وهكذا لو كان في مكان فيه مشغلات ومشوشات فيشتغل بهذه الامور. ومن اهل العلم من يقول بان او هذه للتنويع لمن كان له قلب هذه حالة هذا نوع من الناس له قلب حي وقاد يحصل له التذكر بادنى تنبيه والنوع الاخر من كان دونه فيحتاج الى ان يلقي بسمعه وان يحضر قلبه فيبذل المزيد من الجهد من اجل ان يحصل له التذكر ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى اله به اجمعين اما بعد فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ايها الاحبة الكتاب الذي اجتمعنا لدراسته ومختصر لكتاب اخلاق حملة القرآن للاجر رحمه الله ومؤلف الاصل او الامام المعروف ابو بكر محمد ابن الحسين ابن عبد الله الاجري البغدادي نسبة الى درب الاجر وهي محلة ببغداد غربي النهر هي من محال موضع بجوار نهر طابق والاجر معروف طين يطبخ يتخذ للبناء كما هو معلوم ويقال له في بعض البلاد القرميد ويقال له في بعض البلاد الطوب والطابوق ونحو ذلك نشأ الاجر رحمه الله في بغداد وكان مولده في اواخر القرن الثالث الهجري يعني في حدود سنة ثمانين ومئتين للهجرة بقي في بغداد نحو من خمسين سنة يعني بقي فيها الى سنة ثلاثمائة وثلاثين تعلم بها وعلم وحدث ثم ذهب الى الحج فلما دخل مكة اعجبته وجاء في بعض الكتب في ترجمته انه سأل ربه اقامة بمكة سنة وانه سمع هاتفا يقول بل ثلاثين سنة فالله اعلم بهذا لكن حينما حج اقام بعد ذلك بمكة ثلاثين سنة حتى توفي رحمه الله سنة ستين وثلاثمائة فكان عمره رحمه الله قد بلغت ثمانين او قارب الثمانين والامام الاجري رحمه الله له شيوخ كثير ومن اشهر كتبه المطبوعة كتاب الشريعة فقد روى فيه عن اكثر من سبعين شيخا وهذا الكتاب الذي ندرس مختصره كتاب اخلاق حملة القرآن روى فيه عن اربعة وعشرين شيخا فهذا عدد كثير من الشيوخ وكذلك ايضا له مؤلفات كثيرة وقد عد بعضهم ما يقرب من ثمانية وثلاثين مصنفا من مصنفاته وهذا الكتاب هو كتاب اخلاق حملة القرآن هو من اشهر هذه المصنفات هذا الكتاب ايها الاحبة يتحدث عن اخلاق حملت القرآن كما يدل عليه عنوانه اخلاق القارئ والمقرئ اخلاق القراء كل من يقرأ القرآن والاداب التي ينبغي مراعاتها في ذلك وذكر فيه ايضا في اوله واخره بعض ما يتصل بفظل تلاوته وتعلمه وتعليمه لكن جل الكتاب يدور حول موضوع الاخلاق والاداب للقارئ والمقرئ وما يشتركان فيه من ذلك وهذا يعد من اول المصنفات التي وقفنا عليها في هذا الموضوع هناك مؤلفات تطرقت للاداب قبله ككتاب فضائل القرآن لابي عبيد القاسم ابن سلام المتوفى سنة اربع وعشرين مئتين لكن الكتاب لا يختص باخلاق واداب حملة القرآن. اعني كتاب ابي عبيد وهكذا بعض المصنفات التي الفت في فضائل القرآن ومن هؤلاء شيخ الاجري وهو ابو جعفر الفيريابي له كتاب مطبوع في فضائل القرآن لكن هذا الكتاب يتحدث عن اداب حملة القرآن واخلاق حملة القرآن قاصة ومزية هذا الكتاب انه كتاب انه كتاب مسند يعني انه يسوق الروايات بالاسانيد هذا بالاضافة الى سهولة العبارة وكذلك ايضا التقسيط فهو حينما يذكر جملة من الاداب او القضايا التي ينبغي مراعاتها فانه بعد ذلك يذكر ما يدلل على ذلك من القرآن والسنة واقوال السلف من الصحابة والتابعين ثم بعد ذلك يذكر اقوال العلماء رحمهم الله تعالى هذه الطريقة في التأصيل لا شك انها اجدى وانفع وطالب العلم احوج ما يكون الى ذلك وهذا هو التأصيل الحقيقي وهذا هو العلم النافع الذي يبنى على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم وارضاهم فهذه من ابرز مزايا هذا الكتاب الامام النووي رحمه الله صنف كتابه المشهور التبيان باداب حملة القرآن وتناول فيه قضايا فقهية ونحو ذلك الا ان هذا الكتاب الذي الفه الاجري له فضل التقدم من جهة وكذلك ايضا انه يورد الروايات بالاسانيد هذا بالاضافة الى كثرة التأصيل فيه بالطريقة التي اشرت اليها هذا ما يتصل مزية هذا الكتاب وقد ذكر فيه تسعة ابواب الباب الاول في فضل حملة القرآن والثاني في فضل من تعلم القرآن وعلمه والثالث في فضل الاجتماع في المساجد لدروس القرآن. لاحظوا هذه الابواب الثلاثة في الفضائل باول الكتاب ثم بعد ذلك الباب الرابع في ذكر اخلاق اهل القرآن. والخامس اخلاق من قرأ القرآن لا يريد به الله عز وجل السادس اخلاق المقرئ اذا جلس يقرئ لوجه الله عز وجل. ماذا ينبغي له ان يتخلق به. السابع ذكر اخلاق من قرأ القرآن على المقرئ الثامن ادب القراء عند تلاوتهم القرآن مما لا ينبغي لهم جهله التاسع والاخير في حسن الصوت بالقرآن اذى ما تضمنه هذا الكتاب وهذا المختصر الذي بين ايديكم انما تقرأون فيه عبارة الاجر بحروفها من غير تصرف قوبل على خمس نسخ ونظر في افضل هذه النسخ وهي ثلاث النسخ المحققة والفروقات بينها غير مؤثرة في الجملة ولكن انتقيت العبارة الاوضح والاليق بالسياق مع المراجعة على الاصول يعني كتب الحديث والرواية وكذلك ايضا بحذف الاسانيد و الروايات الضعيفة والعبارات المكررة فقط اما الباقي فانه اثبت كما ذكره مؤلفه فاذا قرأت هذا المختصر ارجو ان تكون قد قرأت الاصل واما ما ترك من الاصل فان ذلك لا يضر فوته ولا تحتاج الى النظر فيه بعد ذلك نبدأ قراءة الكتاب والتعليق على ما يحتاج الى تعليق واسأل الله عز وجل ان يبارك لنا ولكم بما نسمع ونقرأ ونتعلم انه سميع مجيب. نعم تفضل. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين قال الامام ابو بكر محمد بن الحسين بن عبدالله الاجري رحمه الله احق ما استفتح به الكلام الحمد لمولانا الكريم. وافضل الحمد ما حمد به الكريم نفسه فنحن نحمده الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ان لهم اجرا حسنا ماكثين فيه ابدا والحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخرة والحكيم الخبير يعلم ما يلج في الارض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور احمده على تواتر احسانه وقديم نعمه. حمد من يعلم ان مولاه الكريم علمه ما لم يكن يعلم. وكان فضل عليه عظيما واسأله المزيد من فضله والشكر على ما تفضل به من نعمه. انه ذو فضل عظيم وصلى الله على محمد عبده ورسوله ونبيه وامنه على وحيه وعباده صلاة تكون له رضا بها مغفرة وعلى اله اجمعين وسلم كثيرا طيبا اما بعد فاني قائل وبالله اثق لتوفيق الصواب من القول والعمل. ولا قوة الا بالله العلي العظيم انزل الله عز وجل القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم واعلمه فضل ما انزل عليه واعلم خلقه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ان القرآن عصمة لمن صمد وهدى لمن اهتدى به وغنى لمن استغنى به وحرز من النار لمن اتبعه ونور لمن استنار به وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ثم امر الله الكريم خلقه ان يؤمنوا به ويعملوا بمحكمه فيحلوا حلاله ويحرمه حراما. ويؤمن بمتشابهين ويعتبروا بامثاله ويقولوا امنا به كل من عند ربنا. ثم وعدهم على تلاوته عملي به النجاة من النار والدخول الى الجنة. ثم ندب خلقه اذا هم تلوا كتابه ان يتدبروه ويتفكروا فيه قلوبهم واذا سمعوه من غيرهم احسنوا استماع ثم وعدهم على ذلك الثواب الجزيل فله الحمد. ثم خلقه ان من تلى القرآن واراد به متاجرة مولاه الكريم فانه يربحه الربح الذي لا بعده ربح ويعرفه بركة المتاجرة قال واراد به متاجرة مولاه الكريم فانه يربحه الربح الذي لا بعده ربح ويعرفه بركة متاجرة في والاخرة قال محمد بن الحسين رحمه الله جميع ما ذكرته وما سأذكره ان شاء الله بيانه في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن قول صحابته رضي الله عنهم وسائر العلماء. وانا اذكر منه ما حضر ذكره ان شاء الله تعالى والله الموفق في ذلك. نعم لاحظوا كما ذكرت في اول الكلام من انه يذكر جملة من الامور ثم بعد ذلك يسوق دلائلها من الكتاب والسنة واقوال السلف ثم يذكر اقوال اهل العلم هذا من انفع ما يكون هذه طريقته في هذا الكتاب في جميع المواضع. فهذا اولها نعم تفضل قال عز وجل ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانيتين يرجون تجارة لن تبور ليوفيكم اجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور هذه الاية الاولى بفضل التلاوة تأمل قوله تبارك وتعالى ان الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة يتلون كتاب الله الذي يحتمل ان يكون المراد التلاوة بمعنى القراءة ويحتمل ان يكون المراد الاتباع فان اصل هذه المادة تلا بمعنى تبع فالذي يقرأ هو يتبع الحروف والكلمات والجمل والايات التي يقرأها وكذلك ايضا الذي يعمل هو متبع لما يقرأ متبع ما امر الله تبارك وتعالى به وهدى اليه فهذه قد فسر بها بعض اهل العلم من السلف فمن بعدهم التلاوة ان الذين يتلون كتاب الله فسروه بالاتباع والعمل وان اتلو القرآن بمعنى العمل بما فيه اتباع القرآن فهذان معنيان وهما صحيحان والقرآن يعبر به بالجمل والعبارات القصيرة الدالة على المعاني الكثيرة فالله تبارك وتعالى قد اثنى على هؤلاء الذين يتلون كتاب الله فيدخل فيه التالي بمعنى القارئ ويدخل فيه ايضا معنى معنى الاتباع يتبعونه وان اتلوا القرآن اي القراءة وكذلك ايضا الاتباع فهذان معنيان يدل عليهما اللفظ وهما مطلوبان وكل واحد منهما قد دلت عليه ادلة واذا كان الامر كذلك فانه لا يحمل على واحد منها الا لدليل وان كان المتبادر ان التلاوة هي بمعنى القراءة لكن يمكن ان يقال انها تدخل في ذلك دخولا اوليا ولكن المعنى الاخر الذي هو العمل والاتباع ليس بمنأى عن هذه النصوص. فيراعى ومثل هذا يحتاج اليه بعد قليل ان شاء الله تعالى في الكلام على مثل قوله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه. ما المراد لذلك نعم. وقال عز وجل الذين يعملون الصالحات وان الذين لا يؤمنون بالاخرة اعتدنا لهم عذابا اليما. نعم. وهنا يمكن مراجعة ما ذكره والشيخ محمد الامين الشنقيطي رحمه الله في هذه الاية فقد كتب فيها عشرات الصفحات في كتابه اضواء البيان يتحدث عن وجوه هدايات القرآن للتي هي اقوى. في كل جانب من جوانب الحياة فيما يتعلق اموري السياسة والحرب والسلم وامور الاجتماع والاسرة وما يتصل بالعبادات والمعاملات وما الى ذلك نعم وقال عز وجل وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا. نعم. وهنا ايضا اطلق الوصف بكون القرآن شفاء فهذا الشفاء يشمل كما قال اهل العلم كالحافظ ابن القيم رحمه الله وغيره شفاء الارواح من الشبهات والضلالات والشرك والجهل والريب وكذلك ايضا هو شفاء لي الابدان من عللها واوصابها فيستشفى بالقرآن والدلائل على هذا معروفة والنبي صلى الله عليه وسلم قال وما ادراك انها رقية وكذلك صلى الله عليه وسلم رقي بالمعوذتين الى غير هذا مما نعلمه. فهذا الشفاء يشمل شفاء القلوب ويشمل ايضا شفاء الابدان ولاحظوا هنا انه قال شفاء ولم يقل دواء فان الدواء يصيب ويخطئ بحسب موافقته للمحل اما القرآن فان الله جاء بالنتيجة. لم يقل وننزل من القرآن ما هو دواء وانما قال شفاء فالشفاء به يكون متحققا اذا اقبل العبد عليه اقبالا صحيحا نعم احسن الله اليكم وقال عز وجل يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء كل ما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين. نعم ولاحظوا هنا ايضا ان الله تبارك وتعالى سماه موعظة سماه بشموله وعمومه بما فيه من العقائد والاحكام وبما فيه من ذكر الجنة والنار وما فيه من ذكر القصص والاخبار والامثال والعبر كل ذلك سماه موعظة وذلك في كتاب الله تبارك وتعالى يقال تارة للاحكام فان الله تبارك وتعالى لما ذكر الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وامره الى الله وفي الظهار ايضا لما ذكر الكفارة قال بان ذلك مما يوعظ به العباد توعظون به مع انه حكم في موضوع خاص يتعلق بالظهار فالوعظ يقال للاحكام وبيانها ويقال لكل ما تضمنه القرآن من العقائد والعلوم والشرائع ونحو ذلك. وقد يقال الوعظ معنى اخص وهو ما يتصل بالامر او النهي المقرون بالترغيب او الترهيب. هذا هو الشائع. واذا كان الله تبارك وتعالى ذكر هذا القرآن بانه موعظة وكذلك ايضا قال عن نفسه بانه يعظ وكذلك ايضا فان النبي صلى الله عليه وسلم يعظ الناس فانه لا ينبغي لطالب العلم ان يتنزه من الوعظ وان يترفع عن ذلك ويظن ان هذا الوعظ يحط من مرتبته ومنزلته في العلم لربما توهم طالب العلم ان اشتغاله بالفقه او الحديث او التفسير او غير ذلك ان ذلك يغني عن الاشتغال بالوعظ لان ذلك صنعة من لا يحسن العلم وكان هؤلاء قد سبق الى اذهانهم صورة لا تمثل الوعظ الحقيقي فيما يذكر عن القصاص وانهم لا يميزون بين الصحيح والسقيم والغث والسمين ويريدون الاخبار والقصص والمختلقات ونحو ذلك. فتنزه هؤلاء او ارادوا التنزه عن مثل هذه الفضيلة العمل الشريف ينبغي ان توضع الامور في موضعها الصحيح وهكذا حينما وصف الله تبارك وتعالى هذا القرآن في هذه الاية وشفاء لما في الصدور هذا الهداية شفاء من الشكوك والريب والكفر ظلمات الغي والضلالة فجاء الشفاء بهذا القرآن الاية التي قبلها وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين هنا يشمل هذا وهذا يشمل الشفاء بنوعيه وشفاء النفوس والارواح نعم وقال عز وجل يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وانزلنا اليكم نورا مبينا فاما الذين امنوا بالله واعتصموا به فسيداخلهم في رحمة من هو فضل ويهديهم ويهديهم اليه صراطا مستقيما. نعم. هنا ايضا حينما قال الله تبارك وتعالى قد جاءكم برهان من ربكم. برهان بمعنى الحجة الواضحة التي لا تدع في الحق لبسا فهذا القرآن يحصل به بيان الحق بصورة جلية واضحة لا يبقى معها التباس فيه او تردد في صحته وهكذا وانزلنا اليكم نورا مبينا تستنير به النفوس والقلوب والارواح ويقابل ذلك الظلمات حيث الكفر والضلال والجهالة نعم وقال عز وجل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من فانقذكم منها كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم تهتدون. نعم وحبله هنا فسره جمع من السلف من بعدهم بانه القرآن. اعتصموا بحبل الله جميعا قالوا حبله القرآن وما قيل من عبارات للسلف غير هذا فهي في الواقع راجعة اليه فان ذلك كله يرجع الى معنى واحد نعم. وحبل الله هو القرآن. وقال عز وجل الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها فروا منه جنود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله. ذلك هدى الله يهدي به من يشاء اه ومن يضلل الله فما له من هاد. نعم والمقصود هنا بقوله كتابا متشابها الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها. هنا المقصود به التشابه العام بمعنى انه يشبه بعضه بعضا في الحسن والاتقان والبلاغة والفصاحة وما الى ذلك من اوله الى اخره اول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ واخر ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهي الايات الثلاث على الارجح والله اعلم اية الربا واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله واية الدين. كل ذلك على نهج واحد في البلاغة والفصاحة متشابهة يصدق بعضه بعضا ويوافق بعضه بعضا يشهد بعضه لبعض بالتحقيق والتصديق وكذلك ايضا في الفاظه وعباراته فهو في غاية التشابه من هذه الحيثية وليس المقصود التشابه الخاص الذي يحتاج معه لفهم معناه ان نرجعه الى المحكم وذلك ما ذكره الله تبارك وتعالى في اية ال عمران حينما قال الله تبارك وتعالى الله قال منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات. فالذي في اية ال عمران غير هذا الذي في اية ال عمران هو التشابه الخاص والاحكام الخاص وهنا التشابه العام وكذلك الاحكام العام في مثل قوله تبارك وتعالى احكمت اياته حينما وصفه بجملته ان اياته قد احكمت احكمت بمعنى انها متقنة ليس فيها خلل في الفاظها ولا في معانيها فهو في غاية الاتقان هذا الاحكام العام نعم تفضل وقال عز وجل كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب نعم هنا ذكر ايضا وصف القرآن بانه مبارك وهذه البركة تعني كثرة الخيرات وذلك لكثرة ما حواه من العلوم والهدايات وما يحصل به السعادة للعباد بالدنيا والاخرة فمن اقبل عليه بحق فتح عليه من ابواب البركات ما لا يقادر قدره من المعاني والهدايات والعلوم ونحو ذلك ولهذا قال بعض اهل العلم اشتغلنا بالقرآن فغمرتنا البركات اشتغلنا بالقرآن فغمرتنا البركات وهكذا من لابس مثل هذا الكتاب المبارك وقاربه واشتغل به وكثر اشتغاله به تعلما وتعليما وتفهما وتدبرا فان ذلك لا بد ان يكون له ان يحصل له من البركة ما يتفق مع هذه المقاربة والاشتغال والملابسة فان هذه المقاربات والمقارفات والمزاولات ايها الاحبة لا بد ان تؤثر في اصحابها ولا شك ان كلام الله تبارك وتعالى هو اجل وابرك واشرف الكلام فمن كان اشتغاله به فلا تسأل عن حاله فتحصل له البركة في العلم والعمل والوقت والمال والولد العمر يكون مباركا اقد يعمل الانسان يكدح كثيرا ويجد ويجتهد ولربما يذهب هنا وهناك ويطلب كثيرا من العلوم ولكن قد لا تجد اثرا فعليكم بهذا القرآن والائمة الكبار كشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كان يتحسر في اخر حياته ان اشتغاله لم يكن يعني في عمره الذي مضى انه لم يكن بالقرآن. كان من اكثر الناس اشتغالا بالقرآن. وكان يفسر سورة نوح سنة كاملة وكان يقرأ في الاية الواحدة نحو مئة تفسير ويذهب الى بعض المساجد الخربة بدمشق ويمرغ وجهه بالغبار والتراب ويقول يا معلم ابراهيم علمني ويا مفاهم سليمان فهمني ومع ذلك كان يتحسر على ايامه التي مضت كيف لم يقضها مع القرآن وهكذا نقل ذلك عن جمع من اهل العلم وجاء ذلك ايضا عن بعض المعاصرين انه في اخر حياته كان يتحسر ان جميع الاشتغال والوقت لم يوفر على القرآن فانا اقول نحن في بداية هذه الاجازة وقد اجتمعنا ايها الاحبة في بيت من بيوت الله نتدارس كتاب الله فهذا من مدارسة القرآن كما سيأتي وهذه بداية مشرفة وبداية صحيحة ارجو ان ينالنا جميعا ايها الاحبة من بركتها وان يصلح لنا القصد والنية فابشروا واملوا بدايتكم في هذه الاجازة بداية صحيحة. بدأتم بالعلم واشرف العلوم بدأتم بالاشتغال في كتاب الله عز وجل من اول يوم بهذا الكتاب الذي هو بهذه المنزلة في بيت من بيوت الله والله تبارك وتعالى كما اخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم قد حكم بانه ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده فوعدهم هم بهذه الوعود الاربع فهذا امر يغتبط به ولذلك اقول ايها الاحبة بان هذا القرآن والاقبال عليه بمثل هذه الاوقات التي يتوفر فيها لكل واحد منا او لعامتنا من الاوقات ما لا يتوفر في غيره من العام فلنجعل للقرآن النصيب الاوفر من التلاوة والتعاهد والتدبر والنظر في معانيه والتفكر في مضامينه وهداياته وانظر كيف تتغير نفسك وقلبك واعمالك واحوالك وتصوراتك وانظر كيف تكون السعادة الغامرة وانظر كيف تجد من الانشراح في القلب والطمأنينة وكذلك ايضا ما يحصل للانسان من الاجر والثواب والبركة نعم تفضل وقال عز وجل وكذلك انزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون هنا او يحدث لهم ذكرى ثم ان الله تعالى وعد لمن استمع الى كلامه فاحسن الادب عند استماعه بالاعتبار الجميل ولزوم الواجب لاتباعه والعمل به ان بشره عز وجل منه بكل خير. ووعده على ذلك افضل الثواب. فقال عز وجل فبشر عباده الذين القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب. فكل كلام ربنا حسن لمن تلاه ولمن استمع اليه. وانما هذا والله اعلم صفة قوم اذا سمعوا القرآن يتبعون من احسن ما يتقربون به الى الله عز وجل مما دلهم عليه مولاهم الكريم فيطلبون بذلك رضاه ويرجون رحمته سمعوا الله قال واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون. فكان حسن استماعهم نبعثهم على التذكر فيما لهم وعليهم وسمعوا الله عز وجل قال فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. هنا في لقوله تبارك وتعالى وبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه احسن هنا يحتمل ان تكون افعل التفضيل هذه يراد بها مطلق الاتصاف يعني يتبعون الحسن فكل كلام الله تبارك وتعالى حسن وهو بالغ في الحسن غايته فافعل التفضيل مثل احسن وافضل واكمل واكرم ونحو ذلك قد تطلق ويراد بها مطلق الاتصاف يعني يتبعون احسنه يعني يتبعون الحسن فكل كلام الله حسن. كما قال ربنا تبارك وتعالى ويتجنبها الاشقى بمعنى الشقي وكذلك ايضا كما قال الشاعر تمنى رجال ان اموت وان امت فتلك سبيل لست فيها باوحدي. يعني لست فيها بواحدي فاوحد بمعنى واحد وسيجنبها الاتقى يعني اتقي خلافا لمن قال بان المراد بذلك الاتقى افعل التفضيل يعني به ابا بكر رضي الله تعالى عنه ولا شك ان ابا بكر رضي الله عنه اتقى الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الاية والله اعلم يراد بها مطلق الاتصاف فهذا محمل لهذا الموضع ويحتمل ان يكون المراد بقوله تبارك وتعالى الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه. ان القرآن فيما شرعه الله تبارك وتعالى لعباده. ذكر لهم مراتب الاعمال فذكر لهم مثلا الظلم وذكر لهم العدل وجزاء سيئة سيئة مثلها ثم ذكر لهم مرتبة فوق ذلك. فمن عفا واصلح وليعفوا وليصفحوا العفو والصفح اعلى مرتبة من المقاصة من القصاص وفوق العفو مرتبة اخرى وهي الاحسان الى المسيء فهؤلاء يستمعون القول فيتبعون احسنه فيأخذون باعلى المراتب فهم مخيرون بين العدل بالقصاص مثلا في هذا الموضع بهذا المثال وكذلك ما فوق العدل وهو العفو والصفح تجاوز وفوق ذلك الاحسان الى المسيء فهؤلاء يأخذون الافضل والاكمل من هذه المراتب ويتحققون بها. هذا معنى حمله بعض حمل بعض اهل العلم الاية عليه والاية تحتمل ذلك وقوله تبارك وتعالى واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون هنا ذكر الاستماع وذكر الانصات والفرق بين السماع والاستماع معروف فالسماع ان يطرق سمعك المسموع يعني الصوت ولو كان ذلك من غير طلب او قصد. واما الاستماع فذلك يكون عن ارادة وقصد فيتوجه السمع الى هذا المسموع. واما الانصات فهو الا يشتغل عنه بغيره فصار المطلوب عند قراءة القرآن الاستماع والانصات فقد يستمع الانسان ولكنه يشتغل بشيء اخر قد يشتغل جهازا معه بيده او المرأة تشتغل بعمل في دارها او نحو ذلك فهذا خلاف الانصات الانصات قدر زائد ولذلك في حديث الجمعة ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم الانصات وقال صلى الله عليه وسلم من مس الحصى فقد لغى من مس الحصى فقد لغى يعني بمعنى انه لو اشتغل يعبث بشيء كالحصى اذا كان في المسجد حصبة او نحو هذا او اشتغل يعبث والاعتبار والتفكر فهذا دون الاول وهذا الذي ذهب اليه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله والحافظ ابن القيم ان او هذه تدل على التنويع هما نوعان صنفان من الناس. الصنف الاول بطرف ثوبه او بمسبحة او نحو هذا فانه يكون قد لغى. لماذا لانه مطالب مع الاستماع بان ينصت لا يشتغل عنه بغيره يقبل عليه بكليته لا يشتغل بشيء اخر وصار الانصات يدل على قدر زائد على معنى زائد غير الاجتماع وهذا المعنى نغفل عنه كثيرا فيفوتنا الكثير من المعاني والهدايات ولذلك انظر الى الاستماع حينما يستمع الانسان يقود السيارة مثلا فانه لا يكاد يحصل من العلم والهدايات فيما يسمعه سواء من القرآن او من غيره الا القدر اليسير تفوته اشياء لماذا؟ لانه مشغول بالمقود وغير المقود وينظر هنا وهناك مع انه يستمع فهذا يضعف التدبر وعقل المعاني نعم وقد اخبرنا الله عز وجل عن الجن في حسن استماعهم للقرآن واستجابتهم لما ندبهم اليه. ثم رجعوا الى قومهم فوعظوهم بما سمعوا من القرآن باحسن ما يكون من الموعظة. قال الله عز وجل قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدي الى الرشد فامنا به ولن نشرك بربنا احدا. وقال عز وجل واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضي فلما قضي ولوا الى قومهم منذرين. قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهديه يهدي الى الحق والى طريق مستقيم يا قومنا اجيبوا داعي الله وامنوا به. يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم. تلاحظون هنا في مواضع الحذف ولو كلمة واحدة ثلاث نقط يعني اذا حذف حرف واحد او كلمة يوضع مكانها ثلاث نقط نعم وقد قال الله عز وجل في سورة قاف قاف والقرآن المجيد ما دلنا على عظيم ما خلق من السماوات والارض وما بينهما من عجائب حكمته في خلقه. ثم ذكر الموت وعظم شأنه ثم ذكر النار وعظيم شأنها ثم ذكر الجنة وما اعد فيها لاوليائه. فقال عز وجل لهم ما يشاء فيها ولدينا مزيد. الى اخر الاية ثم قال بعد ذلك كله ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ايه ده؟ فاخبر جل ذكره ان المستمع باذنيه ينبغي له ان يكون مشاهدا بقلبه ما يتلو وما يسمع. لينتفي بتلاوته للقرآن وبالاستماع ممن يتلوه. نعم قوله هنا ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب من اهل العلم من قال ان التنكير هنا في القلب انه يقصد به التعظيم يعني من كان له قلب حي وقاد يعقل عن الله عز وجل ويتدبر ويتفهم فهذا هو الذي تحصل له الذكر. وبعض اهل العلم يقولون ان التنكير في القلب هنا يدل على ان ذلك يصدق على من له الحد الادنى من حياة القلب بمعنى ان قلبه لم يمت لم يصل الى حد الطمس الختم الطبع لم يكن في اكنه لم يحصل عليه الران فان مثل هذا الذي في قلبه شيء من الحياة ولو كان مريضا لان القلوب كما هو معلوم منها ما هو الصحيح ومنها ما هو المريض ومنها ما هو الميت فمن كان له قلب بعض اهل العلم يقول يعني الحد الادنى الذي يصدق عليه ذلك يعني فيه رمق بحياة يعقل ولو ادنى ما يمكن ان يصدق عليه الحياة والعقل عن الله وعن كلامه فهذان قولان معروفان للمفسرين كذلك او في هذه الاية او القى السمع وهو شهيد فبعض اهل العلم يقولون ان او هنا بمعنى الواو بمعنى ان ذلك يكون فيه ذكرى لمن تحققت فيه ثلاثة امور الاول وجود المحل القابل وهو القلب الحي الوقاد حياة القلب فان ميت القلب لا يجدي معه سماع القرآن ولا يكفي حياة القلب بمجرده بل لابد معه من القاء السمع اذا كان ذلك متلوا ولا يكفي فقط القاء السمع فقد يلقي الانسان سمعه مع حياة قلبه الا ان قلبه مشغول في مكان اخر لعارض لهم غالب او فرح غالب او لشغل يشغله ويصرف قلبه عن التدبر يعني في حينها فلا بد من ثلاثة امور وهي مختلفة متغايرة قلب الحي وذلك قلب المؤمن ويكون معه الاستماع القى السمع والتعبير بالالقاء هنا يدل على شدة الاقبال على ما يسمع وكذلك ايضا وهو الشهيد هنا ان يحظر قلبه عند الاستماع فيتوخى ويتحرى الاستماع بالاوقات التي يكون فيها مهيئا للتدبر بمعنى لا يكون في وقت يترقب فيه اتصالا او يشغل قلبه بوضع الجهاز بجواره كل ما جاءت رسالة نظر اليها وقرأها ثم يرجع الى القراءة مرة اخرى فان ذلك يشوش فكره هو الذي ينتبه بادنى تنبيه بادنى اشارة لا يحتاج الى جهد كبير عمل كثير ليحصل له العظة والعبرة والتفكر النوع الثاني هو من كان دونه فيحتاج الى اقبال شديد على هذا المتكلم او الكلام الذي يسمعه وان يحضر قلبه عنده فهذا ينتفع ولذلك تجد بعض الكفار يسمع اية فيسلم جبير بن مطعم رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سورة الطور في المغرب ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون قال فكاد قلبي ان يطير فوقع الاسلام في قلبه وهو رجل مشرك فهذا يحصل وهؤلاء مع انهم من الكفار لكنه لم يحصل لهم الطبع والختم على القلوب والا لما انتفعوا بسماع القرآن والله اعلم نعم تفضل ثم ان الله عز وجل حث خلقه على ان يتدبر القرآن فقال عز وجل افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها. وقال عز وجل افلا يتدبرون القرآن. ولو كان من لغير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. نعم هنا لاحظ هذا الانكار افلا يتدبرون القرآن في الموظعين وهاتان الايتان كثير من اهل العلم يقول انهما في المنافقين والسياق يدل على هذا وهذا المنافق حينما يخاطب بمثل ذلك لربما يكون هذا المنافق قد طبع على قلبه. فهو لا يعقل كما اخبر الله عز وجل عنهم انه اذا خرجوا من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ماذا قال انفا ايكم زادته هذه ايمانا فهم لا ينتفعون. وقال الله تبارك وتعالى عنهم كانهم خشب مسندة. بمعنى انه لا يفقهون ولا يعقلون عن الله تبارك وتعالى فاذا كان الامر كذلك فكيف خوطبوا بمثل هذا قد يقال ان ذلك على سبيل التبكيت وقد يقال بان ذلك يتوجه الى من لم يصل الى مرحلة الطبع والختم وهذه يؤخذ منها ايضا ان تدبر القرآن يطلب من كل احد وان ذلك لا يختص بالعلماء ولكن الخطأ الذي قد يقع لكثير من الناس ان الذهن قد يسبق عند ذكر التدبر او المخاطبة به الى استخراج اللطائف والدقائق البلاغية ونحو ذلك ممن لا يتوصل اليه الا بشيء من العلوم المساعدة بعض علوم الالة علوم اللغة من البلاغة ونحوها وهؤلاء ليس عندهم اهلية في الغالب اعني العامة لاستخراج مثل هذه المعاني لفقد الالة ومن هنا فان سبق الاذهان الى مثل هذا غير صحيح. وليس ذلك هو المطلوب التدبر ولكن الانسان يتدبر يعظ قلبه من اجل ان يرقق قلبه يتدبر من اجل ان يعقل عن الله عز وجل فيعرف مراد ربه تبارك وتعالى منه يتدبر ليعرف صفات المعبود ليعرف جلاله وعظمته يتدبر من اجل ان يعرف الدار التي يصير اليها الجنة والنار وما فيها يتدبر من اجل ان يعرف خبر الاولين والقصص والعبر والامثال المضروبة لينتفع بذلك ويعود الى نفسه ويصحح عمله ويحاسب هذه النفس ويستقيم على امر الله جل جلاله وتقدست اسماؤه هذه المعاني في التدبر مطلوبة للجميع وهناك بعض الجوانب المتعلقة بالتدبر هذه تصلح لي العلماء ومن لديهم القدر والامكانات لاستخراج مثل تلك الدقائق فهذا هو التوسط والاعتدال بهذا المعنى لكن لربما سبق الى الناس اشياء من الرسايل الواصلة اليهم في التدبر ونحو ذلك اي على هذا المنحى لطائف ودقائق بلاغية ونحو ذلك فلربما استقر في كثير من الافهام ان التدبر هو هذا وعليه ان يستخرج اشياء من هذه الدقائق لم يسبق اليها هذا خطأ لا يطلب من عموم الناس ان تقحموا ذلك فانهم سيأتون بالعجائب ويكون الواحد قائلا على الله بلا علم نعم الا ترون رحمكم الله الى مولاكم الكريم كيف يحث خلقه على ان يتدبروا كلامه. ومن تدبر كلامه وعرف الرب عز وجل وعرف عظيم سلطانه وقدرته. وعرف عظيم تفضله على المؤمنين. وعرف ما عليه من فرض عبادته فالزم نفسه الواجب. فحذر مما حذره مولاه الكريم ورغب فيما رغبه ومن كانت هذه صفته عند تلاوته للقرآن وعند استماعه من غيره. كان القرآن له شفاء فاستغنى امال وعز بلا عشيرة وانس بما يستوحش منه غيره. وكان همه عند تلاوة السورة اذا افتتحها متى اتعظ بما اتلو ولم يكن مراده متى اختم السورة وانما مراده متى اعقل عن الخطاب متى ازدجر؟ متى اعتبر؟ لان تلاوته للقرآن عبادة. والعبادة لا تكون غفلة والله الموفق لذلك. طيب نتوقف الان تستريحون ثم نعود ان شاء الله تعالى