مسلم عن سفيان بن عبدالله رضي الله عنه انه جاءه رجل فقال يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه غيرك قال النبي صلى الله عليه وسلم قل امنت بالله ثم استقم امنت بالله ثم استقم لخص له الجواب في كلمتين عظيمتين قل امنت بالله ثم استقم الذي يجمع بين الايمان والاستقامة هذا قد جمعه قد جمع الله له الخير كله كما قال سبحانه وتعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم قال سبحانه وتعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. فالذين جمعوا بين هاتين الصفتين العظيمتين الايمان بالله والاستقامة يحصلون على هذا الوعد الكريم. من الله سبحانه وتعالى فالايمان هو العقيدة الايمان هو العقيدة الصحيحة التي تكون في القلب وعلى اللسان وعلى الجوارح هذا هو الايمان. كما عرفه علماء هذه الامة قالوا الايمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح هذا هو الايمان القلب يصدق واللسان ينطق والجوارح تعمل ليس الايمان مجرد القول بلا عمل وليس الايمان مجرد القول والعمل بدون اعتقاد وليس الايمان مجرد الاعتقاد بدون قول ولا عمل كل هذه ليست بالايمان. الايمان هو مجموع هذه الامور اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح القول باللسان يعني النطق بالشهادتين والنطق بذكر الله سبحانه وتعالى. والاعتراف بنعم الله. تسبيح التهليل والتكبير تعظيم الله سبحانه وتعالى الاعتقاد يعني التصديق بان يصدق قلبه ما تنطق ما ينطق به لسانك والا فالمنافقون ينطقون بالشهادتين وينطقون بالاسلام ولكن قلوبهم ولكن قلوبهم منكرة كافرة ولذلك صاروا في الدرك الاسفل من النار الكفار يعترفون بقلوبهم. ويصدقون بقلوبهم ويؤمنون بالله بقلوبهم. بل ويؤمنون بالامر في قلوبهم ولكنهم لا ينطقون بذلك بالسنتهم بل يجحدون وينكرون بالسنتهم ولا يعملون بجوارحهم فصاروا كفارا مشركين خالدين مخلدين في النار فابليس يعرف ان الله جل وعلا هو الرب المستحق للعبادة. يعرف هذا بقلبه ولكنه ولكنه جحد بلسانه استكبر عن طاعة ربه عز وجل وحسد ادم عليه السلام وعصى الله ولم يمتثل امره بالسجود لادم فلم ينفعه تصديقه بقلبه والله جل وعلا يقول عن الكفار قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون. فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون فهم يعترفون انه رسول الله. وانه صادق امين. ولكن الكبر والحسد منعهم من الايمان بالله ورسوله. ولكن الحمية الجاهلية منعتهم من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى قال قائلهم ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البرية دينا فهو يعلم بقلبه ان دين محمد هو الدين الحق. ولكن منعه ولكن منعه التعصب لدين الاباء والاجداد من ان يدخل في دين محمد فصار من اهل النار الله جل وعلا ايضا يقول عن المشركين الاولين من الامم وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا. فانظر كيف كان عاقبة مفسدين استيقظتها انفسهم استيقنت ايات الله التي جاء بها موسى عليه الصلاة والسلام. استيقنتها انفسهم حتى قال موسى فرعون لقد علمت ما انزل هؤلاء الا رب السماوات والارض بصائر فجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعقولا. الذي حملهم على هذا ظلم والعلو عن الانقياد للحق فهم لم يستقيموا وان كانوا يعتقدون بقلوبهم ويصدقون بقلوبهم وكذلك الذي يعتقد بقلبه وينطق بلسانه يعتقد صحة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ويشهد انه رسول الله بلسانه لكنه لا يعمل بطاعة الله ورسوله. ترك الاعمال ترك الصلاة ترك الصيام ترك الزكاة ترك الحج والعمرة ترك الاعمال الصالحة. وهو يؤمن بقلبه وينطق بلسانه. هذا ليس بكم هذا ليس بمؤمن لانه لم يصدق اعتقاده واقواله لم يصدق ذلك بعمله والله جل وعلا يقول لم تقولون ما لا ما لا تعملون ما لا تفعلون. لم تقولون ما لا تفعلون اذا هذا هو الايمان. قول باللسان اعتقاد بالجنان. وعمل بالاركان لذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم سأله جبريل عن الايمان قال الايمان ان تؤمن بالله واليوم الاخر ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه رسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ثم سأله عن الاسلام فقال الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله تقيم الصلاة تؤتي الزكاة تصوم رمضان حج بيت الله الحرام ان استطعت اليه سبيلا فلابد من الجمع بين الاسلام والايمان الجمع بين الايمان في القلب والاسلام في الجوارح هذا هو الدين هذا هو الدين. اسلام وايمان اسلام بالجوارح وايمان بالقلب. لا بد من اجتماع هذين الامرين العظيمين ظاهرا وباطنا. هذا هو الايمان بالله سبحانه وتعالى فاذا اختل شيء من ذلك لم يكن ايمانا صحيحا وان كان ايمانا من ناحية اللغة لكنه ليس ايمانا شرعيا صحيحا ينقذ من النار ويدخله الجنة والا فالله جل وعلا يقول عن المشركين وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون عندهم ايمان في قلوبهم. لكنهم افسدوه وافسدوه بعدم الانقياد والاستقامة. هذا هو الذي جعلهم في النار ثم استقم ما هي الاستقامة؟ عرفناها الاستقامة هي تنفيذ هذا الايمان وظهوره على اللسان وعلى الجوارح. اتباع الايمان بالعمل لان لان الايمان بدون عمل لا يصح. والعمل بدون ايمان لا يصح. فلا يصح الا ايمانه وعمل مقترنين هذا هو الاستقامة على دين الله. قل امنت بالله هذا لا يكفي ان تقول امنت بالله. لا يكفي. بل لا بد ان تستقيم مع ذلك ان تستقيم على هذا الايمان الذي قلته ونطقت به لابد ان تستقيم عليه بان تؤدي ما اوجب الله عليك وتترك ما حرم الله عليك تريد ثواب الله؟ وتخاف من عقاب الله سبحانه وتعالى هذه هي الاستقامة لان الاستقامة في اللغة معناها الاعتدال الاعتدال بين طرفين والشيء المستقيم هو الخط المعتدل الخط المستقيم هو الخط المعتدل يوضح هذا ما جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الاية وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله تخط صلى الله عليه وسلم خطا معتدلا وخط خطوطا عن جانبيه معوجة. وقال للخط المعتدل هذا صراط الله وقال عن الخطوط التي عن يمينه ويساره وهي خطوط معوجة قال هذه سبل على كل منها شيطان يدعو اليه هذه هي السبل وهي الطرق المنحرفة والمذاهب الهدامة. والاعتقادات الباطلة هذه هي السبل وهي كثيرة سبل الضلال وسبل الانحراف كثيرة. لا حصر لها. لان كل شيطان من شياطين الانس والجن له طريقة ويبتكر له خطة يدعو الناس اليها وهذا لا ينحصر ولا ينتهي. اما صراط الله فهي واحدة. ليس فيها تعدد ولا انقسام ولا اعوجاج طريق واحد وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين انعمت عليهم هؤلاء اهله اهل الصراط المستقيم هم المنعم عليهم. ومن هم المنعم عليهم؟ هم المذكورون في قوله تعالى ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين انعم الله عليهم. من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وحسن اولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما هؤلاء هم اهل الصراط المستقيم الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. ما بقي احد من المؤمنين هؤلاء هم المؤمنون على اختلاف منازلهم وطبقاتهم عند الله سبحانه وتعالى. اعلى اعلى طبقات المؤمنين الانبياء عليهم الصلاة والسلام هم افضل الخلق على الاطلاق ثم يليهم الصديقون من الامم. ثم الشهداء ثم الصالحون. وهذا يشمل كل مؤمن. الصالحون يشمل كل مؤمن بالله ورسوله كلهم من الصالحين. ويتفاوتون في صلاحهم واستقامتهم. لكن كلهم من اهل الصراط المستقيم ولو كان عند بعضهم بعض التقصير او الخلل الذي لا الذي لا يفسد العقيدة وانما هو شيء من المعاصي. التي لا تصل الى حد الشرك والكفر فهؤلاء من الصالحين على قدر ما فيهم من الصلاح هذه هذا طريق الاستقامة. وهؤلاء هم الذين يسيرون عليه من المؤمنين اولهم الانبياء ثم بعدهم طبقات المؤمنين اتباع الانبياء من الصديقين والشهداء والصالحين وهذا يشمل كل مؤمن بالله ورسوله الى ان تقوم الساعة كلهم يسيرون على هذا الطريق المستقيم ثم ذكر اصحاب الطرق الضالة وهم فريقان الفريق الاول فريق المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به. عرفوا الحق ولم يعملوا به اما عنادا واما تكبرا واما واما تقليدا وتعصبا لما عليه الاباء والاجداد تركوا الحق وهم يعرفونه واول من يتصف بهذا اليهود. لان اليهود عندهم علم وهم اهل كتاب ولكنهم تركوا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم عنادا وحسدا من عند انفسهم فهم لم لم يتركوا الحق عن جهل وانما تركوا الحق عن عناد وعلم عصوا الله على بصيرة وكذلك كل عالم عرف الحق ولم يعمل به. فان له نصيبا من هذا الوصف الخبيث كل من عنده علم من كتاب الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلم يعمل به فانه يكون له نصيب من غضب الله هم له نصيب من غضب الله لانه عصى الله على بصيرة. وليس هذا خاص باليهود بل هو شامل لكل من اتصف بهذه الصفة من اليهود وغيرهم والفريق الثاني من المنحرفين عن الصراط المستقيم اهل الضلال وهم الذين يعبدون الله على جهل ليس عندهم علم وانما يعبدون الله على حسب عوائدهم وما وجدوا عليه اباءهم او ما تهواه انفسهم او ما استحسنوه بعقولهم فهم يتركون العلم النافع ولا يتعلمون العلم النافع رغبة عنه عدم اهتمامه به ويتقربون الى الله بدين لم يشرعه الله عز وجل بالبدع والخرافات والمحدثات التي ابتكروها هم او ابتكرها لهم غيرهم. من شيوخهم وقادتهم ومتبوعين فهم تركوا العلم النافع والدليل الواضح من كتاب الله وسنة رسوله. وصاروا يتقربون الى والله ان اعمالي ليست من شرع الله عز وجل ولا من دينه وانما هي من دين المبتدعة وهذا يشمل النصارى وكل من سار على هذا المنهج من كل مبتدع ومخرف اعبدوا الله على غير علم وعلى غير دليل من كتاب الله وسنة رسوله وانما يقول هذه عبادة وجدت عليها فلانا وفلان او هذه عبادة اتقرب بها الى لانني رغبت فيها واستحسنتها وما اشبه ذلك من الشبه الباطلة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. وفي رواية من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد في الحديث الاخر يقول صلى الله عليه وسلم فانه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور. فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية ان كل ظلالة في النار هذا طريق الظالين وعلى هذا الطريق كثير من المتصوفة والمتعبدة الذين ليس عندهم علم وانما عندهم اجتهاد في العبادة لكن اغلبها على غير دليل. وعلى غير هدى من كتاب الله وسنة رسوله بل بلغ الامر ببعض الفرق من هؤلاء الى ان يزهدوا في تعلم العلم النافع ويقولون لاتباعهم لا لا تدرسوا العلم لا تجلسوا للدراسة لا تجلسوا على العلماء هذا يشغلكم عن العبادة. تعلم العلم كثير ويحتاج الى وقت. فاذا جلستم للدراسة وجلستم تعلم شغلكم هذا عن العبادة والمقصود العبادة اشتغلوا بالعبادة واتركوا الاشتغال بالعلم. لان لا يعوقكم. هكذا يقولون. فعبدوا الله على جهل فتركوا تركوا العلم وتركوا العبادة الصحيحة. لان العبادة لا تكون صحيحة نافعة الا اذا كانت علم كما ان العلم لا يكون نافعا الا اذا كان مع عمل. فهما قرينان لا يفترقان. العلم والعمل قرينان لا يفترق لا ينفع علم بدون عمل. ولا ينفع عمل بدون علم الله جل وعلا يقول هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق. الهدى هو العلم النافع. ودين الحق وهو العمل الصالح فهما قرينان بعث بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن فصل بينهما فانه يكون خاسرا في الدنيا والاخرة الذي يتعلم ويتعب نفسه في التعلق. ولا يعمل بعلمه هذا خاسر والذي يعمل ولا يتعلم هذا ايضا خاسر لابد من الامرين جميعا وهذا هو طريق الاستقامة. التي امر الله جل وعلا بها في قوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تقضى لاحظ لاحظوا قوله تعالى فاستقم كما امرت ان الاستقامة لا تكون الا اذا كانت متمشية على الامر. يعني على الشرع ما كل من عبد الله واجتهد في العبادة يقول انا مستقيم حتى يكون عبادته واجتهاده يكون على وفق الكتاب والسنة كما امرت بهذا الشرط واحد يظن ان كثرة العبادة وكثرة الذكر وكثرة الاشتغال بالقربات يظن ان هذا استقامة مطلقة لا لا يكون ذلك استقامة الا اذا كان مرتبطا بالكتاب والسنة اذا اجتمع كثرة العمل الصالح مع العلم النافع هذا خير اذا اجتمع كثرة العبادة والاجتهاد في العبادة وقضاء الاوقات في العبادة على طريق صحيح فهذا هو الخير الخالص لكن اذا كثر العمل والعبادة بدون علم فهذا ظياع هذا ضلال ولا الظالين الظال هو الظايع الذي يتعب نفسه مثلا الذي يسير يريد يريد بلدا او مكانا معينا يتعب نفسه في السير اذا كان على غير طريق صحيح الى هذا المكان ظل وضاع وتعب ولا وصل الى المقصود يمكن يمشي الليل والنهار يريد البلد او يريد المكان وهو بعيد كل البعد عنه. لماذا؟ لانه لم يثبت الطريق اليس الكلام على الاتعاب والكلام على الاجتهاد؟ الكلام على الصواب هذا هو المقصود ولهذا يقول جل وعلا ليبلوكم ايكم احسن عملا قال الفضيل بن عياض رحمه الله ايكم احسن عملا اخلصوا واصلوا قالوا يا ابا علي ما اخلصه واصومه؟ قال اخلصه ان يكون خالصا لوجه الله. واصوبه ان يكون صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فان العمل اذا لم يكن خالصا لم ينفعه واذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم ينفع. حتى يكون خالصا صوابا. لهذا الشرط في هذين الشرطين هذا هو الاستقامة الصحيحة كما امرت ثم قال سبحانه وتعالى ولا تطغوا بعض الناس يستقيم على الطاعة ويستقيم كما امر على الدليل ولكن قد يشتط ويزيد ويغدو وهذا اذا بلغ الى حد الغلو خرج عن عن الاستقامة ولو كان في الاصل صحيحا لكن الشيء اذا زاد كل شيء زاد عن حده انقلب الى ضده الاستقامة بدون غلو وبدون تشدد هذا هو المقصود ولا تفهم الطغيان هو الزيادة عن الحد المطلوب جاء ثلاثة نفر الى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما اخبروا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم كانهم تقالوه وقالوا اين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال احدهم اما انا فاصوم ولا افطر وقال الاخر اما انا فاصلي ولا انام وقال الثالث اما انا فلا اتزوج النساء فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب صلى الله عليه وسلم وقال انتم الذين قلتم كذا وكذا اما والله اني لاتقاكم لله واعرفكم بالله واني اصوم وافطر واصلي وانام واتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني الدين دين يسر ولله الحمد دين سمح ليس فيه غلو ولا تشدد ولا زيادة ولا ارهاق للنفوس وانما هو دين اعتدال ودين استقامة ودين رفق بالنفس ورفق بالغير ليس فيه حمل على النفوس ما لا تستطيع النبي صلى الله عليه وسلم يقول سددوا وقاربوا سددوا وقاربوا ويقول استقيموا ولن تحصوا معنى سددوا وقالوا تسديد محاولة اصابة الهدف والمقاربة معناها مقاربة اصابة الهدف. الانسان اذا لم يستطع الاصابة على الاقل يكون مقارب للاصابة. واذا قارب الاصابة حصل المطلوب قد يكون عند الانسان تقصير فلا يحصل على الاصابة يكون مقاربا على الاقل سددوا وقاربوا. والتسديد معناه اصابة الهدف بدون مغالاة وبدون تقصير هذا هو الاستقامة او المقاربة اصابة الهدف لمن لا يستطيع الاصابة. والله جل وعلا لا يكلف نفسا الا وسعها اي الانسان اذا اجتهد في اصابة الحق وعبد الله على علم واجتهد في اصابة الحق لكن اخطأ بعض الخطأ عن غير قصد فان الله يغفر له يغفر له خطأه الذي لم يقصده. مع محاولته الاصابة ومع محاولته الصواب يأجره الله على نيته ويغفر له خطأه لكن الكلام في الذي لا يسدد ولا يقارن بل يزيد ويخرج عن عن المطلوب. هذا هو الغالي المتشدد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون قالها ثلاثة. والمتنطعون هم المتشددون في العبادة في اي شيء يتقربون به الى الله لا يكون بتشدد وانما يكون بتوسط واعتدال من غير افراط ولا تفريط. هذا هو الصواب ولهذا قال ولا تطغوا هذا نهي من الله رسوله صلى الله عليه وسلم ولاتباعه عن الغلو في الاستقامة وان الاستقامة ليس معناها الغلو والزيادة والتنطع وانما معناها الاعتدال وسطية هذا هو المطلوب ولا تطغب وقال صلى الله عليه وسلم اياكم والغلو فانما اهلك من كان قبلكم الغلو وهذا في قوله تعالى يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا اهواء قوم قد ظلوا من قبل واضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل قال سبحانه وتعالى يا اهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله الا الحق وذلك لان النصارى غلوا في المسيح عليه الصلاة والسلام. حتى جعلوه ابن الله. او جعلوه هو او ثالث ثلاث تعالى الله عما يقولون هذا ظلم هذا غلو في الشخص غلو في المسيح عليه الصلاة والسلام. المسيح عبد الله ورسوله وليس ابن الله وليس هو مستحقا للعبادة. لانه عبد لله لا يعبد الذي يرى ان المسيح هو ابن الله هذا غلا كما غلت اليهود في عزير وقالوا عزير ابن الله. تعالى الله عما يقولون هذا ظلم وزيادة عن الحد الغلو ممنوع والزيادة ممنوعة التشدد ممنوع في هذا الدين. في اي عبادة من العبادات؟ تشدد لا يأتي بخير. وانما يأتي بالضبط كل شيء تجاوز حده انقلب الى ضد فيجب ان تراعى هذه القاعدة استقامة من غير غلو. ومن غير تشدد وفي الاية الاخرى يقول جل وعلا فاستقيموا اليه واستغفروه ما مناسبة قرن الاستغفار؟ مع الاستقامة وما مناسبة قرن النهي عن الطغيان مع الاستقامة لا بد نعرف هذا. اما قرن النهي عن الطغيان مع الاستقامة فقد عرفناه لكن ما معنى قول الاستغفار مع الاستقامة قالوا لان المستقيم قد يحصل منه خطأ قد يحصل منه تقصير بالاستقامة الانسان بشر يحصل تقصير في الاستقامة فيحتاج الى الاستغفار من اجل ان يرفع هذا التقصير. ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم استقيموا ولن تحصوا هل احد يحصي الدين كله هل بامكان الانسان انه يأتي بالدين كله ولا يترك منه شيء؟ هذا مستحيل. اذا الاستغفار استغفر ربك عن التقصير واذا استغفرت ربك عن التقصير غفره لك ولهذا كل عبادة من العبادات تتبع بالاستغفار الفريضة صلاة الفرائض تتبع بالاستغفار. كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا سلم قبل ان ينصرف الى اصحابه وهو متجه الى القبلة يقول استغفر الله استغفر الله استغفر الله ثلاث مرات بعد ما يسلم من الصلاة فريضة يستغفر ثلاث مرات عليه الصلاة والسلام. لماذا؟ لانه قد يحصل خلل في الصلاة وتقصير فالاستغفار يرفع هذا الخلل وهذا التقصير وكذلك الله جل وعلا وصف المتقين لانهم كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون يستغفرون لماذا؟ مع انهم مع انهم في في تهجد في صلاة ليل لماذا يستغفرون بعدهم؟ لان تهجدهم قد يدخله شيء من النقص قد يدخلها شيء من النقص لانهم بشر فهم يستغفرون ليكملوا هذا النقص وبالاسحار هم يستغفرون. يتبعون التهجد بالاستغفار. ولا يعجبون بانفسهم ويقولون نحن صلينا الليل نحن قمنا وتهجدنا ما يقولون هذا يقولون لا نحن مقصرون مهما عملنا فاننا مقصرون في حق الله سبحانه فيستغفرون الله جل وعلا هذا هو الاستقامة تقيم اليه واستغفروه ما احد يصف نفسه بانه مستقيم. يجزم لنفسه بانه مستقيم. بل يعتبر نفسه مقصرا دائما. استقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة. ولا يحافظوا على الوضوء الا مؤمن. يقول صلى الله عليه وسلم استقيموا اليه واستغفروه هذا يقمع الكبر والاعجاب وان الانسان مهما عمل ومهما استقام فانه يعتبر نفسه مقصرا في حق الله سبحانه وتعالى كما وصف الله جل وعلا بذلك خلاصة عباده. ان الذين هم بايات ربهم يؤمنون. والذين هم بربهم لا يشركون ان الذين هم من ان الذين هم من ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون. والذين هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هم هؤلاء؟ الذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة اهم الذين يزنون ويسرقون يا رسول الله؟ قال لا يا ابنة الصديق. انهم قوم يصلون ويصومون ويفعلون كذا وكذا ولكنهم يخافون ان ترد عليهم اعمالهم فهم يعبدون الله ويخافون من الله جل وعلا. لا يعجبون بانفسهم ولا باعمالهم لانهم لا يدرون هل ادوها على الوجه الصحيح او لا؟ قد يكون فيها خلل وايضا لو ادوها على الوجه الصحيح فانها لا تفي بحق الله سبحانه وتعالى وبشكر الله على نعمه فهم مقصرون مهما عملوا. فلذلك يستغفرون الله جل وعلا ويخافون. يخافون من ذنوبهم ويخافون من تقصيره والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون. يعني يحملهم هذا على انهم يكثرون من الطاعات اذا استقلوا اعمالهم وعرفوا تقصيرهم تسارعوا الى الطاعات والزيادة من الطاعات. اولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون لغيره بسبب انهم يستشعرون النقص دائما. اما الذي يدعي الكمال ويدعي انه اتى بالواجب فهذا يتقاعس عن الاعمال. ويظن انه ما اتى به يكفي. ولا يسارع الى الخيرات ولا يسابق اليهم هذا من ثمرات اعتبار الانسان نفسه دائما مقصر. فانه يعتبر نفسه مقصرا فانه يزداد من الطاعات اما اذا ادعى لنفسه الكمال فان هذا يبعده عن الطاعات ويكسله عن العبادات وقد يؤول به الى حقوق العمل. اذا اعجب بعمله والعياذ بالله فاستقيموا اليه واستغفروه اذا ما هي الاستقامة؟ اظننا من خلال ما مر عرفنا الاستقامة انها الاعتدال بين طرفي الغلو وطرف التساهل والتفريط فالذي يتساهل في الطاعة هذا طرف يتساهل فيها والذي يترك الطاعة نهائيا هذا طرف متطرف منحط والذي يزيد في العبادة ويغلو هذا طرف. طرف خارج عن الاعتدال من اهل الغلو والعياذ بالله. اما الوسط الذي بين الافراط والتفريط وبين التساهل والتشدد هذا هو الذي يسير على المنهج الصحيح بين الافراط والتفريط. ولهذا يقول بعض السلف دين الله بين الغالي والجافي الغالي هو الذي يزيد عن المطلوب ويتجاوز الحد المشروع التشدد والجافي هو الذي يقصر ويتساهل لان بعض الناس قد يحمله الخوف الى اليأس من رحمة الله وبعض الناس يحمله التساهل على الامن من مكر الله جل وعلا اما المستقيم فانه يجمع بين الخوف من عقاب الله والرجاء لرحمة الله يجمع بين الخوف والرجاء هذا هو المستقيم بين طرفي بين طرفي القانط من رحمة الله الامن من مكر الله. قال تعالى انه لا قال تعالى انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون قال تعالى ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون فالواجب الاعتدال بين الامرين. بان يكون المؤمن راجيا لرحمة الله خائفا من عقاب الله. فاذا رجا رحمة الله اكثر من الطاعات واذا خاف من عقاب الله تجنب المعاصي اما اذا خرج عن هذا الخط المعتدل الى خط الغلو او خط التساهل فانه يقع تحت طائلة الخسارة والخروج عن الصراط المستقيم هذه هي الاستقامة ايها الاخوة التي اوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلكم الرجل الذي سأله فقال قل لي في الاسلام قولا لا اسأل عنه احدا غيرك. قال قل امنت بالله ثم استقم اجعلوا هذا الحديث منهجا تسيرون عليه امنت بالله ثم استقيموا على ذلك فبذلك تحصل لكم السعادة والنجاة في الدنيا والاخرة اما من ترك هذا المنهج فانه يكون خاسرا في الدنيا والاخرة. اما مع الغلاة والمتشددين واما مع المتساهلين المفرطين. نسأل الله العافية السلام وهذا هو ما جاء في سورة الفاتحة. اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم هؤلاء هم الاعتدال اهل العلم والعمل العلم النافع والعمل الصالح غير المغضوب عليهم وهم اهل التفريط. الذين تعلموا ولم يعملوا تفريط وتساهم ولا الظالين هؤلاء هم اهل الغلو من النصارى وغيرهم الذين عبدوا الله على جهل وعلى ضلال وغلوا واشتدوا حتى صار منهم الرهبان الرهبانية وصار منهم الولاة والمتطرفة. نسأل الله العافية والسلامة واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين. واسأله سبحانه وتعالى ان يرزقنا واياكم الاستقامة على الدين. والصراط على المنهج طويل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين