القيام بترجمة مشاهير المحدثين وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها وتأثيرهم في العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين. اما بعد فهذه هي الحلقة الحادية عشر في هذا البرنامج المبارك باذن الله مشاهير المحدثين عبر العصور ومع علم من اعلام حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الامام الترمذي والامام الترمذي اسمه محمد بن عيسى ابن سورة ابن موسى البوغين والبوغي نسبة الى قرية من قرى ترمز الترمذي بكسر التاء وتقع ترمذ الان في اوزبكستان على القرب من حدود افغانستان وقد فتحها المسلمون سنة ست وخمسين هجرية بقيادة سعيد بن عثمان بن عفان كنية الترمذي ابو عيسى ولد رحمه الله تعالى سنة مئتين وتسعة هجرية وقينا سنة مئتين وعشرة هجرية ومات رحمه الله تعالى سنة مئتين وتسعة وسبعين هجريا اي انه عاش نحوا من سبعين سنة ولقد كان الترمذي رحمه الله تعالى ضريرا الا ان العلماء رحمهم الله اختلفوا في وقت اصابته بالعمى فقيل انه ولد اعمى والصحيح الذي عليه كثير من المحققين ان العمى اصابه في كبره بعد رحلته وكتابته العلم وهذا ما ذكره الذهبي رحمه الله تعالى ورجحه ورجحه ايضا الحافظ ابن كثير ذكر عدد من العلماء في نشأة الترمذي انه لم يبدأ بطلب العلم مبكرا بل تأخر في ذلك ولعله بدأ في طلب العلم وسماع الحديث وقد قارب عمره العشرين فسمع الحديث بخرسان والعراق والحرمين ولم يرحل الى مصر والشام حتى ان العلماء اختلفوا في كونه دخل بغداد او لم يدخلها وهذا بخلاف ابي داوود السكستاني الذي مر ذكره معنا في الحلقة الماضية فانه قد رحل الى مصر ورحل الى الشام وكان ابرز من اخذ عنهم الامام الترمذي وسمع منهم واستفاد من علمهم الامام البخاري صاحب الصحيح وكان الترمذي رحمه الله تعالى يحبه حبا شديدا ويعظمه وكان يقول لم ارى في العراق ولا في خراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الاسانيد اعلم من محمد ابن اسماعيل يقصد البخاري ولقد روى الترمذي رحمه الله في جامعه واكثر عن البخاري في اقواله في الجرح والتعدين ولقد كان البخاري رحمه الله تعالى ايضا يحب الترمذي وسمع من الترمذي حديثا واحدا ولقد لقي الترمذي رحمه الله تعالى ابا داود الذي مر ذكره معنا وروى عنه ايضا في جامعه وقال له البخاري مرة اي لترمدي ما انتفعت بك اكثر مما انتفعت بي وهذا يقوله البخاري رحمه الله تعالى تواضعا. وناهيك بهذه الشهادة من البخاري لتلميذه الترمذي قال ابن الاثير رحمه الله تعالى الترمذي احد الاعلام الحفاظ الاعلام وله في الفقه يد صالحة وقال ابن كثير هو احد ائمة هذا الشأن في زمانه وله المصنفات المشهورة ومع هذه الشهرة الكبيرة التي حظي بها الامام الترمذي الا ان ابن حزم صاحب المحلى لم يعرفه فقال ومن محمد بن عيسى قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى معلقا على ذلك في البداية والنهاية وجهالة ابن حزم لابي عيسى الترمذي لا تضره اي لا تضر الترمذي حيث قال ابن حزم في محلاه ومن محمد بن عيسى فان جهالته لا تضع من قدر الترمذي عند اهل العلم بل وضعت من منزلة ابن حزم عند الحفاظ وكيف يصح في الاذهان شيء اذا احتاج النهار الى دليل كان الترمذي رحمه الله تعالى قوي الحفظ اية من ايات الله في الحفظ يضرب به المثل في ذلك يقول ابو سعد الادريسي كان ابو عيسى يضرب به المثل في الحفظ وقال الحاكم سمعت عمر ابن علك يقول مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل ابي عيسى بالعلم والحفظ والورع والزهد لقد بقي الترمذي اي من خشية الله حتى عمي. وبقي ضريرا سنين وذكر الذهبي رحمه الله تعالى في كتابه تذكرة الحفاظ ان بعض المحدثين امتحن ابا عيسى الترمذي بان قرأ عليه اربعين حديثا من غرائب حديثه ثم ان الترمذي اعاد تلك الاحاديث كلها من حفظ صدره فقال له هذا الرجل الذي امتحنه ما رأيت مثلك قط صنف الترمذي رحمه الله تعالى العديد من المصنفات يأتي في مقدمتها كتابه السنن الذي صار ذكره مشهورا ويعرف بسنن الترمذي قال ابو عيسى الترمذي وهو يصف لنا هذا الكتاب صنفت هذا الكتاب وعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان. فرضوا فرضوا به ومن كان هذا الكتاب يعني الجامع في بيته فكأنما في بيته نبي يتكلم قال الذهبي رحمه الله في الجامع ويطلق الجامع على سنن الترمذي قال في الجامع علم نافع وفوائد غزيرة ورؤوس المسائل وهو احد اصول الاسلام لولا ما كدره بالاحاديث باحاديث واهية بعضها موضوع وكثير منها في الفضائل وكان ابو اسماعيل الانصاري رحمه الله تعالى يقول كتاب الترمذي عندي انور من كتاب البخاري ومسلم اي انه ليس معنى ذلك انه يفضل سنن الترمذي على البخاري ومسلم وانما يقول النفع ايسر من سنن الترمذي من النفع الذي سيكون من صحيح البخاري او من صحيح مسلم ولذا لما قيل له ولم؟ اي لما قلت هذا قال لانه لا يصل الى الفائدة منهما اي من الصحيحين الا من هو من اهل المعرفة التامة بهذا الفن اي ان صحيح البخاري وصحيح مسلم يستفيد منهما بالدرجة الاولى المتخصص بمعرفة فن الحديث اما كتاب الترمذي فان الفائدة تحصل لكثير من الناس الذين يقرأونه وان لم تكن عندهم المعرفة الكاملة بعلم ولذا قال لانه لا لا يصل الى الفائدة منهما اي من الصحيحين الا من هو من اهل المعرفة التامة بهذا الفن وكتاب الترمذي قد شرح احاديثه وبينها فيصل اليها كل احد من الناس من الفقهاء والمحدثين ولذا فالامام الترمذي يشير بعد ذكره للحديث الاحاديث الى الاحاديث التي رويت في ذات الموضوع. فيقول وفي الباب كذا وكذا وعن فلان وفلان. ويذكر اسماء الصحابة. ويذكر بعد كل حديث منزلته في الصحة والحسن والضعف والغراءة غالبا ويذكر خلاف العلماء في الحكم الفقهي الذي دل عليه الحديث. وهذه ميزات لا تكاد توجد في بقية الكتب الستة ولقد سمى الترمذي رحمه الله تعالى كتابه بالجامع المختصر من سنن من السنن بالجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل وسمى الترمذي كتابه بالجامع لانه لم يخصه بالسنن المتضمنة للاحكام الفقهية بل جمع الاحاديث الاحكام جمع احاديث الاحكام وايضا ذكر الاحاديث المتعلقة بالعقائد والتفسير والفتن والمناقب ونحو ذلك وغالبا ما ينبه الترمذي رحمه الله تعالى في جامعه على الاحاديث الواهية وشديدة الضعف ولعل من الجدير ذكره عند الحديث عن كتب الترمذي ان نذكر وننوه بكتابه الشمال المحمدية وهو كتاب جمع صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية والخلقية وما اتصف به صلى الله عليه وسلم من الاداب والاخلاق كي يتأسى الناس بها ويمتثلوها وهذا كتاب اي كتاب الشمال المحمدية للامام الترمذي من احسن ما الف في شمائل المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وفي ذلك يقول العلامة علي القاري في مدح كتاب الشمائل المحمدية للامام الترمذي قال ومن احسن ما صنف في شمائله واخلاقه صلى الله عليه وسلم كتاب الترمذي المختصر الجامع في سيره على الوجه الاتم بحيث ان مطالع هذا الكتاب كانه يطالع طلعة ذلك الجناب. ويرى محاسنه الشريفة في كل الامام ولقد اعتنى العلماء بهذا الكتاب اي بكتاب الشمائل المحمدية للامام الترمذي. فمنهم من شرحه ومنهم من اختصره ومنهم من نظمهم توفي الترمذي رحمه الله تعالى رحمة واسعة سنة مئتين وتسعة وسبعين هجرية بعد سبعين سنة من عمره وكان رحمه الله تعالى قد عمي بعدما كبر وبعد ان رحل وبعد ان دون معظم تصانيفه وهذا العمل الذي اصابه قال بعض من ترجم له انه بسبب كثرة بكائه وخشوعه وخشيته لله سبحانه وتعالى مات الترمذي رحمه الله تعالى بعد سبعين سنة قضى معظمها في جمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتأليفه تصنيفه وابقى لنا هذه الاثار التي ينتفع بها الناس من بعده كسننه والشمائل المحمدية وغيرها من الكتب. فرحم الله تعالى الامام الترمذي ورحم الله تعالى ائمة المسلمين وحفاظ هذا الدين والى لقاء قادم مع علم اخر من اعلام المحدثين. استودعكم الله عز وجل السلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته القيام بترجمة مشاهير المحدثين. وبيان ابرز اللفتات في حياتهم العلمية والحديث عن اصحاب الكتب منهم مع بيان موجز لمناهجهم فيها وتأثيرهم في ايات العلمية والمعرفية للامة. برنامج مشاهير المحدثين العصور تقديم الدكتور لبيب نجيب