الى جهة الكعبة فتجتهد انت في معرفة جهات الكعبة. لا يشترط ان تكون حينئذ بمقاصد الشرع وذلك ان تحقيق المناط هنا ليس مما يختص به الفقهاء وقال بان مما يدل على ذلك ان حياك الله ماشي الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين اما بعد بعد فهذا هو الدرس الثاني من قرائتنا في كتاب الاجتهاد من كتاب الموافقات للعلامة رحمه الله تعالى وكان من اواخر ما تحدثت عنه في لقائنا السابق ما ذكره المؤلف مسألة تتبع الرخص وبيان ان ذلك ليس من الامور المتوافقة من الشرع. فان بعض الناس قد يقول بي اخذ قول فقيه في مسألة لانها توافق رغبته. وفي المسألة اخرى يأخذ بقول فقيه اخر لموافقة قول ذلك الفقيه الاخر لما يرغبه ويظن ان ذلك من الجائزات. وهذا من الامور المحظورة في الشرع الممنوع منها وذلك ان العبد يوم القيامة اذا وقف بين يدي رب العزة والجلال لن يسأله عن موافقة عمله بقول فلان او لقول فلان وانما سيسأله هل اطاع الله عز وجل واطاع رسوله صلى الله عليه عليه وسلم وسيكون مقدار اصابته في الجواب بمقدار موافقته للشرع لا بمقدار بموافقته لقول فقيه ايا كان ذلك الفقيه. وقول الفقيه انما اخذ به لما اظن العبد ان ذلك الفقيه يرشده الى شرع الله والى دينه. فاذا كان يغلب على ما ظن ان قول ذلك الفقيه ليس متوافقا مع شرع الله حينئذ يحرم عليه ان يأخذ بقول ذلك الفقيه ومن هذا ما يتعلق بهذه المسألة في تتبع الرخص التي تسند الى الفقهاء فليس كل قول فقيه يكون موافقا لشرع الله عز وجل. واورد المؤلف اعتراضا في مسألة الانتقال من المذاهب. فان الفقهاء يقررون انه الانسان الفقيه ان ينتقل من مذهب فقهي الى مذهب فقهي اخر. فاذا كان الفقيه جاز له ان ينتقل الى مذهب الامام ما لك. قالوا فاذا جاز ذلك في كل الفقه فليجز في بعض اجزائه وبعض مسائله. هكذا قالوا وهذا الاعتراض ليس له محل لان اصل هذه المسألة هو مسألة الانتساب الى المذاهب الفقهية والتمذهب. القول في يكون على وفق الاتي. الناس على نوعين. النوع الاول عامة الناس الذين لا يستطيعون معرفة المذاهب والتدقيق فيها ومعرفة الراجح من المرجوح. فهؤلاء يجب عليهم مراجعة العلماء وسؤالهم لقوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون اهل الذكر كنتم لا تعلمون. والنوع الثاني من الناس الفقهاء. فهؤلاء الفقهاء هم الذين الى المذاهب الفقهية. اما العامة فانهم لا ينتسبون لها. الفقهاء الذين ينتسبون هؤلاء ينتسبون الى المذهب على جهة التعلم لا على جهة العمل او الفتوى. فالفقيه قد يسير على مذهب فقيه من جهة او على مذهب امام من الائمة من جهة كونه علموا على ذلك المذهب ويعلموا عليه ويؤلف في مذهبه من اجل ان يكون ذلك اسهل في التعلم فاما اذا اراد العمل او اراد الفتوى فانه لا يعمل الا بما يترجح لديه وبما يرى انه الموافق لشرع الله عز وجل ودينه وليس الموافق المذهب ولذلك نجد ان ائمة الفتوى في المذاهب اذا الفوا مؤلفات او علموا كتبوا بناء على مذاهبهم الفقهية واذا افتوا او عملوا كان ذلك على وفق اجتهاداتهم وامثل لذلك ببعض الفقهاء. فمثلا العلامة ابن عبدالبر المالكي رحمه الله. الف كتاب الكافي في فقه امام اهل المدينة المالكي. هذا الكتاب الفه على وفق المذهب لانه اراد ان يعلم الم تعلم ذلك المذهب. ولما الف الكتب المطولة وعمد الى ذكر الخلاف رجح في بعض مسائله خلاف ما يقربه في كتابه المذهبي كما كما نجد ذلك في كتبه الاستيعاب والتمهيد وغيرها نجد هذا في بقية المذاهب. فمثلا ابن قدامة المقدسي صاحب الكتب المشهورة في مذهب الحنابلة لما الف كتاب العمدة وكتاب المقنع الفهما على وفق المذهب من اجل ان يكون درجة في تعلم الطلاب للمذهب لينطلق بهم من دراسة المذهب الى معرفة المصطلحات ومعرفة كيفية الاستنباط والطريقة على طريق تطبيق الادلة على الفروع والاحكام. فلما الف الكتب المطولة المغني قرر في فيها اقوالا ورجح مذاهب خلاف ما كان يقرره في الكتابين السابقين. فهذا هو وخلافه لا صد ما يتعلق بمسألة التمذهب. العلماء انما ينتسبون الى هذه المذاهب بناء على كونهم تعلموا على طريقة المذهب وكتب المذهب وكانوا يعلمون بناء عليها واما في مسائل الفتوى وفي مسائل العمل فانه انما كانوا يسيرون على ما يصل اليه اجتهادهم ولهذا قرر المؤلف قرر المؤلف مرة اخرى ان تتبع الرخص ميل مع اهواء النفوس والشرع قد جاء بالنهي عن اتباع هوى النفس فهذا مضاد لما تقرر في الشريعة من هذا الاصل العظيم اقصد الواضح كذلك من مقاصد الشريعة رد الناس عند التنازع للتحاكم الى الكتاب والسنة كما في قوله تعالى فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا. وبعض الناس قد يقول باننا نأخذ بتتبع الرخص بناء على الضرورة وبعضهم يقول بناء على ملاحظة الحاجة وبعضهم يقول نأخذ بتتبع الرخص من اجل تحقيق مصالح الناس. ومن المقرر ان مصلحة هي في اتباع النص لا في اتباع ما يخالف النص من اقوال الرجال ايا كان واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حكم على بعض اقوال اصحابه بانها خطأ فغيرهم من باب اولى ان يحكم عليها بانها خطأ. فاذا تقرر ذلك علمنا ان ان الضرورة لها معانيها التي جاءت في الشريعة ومن ثم لا يصح ان يقال عن تتبع الرغبات والسير في اهواء النفوس بان ذلك من مواطن الظرورات قد يقول بعض الناس بانهم يأخذون بالقول المرجوح ويتركون القول الراجح من اجل ما يظنون انه يحقق المصلحة. وكم من مرة ظن الناس ان مصلحتهم في شيء وكان الامر على خلاف ذلك. ولهذا قال الله تعالى وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله وقال تعالى واعلموا ان فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم فهم يظنون ان مصلحتهم في شيء وان ما ما يعود عليهم بالخير والنفع في شيء فيكون الامر على ضد ذلك وانظر في قضية صلح الحديبية كيف جاء من جاء من صحابة رسول الله صلى الله ابن تيمية في بيان عذري الائمة في اجتهادهم. وحينئذ قد يعرظ في بعظ المسائل ان الفقيه يفتي بالمسألة خلاف ما تقرر عند لوجود عارض عرظ فيها فيأتي من يقيس على قوله ويظن انه قال بالجواز عليه وسلم يعترض على بنود الصلح ويظن ان ذلك الصلح قد سام المسلمين خسفا وانقص مكانتهم وكان الامر بضد ذلك. حتى قال قائلهم لو كان عندي من لرددت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه. ومن هنا فان بعض الناس قد يسير على وفق ما يظن انه مصلحة. فيكون الامر بظد ذلك. وقد نقل المؤلف عن الامام المازري رحمه الله وهو من علماء المالكية انه سئل عن معاملة مالية ولدت في زمانه فاحتاج الناس الى ان يتعاملوا بها على على وفق اياتهم وظنهم وكان ذلك مما لا يجيزه الامام ما لك من مسائل العينة الربوية فكانوا يرغبون ان يفتى بمذهب الامام الشافعي في ذلك لانه يجيز صورا من هذا فقال لهم الامام المازري لست ممن يحمل الناس على غير المعروف المشهور من مذهب ما لك لان الورع قل بل كاد يعدم وكثرت الشهوات وكثر من يدعي العلم ويتجاسر على الفتوى فيه ولو فتح لهم باب في ذلك لاتسع الخرق على الراقع وهتكوا حجاب الهيبة وفي ذلك من المفاسد ما لا حفاء به ذكر المؤلف بشيء من مفاسد تتبع الرخص من الانسلاح عن الدين بترك اتباع الدليل الى القول احب قول احد الفقهاء فيعارض النصوص الثابتة من الكتاب والسنة لوجود قول فقيه خالف ما فيهما. والقول تتبع الرخص ترتب عليه تركيب مذاهب بعضها على بعض وبناء مذاهب جديدة واستجازة احوال لا يجيزها احد من الناس. جاني من جاء وقال بانه غادر المزدلفة بعد المغرب بنصف ساعة بناء على مذهب الايمان مالك بانه يجوز البقاء فيها للحظة وان ذلك مجزئ قال فذهبنا الى فذهبنا الى المرجم فرجمنا ثم بعد ذلك ذهبنا وغادرنا مكة الى جدة والى غيرها من البلدان. فانظر كيف فهؤلاء بالنظر في تاف الاخذ برخص المذاهب. فترتب عليه بناء مذاهب جديدة ليس يقول بها احد من الناس فانه لا يجيز احد الرمي قبل منتصف الليل ومالك لا الرمي الا بعد طلوع الشمس من يوم النحر. والشافعي واحمد انما اجازوه بعد بعد منتصف الليل. وبالتالي مثل هذا وبتتبع الرخص يؤدي الى تلفيف المذاهب على وجه يخرق اجماع الفقهاء المتقدمين وفي ذلك من المفاسد الشيء الكثير. وقد يقول بعض الناس بان الشريعة قد جاء بان الشريعة سهلة يسيرة وما جعل الله في الدين من حرج. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول بعثت بالحنيث السمحة فيقال له بان ما تظنه من السماح يكون حقيقة بضد ذلك. وكم من قولي فقيه ظيق على الناس وكان الناس يظنون انه يوسع لهم. وكم من جاء فيها التكليف صريحا وللمكلف بما يظن انه يشق عليه فان الله جل وعلا قال واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين. وانظر الى ما في الجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر من المشقة. وانظري الى ما في مشروعية الحج من مشقة على العباد لكن يتحقق وينبني عليها من المصالح اعظم من تلك المشقة التي في ثنايا ذات تلك العبادة. وهذا انما يمثل له بمثال الا وهو ان الدواء قد يكون مرا غير متوافق مع رغبة الانسان في تناوله لكنه يتناوله لما يؤمنه مما يحقق الله به من الشفاء باذنه تعالى وبالتالي اذا قال لنا قارئ بان هذه العبادة فيها مشقة فليرتفع التكليف قلنا تكاليف الشارع ما سميت كذلك الا لما فيها من نوع المشقة وانما يرفع وعن العباد ما لا طاقة لهم به. ولهذا قال لا يكلف الله نفسا الا وسعها قد يقول قائل بانكم يا ايها الفقهاء تنادون الى مراعاة الخلاف ومن مراعاة في ان نأخذ بقول المخالف لنا متى اقتضى تخفيفا علينا وتسهيلا. فيقال له اعتبار الخلاف هذا له صورتان. الصورة الاولى الا تقدم على كقول بناء على رغبتك في الاحتياط في ذلك القول. فيكون هناك قولان احدهما يقول بالاباحة والاخر يقول بالمنع. فتترك الفعل رغبة في مراعاة الخلاف ان يترتب على فعلك لذلك الامر شيء من شيء من الاثم. وهذا مما يدخل في باب الاحتياط الذي جاءت به النصوص من مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم دع ما يريبك الى ما لا يريبك. ومن مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه لا قيمة له ولا وزن ولا يبنى عليه حكم شرعي. اما في علوم الشريعة فهذا واظح فان الله تعالى قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ولم يقل اسألوا اي احد وهكذا وعرضه والجانب الثاني من مراعاة الخلاف ان يكون بعض المسائل يترتب عليها احوال وامور فيقضي بها قاض او يفتي بها مفت فلا ننازع ذلك القاضي في قضاءه لانه قد حكم بما يرى انه شرع الله ودينه. وبالتالي لا ننازعه في حكمه وقضاءه لان ذلك القول له ادلته ومن امثلة ذلك مثلا الانكحان وقع فيها خلاف سواء في شروطها او في بقائها فحينئذ اذا حكم بها حاكم او افتى بها مفتي فاننا لا ننازعه في قضائه ولا نلغي ما ترتب عليه على تلك الفتوى من وجوب نفقة او ثبوت ميراث او اه استحقاق حقه او شرط او ثبوت نسب او نحو ذلك او افتقار قطع ذلك النكاح الى ونحو ذلك من المسائل فهذا هو الذي نريده بمسائل مراعاة او خلاف قد اشكل هذا على بعض اهل العلم حتى ان الفقيه العلامة ابن عبد البر رحمه الله قد انكر مراعاة الخلاف وقال بان الخلاف لا يكون حجة في الشريعة. وذكر المؤلف مثل الشاطبي انه قد سأل عن ذلك جماعة من شيوخ زمانه في بلدان شتى لم يجيبوه بما ذكرته سابقا. بل بعضهم انكر مقتضاها بناء على انه لا اصل لها ونحو ذلك. واما مسألة انقلاب الراجح ليكون وانقلاب المرجوح ليكون راجحا في بعض المسائل فهذا لوجود العارض. الذي عارض فقلب المسألة ومن امثلة ذلك مثلا ما ذكرناه مما يدور على احكام التكليفية الخمسة فان تناول تلك المسألة قد يعرض لها ما يغير حكم المسألة فيصبح الراجح مرجوحا. ومن امثلة ذلك ان الطلاق مكروه. لكن اذا لم تستقيم الحياة ولم ينعم كل من الزوجين بها وكل منهم تطلع لمفارقة فان الكراهة حينئذ ترتفع لانتفاء مقصود الشارع من النكاح في تلك المسألة ان الله تعالى قال ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا ومن لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون. فهنا لما انتفى مقصود سارعي في هذا النكاح حينئذ قلنا انقلب المرجوح ليكون راجحا في هذه المسألة. واعطيكم مثلا اخر الا وهو ان الشريعة قد جاءت باستحباب اعطاء الفقير والقيام معه والصدقة عليه صدقة التطوع بل اوجبت ذلك في الزكاة. ولكن اذا علمنا ان ذلك الفقير اذا من مال الزكاة اشترى به شيئا من المخدرات او المحرمات فحينئذ نمنع من المال لماذا؟ لما طرأ على هذه المسألة من اوصاف غيرت حكمها. فانقلب ارجوح هنا ليكون راجحا. وحينئذ يصير الراجح مرجوحا لمعارضة دليل اخر يقتضي رجحان الدليل المخالف فيكون القول باحدهما في غير الوجه الذي يقال فيه بالقول الاخر. واذا تقرر هذا المعنى فان الفقيه فان الفقيه قد يجمع بين الدليلين بوجوه من الجمع بناء على ما توصل اليه من مقاصد الشرع ومن معرفة الاوصاف التي لاحظها الشرع حتى يعمل باحد الدليلين في موطن ويعمل بالدليل الاخر في موطن لورود قرائن وادلة تدل على طريقة الجمع التي وردت في ذلك هذا محل بحثه في باب التعارض والترجيح. ثم عقد المؤلف مسألة في بيان ان محل الاجتهاد هو ما تردد بين طرفين بحيث يأتي المجتهد فينظر في باي هاتين المسألتين او هذين الطرفين تلتحق مسألته. فاذا مثلنا من باب تنكيح المناط. وقلنا بان الشريعة قد جاءت بوجوب الصلاة. ووجوب ان يكون الثوب الذي يصلي فيه الانسان طاهرا. فاذا جاءنا ثوب وترددنا فيه هل هو طاهر او نجس؟ فحينئذ اجتهد في هذه المسألة التي وجد فيها التردد بين طرفين في الاثبات والنفي من اجل موافقة فقط مقصد الشارع في ذلك. وهكذا ايضا في تخريج المناط. فان الشريعة لما جاءت بتحريم الربا في البر اجتهدنا في الاوصاف التي يمكن ان يعلل بها. فهناك من قال بان الوصف معلل به هو الطعن كما هو مذهب الامام الشافعي. وهناك من قال بان الوصف المعلل به هو القوت كما قال الامام مالك. وهناك من قال بان الوصف المعلل به هنا هو الكيل كما قال الامام ابو حنيفة رحمة الله على الجميع. فهنا وجد تردد بين هذه الاقوال. فيأتي الفقيه في تخريج المنار يجتهد بحيث يلحق هذه المسألة بالوصف الذي يناسبها بناء على وجود الدليل الشرعي الذي في هذا الباب. وليعلم بان متشابهات الذي التي ورد ذكرها في حديث النعمان ابن بشير الذي اخرجه الشيخان في قوله الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ان له منها تردد المحل بين محلين احدهما جائز والاخر ممنوع فيقع في ذلك اما لتعارض الادلة فيه واما لكون الفقيه لم يستطع ان يميز المسألة النازلة هل تلحق بالاصل الاول او بالاصل الثاني او نحو ذلك؟ وقد ضرب المؤلف لذلك امثلة. المثال الاول في بيوع الغرر فانه قد روى الامام مسلم في من حديث جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر فوقع اجماع في مسائل عدة على عدم جوازها بناء على انها من الغرر. ومن ذلك المسائل التي نهي عنها كبيع الحصاد وكذلك ايضا البيع بدون ذكر آآ الثمن وهكذا بيع ما تجهل حقيقته. وفي المقابل ومن ذلك بيع الطير في الهوى والسمك الماء وفي المقابل هناك مسائل وقع الاتفاق على جوازها مع انها لا تخلو من غرر ومثل لها المؤلف بجواز الجبة التي حشوها مغيب عن الابصار. ومن امثلة ذلك بيع الشاة التي في معطنيها حمل ومن امثلة ذلك الاتفاق على جواز تأجيل الدار على شهر واحد مع ان الشهر قد يكون ثلاثين وقد يكون تسعا وعشرين. وهكذا اجازوا دخول اجازوا العقد على دخول الحمام مع اختلاف عادة الناس في استعمال الماء فبعضهم يأخذ الماء يأخذ كثيرا من المال وبعضهم يكفيه القليل منه. ومثل هذا ما يسمى بالكوفيه المفتوح الذي يدخل فيه الناس فبعضهم يأكل كثيرا وبعضهم يأكل قليلا. فهذان جانبان متفق عليهما في الجملة الاول على منعه والثاني على جوازه لكن يقع بينهما صور يتردد الفقهاء فيها هل تلحق بالقسم الاول او تلحق بالقسم الثاني؟ وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن الغرر في البيع. وانما نهى عن بيع الغرر. فمعناه البيع الذي مقصوده وغالبه غرر لا تعلم حقيقته ولأو لا يعلم مآله لكن ما لا يغلب فانه لا يدخل في الحديث. فهناك صور اتفق على دخولها في النهي وصور اتفق على عدم دخولها وبقي صور مترددة بينهما فيأتي الفقيه فيجتهد فيها فيلحقه باقرب المسألتين بها. ومثل المؤلف لذلك بمسألة زكاة الحلي. فان الفقهاء قد اختلفوا فيها فذهب الامام ابو حنيفة رحمه الله الى وجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال او وخالفه جمهور العلم فرأوا عدم وجوب الزكاة في ذلك. لماذا؟ لان هذه المسألة مترددة اصلين اولهما النقدان الذهب والفضة وهما مما وقع الاتفاق على وجوب الزكاة فيهما وثانيهما العروض اه ومال القنية فان مال القنية لا تجيب فيه فملابسك وسيارتك التي تعدها للاستعمال وبيتك الذي تسكنه لا زكاة فيه ما لم تنوي به التجارة فالحلي تردد بين هذين الاصلين فوقع الخلاف فيه. ومثل ذلك ايضا مسألة مجهول الحال. هل يلحق بالثقة او يلحق بالمجروح هناك مسائل كثيرة مثلا الخلع هل يلحق الفسخ او يلحق بالطلاق ومثل ذلك في مسألة التيمم فان من تيمم قبل الصلاة ثم وجد الماء قبل ان يصلي فلا يجوز له ان يصلي حتى يتوضأ. وبالاتفاق ومن تيمم الا وبعد الفراغ من الصلاة وجد الماء فانه لا يلزم باعادة تلك الصلاة. لكن من وجد الماء في اثناء الصلاة هل يلحقه بمن وجد الماء قبل الصلاة؟ او نلحقه بمن لم يجد الماء الا بعد الصلاة. فهنا وقع الاختلاف في هذه المسألة لترددها بين اه هذين الطرفين فهكذا كل المسائل الخلافية يقع الخلاف فيها لانها دائرة بين طرفين واضحين فيحصل الاشكال والتردد فيها. وهنا ننبه الى ان مسائل الخلاف قليلة جدا بالنسبة لمسائل الاتفاق خصوصا اذا لاحظت وقوع تلك المسائل في الخارج. فمثلا في الصلاة اغلب مسائل الصلاة متفق عليها وانما الخلاف في مسائل تابعة قليلا فهم متفقون على تكبيرة على دخول الصلاة بتكبيرة الاحرام على الركوع وعلى السجود وعلى الجلوس وعلى جلسة التحيات التي هي المشكلة لصورة الصلاة لكن المسائل التابعة وهي قليلة الوجود في الخارج هي التي وقع الاختلاف فيها اذا تقرر هذا فان المجتهد حق الاجتهاد هو الذي عرف الراجح من المرجوح. وعرف انقلاب الراجح لكونه مرجوحا فيما بعض المسائل لورود ما يعرض عليه. واما من عرف اقوال الفقهاء وحفظ ادلتهم فانه لا يعتبر فقيها مجتهدا في تلك المسألة اذا لم يعرف الراجح من المرجوح. صحيح ان معرفة خلاف شرط في الاجتهاد لكنها ليست هي المخولة لكون الانسان مجتهدا فقيها فقط حتى يعرف الراجح من المرجوح. ولذلك ما ورد عن الائمة الاوائل في اعتبار معرفة او خلاف انما مقصودهم انه شر وليس هو المعول عليه وحده في وصف الانسان بانه من الفقهاء. فعندما قال قتادة من لم يعرف الاختلاف لم يشم لم يشم انفه وعندما قال عطا لا ينبغي لاحد ان يفتي الناس حتى يكون عالما باختلاف الناس فانه له ان لم يكن كذلك رد من العلم ما هو اوثق من الذي في يديه انما هذا في شرط الاجتهاد وليس في بصفة المجتهد انما صفة المجتهد هو من يميز بين الراجح والمرجوح وبناء عليه افتي الناس بما ترجح لديه وغلب على ظنه انه شرع رب العزة والجلال وقد ذكر المؤلف ان المسائل على نوعين مسائل مبنية على النص لابد من ان الناظر فيها عالما بلغة العرب ومسائل تعتمد على المصالح والمفاسد وتكون مجردة النصوص فحينئذ يلزم المكلف ان يعرف بي ان يعرف مقاصد الشرع جملة تفصيلا وهذا الكلام فيه نظر وذلك لامرين الامر الاول ان المسائل الشرعية الصواب انها لا تخلو من النصوص. فما من مسألة الا وفيها نص علمها من علمها وجهلها من جهلها ولذلك قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء. وهذا من مقتضى عموم الشريعة كما في قوله تعالى وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا. وقال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. والنصوص في عموم الشريعة كثيرة قال تعالى قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. ومن مقتضى ذلك ان نصوص الشريعة شاملة لجميع مفردات الحياة. اذا تقرر هذا فان المعنى الاخر ان مقاصد الشريعة لا تؤخذ من اهواء النفوس مجردة وانما تؤخذ من الات النصوص فانك لا تقول بان هذا المعنى قد كان من مقاصد الشرع الا بناء على دليل من كتاب وسنة والاستدلال بالدليل يحتاج الى معرفة لغة العرب كما تقدم ولهذا فان القول بان المعاني المجردة يشترك العقلاء في فهمها هذا فيه نظر لان من المعاني المقصودة في احكام الشريعة هي المعاني التي جاءت تأكيد على طلبها في والسنة وكم من معنى يظن ان يظن الناس انه من المصالح فيكون في حقيقة الامر من المفاسد وكم من المعاني المجملة التي تحتها حق وباطل ظن الناس من الحق كلها من الحق فوقع اللبس في هذا. وانظر مثلا الى ان الشريعة قد جاءت بمعنى العدل وامرت به في قوله تعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى فاذا جاءنا من جاءنا وقال بان من مقاصد الشريعة المساواة بين الخلق قيل ليس هذا على اطلاقه بل جاءت الشريعة بالمساواة بين المتساويين اختلاف الاحكام بين المختلفين هذا هو العدل الذي جاءت به الشريعة ومن ثم ما ظننت انه من المعاني المصلحية التي جاءت بها الشريعة ظن واهن وما نشأ ذلك عندك الا انك لم تراعي اخذ هذه المصالح والمقاصد من النصوص الشرعية. وقد قال المؤلف بان استدلالا على ما رأى بان الاجتهاد القياسي غير محتاج الى مقتضيات الالفاظ. وهذا ايضا فيه نظر فان الاجتهاد القياسي جاءت الشريعة به لكنه لا بد ان يبنى على اصل في احكام الشريعة. واذا لم يكن له اصل فان القياس فاسد لا يصح الاستناد اليه والاصل لابد ان يكون ثابتا بنص. والنص الدال على حكم الاصل لابد ان نعرف معناه بمعرفة مقتضيات الالفاظ. ثم نحتاج ثانيا اذا كان عندنا قياس لمعرفة هل عارضه نص؟ لان القياس المعارض للنص قياس فاسد الاعتبار لا قيمة ولا يعرف عن كون القياس قد ظاد النص الا اذا عرفنا مدلول النص ومقتضى لفظه. اشار المؤلف الى ان الاجتهاد الذي يتعلق بتحقيق المناط قد لا يشترط العلم بمقاصد الشرع. وهذا في الحقيقة لان منبني على ان تحقيق على قسمين قسم اجتهادي مبني على صفة المجتهد السابقة فهذا لابد ان يكون صاحبه عالما بمقاصد الشرعية. والثاني تحقيق مناطق من اي احد من افراد الناس او من اصحاب اختصاص غير اختصاص العلم الشرعي. فهذا لا فيه العلم بمقاصد الشريعة. مثال ذلك اذا قلت لك يجب عليك في الصلاة ان تتوجه العلماء لم يزالوا يقلدون في بعض العلوم الاخرى من مثلي الطب والهندسة وغيرها. ثم عقد المؤلف فصلا لبيان ان الاجتهاد المعتبر في الشريعة هو الصادر من اهله. الصادر من اهله. اما الاجتهاد الصادر من غير اهله فانه قال تعالى انا انزلنا اليك الكتاب لتحكم بين الناس بما اراك الله. فالحكم بالكتاب وما لم يكن من اهل فهم الكتاب لا يجوز له ان يحكم او ان يفتي. وقال تعالى فاحكم بيننا مناسب الحق فمن لم يكن من مال معرفة الحق لم يجوز له ان يحكم بين الناس. واما العلوم ايضا العلوم الاخرى غير العلم الشرعي فلابد من الرجوع. الى اهلها فلو جاءنا من ليس بطبيب وقال بان ذلك المرض يضر الصوم صاحبه. فحينئذ نقول انت لست ممن يعتبر اجتهاده في هذا وبالتالي لا يجوز الاستناد الى قولك. ومن الامور التي تتعلق بهذا ان الاجتهاد قد يقع فيه الخطأ. والخطأ قد يكون لخفاء بعض الادلة او لعدم معرفة حقيقة المسألة المجتهد فيها وحينئذ يقع ما حذر منه الشارع من زلة العالم فان العالم قد يخطئ وقد يزل في بعض المسائل وهو ليس بمعصوم بحيث يظن فيه انه لا يقع في خطأ. ولذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم انه قال اني اخشى على امتي من زلة العالم ومن حكم الجائر ومن الهوى المتبع. وقال عمر ثلاث يهدمن الدين زلة العالم وجدال المنافق بالقرآن والائمة المضلون. وقد ورد عن معاذ انه قال اياكم وزيغة الحكيم فان الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة ضلالة. وقال ابن عباس ويل للاتباع من عثرات العالم. يقول شيئا برأيه ثم يجد من هو اعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فيترك قوله ثم يمضي الاتباع يعني على القول سابق وحينئذ ينبغي ان يحتاط في هذا الباب ولذلك قلنا فيما سبق بانه عند اختلاف العلماء ومعرفة العامي باقوالهم يجب عليه ان يرجح بين اقوالهم وقد ذكرنا فيما سبق شيئا من الادلة الدالة على ان المصيبة من المجتهدين واحد وان ما عاداه مخطئ ومن الامور التي ينتج عنها الخطأ من الفقيه الا يلاحظ مقصود الشارع فمثلا من مقاصد الشارع ان يبقى بدل المكلف سليما ليتمكن من اداء الطاعات والعبادات. وحينئذ قد يغفل فقيه عن هذا فيأتيه من يسأله من المرضى فيقول الطبيب منعني وانا ارغب في الصيام والصيام فيه براءة للذمة واجر يحصل يحصل عليه الانسان. فهل يستحب لي الصوم؟ فيقول له الصوم مستحب لك ويكون حقيقة الامر بضد ذلك فانه لو صام اضر ببدنه وعجز عن شيء من العبادات قد يؤدي الى تلف شيء من اعضاء بدنه. فنقول له حينئذ الاولى والمستحب في حقك الا ولكن لا تغفل عن بقية العبادات التي شرعت في شهر رمضان من القراءة والاعتكاف وصلات القيام والتهجد ونحوها من العبادات. وحينئذ نؤكد ان زلة العالم يجب ان يحذر منها. ولا يجوز الاعتماد عليها. ولا الاخذ بها ولا التقليد لصاحبها في تلك المسألة ولا يعني ذلك الطعن في ذلك العالم الذي وقعت منه الزلة ولا لا يجوز ان ينسى بين التقصير ولا يشنع عليه بسببها. ولا ان ينتقص من مكانته منه فان هذا مخالف لمقصود الشارع الذي جاء برفع مكانة العلماء واعزاز منزلة كما في قوله تعالى يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. وكما في قوله قل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. واذا وقع زلل من هذا العالم فان صوابه اكثر وما يرشد العباد اليه من احكام الله عز وجل اكثر. وحينئذ لا فحينئذ ينبغي ان يلاحظ انه قد تصدر من بعض الفقهاء مسائل زلات قد يسميها بعض الفتوى الشاذة. الفتوى الشاذة. فهذه الفتوى الشاذة لا يصح ان يعتمد عليها ولا ان يجرى الخلاف فيها ولا ان يعتمد عليها. واشار المؤلف الى ان بعض اهل العلم اه بحث اسباب الخلاف كما فعل ذلك ابن السيد الطيبوسي في وكما اه في كما في اه كتابه التنبيه على الاسباب التي اوجبت الاختلاف بين المسلمين. وقد فعل ذلك شيخ الا انه يخالف مقتضى النصوص التي جاءت بالتحذير من البدع كافة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل بدعة ظلالة. فقوله كل بدعة هذا دليل على آآ التعميم ومثل او باباحة ذلك مطلقا. فيسأل عن حكم اكل الميتة حال الاضطراب. فيقول هذه فيظن انه يجيز اكل لحم الميتة آآ مطلقا. وهذا نسبة قيل الفقيه نسبة ما لم يقله الفقيه اليه. ومن الامور التي ينبغي ان تلاحظ ان بعض الناس قد يلتفت الى جزئي فيغفل الكلي. او يظن ان ملاحظة الجزء لا تتعارض مع الكل فيقع حينئذ في شيء من اه الاختلاف والمخالفة الشرعية وحينئذ نذكر بان ما ذكرته من المحكم والمتشابه ليس ذلك خاصا بمسائل العقائد حتى في مسائل الفقه قد يوجد هناك تشابه فيأتي بعض الفقهاء فيحكم في المسألة بناء على ظنه ان الشارع قد اراد فيها معنى ويكون مراد الشارع معنى اخر ووظيفة الفقيه ان يرد المتشابه الى المحكمة الى المحكم ليعرف حكم الله في المسألة. اذا تقرر هذا فاننا ينبغي بنا ان نفرق بين اهل الاهواء من يخالف الدليل لشبهة عرضت له او لتشابه ورد عليه او لخفاء دليل او نحو ذلك. فيقول فنقول المنهج في هذا ان الاصل الذي تبني عليه اهل السنة اصولهم هو تحكيم الكتاب والسنة. فمن كانت القاعدة عنده تحكيم والسنة وتقديمهما على ما سواهما فهذا يعد قد سار على المنهج الصحيح اما من كان يعارض النصوص بغيرها. من اقوال الفقهاء او مما يظن انه من معقولات او يظن انه من الاحوال او من المنامات او غير ذلك مما به النصوص فهذا لم يسر على منهج اهل السنة والجماعة في هذا الباب واذا تقرر هذا فان كون الانسان ليس من اهل السنة والجماعة قد اشير الى وجود هذه الفرق في الامة في النصوص الشرعية كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم وستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقة. وهذه الفرق قد نسبها النبي صلى الله عليه وسلم الى امته فهي من امته يعني امة الاجابة. ومن ثم فهو لا يحكم بكفرهم حتى يأتي الدليل الواضح في مثل ذلك. ويلاحظ في هذا الباب ايضا الاعذار التي قد يعذر المرء بسببها. فكم من صاحب طريقة خاطئة يثاب عليها لانه قد اجتهد وظن ان حكم الله عز وجل في تلك المسألة هو ما سار عليه يلاحظ في هذا الباب ان من اسباب ان من الصفات التي اه يشار اليها في ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فيه صفات اهل الفرق ان اهل الفرق يجورون على غيرهم ويعتدون على غيرهم فيحكمون عليهم بالكفر والفسق وبالاحكام المغلظة بخلاف اهل السنة والجماعة. وكذلك من صفاتهم من صفات اهل السنة والجماعة انهم يريدون الخير للجميع. حتى من خالفهم في هم يريدون له هداية وهم يريدون له ان تصلح احواله وان تستقيم امورهم وان جميع صفاته حينئذ هذه الصفة تخالف طريقته البدع وكذلك من الصفات في هذا ان الولاء والبراء عند اهل السنة معقود على الانتساب للاسلام مع اختلاف درجاته بحسب اختلاف بصحة معتقد الانسان وصحة عمله وقيامه بانواع الطاعات. وهكذا من من الفروق المميزة ان اهل السنة يلاحظون الفاظ الادلة وفي نفس الوقت يلاحظون معانيها ومقاصدها. بخلاف اهل الفرق فبعضهم يتمسكوا بظاهر اللفظ بدون ان يلاحظ مقصده الذي جاء توضيحه في نص اخر وبخلاف من يلاحظ ما يظنه من المقاصد ويغفل دلالات ظواهر النصوص. وقد يتطور الامر عند اهل البدع حتى نجد منهم من يغفل دلالات النصوص مطلقا. ومنهم من يوالي غير اهل الاسلام الا اهلي الاسلام حتى ورد ما ورد عن الخوارج في انهم يقتلون اهل الاسلام دعونا اهل الاوثان. صحيح ان هذه الفرق يشار اليها وينبه الى اوصاف في اصحابها من اجل ان يحذر من تلك الصفات ويحذر من القيام معهم فيما يرومونه من امور يظهرون انها موافقة لمقصد الشارع وهي بضد ذلك. وان كان الشرع قد جاء بدعوتهم وبالستر عليهم متى علم ان الستر يكون من اه اسباب صلاح احوالهم هذا شيء مما ذكره المؤلف في هذا اه الباب وقد قد ذكر شيئا من اه المسائل المتعلقة بهذا. وقد اشار المؤلف ايضا الى ان اهل السنة يتميزون بالعمل بدلالة النصوص في العبادات الشرعية. ولذلك فهم يجتنبون بدع ويحذرنا منها. وقد جاءت النصوص بالتحذير منها. وما وجد من قول بعضهم بتقسيم في البدع الى ما هو مكروه والى ما هو محرم فهذا التقسيم وان ذكره المؤلف وذكره بعض الناس في قوله تعالى ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ومن خصائص اهل السنة ايضا انهم يجتمعون ويتآلفون ويعذر بعضهم بعض ويتمنى بعضهم لبعضهم الخير بخلاف اهل الفرق الاخرى. فانهم يتفرقون ويتعادون ويوجد بينهم من الانقسامات والله به عليم. ولذا قال تعالى ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا. لست منهم في وقال ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات. وحينئذ علمنا ان ما اورد لنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التآلف وثناء بعضهم على بعضهم الاخر مع وجود الاختلافات الفقهية بينهم مما يدل على ما ذكرته قبل قليل من خاصية اهل السنة والجماعة في هذا الباب. والاجتماع نعمة من الله رتبها الله عز وجل على العمل بالتوحيد واتباع السنة. ولذا قال قال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانك ومن الامور التي من خاصية اهل السنة والجماعة وترك واتباع اهواء النفوس بخلاف غيرهم ممن في قلوبهم زيغ. وقد قال تعالى ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. وقال تعالى ان يتبعون الا الظن وان هم الا له رسول وورد في ذلك نصوص كثيرة من النصوص. اذا تقرر هذا ان يعلم بانه في مرات قد يترك اعلام الانسان ببعض الراجح في بعض المسائل لاسباب قد اشرنا الى شيء منها مما تقدم. منها ان لا يتعلق الامر بالمستفتي والسائل. ومنها ان لا تتسع ذهن السائل لتلك المسألة. ومنها مراعاة مآلات الافعال وعواقبها ومنها ايضا ان يلاحظ ان المقاصد العامة التي جاءت بها الشريعة. فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ يا معاذ تدري ما حق الله على العباد ما حق العباد على الله؟ قال الله ورسوله اعلم. فقال حق الله على العباد ان يعبدوه لا به شيئا وحق العباد على الله ان يدخلهم الجنة اذا كانوا كذلك. فقال معاذ يا رسول الله لا اخبر الناس فيستبشروا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا يتكل هكذا لاحظ النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الافعال وفي الاقوال. فمثلا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لولا ان قومك حديث عهد بجاهلية لهدمت البيت ولبنيته على قواعد ابراهيم. وهكذا ايضا في الحديث الاخر. لما قيل له ولا تقتل المنافقين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا لان لا يتحدث الناس ان محمدا يقتل اصحابه. وهكذا ايضا ما ورد في النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم انه ترك بعض ما يريده ويرغبه من اجل مراعاة احوال الناس فترك القيام جماعة في اخر الليل بصلاة التهجد في العشر الاواخر من رمضان خشية ان يفرض ذلك على الامة وترك التطويل في صلاته من اجل مراعاة قلب الوالدة التي بكى ابنها عندها وهكذا ايضا في مسيرة اهل العلم فيبتدأون الطالب للعلم بما يناسبه ولا اه يعلمونه ابتداء ما هو حظ الفقيه المتقدم من هذه المسائل واذا كان الامر كذلك فينبغي ان مالات الافعال فيما يقدم عليه الناس والا آآ والا تكون لما بين آآ اعينهم فقط. وقد ذكر النبي وقد ذكر النبي وقد ذكر المؤلف رحمه الله شيئا من النصوص التي حكم بها بعضهم على بعض الفرق بالكفر منها قول النبي صلى الله عليه وسلم منها قول النبي صلى الله عليه وسلم في اه الخوارج بانه يحقر احد صلاته مع صلاتهم ثم اخبر بانهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وقد قال بعض اهل العلم في هذا ان المراد به الطاعة الحقة. وقال اخرون بان المراد هي طاعة صاحب الولاية فان الدين يقصد به الطاعة في لغة العرب. تقول دانة العرب او دان اهل البلاد لفلان بمعنى انهم اطاعوه حينئذ نعلم ان الاصل في هذه الفرق انها لا زالت باقية على الاسلام. ما دامت تنتسب اليه وما وقع عندها مما لا يناقض الاصلين. اصل التوحيد واصل اثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم على جهة الجهل او التأويل او نحو ذلك من الاعذار فانه لا يخرجها من الاسلام الا اذا ناقضت اصل الاسلام كما لو صرفت شيئا من العبوديات من العبادة لغير الهي جل وعلا. انتهى المقصود مما نبحثه في هذا اليوم ولعلنا ان شاء الله ان نواصل حديث عن بعض المسائل المتعلقة بالاجتهاد خلال المسألة العاشرة وما بعدها في يوم اخر وفقكم الله لكل خير وجعلكم الله من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين