بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين خير انيس عندنا اليوم شرح على رسالة ابن زيدون هو كتاب صرح العيون وابو الوليد ابن زيدون كاتب وشاعر اندلسي مشهور عرف بلقب ذي الوزارتين وله رسالتان نثريتان مشهورتان احداهما جدية والاخرى هزلية فرسالته الجدية رسالة يبعثها الى الوزير بالجهور يستعطي الى آآ ابن جهور وكان احد ملوك الطوائف فيها بعد ان حبسه. واولها يا مولاي وسيدي الذي ودادي له. واعتمادي عليه واعتدادي به الى اخر ما ذكر وهذه الرسالة الجدية شرحها خليل ابن ايبك الصفدي في كتاب سماه تمام المتون في شرح في رسالة ابن زيدون ثم لابن زيدون رسالة اخرى هزلية. وهذه جعلها على لسان ولادة بنت المستكفي. الى الوزير ابي عامر بن عبدوش يتهكم به فيها واولها اما بعد ايها المصاب بعقله المورط بجهله البيت سقطوا الفاحش غلطه الى اخر ما ذكر فيها وهي التي شرحها ابن نباتة المصري في كتابه هذا شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون حين نذكر ابن زيدون لا يمكننا ان نتغافل قصيدته المشهورة. التي اولها اضحى التنائي بديلا من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا. وهي قصيدة مشهورة وعجيبة جدا وذات جرس جميل وفيها الفاظ حسنة ومعان طيبة جدا. من ذلك قوله وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقا اليكم ولا جفت مآقينا تكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الاسى لولا تأسينا حالة لفقدكم ايامنا فغدت سودا وكانت بكم بيضا ليالينا هذه القصيدة صارت مشهورة جدا وصارت ايضا محظورة. فمن الخرافات التي اشتهرت عند المتأدبين انه ما حفظها احد الا مات غريبا. وقد عارضها جماعة من الشعراء فما استطاعوا ان يصلوا الى درجتها. كما اعتنى اخرون بشرحها واعتنى اخرون بتخميسها كما فعل صفي الدين الحلي في تخميس مشهور له لهذه القصيدة لكن تبقى القصيدة الاصلية في الذروة التي لا يصل اليها من عارضها من طبعا عند قول ابن زيدون وقتيبة فتح ما وراء النهر بسعدك لنا وقفة مع قتيبة هذا وقتيبة هو قتيبة ابن مسلم الباهلي. وهو الذي فتح ما وراء النهر الى ان وصل الى تخوم الصين قتيبة هذا من قبيلة تسمى باهلة وهي قبيلة كان الناس يعدون الانتساب اليها عيبا ومعرة ولذلك فقتيبة هذا في يوم من الايام مازح اعرابيا فقال له ايسرك انك من باهي وانك امير؟ قال لا. قال فيسرك ان تكون خليفة وان تكون من باهلة؟ قال لا قال ولو ان لي ما طلعت عليه الشمس قال فيسرك ان تكون باهليا وتكون من اهل الجنة فاطرق الاعرابي قليلا وتفكر في الامر ثم قال نعم بشرط الا يعلم اهل الجنة اني باهلة فضحك قتيبة لما ننقل هذا كله؟ لنذكر ان هذا الرجل الذي نسبه بهذا الشكل الذي ذكرنا لكم الان هذا الرجل وصل في فتوحه الى تخوم الصين بل وصل من قوته وجبروته ونشره للاسلام في اصقاع عديدة. وكونه اسقط امبراطوريات ودولا جدا وصل من ذلك انه حين بلغ خبره الى ملك الصين قال هذا الملك ما الذي يريده هذا قال انه قد اقسم الا يرجع عن بلدك حتى يطأ بحوافر فرسه تراب مملكتك وان يختم على ابناء الملوك وان يأخذ كذا وكذا من المال. فقال فما المخرج من هذا؟ لانه يشعر بانه لا قيل له الى مقاومة هذا الجيش الاسلامي العظيم تتفكر في الامر ثم وصل الى فكرة وهي انه بعث الى قتيبة ابن مسلم بصحبة وضع عليها شيئا من تراب مملكته اي من تراب الصين لكي يبر قسمه فجيء بذلك وفعلا ابر قسمه وارسل له بعض ابناء الملوك ليختم على اعناقهم وارسل له جزية عظيمة جدا هذا كله لما نذكره نذكره لكي نسترجع شيئا من ذكريات هذا المجد العظيم. الذي كان عند المسلمين. حين كان الرجل صغير السن فقد كان عمره ثمان عشرة سنة تقريبا يستطيع ان يصل الى بلاد بعيدة فيفتحها وينشر الاسلام فيها وهو صغير في السن ونسبه من احقر الانساب العربية ما كان ذلك كله الا بسبب الاسلام فعزة المسلمين في الاسلام وفي الاسلام وحده ذكر ابن زيدون في رسالته الاخرى قوله ولا اخلو من ان اكون بريئا فاين عدلك او مسيئا فاين فضلك وهذه في رسالته الجدية التي شرحها في تمام المتون هذه الطريقة في التعبير تسمى عند البلاغيين مذهب التقسيم والتقسيم عرف بتعريفات مختلفة من اشهرها ان يذكر متعدد ثم يضاف الى كل لواحد من افراده ما يناسبه ويلائمه على جهة التعيين. كما ذكر هنا قال لا اخلو اما ان اكون بريئة او مسيئا ثم اضاف الى البريء ما يناسبه وهو قوله فاين آآ عدلك او مسيئا قال جعل له ما يناسبه وهو قوله فاين فضلك وهذا مشهور في كلام العرب. وورد منه في القرآن الكريم مثلا قول ربنا سبحانه وتعالى كذبت ثمود قارعة كذبت ثمود وعادوا بالقارع فاما ثمود فاهلكوا بالطاغية. واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية فاذا ذكر ثمود وعاد اولا ثم اضيف لكل واحد من هذين ما يلائمه. ومن ذلك البيتان المشهوران ولا يقيم على ضيم يراد به الا الاذلان عير الحي والوتد. هذا على الخسف مربوط برمته. وذا يشج فلا يرفي له احد. هذا ايضا يدخل في باب التقسيم. ويمكن ان يعرف التقسيم بتعريف اخر وهو ان يقسم المعنى باقسام آآ تستوفيه وتستكمله. كما في قول زهير مثلا فان الحق ثلاث يمين او نثار او جلاء فالحق عند القضاء يدور على هذه الامور الثلاثة ولا يخرج عنها. ولذلك قال عمر رضي الله عنه لو ادركته اي لو ادركت زهير بن ابي سلمى لوليته القضاء فانه عرف مقاطع الحق وذكرها في هذه الثلاثة اذا هذا هو مذهب التقسيم عند البديعيين وله شواهد كثيرة في كلام العرب لا مطيل بتفصيلها والى لقاء مقبل باذن الله سبحانه وتعالى