الحمد لله رب البريات احمده سبحانه المنعم على المخلوقات واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له رافع الدرجات واشهد ان محمدا عبده ورسوله سيد الاولين والاخرين من بني ادم اجمعين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى اله واصحابه الغر الميامين مين؟ وعلى من تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد فهذه كلمة بعنوان توجيهات لخريجي الكليات الشرعية واردت بهذه الكلمة ان اذكر نفسي واياهم ممن تخرجوا او يتخرجون من كليات الشريعة مما ينبغي علينا جميعا ان نلتزمه في حياتنا حتى الممات وجعلتها في عشر توجيهات. التوجيه الاول الدوام على الاخلاص حتى الخلاص فان من اولى المهمات لا سيما لطالب العلم الشرعي ملازمة الاخلاص بالقول والعمل فيما يأتي وفيما يذر والله جل وعلا يقول الا له الدين الخالص. الا لله الدين الخالص ويقول وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. وطلب العلم الذي تعلمه خريج الكليات الشرعية وخريجات الكليات الشرعية عبادة هذه العبادة لا تنقطع بوجود الورقة والكرتونة والشهادة في البيت وتعليقها وترميزها هذه العبادة لابد من الاخلاص فيها حتى الخلاص لابد ان نخلص في تعليمنا ما علمناه وما امر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم ان يطلب فيه الزيادة الا العلم فقال له وقل ربي زدني علما فطالب العلم وان تخرج من الشريعة فانه من حيث الوصف الوظيفي متخرج لكنه من حيث منزلته عند الله لا زال في الطلب فلابد من الاخلاص والاخلاص طريق الخلاص وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح وهو قافل من غزوة تبوك ان في المدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا نزلتم واديا ولا قاتلتم عدوا الا شاركوكم في الاجر قالوا يا رسول الله وهم في المدينة؟ قال نعم. وهم في المدينة حبسهم العذر فالاخلاص قد يبلغ بالانسان مرتبة لا يصل اليها كثير من العاملين ممن فقدوا الاخلاص ولهذا قال من قال من السلف ما سبق الصديق الناس بكثير عمله وانما بشيء وقر في قلبه وهذا ما نقوله نحن ما ظهر من العلماء علمهم ولا انتشر بين الانام كتبهم الا بشيء من الاخلاص في قلوبهم ولهذا قيل للامام مالك رحمه الله لما الف موطأه ان كثيرا من اقرانك وزملائك قد الفوا الموطئات فقال مالك رحمه الله ما كان لله دام واتصل واصبح الناس اليوم بعد اكثر من الف واربع مئة والف وثلاث مئة وخمسين سنة لا يعرفون الا موطأ مالك التوجيه الثاني اعلم يا خريج الشريعة ان من ثبت نبت فاثبت على طلب العلم وداوم على العلم لا سيما وانت تعلم ان اقصر باب واوسع باب الى الجنة باب طلب العلم ولهذا قال من قال من السلف كالامام ابي حاتم الرازي وبزرعة عبد الكريم الرازي والامام احمد وغيرهم قالوا مع المحبرة الى المقبرة لا يدعن احد طلب العلم كما سمعت الامام وهو يقرأ يرفع الله الذين امنوا منكم. والذين اوتوا العلم درجات فمن ثبت على طلب العلم نبت وهذا الثبات بحاجة الى عمر مديد كما قال سفيان بن عيينة ان الاغمار يكثرون ثم يتناثرون يعني يتساقطون فينشغل هذا ويتزوج هذا ويعمل بالتجارة هذه حتى لا يبقى من المئين منهم الاعلى اعداد رؤوس الاصابع فلابد من الثبات حتى الممات في طلب العلم الانسان لا ينضج الثمار الجيدة الثمار العظيمة لا تنضج بسرعة وانما تحتاج الى وقت والاشجار المثمرة التي تدوم لا تثمروا بسرعة وانما تثمر بعد رعاية سنوات وسنوات كالنخلة مثلا ولهذا انظروا الى ابي بكر رظي الله تعالى عنه وعمر وعثمان وعلي بقية الصحابة كم ثبتوا في لزوم النبي عليه الصلاة والسلام اكثر من عشرين سنة وهم من هم في فهمهم وذكاءهم. ونقائهم ومعلمهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع هذا احتاجوا الى هذا العمر المديد فلا يقولن قائل يغتر بنزغات الشيطان ان تخرجه بعد اربع سنوات كاف في طلب العلم وهذا الامام ما لك لازم ربيعة الرأي سنين طويلة حتى توفي ولازم نافعا سنين طويلة حتى توفي وهذا الامام ابو يوسف القاضي يعقوب ابن ابراهيم الانصاري لازم الامام ابا حنيفة اكثر من عشرين سنة حتى اصبح مبرزا في العلم عالما في الفقه مفتيا للانام التوجيه الثالث يا طالب العلم لازم الاصول حتى ترى الوصول فان ملازمة وصول العلم سبب لترسيخ البنيان وسبب لقوة الاساس واعظم الاصول حفظ القرآن وفهمه حفظ السنة وفهمها لابد لطالب العلم ان يلزم الاصول بالمراجعة فيراجع كتابا في التفسير على الدوام وكتابا في الحديث على الدوام ولابد لطالب العلم ان يلزم اصلا بالفقه يرجع اليه وان يلزم كتابا في اصول الفقه فانه اصل من اصول العلم من الاصول التي بها يمكن الاستنباط يمكن فهم الكتاب والسنة يلازم اصلا في الحديث وفي اصول الحديث واصلا في العربية نحوا وصرفا وبلاغة فان ملازمة الاصول سبب للوصول. ولهذا قال من حرم الاصول حرم الوصول التوجيه الرابع اوصي نفسي واياكم بمعاهدة المحفوظات ومراجعة المسموعات فلا بد من مراجعة المحفوظ حتى تكون عند الله من اهل الحظوظ وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال يقال لقارئ القرآن يوم القيامة اقرأ وارقى ورتل فان منزلتك عند اخر اية تقرأها وهذا دليل صريح على ان منزلة العالم عند الله بحفظه لكتاب الله جل وعلا ولهذا قرن الله شهادتهم بشهادة نفسه لما حفظوا المشهود به لما حفظوا الشهادة وفهموا الشهادة صاروا اهلا للاقتران. فقرنهم الله بشهادة نفسي شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم التوجيه الخامس لابد لطالب العلم المتخرج من هذه البيئة الطيبة بيئات الكليات الشرعية ان يراعي البيئات الطيبة ليرى الازهار ويرى الاشجار المورقة والثمار. الناظج اياك يا طالب العلم والبعد عن البيئات الطيبة واعظم البيئات الطيبة بيوت الله عز وجل فالزمها ولو لم تستطع الزام بيوت الله عز وجل الا وظيفة الامامة او الاذان او الخطابة فانعم بذلك من وسيلة ملزمة لك بالثبات في هذه البيئة المباركة والنور العظيم الذي يدرك ويكون سببا للنور الايماني في الدنيا والنور والضياء في ظلمة القبر ويوم الحشر وعلى الصراط انما تدرك هذه الانوار في بيوت الله عز وجل كما قال الله في سورة النور لما ذكر النور قال في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال لابد لطالب العلم المتخرج من كلية الشريعة ان يلازم البيئات الطيبة والا فيذل والا فيغفل ويلهو ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن البداوة والتعرب بعد الهجرة ما معنى هذا الكلام اينها ان يسير الانسان الى البادية يتتبع الغنم ويصبح كالاعراب ويترك المدينة وما فيها من العلم وما فيها من الايمان ولهذا يقول الله جل وعلا في هذه المسألة العظيمة في البيئات الطيبة يقول جل وعلا عن نوح عليه السلام ونجيناه ومن معه شف اثر البيئة الطيبة الصحبة الصالحة ولهذا انتقل الى الوصية السادسة وهي الصبر مع الاخيار لتكون مع الابرار لابد يا طالب العلم ان لا تشد وان لا تنفرد فمتى ما انفردت اكلت وقد قال عليه الصلاة والسلام عليكم بالجماعة فان يد الله مع الجماعة وانما يأكل الذئب من الغنم القاصية فلابد اذا كنت يا طالب العلم تريد ان تكون من الابرار الاخيار ان تلازم الصالحين وقد قال ربنا تبارك وتعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولابد في هذا الصبر ان تصبر على تعليم الناس وان تصبر على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان تصبر على الزيادة من العلم ولهذا انتقل الى التوجيه السابع بذل الغوالي ترزق به العوالي يجب على طالب العلم ان يبذل الغالي من الاوقات حتى يرزق العوالي من الدرجات اما ان يعطي العلم فظلة فانه لا ينال الا فضلته اما ان يعطي التعليم الاوقات التي تروق له لا الاوقات الواجبة فحينئذ لابد ان ندرك ان انه لا يحصل شيئا غاليا فالامور الغالية تشترى بالاثمان الغالية الامور العظيمة لا تدرك الا بالاثمان العظيمة. ولهذا قيل الا ان سلعة الله غالية. الا ان سلعة الله للجنة بذل الغوالي ان تلازم المسجد بعد الصلاة بعد صلاة الفجر حتى الاشراق تتعلم وتعلم تلازم المسجد بعد العصر الى المغرب. بعد المغرب الى العشاء. تتعلم وتعلم تجعل يوما مخصوصا لاهلك وما سوى ذلك فلعلمك بذلك تكون قد بذلت الغوالي حتى تنال به عند الله العوالي من الدرجات التوجيه الثامن حتى يجعل الله البركة عليك يا من تخرجت من الكليات الشرعية عليك بلزوم خمسة امور الزم الامانة بالنقل في العلم في القيل في القال اياك والخيانة والغدر اياك والقص واللزق في العلم اياك ان تقول في العلم ما لا تعلم. عليك بالامانة ان سئلت عن شيء لا تعلمه قل لها اعلم فانت مأمون على هذا العلم فان خنت خنته. فان خنت ثم تبحث عن العلم الذي تعلمته خانتك السكان فلم تجد ذاك العلم الزم الامانة والزم النصيحة للمسلمين ابذل النصيحة بقدر ما تستطيع لا تمنع خيرك عن غيرك بكلمة بتوجيه بقول حسن والنصيحة من اعظم علامات طلاب العلم وائمة المسلمين ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث ابي رقية تميم ابن اوس الداري الدين النصيحة قلنا لمن؟ قال لله ولرسوله ولكتابه ولائمة المسلمين وعامتي الزم الامانة والنصيحة والصدق فاياك ان تكذب في علمك اياك والظن في العلم فان الظن اكذب الحديث. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام اما ان تقول بمثل الشمس وتعلمه علم اليقين واما اذا جاء الضباب واصبح الشمس الذي كان عندك بينه وبين العلم به نوع من الظباب فتوقف. فذلك خير لك من القول بالظن ولهذا قال عليه الصلاة والسلام اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث الزم الامانة والنصيحة والصدق والانصاف كن منصفا اقبل الحق ممن جاء به. ولو كان اصغر الناس لا تألف عن قبول الحق اياك والانفة ورب العزة يقول يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم نعم الانصاف عزيز كما قال عمار الانصاف من الايمان لكن لابد ان تكون منصفا. اذا اخطأت تقول اخطأت. واذا نصحت فاقبل النصيحة واذا وجهت وكان صوابا فاقبل التوجيه فالزم الامانة والنصيحة والصدق والانصاف والزم الديانة بينك وبين الله كن متدينا في نفسك مع الله عز وجل من اليسير والسهل ان يكون الانسان متدينا في الظاهر. لكن الاهم ان ان تكون متدينا مع الله وعلامة ذلك ان سرك وجهرك سواء وعلامة ذلك انك في الخلوة والجلوة سواء لا تختلف لا في قولك ولا في عملك اي نعم قد يكون تكون لك اعمال سرية تخفيها عن الناس فهذا احسن واحسن لكن المهم ان تكون ذا ديانة فعليك بالديانة تدين بينك وبين الله اجعل بينك وبين الله سر واسرار من الاعمال لا يعلمها لا يعلم بها اقرب الناس اليك كزوجتك ولا امك ولا ابوك ولا اخوانك التوجيه التاسع حب الظهور يقسم الظهور فيا طالب العلم الحذر الحذر من الشهرة لا تبحثن عن الشهرة. فانها والله حسرة وندامة يوم القيامة. تأمل معي انه يعرفك عشرة الاف انسان مثلا وهذا اقل ما يقال في الشهرة كيف لو عرفك مئة الف؟ كيف لو عرفك مليون انسان فجاءك احد هؤلاء المشاهير الذين تابعوك او عرفوك وانت لم تنصحهم فما انت قائل ان للشهرة ظريبة عظيمة في الدنيا وفي الاخرة. ليس بالامر اليسير ولهذا لا تجعل في قاموسك ولا في نفسك ولا في فكرك البحث عن الشغلة اجعل في حياتك في نفسك في عقلك في فكرك. البحث عن نشر الحق فان من كان هذا في نفسه وخباها عن الخليقة اظهرها الله تبارك وتعالى ولو اراد الناس اخفاءه انظر الى ابي العباس شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله قالوا ما رأوا الحكام والعلماء في زمانه ارادوا اخفاء علمي. الى درجة الى درجة ان اي انسان يجدون معه كتاب من كتب ابن تيمية يسجن. ويمنع من المعاشات ولا يوظف ومع ذلك ملايين المسلمين اليوم يعرفون علم ابن تيمية وكتب ابن تيمية ولا يعرفون الكثير ممن عادوا ابن تيمية حكموا بمثل هذه الاحكام الجائرة ولا يعرفون علمه فاعلم علم اليقين ان حب الظهور يقسم الظهور. كن خاملا ولهذا في صحيح مسلم قال النبي عليه الصلاة والسلام الا ادلكم على اهل الجنة؟ قالوا بلى يا رسول الله قال كل هين لين مغمور في بعض الروايات. وهو الخامل قال ان كان في الساقة كان في الساقة ان كان في المقدمة كان في المقدمة لا يبالي. اين اجلسوه جلس لا يبحث عن الصدارة من كان هذا همه فانه اذا صار همه الصدارة فانه قد كبر على نفسه اربعا وفاته العلم جملة اخيرا هذا توجيه سلبي اوجهه لنفسي ولخريجي كليات الشريعة اقول اياك فرار بتزكية فلان اياك والاغترار بتزكية شيخك لك. فوالله ما ذاك نافع لك ان لم تكن كذلك عند الله بينك وبين الله فكم من انسان زكي من قبل شيوخه ثم ما ان لبث ان مات شيوخه واذا به صار معتزليا او صار خارجيا او صار تكفيريا او صار مرجيا. ما الذي انتفع به من تلكم التزكيات لا تغتر بتزكية احد ولا بذم احد عليك بالتعامل مع الله تعامل مع الواحد الاحد الصمد السميع البصير. الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين. لا يظرك ان ذمك الناس عند الله ممدوح ولا ينفعك ان مدحك الناس وانت عند الله مذموم لهذا تعوذ بالله من ان تكون كبيرا عند الناس صغيرا عند الله ولهذا كان الصديق رضي الله عنه وهو من هو في الامة علما ومكانة الصديقة الاكبر ربما يأتيه الانسان فيمدحه ويقول اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ويأتي الانسان ويمدح عمر وهو عمر فيقول ما يضرني هذا الكلام ولا ينفعني انما الذي مدحه ذئب زين وذمه شين هو الله جل في علاه فمدحه نعم المديح وذمه بئس ما يكون للعبد وانت تقرأ قول الله جل وعلا قد افلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون الى ان قال والذين هم على صلواتهم يحافظون فلا تجد نفسك ها هنا فاعلم انك ما نلت مديح الله واذا قرأت الايات يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولم تكن كذلك فاعلم انك لست من اهل المدح واذا كنت ممن قال الله فيهم ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا تبطل عملك بالرياء والسمعة فاعلم انك مذموم عند الله فلنتعامل مع الله فان التعامل مع الله هو الربح العظيم الذي ليس بعده ربح ان مات الانسان لن يجد احدا يعطيه في مقابل ما عمل مقابله ولكن ان كان لله فيجد الله تبارك وتعالى ووجد الله عنده فوفاه حسابا وفي حديث ابي ذر رضي الله تعالى عنه الطويل حديث القدسي انما هي اعمالكم احصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه نسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يوفقنا واياكم لما فيه صلاح ديننا ودنيانا وصلاح اخرتنا نسأل الله ان يأخذ بايدينا وايديكم بالعلم النافع والعمل الصالح وصل اللهم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين