الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين. اما بعد فاللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والمستمعين. قال الامام الاجري رحمه الله تعالى عن عقبة بن عامر رضي الله عنه انه قال خرج الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال ايكم يحب ان يغدو الى بطحانا او العقيق فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين فيأخذهم وما في غير اثم ولا قطع رحم قال قلنا كلنا يا رسول الله يحب ذلك. قال فلا ان يغدو احدكم الى المسجد في تعلم ايتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث واربع خير له من اربع ومن اعدادهن من الابل الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد فقوله صلى الله عليه وسلم. ايكم يحب ان يغدو الى بطحان وجه هذا الى اصحابه الذين كانوا في الصفة واهل الصفة كما هو معلوم هم فقراء المهاجرين رضي الله تعالى عنهم وارضاهم كانوا يأوون الى موضع في مؤخر المسجد مظلل يقيمون فيه ليس لهم اهل ولا دار ولا مال خرجوا وتركوا وراءهم كل شيء وكانوا يخرجون في الغزوات والسرايا ويخرجون ايضا يعلمون القرآن يزيدون وينقصون قد يبلغ عددهم كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في بعض الاوقات الى مئتي الى مائتي رجل يتوافرون ويكثرون في بعض الاوقات يقلون فهؤلاء قد فرغوا انفسهم من اجل تبليغ دين الله عز وجل بطرق البلاغ فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بهذا ايكم يحب ان يغدو الى بطحان او العقيق يغدو يذهب اول النهار والغدو كما هو معلوم يكون من بعد الفجر الى ما قبل طلوع الشمس هذا وقت الغداة يغدو وهذا هو الوقت المبارك بورك لامتي في بكورها اول النهار الى بطحان وهو اسم واد في المدينة وقيل انه سمي بذلك لسعته وانبساطه من البطح وهو البسط. او الى العقيق قيل اراد العقيق الاصغر وهو على ثلاثة اميال من المدينة او على ميلين وقوله بطحان او العقيق او هذه يحتمل ان تكون من قبل الراوي على سبيل الشك يعني انه شك هل قال النبي صلى الله عليه وسلم بطحان او العقيق ويحتمل انها الشك ويحتمل انها للتنويع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك يعني يذهب الى هذا او هذا وذلك ان بطحان والعقيق يا المواضع الاقرب الى المدينة مما كان يباع فيه الابل اسواق الابل وهنا وصف هاتين ان ناقتين اللتين يرجع بهما فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين زهراوين كوماوين الناقة الكوماء يعني العظيمة السنام والابل كما هو معلوم هي خيار اموال العرب وقد جعلت الديات فيها ولذلك تجد في النصوص مثل هذه العبارة خير لك من حمر النعم فاموالهم كانت خير الاموال كانت عندهم هي الابل فوصف النبي صلى الله عليه وسلم هاتين الناقتين بهذا الوصف كوماوين وقال ايضا زهراوين يعني تضرب الى البياض يميل لونها الى البياض فجمعت بين ايه الكمال في سمنها وعظمها وكذلك ايضا في لونها حيث انها زهراء وهذا يكون له من غير تبعة من غير اثم كالسرقة والغصب والاختلاس ونحو ذلك ولا قطيعة رحم يعني انه يأخذ ذلك من غير ان يوجب له ذلك قطيعته رحم كأن يكون لارحامه لقراباته او نحو ذلك حق فيها فيأخذ ذلك دونهم او نحو هذا فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الايتين انهما خير من ناقتين ومن اعدادهما من الابل وثلاث خير من ثلاث. ومن اعدادهن من الابل. وكذا اربع تصور الان اذا كان عدد ايات القرآن بالاجماع يزيد على مئتين يزيد على ستة الاف ومائتي اية باربع ايات وقيل اكثر من هذا فهذه بكل اية خير من ناقة ولو سألنا من له معرفة بذلك كم تبلغ قيمة الناقة التي هي بهذه المثابة وقد سألت من قبل عن هذا فقال قد تبلغ مئة الف اذا كانت في حال من الكمال بهذه المثابة كوماء لكن نحن نقدر هذا باقل ما يكون. لو قدرنا ذلك بخمسة عشر الف الناقة الواحدة وقلنا بان ايات القرآن ست الاف ومئتي اية واربع ايات فلم نحسب الكسر مثلا فان هذا يصل الى ثلاث وتسعين مليون ريال اذا قلنا الناقة فقط بخمسطعشر الف ثلاثة وتسعين مليون ريال. ثلاثة وتسعين مليون ما حسبنا الناقة بمئة الف حسبناها بخمسة عشر الفا. ثلاثة وتسعين مليون فلو قيل للناس كل اية تتعلمها لك خمسطعشر الف فان زدت زاد فان حفظته كاملا فهذه ثلاث وتسعين مليون تأخذها قبل ان تخرج من المسجد. النبي قال خير له خير له نحن قدرنا هذا باقل ما يمكن لو قيل للناس ذلك لتهافتوا عليه ولتركوا ما بايديهم من الاشغال بل لشغلهم ذلك عن الطعام والشراب والنوم ثلاثة وتسعين مليون ولكن ضعف اليقين ايها الاحبة. والا فلا شك ان خبر النبي صلى الله عليه وسلم حق وصدق وهو افضل من هذا الحطام ولكن اليقين اذا ضعف زهد الانسان في هذه الذخائر والاعمال الفاضلة التي ترفعه وتنفعه حقيقة وصار اقباله واكبابه على امور قد لا تعود عليه بنفع ولا طائل نعم باب فضل الاجتماع في المساجد لدرس القرآن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله عز وجل يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفت بهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده. هنا ذكر هذا الحديث تحت هذا باب فضل الاجتماع في المساجد وذلك انه اعتبر قول النبي صلى الله عليه وسلم هنا ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله فبيوت الله كما هو معلوم هي المساجد وهذا المعنى اعتبره جمع من اهل العلم فقالوا ان هذا الوعد المذكور في هذا الحديث والجزاء الذي اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم انما يكون بمجموع هذه الامور الاجتماع لمدارسة كتاب الله تبارك وتعالى في بيت من بيوته. يعني ان يكون ذلك في المساجد فيخرج من ذلك المدارس والروبوت والبيوت ونحو ذلك ولكن هذا ليس محل اتفاق فان الامام النووي رحمه الله قال بان ذلك من قبيل القيد باعتبار الغالب يعني قيده بما يقع ذلك عليه غالبا ان الغالب المدارسة مدارسة القرآن انها تكون في المساجد وعليه يكون هذا الاعتبار يكون مفهوم المخالفة غير مراد يعني يكون احد المواضع التي لا يعتبر فيها مفهوم المخالفة كما قال صاحب المراقي في ذكر هذه المواضع السبعة او الثمانية او جرى على الذي غلب جرى على الذي غلب يعني كما يقول في اوله ودع ما اذا الساكت منه خاف او جهل النطق او جهل الحكم او النطق انجلب للسوء للسؤل او جرى على الذي غلب او امتنان او وفاق الواقع الى اخر ما ذكر. هذه المواضع التي مفهوم مخالفة عند الجمهور كما هو معلوم حجة يعني المسكوت عنه خلاف المنطوق لكنه في بعض المواضع لا يعتبر فعلى كلام النووي رحمه الله هنا يكون هذا من المواضع التي لا يعتبر فيها مفهوم المخالفة. ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله مفهوم المخالفة لو اجتمعوا في غير بيوت الله ان ذلك لا يحصل لهم يعني نزول السكينة وغشيان الرحمة تحفهم الملائكة وما الى ذلك ان يذكرهم الله فيمن عنده فعلى كلام النووي ان المفهوم هنا غير معتبر باعتبار ان ذلك جرى على الغالب. ما هو الغالب ان المدارسة تكون في المساجد وليس ذلك يراد به الحصر فيكون هذه المدارسة محققة لهذه الاثار موصلة اليها ولو كانت في غير المساجد وقد جاء في رواية من لهذا الحديث في صحيح مسلم من حديث ابي سعيد الخدري وابي هريرة رضي الله تعالى عنهما ولفظه هكذا انهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليقعد قوم لاحظ ما ذكر المساجد لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل الا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده. هذا في صحيح مسلم من غير ذكر المساجد. فبعض اهل العلم يقولون بان المطلق محمول على المقيد فهذه رواية مطلقة ما قعد قوم ولم يقيده بالمساجد. ويحمل على المقيد وهي هذه الرواية ببيت من بيوت الله واذا نظرنا الى ما ذكره النووي رحمه الله من ان ذلك باعتبار الغالب فان ذلك قد لا يرد عليه اصلا لان هذا القيد لو بقي بمجرده يعني الحديث من غير الحديث الاخر المطلق الحديث المقيد عنده بمجرده لا يدل على هذا المعنى ان القيد غير مراد ان القيد غير مراد هذا الذي مشى عليه النووي وفضل الله وفضل الله واسع وهؤلاء الذين يذكرون الله تبارك وتعالى يباهي بهم ملائكته ومن عنده في الملأ في الملأ الاعلى فهذا يدل على فضل الاجتماع لمدارسة كتاب الله تبارك وتعالى ولاحظ هنا انه قال يتلون كتاب الله ما اجتمع قوم فهذه التلاوة يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم. هذه تشمل التلاوة التي تكون لتعليم الالفاظ يعني تعليم التجويد فهذه مدارسة يصححون القراءة وتشمل ايضا التلاوة التي يقصد منها الحفظ يعني التلقين وتشمل ايضا التلاوة التي هي بمعنى التسميع عرظ القرآن او المحفوظ ان يعرضه على غيره وكذلك ايضا تشمل مدارسة معاني القرآن بالتفسير وتشمل ايضا مجالس التدبر وتشمل ايضا كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله مجالس العلم بالفقه والتوحيد وما الى ذلك فان ذلك مما يرجع الى القرآن وهو مما يستنبط منه فهذا كله من مدارسة القرآن فمجالس العلم الفقهي والاعتقاد الصحيح وكذلك التفسير كل هذا يدخل في مدراسته. وقد ذكر بعض اهل العلم ايضا نوعا اخر من المدارسة هو ما يسمى بالقراءة بالادارة يعني بقصد التعبد يجتمع قوم ويقرأ هذا ثم بعد ذلك يعني يقرأ وجها مثلا ثم الاخر يقرأ وجها ثم الثالث يقرأ وجها وهكذا حتى يرجع الى الاول. فبعضهم قال هذا داخل في المدارسة وانه مما يشمله قول النبي صلى الله عليه وسلم يتلون كتاب الله فهذه تلاوة. وعلى هذا مشى جماعة من اهل العلم واحتجوا به على تصحيح ما يسمى بالقراءة بالادارة وبعض اهل العلم قال انه لا يدخل فيه وان هذا لا يشرع قالوا لان هذا اللون لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك ايضا يحصل فيه من تفويت الزمان والقراءة على هؤلاء جميعا لان الواحد يقرأ والبقية يستمعون فلو ان كل واحد قرأ في هذه المدة التي قرأ فيها هؤلاء العشرة مثلا لقرأ عشرة اضعاف ما قرأ ابتداء يعني هو يقرأ وجها واحدا وكل واحد يقرأ ايضا وجها فلو انه في هذه المدة قرأ وحده لقرأ عشرة عشرة اوجه قالوا هذا هو المشروع في حقي والمطلوب ولماذا ينتظر حتى يقرأ الاخر وليس ثمة تصحيح ولا تفقه في معانيه فبعضهم رأى ان القراءة بالادارة هذه من قبيل البدع وممن تكلم على هذا المعنى من المعاصرين الشيخ بكر ابو زيد رحمه الله وممن قال بان ذلك يدخل في هذا الحديث من المعاصرين سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله والامر يحتمل لكن عند المفاضلة يعني هل هذه القراءة بهذه الطريقة؟ هذا يقرأ البقية يستمعون هل في هذا محظور شرعا هل فيه ما يدل على المنع الجواب لا بما يظهر والله تعالى اعلم لكن ما هو الافضل؟ يقال الافضل يختلف باختلاف الناس فان كان عنده من النشاط والاقبال ما يمكن ان يقرأ معه منفردا فهذا افضل له لانه ليس هناك تصحيح للقراءة فينقطع ليسمع قراءة الاخرين. واما ان لم يكن عنده نشاط لكنه دخل مع هؤلاء فكان ذلك معينا له على قراءة هذا الوجه ثم يستمع وهذا الاستماع ينتفع به بتصحيح قراءة لربما كان يخطئ في موضع او كان ذلك ايضا هذا الاجتماع هو اجر وعمل صالح يؤجر عليه فهذا لا يكون عادما لنفع واجر وثواب بل ان من اهل العلم من قال في الحديث السابق من قرأ اية من قرأ حرفا في كتاب الله بعضهم قال بان المستمع يكون له مثل ما للقارئ وهذا لا يخلو من اشكال لكن لا شك ان المستمع للقرآن انه يؤجر والنبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه امره ان يقرأ عليه القرآن فسماع القرآن الاستماع اليه هذه سنة وكان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اذا اجتمعوا امروا واحدا منهم ان يقرأ ويستمعون وهي من السنن المهجورة اليوم. فاذا كان واحد يقرأ والبقية يستمعون فما بال اذا قراءة هؤلاء جميعا كل يقرأ منهم قدرا او وجها او نحو ذلك او ايات والبقية يستمعون فهم بين تلاوة وبين استماع. فالذي يظهر والله اعلم ان هذه القراءة في الادارة انه لا شيء فيها. يعني لا حرج من الناحية الشرعية ولكن الافضل يختلف في اختلاف الناس. يختلف في اختلاف الناس والله اعلم هنا النبي صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم الاصل ان قوم هنا نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي تعم. يعني سواء كان هؤلاء من طلبة العلم او من العوام من الصغار من الكبار لكن هل يدخل فيه النساء لفظة القوم الاصل انها تقال لجماعة الذكور خاصة الرجال ويدل على ذلك قول الله تبارك وتعالى يا ايها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء. فالعطف يقتضي المغايرة فدل على ان النساء غير داخلات في القوم. وهكذا قول الشاعر في البيت المشهور ولست ادري وسوف بخال ادري اقوم ال حصن ام نساء اقوم ال حصن ام نساء؟ فعطف النساء على القوم فدل على ان النساء غير داخلات في القوم. فهل يقال هنا بان النساء غير داخلات في اذا تدارسنا القرآن؟ الجواب لا لان النساء شقائق الرجال والنساء يدخلن في القوم على سبيل التبع. ولذلك الانبياء عليهم الصلاة والسلام تجد في خطابهم كثيرا لاقوامهم يا قومي فيدخل فيها الرجال والنساء وهكذا حينما يقال قوم نوح او قوم هود او قوم صالح يدخل فيه الرجال النساء فالنساء داخلات على سبيل التبع اما في هذه الامور التعبدية ونحو ذلك فالاصل ان النساء مثل الرجال لكنه يعبر بصيغ المذكر لاعتبارات لا سيما على القول بان ذلك يعتبر فيه هذا القيد وهو في بيت من بيوت الله والاصل ان بقاء المرأة في بيتها افضل من ذهابها الى المسجد ولو لتعلم كتاب الله تبارك وتعالى. فعلى كل حال قال يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم تدارس يدخل فيه الانواع السابقة جميعا الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة هنا عطف الرحمة على السكينة فدل على ان الرحمة غير السكينة خلافا لمن قال بان دل على ان السكينة غير الرحمة خلافا لمن قال بان السكينة هي الرحمة فالسكينة فيها معنى السكون فيها معنى الطمأنينة ولذلك فان العبد اذا كان مشتغلا بكلام الله تبارك وتعالى ومدارسته ونحو ذلك وحضور مجالس العلم والذكر ونحو ذلك فان هذا من اعظم ما يورث الطمأنينة في القلب فان السكينة تدل على هذا المعنى. يعني سكون القلب سكون النفس سكون الروح طمأنينتها فتذهب عنه المخاوف ويتلاشى عن القلب القلق والامور المشوشة والامور المزعجة والاضطراب فيكون ذلك ادعى الى هدوء النفس والى طمأنينتها والى راحة القلب فمن كان طالبا لراحة قلبه وطمأنينة نفسه وسكونه الارواح فعليه بمجالس الذكر عليه في مجالس الذكر. هنا جاء بذلك باقوى صيغة من صيغ قصر وهي النفي والاستثناء. ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسون بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله في من عنده فمثل هذا لا بد ان يتحقق لانه وعد الصادق الذي لا يتخلف وقوله هنا غشيتهم الرحمة فان هذا الغشيان لا يكون الا بالشيء الذي يقع على الانسان من نواحيه وجوانبه مسؤولة لا تتبع لا تقفو ما ليس لك به علم فلا تنشر شيئا حتى تتثبت ثم تنظر هل لك فيه نية ثم تنظر بنظر ثالث هل نشر هذا تقتضيه المصلحة انه لا يستعمل لفظ غشي الا في شيء يشمل المغشي عليه او المغشى من كل نواحيه واجزائه وكذلك حينما تحفهم الملائكة فان الملائكة تحيط بهم من كل ناحية ويحدقون بهم. واذا كان العبد بهذه المثابة فلا تسأل عن الالطاف الربانية التي تنزل عليه فهو ينغمس في الرحمة ويكون في غاية السكون والاطمئنان. وكذلك ايضا حينما تحف به الملائكة فلا تسأل ايضا عن امانه ولا تسأل ايضا عن بعد الشياطين ونفورهم منه ولذلك فنسمع من الذين عندهم لون من المعاناة من المس وتخبط الشياطين والسحر الذي معه شيء من هذه الملابسات انهم حينما يلازمون مجالس الذكر في المساجد ونحو هذا ان ذلك يضعف جدا. وان الواحد منهم يقوى ويقوى قلبه ويكون ادعى ذلك لثباته وانتصاره وغلبته على عدوه الشيطان فهذا امر يجده هؤلاء من انفسهم وذكرهم الله فيمن عنده ذكرهم في الملأ الاعلى لو قيل لي احد من الناس بان احدا من العظماء من اهل الدنيا ذكرك في مجلسه. اثنى عليك في مجلسه لعد ذلك من المآثر التي يرويها لكل من لقيه ويرتبط بهذا غاية الارتباط ان ذكره مخلوق يعظمه فكيف بذكر الله عز وجل للعبد؟ اذا ذكر الله فلانا باسمه في الملأ الاعلى عند الملائكة يذكرهم بهذا العمل اليسير الذي عملوه ولا شك ان هذا غاية ما يغتبط به ويفرح به اهل الايمان واليقين فابشروا ايها الاحبة واملوا واحضروا في ذلك النية فان الله تبارك وتعالى يباهي بهؤلاء في ملأه الاعلى اجتمعوا لذكره ما اجتمعوا لشيء اخر لم يجتمعوا على عرض من الدنيا ومثل هذا لا شك انه يبعث على الفرح والجد والنشاط والغبطة فهذه هي المكاسب الحقيقية ايها الاحبة وليست مجالس الدنيا او مجالس الغفلة والقيل والقال والاشتغال بما لا طائل تحته وما لا يعني الانسان مما لا يزيده من الله تبارك وتعالى الا بعدا ولا يزيد قلبه الا قسوة ولا يزيد نفسه الا وحشة واعراضا وجفافا كما لا يخفى على احد. فابشروا واملوا. نعم. وعن هارون ابن عنترة عن ابيه انه قال قلت لابن عباس رضي الله عنهما اي العمل افضل قال ذكر الله اكبر وما جلس قوم في بيت من بيوت الله عز وجل يتدارسون فيه كتاب الله ويتعاطى كونه بينهم الا اضلتهم الملائكة باجنحتها وكانوا اضياف الله تعالى ما داموا فيه حتى يخوضوا في حديد ايضا هذا الحديث جاء فيه هذه الزيادة وكانوا اضياف الله تعالى ما داموا فيه حتى يخوضوا في حديث غيره. النفس قد تأنس ويتسرب اليها الملل والسآمة فلربما يحصل منها شيء من الاعراب فيأنس الانسان بالحديث مع الاخرين في جوانب اخرى وامور من الدنيا ونحو ذلك وينسى نفسه ولو تطاول عليه المجلس ولو طال الحديث. لكن حينما يكون الانسان في معالي الامور يبدأ يحسب الاوقات والدقائق والثواني كم مضى وكم بقي ولربما خرج عند باب المسجد وتحدث مع اخر ساعة او اكثر وهو لا يشعر بالوقت حينما يريد الانسان ان يقول الاذكار او نحو ذلك يحتاج الى تصبير ولربما لم يصبر حتى يتم الاذكار فيريد ان يستغل بزعمه الاوقات فيريد ان يقول ذلك في طريقه ثم ما يلبث ان يخرج من المسجد حتى ينسى ويغفل كما هو مشاهد. اذا هذه النفوس ايها الاحبة تحتاج الى مجاهدة ومما يعين على هذه المجاهدة التذكر هذه المعاني ويتذكر ان هؤلاء هم اضياف الله تعالى ما داموا في هذا المجلس الذي يذكرون الله فيه ما لم يخوضوا في حديث اخر خارج يكون خارجا عن ذلك من الحديث عن الدنيا ونحو هذا وقوله هنا قلت لابن عباس اي العمل افضل؟ قال ذكر الله اكبر يعني اكبر من كل شيء ولهذا جاء في قوله تبارك وتعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر فذكر للصلاة هاتين الخاصتين على قول بعض اهل العلم بتفسير الاية ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. ولذكر الله اكبر. شيخ الاسلام رحمه الله حمل الاية على معنى وهو ان الصلاة لها مزيتان المزية الاولى وهي انها تنهى عن الفحشاء والمنكر والمزية الثانية انها متضمنة لذكر الله عز وجل مشتملة عليه وهذا اعظم واجدى واكبر صعب واعود على العبد من الفائدة الاولى وهي انها تنهى عن الفحشاء والمنكر. يعني الصلاة اشتملت على خاصتين الخاصة الاولى انها تنهى عن الفحشاء والمنكر وهذا لا شك انه امر عظيم الامر الثاني وهو اكبر من الاول انها مشتملة على ذكر الله فذكر الله اكبر من كل شيء ولهذا جعل هذه العبادات كما في الطواف والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والوقوف بعرفة كل ذلك الاقامة لاقامة ذكر الله عز وجل. فهذه التعبدات بالابدان وكذلك ايضا ما يقوله القائلون من الوان الذكر في مناسبات معينة او الاذكار المطلقة كل ذلك من اجل اقامة ذكر الله عز وجل. وهكذا ما يقوم ايضا في القلوب من تعظيمه ومحبته وخوفه ورجائه والتوكل عليه هذا كله من اقامة ذكره في القلب الذي هو الاصل الذي لا تصح اعمال الجوارح الا بتصحيح ما يقوم بالقلب. ولهذا قالوا الذكر الذي يكون كاملا هو الذي يكون مع مواطئة القلب. يعني ذكر اللسان الذي يواطئه عليه القلب هذا ذكره جمع من اهل العلم كشيخ الاسلام وغيره حافظ ابن القيم وكثير من اهل العلم قديما وحديثا فهنا قال والذي قال ذكر الله اكبر. والمعنى الثاني في قوله ولذكر الله اكبر في الاية بمعنى انه ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر يعني اثرا في النهي عن الفحشاء والمنكر من الصلاة يعني الصلاة لها هذا الاثر تنهى عن الفحشاء والمنكر واثر ذكر الله في النهي عن الفحشاء والمنكر اعظم من اثر الصلاة فان العبد اذا ذكر الله تبارك وتعالى بقلبه استحضر عظمته ونحو ذلك فان واطأه اللسان فان ذلك ادعى المباعدة عن المنكر والفحشاء ولهذا قال الله تبارك وتعالى ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون. تذكروا ماذا تذكروا عظمة الله تذكروا نظر الله اليهم فهذان معنيان مشهوران بتفسير الاية والاية تحتمل المعنيين والله اعلم نعم. باب ذكر اخلاق اهل القرآن ينبغي لمن علمه الله القرآن وفضله على غيره ممن لم يحمله واحب ان يكون من اهل القرآن واهل الله وخاصته. وممن وعده الله من الفضل العظيم مما تقدم ذكرنا له وممن قال الله عز وجل وممن قال الله عز وجل يتلونه حق تلاوته. قيل في التفسير يعملون به حق عمله وممن قال النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه وهو عليه شاق له اجران. فينبغي له ان يجعل القرآن ربيعا لقلبه يعمر به ما خرب من قلبه ويتأدب ويتأدب بآداب القرآن ويتخلق باخلاق شريفة يبين بها عن سائر الناس ممن لا يقرأ القرآن. نعم. قوله هنا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأه وهو عليه الشاق له اجران الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به. على المقصود بذلك الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به من غير حفظ يعني يقرأ نظرا ويتمهر بهذه القراءة او المقصود الحافظ الذي يكون ماهرا بالحفظ ويكون التتعتع في الحفظ وليس التهجي في التلاوة والتعثر في القراءة بسبب ضعف قراءته. هنا المقصود به الماهر في الحفظ مع السفرة الكرام البررة ويدل على هذا رواية عند البخاري في الصحيح مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة. مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ القرآن وهو يتعاهده وهو عليه الشديد فله اجران فلاحظ هنا صرح بالحفظ وايضا في الذي يتتعتع قال وهو يتعاهده. التعاهد يكون للحفظ فيتفلت عليه هذا الحفظ لضعف حافظته وليس بتفريط منه. الذي يكون مفرطا يضعف حفظه بسبب التفريط لا يصدق عليه هذا انما يبذل جهده هذا المتتعتع ويستفرغ وسعه ومع ذلك يتفلت عليه فله اجران الاجر الاول على الحفظ والاجر الثاني على المشقة والمشقات كما هو معلوم لا تطلب شرعا على سبيل على سبيل القصد قد تكلم على هذا المعنى الشاطبي رحمه الله بكلام جيد وضابط المسألة كما يمكن ان يحمل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في بعض الفاظه ان اجرك على قدر نصبك يعني على قدر تعبك على هذه الرواية المقصود به كما يقول الشاطبي المشقات العارضة في التكليف بمعنى ان الانسان لا يطلب المشقة بعض الناس يصوم ويريد ان يبقى في الشمس او ما يجلس تحت المكيف او نحو ذلك ويقول اعظم للاجر يقال لا ليس هذا بمطلوب شرعا. والله غني عن ان يعذب هذا نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فالرجل الذي رآه واقفا فسأل عنه في الشمس فقالوا انه نذر ان يصوم وان لا يستظل وان يقف فلا يجلس او ان المصلحة تقتضي دفنه. هذه الرسايل المؤلمة هذه المشاهد المزعجة هذه الفتن الواقعة ايها الاحبة ينبغي ان تدفن لا ان نسارع في نشرها واذاعتها فنطير ذلك بكل ناحية ويكون حديث الناس ولهج الناس فامر النبي صلى الله عليه وسلم ان يستظل وان يجلس واخبر ان الله غني عن ان يعذب هذا نفسه. فهذه المشقات غير مرادة للشارع قصدا بمعنى ان العبد ما يقول انا اريد المشقة اريد التعب اريد كذا فيكون مثلا في الحج في مكان مريح وفي مكان يقول لا انا لا اريد هذا انا اريد ان اجلس مع هؤلاء الناس على الرصيف من اجل ان اتعب واشعر العناء بالحج ويكون ذلك اعظم في الاجر يقال ليس هذا هو المراد. لكن هذا الزحام الذي يعرض لك من غير ارادة ولا قصد فانت مأجور فان لحقك فيه مشقة زائدة فالاجر على قدر المشقة. هنا المشقة لم تكن مقصودة. يذهب الى الطرق اللي فيها الزحام ويقول اعظم للاجر لا وما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين امرين الا اختار ايسرهما ما لم يكن اثما لكن اذا عرظت المشقة بين على الانسان ان يوطن نفسه على الصبر ويستحضر هذا المعنى ان هذه المشقة يكون فيها زيادة في الاجر فهي مشقات عارضة وليست مقصودة انسان صام وشغل في ذلك اليوم وكان اليوم حارا فتعب فيقال الاجر على قدر المشقة لكن انسان صام وتعمد المشقة بالخروج في الشمس وجمع اعماله التي يعملها في سائر الايام لتكون في هذا اليوم ليتعب ويقول ليكون اعظم الاجر يقال له هذا ليس بمطلوب شرعا فهذه هي المشقة العارظة في مثل هذا القارئ ويتعاهده ويبذل جهده وقول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة. الامام البخاري رحمه الله بوب لهذا بقوله باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الماهر قال اي الحاذق اذا البخاري رحمه الله كأنه يميل الى ان المقصود بذلك الحافظ الحافظ والحاذق هو الذي يتقن الشيء فذلك جودة الحفظ وجودة التلاوة من غير تردد فمثل هذا يكون بهذه المنزلة ومن اهل العلم من جعل الناس في هذه على مراتب فجعل الحافظ الماهر هو الذي لا يتوقف ولا يتردد فان وقع منه شيء يعني خطأ فانه يرجع من غير تنبيه ويأتي الاية على الوجه الصحيح ثم بعد ذلك يأتي المتمهر وهو الذي اذا نبه تنبه ثم بعد ذلك يأتي المتحفظ وهو الذي يخطئ ويحتاج الى ان يبين له ما هو الخطأ يعني المتمهر لربما يحتاج ان يقال له فيتنبه اما الاخر المتحفظ فيحتاج ان يقال له ان يقال له وجه الصواب يذكر بالاية التي وقف عندها نسيها او اخطأ فيها يذكر له الصحيح فيها هذا ذكره بعض اهل العلم من المتقدمين. ذكر مراتب الناس في هذا كما قال صاحب متشابه القرآن وهنا قال مع السفرة الكرام البررة مع السفرة الكرام صار ميسرا عليه فاشبه هؤلاء الملائكة بالذين كما قال الله تبارك وتعالى في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة كرام بررة. فهؤلاء الملائكة السفرة فسروا بالكتبة جمع سافر وهم الذين قد كلفوا بي الوحي او بايديهم هذه الصحف وهم مكرمون عند الله تبارك وتعالى ابرار مطيعون له مطهرون من الذنوب والمدنسات بعض اهل العلم يقولون انه قيل لهم ذلك يعني السفرة باعتبار ان ذلك مأخوذ من البيان والايضاح اصل هذه المادة السين والفاء والراء فهم كتاب كتبه لي الوحي ويكون ذلك باعتبار ان الكاتب يبين الشيء ويوضحه ولهذا يقال للكاتب سافر في كلام العرب فهم سفرة بهذا الاعتبار على قول بعض اهل العلم في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بايدي سفرة وبعضهم يقول انه مأخوذ من السفارة والسفير كما ذكرنا في الكلام على الغريب المقدمة الثانية من كلام ابن جوزي رحمه الله بانه الذي يصلح بين بين الفريقين بين المتخاصمين ونحو ذلك قال سفر بين القوم اذا اصلح بينهم فهؤلاء هم سفراء بين الله وبين انبيائه عليهم الصلاة والسلام ينقلون اليهم الوحي والرسالات او باعتبار ما يكون به صلاح الناس فهذا الوحي الذي ينزلون به يحصل به تربية النفوس والارواح اصلاحها بهذا على هذا المعنى والله اعلم. اما التعتعة فهي التردد في الشيء كما هو معلوم. وقوله صلى الله عليه وسلم هنا في المتتعتع له اجران قد يوهم ذلك انه افضل من الماهر وليس ذلك بصحيح ليس ذلك بصحيح. فبعض اهل العلم يقولون ان المضاعفة التي تحصل للماهر لا تحصر اما هذا المتتعتع فله فله اجران فالحسنة تضاعف كما ذكرنا سابقا الى عشرة اضعاف الى سبعمائة ضعف. وقلنا هذا يكون باعتبارات منها ما يقوم العمل نفسه حيث يأتي به على وجه من الاتقان والاجادة وهكذا ما يقوم في قلب العبد من الاخلاص والصدق والاخبات الذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة فيرتفع العبد بهذا. وتزكو مرتبته كما يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله في مناسبة اخرى غير غير هذه في الكلام على قوله تبارك وتعالى مثل الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل بحسب ما يقوم القلب العبد ويكون من اخفاء العمل والاخبات عند الصدقة بخلاف الذي يعمل ويتصدق ويرى انه قد قام بشيء عظيم وكأنه يحسن الى ربه تبارك وتعالى ويمتن على هذا المعطى بعطيته ويتعاظم بذلك الفعل ويعجب بطاعته وعبادته. فالعمل له اجر مقدر حسنة بعشر امثالها ولكن قد يضاعف ذلك الى اضعاف كثيرة بحسب حال العبد بحسب اتقانه لعمله فهذا الماهر قالوا اعلى من اجرين. اذى وجه في الجواب وكذلك ايضا ان هذا الذي يعطى ليه اهذا الاجر المضاعف؟ له اجران؟ يمكن ان يقال في الجواب بان هذه مزية والمزية لا تقتضي الافضلية. وهذه قاعدة ذكرها رحمه الله وغيره تجدها في كتاب الفروق تكلم عليها المزية لا تقتضي الافضلية المزية لا تقتضي الافضلية. النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق علي ابن ابي طالب رضي الله عنه اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون؟ من موسى غير انه لا نبي بعدي فهذه مزية ليست لابي بكر ولا لعمر ولا لعثمان رضي الله عنه. لكن هل هذا يعني ويقتضي ان علي رضي الله عنه افضل من ابي بكر وعمر وعثمان الجواب لا لكن له هذه المزية والمزية لا تقتضي الافضلية. عثمان رضي الله تعالى عنه قال في حقه النبي صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم. بعد ما جهز جيش العسرة ولم يقل ذلك في ابي بكر ولا عمر رضي الله عنهما. فهل عثمان رضي الله عنه افضل من ابي بكر وعمر؟ الجواب لا. لكن تلك مزية لعثمان رضي الله او عن والمزية لا تقتضي الافضلية يعني باطلاق و على كل حال مثل هذا الماهر حينما يكون مع السفرة الكرام البررة ذلك يدل على علو مرتبته فيكون في منازل عالية بعض اهل العلم يقول يحتمل ان يكون رفيقا في الاخرة لهؤلاء الملائكة السفرة لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تبارك وتعالى وكلامه ووحيه ويحتمل انه قيل له ذلك باعتبار انه قد اشبههم وعمل بعملهم وسلك مسلكهم فصار بهذه المثابة على كل حال هذا لا شك انه يدل على رفيعي مرتبته ومنزلته والله اعلم نعم تفضل قال فاول ما ينبغي له ان يستعمل تقوى الله عز وجل في السر والعلانية باستعمال الورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومكسبه ويكون بصيرا بزمانه وفساد اهله فهو يحذرهم على دينه. مقبلا على شأنه مهموما باصلاح ما فسد من امره حافظا للسانه مميزا لكلامه. ان تكلم تكلم بعلم اذا رأى الكلام صوابا وان سكت سكت بعلم اذا كان السكوت صوابا. قليل الخوض فيما لا يعنيه يخاف من لسانه اشد مما يخاف من عدوه يحبس لسانه كحبسه لعدوه ليأمن شره وسوء عاقبته. قليل قليل الضحك فيما يضحك فيه الناس لسوء عاقبة الضحك. ان سر بشيء مما يوافق الحق تب بسام يكره المزاح خوفا من اللعب. فان مزح قال حقا بسط الوجه طيب الكلام. لاحظ هذه الصفات وينظر الانسان ويعرض نفسه عليها. وانظر الى جموع المغردين كما يقال وجموع الكاتبين في المواقع المنتديات وجموع الناشرين في هذه الوسائل المتنوعة وما يتفوهون به وما ينشرونه وهذه الاوصاف التي يذكرها الاجري رحمه الله واين نحن من هؤلاء هل نحن حقا؟ نتخلق باخلاق اهل القرآن فنقبل على ما يعنينا ونشتغل بما ينفعنا ويرفعنا ونحفظ قلوبنا والسنتنا وابصارنا وجوارحنا ونحن في مثل هذه الايام نقبل على اجازة يكثر فيها اشتغال الناس بمثل هذه الامور ويحصل بسبب ذلك من الغفلة ما لا يقادر قدره ولكن اصحاب القلوب الحية واهل القرآن هم الذين يحفظون ذلك كله والله تبارك وتعالى يقول ولا تقفوا ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنهم عن مثل هذه القضايا مما يكون الكلام فيه على وجهه وما يكون الكلام فيه على غير وجهه بمجرد ما يأتي الخبر نسأل الله العافية والناس لم يخرجوا من المسجد وهم في صلاة الجمعة لربما تتطاير الاخبار عبر هذه الوسائل في امور قد لا يتوثقون منها ولا يعرفون صحتها فاللائق بالمؤمن ان يدفن مثل هذه الاشياء والا تتعدى منه الى غيره وان يئد الفتن والشرور ما استطاع وان يضبط لسانه ويضبط سمعه وبصره وقلبه فلا يكون كثير الخوض بمثل هذه الامور ويكون سببا لاستطالة الشرور والفتن والافات من غير روية ولا عقل ولا نظر صحيح فيما ينبغي نشره وما ينبغي وأده. وللأسف كثير من الناس لا لا يقف عند هذا ولا يفكر وهو يطير كل ما وصل اليه وينشره من غير نظر في عواقبه الفتن تحتاج الى دفن وتحتاج الى محاصرة وتحتاج الى مباعدة ومن استشرف اليها انه قد لا يأمن ان يعلق به شيء من شرورها واوظارها. هذي نار مستطيرة اذا قاربها لا يأمن ان يحترق بشيء منها والله المستعان نعم ويكرر هذه الاوصاف رحمه الله ويعيدها ستجدون في ثنايا هذا الكتاب من هذا اشياء فتأملوها واقرأوا اذا انصرفتم ايضا اعيدوا هذه الاوصاف ينظر كل انسان في حاله وعمله وما يصدر انه ما يقوله وما ينشره وما يكتبه وما يتفوه به. وحال هذا الانسان في حال ما هي احوالنا نحن؟ في المجالس وكيف نتكلم وكيف مدير الحديث فيها نطلق الالسن والاسماع ويلقي فيها من شاء ما شاء هذا كله غير صحيح. واذا بعث اليك احد من الناس مثل هذه الفتن والشرور فينبغي ان تبتعد وتنأى بنفسك وتمسح قبل ان تفتح. امسح قبل ان تفتح. وتخلص من هذا كله فقد يعلق بالقلب وهناك شياطين يرسلون اشياء لربما يزين للانسان لاول وهلة الشر والمنكر ويظن ان هذا تحته شيء والواقع انه ليس تحته الا الشر والفساد والافساد تصور هذه لربما واشياء تزين للانسان مع مقاطع من الاناشيد الحماسية والصور التي فيها لربما قال وضرب ونحو ذلك فتستطير كثير من القلوب وتتشوف الى ذلك ويظن ان هذا من محاب الله تبارك وتعالى وينزل ذلك على امور يسخطها الله ولا يمكن ان تكون من الاعمال الصالحة بحال من الاحوال بل هي من اسوأ الشرور والاعمال لربما الجاذب والطعم هي مشاهد لربما ينجذب اليها كثير من الناس ولكن تحتها الفتنة والشر الذي يراد جذبه اليه فاحذر وابتعد ولا تغتر بالدعوات والدعايات المضللة. نعم قال رحمه الله لا يمدح نفسه بما فيه فكيف بما ليس فيه يحذر من نفسه ان تغلبه على ما تهوى مما يسخط مولاه ولا يغتاب احدا ولا يحقر احدا ولا يسب احدا. ولا يشمت بمصيبة ولا يبغي على احد ولا يحسده ولا يسيء الظن باحد الا بمن يستحق يحسد بعلم ويظن بعلم ويتكلم بما في من عيب بعلم ويسكت عن حقيقة ما فيه بعلم. لاحظ هنا حينما يردد الاجري رحمه الله مثل هذه العبارات سيأتي نظائر لها فيها ثنايا هذا الكتاب بانه يحسد بعلم ويظن بعلم ويتكلم بما في الانسان من عيب بعلم ويسكت عن حقيقة ما فيه بعلم الى اخره هو يحصد بعلم المقصود الحسد هنا الغبطة والا فالحسد حرام وما يتعلق بسوء الظن وحسن الظن قال يسيء بمن يستحق اساءة الظن في قوله تبارك وتعالى يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم. بعض اهل العلم حمل ذلك حمل الاية اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم قالوا ان بعض الظن اثم هو الظن السيء هو الاثم. يعني ليس بعض الظن السيء هو الاثم. لا انما الذي لا يكون اثما اجتنبوا كثيرا من الظن يظنون الحسنة بالناس الظن الحسن بالمسلمين ان بعض الظن يعني الظن السيء الظن منه حسن ومنه سيء اجتنبوا كثيرا من الظن وذلك ما ليس بحسن ان بعض الظن وهو السيء من الظنون اثم لاحظتوا هذا المعنى الان؟ هذا معنى كبير. اعيد اجتنبوا كثيرا من الظن الظن نوعان ظن حسن وظن سيء. ان بعض الظن اثم حمله بعض اهل العلم ان بعض الظن يعني السيء اثم يبي معنى ان الظن السيء اثم والظن الحسن ليس باثم. اجتنبوا كثيرا من الظن كانه يقول فان بعضا. لان ان هنا تدل على التوكيد والتعليل في ان واحد لماذا نفستنب كثيرا من الظن؟ لان بعض الظن اثم ما هو الظن الذي يكون اثما هو الظن السيء وليس المعنى على قول هؤلاء ان الاية في الظن السيء اجتنبوا كثيرا من الظن السيء فان بعضه اثم. لا على قول هؤلاء ان الاية في الظن عموما في خبر ان منه ما يكون اثما وهو الظن السيء هذا المعنى قد لا يرد على بال القارئ مع انه قال به كبار هذا كلام ابي جعفر ابن جرير رحمه الله هذه عبارته انقلها ولاهميتها في قوله يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن يقول يا ايها الذين يقول صدقوا الله ورسوله على كل حال الايمان يفسر باكثر من هذا يعني الاقرار والاذعان والانقياد لا تقربوا كثيرا من الظن بالمؤمنين. وذلك ان تظنوا بهم سوءا فان الظان غير محق وقال جل الثناء واجتنبوا كثيرا من الظن. ولم يقل الظن كله. لاحظ اذ كان قد اذن للمؤمنين ان يظن بعضهم ببعض الخير لا الشر كما قد يفهم فقال لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بانفسهم خيرا. يعني ظنوا باخوانهم على احد القولين في التفسير لان نفوسهم مجتمعة على دين او ملة او عقيدة او نحو ذلك يربطها الاخوة الايمانية هي كنفس واحدة ولهذا قال الله عز وجل في بني اسرائيل فاقتلوا انفسكم في توبتهم المشهورة من عبادة العجل يعني يقتل بعضكم بعضا ولا تأكلوا اموالكم بين بالباطل يعني لا يأكل مال اخيه لاحظ يقول ابن جرير فاذن الله جل ثناؤه للمؤمنين ان يظن بعضهم ببعضنا الخير وان يقولوه وان لم ثم قال ذكر من قال ذلك ونقل ذلك عن ابن عباس بالاسناد المعروف وهو طريق ابي صالح عن معاوية عن علي يعني ابن ابي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الاية قال نهى الله المؤمن ان يظن بالمؤمن شراء وقوله ان بعض الظن اثم قال ان ظن المؤمن بالمؤمن الشرق لا الخير اثم قل هذا اثم اذا ان بعض الظن اثم هي الظنون السيئة بالمسلمين هي الاثم هذا هو البعض طيب ما الذي يخرج عن هذا؟ الظنون الحسنة كثير من الناس لا يخطر على باله هذا المعنى. سلبوا كثيرا من الظن السيء. لان بعض الظن السيء اثم. ابن جرير يقول لا اجتنبوا كثيرا من الظن لان الظنون السيئة اثم اجتنبوا كثيرا منها وهي الظنون السيئة اجتنبوها جميعا فيبقى الظنون الحسنة ان تظن باخوانك خيرا هذا ما ذكره ابن جرير المقصود انه حينما يقول الاجري رحمه الله بانه حينما يسيء الظن او حينما يحسد فانه يحسد بعلم المقصود الغبطة ويظن بعلم ويتكلم بما في الانسان من عيب بعلم بمعنى انه يتكلم حيث يسوغ له الكلام كأن يكون ذلك في مقام الاستشارة مثلا بموضوع نكاح او نحو ذلك او معاملة فيتكلم بالقدر الذي يكفي فقط القدر الذي يحصل به المقصود ولا يتوسع في عرض اخيه ولا يجوز له ولو كان في مقام استشارة ولو كان في مقام تحذير فانه يذكر ما يكفي لتحصيل المطلوب ولا يتوسع في عرظ اخيه فان ذلك من اربى الربا الاستطالة في عرض المسلم فهو يظن بعلم ويتكلم بما في الانسان من عيب بعلم ويسكت عن حقيقة ما يعلم فيه بعلم يعني يذكر القدر الذي يحتاج اليه حيث يسوء ان يذكر ذلك لا ان يطلق لسانه فيكون خواظا في اعراض الناس دون توقف ونظر وتفكر فيما يسوغ وما لا يسوغ وهكذا في القضايا الاخرى التي التي يذكرها حينما يقول انه يقعد بعلم ويقوم بعلم وينام بعلم ويأكل بعلم بمعنى انه ينام في الوقت الذي يصح النوم فيه استيقظ في الوقت الذي ينبغي ان يستيقظ فيه فيكون صاحب قلب حي يبعثه على كل فضيلة ويجنبه عن كل قبيح او لا ينام عن الصلاة المكتوبة وكذلك ايضا هو لا يكون ممن يأكل المشتبهات او يأكل المحرمات او نحو ذلك يأكل وكذلك ايضا يكون مباعدا للفضول بانواعه فضول الاكل فضول الشرب فضول النوم فضول الخلطة يخالط بعلم وهو يعرف من يخالط والقدر الذي تحصل وتصلح فيه المخالطة من غير توسع وهكذا في ذهابه ومجيئه ونزهته ونحو هذا لا يكون مكثارا. انما الشيء الذي يطلب الاكثار منه هو ذكر الله تبارك تعالى اذكروا الله ذكرا كثيرا والذاكرين الله كثيرا والذاكرات وكذلك الاعمال الصالحة بانواعها. هذا الذي يطلب. اما كثرة الاكل فهو مذموم. كثرة النوم مذموم. كثرة الخلطة مذموم كثرة الكلام مذموم وهكذا كثرة الضحك كثرة التنزه والتسوق وما اشبه ذلك نعم تفضل قد جعل القرآن والسنة والفقه دليله الى كل خلق حسن جميل. حافظا لجميع جوارحه عما نهي عنه ان مشى مشى بعلم وان قعد قعد بعلم يجتهد ليسلم الناس من لسانه ويده. ولا يجهل وان جهل عليه حلم ولا يظلم وان ظلم عفا ولا يبغي على احد وان بغي عليه صبر يكظم غيظه ليرضي ربه ويغيظ عدوه متواضع في نفسه اذا قيل له الحق قبله قبله من صغير او كبير يطلب الرفعة من الله عز وجل لا من المخلوقين. ماقت للكبر خائفا او ماقتا للكبر خائفا على نفسه منه. لا يتأكد بالقرآن ولا يحب ان تقضى له به الحوائج. ماذا قلت ماقتا كبر هو معطوف على المرفوعات قبله متواضع في نفسه ماقت للكبر ثم بعد ذلك غاير في الاعراب خائفا ويمكن ان يوجه هذا باعتبار ان العرب في ذكر سياق الاوصاف في المدح والذنب قد تقطع بالرفع تارة وبالنصب تارة تجديدا للنشاط من جهة ويكون ذلك ابلغ في المدح. يمكن ان يوجه بهذا الاعتبار. احسن الله اليكم ولكن ايضا راجعت النسخ ففي بعضها بالنصب هكذا وفي بعضها بالرفع النصب يوجه لكن لما كان قد يحصل به التباس يمكن ان تجعل بالرفع طالما انه في بعض النسخ لكن كان المقصود ان لا نغير كلام المؤلف رحمه الله او الا نضيف اليه اللحن فنوجه كلامه ان ذلك يصح على وجه صحيح في الاعراب لكن طالما انه في بعض النسخ بالرفع فيكون بالرفع جريا على ما قبله وما بعده بدل خائفا يصير خائف هذي صفحة سبعطعش ولا يسعى به الى ابناء الملوك ولا يجالس به الاغنياء ليكرموه. ان كسب الناس من الدنيا الكثيرة بلا فقه ولا بصيرة كسبه القليل بفقه واعن ان لبس الناس اللين اللين الفاخر لبسه ومن لما يستر عورته ان وسع عليه وسع وان امسك عليه امسك. يقنع بالقليل فيكفيه على نفسه من الدنيا ما يعطيه يتبع واجبات القرآن والسنة يأكل الطعام بعلم ويشرب بعلم ويلبس بعلم وينام بعلم ويجامع اهله بعلم ويصحب الاخوان بعلم. يزورهم بعلم ويستأذن عليهم بعلم يجاور جاره بعلم ويلزم نفسه بر والديه فيخفض لهما جناحه ويخفض لصوتهما صوته ويبذل لهما ما له وينظر اليهما بعين الوقار والرحمة. يدعو لهما بالبقاء ويشكر لهما عند الكبر لا يضجر به ولا يحقرهما ان استعان به على طاعة اعانهما. وان استعان به على معصية لم يعنهما ورفق بهما في معصيته اياهما. يحسن الادب ليرجع عن قبيحما ارادا مما لا يحسن به ما فعله يصل الرحم ويكره القطيعة من قطعه لم يقطعه من عصى الله فيه اطاع الله فيه يصحب المؤمنين بعلم ويجالسهم بعلم من صحبه نفعه. حسن المجالسة لمن جالس ان علمه غيره رفق بك لا يعنف من اخطأ ولا يخجله رفيق في اموره صبور على تعليم الخير يأنس به المتعلم ويفرح به المجالس. مجالسته تفيد خيرا مؤدب لمن جالسه بادب القرآن والسنة. ان اصيب بمصيبة فالقرآن والسنة له مؤدبان يحزن بعلم ويبكيه بعلم ويصبر بعلم ويتطهر بعلم ويصلي بعلم ويزكي بعلم ويتصدق بعلم ويصوم بعلم ويحج بعلم ويجاهد بعلم ويكتسب بعلم وينفق بعلم وينبغي في الامور بعلم وينقبض عنها بعلم قد ادبه القرآن والسنة. يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه. ولا يرضى من نفسه ان يؤدي ما فرض الله عز وجل عليه بجهل. قد جعل العلم والفقه دليله الى كل خير اذا درس القرآن فبحضور فهم وعقل همته ايقاع الفهم لما الزمه الله عز وجل من اتباع ما امر الانتهاء عما نهى ليس همته متى اختم السورة همته متى استغني بالله عن غيره متى اكون من المتقين؟ متى اكون من المحسنين؟ متى اكون من المتوكلين متى اكون من الخاشعين متى اكون من الصابرين متى اكون من الصادقين اتنين متى اكون من الخائفين متى اكون من الراجين متى ازهد في الدنيا متى ارغب في الاخرة متى اتوب من الذنوب متى اعرف قدر النعم المتواترة متى يشكر عليها متى اعقل عن الله جلت عظمته الخطاب متى افقه ما اتلوه متى اغلب نفسي على هواها متى اجاهد في الله عز وجل حق الجهاد متى احفظ لساني متى اغض طرفي متى احفظ فرجي متى استحي من الله عز وجل حق الحياة متى يشتغل بعيبي متى اصلح ما فسد من امري متى احاسب نفسي متى اتزود ليوم معادي؟ متى اكون عن الله راضيا؟ متى اكون بالله واثقاه متى اكون بزجر القرآن متعظا؟ متى اكون بذكره عن ذكر غيره؟ مشتغلا متى احب ما احب متى ابغض ما ابغض متى انصح لله متى اخلص له عملي؟ متى اقصر املي متى وتأهب ليوم موتي وقد غيب عني اجلي متى اعمر قبري؟ متى افكر في الموقف وشدته؟ متى افكر في خلوتي مع ربي متى افكر في المنقلب متى احضروا ما حذرني منه ربي من نار حرها شديد. وقعرها بعيد غمها طويل لا يموت اهلها فيستريحوا ولا تقال عثرتهم ولا ترحموا عبرتهم طعامهم الزقوم وشرابهم الحميم كلما نضجت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ندموا حيث لا ينفعهم الندم وعضوا على الايدي اسفا على تقصيرهم في طاعة الله عز وجل وركوبهم لمعاصي الله تعالى فقال منهم قائل يا ليتني قدمت لحياتي وقال قائل رب ارجعون لعلي اعمل صالحا فيما تركت. وقال قائل يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. وقال قائل يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا وقالت فرقة منهم ووجوههم تتقلب في انواع من العذاب. يا ليتنا اطعنا الله واطعنا الرسول فهذه النار يا معشر المسلمين يا حملة القرآن حذرها الله المؤمنين في غير موضع من كتابه رحمة منه للمؤمنين فقال عز وجل يا ايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله. لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون هارون وقال عز وجل يا ايها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله. ان الله خبير بما تعملون. ثم حذر المؤمنين ان يغفلوا ان يغفلوا عما فرض عليهم وما عهده اليهم الا وان يحفظوا ما استرعاهم من حدوده ولا يكونوا كغيرهم ممن فسق عن امره فعذبهم بانواع العذاب فقال عز وجل ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك هم الفاسقون. ثم اعلم المؤمنين انه لا يستوي اصحاب النار واصحاب الجنة. فقال عز وجل لا يستوي اصحاب النار اصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون فالمؤمن العاقل اذا تلى القرآن استعرض القرآن. فكان كالمرآة يرى بها ما حسن من فعله وما قبح منه فما حذره مولاه حذره وما خوفه به من عقابه خافه. وما رغبه فيه من مولاه رغب في ورجاه فمن كانت هذه صفته او ما قارب هذه الصفة فقد تلاه حق تلاوته ورعاه حق رعايته. وكان له شاهدا وشفيعا وانيسا وحرزا. ومن كان هذا وصفه نفع نفسه ونفع اهله. وعاد على والديه وعلى ولده كل خير في الدنيا والاخرة. عن عبدالله بن بريدة رضي الله عنه وعن ابيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يجيء القرآن يوم القيامة الى الرجل كالرجل الشاحب فيقول له من انت؟ فيقول انا الذي اظمأت نهارك اواسهرت ليلك؟ نعم. قوله هنا عليه الصلاة والسلام يجيء القرآن يوم القيامة الى الرجل كالرجل الشاحب فيقول له من انت؟ فيقول انا الذي اظمأت نهارك واسهرت ليلك هذا اثر القرآن العمل به فيحيي ليله بالصلاة ونهاره في الصيام اسهر ليله واظمأ نهاره وهذا يشهد له حديث عبدالله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان القرآن والصيام يشفعان يوم القيامة لصاحبهما فيقول الصيام يا رب اني منعته الطعام والشراب فشفعني فيه ويقول القرآن يا رباني منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعاني فيه. فهل اورثنا القرآن ايها الاحبة ان اظمأ نهارنا واسهر ليلنا واما قوله صلى الله عليه واله وسلم انه يأتي كالرجل الشاحب يعني المتغير اللون تغير اللون فهذا يناسب الحالة التي كان عليها صاحبه في الدنيا فهو في حال من الارهاق والتعب والمكابدة لانه قد اسهر ليله القيام والتلاوة وكذلك ايضا في نهاره فهو في عمل بما هداه اليه القرآن ودله عليه وكذلك ايضا يكون حال اهل القرآن وهذا الحديث تكلم شيخ الاسلام رحمه الله في هذا المعنى وان المقصود بذلك هو الاجر يأتي بهذه الصورة واستدل لذلك ودلل عليه وانه ليس من التأويل في شيء قد اورد ذلك على الامام احمد رحمه الله يحتج مورده من المعتزلة على التأويل اجابهم الامام احمد رحمه الله بما ذكر. نتوقف عند هذا ونسأل الله عز وجل ان يجعلنا واياكم ممن يستمع القول فيتبعوا احسنه ان يصلح قلوبنا واعمالنا وان يعيننا على انفسنا. والله المستعان