القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في الحياة العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين عبر العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين اما بعد فهذا هو اللقاء الواحد والعشرون ضمن هذا البرنامج المبارك باذن الله مشاهير المحدثين عبر العصور ونقف في هذه الحلقة مع احد حفاظ الحديث وهو الحافظ بن الصلاح رحمه الله تعالى واسمه عثمان ابن صلاح الدين ابي القاسم بن عبدالرحمن الكردي الشهرزوري الدمشقي ولد رحمه الله تعالى في دمشق سنة خمس مئة وسبعة وسبعين هجرية وكانت وفاته سنة ستمائة وثلاث واربعين هجرية اي انه عاش نحوا من ستة وستين سنة كنيته ابو عمرو ولقبه تقي الدين نشأ ابو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى في بيت فقه وعلم فوالده صلاح الدين ابو القاسم كان من الفقهاء المشهورين في بلدته وانتقل من الموصل الى حلب لقد كان لوالدي بن الصلاح تأثير ظاهر علي. حيث حبب اليه العلم. وبدأ باقرائه كتب الفقه فقرأ ابن الصلاح كتاب المهذب لابي اسحاق الشيرازي على والده اكثر من مرة وكتاب مهذب يعد من الكتب الكبار في المذهب الشافعي. وهو الذي تولى النووي رحمه الله تعالى وشرحه في كتاب المجموع الذي قل ان يوجد له نظير في المذاهب الفقهية. وسيأتي الاشارة اليه عندما نتكلم باذن الله تعالى عن الحافظ النووي وكون ابن صلاح رحمه الله تعالى يقرأ كتاب المهذب على والده فان في هذا اشارة الى امرين هامين. الامر الاول علو همة ابن الصلاح رحمه الله تعالى ومدى ذكائه وفطنته. والامر الثاني المكان الفقهية التي كان يتمتع بها والده. حتى ان ابن الصلاح قرأ عليه مثل هذا الكتاب وبعد ان قرأ الحافظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى على والده بدأ يقرأ على علماء قريته ثم لاحظ والده ان همة ولده عالية. ففسح له المجال ليرحل في طلب العلم. واخذه من فانطلق ابن الصلاح رحمه الله تعالى في رحلته تكاد همته تسبقه وعزيمته تقفز امامه. انطلق راحلا الى الموصل. ثم الى بغداد. المركز الاول في العالم الاسلامي وسمع فيها من العديد من العلماء والاشياء وتعالى تراجع عن رأيه في مشروعية صلاة الرغائب يقول النووي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح الامام مسلم مشيرا الى بدعية صلاة الرغائب. قال الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب قاتل الله واضعها وتعرف فيها على العلامة ابي القاسم الرافعي احد كبار فقهاء الشافعية ومن المناسب ان نذكر شيئا من حياة الرافعين فهو فقيه ومحدث اسمه عبدالكريم بن محمد بن عبدالكريم القزميني. انتهت اليه الرئاسة في المذهب في زمانه فهو احد المحررين للمذهب حتى اذا وجدت كلمة واعتمده الشيخان في كتب الشافعية فالمراد بالشيخين الرافعي والنووي ومن مصنفاته الشرح الكبير على الوجيز للغزالين. وشرح مسند الشافعي كان ابن الصلاح رحمه الله تعالى يعظم شيخه الرافعي. ويقول اظن اني لم ارى في بلادي العجم مثله كان ذا فنون حسن السيرة جميل الامر صنف شرحا كبيرا للوجيز بضعة عشر مجلد لم يشرح وجيز بمثله توفي الرافعي رحمه الله سنة ستمائة واربعة وعشرين هجرية وممن تتلمذ عليهم ابن الصلاح رحمه الله تعالى ايضا موفق الدين ابن قدامة المقدسي. صاحب كتاب المغنيين الذي يعد من اشهر كتب الفقه الحنبلي. بل هو كتاب فقه موسوعي. وكان الحافظ بن الصلاح قد التقى لشيخه ابن قدامة المقدسي في دمشق واخذ عنه فيها. وبعد بغداد توجه الحافظ بن صلاح الى دمشق ثم الى بيت المقدس ودرس هنالك مدة من الزمان ثم عاد الى دمشق ليستقر فيها بادلا العلم الى وفاته صنف ابو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعالى العديد من المصنفات التي تنوعت بين الحديث والفقه واصول فله كتاب صيانة صحيح مسلم. وله كتاب شرح مشكل الوسيط. والوسيط للغزالي وهو في الفقه وله شرح على ورقات امام الحرمين في اصول الفقه ولعل من اشهر كتب الحافظ ابن الصلاح رحمه الله كتاب مقدمة علوم الحديث التي اشتهرت باسم مقدمة ابن الصلاح. هذا الكتاب يعد مرتكزا في علم مصطلح الحديث. وغالب من الف في هذا العلم انما اعتمد على كتابه هذا. حتى قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في اول كتابه في نزهة النظر الى ان جاء قال الى ان جاء الحافظ الفقيه. فقي الدين ابو عمرو عثمان بن الصلاح بن عبدالرحمن الشهر زوري نزيل دمشق فجمع لما ولي تدريس الحديث في المدرسة الاشرفية كتابه المشهور فهذب واملاه شيئا بعد شيء. فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب. واعتنى بتصانيف الخطيب المفرق اه فجمع شتات مقاصدها وضم اليها من غيرها نخب فوائدها. فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره فلهذا عكف الناس علي وساروا وساروا بسيرته فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ومستدرك ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر. وممن اختصره الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى. وممن نظمه الحافظ العراقي في الفيته المشهورة التي يقول في اولها يقول راجي ربه المقتدر عبدالرحيم بن الحسين الاثري من بعد امد الله ذي الالاء على امتنان جل عن احصائي ثم صلاة وسلام دائم على النبي على نبي الخير ذي المراحم فهذه المقاصد المهمة توضح من علم الحديث رسمة نظمتها للمبتدي تذكرة للمنتهي والمسند لخصت فيها ابن الصلاح اجمعه وزدتها علما تراه موضعة فحيث جاء الفعل والظمير لواحد ومن له مستور فقال او اطلقت فيها الشيخ ماء اردت الا ابن الصلاح مبهما كان ابن الصلاح رحمه الله تعالى ربما خالف بعض علماء عصره في بعض المسائل الفقهية وربما الف في الرد عليه مؤلف في الرد عليه. ومن تلك الحوادث التي يحسن ذكرها في هذه الترجمة الوجيزة عنه ما تعلق بصلاة الرغائب وصلاة الرغائب صلاة تصلى في اول جمعة من رجب تصلى بين العشائين. وقد ورد فيها حديث الا ان اكثر اهل العلم حكموا على هذا الحديث بانه حديث موضوع مكذوب لا يجوز نسبته الى النبي صلى الله عليه واله وسلم. ومع ذلك فان كده من الصلاح رحمه الله كان يرى مشروعية هذه الصلاة بل والف رسالة في تأييد رأيه وتقويته. وقد تولى جماعة من العلماء في الرد عليه. وبينوا ان هذه الصلاة غير مشروعة ومن هؤلاء العلماء العز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء. وقد مر معنا في حلقة ماضية ان هذا اللقب اختص به وهنالك لقب اخر لقب به بعض فقهاء الحنفية وهو الكاساني صاحب كتاب بدائع الصنائع لقب بملك العلماء فالحافظ العز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء الف رسالة في الرد على الحافظ ابن الصلاح. وقد قيل ان الحافظ ابن الصلاح رحمه الله مخترعها فانها بدعة من كرة فانها بدعة من كرة من البدع التي هي ضلالة وجهالة. وفيها منكرات ظاهرة. وقد صنف جماعة من من الائمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها. ودلائل قبحها وبطلانها والدلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها اكثر من ان تحصر. والله اعلم. وقد علق الحافظ بن كثير رحمه الله تعالى على كتاب الفتاوى لابن الصلاح فقال له فتاوى سديدة اراء رشيدة ما عدا فتياه الثانية في استحباب صلاة الرغائب ومن مصنفات الحافظ بن الصلاح رحمه الله تعالى كتابه طبقات فقهاء الشافعية. يقول في اوله ان معرفة الانسان باحوال العلماء رفعة وزين. وان جهل طلبة العلم بهم لوصمة وشين. وقد علمت وقد علمت الايقاظ وقد علمت الايقاظ ان العلم بذلك ذم المصالح والمراشد. وان الجهل به احدى جوانب المناقص والمفاسد وهذا من الحافظ ابن الصلاح فيه حث على معرفة سير العلماء وتفاصيل حياتهم وهو الهدف من مثل هذا البرنامج. لقد حاز الحافظ بن الصلاح رحمه الله تعالى على ثناء العلماء وسطروا في مدحه وبيان مكانته ومنزله ومنزلته. يقول ابن خلدكان رحمه الله عن الحافظ الصلاح كان احد فظلاء عصره في التفسير والحديث والفقه وله مشاركة في فنون عدة. ويقول تاج الدين السبكي رحمه الله عنه الشيخ العلامة تقي الدين احد ائمة المسلمين علما ودينا وعنه يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى الامام العلامة مفتي الاسلام انتقل الحافظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى الى رحمة الله تعالى في سحر يوم الاربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الاخر سنة ثلاث واربعين وستمائة وكان البلد وقتئذ محاصر فشهد جنازته جم غفير وعدد كبير في الجامع وحمل على الرؤوس وصلي عليه مرة ثانية ثم خرج به نفر يسير نحو العشرة ورجع الناس بسبب الحصار ودفن في مقبرة الصوفية وقد عاش ستا وستين سنة. فرحمه الله تعالى رحمة واسعة ورفع الله درجته في عليين. والى لقاء قادم مع علم اخر من اعلام محدثين استودعكم الله عز وجل. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها. وتأثيرهم في ايات العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب