قد على الله في جلب النفع وفي دفع الظر في جلب ما تحب وفي دفع ما ما يظرك. فانه من تقع الله عز وجل بتوكله عليه نال هذا العطاء الجزيل وهذا الاجر العظيم وهذا الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماء والارض وملء ما شاء من شيء بعد له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله خيرته من خلقه بعثه الله بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا. وداعيا اليه باذنه وسراجا منيرا بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وتركها على محجة بيضاء. ليلها وقت نهارها لا يزيغ عنها الا هالك. فصلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن اتبع سنة وقت فاثره باحسان الى يوم الدين. اما بعد. فمرحبا بكم ايها الاخوة الكرام في هذا المجلس الذي نتحدث فيه عن قول الله جل وعلا فاعبده وتوكل عليه و الحديث عن هذا المقطع من ايات الكتاب الحكيم جاء ضمن برنامج كيف نكون قدوة لعامنا الثاني الذي تنظمه وترتبه ادارة التوجيه والارشاد في المسجد الحرام ولا شك ان العناية باعمال القلوب من اجل ما ينبغي ان يهتم به المؤمن وان يعتني به الناصح لنفسه وذلك ان السير الى الله عز وجل انما هو سير القلوب لا سير الابدان فما يغني الانسان ان يكون سائرا ببدنه الى ربه وقد تخلف قلبه وتشعب في الوان من التفرقات وصنوف من الانحرافات لذلك جدير بكل مؤمن ان يعتني بقلبه غاية العناية فان القلوب هي التي تسير الى الله عز وجل وهي المطايا التي يرتحل بها الناس الى الدار الاخرة. وبقدر ما يكون فيها من الصلاح والاستقامة وبقدر ما يكون في القلوب من الهداية والتقوى. بقدر ما يحقق الانسان من السبق والفوز عند الملك كالديان جل في علاه. قال الله تعالى وتزودوا فان خير الزاد التقوى والتقوى اصلها صلاح القلب واستقامته. ايمانه ويقينه. احسانه وطيبه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم التقوى ها هنا التقوى ها هنا التقوى ها هنا الى صدره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. هو الاسوة والقدوة فقد كان اطيب الخلق قلبا صلى الله عليه وسلم فكل من رغب في الاتساء به والاقتداء به صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه ومنواله واتباع سنته على الحقيقة تمام فليفتش عن صلاح قلبه. فانه مبدأ كل صلاح. ومنطلق كل وبه يدرك الانسان فوز الدنيا والاخرة وان العناية بالقلوب نبهت اليها النصوص في ايات واحاديث فمن الايات قول الحكيم جل في علاه انها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور فاحال الله تعالى العمى الحقيقي الى عين القلب. التي تنظر الى الحقائق والوقائع. فاذا عمي قلب انطمست بصيرته اذا عمي القلب ان عمى عن الهداية ولم يدرك رشدا ولا فلاحا ولا نجاحا ولذلك البصيرة هي السمة التي اتصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على طريقه اتبع نهجه يقول الله جل وعلا في محكم كتابه قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني. وسبحان الله وما انا من المشركين. فهذا سيد الورى صلى الله عليه وعلى اله وسلم يخبر عن ان سبيله وطريقه قائم على البصيرة والبصيرة هي بصر القلب ونوره وهدايته بمواقع الهدى والفلاح. ومواطن الخير والرشاد. واذا هدي القلب الى انقادت الجوارح بعد ذلك. ولهذا جاء في الصحيح من حديث النعمان ابن بشير رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى وعلى اله وسلم قال ان الحلال بين والحرام بين. وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فاخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بانقسام الاشياء من حيث الاحكام الى ثلاثة اقسام. حلال بين اي واضح ظاهر. يدركه كل احد من اهل الاسلام وحرام بين يعرف كل احد من اهل الاسلام والقسم الثالث مشتبهات اي مسائل واحكام فيها اشتباه وخفاء فلا يعلم احلال هي ام حرام وحال الناس فيها ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لا يعلمهن كثير من الناس ان يخفى حكمها وحقيقة حالها من حيث منزلتها في الشريعة على كثير من الناس. ثم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الواجب في هذا القسم من المسائل وهو الشبهات فقال فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. من من اتقى الشبهات اي جنبها وعمل فيها بما يغلب على ظنه. من اتيان او ترك. واجتهد باصابة الصواب فيها فقد استبرأ اي طلب البراءة لدينه بسلامته ولعرظه ولعرظه بنقائه فقد استبرأ لدينه وعرضه ثم مثل صلى الله عليه وسلم مثالا يتظع به المقام في معنى اتقاء الشبهات فقال كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه. كالراعي اي الذي يرعى شيئا. من بهيمة الانعام اما غنم واما فقر واما ابل حول الحمى اي حول مكان محروس يمنع الرأي فيه. محمي عن الرأي فيه يوشك ان يرتع فيه اي بما انه اتى ببهائمه حول المكان الممنوع فانه لا يأمن من ان تجاوز بهائمه الحدود وتقع في الرعي في المناطق المحظورة الممنوعة. كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه او ان يرتع فيه. ثم قال صلى الله عليه وسلم في التنبيه لامر مهم يحتاج والانسان في معرفة الحلال والحرام. وفي اتقاء الشبهات قال الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. فانكشف المشتبه وعلم الحلال والحرام ولزم شرع الملك الديان جل في علاه الاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ثم قال صلى الله عليه وسلم الا وهي القلب. لماذا؟ لان في القلب عينا تبصر حقائق الامور بقدر ما معك من التقوى والايمان يقوى بصر عينيك بصر قلبك وعين قلبك بقدر ما معك من التقوى والايمان والصلاح يتحقق لك جلاء بصرك. ويتحقق لك معرفة حقائق الامور واحكام المسائل. والوقاية من الوقوع في المشتبه والمحرم ايها الاخوة القلوب شأنها عظيم. ولذلك جعل الله تعالى نظره منوطا بالقلب. دون غيره من سائر الاعضاء. فقال صلى الله عليه وسلم ان الله لا انظروا الى صوركم ولا الى اجسامكم فالصورة والجسم ليست هي محل القبول والرد. انما ينظر الى قلوبكم وما حواها من ايمان وصلاح واستقامة وهداية وخير وفلاح محبة للخير وزكاة وسلامة من الافات من الكبر والعجب والرياء والاحتقار وغير لذلك من افات القلوب من الشرك والنفاق والبدعة وسائر الافات التي تهلك القلوب او تعيقها عن كمالها وصلاحها ان الله لا ينظر الى صوركم. ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم لو قيل لك انك ستجتمع بعظيم عندك منزلة ومكانة. فماذا ستصنع انك ستتهيأ لهذا الاجتماع واللقاء باطيب ما تستطيع فتهيئ منظرك لازالة كل ما يقذرك وتطييبه وتجميعه بكل ما يحسنه. فعملك في مظهرك على نحوين ازالة ما يقبح وتجميل ما يحسن به صورتك ومنظرك هذا للقاء بشر لا يملك نفعا ولا ضرا الله جل في علاه انما ينظر الى قلبه. فكن في قلبك من العناية والاهتمام بازالة ما يقبح به قلبك او ما يقبح قلبك. وبتجميله وتحسينه بما يطيبه كعنايتك بتجميل مظهرك عندما تلقى يهمك ان يرى منك الحسن في منظرك ومرآك. ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اجسامكم ولكن ينظر الى قلوبكم قال واعمالكم لان الاعمال ثمرة ما في القلوب الاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. طاب قولك صلح عملك استقام سيرك في معاملتك لله عز وجل وفي معاملتك للخلق. وقواعد هذا الصلاح ثلاثة. اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن. ايها الاخوة الكرام ان شأن القلب عند عند الله عظيم. ولهذا كان السبق عنده انما هو بما قام في قلوب العباد من الصلاح والاستقامة فلن تغني عنك المظاهر والصور. اذا كان قلبك عنها عاريا خاليا. واذكر في ذلك قول الحق في المنافقين ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار. من هم المنافقون؟ الذين توعدهم الله بالدرك الاسفل وانزل درجات النار ودركات جهنم. انهم قوم اظهروا الجليل وابطنوا القبيح. انهم قوم اظهروا الالتزام بالاسلام. والانقياد لاحكامه. والعمل بما فيه وابطنوا الكفر الفجور والمعاندة والمحادة لله ورسوله. فكانت العقوبة ان كانوا في الدرك الاسفل من النار. هل اغنتهم صورهم هل نفعهم مظهرهم؟ هل اغناهم؟ الموافقة اهل الاسلام في ظواهرهم الجواب نفعهم في دنياهم لكن في اخراهم زال ذلك النفع ولم ينفع الا ما في القلوب من الايمان والتصديق فلما كان الباطن على خلاف الظاهر لم ينتفع من ذلك بشيء. قلوبنا هي مراكبنا التي نسير بها الى الله عز وجل قطع المسافة بالقلوب اليك لا بالسير فوق مقاعد الركبان. فاذا اردت ان تجود سيرك الى الله ففتش عن قلبك كن حريصا على تنقية وتطهيره وتطييبه وتزكيته. رسول الله اطيب الناس قلبا واصلحهم عملا وهو اعلمهم بالله وهو اتقاهم لربه جل في علاه. يقول صلى الله عليه وسلم انه ليغان على قلبي هكذا في صحيح الامام مسلم انه ليغان على قلبي ان يصيب قلبي شيء من الغيب والغيب هي ارق الطبقات التي تغشى القلب وقد تكون بمقتضى الجبلة القصور البشري الطبيعي وليست ناتجة عن تقصير انه ليغان على قلبي اي يصيب قلبي شيء من طبقة الغيب التي تحول دون الرؤية المكتملة التي كان ينشدها صلى الله عليه وسلم كما لو كان الانسان يلبس مرآة ليرى شيئا غطى هذه المرآة شيء شيء من الغبش الذي يحول دون الرؤية المكتملة هذه طبقة الرقيقة تسمى طبقة الغير انه ليغان على قلبي واني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة النبي صلى الله عليه وسلم يجلو ما علا قلبه من طبقة الغيب بكثرة الاستغفار استغفر الله في اليوم مئة وكان يحسب له صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد سبعين استغفارا. والاستغفار يكون من التقصير وهو ترك الواجب او فعل المحرم. ويكون ايضا من القصور وهذا لا فعل فيه محرم ولا ترك فيه لواجب لكن القصور البشري يستوجب ان يستغفر الانسان فحق الله عظيم وما قدروا الله حقه سبحانه وبحمده فجدير بالمؤمن ان يعتني بهذا الامر وان يجد ويجتهد في اصلاح قلبه وازالة ما يحول دونه ودون السلامة التامة التي بها تحصل السعادة في الدنيا والنجاة في الاخرة. الله عز وجل ذكر انه لا نجاة لاحد يوم القيامة الا بقلب سليم. يوم لا ينفع مال ولا بنون الا ايش؟ الا من اتى الله بقلب سليم. مشروعك في هذه الدنيا عملك هو في ان تخرج منها بقلب سليم. فهل نحن على هذا الوعي والادراك في خطورة شأن القلب. وضرورة العناية باصلاحه واقامته. على جادة هدى وصلاح السر والخفا واقامة القلب على ما يحب ويرضى جل في في علاه اننا بحاجة الى ان نعتني بقلوبنا وان نكون في غاية المراقبة والتنبه لكل بما يعكر صفوها وكل ما يكون عائقا لها عن البلوغ لمراتب التقوى والايمان وصلاح القلب الذي به يبلغ الانسان فوز الاخرة ويدرك به جنة الدنيا قبل جنة الاخرة. ايها الاخوة الكرام الله جل وعلا خلق الخلق لعبادته فقال سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. والعبادة اصلها خضوع القلب. وخشوعه ورقته ولينه يتبع ذلك استقامة الجوارح على طاعته وترك ما حرم ونهى جل في علاه. هذا ملخص العبادة التي خلق الله تعالى لها الخلق ان يرق قلبك وان يستقيم عملك. ان يصلح قلبك وان ينتج عنه صلاح قولك وعملك ومعاملتك. بذلك تحقق العبودية التي خلق الله تعالى الخلق لها في قوله جل وعلا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فجدير بنا ايها الاخوة ان نفتش عن تحقيق ذلك في قلوبنا واقوالنا واعمالنا مبتدئين بصلاح القلب. ومتابعين ذلك بالنظر في اعمالنا في واجبات الشرع وفي محرماته. فيما فرضه الله تعالى وفيما نهانا عنه. ثم بعد ذلك في المسابقة جل وعلا بالوان المبرات وصنف الطاعات والوان الاحسان فان الله تعالى جعل محبته مرتبة على هذه الاعمال ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل يعني بعد الفرائض حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن استنصرني لانصرنه. ولئن استعاذني لاعيذنه هذا فضل الله عز وجل وعطاؤه لمن حقق عبودية القلب وعبودية البدن له جل وعلا الدنيا ان يكون مسددا له معينا له حافظا له في سمعه وبصره وحركاته وتنقلاته وفي بلوغ مرغوباته وفي الامن مما يخافه ويحذره من الشرور والاخطار. ايها الاخوة الكرام امر الله تعالى بعبادته وامره جل وعلا ليس مقصورا على فئة من البشر بل امر الله الاولين والاخرين بتحقيق هذه الغاية وهذا المقصد من الوجود. قال تعالى ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم. واياكم ان اتقوا الله وتقواه تتحقق بعبادته. وكان اول ما نادى الله تعالى به الناس في كتابه الحكيم ان يعبدوه وحده لا شريك له فقال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون. قال ابن عباس اعبدوا ربكم اي وحدوا فهو جل وعلا انما خلقنا لعبادته وحده لا شريك له ان نوحده سبحانه وتعالى بالعبادة. وهذه العبادة امر الله تعالى بها اجمالا وجاء الامر بها تفصيلا في افراد ما امر تعالى في ما امر به تعالى في كتابه وما امر به في سنته وفي بعض المواضع يذكر الله تعالى الوانا من الطاعات مع الامر بالعبادة. فيقول يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون الركوع والسجود عبادة وفعل الخير عبادة وامر مع هذا بالعبادة بين هذه المأمورات للتنبيه على شرف هذه الطاعات والعبادات فالامر بالعبادة العام يشمل كل ما امر الله تعالى به وعندما يرد ذكر الامر بالعبادة ويقرن معه عبادات خاصة قلبية او عملية فهو تنبيه الى ضرورة العناية بهذه العبادات على وجه الخصوص لما لها من الخاصية والمنزلة كان فان الله عز وجل يأمر بالعبادة عموما ويأمر بها خصوصا بذكر انواع من الاعمال الظاهرة والباطنة وقد يذكر تلك الاعمال مع الامر بالعبادة فيكون بيانا لاهميتها في تحقيق عبادة ولخصوصيتها وهذا فضل الله عز وجل فيما يصطفيه من الاعمال كما انه فضل بعد بعض الرسل بذكر ما ذكر ما ذكرهم به خصوصا مع ذكر الرسل عموما كما قال تعالى في محكم كتابه كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم ثم ذكر جملة ممن اوحى الله اليهم من النبيين فذكر هؤلاء على وجه الخصوص هو تشريف لهم وبيان عظيم ما خصهم به من الوحي سبحانه وبحمده الاية الكريمة التي ذكرها الله تعالى في سورة هود قال فيها جل وعلا فاعبده وتوكل عليه. امر الله تعالى بعبادته وامر سبحانه وبحمده بالتوكل عليه. فهل التوكل عبادة او لا؟ بالتأكيد التوكل من اجل العبادات ومن اعظم الطاعات ومن اشرف المقامات السالكين الى الصراط المستقيم فان التوكل عبادة جليلة بها يستقيم معاش الانسان ويصلح معاده. فلماذا خصها الله تعالى بالذكر مع انها مندرجة في العبادة في قوله تعالى فاعبده وتوكل عليه. الجواب على هذا ان ذكر التوكل بعد الامر بالعبادة تنويهم بهذا المقام. وبيان لضرورته واهميته ومنزلته في تحقيق العبودية لله عز وجل فان التوكل من اعمال القلوب وهو من اشرفها واجلها واعلاها منزلة. وقد قرن الله تعالى التوكل بالعبادة في عدد من ايات الكتاب الحكيم. ثمة اية يحفظها جميع المسلمين. كل مصل يقرأها وقد قرن الله تعالى فيها بين العبادة والتوكل. وهي قوله جل وعلا في سورة الفاتحة اياك نعبد واياك نستعين. فالعبادة في قوله اياك نعبد اي نفردك فلا نعبد سواك. واياك نستعين فعليك نتوكل ومنك نطلب العون لا نطلب ذلك من سواك ولا يكون العون الا ممن يتوكل عليه. ويعتمد عليه جل في علاه. وقد جمع الله تعالى بين العبادة والتوكل في ايات غير هذه الاية. قال الله تعالى قل هو ربي لا اله الا هو وعليه توكلت واليه انيب. عليه توكلت واليه انيب. اي يخبر بانه حقق العبودية لله بالانابة اليه عبادة هي الانابة وحقق التوكل عليه بصدق الاعتماد عليه في جلب النفع ودفع الضر. وقال شعيب عليه توكلت واليه انيب الاية الاولى قوله تعالى قل هو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب. فالمتاب هو المرجع والمآل ومن يعبد ويجل ويعظم. وفي وفي الاخرى قالوا قال عليه السلام عليه توكلت واليه انيب. وقال جل وعلا واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا. اي حقق العبادة له فالتبتل هو التعبد له جل وعلا. ثم قال سبحانه بعد ذلك واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا. رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا. فجمع الله عز وجل في هذا المقام بين هذين الامرين بين التوكل عليه وبين تحقيق العبودية له جل في علاه. فما هو التوكل الذي ذكره الله في مواضع عديدة مع العبادة التوكل عمل قلبي مداره على صدق الاعتماد على الله في جلب النفع ودفع الضر. هذا هو التوكل باختصار. اعتماد القلب خالصا صادقا الفضل الكبير وهو تحقيق التوكل لله عز وجل. فحقق ما امر الله تعالى به في قوله فاعبده توكل عليه التوكل على الله ايها الاخوة هو ان يعتمد الانسان على الله في كل ما يحب وفي كل ما يرغب فانه يوقن ان ما يحبه لن يدركه الا من الله جل وعلا ويتوكل ويعتمد عليه في دفع كل ما يضر لعلمه ويقينه انه لن يدفع عنه شيئا من المكروهات الا الله جل في علاه لعقيدته التامة ويقينه الجازم بانه لا مانع لما اعطى ولا معطي ما منع. فيقينك انه لا مانع لما اعطى. يجعلك لا تلتفت الى سواه ولا تعتمد على غيره ولا تفوظوا الامر الى غيره سبحانه وبحمده بل تتوجه اليه وحده لا شريك له في كل ما تؤمله في كل ما ترجوه في كل ما تحبه في نفسك وفي ولدك وفي اهلك وفي بلدك وفي دنياك وفي اخراك وفي صلاح وفي صلاح بدنك وفي صلاح حالك. كل ذلك بيده جل في علاه. فالخير كله في يديه. اذا كان الخير كل بيديه وتعتقد يقينا انه لا مانع لما اعطى. فهل فهل ستلتفت الى سواه؟ هل هل ستطلب ذلك من غيره تمام اليقين بانه لا مانع لما اعطى يجعلك لا تلتفت الى سواه ولا ما لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت فلا تعلق قلبك بغيره لان غيره مهما بلغ قوة وقدرة ومكنا فانه لن يستطيع ان يمنع عنك ما قدر الله ان يأتيك ولن عنك شرا تخاف وقوعه في فيك اذا قدره الله عز وجل. وقد اختصر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المعاني في وصيته لابن عباس الجليلة العظيمة المختصرة واعلم ان الامة لو اجتمعوا على ان ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك لم ينفعوك. ولو اجتمعوا على ان يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك ما ضروك ولا منعوك فان الشأن بيد الله عز وجل يوقن المؤمن يقينا جازما انه لا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع صاحب القوة والقدرة قوته وقدرته فيما يؤمل وفيما يخاف لانه لا ينفع ذا الجد منك الجد. ونحن نوقن انه سبحانه وبحمده قدر الاشياء اسبابها فما من شيء الا وجعل الله له سبب. فليس ثمة تعارض بين التوكل على الله عز وجل وبين اخذ اسباب فان تمام التوكل هو اعتماد القلب. ليس من اعتماد القلب ترك السبب. فان هذا يتنافى مع العقل ويتنافى مع الدين فان الله عز وجل امرنا بالتوكل عليه ووعدنا بالكفاية والعطاء وجزيل الهبات لكن ذلك لا يعني ان يترك الانسان السبب الموصل الى النتيجة. انما يفعل السبب وقلبه معلق سبب الاسباب فيظمأ ويشرب الماء لسد ظمأه. لكنه لن يحصل اطفاء العطش الا تقدير الله عز وجل فلو شاء لكان شرب الماء زيادة في عطشك ولما شبعت من اكلك ولما ادركت مقصودك فالاسباب لا تأتي ثمارها الا بتقدير الله عز وجل. فهو الذي قد امر بالسبب وجعل نتيجته بامره سبحانه وبحمده. وقد يعكس الله تعالى نتائج الاسباب. فيكون المؤذي نافعا ويكون النافع ضارا بمشيئته جل في علاه وهذا مما يقطع تعلقك بالاسباب. النار اليست محرقة اليست مؤذية؟ اليست مهلكة؟ بلى هي كذلك. فلما شاء الله ان تكون على نقيض ذلك كانت كذلك يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم وبالتالي ينبغي ان يعلق الانسان قلبه بمسبب الاسباب. ورب الارباب الذي انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون فلا يلتفت الى الاسباب ولا يتعلق بها لكنه لا يترك سببا يفضي الى نتيجة فان الله فقد امرك ببذل السبب وامرك بتعليق قلبك بالله فخذ السبب الممكن في يديك. وليكن وليكن قلبك معلقا بالله. والناس في الاسباب على ثلاثة اقسام. قسم يعطل الاسباب. ويقول انا توكل على الله لا افعل شيئا اذا شاء الله حصل كذا واذا لم يشأ لن يحصل كذا. وكلامه حق لكنه ساقه في باطل لان مشيئة الله لا ليست معطلة عن الاسباب بل اذا شاء الله شيئا شاءه بسببه الذي جعله مؤديا اليه. فاذا شاء الله ولدا يسر لك نكاحا حتى يأتيك الولد. ولا يمكن ان يأتيك ولد بلا لان ذلك هو الطريق الموصل الى النتيجة. لكن قد يحصل النكاح ولا ينتج ولد لان الله يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيم فالسبب لا بد من اخذه لكن لا تعلق قلبك بالسبب وانما علق قلبك بالله. اذا مسلك الذين يلغون الاسباب ويقولون نحن لا نأخذ شيئا ما شاء الله كان وما لم يشاء. لم كن والاسباب لا اثر لها في تحصيل النتائج. هؤلاء المخالفون للعقل مناقضون مناقضون للشريعة مخالفون لها فالنبي اكمل الناس يقينا واعظمهم توكلا وكان يدخر طعامه قوت اهله لسنة صلوات الله وسلامه عليه. وكان يلبس المغفر الذي يستر الرأس ويقيه الاذى والشر. وكان يظاهر بين درعين صلوات الله وسلامه عليه لتوقي اذى المقاتلين من اعدائه وخصومه ولو كان التوكل كما يقولون لخرج اليهم بلا سيف. ولخرج اليهم بلا عدة. والله تعالى يقول واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم والله يعلمهم فلو لم يكن لو لم تكن الاسباب من الشرع ومما تقتضيه الشريعة والديانة الصحيحة لما امر الله تعالى بها في مواضع عديدة فهذا المسلك الاول مسلك من ينفي الاسباب ويزعم ان التوكل يقتضي الا يأخذ سببا. المسلك الثاني مسلك قوم علقوا قلوبهم بالاسباب فجعلوا كل شيء معلقا بالسبب. وغفلوا عن المسبب الذي له الامر وبيده جل وعلا الحكم والخير كله في يديه سبحانه وبحمده. وهذا حال اكثر الناس فاكثر الناس يلتفتون الى الاسباب اما التفات كلي بقلوبهم وعقولهم او التفات جزئي بان يكون السبب حاضرا في ذهنه وتجده اذا فعل شيئا بسبب ولم يأتي يستغرب ليش؟ وكيف؟ ولماذا؟ ويجزع من القضاء والقدر لظني ان السبب لا بد ان يأتي بالنتيجة. وهذا قصور في النظر الى الاسباب وضعف في التوكل اذ التوكل هو نصيب اهل القسم الثالث وهم الذين اخذوا الاسباب وعلقوا قلوبهم بمسببها. فالاسباب ادوات ووسائل لكن الله هو الذي يبلغ العبد ما يؤمل ويقيه ما يخاف ويرهب. فالاسباب ليست كفيلة ولا وحيدة في تحصيل المطالب وادراك المراغب بل الاسباب مقدمات يقضي الله بها ما يشاء من اقضيته واقداره سبحانه وبحمده فالمؤمن المتوكل الذي حقق فاعبده وتوكل عليه هو من صرف قلبه لله عز وجل اعتمادا وصدقا في التوكل عليه في جلب الخير ودفع الضر فلم يلتفت الى سواه وقد اخذ لما يريد من الخير اسبابه وتوقى الشر بفعل ما يقيه من الاسباب معتمدا على رب الارض ومسبب الاسباب سبحانه وبحمده هذا هو التوكل الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي امرت به الشريعة. وليس من التوكل تعطيل الاسباب ولا من التوكل الركون اليها. وقد ظرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا للامرين في توجيهاته صلى الله عليه وعلى اله صلى الله عليه وسلم وعمله ففيما يتعلق بالوقاية من اضرار البدن قال فر من المجذوم فرارك من الاسد. فر من المجذوب. فرارك من الاسد وقاية مما يمكن ان يكون سببا لانتقال المرض فالعدوى سبب لانتقال المرض. لكن هذا انتقال لا يكون الا بمشيئة الله. ولذلك قال لا عدوى ولا طيرة. فنفى العدوى اي العدوى التي تصيب بلاء تقدير الله عز وجل فانتقال المرض حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وامر باخذ الاسباب التي تقي منه لكن نفى العدوى التي يعتقد فيها الناس ان المرض ينتقل نفسه دون تقدير الله عز وجل. فالمؤمن ينظر الى هذه المعاني ويجمعها بعلمه وبصيرته الذي يعزز ما في قلبه من تمام اليقين بالله والايمان به سبحانه فينبغي ان ينظر الى هذه النصوص على هذا النحو والمثال الاخر الذي بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم ان بلوغ العبد مرتبة عالية في التوكل قد تغنيه عن الاسباب وتجعله يتجاوز اسباب الخطر اذا صدق في توكله جاء في الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم والجذام مرض يصيب البدن وهو مرض ينتقل بالعدوى فامسك النبي صلى الله عليه وسلم يده ووضعها في الاناء واكل معه مع انه مجذوم وهو الذي قال فر من المجذوم فرارا من العزل قال كل باسم الله ثقة بالله وتوكلا عليه فالتوكل الصادق يقي الانسان الاخطار ويقيه الشرور بصدق اعتماده على ربه لكن هذا لا يغري لا يلغي الاسباب ولذلك لما جاء وفد من الوفود التي قدمت لمبايعة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان منهم رجل قد اصابه جذام. فقال ارجع فقد بايعناك. ارجع فقد بايعناك فلم يصافحه. صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم بين في سنته الجمع بين المقامات مقام التوكل التام الكامل الذي يعطل الشرور والاضرار والتوكل الذي يلاحظ فيه السبب وينتبه فيه الى ما ينبغي ان ينتبه اليه من اخذ الاسباب وبهذا يكون صلى الله عليه وسلم قدوة لنا في جميع الاحوال. فعندما تتعطل الاسباب عندما تتعطل الاسباب اعظم ما يقيك الشر ثقتك وتوكلك على الله. وعندما تكون الاسباب متيسرة و في مقدورك ان تأتي بها فهنا توكلك لا يتم الا باخذك بالاسباب وبهذا تجتمع هذه المعاني التي جاءت في سنته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. واعلم بارك الله فيك ان التوكل جنة قلوب اولياء الله وعباده الصالحين. فان التوكل يلغي من قلبك التعلق بالخلق فلا تتعلق بالخلق لا في نفع ولا ضر. والناس اليوم وفي كثير من الازمان قلوبهم معلقة بما يأتي من نفع او ما يحصل من من ظر من قبل الخلق. تجده بعد صلاته يقول لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت. لكنه يخشى فلانا ان يضره ويخشى ويرجو فلانا ان ينفعه ويغفل عن ان النفع والضر بيد الله وان هؤلاء اسباب ووسائل ما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن. فينبغي للمؤمن ان يطمئن قلبه في صدق اعتمادي على ربه. فانه من صدق التوكل على الله دفع عنه الله الله كل مكروه. وجلب اليه كل قال الله تعالى ومن يتوكل على الله فهو فهو ايش؟ فهو حسبه. ما معنى فهو حسبه؟ اي فهو كافيه. الكفاية تحصل بامرين. الامر الاول في المطلوب بان تدركه والكفاية الثانية في المخوف المرهوب بان يقيك الله تعالى ما تخاف وترهب. وكم من رجل صدق في توكله فكان توكله اعظم ما نال به ما يؤمل ووقاه الله تعالى كل ما يخاف ويرهب. فصدق الاعتماد على الله في جلب الخير وفي دفع الضر هو مفتاح الطمأنينة وهو سبيل النجاة والنجاح. والانشراح في الدنيا. كما انه السبب الذي يدرك به الانسان الاجر والمثوبة عند الملك الغفار جل في علاه ايها الاخوة التوكل على الله عز وجل عندما نذكره ويتكلم الناس عن تنصرف الاذهان عادة الى التوكل على الله في ايش؟ في مصالح الدنيا وامورها. في وظيفة يحصلها في صفقة تنجح في مال يكسبه في معاملة ينهيها في دراسة يتفوق ويجتازها وما اشبه ذلك من مصالح الدنيا وهذا نوع من التوكل. لكنه ليس اعلى مراتب التوكل. ليس هو اعلى مراتب التوكل. اعلى مراتب توكل ان تتوكل على الله في هداية قلبك فان الهداية منة منه. يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم. بل الله يمن عليكم ان للاسلام التوكل في اعلى مراتبه ان تعتمد على الله وترجوه وتصدق في التوجه اليه ان يهدي قلبك قلبك وتعلم انه ما يمكن ان تصل الى الهداية الا منه لا بجهدك ولا باجتهاء عملك ولا اي شيء من الاسباب الا بما يكون من تيسيره وهدايته سبحانه وبحمده. ولهذا جاء في الحديث الالهي في صحيح الامام مسلم حديث ابي ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يا عبادي كلكم ضال الا من كلكم ضال جميعنا ضال اي خارج عن الطريق القويم والصراط المستقيم الا من هديته ثم ماذا قال في طريق تحصيل الهداية قال فاستهدوني اهدكم اطلبوا الهداية مني ايسرها لكم هذا معنى قوله فاستهدوني اهدكم اي اطلبوا اسباب الهداية اطلبوا الهداية مني فسييسرها لكم والهداية المطلوبة في قوله اهدكم نوعان هداية العلم والمعرفة وهذه التي يستبصر بها الانسان الطريق. الان اذا اردت ان تذهب الى المطاف ولا تعرف الطريق ماذا تفعل؟ تسأل تقول وين الطريق الى المطاف فيدلك فلان وفلان والمسؤولون عن الحجيج والمعتمرين الى الطريق فتهتدي اليه. اي تعرف الطريق الذي اوصلك اليه هذا نوع من الهداية وهي هداية الارشاد والمعرفة والبيان. فاذا قلت اللهم اهدني اي بين لي الحق يا رب. ثم معنى اخر في قوله فاستهدوني اهدكم اعني على سلوك طريق الهداية. فكم من انسان يعرف الحق لكن لا يعمل به هذا عرب الحق اتضح له هدي الهداية التي تقوم بها الحجة لكنه لم يعمل بذلك لانه لم يهدى هداية التوفيق. هداية الالهام هداية العمل. وهذا هو النوع الثاني من الهداية وكلاهما الى الله جل في علاه. فسل الله الهداية بصدق. واعتمد عليه في تحصيلها. وتيسير اسبابها وابشر هذا النوع الاول من التوكل وهو اشرف انواع التوكل وهو التوكل على الله في هداية القلوب وصلاح العمل واستقامة الحال فلا حول ولا قوة الا بالله وتذكر دائما انك فقير الى هدايته. ولعظيم فقرنا الى هذا النوع من الهداية جعل الله تعالى سؤاله فرضا على كل مسلم فكل مسلم في كل صلاة يقول اهدنا الصراط المستقيم. فلا حول لنا ولا ليست الهداية بيكدر منك ولا تعب ولا بنباهة وذكاء ولا بقوة بل هي منة ومنحة من الله عز وجل. يقول الصحابة وهم خيار الامة ايمانا والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فكل ذلك انعام من الله عليك وتفضل منه عليك فثق به وتوكل عليه في هداية قلبك لكن هذا لا يعني ان تقول انا والله متوكل على الله في هداية قلبي وتترك اسباب الهداية بل ابذل الاسباب واصدق في طلبها وسر في في مسارها واعمل على تحصيلها وابشر فقد قال الله تعالى والذين جاهدوا فينا ايش؟ لنهدينهم سبلنا فلا بد من بذل جهد وبذل عمل حتى تصل الى الهداية. اسأل الله ان يجعلني واياكم من المهتدين. هذا النوع الاول من الهداية وصاحبه مأجور مأجور ثوابا ومأجور توفيقا الى الهداية. فانه من اتكل على الله في هداية قلبه يسر الله له الهدى النوع الثاني من انواع التوكل التوكل على الله في مصالح الدنيا وهذا هو الذي يقع وينصرف اليه اه اذهان كثير من الناس عندما يذكر التوكل وهو التوكل على الله في ادراك المصالح في تحصيل المطالب في الامن من المكروهات والمراهب وهذا نوع من التوكل واجب لكنه انزل من الاول مرتبة وهو مما تحصل به الاشياء وتدرك به المطالب ومصالح الدنيا نوعان اما مصالح مشروعة مأذون فيها فالتوكل على الله فيها عبادة يؤجر عليه الانسان وهي عون له على ادراك مصالحه فثمة فائدتان التوكل على مصالح الدنيا التي اذن الله تعالى بها عبادة يؤجر عليها وايضا عون له على ادراك مطالبه اياك نعبد واياك نستعين فالعون بالتوكل عليه في ادراك وظيفة في صلاح اه عمل في كثرة مال في اه انهاء معاملة تدرك اذا تدرك الاجر بالتوكل ويكون توكلك عونا لك على ادراك تلك المطالب الدنيوية اما اذا كان التوكل على الله في تحصيل محرم فهذا توكل محرم. صاحبه اثم لكن قد يكون توكله مبلغا له على مبلغا له الى ما يؤمل ويرجو فيكون قد اثم وازداد اثمه بتبليغه ما يؤمل. فالسارق الذي يتوكل على الله في سرقته هذا توكل على الله في محرم وكلما صدق في توكله يسر الله له ذلك المحرم والمصلحة المحرمة التي يطلبها فيكون ذلك اثما في توكله وزيادة شر ببلوغه ما يؤمن من المحرم وهذا التوكل يخفى على بعض الناس لكن ذكر ابن القيم رحمه الله ان عند بعض اصحاب المعاصي من السراء وقطاع الطرق من التوكل ما ييسر لهم كثيرا من مطالبهم لكنهم خاسرون بتوكله مع الله في محرم وخاسرون بانهم وقعوا في المحرم الذي توكلوا على الله تعالى في تحصيله. ولذلك تجد بعض السراق وبعض يخاطر بنفسه فيلقي بها في المهالك ويقدمها الى المعاقب وينجو الذي نجاه توكله لكنه لم يربح فشتان بين من توكل على الله في طاعته. ومن توكل على الله في معصيته. فكلاهما قد يصل الى الى ما ما ما يؤمن لكن بينهما كما بين السماء والارض في الفضل وفي الرجحان وفي الخير وفي حسن المآل والعاقبة لذلك جدير بنا ان نعتني بصدق اعتمادنا على الله في طلب الخير منه. في تحقيق العبودية اهله جل وعلا ونبرأ من حولنا ومن قوتنا. ولذلك من تمام التوكل ان تستشعر فقرك الى الله. و عظيم حاجتك اليه. وكل من امتلأ قلبه الشعور بالافتقار الى الله عمر قلبه بالتوكل عليه لانه اذا افتقرت الى الله علمت انه حاجتك لا يمكن ان تقضى الا من قبله. وعلمت انه لا يمكن ان تدرك ما تؤمن الا به ولا تنجو مما تكره الا به. فلا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع صاحب الجد ذا الجد يعني الغنى والحظ والنصيب ولا ينفع صاحب ذا الجد منك الجد اي لا ينفع صاحب الغنى والحظ حظه وغناه في ادراك ما يؤمل اصابة ما يرجو ويحب هذه بعض الكلمات ايها الاخوة في هذه الاية في قوله تعالى وتوكل عليه. نحن بحاجة الى ان نعتني بقلوبنا وان نصدق في اعتمادنا على ربنا جل في علاه. ولنبشر فانه من توكل على الله فهو حسبه. ومن اتقى الله وقاه وهما قرينان بقدر ما تحقق من العبودية لله تحقق من التوكل عليه ولكن قد تحقق توكلا عليه لكن دون عبادة له. وهنا تدرك ما تؤمن بالتوكل لكنك تخسر في ذلك سعادة الدنيا والاخرة كما ذكرت في توكل العصاة على الله في ادراك مطالبهم وكلما عظم قدر ربك في قلبك يعني ليش؟ الناس يتفاوتون في التوكل السبب هو هو بقدر علمهم بالله فبقدر علمهم بالله وعلمهم بحالهم يحصل تمام التوكل فمن علم ان الله هو الملك ان الله هو ان الله هو الرازق ان الله هو المدبر ان الله هو القدير ان الله هو الغني ان الله هو الحميد ان الله هو العظيم ان الله هو المجيد ان الله هو العلي الله له الاسماء الحسنى ان الله له الصفات العلى امتلأ قلبه تعظيما لله ومحبة اليه ورغبة فيما عنده فاعتمد عليه مما يؤكد هذا المعنى علمك بحالك. علمك بحالك وانك لولا الله لا شيء لولا الله لا شيء لولا الله لا شيء لست شيئا في قدرتك ولا قوتك ولا حولك لذلك نحن نقول لا حول ولا قوة قوة الا بالله ايش معنى لا حول ولا قوة الا بالله؟ يعني ما تستطيع ان تتحول من حالة الى حالة الا بالله انا الان جالس لا استطيع ان اقوم بالله انتم جلوس لا تستطيعون ان تقومون الا بالله. حركة اصبعك اصبعك حركة اصبعك لا تكون الا بالله. لا حول لا تحول من حال الا بالله ولا قوة على هذا التحول الا بان يمدك الله بالقوة التي بها تتحول فمن برئ من حول الله وقوته هلك واذكر لكم قصة اختصم رجلان عند قاظ فقال احدهما في ارض فقال احدهما هي لي وقال الاخر هي لي وليست له لما اختصم قال القاضي للمدعي عندك بينة؟ قال ما عندي شيء. فاذا لم يكن بينة فاليمين على من انت قال لا قال القاضي للمدة عليه ما يقوله فلان صحيح؟ قال لا ابدا الارض لي. فتوجهت اليمين اليه. فقال له المدعي صاحب الارض الذي يدعيها قال انا اقبل يمينه لكن اريد ان يحلف بهذه الصيغة قال ليقل في يمينه ابرأ من حول الله وقوته ان كان صادقا في دعواه يعني قال ابيه يقول هذه الكلمات اني بريء من حول الله وقوته يعني معنى بريء يعني لا حاجة لي الى حول الله ولا الى قوته اذا كان صادق هذا اخذته العزة بالاثم المدعى عليه وهو كاذب في نفيه فقال في يمينه ابرأ من حول الله وقوته ان كان صادقا لم يتمها الا سقط ميتا لانه اذا برئ من حول الله وقوته لا قوة الا بالله لا قوة ولا حول الا بالله. هذا معنى قولك لا حول ولا قوة الا بالله. ليس لك قدرة ولا قوة ولا امكان في تحول من حال الى حال الا بالله عز وجل. فاذا علمت ان هذي حالك ما عندك قدرة على شيء. من الذي ينظم قلبك الله جل في علاه هو الذي لو شاء لدخل النفس ولم يخرج لو شاء لتوقف النبض وهلكت كل ذلك بامره جل في علاه علمك بضعف حالك وبعظيم قدر ربك يجعلك لا تلتفت الى سواه بل تفوض الامر اليه وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد. اسأل الله ان يرزقنا واياكم صدق التوكل عليه والاعتماد عليه وان يجعل قلوبنا مليئة بحبه عامرة بتقواه وان يصلحنا سرا وعلنا وباطنا وان يجعلنا من حزبه واوليائه وان يوفقنا الى ما يحب ويرضى